الإعلام العبري … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 19/7/2024

المستوطنات: المشروع العقاري الفاشل لإسرائيل

بقلم: شاؤول ارئيلي

بيانات المكتب المركزي للاحصاء في نهاية شهر أيار عن الوضع الديمغرافي الاسرائيلي في الضفة الغربية (بدون شرقي القدس) تدل على الفشل المتواصل لمشروع الاستيطان. التوجهات الديمغرافية متعددة السنوات والتصعيد في الضفة الغربية على خلفية الحرب في غزة اوقفت جهود حكومة نتنياهو – سموتريتش التي تهدف الى هزيمة الفلسطينيين في الضفة الغربية من خلال استثمارات في الميزانية غير مسبوقة في المستوطنات. حتى شرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية والتغييرات التنظيمية الدراماتيكية في الادارة المدنية وفي وزارة الدفاع وعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وعجز الجيش الاسرائيلي في مواجهته، كل ذلك لا يغير صورة الفشل الشاملة.

منذ بداية العام 2023 وحتى نهاية أيار 2024، انتقل من اسرائيل الى الضفة الغربية 615 شخص، اكثر من الذين عادوا الى اسرائيل. في ثلث المستوطنات (47) كان يوجد في تلك الفترة ميزان كامل للهجرة السلبية (عدد الذين غادروا اكبر من الذين جاءوا من اسرائيل ومن الخارج). المستوطنات التي تمثل الارقام القياسية هي موديعين عيليت (-1076)، معاليه ادوميم (-582)، افرات (-199)، حشمونئيم (-149). الظاهرة الوحيدة التي ساعدت على تخفيف المنحى السلبي هي وصول 965 مهاجر جديد من الخارج بشكل مباشر الى المستوطنات. أي أنه هاجر الى الضفة الغربية سكان من الخارج اكثر من السكان من اسرائيل.

السكان في مستوطنات الضفة يواصلون الزيادة بنفس الوتيرة مثلما في العقد الاخير. وقد وصل عدد السكان هناك في نهاية أيار 2024 الى 497.589 شخص، يعيشون في 134 مستوطنة و120 بؤرة استيطانية غير قانونية. ولكن الاغلبية الساحقة للزيادة في الضفة، 92 في المئة من اجمالي الزيادة، كانت نتيجة الزيادة الطبيعية (الولادات ناقص الوفيات)، التي بلغت في هذه الفترة 17.814 نسمة. فحص سريع يظهر أن نصف الزيادة الطبيعية (46 في المئة) مصدرها في المدن الحريدية الكبيرة، موديعين عيليت وبيتار عيليت، ومع جفعات زئيف الآخذة في التدين فان نسبة الزيادة الطبيعية في هذه المدن الثلاثة هي تقريبا نصف اجمالي الزيادة الطبيعية في الضفة الغربية. هذه المستوطنات الثلاثة فقط القريبة من الخط الاخضر توجد في مجال الاتفاق بأنه يتوقع ضمها الى اسرائيل في اطار تبادل الاراضي في الاتفاق الدائم.

المتابعة متعددة السنوات التي تجرى في مجموعة الابحاث “تمرور” استنادا الى معطيات المكتب المركزي للاحصاء، تظهر صورة ممتعة ومفاجئة.

اولا، بالنسبة للمدن اليهودية الاربعة التي يعيش فيها تقريبا نصف الاسرائيليين في الضفة (43 في المئة)، اريئيل، الاصغر من بينها والتي في معظمها هي علمانية وسكانها في السنوات الستة الاخيرة يراوحون في المكان، 20 – 21 ألف نسمة، سكانها آخذون في الشيخوخة. نسبة السكان فيها تحت جيل 19 سنة أقل من ربع السكان. نصف اصحاب حق الاقتراع يصوتون لليكود، وعدد قليل منهم لاحزاب اليمين المتطرف أو الحريديين (نسبة الحريديين في المدينة هامشية، 1.3 في المئة). هذه المدينة تم تصنيفها في العنقود الاقتصاد – الاجتماعي 6، فوق المتوسط في الضفة (العنقود 4).

