هآرتس// التوقيع على شهادة وفاة الدولة… بقلم: مردخاي غيلات

على شهادة وفاة دولة إسرائيل سيوقع كما يبدو، آجلا أم عاجلا، بنيامين نتنياهو وشريكه في الفساد الحكومي آريه درعي. توجد لدينا شهادة ميلاد لإسرائيل، “وثيقة الاستقلال”، التي وقع عليها من بين آخرين دافيد بن غوريون، وستكون لدينا شهادة وفاة سيوقع عليها الذين سيدمرون الدولة، نتنياهو ودرعي، هذا سيكون ارث هذين الجشعين للاموال وغيرها في هذه الدولة.

حفارا القبور، اللذان في دولة سليمة كانا سيتشاركان زنزانة، ينشغلان مؤخرا باعداد مراسم الدفن الرسمية ولا يتوقفان لحظة. هما يقومان بمهاجمة أي حارس عتبة يزعجهما، ويدمران كل شيء جيد. هنا يتنازلان بشكل متعمد عن المخطوفين في غزة ويصممان على الاثبات بأن منظمة اجرام كبيرة قد سيطرت على الدولة، التي لا يوجد أي إمكانية لأحد على هزيمتها.

تدمير الهيكل الثالث يقومون به في السنة الأخيرة بشكل علني في وضح النهار، بتفاخر وابتسام، وكأن إسرائيل أصبحت أخيرا ممتلكاتهم الشخصية. السرقة الكبيرة للخزينة العامة تمت امام انظار الكثير من المواطنين الذين يتساءلون بقلق: ماذا سيحدث؟ الى أي هاوية يجرنا هؤلاء الأشخاص؟ هل سيعثرون على طوق نجاة قبل أن ينهي هذا الدمار الدولة؟.

يوجد سؤال آخر وهو هل الآن، بعد أن اتهمت لجنة التحقيق في قضية الغواصات نتنياهو بالمس بأمن الدولة، توجد احتمالية لالغاء الجنازة؟ هل لا تكفي ملفات هذا الديكتاتور الجنائية واتهامه بكارثة جبل ميرون والاخفاق الدموي في 7 أكتوبر كي يذهب الى البيت؟ ما هي احتمالية حدوث هذه المعجزة؟.

السؤال الأخير يوجد له جواب: المحكمة العليا، كمحكمة عدل عليا، فقط هي التي تستطيع وقف هذا الانجرار وإنقاذ الدولة. هي، فقط هي، تستطيع اذا رغبت واستجمعت القوة أن تقول كفى لحكومة الجريمة والفساد الوطني. الدولة الديمقراطية التي تتعرض لخطر وجودي مسموح لها الدفاع عن نفسها. هذا هو سبب أن نتنياهو يصمم على ينتف ريش المحكمة العليا، التي وزير العدل ياريف لفين يقدس الحرب ضدها، والتي دافيد امسالم تطاول على رئيسها السابق. هم لا يريدون محكمة عليا، بل هم يمقتونها.

في الالتماس لاستبعاد المتهم بتلقي الرشوة قبل اربع سنوات، حذرت المحامية دفنه هولتس – لخنر من أن الحصن سيتحطم فورا. لكنهم لم يستجيبوا. الآن نحن نوجد على مفترق طرق، أن نكون أو لا نكون. هذه هي المعارك الأخيرة في الحرب على صورة الدولة. الحصن يسقط، وما سينقذه هو قرار عقلاني لجلالهم في عدد من الالتماسات التي تصرخ الى عنان السماء، الموضوعة على الطاولة.

