المسار : شارك المئات عصر اليوم، الخميس، في مظاهرة قطرية دعت إليها لجنة المتابعة العليا في بلدة كفر ياسيف، تنديدا باستفحال جرائم القتل في المجتمع العربي وتواطؤ الشرطة الإسرائيلية مع الجريمة المنظمة.
وانطلقت المظاهرة من أمام قاعة “فيرونا”، بمشاركة شخصيات قيادية واجتماعية وأحزاب وحركات سياسية ورؤساء سلطات محلية عربية، وصولا إلى دوار “الحمامة” وسط البلدة.
وردد المتظاهرون هتافات منددة بالجريمة والعنف، ومطالبة الشرطة الإسرائيلية بالتحرك والحد من تقاعسها وتواطؤها، والقيام بدورها في توفير الأمن والأمان للمواطنين العرب.
وقال رئيس لجنة المتابعة العليا، محمد بركة، في كلمته بالمظاهرة، إن “مواجهة العنف تتطلب تحمل المسؤولية من المجتمع والمؤسسة معا، إذ أن 80% من المسؤولية تقع على عاتقنا كمجتمع، و20% على المؤسسة التي يجب أن تعاقب الخارجين عن الأخلاق والعرف والقانون”.
وأضاف “نحن كمجتمع لا نملك أدوات لمصادرة السلاح أو الاعتقال أو المحاكمة، فهذه مسؤولية الدولة. كل دولة في العالم تقوم بواجبها في حفظ الأمن، إلا أن إسرائيل تتقاعس عن ذلك بقرار سلطوي، لا عن ضعف أو صدفة”.
وقال رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، مازن غنايم، لـ”عرب 48“، إن “ما يجري يتطلب وحدة الصف والمؤسسات والإعلام في مواجهة تقاعس الشرطة”، مضيفا “هذه صرخة من كفر ياسيف لنؤكد أن مدارسنا وساحاتنا خط أحمر. نحن مجتمع يفتخر بأبنائه وبناته الذين يدرسون في الجامعات ويشغلون أرفع المواقع، ولكننا نرفض أن يتحول الحرم المدرسي إلى ساحة جريمة، ولن نرضى أن نكون مجرد أرقام. مجتمعنا وكرامتنا ووجودنا خطوط حمراء”.
وذكر يوسف سالم من عكا وهو والد ضحية جريمة قتل، لـ”عرب 48“، أن “ما يجري ليس تقاعسا فرديا من الشرطة، بل سياسة حكومية عمرها 77 عاما تجاه المجتمع العربي، وهي قائمة على التمييز والإهمال الممنهج”.
وأكمل “هذه السياسة أوصلتنا إلى أن نقتل بعضنا البعض، وأن نفكر بالهجرة من بلادنا، ومع ذلك نحن باقون هنا، وسنواصل الدفاع عن حقوقنا حتى نتمكن من تحسين أوضاعنا والتصدي لهذه الآفة الخطيرة، لإثبات وجودنا في هذا الوطن”.
ووصفت الشابة فاتن مساعدة من كفر ياسيف وهي ابنة عم ضحية جريمة قتل، في حديث لـ”عرب 48“، آلام العائلات الثكالى بالقول إن “الألم بات مشتركا بين جميع العائلات، إذ أن وجع الفقد لا يوصف، ونريد أن يظل صوتنا قويا دائما، لا أن نتحرك فقط عندما يقتل واحد أو اثنان”.
وناشدت قائلة “كفى، كفى، كفى؛ لقد تعبنا من سماع أخبار القتل يوميا، حتى لو لم يكن الضحية قريبا لنا. شبابنا يذهبون واحدا تلو الآخر، ونحن نخاف على أولادنا، وقد حان الوقت لنقف جميعا صفا واحدا ضد هذه الجرائم”.
