الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 24/6/2024

مثل الأغنام التي تساق الى الذبح في اكثر الحروب التي لا حاجة اليها

بقلم: روغل الفر

خطاب الاستوديوهات للاعداد للحرب الشاملة مع حزب الله يتركز على “ما يجب على الجمهور أن يفهمه”. المحللون يؤكدون بدون توقف على ما “يجب على الجمهور أن يفهمه”. الجمهور يجب أن يفهم بأنه لا يمكن الدفاع عنه. نحن نتأسف. ليس هذه المرة. لا يمكن دائما. هذه المرة أنتم وحدكم. كل واحد لمصيره. يجب عليه التزود بالشموع والتونا. الجيش الإسرائيلي سيبذل قصارى جهده. هذا واجبه. توجد وسائل. إسرائيل ليست ارملة، لكن ليس كل شيء ممكن. مئات الصواريخ يوميا. آلاف الصواريخ يوميا. ليست صواريخ بدائية؟ صواريخ كبيرة. متطورة ودقيقة. الجمهور يجب أن يفهم. هذه المرة سيكون عدد كبير من القتلى في الجبهة الداخلية الإسرائيلية. أي يجب على الجمهور أن يفهم أن جزء منه سيموت.

حرب كهذه لم تمر علينا بعد. حزب الله ليس حماس. هو اقوى منها بمئات المرات. آلاف المرات. لبنان ليس غزة. يجب على الجمهور الإسرائيلي اعداد نفسه. كما قال مونتي بايتون، الآن الامر مختلف كليا. ربما ستهاجم ايران مرة أخرى. وربما لن تتمكن إسرائيل في هذه المرة من حماية مواطنيها. هذا يحدث. دمار كبير سيلحق بغوش دان. انقاض. مبان كثيرة ستدمر. سيكون الكثير من الضحايا. هل سبق لنا وقلنا ذلك؟ شيء مختلف كليا. نظام مختلف تماما. ليس ما عرفتوه.

كل ذلك من اجل ماذا؟ بعد حرب لبنان الثالثة سيتم توقيع اتفاق يشبه الاتفاق الذي يمكن التوقيع عليه مع حزب الله الآن. إسرائيل غير قادرة على تدمير حماس، ناهيك عن أنها غير قادرة على تدمير حزب الله. هكذا يؤكد المحللون. يجب أن نلائم التوقعات مع الجمهور. الجمهور يجب أن يفهم: حتى بعد الحرب فان حزب الله سيبقى في جنوب لبنان. بعد كل هذا الدمار وكل الموت في إسرائيل وفي لبنان الطرفان سيعودان الى نفس النقطة تقريبا.

هذه  حرب من اكثر الحروب التي لا حاجة اليها. مثل الحرب العالمية الأولى. يمكن منعها من خلال وقف الحرب في قطاع غزة، التي تحولت منذ فترة طويلة الى حرب زائدة. موت الجنود هناك زائد. موت سكان غزة زائد. اغتيال قادة حماس زائد. أيضا استمرار المعاناة والموت للمخطوفين في الاسر زائد. وقف الحرب في غزة سيؤدي الى تحريرهم وسيمكن من التوقيع على اتفاق مع حزب الله. الجمهور في إسرائيل يدرك. وحتى الآن يريد حرب مع حزب الله. مثل الأغنام التي تساق الى الذبح يسير الجمهور الإسرائيلي نحو اكثر الحروب التي لا حاجة اليها. هو يدرك ذلك. في اعقاب رغبة لا يمكن السيطرة عليها، قول الحقيقة من قبل احد كبار المسؤولين، هو يدرك ذلك أيضا بأنه ربما سيضطر الى البقاء بدون كهرباء لايام كثيرة. لا يمكن البقاء على قيد الحياة بدون كهرباء لايام كثيرة. الدولة ستنهار. الجمهور يدرك ذلك. مع ذلك، هو متحمس للذهاب الى حرب في الشمال، انتحار جماعي.

لا يوجد خيار لبنيامين نتنياهو. على الفور سيتوقف القتال في رفح. فقط حرب مع حزب الله ستمنع انهيار التحالف حول قانون التجنيد. الجمهور يدرك. لكن الجمهور لا يحتج بجموعه ضد حرب في الشمال. كي لا يرفض سكان الجليل العودة الى بيوتهم. الناس في الجليل يطالبون بالحرب. من خلال شهوة الانتقام، أمنيات، أخطاء. يمكن تفهمهم. الجمهور يدرك. حزب الله يهين إسرائيل. وإسرائيل من اجل الحفاظ على كرامتها مستعدة لتدمير لبنان وتدمير نفسها.

هناك أمور مقدسة اكثر من الحياة. مثلا الايغو الوطنية. بقاء النظام. غريزة التدمير الذاتي اقوى من العقلانية. الجمهور في إسرائيل يسير مثل الأغنام الى الذبح نحو اكثر الحروب التي لا حاجة اليها والأكثر تدميرا في حروب إسرائيل. يسير وهو يدرك ذلك. برأس مرفوع وعيون مفتوحة هو يضحي بنفسه.

——————————————–

معاريف 24/6/2024

بنيامين نتنياهو نجح في أن يضلل شعبا كاملا

بقلم: افرايم غانور

في الوقت الذي تتصاعد فيه هنا الأصوات لتقديم موعد الانتخابات، لتشكيل لجنة التحقيق الرسمية الان وفورا لفحص كارثة 7 أكتوبر والمفهوم الفاشل، في الوقت الذي بدأ فيه مراقب الدولة التحقيق في القصور الرهيب وامام ناظرينا بدأ هذه الأيام صراع بين رئيس المستوى السياسي ورئيس المستوى العسكري – الأمني على مدى المسؤولية عن هذه الكارثة الرهيبة، يتبين أن في واقع الامر من ينبغي له أن يخضع للتحقيق قبل كل شيء هو الشعب الذي يعيش في صهيون، الذي لم يرَ، لم يلاحظ، لم يشعر كيف أن رجلا واحدا، خاص وفريد من نوعه، نجح في تضليل شعب كامل على مدى هذا القدر الطويل من السنين. يدور الحديث عن فشل ذريع سيصدح هنا لاجيال، وبلا شك مع مرور الزمن، فان المؤرخين الذين سيبحثون في هذا العصر سيكتبون لائحة الاتهام ضد الشعب الذي لم يستوعب كيف أن رجل مبيعات لامع تعلم كيف يعرف جيدا نظرية البيع الامريكية التي أصبحت علما المختصون فيها والعارفون في تطبيقها قادرون على ان يبيعوا بسهولة الثلج لسكان الأقطاب المثلجة، نجح على مدى سنوات طويلة في أن يخلق هنا صورة سيد أمن، “ساحر” حزبي – سياسي – عسكري – اقتصادي، لا مثيل له، بينما من خلفه طائفة كبرى من المؤمنين ممن يعزون له قوى عظمى.

لمن لم يستوعب، يدور الحديث عن بنيامين نتنياهو عظيم التسويق ككاريزماتي شعبي ذي طابع امريكي بدأ عودته الى إسرائيل بعد سنوات منفى في الولايات المتحدة في بداية الثمانينيات وفهم بسرعة بانه مع “الشحنة الشخصية” التي يأتي بها من الولايات المتحدة سيكون سهلا عليه جدا الاندماج مع من يعيشون هنا ويسجدون لمن هم ذوي طابع اجنبي ولا سيما حين يكونوا أمريكيين.