معاليه ادوميم، المدينة الثانية من حيث الحجم، هي مدينة علمانية وتصنف في العنقود 6، وهي تعاني من العام 2013 من ميزان هجرة اجمالي سلبي، الآخذ في الزيادة. سكانها في السنوات السبعة الاخيرة يراوحون حول 38 ألف نسمة بدون نمو. هي ايضا آخذة في ازدياد متوسط العمر فيها، ونسبة السكان تحت جيل 19 سنة فيها انخفضت الى الثلث. حوالي نصف المصوتين فيها يصوتون لليكود (النسبة انخفضت في العقد الاخير)، و30 في المئة منهم يصوتون لاحزاب اليمين المتطرف، و20 في المئة يصوتون للاحزاب الحريدية رغم الحريديين الذين يعيشون فيها هم فقط 3 بالمئة من السكان. هذه التوجهات في المدن العلمانية تشرح الانخفاض في نسبة العلمانيين في اوساط المستوطنين في الضفة، من 35 في المئة في 2010 الى 26 في المئة في أيار 2024.

بيتار عيليت، الثالثة من حيث الحجم، هي في غالبيتها المطلقة حريدية، 93.1 في المئة من السكان. بعد سنتين على ميزان هجرة سلبي انقلب التوجه. سكان المدينة زادوا واصبحوا 68.363 نسمة، بالاساس بسبب الزيادة الطبيعية. 60 في المئة من المصوتين فيها صوتوا ليهدوت هتوراة، 30 في المئة لشاس. المدينة مصنفة في العنقود الادنى، العنقود 1. وموديعين عيليت، الاكبر من بين هذه المدن، هي حريدية (95.8 في المئة من السكان) وهي مصنفة في العنقود المتدني جدا. وفي العقد الاخير هي تعاني ايضا من ميزان هجرة سلبية، الذي يتم اخفاءه عن طريق الزيادة الطبيعية المرتفعة. وقد بلغ عدد سكانها في أيار 2024، 86.816 نسمة. 80 في المئة من المصوتين فيها صوتوا ليهدوت هتوراة والباقون لشاس. بسبب الزيادة الطبيعية في هذه المدن فقد ارتفعت نسبة الحريديين في اوساط الاسرائيليين في الضفة من 32 في المئة في 2010 الى 37 في المئة في أيار 2024. المدن الثلاثة الكبيرة التي تضم 90 في المئة من السكان الحضريين يتوقع أن يتم ضمها لاسرائيل في اطار الاتفاق الدائم.

ثانيا، المتابعة التي يتم اجراءها تظهر صورة هامة ايضا بالنسبة للمجالس المحلية الـ 14 التي يعيش فيها نحو خُمس السكان الاسرائيليين في الضفة (22.2 في المئة). في المجلس المحلي الاكبر جفعات زئيف، نسبة الحريديين بلغت نصف السكان، الذين ينمون بوتيرة مرتفعة بشكل خاص، وفي هذه السنة قفزت الى 22.503 نسمة، اكثر من سكان اريئيل. ايضا في عمانوئيل الحريدية فان الزيادة السنوية في تسارع، وعدد السكان فيها بلغ 5.142 نسمة.

في المجالس المحلية العلمانية الزيادة في عدد السكان انخفضت وتوقفت كما يلي: اورانيت (9.397 نسمة)، الفيه منشه (8 آلاف نسمة)، بيت آريه (5.603 نسمة)، هار أدار (4.140 نسمة). معاليه افرايم، الاصغر من بين المجالس المحلية والتي أخذت تتضاءل في الاعوام 2005 – 2013، بدأت في الازدياد مرة اخرى وعدد سكانها يبلغ اليوم 1.419 نسمة، حتى الآن هذا العدد اقل من عدد السكان فيها قبل عقدين.

