افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 15/5/2024
مظاهر الهزيمة الأخلاقية في إسرائيل
بقلم: نوعا ليمونا
على الفور، بعد 7 تشرين الأول امتلأت اسرائيل بموجة تضامن، استجابة كبيرة عابرة للقطاعات، لحاجة الآخرين للمساعدة. ولأنها جاءت بعد سنة من العداء القبيح، وسنة فيها الفروق هي التي عرفتنا، فإن قدرة الكثيرين على التسامي على الشروخ استقبلت بالدهشة. نحن نسينا الآن، أو أنسونا، أننا نحن أيضا مستعدون لمساعدة الآخر، حساسون للمعاناة ولنا مشاعر أخلاقية. قبل أن نكون مع الإصلاح أو ضد الانقلاب، قبل “فقط بيبي” أو “فقط ليس بيبي”، نحن إنسانيون.
لكن سبعة اشهر بعد ذلك فإن النصر المطلق الوحيد هنا ليس على “حماس”، بل على الأخلاق. الآن، نحن منقسمون بين مع وضد رفح، مع وضد صفقة المخطوفين، بين النصر المطلق ووقف إطلاق النار، بين الحل السياسي والعيش على حد السيف، بين الذين يقدرون جو بايدن والذين يوجهون له اصبع الاتهام، بين الذين يتجرؤون على الاعتراف بمعاناة الأبرياء في قطاع غزة والذين يظهرون اللامبالاة تجاهها أو يحتفلون بها. نحن نحتج على سطحية شعارات الطلاب في الولايات المتحدة، الجهل، اللاسامية، الاستعداد لوضع الأخلاق جانبا عندما يطالبون بتحرير فلسطين من البحر حتى النهر ويقومون بتمزيق المنشورات التي عليها صور المخطوفين، عندما يصفون اسرائيل بأنها رمز للشر، دون الاعتراف بالمذبحة وأعمال الاختطاف والاغتصاب التي نفذتها “حماس” ضد المدنيين الاسرائيليين. من الواضح أنه لا يوجد أي أساس أخلاقي لاحتجاجهم السياسي. ولكن بماذا نحن نختلف عنهم في الحقيقة؟.
إن عدم التوافق هو أمر مشروع ومرغوب. هو الدليل على الديمقراطية وحرية التعبير. لكن عندما يتم التعبير عن عدم التوافق في التعامل مع عائلات المخطوفين والمتظاهرين الذين يؤيدونهم كمصدر إزعاج، وعندما يؤيد كثيرون في اسرائيل عنف الشرطة تجاههم، وعندما يتسرب الاستعداد للتضحية بهم إلى الصفوف في المدارس، فإن كل ذلك اصبح الدليل على وجود شرخ أخلاقي. هذا دليل على سياسة ليس لها أي أساس أخلاقي، سياسة لا أخلاق لها. هذه السياسة لا توجد لها كوابح. من اجل تجسيد أهدافها فإن كل شيء مباح، المس بحقوق الإنسان والمس بالإنسان نفسه والقتل بدون تمييز وتدمير غزة على رؤوس سكانها وأطفالها ومخطوفينا بذريعة القضاء على “حماس”.
إلى جانب كل الإخفاقات للحكومة الحالية فإن الفشل في الدفاع عن المدنيين، والتخلي عن المخطوفين والمخلون، وغياب استراتيجية، الذي يطمس الإنجازات التكتيكية ويفرغ من المضمون تضحية الجنود، هو أيضا شيء ضار بصورة مبسطة لكنها مدمرة: هو يجرحنا أخلاقيا.
رؤوما كيدم، التي فقدت ابنتها وصهرها ووالدته وأحفادها الثلاثة في ذلك السبت، لم يعد هناك من نعيده إليها. هي تشارك في التظاهرات مع عائلات المخطوفين وتدعو من أعماقها “كل الأمهات والجدات” للانضمام اليهم. هذه ليست صرخة للتماهي والتعاطف، هذه دعوة كي نتذكر مبادئ الأخلاق التي نحن ملزمون بأن تقف في أساس السياسة. في نهاية المطاف، ما هي الأمومة إذا لم تكن الاستجابة الفورية التي تسبق أي تفكير وأي اعتبار عقلاني، لبكاء طفل؟. يجب ألا تكوني أما أو جدة كي تستجيبي لدعوتها. الأخلاق الأساسية التي تدعو إليها توجد فينا جميعنا، هي التي توجد في مركز إنسانيتنا.
——————————————–
إسرائيل اليوم 15/5/2024
إدارة بايدن: تقريب نهاية الحرب أم نهاية إسرائيل؟
بقلم: شيريت افيتان كوهن
وابل الانتقادات على دولة إسرائيل وعلى أدائها تجاه هجمة “حماس” يأتي بلا عوائق من الإدارة الديمقراطية في البيت الأبيض منذ سبعة اشهر. تارة في أعقاب نار طائشة من “حماس” نفسها نحو مستشفى محلي في القطاع (كانت تستهدف المس بمواطني إسرائيل بالطبع)، وتارات أخرى في ضوء موت أبرياء في الحرب، استمرار المعارك وغياب خطط لـ”اليوم التالي”. هذه ما يأتي بها رجال بايدن مرات بشكل مباشر وفي أحيان أخرى بتسريبات موجهة إلى وسائل الإعلام أو مقابلات المسؤولين الكبار بمن فيهم الرئيس نفسه.
إلى جانب المساعدة اللازمة في الحرب (والتي في سياقها أيضا لاح شك في الأسبوع الماضي فقط) فإن جبال النقد والمطالبات والقيود لا تأتي على مدى الأشهر هذه بقدر منطقي نحو “حماس” والمخربين الذين اغتصبوا وقتلوا الأهالي أمام أطفالهم، بل العكس – نحو جيش الدفاع الإسرائيلي والحكومة التي تقاتل الحرب الأكثر عدالة في تاريخ الدولة. إدارة بايدن تستهدف تحقيق وقف للنار قبل الانتخابات متعامية عن الأضرار المتراكمة التي تخلقها في هذه الحرب وتضعف إسرائيل أمام أعدائها وتطيل عمليا الحرب الضروس.
بعد كل القيود التي سبق أن اطلعنا عليها برعاية البيت الأبيض، تبين لنا في نهاية الأسبوع برعاية تقرير في “واشنطن بوست” قيد وحشي على نحو خاص – إدارة بايدن تعرض معلومات عن مسؤولي “حماس” والأنفاق التي يختبئون فيها وذلك شريطة، نعم شريطة، ألا تدخل إسرائيل إلى عملية واسعة في رفح. المعنى – في الولايات المتحدة يملكون معلومات يمكنها أن تساعد إسرائيل أن تنتصر في الحرب وان تقصر طولها وتوفر حياة الإنسان في الوقت نفسه – ويساومون فيها.
في مقابلة منحها الرئيس الأميركي لشبكة “سي.ان.ان” في الأسبوع الماضي، تناول بايدن الدخول الواسع إلى رفح وقال: “أوضحت انه إذا دخلت إسرائيل إلى رفح، فلن أورد السلاح الذي استخدم في الماضي للتصدي لرفح”. هذان التقريران معا يؤشران إلى أن الأميركيين يفقدون الاتجاه في موقفهم من الأخيار حيال الأشرار بسبب أبخرة السياسة المحلية والانتخابات المقتربة.
إن فهم الإدارة الأميركية للواقع خطير لإسرائيل وحان الوقت لتأكيده مع الواقع: إسرائيل هوجمت في 7 أكتوبر من قبل مخربين يتبنون فكرا نازيا من قطاع غزة. هي لم ترغب أبدا في هذه الحرب. لكن ما أن فرضت هذه عليها فإنها مطالبة بأن تنهيها بالنصر وبتجديد الردع على طول الجبهات.
1200 قتلوا في يوم واحد، من الشمال فتحت جبهة أخرى من قبل “حماس” وإيران وإيران هاجمت لأول مرة إسرائيل من أراضيها وليس فقط من خلال الوكلاء.