هكذا، مع سمة “اخ يوني رحمه الله بطل عنتيبة وفي ظل تعلم ومعرفة الخريطة السياسية، انطلق بيبي لاحتلال قيادة الليكود فيما دحر الى الهوامش “اسود” حزبيين مثل اسحق شمير، آريك شارون وديفيد ليفي واصبح نيزكا سياسيا يناطح السحاب. واصل بيبي طريق مناحم بيغن الراحل في كل ما يتعلق بتقريب أبناء الطوائف الشرقية في ظل الوعد بشطب مشاعر الظلم والاستهتار التي ابقتها فيهم حكومات مباي.

في ولايته الأولى، التي انتهت بعد ثلاث سنوات في 1999 كان لا يزال هنا شعب سوي العقل ويقظ رأى الملك عارضا وبعض ببيبي الى بيته. للولاية الثانية وقف بيبي وقد تعلم الدرس، كسياسي مجرب يعرف كيف يشد الخيوط، يرتبط بشكل صحيح وبالقدر إياه ينقطع عند الحاجة. يتحدث عن دولة فلسطينية عند الحاجة وبالتوازي وبذات القدر يلغيها الغاء تاما. يفرق ويسد، يمزق الشعب، يشجع الكراهية للعرب واليساريين ويحظى بذلك بعطف اليمين والحريديم مع جمل مثل “العرب يتحركون بكميات هائلة الى صناديق الاقتراع” التي كان يفترض بها أن تشعل أضواء حمراء. لكن كل هذا مر مرور الكرام، دون رد حقيقي وادى لاحقا الى هجمات غير مسبوقة ممن يقف على رأس الدولة على الشرطة، على النيابة العامة وعلى المحكمة. هكذا أيضا كان مع المكتشفات والاتهامات الجسيمة في لوائح الاتهام، لكن هذا أيضا ذهب مع الريح بقدر ما.

لقصورات كالحريق في غابات الكرمل وكارثة ميرون، لترك بلدات الحدود في الشمال وفي غلاف غزة لمصيرها، لعدم الإيفاء بالوعود لبناء الملاجيء، كانت دوما أسباب ومذنبون آخرون، فقط ليس بيبي الذي لم يكن في أي مرة يعرف ما الذي هو ملزم به ويفترض أن يعرفه. من سمح بتحويل ملايين الدولارات كل شهر لحماس والتي بمعونتها نما هذا الوحش الرهيب في غزة، هرب هنا أيضا من المسؤولية. امام كل هذا الشعب لم يستيقظ بكامله، لم يفهم بعد بان الملك عال وان كل شيء هنا هو ذر للرماد في العيون.

صحيح أنه كانت وتوجد هنا مظاهرات واحتجاجات، لكن لا يزال يوجد هنا مؤيدون لملك لا يريدون بعد أو غير قادرين على أن يفهموا بان بيبي قادنا ويواصل قيادتنا الى وضع لا يعود فيه هنا قيمة للجنة تحقيق إذ لن يكون ما يمكن ومن يمكن التحقيق فيه ومعه هنا.

——————————————–

 هآرتس 24/6/2024

نصر مطلق؟ حرب في لبنان ستقودنا الى هزيمة مطلقة

بقلم: رفيف دروكر

في الأشهر الثمانية الأولى للحرب لم يكن لدى متخذي القرارات أي نية حقيقية للدخول الى عملية برية في لبنان. لقد هددوا بتبجح على صيغة “حسن نصر الله سيرتكب خطأ حياته”، لكن كان من الواضح لبنيامين نتنياهو ويوآف غالنت والقيادة العسكرية أنه لا جدوى من هذه المواجهة وأنها لن تحقق نتائج لا يمكن تحقيقها بالطرق الدبلوماسية، وأن الثمن يمكن أن يكون ثمنا يصعب تحمله.

في الأسابيع الأخيرة تغير الوضع قليلا. الإهانة من حزب الله أصبحت كبيرة جدا. تشويش روتين الحياة في الشمال واختراق المسيرات والاصابات الإسرائيلية تم الكشف عنها، ونتنياهو يجد صعوبة في استيعاب ذلك. فجأة ولدت حرب “رخيصة”، لم نعد نتحدث الى إعادة لبنان الى الحصر الحجري ولا يتم الحديث عن منطقة حتى الليطاني. يتحدثون عن عملية برية محدودة لبضعة كيلومترات، التي هدفها الأساسي هو القول لسكان الشمال: تهديد اختراق بري بصيغة 7 أكتوبر تمت ازالته. عودوا الى بيوتكم. أيضا اتفاق التسوية، الذي عمليا استكمل، لا يمكن أن يخرج الى حيز التنفيذ. من البداية كان مرهون بتسوية في الجنوب، وهي التسوية التي لا تلوح في الأفق. صفقة المخطوفين أصبحت غير ممكنة ويبدو أننا نذهب الى حرب استنزاف في غزة، بتوق ضبابي أنه ربما ذات يوم سيقع يحيى السنوار في يدنا، وسنتمكن من الإعلان بأننا انتصرنا.

هذه العوامل تحول للمرة الأولى العملية البرية في الشمال الى عملية ممكنة. هذا سيكون قرار سيء. الوضع صعب ومهين، لكن عملية برية بهذا الأسلوب يمكن أن تزيد خطورته. تصعب رؤية كيف سيتم تحقيق فائدة معينة منها. المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي سيعلن عن البطولة “الحقيقية” للمقاتلين وعن تصفية المخربين وتدمير المعاقل المحصنة، لكن في نهاية العملية الجيش الإسرائيلي لن يتمركز في المنطقة. لا أحد سيكرر خطأ القاطع الأمني. عندما سيخرج الجيش فانه لن يكون بالإمكان الادعاء وبحق بأن تهديد الاختراق البري تمت ازالته تماما. في الأصل الطرفين سيضطران الى العودة الى اتفاق التسوية الذي هو موضوع الآن على الطاولة. هناك أمر اكثر إشكالية وهو أن الضربات في الجبهة الداخلية الإسائيلية يمكن أن تحدث اضرار مؤلمة، لكن في نفس الوقت حتى تحويل العملية البرية “الصغيرة” الى حرب شاملة. إسرائيل لن تستطيع عدم الرد بقوة اكبر على قطع الكهرباء وعلى ضرب المنشآت الاستراتيجية. أيضا هذا الرد يتعلق الآن يتحد غير محتمل تقريبا. كبار القادة في الجيش الإسرائيلي على مدى السنين هددوا بأنه في الحرب مع حزب الله سيتم تدمير دولة لبنان وشبكات المياه والكهرباء والبنى التحتية.

من المحزن أن يئير لبيد وبني غانتس مرة أخرى لا يتجرآن على معارضة هذه العملية بشكل علني. هذا نموذج يتكرر لديهما، لا سيما لدى غانتس. عملية في رفح؟ نحن اردنا ذلك في السابق. من هو المسؤول عن تفويت صفقة المخطوفين؟ حماس. هذا يتكرر حتى في انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق النووي بدفع من نتنياهو، وفي النظرة العامة للاتفاق. غانتس يخشى من فقدان أصوات الوسط – يمين، وفي الطريق يفقد ذخر اكثر أهمية وهو القيادة.

ما الذي وبحق يمكن فعله في الشمال؟ لا توجد خيارات جيدة. ولكن اليكم الأقل سوء من بينها: انسحاب إسرائيل بشكل احادي الجانب من غزة، وخلال ذلك الإعلان بأن الحرب ضد حماس ستستمر، وأننا سنحتفظ لانفسنا بحرية العمل والعودة اذا وجدنا أن هذا صحيح؛ التوصل الى اتفاق تسوية في الشمال وتكثيف واضح للدفاع عن المستوطنات وخط الحدود في الشمال وفي الجنوب. بعيدا عن “النصر المطلق”، لكن على الأقل ليس “هزيمة مطلقة” التي هي الاتجاه الذي نحن نتجه اليه الآن.

