الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكنب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

يديعوت أحرونوت 6/8/2024

يـعـارضون نتـنياهو ويـزودونه بالـوقود

بقلم: عيناب شيف

مثل كل شيء يكرر نفسه دون أي تطور، فإن شكاوى قادة جهاز الأمن ضد رئيس الوزراء بالنسبة لاتفاق إعادة المخطوفين والمخطوفات هو الآخر أصبح طقوساً فارغة من المضمون: فهم يجرون الإحاطات، في وسائل الإعلام ينشرون، العائلات تصدم، الجمهور الغفير يبقى خارج الاحتجاج وبالتالي نتنياهو أيضاً لا يجتهد حقاً للنفي.

من التوبيخات التي وجهها لوزير الدفاع (الذي يعتزم على ما يبدو ركله)، لرئيس الشاباك ورئيس الأركان (اللذين لهما أيضاً توجد مخططات) ولرئيس الموساد (كي لا يشعر بارتياح زائد) يخيل أن نتنياهو فخور حتى بموقفه المتحفز.

وباعتبار ما نعرفه عنه، فليس بلا أساس الافتراض أنه يؤمن تماماً بأن القدر وضعه في موضع وينستون تشرتشل بينما يوآف غالانت، رونين بار، هرتسي هليفي، دادي برنياع وكل الباقين يريدون أن يدخلوا في مفاوضات مع النازيين.

كل هذا يجعل فقط تصفية إسماعيل هنية في قلب طهران لحظة تأسيسية. إذ إنه يسحب الأرضية الأخلاقية من تحت أقدام المنظومة التي تزعم أنها تدفع بكل القوة لوقف النار.

لكن بالتوازي خططت ونفذت (حسب منشورات أجنبية)، عملية منفعتها الوحيدة حالياً هي حمل إسرائيل إلى شفا حرب إقليمية، الجيش فيها مستنزف، تعب، جريح ومعوز مطالب بأن ينتصر.

وهذا حتى قبل الحديث عن إدخال دولة كاملة إلى فزع مطلق فيما أنه لا تتحدث أي جهة رسمية مع الجمهور كأناس راشدين حياتهم في خطر.

في واقع الأمر هذا يمكن أن نفهمه: فالناس الراشدون لا يفترض بهم أن يسمحوا بواقع كهذا على مدى نحو سنة، لكن إسرائيل كما هو معروف فخ 22 – مكان كل تطلع فيه إلى سواء العقل يشهد في واقع الأمر على فقدانه.

بينما محللو الأمن يحتسون بعطش تفاصيل مشعلة للخيال عن التصفية ويتجادلون أكاديمياً فيما إذا كانت تعيق المفاوضات للمدى القصير أو الطويل (المخطوفون والمخطوفات على أي حال يتابعون الموضوع) فإن الواضح هو أن المنظومة نفسها علقت في دوامة: من جهة تحاول أن تقنع أن نتنياهو هو العائق أمام الاتفاق ومن جهة أخرى لا تضرب الأرجل أمام خطوات تدفع حتى رئيس الولايات المتحدة لان يتساءل ما القصة.

من جهة يكررون قصيدة “نتنياهو لا يريد صفقة” ومن جهة أخرى واضح تماماً أنهم شركاء في لعبة “تعليم الاكسات” انطلاقاً مما يبدو كفهم شبه صبياني لـ “ترميم الردع” الذي يبعث على الاشتباه بأنه ترميم للأنا أكثر من أي شيء آخر.

لشدة الأسف – لكن ليس لشدة المفاجأة – وسائل الإعلام تتبنى في معظمها هذا النهج، سواء بإعجاب أمني، شعبوية وطنية أم هذا وتلك.

عندما نرى الأهالي المفزوعين يحاولون أن يشرحوا لأطفالهم لماذا تعطل صيفهم أكثر (ومن المهم الإيضاح: حرب إقليمية معناها أيضاً آثار قاسية)، نفهم كم هي المؤسسة الأمنية ليس فقط يعوزها تفكير استراتيجي بل إنها تسير على الخط تماماً مع نتنياهو ومعظم الكابينيت وحكومته في تجاهل لـ “الحياة نفسها”.

لا عجب، إذاً، في أنه لم يعد هناك حقاً من يشتري بضاعة “نتنياهو لا يريد صفقة”: أولئك الذين صفوا هنية قد يكونون أعفونا من مخرب عظيم آخر، لكنهم أعطوا نتنياهو ذريعة ممتازة لمواصلة السياسة الكدية التي يزعمون أنهم يعارضونها وعلى الطريق إهانتهم في أنهم “منبطحون”. الحقيقة؟ لعله ليس مخطئاً جداً.

——————————————–

يديعوت احرونوت 6/8/2024

كبار في إسرائيل: إمكانية الهجوم الاستباقي على الطاولة

بقلم: ايتمار آيخنر وآخرين

منذ نحو أسبوع ودولة إسرائيل في حالة تأهب قصوى للرد المرتقب من ايران وحزب الله على تصفية نائب نصرالله في لبنان وتصفية إسماعيل هنية المنسوبة لإسرائيل. في القدس أكدوا أمس التقرير عما قاله وزير الخارجية الأمريكي انطوني بلينكن في حديثه مع وزراء خارجية الدول السبعة الكبار عن هجوم إيراني قد يبدأ في غضون 24 – 48 ساعة، أي الامس او اليوم. ومع ذلك، يشددون في إسرائيل على انه لا يمكن توقع الموعد الدقيق. فقد قال مسؤول إسرائيل كبير انه “احد لا يمكنه أن يتوقع بيقين. فلا يوجد مؤشر متى سيهاجمون. والتقدير هو انهم سيهاجمون”.

هذا وأنهت إسرائيل استعداداتها في جوانب الدفاع والهجوم. فقد عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مشاورات امنية في الموضوع انتهت بعد منتصف الليل بين الاحد والاثنين. وامس لم يجرَ تقويم آخر للوضع. الاستعداد هو لهجوم فوري يمكنه أن ينطلق في كل لحظة. وأجرى وزير الدفاع يوآف غالنت امس تقويما للوضع مع مسؤولي سلاح الجو وأمر “بالاستعداد لكل الإمكانيات – بما في ذلك الانتقال السريع الى الهجوم”.

بعد أن وزعت محافل الامن في الأيام الأخيرة هواتف أقمار صناعية على الوزراء في الكابنت اتسع التوزيع الى مستشارين كبار. والمعنى هو أن إسرائيل تستعد لسيناريوهات ظلام وتشويشات في الشبكة الخلوية. لكن لم تصدر للوزراء تعليمات خاصة. كما ان الكابنت السياسي الأمني لم يدعَ الى الانعقاد.

في إسرائيل يولون أهمية عالية للمساعدة الامريكية في بلورة الائتلاف الذي سيعمل على اعتراض الهجوم. فقد وصل قائد المنطقة الوسطى الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا الى إسرائيل والتقى برئيس الأركان وبوزير الدفاع. هذه زيارته التاسعة الى البلاد منذ بداية الحرب، فيما كانت آخر زيارة قبل أسبوعين فقط.

ويفهم الامريكيون انه بقدر ما يحبط الهجوم فان احتمال نشوء حرب إقليمية يكون ادنى. فهم لا يريدون ان يروا تصعيدا إضافيا، وينقلون رسائل لحلفائهم وللايرانيين على حد سواء للجم هجومهم. عملية الاعتراض ستتم من غرفة عمليات الجيش الأمريكي في قطر المسؤولة عن معظم الاعتراضات التي تمت في هجوم 13 نيسان.

واجرى غالنت محادثات مع وزراء دفاع من دول الغرب لتوسيع التنسيق وضمان التعاون في الاخطار وفي الاعتراض. معقول الافتراض بان من خلف الكواليس عقدت أيضا اتصالات مع دول عربية معتدلة.

وقال مسؤول امريكي ان “لإسرائيل الظهر الأمريكي. نحن نأمل أن يكون هذا الهجوم محدودا والا يؤدي الى حرب شاملة وحرب إقليمية”. ويقول مسؤولون في القدس ان إسرائيل غير معنية بحرب إقليمية لكنها جاهزة سواء في الدفاع ام في الهجوم. كما قال المسؤولون ان خيار الهجوم الاستباقي على الطاولة، اذا كان يقين بانه من مكان معين يوشك على انطلاق هجوم نحو إسرائيل.

——————————————–

هآرتس 6/8/2024

الأردن في امتحان “الورقة الثانية” والسعودية في الأرجوحة وأردوغان بين تهديداته والوساطة

بقلم: تسفي برئيل

لا مناص من ترقب متأهب لهجوم إيراني، ولكن حتى الآن لم يجعل حكومة إسرائيل وجهاز الأمن يعدان الجمهور لهذا الهجوم. البيانات، التي تشبه بياناً مسجلاً تنشره قيادة الجبهة الداخلية والذي بحسبه “لا تغيير في تعليمات الاستعداد”، لا تهدأ، وبالتأكيد لن تمنع المس بالمدنيين والمباني العامة والبنى التحتية.