في المجالس المحلية الدينية – القومية المنحى مختلط. بعضها ازداد مثل افرات التي نمت ووصلت الى 11.940 نسمة، وكرنيه شومرون التي تم ضم اليها معاليه شومرون، ازدادت ووصلت الى 10.179 نسمة، وشاعر هشومرون الجديدة، التي ولدت من اتحاد شعاري تكفا وعيتس افرايم، وصلت الى 9.027 نسمة، كريات اربع وصلت الى 7.601 نسمة، والكنا وصلت الى 4.453 نسمة. جزء منها بقي مستقر، مثلا بيت ايل مع 6.469 نسمة، كدوميم مع 4.600 نسمة. عمليا، معظم المجالس المحلية (9 من بين 14) التي تضم 77 في المئة من اجمالي السكان، يتوقع أن يتم ضمها لاسرائيل في اطار تبادل الاراضي في الاتفاق الدائم.

في المجالس المحلية الستة، التي يعيش فيها تقريبا ثلث السكان الاسرائيليين في الضفة (35 في المئة)، وجدت توجهات مختلطة. المجالس الدينية – القومية التي تحصل على اغلبية موارد الحكومة تستمر في النمو. مثلا، متيه بنيامين الاكبر من حيث عدد السكان، اوزداد ووصل الى 78.089 نسمة. مجلس هشومرون الاكبر من حيث المساحة ازداد ووصل الى 46.162 نسمة، مجلس غوش عصيون ازداد ووصل الى 27.812 نسمة، مجلس هار حبرون ازداد ووصل الى 11.842 نسمة. في المقابل، مجلس عرفوت هيردين العلماني يعيش فيه 6.767 نسمة، في مغيلوت البحر الميت، الاصغر من بينها والعلمانية، يعيش فيها فقط 2.254 نسمة. أي أنه في كل غور الاردن ومنطقة البحر الميت التي تشكل ثلث مساحة الضفة تقريبا عدد الاسرائيليين بقي متدن جدا، اقل من 10 آلاف نسمة.

هذه التوجهات التي ذكرت اعلاه والتي تميز العقد الاخير يوجد لها عدة تداعيات رئيسية. الاول، نسبة الحريديين في السكان الاسرائيليين في الضفة ارتفع الى 37 في المئة. هذه المجموعة السكانية الى جانب مستوطنات اخرى فقيرة تؤدي الى أن اكثر من 40 في المئة من المستوطنين ينتمون للعنقود الاقتصادي – الاجتماعي الادنى (1). ومن اجل المقارنة فان هذه النسبة اكبر تقريبا بعشرة اضعاف من نسبة الذين ينتمون للعنقود 1 داخل حدود اسرائيل.

السكان اليهود في الضفة اصبحوا مع مرور الوقت اكثر فقرا وهم ويعتمدون اكثر على دعم الحكومة. ومن اجل اثبات ذلك فان نسبة اسهام الحكومة بواسطة المنح المختلفة بلغت في العام 2022، 63 في المئة بالمتوسط من الميزانية العادية، و60 في المئة من الميزانية غير العادية لاجمالي الـ 24 مجلس محلي في الضفة الغربية. هذا في حين أن متوسط الاسهام داخل حدود الخط الاخضر في الميزانية العادية هو 42 في المئة، وفي الميزانية غير العادية هو 39 في المئة. ولا يقل اهمية عن ذلك هو أن ثلث دعم الحكومة في الضفة تقريبا مخصص للرفاه. رغم أن الاسرائيليين هناك يشكلون حوالي 5 في المئة من سكان اسرائيل إلا أنهم يحصلون على 7.22 في المئة (2.340.613.000 شيكل) من اجمالي منح الحكومة للميزانية العادية، و8.1 في المئة (740.855.000 شيكل) من اجمالي المنح للميزانية غير العادية. تمويل دافعي الضرائب الاسرائيليين يوزع بصورة تناقض توصيات لجان مختلفة، ويؤدي الى أنه في حين أن متوسط دخل الفرد في الميزانية العادية داخل حدود اسرائيل هو 8.832 شيكل، فان متوسط الدخل الموازي لسكان الضفة الاسرائيليين هو 10.300 شيكل. أي أنه في المتوسط السكان في الضفة يحصلون على خدمات اكثر جودة مقارنة مع سكان اسرائيل في مجالات الرفاه والتعليم والثقافة.