———————————————

يديعوت 24/6/2024

ما الذي يدين به الامريكيون لنا، لطفهم سيقتلنا

بقلم: ناحوم برنياع

في اللهجة الامريكية يوجد معان لكلمة “بوسي كات”. احدها هو طري، ضعيف، قططي، مريح للدوس. مؤيدو ترامب درجوا على ان يبجلوا بهذا التعبير خصوهم من الحزب الديمقراطي وعلى رأسهم الرئيس بايدن. لا ادري كيف يصف نتنياهو الديمقراطيين في الاحاديث التي يجريها رون ديرمر هذه الأيام، لكن هذه فرضية عمله  منذ البداية. بالفعل، هم بوسي كات: هو محق في الماضي ويحتمل جدا ان يكون محقا اليوم أيضا. لقد درجنا على أن نفكر بانه في المواجهة بين القوة العظمى والدولة المرعية الصغيرة الحجم يقرر دوما. لكنه يتبين انه في العلاقات بين حكومات إسرائيل والإدارات الديمقراطية ليس الحجم. هو ما يقرر بل الوقاحة.

أمس، نشر نتنياهو بيانا يكرر ادعاءه بان إدارة بايدن تمنع عن إسرائيل ذخيرة حيوية لحمايتها. “توجهنا الى أصدقائنا الأمريكيين بطلب لتسريع الارساليات”، قال نتنياهو. “تلقينا كل أنواع التفسيرات لكن الوضع الأساس لم يتغير: عناصر معينة وصلت بالتنقيط، لكن الكتلة الكبرى من الذخائر بقيت في الخلف.

لافضل علمي، ادعاء نتنياهو لا يستوي مع الرسائل التي خرجت في الأشهر الأخيرة من جهاز الامن. نعم، نشأ نقص في نوع معين من الذخائر الامريكية. لابطاء التوريد يوجد بضعة أسباب: قيود انتاج في ضوء المطالب الحربية الموازية لاوكرانيا ولاسرائيل؛ تبذير هائل من الجيش الإسرائيلي بالذخيرة في الأسابيع الأولى من الحرب واخفاقات في إدارة اقتصاد الذخائر في الأشهر التالية؛ معارضة الأمريكيين لاستخدام إسرائيلي لذخائر تتسبب بدمار كثيف، دمار تلتقط صوره على نحو سيء ويخلق مشكلة سياسية في ذروة سنة انتخابات.

لنفترض للحظة ان جهازنا الأمني يكذب ونتنياهو يقول الحقيقة. لا يزال واجب السؤال، ما الذي يدين به الامريكيون لنا. ليسوا هم من اخفقوا في 7 أكتوبر؛ ليسوا هم من بنوا على مدى السنين عظمة حماس.

لنتنياهو يوجد على هذا السؤال جواب ممتاز: “قررت ان اعطي (لادعاءاتي” تعبيرا علنيا انطلاقا من تجربة سنين وعرفت بان هذه الخطوة حيوية لاجل تحرير السدادة” قال في بيانه أمس. بكلمات أخرى: الديمقراطيون هم رخوون: انا اعرف هذا من تجربة سنين. حيالهم يمكنني أن اسمح لنفسي بالوقاحة.

كان، بالطبع، سبب آخر للجلبة التي اثارها نتنياهو، مكشوفة وعديمة الخجل: توقيت رحلة غالنت. ما كان لاي رئيس وزراء ان يهاجم الإدارة في اليوم الذي يهبط فيه وزير دفاعه في واشنطن في الموضوع إياه، مع حقيبة الطلبات إياها. في افضل الأحوال غالنت سينجح في مصالحة الأمريكيين. نتنياهو سيقول عندها ان ليس غالنت هو من حرر السدادة، انا الذي حررتها. في حالة اقل جودة الإدارة سترفض، غالنت سيفشل ونتنياهو مرة أخرى سيحتفل. الخطوة مغرضة جدا، تهكمية جدا، سائبة جدا.

ما يعيدنا الى الطبيعة الرخوة للادارات الديمقراطية. وزراء خارجية جمهوريون لم يترددوا في الصدام مع حكومات إسرائيل. هنري كيسنجر فعل هذا في اثناء حرب يوم الغفران وبعدها. جيمس بيكر فعل هذا في اثناء وبعد حرب الخليج الأولى. كلاهما كانا محررين من الاعتبار السياسي. “فليتخوزق اليهود”، نقل عن بيكر (ونفى). “على أي حال هم لن يصوتوا لنا”.

الديمقراطيون ينظرون الى حكومات إسرائيل عبر منشور ناخبيهم اليهود. حكومة يهودية، هكذا هم يظنون، ستكون دوما ديمقراطية، ليبرالية، محبة للسلام وتتطلع الى اصلاح العالم؛ مثلهم مثلنا. هم يستصعبون الفهم كم هي حكومة إسرائيل الحالية بعيدة عن سلم قيمهم. هم يتشوشون.

رئيس مجلس النواب مايكل جونسون، جمهوري، تبنى فكرة مغرية تلقاها من ديرمر: بغياب دعوة من البيت الأبيض، مجلس الكونغرس يدعوان رئيس وزير إسرائيل للخطاب امامهما. جونسون اضطر لموافقة زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشارك شومير، ديمقراطي. شومير فهم المناورة: نتنياهو سيأتي، سيلذع بايدن، سيشعل نارا في داخل الكتلة الديمقراطية ويتسبب باستئناف موجة المظاهرات ضد ومع إسرائيل. الجمهوريون سيحتفلون؛ الناخبون اليهود سيهربون. على الرغم من ذلك قال شومير نعم. لماذا؟ لان سناتورا يهوديا من نيويورك لا يمكنه خلاف ذلك؛ لانه ديمقراطي؛ لانه رخو.

نتنياهو عرف مع من يتعامل: اصدر على الفور شريطا ضد بايدن، وامس شريطا آخر.

أحيانا الديمقراطيون يعاقبون، لكن عندها يختارون العقاب غير الصحيح. ردا على شريط نتنياهو الأول الغى البيت الأبيض المحادثات الاستراتيجية مع إسرائيل. المحادثات كان يفترض بها أن تبلور سياسة مشتركة تجاه ايران، التي تقترب بخطوات كبرى نحو القنبلة. نتنياهو لم يتراجع: ايران ليست في رأسه الان.

كان يمكن للديمقراطيين ان يختارون طريقا بديلا: ان يستأنفوا المحادثات على التهديد الإيراني ويرتبوا توريد الذخائر. يدور الحديث عن مصلحة امنية حيوية للدولتين. بالتوازي كان يمكنهم أن يلغوا زيارة نتنياهو – الشريط الوقح ليوم أمس هو ذريعة جيدة – والايضاح لكل العالم بان إسرائيل في جهة وحكومة نتنياهو في جهة أخرى. حب عظيم لإسرائيل واحتياجاتها الأمنية؛ ابتعاد واضح عن حكومتها.