يبدو أن المدنيين ومنظمات المتطوعين، كما الحرب في غزة، سيضطرون للعثور على حلول مستقلة لحماية أنفسهم. ستتهمهم الحكومة بالتأكيد بأنهم لم يتخذوا الوسائل المناسبة إزاء التهديد.

في الوقت نفسه، ليس من نافل القول التساؤل إذا ما كان يمكن تجنب المواجهة مع إيران لو دفعت الحكومة قدماً بعقد صفقة التبادل، واتخذت الخطوات المطلوبة لاستكمال عملية التطبيع مع السعودية ومعها حلف الدفاع بين أمريكا والسعودية الذي كانت إسرائيل جزءاً لا يتجزأ منه.

في المواجهة السابقة في نيسان الماضي، عندما أطلقت إيران آلاف الصواريخ والمسيرات، ظهرت الأهمية الاستراتيجية لمثل هذا الحلف. ودول المنطقة، مثل الأردن والإمارات والسعودية، تجندت بناء على طلب أمريكي، ووفرت معلومات استخبارية حاسمة، ومنحت إسرائيل والولايات المتحدة الحق في استخدام مجالها الجوي لاعتراض الصواريخ والمسيرات أثناء تحليقها.

يمكن التقدير بأنه لو تم التوقيع على مثل هذا الحلف الدفاعي رسمياً، لوقف تهديد إيران الحالي أمام تحد أكبر بكثير، لأن السعودية، ودولاً أخرى ربما، كانت ستسمح للجيش الأمريكي باستخدام أراضيها كقاعدة إطلاق للهجمات ضد إيران. ولكن هذا الحلف متجمد سياسياً، والهجوم المتوقع على إسرائيل لا يهددها وحدها، بل يهدد أيضاً دول المنطقة التي تعتمد على قدرة الردع والاستعداد للرد من قبل الولايات المتحدة.

هل ستوافق هذه الدول على التجند مرة أخرى للمساعدة على منع وإفشال هجوم إيران؟ الأردن يخشى من أن تصبح أراضيه وسماؤه ساحة حرب سيضطر فيها للمشاركة مرة أخرى. بعد الهجوم في نيسان، أظهر الأردن استعداده للتعاون مع أمريكا والسماح لفرنسا بوضع منظومات رادارات في أراضيه، لأن الصواريخ الإيرانية اخترقت أجواءه ومست بسيادته.

إن مشاركة الأردن في اعتراض الصواريخ والمسيرات الإيرانية اعتبر عملية دفاع عن النفس. ولكن الأردن أوضح أيضاً بشكل حازم بأنه سيفعل ذلك مع كل من يحاول المس بسيادته في المستقبل، أي أنه سيعمل أيضاً ضد إسرائيل أو أي طائرات لدول أخرى.

قبل يومين أرسل الملك عبد الله وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في مهمة مستعجلة في اللحظة الأخيرة إلى طهران، ليطلب من قيادة إيران بأن لا تضع الأردن في امتحان مشابه. الصفدي الذي ندد باغتيال إسماعيل هنية وبشدة، ووصفه بأنه “جريمة فظيعة وخطوة تصعيد تشكل خرقاً للقانون الدولي ومساً بسيادة دولة”، عاد من طهران خالي الوفاض.

يبدو أن الأردن لن يجلس مكتوف الأيدي إذا اخترقت صواريخ إيران سماءه وتوجهت نحو إسرائيل. اعتماد الأردن على الولايات المتحدة جعله جزءاً لا يتجزأ من “حلقة النار” الإقليمية التي أقامتها واشنطن لصالح إسرائيل. ولكن هناك عدة مستويات للتعاون، بالتأكيد الاستعداد لمنع الهجوم، ولا سيما عندما يطلب من الملك أن يشرح لشعبه سبب الدفاع عن إسرائيل للمرة الثانية.

السعودية في الحقيقة ليست هدفاً مباشراً، وقد تساهم بنصيبها الاستخباري (الذي تأخر في المرة السابقة) في تشخيص إشارات مبكرة لهجوم إيران. يبدو أن السعودية تشعر بأنها محمية بسبب علاقاتها الغضة مع إيران، التي تم استئنافها في آذار 2023 بوساطة الصين، وبالأساس لأن إيران تعتبر العلاقات مع السعودية عنصراً رئيسياً في سياستها الخارجية الإقليمية. ولكن إذا أصبح هجوم إيران متعدد الساحات، وشاركت فيه امتداداتها في العراق واليمن ولبنان، فإن تعاون السعودية مع الولايات المتحدة قد يجعلها هدفاً لهجمات الحوثيين. زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، هدد قبل بضعة أسابيع بأنه لن يتردد في ضرب السعودية إذا استمرت في ضرب اقتصاد الدولة الحوثية من خلال تجميد نشاطات البنوك في صنعاء. للحوثيين مصالح وقواعد سلوك وحسابات مستقلة، غير ملزمة بالضرورة بإملاءات إيران. ولا ضمان لاستثناء السعودية من المواجهة إذا قرر الحوثيون بأنها جزء من “محور الشر” الأمريكي.

خلافاً لإسرائيل التي تلقت تعهداً أمريكياً علنياً وفعلياً بمساعدتها إذا تمت مهاجمتها، فلا وجود لأي تعهد مشابه للسعودية. ما زالت الرياض تحفظ تصريح الرئيس ترامب بعد هجوم الحوثيين على منشآت النفط السعودية في 2019، الذي قال فيه “لم أتعهد للسعودية بالدفاع عنها. علينا الجلوس مع السعوديين وتخطيط شيء ما. كان هذا هجوماً على السعودية وليس علينا، ولكننا سنساعدها بالطبع “.

بعد ذلك، أوضح ترامب بأن مساعدة كهذه سيكون لها مقابل. السعودية مثل كل دول المنطقة والعالم، ملزمة بأن تعد نفسها لاحتمالية عودة ترامب. وفي ظل غياب حلف دفاع مع الولايات المتحدة، فعليها فحص التزام الولايات المتحدة بمساعدتها، إذا تحولت نتيجة تعاونها في إحباط هجوم إيران المخطط له ضد إسرائيل، إلى هدف بحد ذاته.

تركيا، التي هدد رئيسها قبل أسبوع تقريباً بغزو أراضي إسرائيل، تشارك هي الأخرى في جهود دبلوماسية تقوم بها الولايات المتحدة منذ اغتيال إسماعيل هنية، من أجل تقليص حجم رد إيران. “يجب أن نكون أقوياء جداً، بحيث لا تستطيع إسرائيل فعل هذه الأمور المضحكة في فلسطين. ومثلما دخلنا إلى نغورنو قره باغ ومثلما دخلنا إلى ليبيا، نستطيع فعل أمور مشابهة لهم”، صرح اردوغان.

هذا تصريح استدعى رداً مضحكاً من قبل يسرائيل كاتس وزير خارجية إسرائيل، واستدعى أيضاً رداً غاضباً من أذربيجان التي نقل سفيرها في أنقرة، رشاد ممدوف، لنائب وزير خارجية تركيا غضب بلاده من هذا التصريح، في حين أن موظفاً رفيعاً في وزارة دفاع أذربيجان قال للمراسلين بأنه “لا أساس للادعاء بأن جنود دول أخرى كانوا مشاركين في حرب أذربيجان على أراضيها وسيادتها”.

القوات التركية لم تعمل في نغورنو قره باغ أثناء الحرب في 2020، لكن تركيا في هذه الحرب ساعدت القوات الأذرية بالسلاح والذخيرة فقط، وبالأساس المسيرات التركية. أما في ليبيا فكان تدخل تركيا مباشراً ونشطاً. قادة ومدربون أتراك ساعدوا الحكومة المعترف بها على العمل ضد القوات الانفصالية بشكل مباشر. في موازاة ذلك، أرسلت تركيا إلى ليبيا متمردين سوريين عملوا في إطار المليشيات التي تدعمها تركيا. ربما ينوي اردوغان إرسال هؤلاء المتمردين كقوة مهمات تركية ضد إسرائيل.

لكن إضافة إلى تصريحات أردوغان المدحوضة، وإعلان يوم حداد وطني على موت إسماعيل هنية، وإنزال علم تركيا إلى نصف السارية فوق مبنى السفارة التركية في تل أبيب، ما زالت تركيا مستمرة في سياسة المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، وأوقفت منذ بداية الحرب التعاون بين إسرائيل والناتو. وتمنع أيضاً أي لقاءات أو نقاشات مشتركة بين ممثلين إسرائيليين وقيادة الناتو.