كل هذا أتيح بسبب مواضع خلل خطيرة هنا، بالطبع – جيش امسك به غير جاهز، حكومة محرضة ورئيس وزراء اتبع نهجا في احتواء العدو بدلا من هزيمته. وبعد أن قيل ما هو مفهوم من تلقاء ذاته، مطلوب أن نقول أيضا ما يلي: نهج إدارة بايدن يساهم جدا في إضعاف إسرائيل في المنطقة. فعندما يجري تحويل إسرائيل لتصبح أوزة عرجاء في المنطقة، تمنع عن قادتها معلومات حرجة وتضاف إليها قيود عملياتية – هذه لا تقرب نهاية الحرب بل نهاية الدولة. من الأصدقاء يتوقع الناس سلوكا آخر.
——————————————–
هآرتس 15/5/2024
يئير غولان يقترح: احتلال آخر
بقلم: عودة بشارات
حزن شديد هبط علي في يوم الجمعة بعد قراءة اقوال يئير غولان، المرشح لرئاسة حزب العمل. هو يقول لناحوم برنياع في “يديعوت احرونوت”: “لا يمكنني فهم لماذا بعد اسبوع على بداية الحرب لم نقم باحتلال خط سلسلة الجبال في جنوب لبنان، الخط الذي انسحب منه باراك في العام 2000، وذلك يشمل المواجهة مع الامريكيين، صحيح”.
للاسف، غولان لم يضع اشارة اعجاب على تغريدة بن غفير في “اكس”، التي كتب فيها “بايدن يحب حماس”. الحياة تخيب الآمال. الشخص الذي القى علينا نظرية “العمليات”، يقترح علينا المزيد من الاحتلال، الذي هو أب العمليات.
بعد هجوم حماس الاجرامي في 7 تشرين الاول، عندما اعلنت اصوات تصم الأذن عن الاستيقاظ، اعتقدت أن ذلك سيحدث عندما يستيقظون في الاتجاه الصحيح. كثيرون جيدون قالوا إن غولان هو البشرى. لقد نسوا ماضيه من فترة “اجراء الجار”. الاساس، قالوا، هو الخطاب الذي قارن فيه بين ما حدث في المانيا النازية في الثلاثينيات وبين ما يحدث هنا الآن.
صحيح، خطاب “العمليات” اعطى غولان مكانة الشخص عميق التفكير. ونحن اعتقدنا أن الامر سينعكس على افعاله. لقد اخطأنا. توجد لدى الانسان عمليتان متوازيتان. الاولى، العملية التي تحدث في الرأس وهي تعلم واستخلاص الدروس. الثانية، العملية التي تحدث في البطن، مكان وجود الغريزة، هناك في البطن التعلم واستخلاص الدروس هي امور تافهة. يتبين أن غريزة غولان هي التي تغلبت.
ما الذي ارتكبته في التجسد السابق؟ قالت احدى الشخصيات في كتاب ين هوا بعنوان “تاجر الدم”. مثله ايضا أنا اتساءل ما الذي اخطأ فيه اليسار الصهيوني في اسرائيل، الذي يضربه الله مرة تلو الاخرى بقادة لا يتعلمون. الرئيس الجديد يدعو الى احتلال آخر. وفي الجواب على سؤال ثمن اعادة المخطوفين يجيب وكأنه اصبح جزء من كابنت الحرب: “أنا امتنعت عن الاستمرار في تجنب الانشغال بالثمن في وسائل الاعلام”. هل هذا سر عسكري؟.
لكن هذا هو الافتراض الاساسي في اسرائيل، حيث فقط الجنرالات الذين لديهم الاوسمة يفهمون في العمليات، والآخرون الذين لسوء حظهم بقوا في الزي المدني، هم جاهلون. أنا أخمن أنه لو كان هناك، قرب مهندسي الحرب في غزة، لكان اقترح اقتراح يشبه الاقتراح الذي اقترحه اسحق رابين على اريئيل شارون في 1982: تعزيز الحصار على بيروت.
للاسف، غولان ليس البشرى، هو تجسيد لخيبة الأمل. اميل حبيبي كتب ذات مرة بأنه لن يخرج الاجاص من الباذنجان، فقط الباذنجان يخرج من الباذنجان. لذلك، حزب العمل بكل صيغه هو مرهون للعسكريين فيه. وخلافا للقوة فانه لا يوجد لديهم ما يعرضونه.
يوسي فيرتر كتب أنه في افلام شبكته هو يعرض نفسه كنائب لرئيس الاركان وكجنرال احتياط. لا يوجد أي ذكر بأنه عضو كنيست ونائب وزير (المالية) في حكومة التغيير (“هآرتس”، 10/5). حتى شمعون بيرس لم يكن عسكري، وقد ارتدى في حينه المعطف العسكري وخرج للاقتحام في لبنان، وهكذا قدم السلطة على طبق من فضة لبنيامين نتنياهو.
“يجب القول لهم: الى حين تحرير المخطوفين، بالنسبة لنا موتوا جوعا، هذا مشروع”، هذا ما قاله غولان بعد بضعة ايام على 7 تشرين الاول. من يؤيدونه قالوا بأن هذا الشخص كانت لديه مشاعر مشحونة بعد المشاهد الفظيعة في غلاف غزة. ولكن لنترك الماضي ونركز على الحاضر. أنا اؤكد لكم بأنه لو كان غولان عضو في المجلس الامني لكان سينضم الى غادي ايزنكوت وبني غانتس ويؤيد اقتحام رفح. ربما الغريزة المتطورة لديه كانت ستريد ايضا احتلال الطرف المصري لمعبر رفح، ولتذهب امريكا الى الجحيم.
ما العمل؟ الباذنجان لا يفاجيء. هو بقي باذنجان. حزب العمل لا يتوقف عن تخييب الآمال ولو حتى للحظة واحدة. يبدو أن انبعاث خيبة الأمل في اوساط محبي السلام هو أمر موجود في جيناتهم.
——————————————–
واقع جديد يتحدى استقرار إسرائيل
وإستراتيجيتها الإقليمية والعالمية
تل أبيب- أشار تقرير إسرائيلي أمس، الثلاثاء، إلى أن هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته حركة حماس، فى 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذئذ، “كشف بقوة تغييرات بدأت تتشكل في البيئة الإستراتيجية والعملية الإسرائيلية منذ سنين”.
وأعد التقرير رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق ورئيس ومؤسس معهد MIND ISRAEL للأبحاث الاستشارية في شؤون الأمن القومي، عاموس يدلين، والخبير في الشؤون الإستراتيجية والتخطيط السياسي، أودي أفينتال، ونشره الموقع الإلكتروني للقناة 12 أمس، الثلاثاء.
ووفقا للتقرير، فإنه “لم يعد بإمكان إسرائيل تجاهل تحولات أساسية متحدية في المستقبل المنظور. وهذه الاتجاهات تنذر بعهد جديد وخطير لم تعهده إسرائيل من قبل، ولم نستوعبه أيضا، ويستوجب إعادة تنظيم وتغييرات أساسية في مفهوم الأمن القومي والقيادة الإسرائيلية وسلم الأولويات القومي”.
وأضاف أن “التهديدات على إسرائيل ترتفع بشكل خطير، بينما تفوقها العسكري النوعي وقدرات مواردها التقليدية في مواجهة التحديات المتفاقمة تتراجع وتضعف، ويستهدف مناعتها وصلابتها ومكانتها الإقليمية والعالمية وقدرتها على الردع”.
والتحدي الأول “في المستوى الإستراتيجي”، الذي أشار إليه التقرير، هو تزايد قوة إيران العسكرية والسياسية، فيما “إسرائيل غارقة في الحرب في غزة والولايات المتحدة متركزة على المنافسة مع الصين وحرب روسيا مع أوكرانيا”، ومن شأن ذلك أن يجعل إيران “ترصد فرصة تاريخية للقنبلة. وفي هذه الظروف، على إسرائيل الاستعداد لقرار إيراني بالانطلاق نحو سلاح نووي”.
