المسار الإخباري :منذ إعلان تأسيسها عام 1949، تحوّلت “مصلحة السجون الإسرائيلية” أو ما يعرف اختصارًا بـ”الشاباص” إلى أحد أذرع القمع المركزية في منظومة الاحتلال، تتولى إدارة أكثر من 30 سجنًا ومركز اعتقال، وتحتجز آلاف الأسرى الفلسطينيين في ظروف قاسية وبيئة عقابية تُنذر بالموت البطيء.
تعود جذور “الشاباص” إلى مرحلة الانتداب البريطاني، حيث بدأت ملامحها التنظيمية عام 1921، وواصلت تطورها بعد قيام “إسرائيل”، لتتحوّل في يناير 1949 إلى مؤسسة مستقلة عن الشرطة، بإشراف مباشر من وزارة الداخلية، ثم لاحقًا تحت سلطة “وزارة الأمن القومي”.
منذ ذلك الحين، لعبت هذه المؤسسة دورًا محوريًا في ترسيخ الاحتلال عبر بناء سجون ومعتقلات مخصصة للفلسطينيين، مثل سجون عسقلان، ونفحة، وجلبوع، ومجدو، وشطة، إضافة إلى مراكز احتجاز مؤقتة أقيمت في القواعد العسكرية خلال الحروب.
ورغم محاولات التجميل الرسمية، فإن الواقع على الأرض يحكي عن انتهاكات مروعة، خاصة بعد عملية “طوفان الأقصى” في أكتوبر 2023، إذ فرضت “الشاباص” إجراءات استثنائية غير مسبوقة، تضمنت تقليص الحقوق، ومنع الزيارات، واحتجاز الأسرى دون أسرّة أو رعاية صحية، وسط شهادات مرعبة عن تعذيب جسدي ونفسي، وحرمان من الطعام والعلاج.
كما كشفت تقارير حقوقية عن حالات تعذيب حتى الموت، واستشهاد المئات، بدءًا من الشهيد نظمي النمس عام 1967، ووصولًا إلى ضحايا التعذيب والإهمال الطبي مؤخرًا، خصوصًا من أسرى قطاع غزة المحتجزين في معتقلات غير إنسانية مثل سدي تيمان.
واليوم، تُعد “الشاباص” واحدة من أكثر المؤسسات الإسرائيلية إثارة للجدل، حيث تضم وحدات خاصة مثل “متسادا” و”نحشون” و”درور” و”تيفل”، وتُمارس عبرها سياسات ممنهجة لقمع الحركة الأسيرة، في ظل صمت دولي مريب.
بين القهر والتنكيل، يبقى الأسرى الفلسطينيون في مواجهة مفتوحة مع سجون الاحتلال، في معركة كرامة لا تزال فصولها مستمرة منذ 76 عامًا.