أمس، أعلن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي يزور مصر، بأن تركيا ستنضم رسمياً إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. ولكن مثلما حدث قبل الهجوم في نيسان، الذي حصلت فيه تركيا على معلومات مسبقة من إيران عن خطة الهجوم وحجمه، وطلبت منها واشنطن التأثير على طهران لتقليص حجم الهجوم، فهي تشارك هذه المرة أيضاً في الجهود الدبلوماسية إزاء إيران. حققت تركيا في الأسبوع الماضي إنجازاً دولياً مدهشاً، جعلها تحصل على ثناء واعتراف أمريكا بالجميل على دورها المهم في استكمال صفقة تبادل السجناء الكبرى بين أمريكا وروسيا، وهذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها تركيا القدرة على التوسط بنجاح في صفقات لتبادل السجناء أو الأسرى، أو في صفقات دولية مثل اتفاق الحبوب الذي بادرت إليه واستكملته مع روسيا وأوكرانيا. ولكن لا يقين أن بإمكانها إقناع إيران بتقييد حجم الهجوم رغم الأهمية التي تعطيها طهران لعلاقاتها مع تركيا ورغم المصالح الإقليمية المشتركة بين الدولتين.

تركيا التي ألقت مسؤولية الهجوم الإيراني في نيسان الماضي على إسرائيل، تعلن الآن حاجتها لمعاقبة إسرائيل على اغتيال هنية، لكنها أيضاً تفحص أماكن مكاسبها السياسية. يبدو أن الحرب الإقليمية الآن لا تخدم مصالحها، وهي ليست وحدها في ذلك. يبدو أن كل دول المنطقة لا تخطط فقط للاستعداد للهجوم العسكري، بل بالأساس ملامح الخارطة السياسية، التي يتوقع أن ترسمها المواجهة بين إسرائيل وإيران.

——————————————–

هآرتس 6/8/2024

“اشتم أمك وانشد هاتكفا”.. أسرى فلسطينيون يروون مشاهد من “جهنم”

بقلم: هاجر شيزاف

عشرات الشهادات التي جمعتها منظمة “بتسيلم” من الفلسطينيين الذين احتجزتهم إسرائيل في سجونها ومعتقلاتها منذ بداية الحرب، تصف واقع التعذيب والاعتداءات الجنسية والعنف والإهانة والتجويع والحرمان من العلاج. تحدثت “بتسيلم” أمس عن وجود سياسة ممنهجة أساسها التنكيل والتعذيب المتواصل للسجناء الفلسطينيين في السجون التي أصبحت “شبكة معسكرات، هدفها الأساسي هو التنكيل بالأشخاص المحتجزين فيها”، وفقاً لسياسة وزير الأمن الوطني بن غفير. وحسب المعطيات التي قدمتها مصلحة السجون لـ “موكيد” للدفاع عن الفرد، فإنه حتى 1 آب تم احتجاز 9881 فلسطينياً في السجون في إسرائيل، بينهم 3432 معتقلاً إدارياً بدون لوائح اتهام أو محاكمة، و1584 معتقلاً احتُجزوا بقوة قانون “المقاتلين غير القانونيين”، بدون تقديم لوائح اتهام ضدهم، مع منع التقائهم مع محام لفترة طويلة.

كجزء من التحقيق الذي سبق كتابة التقرير، جمعت “بتسيلم” شهادات 55 فلسطينياً تم احتجازهم في السجون والمعتقلات، من بينهم 30 من سكان الضفة وشرقي القدس و21 من قطاع غزة و4 من مواطني إسرائيل. حسب “بتسيلم”، تم إطلاق سراح معظمهم بدون تقديم للمحاكمة. ويحصي التقرير أيضاً 60 حالة وفاة لسجناء فلسطينيين منذ بداية الحرب، من بينهم 48 من سكان قطاع غزة، الذين ماتوا في منشآت الاعتقال التابعة للجيش، و12 ماتوا أثناء وجودهم تحت مسؤولية مصلحة السجون، وبعضهم ماتوا في ظروف تثير الشك بحدوث تنكيل وحرمان من العلاج بشكل متعمد.

شهادات كثيرة في التقرير تتطرق لوحدة “كيتر” (قوة التعزيز الأولية)، التابعة لمصلحة السجون، التي تعمل كقوة خاصة من أجل السيطرة على أعمال شغب السجناء. حسب الشهادات، رجال هذه الوحدة يرتدون الملابس السوداء وبدون بطاقات تعريف، وهم ملثمون. حسب “بتسيلم”، فإن “تراكم الشهادات يشير إلى المهمة الرئيسية لهذه الوحدة: التعذيب والتنكيل الجسدي والجنسي والنفسي للسجناء”.

إحدى الشهادات الصعبة في التقرير تناولت الاعتداء الجنسي لسجين في سجن “كتسيعوت” [سجن النقب] في تشرين الأول الماضي، بالاستناد لشهادة هذا السجين، ع.هـ (لم يذكر التقرير اسمه ومعلوماته الشخصية)، وهو أب لطفل من الخليل. رجال الوحدة أمروا ذات مساء سجناء آخرين في غرفته بالخروج من الغرفة بعد سكب المياه على الأرض لتنظيفها. “قاموا بتكبيل يدي كل سجين إلى الخلف، ثم تم جرهم إلى الممر بالقوة. سمعت من الغرفة أصوات بكاء وصراخ المعتقلين الذين أخذوهم قبلي وتم ضربهم”، كتب في شهادته. “عندما وصلت إلى غرفة الطعام، رأيت الأسرى من غرفتي، كانوا عراة تماماً وينزفون. رموهم الواحد فوق الآخر”.

حسب أقوال ع.هـ، فإن السجانين أجبروا السجناء على شتم أمهاتهم وشتم حماس ورئيسها في القطاع السنوار، وتقبيل علم إسرائيل وإنشاد نشيد “هتكفا”. بعد ذلك، قال إن “اثنين من السجانين قاما بخلع ملابسه، ثم رموه على السجناء الآخرين. أحضر أحدهما جزرة وحاول وضعها في شرجه. في الوقت الذي حاول وضع الجزرة، بدأ بعض السجانين تصويري بهواتفهم. صرخت بسبب الألم والرعب. استمر هذا ثلاث دقائق تقريباً”.

التقرير الذي عنوانه “أهلاً وسهلاً بالقادمين إلى جهنم” تضمن شهادات أخرى تصف اعتداءات جنسية، من بينها الضرب على الأعضاء الجنسية للسجناء واستخدام العصي وأدوات معدنية تسبب الألم في الأعضاء التناسلية، وتصوير السجناء وهم عراة، وتفتيش أجسادهم وهم في هذه الحالة.

سامي خليلي (41 سنة) من نابلس، الذي تم احتجازه في سجن “كتسيعوت” [النقب] وصف في التقرير حالة من الحالات: “نقلونا إلى غرفة وخلعوا ملابسنا، وأجروا تفتيشاً بجهاز يدوي للكشف عن المعادن، وأجبرونا على فتح أرجلنا، بعد ذلك بدأوا بضربنا بالجهاز على الأعضاء التناسلية. ضرب بلا توقف، ثم أمرونا بأداء التحية للعلم الإسرائيلي الذي كان معلقاً على الحائط”.

أما ثائر حلاحلة، وهو سجين آخر من سكان قرية خاراس (45 سنة)، فشهد بأن “السجانين حرضوا الكلاب على السجناء أثناء طريقهم إلى الحافلة. كل شخص في الوحدة أمسك بسجين، وسجان آخر كان يمسك بكلب وسمح له بمهاجمتنا. كانت في رقبة الكلب سلسلة معدنية، أطلقه السجان، ثم جره إليه. كان مخيفاً جداً. في كل مرة حاولت فيها الابتعاد عن الكلب يبدأ السجان بضربي على قدمي بقوة”.

إما بتر القدم أو الموت

من شهادات التقرير تتكرر شكوى رئيسية، وهي الحرمان من تقديم العلاج للسجناء من قبل السجانين أو الطاقم الطبي في السجن. ثمة شهادة قاسية من أحد سكان غزة، هو سفيان أبو صلاح (43 سنة) وأب لأربعة أولاد، كان معتقلاً في منشأة “سديه تيمان”. لقد وصف حال قدمه التي تضررت من عنف الجنود، ثم تم بترها بسبب عدم تقديم العلاج.

أبو صلاح اعتقل في القطاع ثم نقل في البداية إلى منشأة اعتقال ارتجالية. “لقد أجبرونا على الانحناء في حركة سجود على الأرض حتى المساء. بعد ذلك أخذونا إلى منشأة تحقيق. أثناء التحقيق، ضربونا بالعصي وركلونا، لا سيما على الظهر والرقبة، كنا هناك 80 شخصاً تقريبا، أبقونا حتى الساعة 12 ليلاً بنفس الوضعية ونحن عراة. كان الطقس شديد البرودة. ثم أركبونا في شاحنة، كنا نحو 80 شخصاً. كان محظوراً علينا التحدث أو الحركة. حسب قوله، شعر بأن قدمه اليسرى أصيبت. ثم كبلوه ونقلوه إلى مركز تحقيق في إسرائيل.