ولفت التقرير إلى أن حرب إسرائيل في غزة هي “جبهة واحدة في معركة واسعة ومعلنة، غير مسبوقة، ومباشرة بين إسرائيل وبين إيران وشركائها في محور المقاومة الراديكالي. وعلاقات إيران مع روسيا والصين تتعمق وتمنحها دعم دولتين عظميين ، سياسي، موارد، عسكري وتكنولوجي، فيما الردع الأميركي يتآكل”.
وأضاف أن إسرائيل محاطة في المنطقة كلها بدول معادية في الحلقة الأولى والثانية والثالثة، فيما الظروف الداخلية في معظمها – الاقتصادية والحاكمية والأمنية- تتفاقم وضعفها يتعمق والعداء فيها لإسرائيل يتصاعد. وهذه التطورات التي من شأنها تصبح أكثر تطرفا بسبب أزمة المناخ ، تظهر في غزة، الضفة الغربية، لبنان، سورية، اليمن، العراق، وتطور بقدر معين في الأردن ومصر أيضا. وتبرز بإيجابيتها دول الخليج إلى جانب الفرص.
وتابع التقرير أن “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتسع ويتعمق ويتصاعد، فيما الإستراتيجية الإسرائيلية، بقدر ما هي موجودة، تتذبذب بين توجهين: توجه الحسم والضم من جهة، مقابل الفصل الأمني – المدني الذي يشدد على الحفاظ على طابع إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، من جهة ثانية”.
ولفت التقرير إلى أن “تصاعد الصراع ينعكس سلبا على أمن إسرائيل في جميع الحلبات الأخرى، ويجعل من الصعب عليها إنشاء عمق إستراتيجي في الشرق الأوسط والحلبة العالمية، ويستهدف مكانتها في العالم بشكل يضر بصورة قوتها واقتصادها وعلومها، وبقدرة تسلحها وحرية عمل الجيش الإسرائيلي”.
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل تتجه إلى عزلة دولية وإقليمية وتتعرض لعقوبات ومقاطعة وحظر بيعها أسلحة وتهديدات قانونية متفاقمة. وتظهر بوادر هذا التطور بخفض التدريج الائتماني، تضرر علاقات تجارية تراجع الاستثمارات وتوقف رحلات شركات الطيران. “وفي هذه الظروف، قيمة إسرائيل، باستثناء مجال التكنولوجيا الأمنية، وقوتها الناعمة تتضرر وتضع أمامها مصاعب فى دفع تحولات اندماج في الحلبة الإقليمية وتحقيق الفرص في الحلبة الدولية”.
وفي المستوى العملي، فإن “الحرب في غزة، التي وجدت إسرائيل نفسها فيها في مواجهة سبع جبهات، هي دعوة لقراءة توجه ويقظة حيال الاحتمال المتزايد لحرب متعددة الجبهات، وتشمل هجمات كثيفة ضدها بالتزامن من عدة جبهات، ومن خلال تعطيل طرق التجارة والإمدادات لها”.
ووفقا للتقرير، فإنه بات “طبيعيا” في ظل الحرب على غزة إطلاق صواريخ وقذائف صاروخية وطائرات مسيرة باتجاه الأراضي الإسرائيلية من جانب إيران مباشرة وأذرعها المتعددة. وهذا الوضع “يختزل نوعيا وكما تفوق إسرائيل، ويضع صعوبات أمامها للاستفادة بالحد الأقصى من التفوق في القوة الساحقة، ويتحداها في جوانب النفس الطويل والقدرة على الدفاع، ويبرز لديها فجوات بين حجم القوة والسلاح، خاصة على خلفية ما يبدو أنه أفول المنطقة، وإسرائيل بداخلها، إلى عهد مواجهات متواصلة واستنزاف ، بغياب قدرة حسم واضح في حروب قصيرة”.
وأضاف أن “قدرة إسرائيل على مواجهة مجمل التحديات آخذة بالتراجع وفي ظل منافسة القوى العظمى، لا بديل لإسرائيل عن الانتماء إلى المعسكر الغربي والأميركي”، لكن التقرير أشار إلى أن “قوة الولايات المتحدة تواجه تحديات على خلفية تكاثر حلبات الصراع العالمية والانقسام الداخلي المتزايد فيها”.
ولفت التقرير إلى تزايد الأصوات التي تتعالى في الولايات المتحدة وتنظر إلى إسرائيل على أنها “عبء إستراتيجي أكثر من كونها مورد إستراتيجي. والقاسم المشترك الأخلاقي بين الدولتين يتقوض تدريجيا على خلفية تحولات داخلية في كلاهما. وفي غضون ذلك، اتجاهات النفور من إسرائيل في أوساط الشباب الأميركي، ومنهم اليهود، يدل على مشكلة إستراتيجية في المستقبل، مثلما تجسد ذلك في المظاهرات الأخيرة في الجامعات الأميركية المرموقة”.
ووفقا للتقرير، فإنه “تشتد التحديات أكثر في ظل الانقسام الداخلى فى إسرائيل” على خلفية أزمة إضعاف القضاء والمؤسسات والفجوات في المساواة والأعباء ، والفجوات الاقتصادية الاجتماعية وغيرها والدمج بين جميع التحديات الداخلية والخارجية “يُنشئ واقعا جديدا وتحديا لاستقرار إسرائيل كدولة ولاستقرارها الإستراتيجي في الشرق الأوسط والعالم”.
وشدد التقرير على أن إسرائيل “ستكون ملزمة بإضافة جانب سياسي للمفهوم الأمني. فالمبادرات والتسويات السياسية أصبحت حيوية منذ الآن وتسمح لإسرائيل في المستقبل بإنشاء أفق سياسي إيجابي في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني”.
وخلص التقرير إلى أن الوضع الحالي “يلزم الشعب الإسرائيلي بانتخاب قيادة مسؤولة وبعيدة النظر، وتستوعب الصورة الواسعة وتضع في مقدمة اهتماماتها المصالح القومية والحاجة إلى قيادة إبحار سفينة إسرائيل بأمان في بحر التحديات العاصف الذي نبحر فيه”.
——————————————–
هآرتس 15/5/2024
للإسرائيليين: لماذا لا تبحثون عن “اللاسامية الحقيقية” في حكومتكم؟
بقلم: ميكي غيتسن
خيام التأييد للفلسطينيين والمظاهرات في الجامعات الأمريكية هي انعطافة سيئة في هذه الحرب. ربما يكون عدد المحتجين ضئيلاً بالنسبة لبعد السياسة الأمريكية، لكن مظاهرات الطلاب هي موضوع رمزي يدل على الجهة التي تهب إليها الرياح السياسية: إلى اتجاه شديد ومتطرف مناهض لإسرائيل.
بعض رسائل هذه المظاهرات لاسامية، وبعضها بعيد عن الواقع وفهمه العميق. شعارات مثل “من البحر حتى النهر” أو الطلب من اليهود “العودة إلى أوروبا”، لا تدل فقط على اللامبالاة من التخوفات المبررة في أوساط الجمهور الإسرائيلي، بل تدل أيضاً على السطحية والجهل والغطرسة. ليس بالصدفة أن يثير التطرف في المظاهرات عدم ارتياح عميق بين أوساط الليبراليين في العالم، الذين لا يتوقفون عن انتقاد إسرائيل.
لكن النظرية القائلة إن أي مشهد للدعم أو التعاطف مع وضع الفلسطينيين يجب أن يتضمن نفياً كاملاً لهوية إسرائيل ووجودها، هي صورة طبق الأصل لسياسة حكومة إسرائيل في العقد الأخير. استثمرت إسرائيل خلال سنوات الملايين في الحملات التي اعتبرت أي انتقاد للاحتلال تعبيراً عن اللاسامية، وحتى محاولة منعه كلياً.
طلاب تم طردهم من منظمات يهودية لأنهم تجرأوا على الحديث ضد المس بسكان القرى الفلسطينية في الضفة الغربية، ومثقفون يهود تمت مقاطعتهم ومقاطعة أحداث شاركوا فيها لأنهم انتقدوا سياسة الحكومة. ومن عارضوا النشاطات خلف الخط الأخضر أو تبرعات الجاليات اليهودية للمستوطنات، اعتُبروا مؤيدين لحركة “بي.دي.اس”.