كان يمكنهم أن يعلنوا مسبقا انهم لن يستخدموا الفيتو في مجلس على خطوات سموتريتش وبن غفير في الضفة. وسيستخدمون عقوبات شخصية ومؤسساتية على المشاركين؛ كان يمكنهم ان يشددوا الرقابة على تحويل التبرعات الى جهات تستثمر في الضفة بمن فيهم الحريديم. جهات كهذه لا يمكنها أن تستخدم شبكة البنك الدولية التي مركزها في نيويورك. وأخيرا وليس آخرا، كان يمكنهم أن يعلنوا لابن، عزيز رئيس الوزراء، هو وحراسه، بان المغامرة في ميامي انتهت. فليبدأ في هنغاريا، وغيرها وغيرها.

لا تقلقوا: هم لن يفعلوا كل هذه الأمور. لطفهم سيقتلنا.

——————————————–

معاريف 24/6/2024

معضلة حزب الله

بقلم: آفي أشكنازي

منذ تصفية ايمن غطمة في البقاع اللبناني يتواصل التأهب العالي في الشمال. لكن حتى الان يعمل حزب الله بشكل مختلف عما عمل في الماضي. فلم يرد بقوة ردا انفعاليا مثلما فعل بعد كل تصفية لمسؤول كبير في حزب الله او في منظمة موازية كحماس والجهاد الإسلامي.

كما أن كل ضربة في منطقة البقاع، التي تعتبر المنطقة الاستراتيجية لحزب الله، ترافقت في الماضي ورد انفعالي بنار ثقيلة نحو ميرون، صفد او خطوط المواجهة في الجليل. غير أنه منذ ظهر السبت يمتنع حزب الله عن تنفيذ اطلاق نار كرد على ذلك.

صحيح انه اطلق امس بضع مسيرات الى عمق الشمال – الى البحر امام شواطيء كريام يام، الى الجليل الأدنى فوق مصنع ليشم التابع لرفائيل وكذا نحو القرية الزراعية بين هيلل. في الظهيرة نفذ العملية الهامة من ناحيته – اطلاق خمس مُسيرات نحو معسكر للجيش في سهل الحولة. ادعى حزب الله بان هذه قيادة فرقة 91، التي اخليت في 7 أكتوبر من قاعدة برنيت المحاذية للحدود. أصيب في الحدث جندي بجراح خطيرة، بالتوازي اطلق حزب الله بضعة صواريخ مضادة للدرع نحو المطلة.

السؤال الذي يشغل الان بال منظومات الاخطار في قيادة المنطقة الشمالية هو ما الذي يمر في رأس نصرالله وقيادته. فهل بعد التصفية في لبنان ومواصلة سياسة التصفيات التي يتخذها الجيش الإسرائيلي يعد عملية موضعية اليمة في داخل مجال المواجهة؟ هل هو يعتزم العمل موضعا خارج مدى المواجهة وتحدي إسرائيل؟ ام هو يمتنع في هذه اللحظة عن العمل بشكل مكثف، خوفا من ان يؤدي رده الى تدهور التحكم بالوضع المتفجر على أي حال.

في اليوم الأخير سمع من داخل البرلمان اللبناني وفي الرأي العام في بيروت، وفي أجزاء أخرى في لبنان ليست شيعة انتقادا على سلوك حزب الله في القتال ضد إسرائيل. دعوات الدول لمواطنيها للخروج من الدولة هو بيانات كندا ودول أخرى بانها تستعد لاخراج مواطنيها من الدولة بسبب التصعيد أدت كما يبدو الى ضغط داخل لبنان.

مع كل النقد على الاعلام الإسرائيلي في العالم، يبدو لي انه يوجد أحيانا من يعرف كيف يوجه وسائل الاعلام العالمية. هكذا مثلا مشوق ان نعرف من جلب المعلومة عن مخازن سلاح حزب ا لله في قلب مطار بيروت، ما يمنح إسرائيل شرعية للهجوم على المكان عندما يحل الوقت ويضيف الزيت لشعلة النقد اللبناني الداخلي على حزب الله.

في وضع الأمور صحيح حتى الان لم يتلقَ نصرالله الاذن من ايران لتصعيد الوضع والوصول الى مواجهة واسعة مع إسرائيل، بل ان نصرالله غير معني في هذه اللحظة بالخروج الى مواجهة كهذه بسبب حقيقة أن انتشار قواته صحيح حتى الان ليس في الوضع المثالي للخروج الى مواجهة كهذه. في هذه الاثناء التأهب في طرفي حدود إسرائيل ولبنان في ذروته، وكل طرف يتابع اعمال وعدم اعمال الطرف الاخر.

——————————————–

هآرتس 24/6/2024

المزيد من الجنود يقتلون واسرائيل ما زالت حبيسة في وهن استمرار الحرب

بقلم: ايريس لعال

الأخبار الجيدة هي أن استقرار الحكومة يتضعضع، وعدد من أعضائها بدأوا في الابتعاد عن الخطوات المجنونة الأخيرة، وينتقدونها علناً، وبعضهم حتى يفكرون بصوت عالٍ في اقتراح للذهاب للانتخابات. الصحفيون المتماهون مع اليمين يلعنون الحكومة، ويوجد هنالك حتى صحفياً بيبياً من القناة 14 والذي يئس منها. انتحار آريه درعي من أجل قانون الحاخامات كان خطوة غير مهذبة بدرجة كبيرة، ولكنها تدلل على ان الشخص الأكثر تهذيباً في الجهاز السياسي يعرف أن الحكومة أنهت طريقها، وهو يحاول إنقاذ مورد رزق مصوتيه، قبل لحظة من انهيار المصلحة التجارية.

وفيما يلي الأخبار السيئة: أثناء كتابة هذه السطور قتل جنديان شابان آخران في الحرب عديمة الجدوى في غزة. وحتى الآن معظم الجمهور يرفض أن يفهم قيود القوة العسكرية. منذ 1967 كان الوهم السائد بانه ليس هنالك شيء يقف أمام الجيش الاسرائيلي. لقد وفر هذا الوهم شهور طمأنينة وفخر قومي ولكن فوق كل شيء خلق هذا الوهم مسلمة واسعة تقول أن السلام هو في المقام الأول مصلحة للعدو ويرتبط بسماحة قلبنا.

أحد نتائج هذا التقدير السائد هو هجوم حماس في السابع من اكتوبر والصدمة التي رافقته. بدلا من الرد على انهيار شعور التفوق العسكري- الاقليمي، بتقدير منطقي وعقلاني- الاغلبية العظمى من اليمين ومن الوسط من الائتلاف ومن المعارضة لا زالوا متمسكين بايمان بقدرات الجيش التي لا شك فيها في الانتصار في المعركة.

من هنا تنبع تقديرات مضللة والتي من شأنها أن تدهورنا إلى مواجهة مع حزب الله. نصرالله يعتقد أن اسرائيل تخطط لحرب شاملة، ويستعد طبقاً لذلك. في الوضع المتوتر هذا وعلى أنغام الخطاب الهجومي من كلا الطرفين احتمالية حدوث ذلك تزداد مع كل ساعة تمر.

وهذا يعيدنا إلى البداية. استقرار الحكومة يهتز واحتمالات حلها هي أعلى من اي وقت مضى حتى الآن في الـثمانية شهور الأخيرة. نحن على بعد خطوة من النصر على المجنون الذي يسيطر على حياتنا، ولكن إذا كان هنالك شيء سيطيل حياة الحكومة ويقصر حياتنا- فهو حرب أخرى، هذه المرة حرب مدمرة بشكل خاص. في الواقع وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن قال للوزير رون ديرمر ولرئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي في واشنطن أن الإدارة الأميركية تعتقد أن على اسرائيل تجنب تصعيد في الشمال والسعي إلى حل دبلوماسي، ولكن رئيس الحكومة توقف عن الإصغاء لتحذيرات الولايات المتحدة- من تهديدات قاعدته هو يخاف أكثر.