في اليوم الأول، تم تكبيل أيدينا وأرجلنا طوال اليوم. في الليل نمت ساعتين فقط”، قال أبو صلاح. بعد يومين، شعر بألم في قدمه وانتفاخ، وطلب من السجان أن يأتي أحد لفحصه. جاءت مجندة وصورت قدمي مرتين كي يراها طبيب. ولكنها لم تحضر لي أي رد. عانيت من الألم أسبوعاً وكانت حرارتي مرتفعة. حسب قوله، تم نقله بعد ذلك إلى مستشفى في “سديه تيمان”، وهناك انتظر الطبيب ساعتين وهو ملقى على الأرض ومكبل، وبعد ذلك فقد الوعي. عندما استيقظ، قيل له بأنه تم إجراء عملية له. لم يعرف من المتحدث ولم يتم تقديم تفاصيل له عن العلاج. كانت عيناه معصوبتين.

بعد ذلك، تم نقل أبو صلاح إلى المستشفى، وهناك قال له الطبيب بأنه يجب بتر قدمه وإلا سيموت. “كان هذا القرار الأكثر قسوة في حياتي، تقرير بتر قدمي. كنت في حالة قلق، لا سيما أنني وحدي ولا أحد من العائلة يمكنني التشاور معه”، قال. وقال إنه أدخل إلى العملية وعيناه معصوبتان. وبعد العملية أعيد إلى “سديه تيمان”، وهناك تم احتجازه في المستشفى خمسة أيام، تم فيها تغيير الضمادة مرة واحدة. في النهاية، في نيسان، تم إطلاق سراحه وعاد إلى القطاع.

إذا اشتكيت للقاضي فستدفع الثمن

معظم الشهود قالوا إنهم لم يلتقوا مع محام طوال فترة الاعتقال. تحدث بعضهم عن استخدام العنف ضدهم أثناء الذهاب إلى المحكمة، التي عقدت بشكل افتراضي. وتحدثوا عن تهديدات من السجانين بأن لا يشتكوا في الجلسة عن العنف الذي استخدم ضدهم وعن ظروف اعتقالهم. “نقلونا إلى غرفة شاهدنا فيها الجلسة عبر “زوم”، قال فراس حسان (50 سنة) من قرية هندازة في الضفة، الذي كان معتقلاً في سجن عوفر. “في الطريق، قام رجال وحدة كيتر بضربنا بصورة شديدة، لكمات على الصدر. كان في الغرفة سجان يتحدث اللغة العربية، وسمع كل المحادثة بيني وبين القاضي والمحامي. وقد هددنني بأنه إذا اشتكيت، فسأدفع ثمن ذلك. قال لي المحامي قبل الجلسة بأن القضاة يعرفون كل ما يحدث في السجن وأنه لا فائدة من التحدث عن ذلك. ومع ذلك، سألني في الجلسة: هل تعرضتم لعنف في السجن؟ لم أتجرأ على الإجابة لأنني خشيت من أن ينتقم السجانون مني ويضربونني بشكل وحشي. في كل مرة أخذوني إلى الغرفة التي شاركنا فيها في النقاشات القانونية عبر “زوم”، مررت بنفس مسار التعذيب والضرب والإهانة”.

قدم السجناء المحررون شهادات أيضاً عن الحرمان من النوم بطرق مختلفة، منها ترك الضوء مشتعلاً ليلاً، أو اسماع موسيقى صاخبة. آخرون تحدثوا عن عدم النظافة في أعقاب مصادرة أدوات الغسيل ومواد التنظيف وقطع المياه وتقييد الذهاب إلى الحمام. “شعرنا أن أجسادنا تعفنت من كثرة القذارة. لا نظافة، لا صابون أو شامبو أو فرشاة شعر أو مقص أظافر. بعد شهر ونصف، حصلنا على الشامبو للمرة الأولى”، قال محمد سرور، وهو من سكان نعلين قرب رام الله عمره 34 وأب لولدين، وكان معتقلاً في سجن نفحة.

شاهد آخر من شرقي القدس، لم يذكر اسمه في التقرير، قال إن المياه الجارية عملت لساعة في اليوم. لذلك، كان يمكن استخدام الحمام في تلك الساعة. أحياناً، لم يتمكن الأشخاص من التحمل، وكان هذا مقرفاً وتسبب برائحة كريهة وظروف نظافة صعبة”.

رداً على ذلك، جاءنا من مصلحة السجون بأن “مصلحة السجون جزء من جهاز الأمن وإنفاذ القانون التابع لدولة إسرائيل، وهي تعمل وفقاً للقانون وتحت رقابة دائمة لمراقب الدولة ومراقبين رسميين كثيرين آخرين. جميع السجناء يتم احتجازهم حسب القانون، وجميع حقوقهم الأساسية تعطى بالكامل من قبل الجنود في السجن ومن قبل قادة مهنيين ومدربين”.

وجاء أيضاً أن الادعاءات المقتبسة لم تطرح بشكل رسمي أمام مصلحة السجون. وحسب معرفتنا، هي ليست مختلقة. إضافة إلى ذلك، هناك حق لكل سجين ومعتقل في تقديم شكوى رسمية من خلال الطرق السائدة، وسيتم فحص ادعاءاته من قبل المسؤول عن ذلك. نذكر بأنه منذ اندلاع الحرب، بتوجيه من وزير الأمن الوطني بن غفير، تم تشديد ظروف السجناء الأمنيين. وحسب سياسة الوزير، فقد تم وقف تحسين ظروفهم التي حصل عليها المخربون في السابق. ونؤكد أنه يجب التوجه إلى الجهات ذات العلاقة في كل ما يتعلق بالإجراءات القانونية وما يحدث في منشآت الاعتقال العسكرية.

——————————————–

هآرتس 6/8/2024

مفجراً عاصفة داخلية.. العميد حيرام للإسرائيليين: استمتعتم بفجوركم فتجرأوا علينا في 7 أكتوبر

بقلم: عاموس هرئيل

في انتظار الهجوم، تقضي وسائل الإعلام في إسرائيل وقتها منشغلة بعاصفة أخرى، يقف في مركزها (مرة أخرى) العميد براك حيرام. قبل بضعة أسابيع، أفاد الجيش الإسرائيلي بعدم وقوع أي خطأ في سلوك حيرام يوم المذبحة، في قضية محاصرة المخربين الذين تحصنوا مع رهائن في منزل باسي في كيبوتس “بئيري”. حيرام نفسه بذل جهداً كبيراً لتسوية الأمور مع سكان الغلاف قبل توليه منصب قائد فرقة غزة. ولكن أمس، في الاحتفال الذي عقد بمناسبة إنهاء ولايته كقائد للفرقة 99، التي قادها في القطاع أثناء الحرب، أثار عاصفة جديدة.

في الخطاب الذي ظهر وكأنه أخذ من صفحة رسائل الحاخامات والنشطاء المتدينين القوميين، انتقد حيرام (الذي لا يعتمر القبعة) المجتمع الإسرائيلي وربط بين مذبحة 7 تشرين الأول و”ثقافة إسرائيل”، التي وصفها بأنها “تخضع للحظة”، وأنها تنشغل بـ “الاستمتاع والفجور”. وقال: “الأعداء لاحظوا ذلك، واعتقدوا أنه الوقت المناسب لتدميرنا”. أما استيقاظنا في الحرب فقد تحقق بفضل اكتشاف “القيم والمعتقدات القديمة التي توحدنا”.

حيرام ليس قائد الفرقة الأول الذي يثير عاصفة جماهيرية بأقواله أثناء الحرب؛ فقد سبقه العميد دان غولدفوس، الذي طلب من السياسيين أن يكونوا جديرين بتضحية المقاتلين في القطاع. ولكن غولدفوس وجه أقواله للمستوى السياسي، في حين ظهر حيرام وكأنه يوجه الانتقاد لقطاع كامل. في توقيت لا توقيت أكثر حساسية منه بالنسبة له، اختار حيرام إغضاب اجزاء واسعة في الجمهور، من بينهم سكان الغلاف الذين ينوي في القريب الدفاع عنهم، وعدد من جنود الاحتياط الذين قاتلوا تحت قيادته في الفرقة السابقة. ومثلما صاغ أقواله في الخطاب، فقد عبر عن موقف سطحي، بسيط، بدون أي اعتبار للاختلاف الشديد لدى المجتمع الإسرائيلي. لم يكن هذا بالصدفة، ولا يقتصر على حيرام. بتشجيع سياسي كبير من اليمين، فإن القادة الذين قاتلوا في القطاع يسمحون لأنفسهم بتوزيع العلامات على الجمهور، وأحياناً على قادتهم، الجنرالات في هيئة الأركان.