إن اغداق الموارد هذا يجد تعبيره في الرأي العام في اوساط المستوطنين. نحن قمنا باجراء ثلاثة استطلاعات خاصة في الاعوام 2016 – 2023 في اوساط عينات تمثيلية كبيرة للسكان اليهود البالغين (فوق جيل 18 سنة) في الضفة الغربية من اجل فحص مواقف الجمهور حول عدة حلول سياسية في قضية الجغرافيا. وقد اظهرت هذه الاستطلاعات بأنه مع مرور الوقت فان مستوطني “جودة الحياة” اصبحوا ايديولوجيين اكثر، في حين أن المستوطنين الايديولوجيين يعتبرون جودة الحياة السبب الرئيسي للعيش في الضفة.

على سبيل المثال، في العام 2016 فقط 19 في المئة من الجمهور الايديولوجي اشاروا الى جودة الحياة كدافع للاستيطان في الضفة الغربية. وفي العام 2023 فان 38 في المئة منهم قالوا بأنهم يقومون بالاستيطان ايضا لاسباب تعود لجودة الحياة. في المقابل، العامل الايديولوجي في المستوطنات بقي العامل الاكثر اهمية، لكن في العام 2023 ميز هذا العامل 49 في المئة من المستوطنين مقابل 62 في المئة في العام 2016.

التأثير الثاني لهذه التوجهات الاجتماعية – الايديولوجية هو أنه رغم الزيادة في عدد الاسرائيليين في الضفة إلا أن نسبتهم في اجمالي سكان الضفة هي 14 في المئة فقط. أي أنه في اوساط سكان الضفة توجد اغلبية عربية ثابتة، وضمهم سيضعضع كليا الميزان الديمغرافي في اسرائيل، أو سيضعضع نظامها الديمقراطي، اذا لم يتم اعطاء الفلسطينيين حقوق متساوية، كما اعلن بتسلئيل سموتريتش.

التأثير الثالث هو أن الزيادة المستمرة في اوساط السكان العرب في مناطق ج، التي تبلغ الآن 392 ألف نسمة، تحول ايضا ضم مناطق ج الى أمر غير منطقي من ناحية ديمغرافية، أمنية واقتصادية. نسبة الاسرائيليين في مناطق ج، التي كانت اغلبية واضحة، انخفضت من 82 في المئة في 2010 الى 55 في المئة في نهاية 2023. من هنا فان اقوال الوزيرة اوريت ستروك، التي طلبت مؤخرا تسريع الاستيطان في جبل الخليل – “يا بتسلئيل، أنا أريد قبل أي شيء جبل الخليل. وهو وافق على ذلك” – هي اقوال لا معنى لها من ناحية السيطرة على الارض. حيث أنه من جنوب غوش عصيون في محافظة الخليل يعيش 18 ألف اسرائيلي بين الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم 822 ألف نسمة (2.1 في المئة فقط).

التأثير الرابع هو أن اكثر من النصف (59 في المئة) من الاسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الاخضر يعيشون قربه (5 كم)، وسيتم ضمهم الى اسرائيل في اطار تبادل الاراضي، وحتى أن معظم الذين يعيشون في مسافة 5 – 10 كم، مثل معاليه ادوميم وجفعات زئيف وافرات، سيتم ضمهم الى اسرائيل في اطار الاتفاق الدائم. رغم أن عدد المستوطنات المعزولة والبعيدة عن الخط الاخضر (10 كم واكثر) هو تقريبا نصف اجمالي المستوطنات في الضفة (46 في المئة)، 62 مستوطنة، فان سكانها عددهم قليل (123 ألف نسمة، 24 في المئة من اجمالي الاسرائيليين الذين يعيشون في الضفة)، معظمها تنتمي للتيار القومي المتطرف المسيحاني، الذي اختار الاستيطان هناك من اجل منع اقامة الدولة الفلسطينية. ايضا حول هذه القضية نرى في الاستطلاعات التي اجريناها بأنه يجب التمييز بين الجمهور الايديولوجي وجمهور “جودة الحياة”. قضية الضم احادي الجانب للمناطق على سبيل المثال، في 2023 أيد هذه الخطوة الثلثين (66 في المئة) من المستوطنين الايديولوجيين، مقابل الثلث (35 في المئة) من مستوطني “جودة الحياة”.