في الحرب الدائرة ما بين نتنياهو والجيش قرر رئيس الأركان أن يعطي إشارات عن طريق المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي بأن وهم الانتصار المطلق هو ذر للرماد في أعين الجمهور، ولكن من يصغي لرئيس الأركان عندما يوجد عسكريون شجعان مثل يانون ماجيل ويئير نتنياهو؟ في جنازة ابنه عومر قال اورن سامادجا “أنا أقول للجنود لا تتوقفوا حتى ننتصر” وليلي درعي على قبر ابنها قالت: “باسم سعاديا نحن نطالب بانتصار وفوز ساحق. ابني لم يسقط على مذبح تسوية دبلوماسية بل من أجل نصر كامل على العدو”. من سيتجرأ على أن يقول لأشخاص مكسوري القلب هؤلاء بأنهم خدعوهم؟

الآن عملية خداع نتنياهو تتسع إلى حرب في الجبهة الشمالية. أهلية الجيش لكل مهمة سيلقيها عليه المستوى السياسي، وبضمن ذلك حرب مع إيران، هي بالون الكذب المتفق عليه الجديد، ولن يكون هنالك أحد مستعد لتفجيره إلى أن يتم تفجير بيوت في وسط البلاد. كل عضو معارضة سيتجرأ على القول علناً بأن حرب شاملة كبيرة هي كبيرة علينا في هذه المرحلة تقتضي تدخلاً كاملاً في الولايات المتحدة سيتهم بالانهزامية وباليسارية وبانعدام الوطنية.

منذ بداية الحرب استعان نتنياهو بالجبن السياسي لخصومه. وهكذا فإن الجميع يشارك في الوهم الجماعي هذا، بدلاً من إدراك أن الحرب يجب أن تتوقف وأنه يجب البدء بالسعي نحو اتفاق سياسي اقليمي- ببساطة لأنه لا يوجد طريق آخر.

——————————————–

هآرتس 24/6/2024

معركة التهديدات في الشمال تستهدف الردع لكن من شأنها أن تؤدي الى تصعيد

بقلم: عاموس هرئيلِ

سلسلة تسريبات وتصريحات من الأيام الأخيرة تدل على استمرار التصعيد في الجبهة بين إسرائيل ولبنان. بدرجة كبيرة، التهديدات المتبادلة تستهدف ردع الخصم عن شن حرب شاملة، لكن من غير المؤكد أنها ستحقق هدفها. ما سنحصل عليه هو سلسلة متفاقمة من النشاطات والتحذيرات التي يمكن أن تتدهور أيضا الى سلسلة متصاعدة من النشاطات والتحذيرات.

في الأسبوع الماضي التقت شخصيات رفيعة إسرائيلية مع الوزير رون ديرمر ورئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي مع نظرائهم في الإدارة الامريكية في واشنطن. بعد اللقاء نشرت الـ “سي.ان.ان” نقلا عن شخصيات رفيعة في الإدارة الامريكية أن الولايات المتحدة وعدت إسرائيل بأنه في حالة نشوب حرب في لبنان فانها ستزودها بسرعة بكل الوسائل القتالية المطلوبة. في هذه الاثناء نشر في وسائل الاعلام العربية أنه حسب تقدير البنتاغون فان وجهة إسرائيل هي نحو عملية برية في جنوب لبنان في منتصف شهر تموز، أي بعد ثلاثة أسابيع، وأن الإدارة الامريكية تعمل من اجل محاولة منع تصعيد الحرب في الجبهة الشمالية.

في منتهى السبت نشر حزب الله فيلم جديد، فيه تهديد من رئيس الحزب حسن نصر الله بضرب مواقع استراتيجية في إسرائيل على خلفية صور لخليج حيفا وميناء اسدود والمفاعل في ديمونة. أمس اهتمت مصادر مجهولة بالكشف امام صحيفة “تلغراف” البريطانية عن معلومات قديمة جدا: حزب الله لديه مخزون ضخم من السلاح في مطار بيروت بصورة يمكن أن تلحق الضرر الكبير بالمدينة اذا اندلعت حرب. احد الاخطار في سلسلة التصريحات الهجومية هذه هو أن احد الطرفين سيقتنع بأن خصمه ينوي القيام بهجوم قريب ويختار القيام بهجوم مفاجيء يؤدي الى حرب شاملة.

في الخلفية تقف مسالة المساعدات الامريكية الأمنية لإسرائيل. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قام في الأسبوع الماضي بخطوة استثنائية عندما نشر فيلم هاجم فيه الرئيس بايدن والإدارة الامريكية بسبب تأخير ارسالية سلاح تتكون من 3500 قنبلة دقيقة لسلاح الجو. الارسالية تاخرت تقريبا شهرين على خلفية التحفظات الامريكية من عملية للجيش الإسرائيلي في رفح.

الجيش الإسرائيلي بحاجة الى هذه القنابل بشكل مستعجل في حالة فتح حرب مع حزب الله في الشمال. ولكن الإدارة الامريكية ردت بشكل ساذج وكأنها لا تعرف عما يتحدث نتنياهو. وبعد ذلك بغضب – عند الغاء لقاء استراتيجي كان سيعقد في واشنطن ومناقشة، ضمن أمور أخرى، تطور التهديد النووي الإيراني. الآن سيتم بذل الجهود لحل الازمة حول الارسالية في زيارة وزير الدفاع يوآف غالنت في واشنطن التي بدأت أمس.

على الاجندة في محادثات غالنت مع كبار في الإدارة الامريكية تقف أيضا طلبات أخرى لمساعدات امنية مستعجلة، والانطباع الذي تولد في إسرائيل وكأنه في جزء من الصفقات الامريكية عادوا لمعالجتها في اطار بيروقراطي روتيني وبطيء، رغم الحاجة الملحة للجيش الاسرائيل اليها. مصادر امنية وجهت الانتقادات لنشر الفيلم من قبل نتنياهو وقالت إنه الحق الضرر بالعلاقات الحساسة مع الولايات المتحدة في فترة فيها الجيش الإسرائيلي بحاجة خاصة الى مساعدة بالوسائل القتالية والتسليح وقطع الغيار.

نتنياهو عاد وطرح الادعاءات ضد الأمريكيين، في الاقوال التي قالها أمس في مستهل جلسة الحكومة. وقد قال: “قبل أربعة اشهر بدأ هبوط دراماتيكي في تزويد السلاح الذي وصل من الولايات المتحدة لإسرائيل. نحن قبلنا كل أنواع التفسيرات، لكن أمر واحد لم نقبله وهو أن الوضع الأساسي لم يتغير. مواد مختلفة وصلت بالقطارة، لكن الكتلة الكبيرة للسلاح بقيت في الخلف”. يصعب التصديق أن غالنت سيكون راضيا عن طبيعة الأمور وتوقيتها، في الوقت الذي هو فيه في الطريق الى الولايات المتحدة. يبدو أنه يتكرر هنا النموذج المعروف من المفاوضات الفاشلة حول صفقات تبادل المخطوفين. نتنياهو يهتم بزيادة التوتر بين الطرفين، في كل مرة بدا فيها وكأنه سيبذل أي جهد ممكن للدفع قدما بنجاح الاتصالات (في هذه الحالة النجاح سيسجل لصالح غالنت). السبب أمس مرتبط كما يبدو أيضا بالبحث عن مبرر: دحرجة تهمة عدم القدرة على هزيمة حماس في القطاع على الحكومة الامريكية من اجل تبرير نفسه امام قاعدته السياسية في اليمين. مرة أخرى الاعتبار السياسي الداخلي يتغلب على اعتبارات الامن والعلاقات الخارجية لإسرائيل، أي على مصلحة الدولة.