في ظل الصدمة التي أحدثتها حماس في 7 تشرين الأول، حدثت محاولة متعمدة للتفريق بين مستوى القيادة المقاتلة، الهجومية، وبين المستوى من فوقها، التي تقع عليها مسؤولية الفشل والمذبحة. عملياً، كان يشارك في التصورات المختلفة رؤساء أركان، وجنرالات، وقادة فرق وألوية وأصحاب مواقف سياسية مختلفة، من بينهم من يرتدون القبعة المنسوجة ومنهم لا. ليس للجيش أي سلطة أخلاقية للوم المجتمع الإسرائيلي، خصوصاً عند الأخذ في الحسبان أداءه في المذبحة وخلالها. مثل ضباط آخرين قبله، كان من الأفضل أن يكون حيرام، الذي قاتل ببطولة في الحرب، أكثر تمحيصاً في اختيار كلماته. هو يصعب على نفسه وعلى الجيش الإسرائيلي عشية تسلمه للمنصب الذي أصبحت فيه ثقة الجمهور حاسمة. هذه أقوال تثير الغضب وزائدة.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 6/8/2024

“تبييض ملفه قضائياً مقابل المخطوفين”.. هل يقبل نتنياهو الصفقة؟

بقلم: سيفر بلوتسكر

متى يعرف السياسي أنه فقد ثقة الجمهور؟ عندما يستقبل الرأي العام كل قراراته، حتى تلك القرارات المتناقضة، بأنها تخدم مصالحه الشخصية. مثال حي يوفره رئيس حكومتنا، حكومة لا يثق بها 80 في المئة من مواطني الدولة. قبل بضعة أشهر، أقرت تصفية رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية. غير أن شريحة واسعة من الرأي العام لا ترى فيها أهدافاً أخرى غير إبعاد صفقة المخطوفين، وإبعاد إنهاء الحرب، والحفاظ على الائتلاف.

لنفترض أن بيبي كان سيرفض اقتراحاً لجهاز الأمن، بتفعيل العبوة الناسفة ضد هنية، وتسرب أمر الرفض لوسائل الإعلام، فإن المحافل إياها التي تنتقده بسبب التصفية ستنتقده بسبب عدم التصفية. من خلال استخدام الفيتو على العملية قالوا إن تعمد عدم تصفية أحد المعارضين البارزين للصفقة، هو للتملص من إنهاء الحرب ولمواصلة تدفئة الكرسي. مرة أخرى، تفضيل للمصالح الشخصية.

في ظروف خطيرة بهذا القدر، حين تكون أزمة مصداقية الحكومة ورئيس الوزراء أعمق من أي وقت مضى، ما الذي يمكن عمله للدفع قدماً بصفقة مخطوفين معقولة ومنع هجوم متعدد الساحات على إسرائيل؟ هيا نقبل بأن نتنياهو يمنع صفقة مخطوفين بما تنطوي عليها من معنى خوفاً من تفكك حكومته، فلماذا سيقلقه تفكك حكومته؟ في العقد المنصرم، هو نفسه فكك أربع حكومات. جواب منتقديه: يخشى من فقدان مكانة رئيس وزراء بالذات عندما تقترب المحاكمة ضده من مرحلة المرافعات الأخيرة. رئيس وزراء في أيام حرب لن يكون مستحقاً لتسهيلات رسمية عديدة فحسب، بل كفيل أيضاً بأن يستخدم مكانته لتأجيل لا نهائي لقرار المحكمة. هذا جذر سلوكه، كما يشرح معارضوه، في الأشهر الأخيرة.

وعليه، فالمخرج من المتاهة قد يكون على شكل خطوة شاذة وسريعة: صفقة قضائية مقابل صفقة مخطوفين. النائب العام للدولة بمباركة المستشارة القانونية، يعرض على بيبي صفقة الأحلام القضائية -بدون اعتراف بالتهمة وبدون عار– شريطة أن يعتزل الحياة السياسية لفترة زمنية من بضع سنوات ابتداء من العام 2025. تنتهي المحاكمة على الفور ويزال تهديد الحكم الذي يحوم على رأسه. صفقة قضائية كهذه ستحفز نتنياهو على إقرار الصفقة لتحرير المخطوفين مثلما اقترح هو والرئيس بايدن ومحافل أمن رفيعة للغاية. سيعود ليكون نتنياهو قبل عقد متحرراً من رعب السجن. سينهض ويعلن بأنه أزال معارضته للصفقة وينتظر تنفيذها على الأرض. وإذا كانت الكتل المتطرفة – المسيحانية تريد ترك حكومته، فلتترك. لن يكون تهديدها ساري المفعول بعد ذلك.

——————————————–

معاريف 6/8/2024

استخبارات إسرائيل وهي تنتظر سقوط حجر النرد: كيف وأين وبأي حجم؟

بقلم: آفي أشكنازي

الجيش الإسرائيلي الآن في معركة دفاع حيال إيران وحزب الله في لبنان. معركة الدفاع الأفضل هي الهجوم. الجيش الإسرائيلي نفذ بضعة أعمال في الأيام الأخيرة: استعداد لاعتراض أي هجوم، واستعداد للرد وجباية ثمن على كل هجوم سيأتي. تحاول إسرائيل خلق صورة استخبارية: كيف سيهاجمون، من أين وبأي شكل.

لا نهاية للسيناريوهات: توغل قوات الرضوان من لبنان أو سوريا إلى إسرائيل على الأقدام، أم محاولة تنفيذ عملية في فنادق إيلات من الحدود الجنوبية، أم إطلاق صواريخ من لبنان على أهداف إسرائيلية (من طوافات الغاز وحتى مصافي البترول ومحطات توليد الطاقة أو مصانع تحلية المياه، وحتى إطلاق الصواريخ إلى منشآت الجيش الإسرائيلي و/أو مناطق سكانية ومناطق سياحية (مرة أخرى إيلات أو تل أبيب).

معركة الانتظار تخدم المهاجم. فالجمهور الإسرائيلي في حالة ضغط، قائمة انتظار طويلة، لم تتبق للجمهور أظافر لقصها. هجوم يذكر كبار السن بأيام الانتظار في العام 1967، الفترة ما قبل حرب الأيام الستة.

يبث الجيش الإسرائيلي قوة وتصميماً في الأيام الأخيرة، وقيادة المنطقة الشمالية تخوض معركة دفاع هجومية. أي يواصلون ضرب مخربي حزب الله، وأمس صفوا ثلاثة، أحدهم في مكانة قيادية متوسطة. اللواء اوري غوردن ينتظر من المستوى السياسي تحرير القيود للخروج إلى معركة الهجوم. الخطط جاهزة، قوات تعرف المهام، سكان الشمال نسوا كيف يبدو ويشعر الشمال الذي تركوه قبل عشرة أشهر.

للإيرانيين صبر، الكثير من الصبر. يخلقون ضباط معركة، يلقون بأقوال كفاحية. يديرون معركة بلا سلاح. معركة نفسية ضد إسرائيل. إجمالاً، نجحوا بشكل لا بأس به في هذه المعركة.

إذا تواصلت هذه المعركة بهذا الشكل لبضعة أيام أخرى، فلن تحتمل مركزية القيادة عبء القلوب الضعيفة لدى الجمهور الإسرائيلي. الموضوع أن لبنان وطهران لا تعرفان قراءة القوة الإسرائيلية.

سلاح الجو، وذراع البحرية، ومنظومات مشاة الجيش الإسرائيلي، مصممون على الرد بقوة. في هذه الحالة، ثمة غطاء كامل لأقوال رئيس الوزراء نتنياهو، ووزير الدفاع غالنت، رئيس الأركان هليفي ومسؤولين كبار آخرين.

من يشكك في ذلك، فليفحص ما يحصل في قطاع غزة.

——————————————–

هآرتس 6/8/2024

كوريلا في تل أبيب وشويغو في طهران و”اللعبة تتعاظم”.. والأخطر في لبنان

بقلم: عاموس هرئيل

قبل تصعيد متوقع في الشرق الأوسط يرقص الطرفان رقصة معقدة من التلميحات والتهديدات. أمس، وصل الجنرال مايكل كوريلا قائد قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، إلى إسرائيل لتنسيق الاستعدادات الدفاعية لصد الهجوم المخطط له. أما رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، سيرجيه شويغو، فقد زار طهران؛ فالدول العظمى باتت جزءاً من اللعبة.