الالتماس الأول والأكثر أهمية هو الالتماس الذي قدمته حركة جودة الحكم ضد وزير العدل، الذي جعل نفسه حامي الفساد الحكومي. لفين هو لب المشكلة. فقد حاول وما زال يحاول احداث انقلاب نظامي لاضعاف المحكمة العليا والمس باستقلاليتها؛ يريد أن يجتث من المحكمة العليا النجاعة والليبرالية؛ يرفض تعيين القاضي المخضرم اسحق عميت رئيسا للمحكمة العليا. عمليا، هو يريد الغاء اجراء الاقدمية فقط لحرمانه من هذا المنصب. لماذا من المهم للفين ابعاده؟ أولا، لفين يعتبر مستقل ولا يخشى النظام، بالضبط ما لا يريد نتنياهو أن يشاهده. ثانيا، رئيس المحكمة العليا هو الذي يمكنه أن يقرر تشكيلة لجنة التحقيق الرسمية في اخفاق 7 أكتوبر. وهو أيضا سيقرر من الذي سيجلس في الاستئنافات التي سيتم تقديمها، اذا تم تقديمها، في ملفات الآلاف لنتنياهو.

في هذه الظروف لفين جعل عميت شخص غير مرغوب فيه لهذا المنصب، ومنذ استقالة الرئيسة استر حيوت والقاضية عنات بارون قبل ثمانية اشهر هو يرفض عقد لجنة تعيين القضاة. وهو لم يتراجع رغم التماس حركة جودة الحكم قبل سنة تقريبا، ورغم الانتقاد الذي وجه ضده في وسائل الاعلام، ورغم معرفته أن المحكمة العليا لا يمكنها العمل بدون رئيس ثابت.

لفين استخف بكرامتهم وأشار اليهم بأنه لا ينوي تعيين عميت. هم استمعوا. وفي ظل الإهانة الكبيرة صمتوا. فقط في هذا الشهر، بعد شكوى أخرى من قبل حركة جودة الحكم، اضطروا الى تسريع النقاشات في تعيين رئيس وقضاة المحكمة العليا، وقرروا أنه يجب على وزير العدل الرد على الالتماس خلال عشرة أيام. ولكن الأيام العشرة انقضت في بداية الأسبوع، وهم تراجعوا مرة أخرى. حتى كتابة هذه السطور لم يتم عقد اللجنة ولا يوجد موعد لعقدها. محامي الوزير، تسيون امير، طلب التمديد لاعطاء الرد، والقضاة بسخاء وافقوا. يوجد لهم كل الوقت في العالم.

التماس آخر مصيري حقا، منذ الحرب، الذي تم فيه اتخاذ قرار حاسم في هذا الأسبوع، هو قانون التجنيد، أو باسمه الحقيقي قانون التهرب. بعد تلعثم لسنوات وافق القضاة التسعة بالاجماع على التماسات حركة جودة الحكم، و”اخوة السلاح” وحركة “أمهات في الجبهة”، وقالوا بشكل واضح “هذا لن يستمر”. لن يستمر التمييز بين دم ودم؛ بين الذين يخدمون لاشهر في الاحتياط ويعرضون حياتهم للخطر في غزة وفي الشمال وبين طلاب المدارس الدينية؛ بين من يعملون ويساهمون في الاقتصاد وبين العاطلين الذين يعيشون على حساب الآخرين.

التماس ثالث مهم تم تقديمه في كانون الثاني: ممثلو 19 بلدة في الشمال الذين تم التخلي عنهم لاتباع حزب الله، قدموا التماس بواسطة المحامي هيرن رايخمان من العيادة الطبية القضائية في جامعة حيفا. وقد طلبوا توفير الحماية لهم وتمويل مكوثهم في الفنادق. أساس ادعاءهم، خلافا لقرار الحكومة اخلاء البلدات النائية، حتى 5 كم عن الحدود، تم اخلاء فقط بلدات تبعد 3.5 كم. المتبقية لا تحسب لها الدولة أي حساب. قرار.

“نحن تم التخلي عنا. نحن لاجئون بدون دعم”، كتبت لي اوريت ياشكين، من ممثلي هيئة الاعلام لمقدمي الالتماس، والـ”مواطنة مخلصة للشمال” حسب تعبيرها. “البلدات التي تقع على بعد عشرات الأمتار عنا تحصل على الغلاف الأفضل وتمويل الدولة، في حين أننا نحن الـ 24 ألف مواطن بقينا مكشوفين بدون مساعدة في مناطق القتال. الحديث يدور عن سكان وأطفال لهم وقت انذار صفر وبدون حماية أو تعليم أو مصدر رزق”.

