محلل إسرائيلي: اغتيال هنية وشكر سيوسع الحرب بمشاركة إيران

“من الجائز أننا أمام تصعيد آخر في الحرب، لدرجة إمكانية مواجهة إقليمية أوسع. وستواجه إيران صعوبة في عدم الرد على عملية (اغتيال) وقعت في أراضيها، وسيكون لاغتيال هنية تأثير سلبي على محادثات تبادل الأسرى العالقة أصلا”

اعتبر محللون إسرائيليون اليوم، الأربعاء، أن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران الليلة الماضية، والقيادي في حزب الله، فؤاد شكر، الذي يوصف بأنه رئيس أركان حزب الله، في الضاحية الجنوبية في بيروت مساء أمس، من شأنه أن يوسع الحرب بشكل كبير.

ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، فإن هذه الاغتيالات ليست ضد حماس وحزب الله فقط، وإنما هي أيضا ضد إيران التي تدعمهما.

وأضاف أنه في عملية اغتيال هنية “قُتل حارس شخصي أيضا، من فريق الحراسة الذي تم إرفاقه بهنية الذي حضر إلى طهران من أجل المشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد. والآن سيكون للنظام الإيراني أيضا جزءا مركزيا في اتخاذ القرارات بشأن طبيعة الرد”.

وتابع هرئيل أنه “من الجائز أننا أمام تصعيد آخر في الحرب، لدرجة إمكانية مواجهة إقليمية أوسع. وستواجه إيران صعوبة في عدم الرد على عملية (اغتيال) وقعت في أراضيها”.

وأشار إلى أن “إيران وكذلك حزب الله بديا حتى الآن كمن يحاولان إبقاء الحرب مع إسرائيل تحت سقف الحرب الشاملة. (لكن) عمليتي الاغتيال الأخيرتين كشفتا إمكانية استهداف المحور الإيراني. ويجد أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، ورئيس حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، نفسيهما الآن لوحدهما في القيادة، بعد تصفية قسم كبير من القادة العسكريين وبعضهم في الحرب الحالية”.

اغتيال إسماعيل هنية بغارة إسرائيليّة استهدفت مقرّ إقامته في طهران

ويتوقع بحسب هرئيل أن يكون لاغتيال هنية “تأثير سلبي على المحادثات حول صفقة تبادل أسرى، وفيما هذه المحادثات عالقة في الأسابيع الأخيرة على خلفية تشدد المواقف التي قدمتها إسرائيل”.

ولفت إلى أنه “في إسرائيل يستعدون لإمكانية عمليات انتقام في المناطق (الضفة الغربية) في أعقاب موت هنية، ولرد من جانب حزب الله على اغتيال شكر، لكنهم يأملون بأنه سيكون بالإمكان احتواء المواجهة ومنع تصعيد لحرب شاملة في الشمال”.

وأجرت القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية مشاورات عديدة في أعقاب سقوط القذيفة الصاروخية في مجدل شمس ومقتل 12 طفلا وفتى، السبت الماضي، وحسب هرئيل فإنه “كان واضحا للمشاركين في هذه المشاورات أن الوضع يتطلب ردا شديدا على حادثة مجدل شمس. وكانت إسرائيل تعتزم اختيار عملية تضع حزب الله أمام معضلة، وعلى ما يبدو أن ينفذ خطوات لا تقود إلى حرب”.

وكان نصر الله قد أعلن في الأشهر الماضية أنه سيتم الرد على هجوم إسرائيلي في بيروت باستهداف منطقة وسط إسرائيل، وفي أعقاب اغتيال شكر في الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، رفع الجيش الإسرائيلي حالة الاستنفار إثر إمكانية الرد من جانب حزب الله.

وأشار هرئيل إلى أن “رد حزب الله سيتأثر بكل تأكيد من مسألة مصير شكر (الذي لم يؤكد حزب الله موته حتى الآن). ووزير الأمن، يوآف غالانت، أعلن بعد الهجوم الإسرائيلي أمس أن حزب الله ’تجاوز الخطوط الحمراء’. وعلى الأرجح أنه من وجهة نظر حزب الله، العملية الإسرائيلية أيضا هي تجاوز خط أحمر، ينبغي الرد عليها”.