حسب جهات إيرانية رفيعة وفي مقالات لوسائل الإعلام هناك، يبدو أن النظام يحاول بلورة طريقة الرد. فمن جهة، طهران ملزمة بالرد على ما اعتبرته إهانة (اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في الوقت الذي كان فيه ضيفاً على حرس الثورة بمناسبة تنصيب الرئيس الجديد). ومن جهة أخرى، إيران ولا سيما الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، يبدو أنه غير معني بحرب إقليمية. من المؤكد أن إيران سترد، لكن لا تأكيد على أن الضربة ستكون أشد من هجوم الصواريخ والمسيرات في نيسان الماضي.

لكن سلوك حزب الله هو ما يثير القلق. هذه المنظمة يبدو أنها مصممة على الانتقام لدماء من تصفه إسرائيل رئيساً لأركان المنظمة. الهجوم من لبنان قد يوجه لأهداف عسكرية واستراتيجية في شمال البلاد وفي المركز، وسيشمل إطلاق نار كثيفاً بحجم لم تشهده إسرائيل. التهديد من لبنان أخطر من التهديد الإيراني، بسبب عدد الصواريخ التي يملكها حزب الله، ووجود عدد غير قليل من الصواريخ الدقيقة التي يحتفظ بها، والمسافة القصيرة نسبياً مع إسرائيل.

على هذه الخلفية، هناك استعداد عال في منظومة الدفاع الجوية وسلاح الجو، التي ستساعد في اعتراض المسيرات. وثمة استعداد دفاعي آخر يتعلق بحماية الشخصيات الكبيرة. إزاء ما تنسبه إسرائيل لإيران وحزب الله، فإنهما قد يعملان بنفس الصورة. ستضطر إسرائيل لفحص ردها وفقاً لقوة النيران وحجم الأضرار، من لبنان ومن إيران ومن ساحات أخرى مثل العراق واليمن. الخطر الرئيسي لاندلاع الحرب الإقليمية يتعلق بجولة لكمات تتفاقم، حيث يختار كل طرف تصعيد رده إلى حين اندلاع المواجهة الواسعة.

السخاء الأمريكي، باستمرار تسيير قطار جوي وبحري ووسائل قتالية وسلاح وصلت في الأسابيع الأولى للحرب، يلقي ضوءاً غير متعاطف على نكران الجميل الذي أظهرته قيادة إسرائيل. وليس بصدفة أن طلب الرئيس الأمريكي من نتنياهو التوقف عن “بيع الهراءات” له، في المحادثة الهاتفية الأخيرة.

يراهن نتنياهو، كما يبدو، على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني، وهو على قناعة بأنه سيتغلب على الضغوط التي تستخدمها أمريكا. يجب الاعتراف، لقد نجح في ذلك حتى الآن. رئيس الحكومة يؤخر تنفيذ صفقة التبادل منذ أشهر. لقد أطال الحرب رغم أنف الإدارة الأمريكية، ثم أرسل الجيش الإسرائيلي لاحتلال محور فيلادلفيا ومناطق في رفح. على المدى البعيد، يخاطر نتنياهو بحدوث أزمة خطيرة مع الديمقراطيين، بالتأكيد إذا فازت كامالا هاريس في الانتخابات. في مثل هذه الحالة، ربما يواجه توتراً على صيغة أزمة الضمانات في فترة بوش – شامير، في بداية التسعينيات.

استنتج بايدن بأن نتنياهو يؤخر عقد الصفقة بشكل متعمد، وأن ليست لديه أي رغبة في تنفيذها. يبدو أنه الاستنتاج ذاته لدى رؤساء جهاز الأمن في إسرائيل، الذين فعلياً فقدوا الأمل في التقدم في المفاوضات في القريب، خصوصاً على خلفية التصعيد أمام إيران وحزب الله.

في الفترة الأخيرة، ينتشر تقدير متفائل يقول إن الاغتيالات الأخيرة، بالذات في طهران وبيروت، ستسهل على نتنياهو التوصل إلى الصفقة من موقف قوة؛ ثمة شك كبير في ذلك. والمؤكد هو قلق رئيس الحكومة على بقائه السياسي في المقام الأول، لذلك رفض أي تقدم. أما رئيس حماس السنوار، فتضاءلت لديه الدافعية لعقد الصفقة، حيث إمكانية اندلاع حرب إقليمية باتت على كفة الميزان، التي ستجسد ما كان ينوي تحقيقه في مذبحة 7 تشرين الأول.

تهديدات إيران وحزب الله بإغلاق الحساب مع إسرائيل تثير التخوفات لدى الجمهور، وبعض وسائل الإعلام تتوسل للحكومة لإعطاء تعليمات للجيش الإسرائيلي بتنفيذ ضربة استباقية للجبهتين. وهناك سياسيون ينضمون لهذا الطلب، بما في ذلك المرشحون لمنصب وزير الدفاع، الذين يخططون لهجوم شامل في إيران. هذه التوقعات والخطط تعكس عدم خبرة مقلقا في وضع الجيش وقدرته. عملياً، هناك سبب للحذر الذي يتخذ الآن، والأمل في وجود إمكانية لإنهاء هذه الجولة بسيناريو أصغر من حيث أبعاده لمنع حرب شاملة. بدأ الجيش الإسرائيلي يتصل مع الجمهور حول طبيعة التوترات الجديدة والإجابة عن أسئلة حول استعداد الجبهة الداخلية. الحكومة ببساطة غائبة عن الصورة باستثناء تهديدات فارغة يسمعها رئيس الحكومة ووزير الدفاع. وسقف التوقعات من الحكومة هبط إلى الصفر تقريباً، وحتى الآن هذا واقع مدهش جداً بعد عشرة أشهر على الحرب، في وقت لم يعد معروفاً تسيير رحلات من إسرائيل وإليها في الفترة القريبة القادمة، ويضطر المواطنون لجمع المعلومات بأنفسهم.

——————————————–

إسرائيل اليوم 6/8/2024

قولوا الحقيقة للجمهور

بقلم: يوآف ليمور

لو كان في محيط أصحاب القرار ضابط استخبارات مدني يرتبط بمشاعر الجمهور، لكان يقول لهم: المناعة المدنية حرجة لمواجهة تحديات الأيام القادمة. اخرجوا للجمهور، تحدثوا معه، اعدوه.

لشدة الأسف، هذا لا يحصل. باستثناء الناطق العسكري دانييل هجاري، الذي تحدث أول امس، احد لا يقول كلمة – لا رئيس الوزراء، لا وزير الدفاع ولا رئيس الأركان أو لواء آخر – كلهم يكتفون بالتهديدات على الطرف الاخر (او الأطراف الأخرى). ولمثل هذه التهديدات يوجد أثر معاكس: فهي لا ترفع فقط سقف التوتر والخوف في الجمهور، وتؤثر فورا على المرافق والاقتصاد – في الانخفاضات في البورصة، في أسعار العملة الأجنبية، في الغاء الرحلات الجوية، في الانخفاض في الاستهلاك.

النهج السائد في المنظومة بقي كما هو – حين ما يكون لنعلنه فسنعلنه. هذا جيد للايام العادية، لكن هذا جيد اقل لايام الطواريء. وإسرائيل في الأيام الأخيرة توجد في طواريء عظمى من انتظار المجهور، هكذا على الأقل حسب الإحساس الجماهيري.

اذا كان هذا الإحساس محقا في رأي المستوى العالي، فعليه أنت يتحدث مع الجمهور وان يشرح. واذا لم يكن هذا الإحساس محقا برأيه، فعندها أيضا عليه أن يتحدث مع الجمهور ويشرح:

وينستون تشرتشل، الذي يحب بنيامين نتنياهو أن يرى نفسه في صورته الحديثة، تحدث للشعب البريطاني بالضبط في مثل هذه اللحظات. عندما بدا كل شيء حوله قاتما ومهددا، عندما تلبدت سحب الحرب من فوق، بالذات عندها برز في زعامته. خطاباته الأكثر تذكرا لم تكن خطابات إنجازات وحظوات، بل خطابات دم، عرق ودموع.

لقد فهم تشرتشل جيدا بان الزعامة لا تبنى في المواجهة مع القيادة المهنية – وهو عرف كيف يواجهها جيدا – بل بالمسؤولية وبالقدوة الشخصة. واساسا وضع بريطانيا قبله وقبل كل شيء آخر – حتى عندما في نهاية الامر اندفع لقاء ذلك بمنصبه، رغم أن بريطانيا انتصرت في الحرب.

في المساء المتفجر

الجمهور الإسرائيلي ملزم بان يثق في القيادة. والا انه سيصعب عليه السير وراءها في المسار المتفجر الذي نحن كفيلون بان نخطو فيه في الأيام القريبة القادمة، وربما في الفترة القريبة القادمة. بعض من القرارات ليست متعلقة بإسرائيل: طبيعة ونتائج هجوم حزب الله وايران ستقرر بقدر كبير استمرار الطريق.