أنا تحدثت مع ياشكين وغيرها واتضح من اقوالهم استنتاج واحد، هم يتحدثون للحائط، الشمال يشتعل، الناس يقتلون ويصابون، الحقول تشتعل، البساتين والبيارات يتم اقتلاعها، مئات البيوت في كريات شمونة والمنارة والمطلة وغيرها تم تدميرها ولم يحدث أي شيء. الحكومة تستمر في التخلي عن الشمال مع نثر الوعود الفارغة وكأن الامر يهمها، وكأنه في القريب سيعود الأمن الى المنطقة والمخلين يمكنهم العودة الى بيوتهم.

في ظل قضاة محكمة عليا، الذين منذ نصف سنة لا يسارعون الى الذهاب الى أي مكان، فان الحكومة تكذب على مقدمي الالتماسات مرة تلو الأخرى. هكذا في رد الدولة على الالتماس قيل، ضمن أمور أخرى، بأن سكان قرية حرفيش الدرزية لم يتم اخلاءهم لأن “الجهات المسؤولة عن ذلك في الجيش قررت أنه لا يوجد أي مبرر امني أو عملياتي للاخلاء”. بعد بضع ساعات على تقديم الرد سقطت في حرفيش مسيرة لحزب الله، جندي قتل، وأصيب عشرت جنود باصابات بليغة ومتوسطة. من لا يعرف كبر الفضيحة حتى الآن فانه عرف الآن.

لا يقل بشكل مهم ومبدئي الغاء التعديل لقانون الشرطة، الذي تمت حياكته من قبل وزير الزعرنة والعنف ايتمار بن غفير، والذي يمكنه من التدخل في قرارات الشرطة حتى في غرف التحقيق. هنا رفعت المستشارة القانونية للحكومة علم اسود كبير: هذا فظيع، قالت في جلسة داخلية مغلقة، هذا تسييس للشرطة وخطير على الجمهور. ممثلو المستشارة القانونية أيدوا مقدمي الالتماس، والمنطق يقول إن لا أحدا منهم، ربما باستثناء قاض ظلامي واحد، سيرفض الالتماس.

التماس خامس ينتظر في الدور وهو قانون اغراق الدولة بحاخامات من انتاج درعي. قانون المناصب هذا هو من القوانين الأكثر فسادا التي تم وضعها على طاولة الكنيست وطاولة قضاة المحكمة العليا، وهو يضمن الاستمرارية حتى جيل 75 سنة للفائزين المسرورين في منصب حاخام المدينة، حاخام المجلس أو الحي. بمساعدة ذلك حاول درعي بوقاحة تحويل الحاخامات الى قضاة، الذين حتى يتقاعدون في جيل السبعين. وأن يفرض على رؤساء السلطات المحلية حاخامات هو يرغب فيهم، وأن يقضم قوة الحكم المحلي.

هو فعل ذلك كي يضمن لشاس مخزون من الأصوات الثابتة، الذي على اقل تقدير يمكن أن يصل في الانتخابات الى ربع مقعد، لكنه لم يأخذ في الحسبان بأنه يوجد للفساد أحيانا حدود. هذه المناورة النتنة كشفته. فرؤساء المدن اخرجوا له الكرت الأحمر، ونتنياهو حصل على صفعة مدوية واضطر الى تأجيل التصويت على القانون.

 

الالتماس، الذي يثير الخوف من المس بطهارة المعايير واهانة الحاخامية واهانة تعليمات القانون بشكل علني، لا يفوت معضلة درعي. فهل يجب عليه تأييد انتخاب شقيقه يهودا في منصب الحاخام الرئيسي، أو أنه سيفضل صديقه المقرب الحاخام دافيد يوسف، شقيق الحاخام الرئيسي الحالي. هذه المعضلة،  كما يقول  مقدمو الالتماس، هي السبب في تأجيل الانتخابات، التي يمكن تأجيلها مرة أخرى. وهم يأملون بأن تساعدهم مكانتهم على تنظيف الاسطبل. هذا في متناول اليد، لا سيما عندما يعرفون سبب الرائحة النتنة.