وأضاف أن “إسرائيل لم تنجح منذ قرابة عشرة أشهر في إعادة الاستقرار عند حدود الشمال وإعادة 60 ألفا من سكان المنطقة إلى بيوتهم. وحتى في حال لم يؤد الهجوم في بيروت إلى حرب شاملة، فإنه لا توجد أي طريقة لإعادة الاستقرار إلى الحدود الشمالية”.

وتابع أنه “يبدو الآن أيضا أن المسار البديل – التوصل لصفقة مخطوفين مع حماس ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وبعد ذلك يأتي مجهود أميركي سريع لتهدئة الشمال – قد وصل إلى طريق مسدود. والحكومة والجيش الإسرائيلي ليسا قريبين من حل الضائقة الإستراتيجية في الشمال”.

واعتبر هرئيل أن “سكان الشمال فقدوا صبرهم منذ فترة طويلة. والقليل منهم عادوا إلى بيوتهم، وحياتهم ليست آمنة وليس لدى أحد علم حول كيف ومتى سيعود الهدوء إلى الحدود. وفي ظروف كهذه، خطر التدهور إلى حرب شاملة أصبح حقيقيا، أيضا على خلفية الاغتيال الآخر (لهنية) في طهران”.

اغتيال هنية وشكر “رهان إسرائيلي محسوب”

بحسب المحلل العسكري في موقع “واينت” الإلكتروني، رون بن يشاي، فإن “عمليتي الاغتيال هما تحد مباشر لإيران ولإستراتيجية الأذرع التي تمارسها. وعمليا، إسرائيل ترغم القيادة الإيرانية والزعيم الأعلى، علي خامنئي، والحرس الثوري على اتخاذ القرار حول ما إذا كانت وجهتهم نحو حرب شاملة مع إسرائيل أو أنهم سيقررون تهدئة الوضع تدريجيا”.

واعتبر أن الأمر الأساسي في عمليتي الاغتيال هو أن “إسرائيل تقول لإيران وأذرعها إنه إذا لم يتوقفوا، فإن إسرائيل لن تتردد في التوجه إلى حرب شاملة لا تشمل حزب الله وحماس والحوثيين فقط، وإنما رأس الأفعى الجالس في طهران أيضا”.

وتابع أن “هذا يعني أن علينا نحن أيضا في إسرائيل الاستعداد لحرب كبرى. وفي سيناريو كهذا ستكون الجبهة الداخلية الجبهة المركزية، وستتعرض لهجمات صاروخية من كافة الأنواع، إلى جانب مسيرات متفجرة، لن تطلق من لبنان واليمن فقط، وإنما من إيران بالأساس”.

وتوقع “محاولات إيرانية لإرسال ميليشيات شيعية مسلحة من إيران والعراق وسورية، وربما الحوثيين من اليمن أيضا، كي يُنقلوا إلى سورية أو ينضمون إلى حزب الله في لبنان في محاولة لشن غزوات عند الحدود الشمالية” لإسرائيل.

وقبل أن يتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، ورئيس الموساد، دافيد برنياع، ورئيس الشاباك، رونين بار، القرار باغتيال شكر وهنية، “علموا جيدا أن هذه هي المرحلة الأخيرة تقريبا في التدهور إلى حرب إقليمية. وقد أدركوا عمليا أن هذا رهان، لأنه ليس مؤكدا أبدا، وهذه حقيقة ينبغي الاعتراف بها، أن إيران لا تريد حاليا حربا إقليمية تورطها مع الولايات المتحدة”، حسب بن يشاي.

وأضاف أن “الإيرانيين يعتبرون، وبحق، أنه قبل تصفية فؤاد شكر، تشاورت إسرائيل مع الولايات المتحدة. وهم يفترضون أن واشنطن صادقت على هذه التصفية لمن كان مسؤولا بقدر معين عن مجزرة جنود المارينز في بيروت وكان في قائمة المطلوبين الأميركية”.