منظمات يهودية مثل “جي ستريت”، التي حاولت السير على خط معقد يؤيد إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، لكنه يناضل أيضاً لإيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية، قاطعها ممثلو إسرائيل وشهرت بها أبواق الحكومة. تجذرت في الخطاب الإسرائيلي مقاربة متفوقة ومتغطرسة تجاههم. وأعلنت الحكومة الإسرائيلية الحرب على فكرة وجود حرية للفلسطينيين إلى جانب حرية الإسرائيليين، وطور نتنياهو وأمثاله هذه الرسالة إلى فن. والمخيب للآمال أن زعماء الوسط يتبنون هذه المصطلحات من خلال الشعبوية الطاهرة، التي فشلت في نهاية المطاف في صناديق الاقتراع. استخدمنا النضال المبرر ضد اللاسامية لنضم تحتها مواضيع غير مرتبطة بها، مثل انتقاد المستوطنات أو إدانة الجرائم التي ارتكبها جنود الجيش الإسرائيلي. وثمة موظفون عامون من اليهود أو الصهاينة، اعتبروا بسبب ذلك “أعداء لإسرائيل”. تسببنا بالضرر لأنفسنا بالقدرة على تحديد وإدانة اللاسامية الحقيقية؛ وطمس الحدود تسبب بضرر لمكانة إسرائيل وبيهود العالم. هذه الرؤية الشاملة التي لا يوجد فيها أي مكان للانتقاد أو التعاطف مع الطرف الآخر الآن، تنفجر في وجهنا. وبالضبط مثل اليمين في إسرائيل، فإن المتظاهرين في الجامعات يعتبرون النزاع لعبة مجموعها صفر، تأييد طرف من الطرفين فيها يقتضي نفي الآخر، وحتى تصفيته أحياناً.
ثمة سبب للقلق؛ فمن يتعلمون الآن في الجامعات هم الذين سيكونون أعضاء الكونغرس بعد عقد أو عقدين، ورؤساء وسناتورات بعد جيل أو جيلين. لن نسمح بأن ترافقنا صورة العالم السطحية هذه. وإذا كان شيء أثبتته الأشهر الأخيرة، فهو إلى أي درجة تحتاج إسرائيل إلى الدعم الدولي، لا سيما الأمريكي. حتى الوزراء في اليمين الذين يحبون إدانة حكومات الغرب، يعملون من وراء الكواليس كي يقوم هؤلاء بالمساعدة على إزالة تهديد لوائح الاتهام في “لاهاي”، والمساعدة في الضغط من أجل عقد صفقة المخطوفين، ومنع مقاطعة إسرائيل، ومواصلة تقديم المساعدات العسكرية، والتخفيف قرارات في مجلس الأمن.
لذا، الإجابة على المظاهرات ليست عرضاً آخر لشكل الضحية على صيغة “كل العالم ضدنا”، بل العودة إلى مكان أكثر تعقيداً، يمكنه الفصل بين الانتقاد المشروع واللاسامية. لا فرق جوهرياً بين القول “من البحر حتى النهر” من قبل اليمين في إسرائيل، وبين المتظاهرين في الجامعات. فالطرفان ليسا خصمين فكريين، بل حلفاء. يجب أن نضع أمامهم مستقبلاً أفضل للإسرائيليين وللفلسطينيين: رؤية تشمل إنسانية الطرفين، وصورة “اليوم التالي” التي تعترف بمطالبة الفلسطينيين بالتحرر من الاحتلال ومطالبة الإسرائيليين بالاعتراف والأمن.
موقف لا ينكر فظائع 7 أكتوبر، لكنه أيضاً لا يدفن الرأس في الرمل فيما يتعلق بالكارثة الإنسانية في غزة وقتل المدنيين ومشاغبة المستوطنين في الضفة الغربية. لا وقت لنبدده. في اللعبة التي مجموعها صفر، سنخسر نحن والفلسطينيون. ولن يضطر الطلاب في نيويورك أو لوس أنجلوس، لمواجهة تداعيات مواقفهم، أما نحن فالحديث عندنا يدور عن وجودنا.
———————————————
يديعوت أحرونوت 15/5/2024
لوزراء يدعمون فكر الحريديم حول “التجنيد”: لا تعيدونا للعصور الوسطى
بقلم: غيورا آيلند
النقاش المتوقع في الحكومة على قانون التجنيد كفيل بأن يعتبر حدثاً مصيرياً في المستقبل. فقد وصلت الدولة إلى مفترق طرق ولا إمكانية لمواصلة التملص من اتخاذ قرار قاطع بين إمكانيتين. هل نواصل الطريق الذي سيؤدي إلى انهيار الدولة في غضون عقد أو اثنين، أم نجري الإصلاح الأول المطلوب ضمن إصلاحات كثيرة ونضم المجتمع الحريدي إلى حمل العبء سواء العسكري أم الاقتصادي.
من الصعب التصديق بأن أياً من وزراء الليكود يؤمن بأن استمرار الوضع القائم يحقق المصلحة القومية. كما من الصعب التفكير أن هؤلاء الوزراء يتفقون مع الادعاء بأن ارتفاع عدد المصلين يساعد في الدفاع عن الدولة. فللفرد الحق في أن يؤمن بكل ما يختار، لكن الدولة لا تدار إلا على أساس اعتبارات عقلانية وحقائق ثابتة. الدولة التي تختار الاعتماد على ادعاءات صوفية، تعود إلى العصور الوسطى حيث القبول بكل ما تدعيه الكنيسة.
ما هي التفسيرات الإضافية التي تبرر لمنتخبي الليكود تأييداً لتملص الحريديم من الخدمة؟ قد يكون هناك تفسيران: الأول الرغبة في منع انكسار ومواجهة بين الجمهور الحريدي وباقي المجتمع الإسرائيلي. زعماء الحريديم يدعون بأن تعلم التوراة مهم أهمية الخدمة في الجيش. كما أن من يريد احترام هذا الادعاء ملزم بأن يصر على الأمر التالي: إذا كان تعلم التوراة بالفعل مهماً مثل الخدمة في الجيش، فيجب المساواة بين الأمرين. فمثلما أن الرجال يخدمون في الجيش ثلاث سنوات، ثم يخرجون إلى طريقهم المستقلة، يجب على أولئك الذين يتعلمون التوراة أن يكونوا مثلهم. في سن 21 عليهم أن “يتسرحوا” من المدرسة الدينية، ويخرجوا إلى حياة مستقلة اقتصادياً. يمكن السماح لنسبة معينة من الحريديم أن يتعلموا التوراة على حساب الدولة بدلاً من أن يكونوا في الجيش، لكن من غير المعقول السماح لهم بعمل ذلك حتى سن 26 أو حتى كسبيل حياة على حساب الدولة.
ثمة تفسير ثانٍ، لا يقال بصراحة، وهو الرغبة في إرضاء الأحزاب الحريدية للحفاظ على الائتلاف. يجدر بنا أن نذكر منتخبي الجمهور بنقطة الانطلاق لوجود الدولة الديمقراطية. يدور الحديث عن العقد الاجتماعي الذي بموجبه يمنح المواطنون الصلاحيات للحكم “أن يقرر عنهم”، وأن يسن القوانين التي تقيد الحرية، وأن يأخذ قسماً من أموالهم للضرائب، وأن يجبرهم على الخروج إلى القتال. في المقابل، يلتزم الحكم بأمر واحد: العمل لصالح الدولة و”كل” مواطنيها.
يبدو أن بعضاً من منتخبي الجمهور لا يفهم حجم الضائقة التي دخلناها قبل سبعة أشهر. فلا يدور الحديث عن تقصير في ذاك اليوم، بل عن الواقع الأمني الصعب في كل الساحات، والعزلة الدولية، والمستقبل الاقتصادي المقلق. كل هذه ليست عوامل خارجية فحسب، بل أمور تتأثر بالاعتبارات الغريبة لدى كثيرين في الحكومة.
