إسرائيل تترقّب ردّ حماس على خطة ترامب وتُضيّق هامش التفاوض

المسار :في إسرائيل يُقدَّم مقترح ترامب كـ”صفقة مُغلَقة” غير قابلة للتفاوض إلا تقنيًا، مع استعدادات لجولة محتملة في قطر. أما الدوحة فتراه إطارًا مبدئيًا يحتاج تفصيلاً وآليات تنفيذ، بانتظار رد حماس على خطة الرئيس الأميركي.

ترفض أوساط إسرائيلية أي تعديل على خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن قطاع غزة، وتصفها بأنها “غير قابلة للتفاوض” إلا بهوامش محدودة. في المقابل، ترى الدوحة أن المقترح مبادئ عامة تحتاج إلى تفصيل وآليات تنفيذ واضحة، وسط ترقب لردّ رسمي من حركة حماس.

وأفادت هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”)، مساء الثلاثاء، بأن فريق التفاوض الإسرائيلي بانتظار توجيهات من رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بشأن استمرار المباحثات، مشيرة إلى احتمال عقد جولة مفاوضات في قطر خلال الأيام القريبة.

وأضافت القناة أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن رد حركة حماس سيكون على شاكلة “نعم، ولكن”، موضحة أن إحدى النقاط الخلافية الرئيسية بالنسبة للحركة تتعلق بتوقيت وآلية انسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة.

وذكرت أن الأمر حاليًا مرتبط فقط بآلية نشر القوة العربية/ الدولية في القطاع، وأضافت أن مطلعين على المفاوضات لا يستبعدون إدخال تعديلات على مبادرة الرئيس الأميركي، في محاولة للوصول إلى تفاهمات بين الجانبين.

في المقابل، نقلت قناة i24NEWS عن مسؤول إسرائيلي أن “خطة ترامب ليست قابلة للتفاوض، هي ببساطة: نعم أو لا”. وأضاف أن الإدارة الأميركية لمّحت إلى إمكانية قبول “قدر محدود من التفاوض” على تفاصيل ثانوية، لكنها بالتأكيد “لن توافق على مفاوضات طويلة الأمد”.

وقدّر مسؤولون مهنيون رفيعو المستوى في إسرائيل، بحسب ما أوردت القناة 12، أن المفاوضات المرتقبة ستكون “مضنية وقد تستمر أسابيع طويلة”، مشيرين إلى أن الكثير يعتمد على السؤال المركزي: “هل الحكومة هذه المرة تريد فعلًا التوصل إلى صفقة؟”.

وبحسب هؤلاء، هناك فجوة بين الطريقة التي عرض بها نتنياهو الخطة وبين مضمونها الحقيقي. وفي هذا السياق، قال نتنياهو في افتتاح جلسة الحكومة التي عقدت مساء اليوم، “سأقدّم تقريرًا مفصلًا للوزراء وللكابينيت” حول زيارته إلى واشنطن واجتماعه بترامب.

من جهته، صرّح مسؤول إسرائيلي أن “الموقف الرسمي هو الوقوف خلف الخطة، وهي غير مفتوحة للتفاوض. باستثناء مسائل تقنية، لا مجال لأي تعديل. ومنذ لحظة قول حماس نعم، نتوقع أن نرى خلال 72 ساعة جميع المحتجزين في إسرائيل”.

مع ذلك، يقدّر خبراء في إسرائيل أن هذه النقطة تمثل “لغما حقيقيًا” لأن حماس ستجد صعوبة بالغة في القبول بإطلاق جميع الأسرى دفعة واحدة، كما أنها قد لا تستطيع إعادة جميع الجثث دفعة واحدة فور بدء تنفيذ الخطة.

قضية أخرى يتوقع أن تتحول إلى عقبة تتمثل في “حق النقض” الذي تحتفظ به إسرائيل بشأن حجم انسحاب قواتها من قطاع غزة. وقال مصدر أمني في هذا الشأن: “لا شك أن على إسرائيل هذه المرة أن تُظهر مرونة إذا أرادت استنفاد الإمكانية والتوصل إلى صفقة تعيد جميع الأسرى”.