الاختبار الإنساني

نجاح غالنت في تحرير الاختناقة من الارساليات الامريكية يتعلق أيضا بتولد الانطباع في الإدارة الامريكية بأن إسرائيل تستجيب لطلبات الرئيس بخصوص الحرب في قطاع غزة – محاولة تقليص عدد المدنيين الفلسطينيين القتلى في القتال وتجنب ضرب الملاذات الإنسانية التي يتواجدون فيها، وأنها تحرص على عدم المس بقوافل المساعدات التي تزود الغذاء والمعدات الطبية، وأنها لا تضع عقبات على ادخال المساعدات الإنسانية الى القطاع. في نقاشات في القيادة العليا في جهاز الامن تم التأكيد مؤخرا على الحاجة الى تلبية هذه الطلبات. في الخلفية يقف تهديد آخر من ناحية إسرائيل – إجراءات المحاكم الدولية في لاهاي. محكمة العدل يمكن أن تحدد في القريب اذا كان يوجد حقا في الادعاء بأن إسرائيل تقوم بابادة جماعية في القطاع. لقد تم تقديم طلبات لمحكمة الجنايات الدولية للمدعي العام كريم خان لاصدار مذكرات اعتقال ضد بنيامين نتنياهو وغالنت.

في غضون ذلك الجيش الإسرائيلي لا يكيف نفسه مع هذه الطلبات، ومؤخرا حدثت سلسلة هجمات في غزة وفي رفح التي فيها حسب الفلسطينيين قتل اكثر من 100 مدني. في احدى الحالات يدور الحديث عن اطلاق النار بالخطأ قرب منشأة للصليب الأحمر على الشاطيء قرب رفح. في حالات أخرى، في مدينة غزة، جرت محاولات لاغتيال قيادات كبيرة في حماس. حتى الآن من غير الواضح اذا أصيبت في هذه المحاولات الأهداف.

منسق اعمال الحكومة في المناطق، الجنرال غسان عليان، ذهب أمس لاجراء محادثات في الأمم المتحدة في نيويورك وفي الإدارة الامريكية ستتناول الوضع في القطاع وفي الضفة الغربية. عليان يأمل اقناع محدثيه بأن إسرائيل ملتزمة بطلبات المجتمع الدولي، خاصة التوقعات الامريكية منها. في جهاز الامن في إسرائيل يحتجون على التعاون غير الفعال للأمم المتحدة في كل ما يتعلق بإدخال الشاحنات الى القطاع. على خلفية سلسلة ضربات إسرائيلية للقوافل في السابق فان موظفي المنظمات المرتبطة بالأمم المتحدة يخافون من الإصابة اثناء نقل الشاحنات. في المقابل، عندما تم في هذه العملية دمج منظمات خاصة فان الشاحنات مرت بصورة اسهل. حسب اقوال مصادر امنية في إسرائيل فان هناك اكثر من الف شاحنة تنتظر الان الدخول الى القطاع، ويتم تاخيرها إزاء الصعوبات في نشاطات الأمم المتحدة.

في الأمم المتحدة وفي الولايات المتحدة يقلقون بشكل خاص من عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. هناك الوضع قريب من الانفجار. بعد ثمانية اشهر ونصف من الحرب في القطاع يبدو أن السلطة الفلسطينية تجد صعوبة في السيطرة على ما يحدث في المناطق التي توجد تحت سيطرتها في الضفة. تجميد أموال الضرائب بيد إسرائيل، الى جانب القيود على عمل العمال من الضفة داخل الخط الأخضر يواصل دهورة الوضع الاقتصادي للسلطة ويبقي الكثير من الموظفين العامين هناك، من بينهم رجال الأجهزة الأمنية المختلفة، في ازمة مالية صعبة.

لكن وزير المالية، بتسلئيل سموتريتس، يصمم على زيادة الضغط وهو لا يخفي الرغبة في انهيار حكم السلطة، وهو أيضا يدفع نحو اتخاذ عدة قرارات في الكابنت كخطوة عقابية للسلطة بسبب دورها في الدعاوى المقدمة ضد إسرائيل في المحاكم في لاهاي. ضمن أمور أخرى، هو يريد أن تشرعن الدولة مكانة اربع بؤر استيطانية تمت اقامتها بدون اذن قانوني. الاتفاق الذي وقعه مع نتنياهو لنقل المزيد من الصلاحيات في الضفة اليه كوزير ثان في وزارة الدفاع يعزز سيطرته على ما يحدث هناك رغم الانتقادات في الجيش لذلك. وسائل الاعلام الإسرائيلية تقريبا لا تتناول ما يحدث في الضفة، التي تعتبر ساحة قتال ثانوية مقارنة مع غزة ولبنان. ولكن عمليا، الوضع هناك يقترب بشكل خطير من اشتعال اكثر صعوبة، الذي سيندمج مع الساحات الأخرى.

——————————————–

هآرتس 24/6/2024

تدمير لبنان كرافعة ضغط لاتفاق مع حزب الله هي استراتيجية فاشلة

بقلم: تسفي برئيل

“هل خطة حسن نصر الله وحزبه ومعارضته تتناول في الأصل تزويد احتياجات الصمود والتصدي؟ هل يوجد أدوات طبية لمعالجة الجرحى والحروق التي ستحدث نتيجة الحرب؟ هل المستشفيات في الجنوب مستعدة لاستيعاب مئات، اذا لم يكن آلاف، الجرحى في كل مستويات الإصابة؟ هل توجد مستشفيات بديلة في حالة أن المستشفيات ستكون مليئة في الحرب الشاملة؟ هل تم اعداد مستشفيات ميدانية؟ هل يوجد ما يكفي من المواد الغذائية للبنانيين بشكل عام وسكان جنوب لبنان بشكل خاص والشيعة بشكل حصري؟ هل محطات الوقود جمعت ما يكفي من الوقود، وهل عند الحاجة ستتمكن من توفير الوقود لسيارات الإسعاف وسيارات الحماية المدنية؟ هل تم اعداد بدائل للجسور والطرق الرئيسية اذا تم تفجيرها؟ هل تم تجميع كميات كافية من الطحين من اجل أن يكون بالإمكان توفير الخبز أو أن سكان الجنوب سيتم تركهم لمصيرهم كما ترك سكان غزة للتجويع؟. هل هذه الأسئلة تم اخذها في الحسبان من اجل أن تستطيع أنت ومقاومتك وحزبك الانتصار على العدو أو أن كل الشعب لا يهمك أنت أو تنظيمك؟ الحرب، يا سيد حسن، ليست خطاباتك وشعاراتك المدوية… ليست زيادة أبناء طائفتك كي تصبح اكبر من الطوائف الأخرى أو مهاجمة من لا يتفق مع مواقفك… وعلى الحريات العامة لباقي أبناء شعبك. اذا لم توفر احتياجات الصمود والتصدي لشعبك، الذي تحارب باسمه، فأنت ستكون الخاسر، واكثر من ذلك أنك تتآمر ضد دولتك وشعبك”. بهذه اللغة اللاذعة والمتهمة، المباشرة وغير الملتوية، كتب أمس كاتب الاعمدة اللبناني حسين عطايا مقال في موقع “الجنوبية” اللبناني، الذي عبر فيه عن خوف الجمهور الكبير من اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل ولبنان.