———————————————
هآرتس 15/5/2024
الجيش الإسرائيلي في “واقع سيزيفي”: حماس غيرت تكتيكها.. ولم نقدر قوتها العسكرية على نحو صحيح منذ البداية
بقلم: انشل بابر
في صباح عيد الاستقلال الـ 76، اضطرت قوات الجيش الإسرائيلي التي تعمل في جباليا شمالي القطاع، إلى مشاهدة إطلاق الصواريخ على عسقلان، بدلاً من الاستعراض التقليدي لسلاح الجو في سماء إسرائيل. ورداً على الصواريخ التي تم إطلاقها من مخيم اللاجئين الأكبر في القطاع، هاجم الجيش مواقع لحماس لا تبعد سوى بضع مئات الأمتار عن قوات الجيش الإسرائيلي.
“من المخيب للآمال رؤية ذلك بعد مرور سبعة أشهر ونصف على الحرب”، قال قائد فصيل في الكتيبة 196 أثناء استعداده في الموقع المحاط بأكوام التراب، قبل خروج الدبابات لاقتحام آخر. “لكن يبدو أن علينا العودة وعلاج منصات إطلاق الصواريخ الفردية”.
هذه هي الزيارة الثانية لهذا القائد إلى جباليا. ففي تشرين الثاني الماضي، حارب في القطاع مدة شهر، مثل كل الضباط والجنود في الطاقم القتالي على مستوى الكتيبة. في كانون الأول، أعلن الجيش الإسرائيلي استكماله احتلال جباليا وتفكيكه لواء حماس في الشمال. معظم الجنود يخشون التطرق إلى الأمور السياسية حول سبب العودة إلى جباليا، لا سيما جنود الخدمة النظامية والضباط في الخدمة الدائمة. لم يكن بالإمكان الاحتفال بعيد الاستقلال في هذه التحصينات، لكن أحاسيسهم أثناء دقيقة الصمت التي وقف فيها الجنود معاً في يوم الذكرى بدون صافرة، تبدو ظاهرة على وجوههم؛ فهم لا يتذمرون من المهمات التي أعدت لهم، لكنهم يكررون نفس الوصف الذي يريدون وصف الواقع الحالي به: “واقع سيزيفي”، كما يقولون.
قبل أربعة أشهر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن “تفكيك” كتائب حماس في شمال القطاع، لكن ألوية كاملة عادت للعمل في المنطقة هذا الأسبوع. في جباليا الآن الفرقة 98، التي أنهت القتال في خان يونس قبل خمسة أسابيع. وحتى قبل أسبوع، كانت هناك ألوية من هذه الفرقة مستعدة للعمل في رفح. تم استدعاء الاحتياط لجولة خدمة ثانية في الحرب الحالية، وتم وقف دورات الضباط والقادة لملء الصفوف. عندما صدر قرار الكابنيت في الأسبوع الماضي حول دخول الجيش الإسرائيلي إلى أهداف محدودة في محيط رفح، تقرر البدء بعملية موازية في جباليا.
“عدنا إلى المكان الذي تريد حماس التمركز فيه. هذه منطقة قتال بكل المعايير”، قال قائد الكتيبة 196، المقدم يعلي كورنفيلد. “هناك من لم ننجح في اعتقالهم المرة السابقة، والذين هربوا وعادوا. الكتيبة، التي تتشكل من المرشدين والمتدربين في دورات القيادة في سلاح المدرعات، ينتظرها الكثير من العمل. ففي العملية البرية التي بدأت في تشرين الأول، احتل الجيش الإسرائيلي مناطق في جباليا، ولكنه لم يعمل فيها بالكامل”. وقال: “في الحقيقة، احتللنا هذا المحور واحتفظنا به”، قال كورنفيلد. “لكن توجد هنا منشأة تدريب كاملة لحماس، التي دمرناها. وهناك أنفاق ومقرات قيادة… كان لنا سلم أولويات”.
وقال كورنفيلد بأن الجميع جاءوا أكثر استعداداً. “إذا كانت هناك حاجة إلى تصور ما الذي يعنيه ميدان القتال، فلم يعد لها حاجة الآن. من جاء ليقاتل في المرة الثانية، فهو أمام عامل مجهول. ولكن هذا الأمر يسري أيضاً على حماس. نحن في منافسة تعلم أمام حماس. نرى أنهم غيروا التكتيك، وهم يتقدمون في تفخيخ المباني”، قال.
من النشاطات الجديدة للجيش الإسرائيلي في جباليا ومناطق أخرى شمالي القطاع، كحي الزيتون جنوبي مدينة غزة، يمكن تعلم دروس رئيسية: الأول أن الجيش لم يقدر حجم البنية التحتية العسكرية لحماس في القطاع. والثاني أنه عندما غادرت القوات، أعادت حماس بناء نفسها والتمركز في الفراغ. هذا التمركز أمر محتمل عقب غياب استراتيجية سياسية حول “اليوم التالي”. وقال أحد ضباط الكتيبة إن “المهمة الرئيسية هي إنهاء كي لا نضطر إلى العودة مرة ثالثة”. وحسب قول هذا الضابط، فإنه ” كانت حاجة إلى الحفاظ على الوتيرة في العملية الأولى، وقد وضعنا الأهداف حسب الوقت. العمل الآن بطيء، ويعمل الجنود بشكل جذري. ندخل إلى كثير من بيوت نشطاء حماس العاديين، فنجد عبوات ودروعاً. يستغرقنا وقت لتدمير الأنفاق، ولا يكفي سد فتحات الأنفاق ثم نغادر”، قال.
تعتمد وتيرة نشاطات الجيش على الأسس التكتيكية التي تعد منطقية جداً، حسب ضابط شاب. ولكن يبدو أن هذه الأسس أقل مناسبة لجنود الاحتياط الذين انضموا للكتيبة؛ فهم تجندوا في فترة عيد الفصح لخدمة أخرى دون تحديد موعد لإنهاء خدمتهم. “قالوا لنا بأننا سنكون لشهر فقط”، قال جندي في الاحتياط. “لكن عملياً، نعمل حسب أمر مفتوح”. وحسب قوله، عندما امتثلوا للخدمة في 7 تشرين الأول كان واضحاً أنه لا يمكن معرفة موعد انتهاء خدمتهم. “ولكن الآن، عندما أصبح يمكن التخطيط أكثر بقليل، هذا لا يهم”، قال.
الكثير من جنود الاحتياط يحتجون على التجند بـ “أمر مفتوح”. في وحدات الاحتياط التي انضمت للكتيبة، فإن الضباط يبلغون عن ترتيبات كاملة للقوات. “ليس كل من تجند في 7 أكتوبر يمكنه القدوم الآن. نحن في ترتيب كامل للقوات، بعد أن كان لدينا فائض. ومن كان يصعب عليه الامتثال للخدمة مرة أخرى، لا سيما أصحاب المصالح التجارية التي انهارت، ولم تساعدهم الحكومة، ولم يأت ببساطة. وحتى لا أحد وجه إليهم اللوم. يجب الحفاظ أيضاً على الناس للمرة القادمة”، قال أحد جنود الاحتياط.
———————————————
هآرتس 15/5/2024
رغبة إسرائيل في تأجيل المفاوضات على الحدود مع لبنان.. أسباب ومعوقات
بقلم: يونتان ليس
جهات إسرائيلية تعمل تدفع بتفاهمات مع لبنان، التي بحسبها تعبر إسرائيل عن استعداد مبدئي لإجراء تعديلات على الحدود بين الدولتين، لكنها لن تجري نقاشات حول المسار الدقيق إلا بعد التوقيع على اتفاق يؤدي إلى التهدئة في الشمال، هذا بسبب تقدير أن النقاشات حول تعديلات الحدود ستستمر أشهراً وقد تعيق التوقيع على اتفاق تهدئة بين الطرفين. إسرائيل معنية بتأجيل النقاشات حول الحدود، خوفاً من ألا تنجح الحكومة في تجنيد الأغلبية المطلوبة في الكنيست، أو في استفتاء شعبي في الوقت الحالي كما يقتضي قانون الأساس.