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع آخر، مساء الثلاثاء: “نحن نستعد لسيناريو تقول فيه حماس ’نعم، ولكن’. أمامنا مفاوضات شاقة ومعقدة، ونضع في الحسبان إمكانية المماطلة التي ستتطلب قرارات صعبة”. وأضاف أن “الافتراض الأساسي هو أن القرار سيُتخذ في غزة لا في الدوحة، لأنهم من سيتعيّن عليهم التنازل عن السلاح وعن أدوات النفوذ المدنية والإدارية”.

وفي هذه الأثناء، يستعد فريق التفاوض الإسرائيلي لاحتمال إرسال وفد إلى قطر ربما خلال الأيام القريبة. غير أن الفهم السائد لدى المهنيين في تل أبيب هو أن “ما وراء الخطة الكبيرة والطموحة لترامب، هناك تفاصيل كثيرة يجب حسمها ضمن مفاوضات قد تستغرق وقتًا طويلًا”.

وتبقى المسألة الأساسية، بحسب التقديرات ذاتها، ما إذا كانت إسرائيل ونتنياهو تحديدًا يسعون هذه المرة إلى إبرام صفقة حقيقية، أم أن الهدف هو تحميل حركة حماس مسؤولية الفشل. والإجابة، كما يرى مراقبون، قد تكون في مواقف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.

من جانبه، قال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن ما طُرح حتى الآن “ليس أكثر من مبادئ عامة تحتاج إلى مناقشة التفاصيل وآلية التنفيذ”. وأضاف أن الدوحة والقاهرة أوضحتا لقيادة حماس خلال الاجتماع الأخير أن “هدفهما الأساسي هو إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن”.

وشدد آل ثاني على أن المفاوضات الحالية “لا يُتوقع أن تُفضي إلى صياغة مثالية”، لكن من الضروري البناء على هذا المسار لجعله فعّالًا، مشيرًا إلى أن وقف الحرب بند واضح في الخطة، بينما “مسألة الانسحاب تحتاج إلى مزيد من التوضيح”، وهو ما يجب التفاوض بشأنه.

وفي ما يخص مستقبل إدارة قطاع غزة، أوضح رئيس الوزراء القطري أن هذا البند ورد بوضوح في الخطة، وأن مناقشة آلية الإدارة ستكون بالتنسيق مع واشنطن “ولا تتعلق بإسرائيل بشكل مباشر”. واعتبر أن الخطة لا تزال في مراحلها الأولى وتحتاج إلى تطوير.

وأوضح آل ثاني أن النقاشات مع وفد حماس تناولت الخطوط العريضة، معربًا عن أمل قطر في أن تتعامل جميع الأطراف مع الخطة “بشكل بنّاء” وأن تستغل الفرصة المتاحة لإنهاء الحرب الدائرة في القطاع.

وفي موازاة ذلك، ذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الوزير غدعون ساعر التقى في بلغراد رئيس صربيا ألكسندر فوتشيتش. وخلال اللقاء، قال ساعر إن إسرائيل “تقبل خطة ترامب”، مضيفًا أن التجارب السابقة تظهر أن حماس قد تحاول تعديل مسار الخطة، “وبذلك عمليًا رفضها”.

وشنّ وزير الأمن القومي، بن غفير، هجومًا حادًا على نتنياهو خلال جلسة الحكومة، واصفًا الاتفاق المطروح بأنه “اتفاق خطير على أمن إسرائيل”. وقال: “سأتحدث عنه كثيرًا، لكن يجب القول الآن إنه يضر بالأمن، مليء بالثغرات ولا يحقق أهداف الحرب التي حددناها. الاتفاق يسحب سيطرة الجيش العملياتية على غزة وعلى مناطق احتُلّت، ويترك أمن إسرائيل بيد قوات دولية، ويمنح عفوًا لقتلة حماس، وهذا أمر لا يُعقل”.

وأضاف بن غفير: “أين خطة الهجرة؟ أين الضم؟ هذا الاتفاق السيئ ينطوي على إمكانية قيام دولة فلسطينية. أفهم أنك تعرضت لضغوط، لكن لم يكن يجوز تقديم اتفاق مليء بالثغرات كهذا. نعم، نحن جميعًا متحمسون لفكرة استعادة الأسرى، لكن الثمن هنا لا يُعقل”.

Share This Article