“يجب علينا أن نكون واضحين. شعوب المنطقة وشعوب العالم لا يمكن أن تسمح بأن يكون لبنان غزة ثانية”، حذر سكرتير عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لكن اللبنانيين ليسوا بحاجة الى تحذيراته. بالنسبة لهم المعنى والتداعيات للحرب الشاملة تسربت قبل عدة أسابيع عندما شاهدوا كيف أن 100 ألف مواطن يهربون من القرى في الجنوب ووجدوا الملجأ في وسط وشمال الدولة. ولكن الآن حيث ليس فقط البلاغة الحربية تصاعدت بضع درجات والمواجهة العسكرية آخذة في التصاعد والتهديد موجه لكل أراضي لبنان فان الشعور بالخوف الوجودي لجميع سكان الدولة يسري، وهذا الشعور يحتاج الى حلول. ولكن مثلما هو الامر في غزة فان مقالات النقد والتحذير التي يسمعها سياسيون في لبنان، بدء برئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومرورا بزعيم الطائفة المارونية بشارة الراعي وانتهاء زعيم حزب القوات اللبنانية المسيحية سمير جعجع، لا تخرج المواطنين الى الشوارع. “هذا شعور بالعجز المطلق”، كتب لـ “هآرتس” اكاديمي لبناني في بريد الكتروني غير مباشر خوفا من معرفة هويته. “نحن اسرى في يد شخص واحد، بدون حكومة وبرلمان وبدون قدرة على الاعتراض. لا يوجد لدينا حتى دولة خارجية عظمى تدافع عنها أو يمكنها وقف نصر الله. فهو يعرض الجميع بنك الأهداف الإسرائيلية التي يخطط لمهاجمتها اذا اندلعت الحرب، لكننا جميعنا هنا اصبحنا بنك اهداف”.

هذه يجب أن تكون أيضا الرؤية التي يجب أن توجه من يخطط في إسرائيل لـ “الهجوم العقابي” الأخير ضد لبنان، الذي من شأنه أن يفرض على حسن نصر الله وقف النار والتوصل الى اتفاق بعيد المدى بشأن تطبيق القرار 1701. لأنه الى جانب الإصابات الشديدة والقتلى والجرحى وتدمير البنى التحتية في الطرف الإسرائيلي فان السؤال الأساسي، مثلما في غزة، هو ما هي استراتيجية الخروج من الحرب في لبنان، ومن سيطبقها، وهل من غير المحتمل التوصل الى نفس النتيجة بدون الحرب. لأنه خلافا لغزة، التي فيها حماس هي ربما شريكة في اتفاق حول تبادل المخطوفين والأسرى ولكنها ليست شريكة في تسوية حول إدارة القطاع بعد الحرب، فانه في لبنان الشريك سيواصل كونه حزب الله كعامل رئيسي. وطالما أنه لا توجد حكومة حقيقية فهو سيكون الجهة الحصرية التي سيتم معها صياغة أي اتفاق.

على النقيض من الحديث في إسرائيل عن تدمير البنى التحتية العسكرية والمدنية لحماس فان لا أحد يتحدث، ناهيك عن التعهد بتدمير القدرات العسكرية لحزب الله أو عن تدمير البنى التحتية المدنية له. البنى التحتية في لبنان هي بملكية مشتركة بين الحكومة والحزب. ولكن حزب الله توجد له مصادر تمويل وتزويد وامداد، تلك التي تأتي من ميزانية الدولة بشكل قانوني والتي بناها الحزب بشكل مستقل خلال عقود في ارجاء العالم، الى جانب التمويل والتسليح الثابت الذي يحصل عليه من ايران. حزب الله لا يحتاج حتى الى الخدمات المصرفية اللبنانية، التي محظور عليها بسبب العقوبات الامريكية التي فرضت على حزب الله  فتح حسابات بنكية للاعضاء فيه.

في إسرائيل يتطلعون الى تطبيق القرار 1701، لكن هذا تطلع جزئي، لأن القرار يشمل بنود تتعلق ليس فقط بانسحاب قوات حزب الله حتى نهر الليطاني ونشر قوات دولية وقوات الجيش اللبناني على طول الحدود، بل يوجد فيه بند ينص على نزع سلاح الحزب. لا يوجد اليوم أي إسرائيلي، لبناني أو دبلوماسي، يضع تطبيق هذا البند كشرط لاتفاق وقف اطلاق النار أو بعد ذلك اتفاق حول ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان.

افتراض آخر هو أن هجوم كثيف للبنى التحتية في لبنان، سيشمل المس الكبير بشبكات الكهرباء والمياه والطرق والمباني السكنية، سيخرج الى الشوارع مئات آلاف اللبنانيين الذي سيطلبون من حزب الله وقف اطلاق النار والتوقف عن تدمير الدولة. في غزة هذا الامل لم يتحقق وأيضا لم يكن من المحتمل أن يتحقق لأن معظم مواطني القطاع اصبحوا خلال فترة قصيرة لاجئين مذعورين لا يوجد لديهم أي شيء، الذين فقط بحثوا عن مأوى لهم ولابناء عائلاتهم. أيضا أي مظاهرة كانت ستعرض حياتهم للخطر من قبل حماس أو القصف الإسرائيلي.

لبنان مختلف. معارضة حزب الله حتى لو كانت غير قادرة على مواجهته عسكريا، فهي علنية وفظة. المظاهرات الكبيرة ليست غريبة على المواطنين. في 2005 في اعقاب قتل رئيس الحكومة رفيق الحريري أحدثت مظاهرات الجمهور الإنجاز الأهم في الدولة عندما تسببت بانسحاب القوات السورية من لبنان. المظاهرات والمواجهات العنيفة بين حزب الله ومؤيديه وبين قوات الحكومة ومعارضي التنظيم على خلفية سياسية واقتصادية، حدثت تقريبا بدون توقف في الأعوام 2006 – 2008، العام الذي سيطر فيه حزب الله بالقوة على احياء مسيحية وسنية في بيروت.

منذ بداية الازمة الاقتصادية في 2019 سجل عدد لا يحصى من المظاهرات في الشوارع والاضرابات والمواجهات العنيفة. ولكن هناك فجوة مبدئية، حتى وطنية، تفصل بين المظاهرات على خلفية سياسية واقتصادية داخلية وبين احتجاج عام ضد الحرب مع الذي يعتبر عدو الدولة. لذلك، لا يوجد أي يقين بأن حرب شاملة مع إسرائيل ستشعل احتجاج كبير للجمهور في لبنان. إضافة الى ذلك لا يوجد لإسرائيل أي طريقة لمعرفة كم حجم الدمار الذي ستلحقه بلبنان قبل تراجع حزب الله، وكم الوقت الذي سيعطيه لها المجتمع الدولي، لا سيما أمريكا، كي تمارس الهياج. الافتراض الاستراتيجي هو أن حزب الله ملزم أيضا باليوم التالي، لذلك يجب عليه الحفاظ على مصالحه ومصالح ايران حتى بعد الحرب، اذا اندلعت، بحيث لا يفقد سيطرته السياسية في لبنان. من هنا فان الاستنتاج هو أن الضغط التدميري على لبنان سيجبر حزب الله على وزن خطواته، على الأقل تقليل مستوى النار الى أن يتم التوصل الى وقف اطلاق النار في غزة الذي سيعقبه وقف كامل للنار في لبنان أيضا. ولكن هنا بالذات يكمن أيضا المفتاح للتوصل الى نفس الاتفاق أيضا بدون حرب، وهو مقرون بموافقة إسرائيل على وقف النار في غزة وليس بالحرب في لبنان.