حسب بعض المصادر، فإن الإدارة الأمريكية ناقشت في الأشهر الأخيرة مع إسرائيل ولبنان الحاجة إلى إجراء تعديلات على الحدود كجزء من محاولة لبلورة اتفاق تهدئة بين الدولتين. مصدر مطلع قال للصحيفة إن إسرائيل هي التي بادرت إلى تأجيل المحادثات حول خط الحدود، في حين أن لبنان مصمم على الموافقة على التفاهمات بشكل أسرع.
وقدر مصدر إسرائيلي رفيع في اللقاءات التي أجرتها إسرائيل مؤخراً بأنه يمكنها التوصل إلى اتفاق مع لبنان إذا تم التوصل إلى تهدئة في قطاع غزة. مع ذلك، فأي تدهور لمواجهة بين الطرفين قبل ذلك، يشمل عدداً كبيراً من الإصابات الإسرائيلية في هجمات حزب الله، قد يفشل العملية ويؤدي إلى عملية عسكرية إسرائيلية.
مبادرة تأجيل المفاوضات حول تعديل الحدود ستساعد إسرائيل في مواجهة صعوبة قانونية، كما نشرت “هآرتس”، وهي أن جهات سياسية تقدر أن نتنياهو سيجد صعوبة في تجنيد الأغلبية المطلوبة للمصادقة على اتفاق يشمل تعديلات على الحدود، وهي العملية التي قد تصعب المصادقة على هذه الخطة. حسب مصدر سياسي رفيع، سيكون من الصعب على نتنياهو تجنيد دعم جمهور اليمين لاتفاق يشمل التنازل عن مناطق. 80 عضو كنيست يمكنهم إلغاء المطالبة باستفتاء شعبي، لكن رئيس الحكومة يتوقع أيضاً صعوبة في تجنيد هذه الأغلبية. “أيديولوجياً، لا يمكن لأعضاء الكنيست والوزراء في اليمين تأييد هذه العملية؛ فليس لديهم أي هامش مناورة”، أوضح المصدر.
حسب التقديرات، فإن الوزيرين سموتريتش وبن غفير، والأعضاء في حزبيهما، ليسوا وحدهم من سيعارضون هذه العملية، بل أيضاً أعضاء كنيست ووزراء من الليكود. ويتوقع عضو الكنيست جدعون ساعر أن يعارض التنازل عن مناطق تحت سيادة إسرائيل في إطار الاتفاق، وربما ينضم أعضاء قائمته لهذه العملية. في المقابل، حزب “يوجد مستقبل” قد يعطي شبكة أمان لنتنياهو إذا كان الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه مقبولاً لدى المنظمات التي تمثل سكان الشمال.
القانون الذي قد يقيد أيدي نتنياهو الآن ينص على أن أي اتفاق يشمل التنازل عن مناطق يسري فيها الحكم والقضاء والإدارة الإسرائيلية سيكون بحاجة إلى مصادقة عبر استفتاء شعبي، إلا إذا صادقت عليه الكنيست بأغلبية استثنائية من 80 عضو كنيست. الحكومة برئاسة نتنياهو، سنت هذا القانون في 2014 لمنع حكومات مستقبلية من تغيير مكانة القدس وهضبة الجولان أو مناطق تضم لإسرائيل مستقبلاً. من بين المبادرين لهذه العملية ياريف لفين واوريت ستروك. القانون لا يلزم بإجراء استفتاء شعبي على المناطق التي احتلها إسرائيل في الضفة الغربية، حيث يسري الآن حكم عسكري.
في العام 2022، في فترة ولاية الحكومة برئاسة يئير لبيد، توصل لبنان وإسرائيل إلى تفاهمات حول ترسيم الحدود البحرية. وخلافاً لهذا الاتفاق الذي كان يتعلق بالحدود الموجودة خارج المياه الإقليمية الإسرائيلية، ولم يقتض استفتاء شعبياً، فإن المستوى السياسي يقدر أن التفاهمات الآخذة في التبلور ستلزم رئيس الحكومة بالمصادقة على الخطة بواسطة الاستفتاء استناداً إلى قانون الأساس.
———————————————
إسرائيل اليوم 15/5/2024
الرضا بالهزيمة.. وإلا حرب استنزاف: إسرائيل بين المتاهة الاستراتيجية والتهديد الوجودي
بقلم: غيرشون هكوهن
بصدق وبقول مباشر إلى الأمة، قال رئيس الأركان في خطابه أمام “المبكى” [حائط البراق] في مستهل يوم الذكرى: “أطأطئ الرأس لذكرى المواطنين الذين لم ننجح في إنقاذهم. أتحمل المسؤولية عن فشل الجيش في 7 أكتوبر، وأفهم معناها جيداً”. إن ذكرى الفظائع من ذاك اليوم الرهيب الذي بدأ صباح العيد بهجمة حماس من قطاع غزة، سيحملها شعب إسرائيل إلى الأجيال. مسؤولية المستوى العسكري والسياسي عن الفشل في ذاك اليوم ليس موضع شك، لكن دولة إسرائيل اليوم عالقة في كل الساحات في حرب إقليمية متواصلة. يجب أن تركز نظرة القيادة والجمهور في النظر للمستقبل، والتطلع لإنهاء الحرب بشروط تضمن عظمة ونصراً.
يقول مثل عربي: “نحن مع الحائط الواقف”. هذا هو مفتاح المنطق الاستراتيجي في خلق التحالفات والحفاظ عليها، لأن الاستناد إلى حائط متهالك ليس مرغوباً فيه. وبالفعل، في عالم المصالح، يفحص الحلفاء متانة الحلف الذي يعتمدون عليه. بهذه النظرة، أهداف الحرب التي صاغها كابنت الحرب في 14 أكتوبر بحاجة ماسة إلى إطار موجه عام، إطار يتجه إلى إعادة تأسيس صورة “الحائط الصامد” لدولة إسرائيل.
لقد أحدثت الحرب واقعاً كبيراً يجيد زعماء العدو وصفه. في خطاب ألقاه زعيم حزب الله ليلة الاستقلال، وصف نصر الله خطوطاً أساسية للميول التي نشأت عقب الحرب تحث تجسد رؤية لانهيار إسرائيل. فقد بين كيف أعيدت المسألة الفلسطينية إلى مركز جدول الأعمال العالمي بفضل الهزة الكبيرة التي أحدثتها حماس في بداية الحرب. الخطاب الدولي على واجب الاعتراف بدولة فلسطينية هو على حد قوله، نصر جلي للحرب. كما أن الطريق المسدود الذي تقف أمامه إسرائيل في مسألة “اليوم التالي” في غزة، عرضه نصر الله كتعبير عن الورطة الإسرائيلية. من جهة، لا توجد دولة عربية مستعدة للدخول إلى إدارة قطاع غزة، ومن جهة أخرى تواصل إسرائيل رفض استمرار حكم حماس. في مفترق الطرق هذا، يعرض على إسرائيل مقترح حماس الأخير الذي يعتبر من زاوية نظرها هزيمة لإسرائيل. الطريق الثاني يؤدي بإسرائيل إلى مواصلة الحرب، في الجنوب والشمال كحرب استنزاف متواصلة ستؤدي إلى اندثار إسرائيل، حسب رؤياه.
إن انتظار مخرج إبداعي من فخ مفترق الطرق هذا هو اختبار استراتيجي غير مسبوق للقيادة الإسرائيلية يحدث هذه الأيام. رون بن يشاي، في مقاله، شخص سلة البدائل المحتملة وأوصى بـ “حكم فلسطيني مشترك مع قوة عربية، لكن شرط هذا هو موافقة رئيس الوزراء على إخراج كلمتي دولة فلسطينية” من فمه. غير أن هذا الشرط يؤدي في ميله النهائي إلى تقسيم القدس، والانسحاب من غور الأردن، وترسيم حدود إسرائيل الشرقية في “كفار سابا”، وبنظرة أمنية واعية: الطريق إلى كارثة أمنية وقومية. وفي فخ الرعب هذا، مطالبة من القيادة الأمنية والسياسية باختراق طريق يؤدي إلى الخلاص من المتاهة الاستراتيجية الآخذة في التطور في الأسابيع القادمة، إلى تهديد وجودي شامل على دولة إسرائيل.