وذكر الشيخ رائد صلاح في حديث لـ”عرب 48“، أن “محاربة الجريمة هي مسؤولية الدولة قبل كل شيء، وما يحدث ليس نتيجة إهمال عابر، إنما قرار سلطوي متعمد”، مشيرا إلى أنه “حين أقمنا لجنة ’إفشاء السلام’ التي ترأستها، نجحنا خلال سنة واحدة في حل أكثر من 1600 قضية كانت مرشحة للتفاقم في 20 بلدة”، متسائلا “لماذا أخرجت الدولة هذه اللجنة خارج القانون؟”.
وتابع “من يريد إخراج لجنة ’إفشاء السلام’ من القانون، يريد في الحقيقة إفشاء الجريمة ضمن القانون، إذ أن بث الجريمة وإطلاق يد العصابات هو مشروع سياسي من الحكومة الإسرائيلية لتفكيك المجتمع العربي ومنعه من التركيز على قضاياه الكبرى، كالمساواة والميزانيات وحقوق شعبنا في غزة، ونحن لن نكون خاضعين ولا راكعين لهذه المخططات، وسنحارب الجريمة كما نحارب الإبادة”.
وقال رئيس لجنة أولياء أمور الطلاب العرب القطرية، زياد فيصل، لـ”عرب 48“، إنه “نستنكر كل جرائم العنف والجريمة في المجتمع العربي، ونقول بصوت واحد كفى. نحن كجهة قطرية تعهدنا بمحاربة العنف داخل المؤسسات التعليمية، وسنعمل من أجل لقاء وزير التربية والتعليم والوصول إلى منزل رئيس الحكومة ورئيس الدولة، لنعمل معا على نبذ العنف من مدارسنا ومجتمعنا”.
وذكر الناطق باسم اللجنة نفسها، فادي طراد، لـ”عرب 48“، أن “مسؤوليتنا كلجان أولياء أمور تقتصر على معالجة العنف المدرسي بالتعاون مع الوزارة والشرطة ومدراء المدارس لاجتثاث هذه الظاهرة من مدارسنا، أما الجريمة المنظمة فهي عالم آخر لا نملك أدوات للتعامل معها”.
وأضاف “وجودنا اليوم في كفر ياسيف لأن الجريمة وقعت في حرم مدرسي، وهو بالنسبة إلينا كحرمة المسجد. سنعقد اجتماعا يوم السبت المقبل في أبو غوش لبحث خطوات عملية ومراسلة وزير التربية والتعليم، وإذا لم تتخذ إجراءات حقيقية لحماية مدارسنا، سنتخذ خطوات كبيرة جدا وستسمعون عنها قريبا”.
وترتكب أحداث العنف وجرائم القتل في مناطق الـ48 بشكل يومي وبلا رادع، وهو ما عزز تفاقمها واستفحالها في مختلف البلدات، وقد كان آخر ضحايا القتل شاب من الضفة الذي قتل بجريمة إطلاق نار أثناء عمله في مخبز بمدينة أم الفحم فجر اليوم الخميس.
وتأتي هذه المظاهرة في ظل استفحال جرائم القتل بالمجتمع العربي، والتي وصل عدد ضحاياها منذ مطلع العام ولغاية اليوم 210 قتلى، في حصيلة تعد الأعلى خلال السنوات الأخيرة، وسط تقاعس سلطوي وتفاقم للجريمة المنظمة.
وتشير المعطيات إلى أن 175 شخصا قتلوا بالرصاص، فيما كان 100 من الضحايا دون سن الثلاثين، بينهم ثلاثة أطفال لم يبلغوا سن الثامنة عشر. كما سجلت 11 جريمة قتل من قِبل الشرطة.
وتعكس هذه الأرقام الصادمة حجم تفاقم العنف والجريمة في المجتمع العربي، في ظل تواطؤ الشرطة الإسرائيلية وتقاعسها عن أداء دورها في مكافحة الجريمة، ومحاسبة المجرمين.