——————————————–

 هآرتس 24/6/2024

حلـــف المـعـتـدلــين

بقلم: أسرة التحرير

يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توجيه دولة إسرائيل من جبل جليدي إلى جبل جليدي آخر. في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل و«حزب الله» تبادل رسائل التهديد بينهما، ينفلت نتنياهو مرة أخرى بلا خجل على الحليف الأهم لإسرائيل، ويتهم الولايات المتحدة – موردة السلاح، المعلومات الاستخبارية، المساعدات العسكرية والإسناد الدبلوماسي في المؤسسات الدولية – لتركها لمصيرها وبتأخير إرساليات السلاح إليها.

لم يسبق أن كانت الإمكانيتان اللتان أمام إسرائيل اكثر وضوحا. الأولى تنطوي على استمرار الحرب في غزة، دون هدف سياسي، وفي ظل احتلال القطاع وإقامة نظام عسكري «مؤقت» – وكل ذلك على حساب حياة المخطوفين؛ وفي الوقت نفسه الانجرار إلى حرب مع «حزب الله» في الشمال والمخاطرة بحرب شاملة ومتعددة الساحات ضد «حماس» و«حزب الله» وانتفاضة في الضفة، إضافة إلى تهديدات من الحوثيين في اليمن، من ميليشيات عراقية وبالطبع من ايران. وكل هذا في الوقت الذي تعرض فيه العلاقات مع الولايات المتحدة للخطر وتفاقم العزلة الدولة.

الإمكانية الثانية هي العمل يدا بيد مع الرئيس جو بايدن وقبول مخططه لإنهاء الحرب في قطاع غزة وبلورة حلف الدفاع الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة. في هذا الحلف يندرج أيضا اتفاق تطبيع مع السعودية ما يستوجب استعدادا للعودة إلى مفاوضات سياسية على أساس الاعتراف بدولة فلسطينية وحل وسط إقليمي.

ليلة الصواريخ من ايران في نيسان وفرت للإسرائيليين إطلاله واضحة على المعنى الكامل لحلف الدفاع الذي عملت عليه إدارة بايدن. كان هذا عرضا جوهريا للمسار الوحيد الذي يوجد فيه مستقبل لإسرائيل. لقد تمتع الإسرائيليون بمظلة دفاع وفرتها لها معا الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، دول الخليج المعتدلة والأردن. إذا كان الإسرائيليون يريدون تطوير هذا الحلف والتمتع بثماره، فمطلوب تغيير 180 درجة في نهجهم تجاه المشكلة الفلسطينية. لا عودة إلى مسار «إدارة النزاع» والرفض السياسي. لا لـ«حماس» معناها نعم للسلطة الفلسطينية.

«لقد كانت هذه الحرب ضرورية للمنطقة كونها أفشلت محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني وسيطرته في المنطقة»، شرح في بداية الشهر الزعيم الأعلى لإيران علي خامنئي. من هنا يمكن أن نتعرف على ما يشغل بال الإيرانيين ووكلائهم في الشرق الأوسط: إقامة محور معتدل يضع حدا للعدوان الإيراني ويفتح مسارا جديدا للاتفاق بين إسرائيل ومحافل فلسطينية معتدلة.

على إسرائيل أن تنضم إلى حلف المعتدلين ولهذا الغرض فإنها ملزمة بأن تتخلص من المتطرفين في الحكومة، وبالأساس إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش ورفاقهما. ولما كان نتنياهو غير معني بالتخلص من أناس «عظمة يهودية» لأن بقاءه السياسي متعلق بهم، فإن الطريق الوحيد لإنقاذ الدولة وإعادتها إلى مسار سواء العقل هو التوجه إلى الانتخابات واستبدال الحكومة الأسوأ التي شهدتها إسرائيل.

——————————————–

هآرتس 24/6/2024

سموتريتش: أقمنا منظومة مدنية منفصلة في “يهودا والسامرة ” لحرف أعين العالم.. ونتنياهو معنا

بقلم: أسرة التحرير

كشفت تسجيلات رئيس “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش التي نشرت الجمعة في “نيويورك تايمز”، عن خطة كبرى لزعيم المستوطنين وشريكه السياسي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتغيير الـ DNA لدولة إسرائيل. يعترف سموتريتش في أقواله بأن حكومة إسرائيل تضم “المناطق” [الضفة الغربية] من خلف ظهر العالم، وتستخدم الجيش للتغطية على اعمالها.

يعمل سموتريتش، وزير المالية، في منصبه الثاني كوزير في وزارة الدفاع، ومسؤول عن الإدارة المدنية في “المناطق” من أجل مشروع الاستيطان؛ ففي اجتماع عقد الأسبوع الماضي في الضفة الغربية، أشرك سموتريتش الجمهور بتقدم الخطة لنقل السيطرة على “المناطق” من الجيش إلى الحكومة؛ بمعنى، إليه. وعلى حد قوله، فإن التغييرات التي أجراها حتى الآن هي “دراماتيكية عظمى تغير DNA المنظومة”.

إضافة إلى ذلك، كشف سموتريتش النقاب عن الأحابيل التي تستخدم في الخطة لضم الضفة. شرح متباهياً: “أقمت منظومة مدنية منفصلة لصرف النقد الدولي. وسمحت الحكومة لوزارة الدفاع البقاء مشاركاً في المسيرة، بحيث يبدو أن الجيش لا يزال حاضراً في قلب الحكم في الضفة الغربية. سيكون الابتلاع أسهل لدى السياق الدولي والقانوني، كي لا يقولوا إننا نجري ضماً”. وكشف سموتريتش الطريقة: “لم نخترع الدولاب، فمنذ الأزل والحال هذه في دولة إسرائيل. تأخذ مزارعاً وألف رأس بقر بقرش ونصف، وهو يحمي لك 40 ألف دونم”. بتقديره، “في غضون بضعة أشهر، سيكون هناك نموذج يتيح ترتيب أمور الأغلبية العظمى من المزارع، ما سيفتح الباب للاستثمار، لترتيب البنى التحتية”.

لا ينبغي الوقوع في وهم أن اليمين الاستيطاني يعمل من خلف ظهر نتنياهو، ومؤيد بقاء الوضع الراهن. على حد قول سموتريتش، من اللحظة التي “فهم فيها رئيس الوزراء الحدث، بات معنا بالكامل”. نتنياهو والمستوطنون، جسم واحد.

في هذه الأيام يزيل سموتريتش الحواجز القانونية لتغيير الواقع المدني في الضفة، ويضيف ملاكات، وعين نائب رئيس إدارة مدنية من قبله، ذا صلاحيات كاملة في جملة مواضيع، ابتداء من التخطيط وانتهاء بفرض القانون. الوحيد الذي قد يتدخل في عمله هو رئيس الأركان. حسب سموتريتش، فإن أفراد الشرطة لن يحموا النظام العام، ولن يحموا الفلسطينيين. بل “توجد غايات معينة لفرض القانون، في يهودا والسامرة وزن لغاية كبرى واحدة، وهي في النهاية جغرافيا سياسية، واستراتيجية، وأمنية”.

نتنياهو وسموتريتش ورفاقهما يضمون المناطق في هذه الأيام في الطريق إلى إقامة أبرتهايد وتصفية حل الدولتين. إذا ما نجحوا في مهمتهم، ستنزع عن إسرائيل صفتها دولة ديمقراطية.

——————انتهت النشرة——————