———————————————
معاريف 15/5/2024
لـ “القلة التافهة”: أنتم سبب 7 أكتوبر.. وبقاؤكم في الحكم يهدد وجودنا
بقلم: أفرايم غانور
نحن مصوتي الانتخابات الأخيرة في تشرين الثاني 2022، جموع شعب ممزق، منقسم، متألم وحزين، اختبر المنافي، المحرقة، المعاناة، الاضطرابات، المصائب والحروب؛ نحن الذين وقفنا في صناديق الاقتراع بعد سلسلة من الحملات الانتخابية المضنية تعبين من الوعود والآمال العابثة، وتواقين لبعض الهدوء والأمن والسكينة بينما ووعدتمونا بالربيع والزهور مع كثير من الآمال.
صحيح أنكم لم تعدوا بحمامة مع غصن زيتون أو بالسلام، لكنكم وعدتم بأمن قومي وشخصي، وعدتم بحوكمة وهدوء وازدهار ونماء اقتصادي، وحرص على الضعفاء والمظلومين وعلى بلدات المحيط المظلومة. نعم، وعدتم بفجر جديد وبإيفاء الوعود، مثلما قلتم: ” يجب الإيفاء بالوعود”.
في يومين تليا يوم الذكرى الأكثر رعباً في تاريخ الدولة في الوقت الذي تذبل فيه الورود والأكاليل على الشواهد الحجرية الصامتة في المقابر العسكرية والنصب التذكارية، نقف اليوم أمامكم بعد أكثر من سبعة أشهر من حرب لا نرى لها نهاية باسم مئات الشهداء الذين أضيفوا في ورديتكم إلى أعداد الشهداء والمقتولين، باسم الأرامل واليتامى الذين انضموا إلى عائلات الثكل وأظلم عالمهم، وأساساً باسم 132 مخطوفة ومخطوفاً يذوون في مكان ما في الرمال المظلمة ويسألون بصوت عال: حتى متى؟”.
ألم تستوعبوا. ألم تفهموا؟ أليس واضحاً أنكم فشلتم طوال طريق هذه الحكومة؟ ألستم واعين لحالة الدولة، حالة الشعب من الشمال حتى الجنوب، وبعامة في العالم؟
أي حكومة وزعامة ذات مسؤولية وطنية، كانت ستقف خلف إخفاقات كهذه بشجاعة جماهيرية أمام الشعب وتقول بصوت مدوٍ: “لم يعد بوسعنا”، مثلما تصرف رئيس الوزراء الراحل مناحيم بيغن في حرب لبنان الأولى. انطلاقاً من المسؤولية الوطنية، أنتم ملزمون بالتنحي جانباً وتسمحوا لقيادة أخرى يختارها الشعب أن تقود الدولة إلى شاطئ الأمان.
يثبت الواقع الحالي أن وضعنا العسكري والدولي والاجتماعي والاقتصادي يحتدم من يوم إلى يوم حتى الخطر الوجودي. من هنا، باسم مصوتي تشرين الثاني 2022، القلقين جداً من هذا السلوك الفاشل، وانطلاقاً من القلق على مستقبل الدولة، نتوجه إليكم بهذا الطلب. رجاء، أبدوا المسؤولية، لا تلعبوا بمصير الدولة وبمستقبلها مرة أخرى.
ضعوا المفاتيح، ادعوا للانتخابات، وارحلوا لإجراء حساب نفس مع أنفسكم. افحصوا أين أخطأتم وفشلتم. أغلبية الـ 64 مقعداً التي منحتكم الحكم، والتي تتمسكون بها، لم تعد ذات صلة، لم تعد موجودة عملياً. أنتم أقلية تافهة وفقاً لمعظم الاستطلاعات.
لا تبحثوا عن أسباب ومذنبين للواقع الذي خلقتموه. كارثة أكتوبر ليست بسبب أوسلو، ولا بسبب فك الارتباط في 2005. رابين وبيرس وشارون ولا حتى نبينا موشي، هم الذين قادونا إلى هنا، كما تحاولون أن تدافعوا عن أنفسكم على تقصيراتكم من خلال جهاز مزيت يبث قائمة ذليلة من الأسباب، المذنبين والذنوب.
إنه أنتم وبسببكم، بسبب حكومة فاشلة، بدلاً من الإيفاء بالوعود، والانشغال بالمشاكل الحقيقية، انشغلت من يومها الأول بانقلاب قضائي – نظامي.
بدلاً من الحرص على الدولة والشعب، حرصتم على الزعيم، على بقاء نتنياهو، وضحيتم بالدولة على هذا المذبح، في ظل خلق شرخ وكراهية لم نشهد لها مثيلاً، في ظل ترك أجزاء من البلاد وسكانها لمصيرهم.
في كل ساعة تمر يرتفع الثمن الدموي الذي ندفعه ويحتدم الضباب حول مصير مخطوفينا. ما الذي ينبغي له أن يحصل هنا أكثر كي تفهموا أنه لم يعد ممكناً بعد؟ مثلما يبدو، أنتم غير قادرين على إخراج الدولة من الفخ الذي اقتدتموها إليه. خذوا بالحسبان بأن استمرار طريق الحكومة الفاشلة هذه يخدم أعداءنا، الذين يتمتعون من عجزكم وتبطلكم.
لا تحاولوا كسب الوقت انطلاقاً من إحساس عابث بأنكم ستنجحون في تغيير الوضع. إنكم غير قادرين. لا تدفعوا الجماهير للخروج إلى الشوارع للتظاهر ضدكم والمطالبة باستقالتكم بالقوة. افعلوا هذا بأنفسكم من أجل الشعب، ومستقبل الدولة ومن أجلكم أيضاً. نعم، الآن.
———————————————
هآرتس 15/5/2024
“معلومات داخلية” لـ “الأمر 9”.. رسالة للأردنيين: لن تمر شاحناتكم
بقلم: أسرة التحرير
شاحنتا مساعدات إنسانية لقطاع غزة أحرقتا أول أمس قرب معبر ترقوميا في قافلة سد المتظاهرون طريقها ونهبوها. كالمعتاد، لا أحد يتحمل المسؤولية. ألقت كل من الشرطة والجيش المسؤولية على الآخر. عندما يعارض وزير الأمن القومي بن غفير نقل المساعدات الإنسانية، فلا غرو أن تبدي الشرطة (القوية على عائلات المخطوفين وعلى المتظاهرين في كابلان) ضعفاً تجاه متظاهرين يسدون طريق الشاحنات إلى غزة، وينزلون حمولتها وينثرونها على الطريق، بل ويحرقونها.
نشطاء منظمة “الأمر 9″، هم من يمنعون الشاحنات من المرور. في الأسبوع الماضي، سد نشطاء المنظمة ومؤيدوهم طريق الشاحنات عند مدخل “متسبيه ريمون” على مدى ست ساعات إلى أن أخلتهم الشرطة.
مسؤول كبير في جهاز الأمن قال لـ “هآرتس”: “تغض الشرطة النظر عن شغب المخلين بالقانون ممن يفسدون المساعدات ويحرقونها مستخدمين معلومات داخلية يتلقونها عن حركة الشاحنات”.
وعلى حد قوله: “الشرطة تمتنع عن العناية بالأمر وتمنع أعمال الإخلال بالنظام، وحتى عندما يعملون شيئاً فإنهم يفعلونه بانعدام شهية واضح. ثمة إحساس بأنهم يحاولون إرضاء أحد ما محدد في الحكومة”.