اذا عرفت إسرائيل كيف تصد الهجوم أو تتعايش مع نتائجه، فيمكن لهذه الجولة ان تتلخص بتبادل الضربات. اذا كان الثمن الذي ستدفعه إسرائيل اعلى مما يمكنها ان تتعايش معه، يحتمل أن ننجر الى تصعيد في الشمال وربما حتى في المنطقة كلها.

هذا الهجوم سيكون منسقا بالتأكيد، لكن ليس مؤكدا ان ينفذ بالتوازي. حزب الله سيسعى لان يثأر بنفسه على تصفية رئيس اركانه، فؤاد شكر. فعلى أي حال عن طريق ضرب اهداف أو مواقع عسكرية في إسرائيل، في ظل محاولة جباية حياة.

المنظمة قادرة على أن تقوم بهجوم كهذا في كل لحظة، وستحتاج زمنا قصيرا فقط من القرار وحتى التنفيذ. وهذا يستوجب من إسرائيل تأهبا عاليا أساسا في منظومات الدفاع الكفيلة بان تواجه تحديا معقدا اكثر مما واجهته حتى الان، لاجل اعتراض الصواريخ الدقيقة من لبنان.

لإيران يوجد زمن أطول. ساعتها تعمل بشكل مختلف، وهجومها، بسبب المسافات ونوع السلاح الذي تحت تصرفها – تستوجب اعدادا أطول. وعلى أي حال يبدو انها تنتظر البحث في مجلس الامن في الأمم المتحدة عن تصفية إسماعيل هنية (الذي ينعقد غدا) وستقرر فقط بعده كيف سترد. وعندها أيضا، لإسرائيل يوجد مجال كشف واعتراض كبير، بالتأكيد حين يكون بوسعها أن تستعين بالولايات المتحدة وباصدقاء غربيين وعرب آخرين.

في واقع متطرف

قائد المنطقة الوسطى الامريكية الجنرال مايكل كوريلا وصل امس الى البلاد كيف ينسق جبهات العمل، مثلما فعل عشية الهجوم الإيراني السابق في نيسان.

في إسرائيل املوا في ان يكون لزيارته اثر مبرد على حزب الله وايران، لكن الإيرانيين عرضوا صورة مرآة مع زيارة رئيس مجلس الامن القومي الروسي الى طهران.

هاتان الزيارتان شددتا مرة أخرى على التفجر الشاذ للوضع الحالي، والسهولة التي من شأن القوى العظمى أيضا ان تنجذب فيها الى المعركة فتجد نفسها في مواجهة غير مخططة بينها.

هذا سيناريو متطرف لكننا نعيش في واقع متطرف كل الأطراف تأخذ فيه مخاطر اكبر مما في الماضي. على الجمهور أن يفهم هذا. على أي حال، عشرة اشهر في الحرب وهو يسير مع أسئلة اكثر مما مع أجوبة: عن المخطوفين ومصيرهم، عن المخلين ومصيرهم، وحتى عن الوضع الحقيقي للحرب في غزة ومدى الضرر لقوة حماس.

بدلا من اطلاق الشعارات عن الاتصالات الجارفة والسريعة على العدو (او الأعداء)، يجدر بالقيادة الإسرائيلية ان تلبس رداء التواضع وتقول للمواطنين الحقيقة – بانتظارنا أيام صعبة. فهي تحتاج الجمهور كي تجتازها.

——————————————–

يديعوت احرونوت 6/8/2024

بين استراتيجيتين: صفقة مخطوفين في غزة، أم نهج النصر المطلق

بقلم: غيورا ايلند

سيناريوهان محتملان موجودان هذا الأسبوع. في الحالة الأولى، الهجمات المتوقعة من جانب ايران وحزب الله سترفع شدة القتال الى حرب إقليمية قاسية. السيناريو الثاني هو تكرار الوضع الذي حصل بعد 14 نيسان: يكون هجوم مكثف، لكن إسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها وتقلص الضرر الى مستوى محتمل.  في مثل هذه الحالة، نعود عمليا الى الواقع الذي كان قائما قبل المذبحة في مجدل شمس، وعندها تعود الكرة الى الملعب الإسرائيلي.

على إسرائيل أن تختار بين استراتيجيتين. يجدر بنا ان نعرض بوضوح الفارق بينهما.

حسب الاستراتيجية الأولى، تلك التي تؤيدها كل محافل الامن، ينبغي لإسرائيل أولا وقبل كل شيء ان تتطلع الى صفقة مخطوفين. نعم، يدور الحديث عن الصيغة الاصلية التي اقرها نتنياهو قبل نحو شهرين دون إضافات، دون تصليب مواقف ودون مطالب إضافية.  اتفاق كهذا يؤدي الى وقف نار طويل في غزة، وعمليا الى انهاء الحرب هناك. انهاء الحرب في غزة يسمح بخلق واقع افضل في الشمال. يحتمل ان تؤدي الى وقف نار في هذه الجبهة بل والى تسوية يمكن لإسرائيل أن تتعايش معها. حتى لو لم نصل الى تسوية في الشمال، فان لهذه الاستراتيجية ثلاث فضائل: الأولى، المخطوفون سيعودون. الثانية، سنتحرر من ساحة حرب واحدة – غزة. إضافة الى ذلك، والاهم – صفقة المخطوفين وانهاء الحرب في غزة ستساعدنا على تلقي دعما أمريكيا ذا مغزى اكبر ضد ايران.

الاستراتيجية الثانية الممكنة هي تلك التي يؤيدها نتنياهو: هي رفض اتفاق المخطوفين واستمرار الحرب في غزة “حتى النصر النهائي”. هذا النهج يضمن الا تنتهي المواجهة في الشمال وبالتالي من شأنه ان يؤدي الى حرب بقوة عالية ضد حزب الله، ضد باقي وكلاء ايران وضد ايران نفسها. بينما تكون إسرائيل منعزلة تماما.

دون صلة بالجواب الصحيح على سؤال الاستراتيجية المرغوب فيها، يثور سؤال هام بقدر لا يقل – من يقرر؟

في الأشهر العشرة الأخيرة، اتخذ كل القرارات رجل واحد – رئيس الوزراء. فضلا عن المخاوف من أن تكون قراراته متأثرة باعتبارات غريبة، توجد هنا مسألة جوهرية. وبالفعل، السلطة التنفيذية في إسرائيل هي الحكومة. الجيش يخضع لامرة الحكومة وليس لامرة رئيس الوزراء. بالفعل، توجد اوضاع يكون من الصواب فيها ان تخول الحكومة الكابنت، وتوجد أوضاع يخول فيها الكابنت رئيس الوزراء ووزير الدفاع لاتخاذ قرارات ملموسة، مثلا متى بالضبط تنفذ تصفية في بيروت، لكن هذا ليس الوضع بالنسبة لاختيار الاستراتيجية المرغوب فيها.

حان الوقت لان تنعقد الحكومة لبحث طويل وبلا قيد زمني يعرض فيه الموقفان المتعارضان. لا يدور الحديث فقط عن قرار مع أم ضد صفقة المخطوفين بل عن شيء أوسع بكثير.

في هذا البحث سيتعين عليهم ان يبحثوا في كل المعاني الناشئة عن اختيار الامكانية الأولى مقابل الامكانية الثانية، بما في ذلك مدى جاهزية إسرائيل لان تقاتل ضد ست وكلاء إيرانيين وضد ايران نفسها، فيما أن هذا المحور مدعوم تماما من روسيا والصين. المقاييس التي من الصواب التفكير فيها هي ضمن أمور أخرى مخزون ذخائر إسرائيل، العبء على الاحتياط، التداعيات الاقتصادية، الكتف الباردة الامريكية وغيرها.

مخيب للامال ان مطلب اجراء بحث كهذا لا يأتي من أي وزير في الحكومة. وزراء الحكومة يتحملون مسؤولية رسمية عن كل ما يقرره رئيس الوزراء، ومن المتوقع منهم، لهذا السبب على الأقل، ان يصروا على ان يكونوا شركاء في قرار محمل بالمصير يمكنه أن يقرر مستقبل الدولة لسنوات طويلة الى الامام. اذا كان وزراء الحكومة يهربون من مثل هذا الطلب، فقد حان الوقت لان يطلب رئيس الأركان علنا اجراء هذا البحث. بخلاف رئيسي الشباك والموساد المرؤوسين لرئيس الوزراء، رئيس الأركان مرؤوس من الحكومة وهذه مسؤوليته.

——————————————–

هآرتس 6/8/2024

نعم للصفقة لا للتصعيد

بقلم: أسرة التحرير

غدا سيكون يوم إتمام عشرة أشهر على مذبحة 7 أكتوبر. التهديد الأمني على إسرائيل لم يضعف، الردع لم يتعزز، والاحتمال في أن تنشب حرب إقليمية شاملة أعلى من أي وقت مضى. هذه لن تكون مفاجأة: في كل بيت يعرفون بأن هذا مسألة ساعات أو أيام إلى أن يأتي هجوم إيراني، يترافق أغلب الظن وهجوم من حزب الله والحوثيين.