واعتبر أنه “بالإمكان الافتراض أيضا أن تصفية إسماعيل هنية في طهران لم تُنسق مسبقا مع الولايات المتحدة. والإيرانيون يعتبرون أيضا، وبصدق على ما يبدو، أنه إذا هاجموا إسرائيل مثلما فعلوا في 14 نيسان/أبريل الماضي، وربما بشكل أشد، فإنهم قد يواجهون تحالف أميركي”.

وأضاف أنه “لذلك، يتواجد الإيرانيون أيضا في حالة عدم يقين ويقفون أمام معضلة ليست بسيطة حاليا. وفي المقابل، يبدو أنه بواسطة كلتا التصفيتين أوضحت إسرائيل لقيادة ’محور المقاومة’ الموجودة في طهران أنها مستعدة لحرب كبرى، لوجستيا ومعنويا، رغم أنها لا ترغب بها. والآن يتعين على الإيرانيين أن يقرروا”.

وبحسب بن يشاي، فإن إيران قد تؤجل الحرب “إلى حين يكون بحوزتها سلاح نووي، وعندها ستستفيد هي وأذرعها من حصانة مثل كوريا الشمالية. وتعلم إيران أنه عندما يكون لديها سلاح نووي، لن تسارع الولايات المتحدة إلى مساعدة إسرائيل”.

ولفت إلى أن اغتيال هنية في ذروة احتفالات تنصيب الرئيس الإيراني الجديد هو “إهانة للنظام الإيراني وإثبات على أنه مخترق وضعيف. ومن الجهة الأخرى، إذا قررت إيران مهاجمة إسرائيل ولم يحقق الهجوم أهدافه، فهذا سيكون إثبات آخر على ضعف النظام الإيراني. ولذلك سيضطر خامنئي والحرس الثوري وآيات الله المحافظون على التفكير مليا”.

وتابع بن يشاي أن “المعضلة في بيروت أشد. ونصر الله متفاجئ من القيادة الإيرانية أقل مما هو متفاجئ من العملية الإسرائيلية. ومجرد تنفيذ العملية في قلب بيروت يضع إستراتيجية معادلات نصر الله (ضرب تل أبيب مقابل ضرب بيروت) في وضع جديد. لكن عملا كهذا يعني حرب شاملة وشديدة مع إسرائيل، لا يريدها نصر الله ولا معظم مواطني دولة لبنان، وبضمنهم الشيعة”.

وأضاف أن هذا هو رهان إسرائيل عندما هاجمت الضاحية الجنوبية، أمس، “وبعلم أنه إذا كنا سندخل إلى حرب شاملة في الشمال، الأفضل أن يمنحنا حزب الله برده الشرعية الدولية للقيام بذلك. وإذا هاجم حزب الله بشكل شديد ردا على الاغتيال، فإن الأميركيين أيضا لن يتمكنوا من الوقوف على الحياد وسيساعدوننا”.

وحسب بن يشاي، فإن “اغتيال هنية بحد ذاته لا يتوقع أن يؤثر بشكل كبير على حماس هامة وعلى السنوار خاصة. لكن اغتياله وجه ضربة معنوية شديدة لسكان غزة والفلسطينيين عموما، وكذلك هو اغتيال شكر، الذي شكل ضربة معنوية لقيادة حزب الله وربما لنصر الله نفسه، لكن الضرر الأساسي للحزب هو الإثبات أن إسرائيل بإمكانها استهداف بيروت بدقة”.

وفيما يتعلق بالوضع الدولي، أشار بن يشاي إلى أن “الأمر الأهم بالنسبة لإسرائيل هو كيف ستتصرف الولايات المتحدة الآن. فكلا الاغتيالين كانا رهانا محسوبا، وينبغي أن نأمل ونصلي الآن أن ينتهي الأمر بالنتيجة التي تتمناها إسرائيل. وفي هذه الأثناء، يتعين على مواطني إسرائيل الاستعداد جيدا لرشقات الصواريخ التي ستطلق، وأن يأملوا بأن أعداءنا سيرتدعون وأصدقائنا سيقفون إلى جانبنا”.