إن ضعف الحكومة ورئيسها في ضوء الجناح اليميني المتطرف فيها، يعطي ريح إسناد لنشطاء اليمين المتطرف لتخريب المساعدات الإنسانية، وعملياً تخريب السياسة الإسرائيلية. هكذا تبدو دولة لا تؤدي مهامها: المستوى السياسي بتنسيق مع الإدارة الأمريكية يقرر إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية، وجهاز الأمن ينسق دخولها إلى غزة، لكن الشرطة تخفق في حماية ذلك وفي إيقاف المتظاهرين عن منع إسرائيل من تنفيذ سياستها أو ربما هذه ليست سياستها؟
هذا الضعف يعرض إسرائيل، عن حق، لتوبيخات دبلوماسية تضعف مكانتها في العالم. “صادم أن يكون هناك أناس يهاجمون ويسلبون وينهبون الشاحنات التي تصل من الأردن إلى غزة. نحن نتحدث مع الإسرائيليين في المستويات الأعلى في هذا الموضوع. هذا سلوك غير مقبول على الإطلاق”، قال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جاك سوليفان، وأضاف بأنهم يفحصون “أي أدوات في أيدينا” كي نرد على منع شاحنات المساعدات من الأردن من الوصول عبر إسرائيل إلى غزة من قبل نشطاء يمين؛ أي أن الولايات المتحدة تفحص كيف يمكن أن تنفذ عمل شرطة إسرائيل.
إن عدم قدرة إسرائيل على توفير معبر آمن لشاحنات المساعدات الإنسانية لمئات آلاف السكان في غزة هو دليل آخر على تبطل الحكومة ورئيسها نتنياهو. هذا يدهور إسرائيل سياسياً وأخلاقياً.
———————————————
يديعوت أحرونوت 15/5/2024
المفاهيم المغلوطة الجديدة – القديمة
بقلم: ميخائيل ميلشتاين
يخيل أنه لا توجد ساحة أخرى مثل قطاع غزة تلخص تشويهات فكر كثيرة جدا من ناحية إسرائيل. فقد برز الأمر عشية 7 تشرين الأول (أكتوبر) في المفهوم المغلوط حول تركيز حماس على تنمية المجال المدني في القطاع وامتناعها عن المواجهة مع إسرائيل، وتواصل في حرب في شكل تقديرات وأفكار جسدت مبدئيا الأماني، مثل الإحساس بأن المنظمة قريبة من “الانكسار” وأنه يمكن إقناع قيادتها بالنزوح عن غزة.
لقد بدا أن إسرائيل نفضت عن نفسها المفاهيم المغلوطة القديمة بل وبدأت تتبنى مفاهيم جديدة تعكس استمرار عدم الفهم لحماس وتخلق عمليا إحباطا في ضوء غياب النجاح في تحقيق أهداف الحرب، وعلى رأسها إلحاق الهزيمة بالمنظمة. ويكمن جذر الفجوة في مفهوم مغلوط حول حماس التي تعرف بالوصف الضيق “منظمة مقاومة”. هذا جسم مرن ذو قدرة تكيف عالية على التغييرات، وحتى بعد أضرار شديدة يتعرض لها ينجح بالبقاء على قيد الحياة بل والحفاظ على مكانته كالمحفل السائد في القطاع.
من هنا ينبع المفهوم المغلوط الثاني وهو استمرار الاعتماد على إستراتيجية المرحلة الثالثة، أي خطوات عسكرية مركزة انطلاقا من الافتراض بأن هذه ستؤدي بالتدريج إلى انهيار حماس. بعد بضعة أشهر من تنفيذه تثور علامات استفهام حول نجاعته: فقد أضر بالفعل لحماس بشدة، لكن بغياب تواجد دائم لإسرائيل، فإن المنظمة تعود بسرعة إلى كل ساحة عمل.
إن الإحباط المتواصل يحمل إسرائيليين كثيرين على أن يقولوا أقوالا تبدو خارقة للطريق لكن تحقيقها محدود. الأول، إنه فقط لو أننا بدأنا بالاهتمام بالبديل لحماس، لتحسن الواقع الإستراتيجي في غزة. آخرون يسيرون شوطا أبعد، ويدعون بأن التطبيع مع السعودية أو تحقيق اتفاق سياسي مع السلطة ستشكل حلولا محتملة. تلك الفرضيات تعتمد على فهم يقضي بأن المناطق في القطاع التي عمل فيها الجيش الإسرائيلي هي مثابة “أرض محروسة” ناضجة للبدائل: ابتداء من السلطة، عبر الناتو وانتهاء بقوات عربية. يدور الحديث عن شقاق على جلد الدب قبل أن يصاد، كون حماس لا تعتزم على الإطلاق التنازل عن ذخر الحكم.
من الجهة الأخرى، وإن كان على أساس الفرضيات إياها، يأت الشعار الذي يقول إنه ضروري العمل في كل منطقة رفح وأن هذه هي “المعقل الأخير” قبل “النصر المطلق”. معقول أنه حتى بعد هزيمة أربع كتائب حماس في المدينة، ستحكم المنظمة المجال الجماهيري في القطاع وستواصل إدارة القتال في المناطق المختلفة. السيطرة في محور فيلادلفيا حيوي لغرض إعادة تصميم الواقع في القطاع. لكنها تفترض بقاء متواصلا في المكان ولا توجد ضرورة في أن تترافق ومناورة عميقة في مدينة رفح نفسها.
إن المفهوم المغلوط الذين لم يتطور بعد، ولكن من الحيوي قطعه من الأساس هو الاعتقاد أننا سنكون مطالبين بالعمل على إعادة بناء غزة كي نخلق ثمن خسارة ونقلل الدوافع للتصعيد. يدور الحديث عن المفهوم إياه الذي كانت إسرائيل أسيرة له حتى 7 تشرين أول (أكتوبر)، وانخرط في الإعلانات عن الرغبة في تطوير “سنغافورة فلسطينية”، وانهار بشكل مأساوي في هجمة حماس التي أثبتت بأن الأيديولوجية أهم من ناحيتها من السكان. على إسرائيل أن تسمح في تورد احتياجات المعيشة الأساسية إلى غزة، لكن أن تمنع واقعا “طبيعيا” طالما كانت حماس تحكم في غزة.
على واضعي الإستراتيجيات أن يتبنوا مفاهيم عميقة واعية عن حماس والا يقعوا مرة أخرى في خطأ سوء التقدير لعظمة ودافعية المنظمة. فبدون احتلال كل قطاع غزة مما يتيح توجيه ضربات شديدة لأجهزة المنظمة ومكوث لفترة زمنية في القطاع لمنح رعاية لبناء البديل، لن ينشأ هناك واقع جديد. في أفضل الأحوال حماس ستسمح بتموضع بدائل تشكل قناعا تجميليا لمواصلة هيمنتها وفي الحالة المعقولة – ستعمل بقوة ضد كل بديل.
توجد إسرائيل منذ بضعة أشهر في مفترق T، لكنها ترفض التوجه إلى مسار حسم واضح. وبدلا من هذا تفحص طرقا وسط مفعمة بالأوهام تلحق ضررا إستراتيجيا. بغياب قدرة أو رغبة – في هذه اللحظة – احتلال كل القطاع وإقامة نظام جديد فيه، فان إسرائيل ملزمة بأن تحدد صفقة المخطوفين كجهد مركزي الأمر الذي لشدة الألم يستوجب وقف الحرب، تحرير أسرى فلسطينيين وانسحاب من غزة.
إن الهدوء الذي سينشأ على إسرائيل أن تستغله لإشفاء داخلي عميق بما في ذلك انعاش الساحة السياسية والساحة العسكرية اللتين يقودهما الأشخاص إياهم الذين تبنوا حتى 7 تشرين أول (أكتوبر) المفاهيم المغلوطة التي انهارت. زمن الأشفاء مطلوب أيضا للاستثمار في تصميم إستراتيجية مرتبة للموضوع الفلسطيني غير الموجودة منذ سنين. هذه ستكون فرصة للعودة إلى مصادر الصهيونية حول أخذ المبادرة بدلا من التمسك بأفكار التسوية، إدارة النزاعات ورؤيا “السلام الاقتصادي” التي احتلت وعي أصحاب القرار وتبينت كمحملة بالمصائب.
——————انتهت النشرة——————