الشرق الأوسط، كعادته، سيدخل في دوامة ردود أفعال، وإسرائيل من هذه الناحية لا تختلف عن اعدائها. حتى لو كانت الأطراف تعلن في قنوات مباشرة أو غير مباشرة بأنها غير معنية بالتصعيد، فإنه عندما يجر رد فعل آخر، فإن التصعيد هو الخيار الذي لا بد منه.

قتل حزب الله 12 طفلا في مجدل شمس. في رد على ذلك، اغتالت إسرائيل المسؤول الكبير في المنظمة فؤاد شكر. بالتوازي، نفذ اغتيال لرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران (إسرائيل لم تأخذ عليه المسؤولية بشكل رسمي”، والآن جاء “دور” إيران للرد. الاحتمال أن تكون إسرائيل مطالبة بان ترد على الرد عال، وهكذا حتى بدون نية معلنة لفتح حرب إقليمية فان المنطقة ستعلق فيها.

غير أنه من تحت أرض هذا المنزلق السلس، فان 115 مخطوفا إسرائيليا، نحو نصفهم لا يزالون على قيد الحياة، يذوون في أسر حماس. نحن ملزمون بأن نذكر بأنه قبل حملة الاغتيالات (بما في ذلك اغتيال محمد ضيف) ساد تفاؤل نسبي بشأن إمكانية صفقة مخطوفين ووقف نار.

حين تبدل الأمل بصفقة مخطوفين في تحفز شامل نحو اشتعال إقليمي، لا يمكن ألا نتساءل: إذا كانت إسرائيل تقف بالفعل من خلف اغتيال هنية فهل أخذ بنيامين نتنياهو بالحسبان تأثيره على الصفقة؟ رغم الرعب، لا يمكن أن نستبعد إمكانية أن تكون التأثيرات على الصفقة جزء من اعتباراته. فليس صدفة ان يعتقد الرئيس الأميركي جو بايدن أن نتنياهو غير معني على الإطلاق لتحقيق صفقة الآن ويكذب عليه في موضوع المخطوفين. كما أن الإصرار على إضافة شروط على حماس، تتركز في حفظ التواجد الإسرائيلي في محور نتساريم ومحور فيلادلفيا، بخلاف موقف كل كبار رجالات جهاز الامن يعزز الإحساس بان نتنياهو يفضل استمرار الحرب بل وتوسيعها على صفقة مخطوفين ووقف نار.

تحت قيادة نتنياهو الفاشلة توجد إسرائيل على شفا حرب إقليمية. مواطنوها ينزوون في بيوتهم بانتظار هجوم شامل ومتعلقون في حمايتهم بتحالفات لا تفعل إسرائيل نتنياهو ما يكفي كي تحافظ عليها بل تعرضها للخطر عن وعي. باستثناء البيبيين، لا يمكن للجمهور في إسرائيل ان يعتمد على ان تكون الحكومة وعلى رأسها نتنياهو تعمل انطلاقا من اعتبارات موضوعية، فقط وحصريا في صالح الأمن وأن الالتزام بإعادة المخطوفين يوجد على رأس اهتمامها.

توجد امكانيتان فقط: صفقة مخطوفين ووقف نار او تصعيد. إسرائيل نتنياهو، لشدة الرعب، اختارت في هذه المرحلة التصعيد.

——————————————–

 هآرتس 6/8/2024

نتنياهو يتحدث كأسد ويتصرف كأرنب

بقلم: نحميا شترسلر

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية تنشر مقالاً للمعلق والمحلل الاقتصادي الإسرائيلي نحميا شترسلر، يتحدث فيه عن قرارات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التي فوّت فيها فرص التوصل إلى صفقة أسرى مع حركة حماس، الأمر الذي يعدّ هزيمة استراتيجية ومعنوية بالنسبة إلى “إسرائيل”.

الأسرى لا يهمّونه، والشمال المقفر والمقصوف لا يحرّكه، حتى الـ 1623 إسرائيلياً الذين سُفكت دماؤهم وقتلوا في الحرب التي يعدّ مسؤولاً عنها لا يتركون أي انطباع لديه. ما يهمه هو أن يبني الآن “رجلاً قوياً” يقف بشجاعة في وجه العالم بأسره، وأن ينأى بنفسه عن أي مسؤولية عن المذبحة الكبرى والفشل في إدارة الحرب.

طريقة نتنياهو هي إلقاء التهمة على الآخرين. طوال حياته، كان يفعل هذا. في يوم الأربعاء الماضي، في نقاش أجراه مع رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية، عرضوا عليه موقفاً موحداً مفاده أنّه يجب استغلال عمليتي الاغتيال ضد فؤاد شكر في بيروت، وإسماعيل هنية في طهران، لدفع صفقة أسرى وإنهاء الحرب في غزة؛ فبعد كل شيء، وقت الأسرى يصبح أقصر وأقصر، وعدم إعادتهم هو هزيمة استراتيجية ومعنوية.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي قال: “علينا أن نمضي إلى صفقة”. وأضاف رئيس الموساد دادي برنياع: “إذا توانينا، فسوف نفوت الفرصة”. وحذّر رئيس الشاباك رونين بار قائلاً: “أشعر بأنّ رئيس الوزراء لا يريد المقترح المطروح على الطاولة”. وادعى منسق ملف الأسرى نيتسان ألون: “أنت تعلم أنّ جميع المعايير التي أضفتها لن تسمح بصفقة”، وقال وزير الأمن يوآف غالانت الذي كان الأكثر قسوةً: “يجب النظر إلى الصفقة على أنّها فرصة. لا يوجد سبب أمني لتأخيرها.. أنت تضع اعتبارات ليست في مصلحة الأمر”، وهذا اتهام خطير. يقول إنّ نتنياهو غير مستعد لإعادة الأسرى وإنهاء الحرب، لأنّ مصلحته الشخصية فقط أمام عينيه.. والحفاظ على كرسيه.

عند سماع ذلك، غضب نتنياهو ورفع صوته: “أنتم ضعفاء.. أنتم لا تعرفون كيف تتفاوضون”. وبذلك، ألقى التهمة عليهم.. كعادته، ولو أمكنه، لاستبدلهم جميعاً.

وهذه ليست المرة الأولى التي يُلقي فيها على الآخرين مسؤولية فشل المفاوضات مع حماس؛ ففي نقاش سابق حول القضية نفسها، في نهاية آذار/مارس، قال إنّ عضوي الحكومة بيني غانتس وغادي آيزنكوت ورئيس الموساد برنياع “لا يعرفون كيفية إجراء المفاوضات بصلابة”. في تلك الأيام، كان رئيس الأركان ورئيس الشاباك إلى جانبه. اعتقدا أنّ الصفقة لم تكن جيدة بما فيه الكفاية، لكن منذ ذلك الحين، مر الوقت، وتغيرت الظروف. والآن، يعتقد جميع رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية أنّ من الضروري المضي قدماً والتوقيع، ونتنياهو فقط هو الذي ينسف الصفقة لأسبابه الشخصية.

من المضحك أنّه بعتبر نفسه قادراً على التفاوض. إنّه فاشل كبير في هذه القضية. في المفاوضات الأخيرة لتشكيل حكومة، استسلم لضغوط من الحريديم والمستوطنين، ولبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، ومنح الأول السيطرة الكاملة على خزينة الدولة إلى جانب كونه وزيراً في وزارة الأمن، ومنح الثاني، وهو مجرم مدان وكاهاني محلف، السيطرة على الشرطة.

طوال فترة حكمه التي دامت 15 عاماً تخللتها استراحة صغيرة، أضعف نتنياهو “إسرائيل”. وفي آذار/مارس 2023، عندما نفّذ حزب الله هجوماً على مفترق مجيدو، طالبه العسكريون بالرد بشكل مناسب، لكنه تهرب من ذلك. وبذلك يكون قد أفهم نصر الله أنّ دم الإسرائيليين مهدور.

لقد سمح لإيران ببناء حزام من النار حولنا، وكذلك تعزيز برنامجها النووي. لقد اخترع أسطورة مفادها أنّ “حماس مرتدعة”، وسمح لحزب الله بالحصول على 130 ألف صاروخ. وفي بداية الحرب، كان يخشى الدخول البري إلى غزة. إنّه جيد بالتهديدات فحسب، فهو يتحدث مثل الأسد ويتصرف مثل الأرنب. والنتيجة هي أنّ الملايين من المواطنين ينتظرون الآن بخوف رداً إيرانياً، في حين أنّ أحقر رجل في تاريخ “إسرائيل” مستمر في القلق على مصلحته الشخصية فقط لا غير.

——————انتهت النشرة——————