يجب الذكر بأن تبادل الاراضي باقل من 4 في المئة في اطار العملية السياسية سيمكن من بقاء 80 في المئة من الاسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الاخضر تحت سيادة اسرائيل،حيث أن  معظم المخلين هم من الذين ينتمون للتيار الايديولوجي في اليمين المسيحاني. هنا تشير نتائج الاستطلاعات الى التطرف في اوساط المستوطنين في كل ما يتعلق بامكانية الاخلاء. اذا كان في العام 2016 فقط خُمس مستوطني “جودة الحياة” (19 في المئة) واقل من نصف المستوطنين الايديولوجيين (44 في المئة) قالوا بأنهم سيرفضون الاخلاء في أي حالة اذا توصلت اسرائيل الى اتفاق مع الفلسطينيين، فانه في العام 2023، 35 في المئة من مستوطني جودة الحياة و56 في المئة من الايديولوجيين قالوا إنهم سيرفضون الاخلاء في اطار الاتفاق.

حتى لو تم عرض على المستوطنين تعويضات فورية عن بيوتهم وممتلكاتهم في اطار خطة اخلاء – تعويض، فانه في اوساط مستوطني جودة الحياة نسبة الموافقة على الاخلاء انخفضت من 66 في المئة في 2016 الى 55 في المئة في 2023. في اوساط المستوطنين الايديولوجيين انخفضت النسبة من 45 في المئة في 2016 الى 35 في المئة في 2023. هذه التوجهات المذكورة اعلاه تدل على أن الايديولوجي اصبح برجوازي، والبرجوازي اصبح ايديولوجي. إن طمس الهوية هو نتيجة مباشرة لتطبيع الاحتلال في اوساط المجتمع الاسرائيلي.

السؤال الكبير هو هل الجمهور الحريدي والجمهور العلماني سيتعاونان في نهاية المطاف مع الخطوات التي يدفعها قدما الجمهور القومي المتطرف المسيحاني الصغير؟ هل ازاء التسهيلات الاقتصادية المبالغ فيها التي ترافق الانتقال الى الضفة الغربية سينتقل حريديون وعلمانيون الى هناك بالآلات بشكل سيغير التوجه الديمغرافي السلبي، ويلغي الامكانية الموجودة الآن لحل الدولتين؟ هل تبذير موارد الدولة من اجل تحقيق الحلم المسيحاني الذي لا توجد له أي فائدة سياسية، سيستمر، ويضر بمكانة وصورة واقتصاد، وبالاساس أمن، دولة اسرائيل؟.

———————————————

يديعوت 19/7/2024

معاني قرار محكمة العدل الدولية حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة

بقلم: طوفا تسيموكي

من الصعب على المرء أن يجد اليدين والقدمين في القرار الذي ستتخذه اليوم محكمة العدل الدولية. البروفيسور تمار هوستوبسكي براندس من الدار الاكاديمية هونو ومعهد التفكير الإسرائيلي، ترتب الأمور.

– أي محكمة ستقرر اليوم؟

+ هذه محكمة العدل الدولية. هذه المحكمة هي هيئة من الأمم المتحدة لها مهمتان الأولى – ان تحسم في نزاعات قضائية بين الدول: مثلا، دعوى لجنوب افريقيا ضد إسرائيل تجري في هذه المحكمة.
الثانية – اصدار فتوى استشارية لهيئات الأمم المتحدة المختلفة. هذه المهام تختلف عن مهام محكمة الجنايات الدولية التي توجد أيضا في لاهاي. محكمة الجنايات تعنى بتقديم الأشخاص الى المحاكمة على جرائم القانون الدولي (المدعي العام طلب اصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالنت مؤخرا).

– اذا كان كذلك، فهل هذه فتوى ملزمة؟

+ من ناحية قانونية رسمية، لا. المكانة الرسمية للفتوى هي مكانة إستشارة. صحيح ان محكمة العدل الدولية هي الجسم القضائي الأهم للساحة القانونية الدولية وبالتالي لقراراتها وزن ثقيل حول الشكل الذي تفهم فيه دول وهيئات دولية الوضع القانوني، وبالنسبة لسلوكها في اعقاب ذلك.

– بمَ تعنى الفتوى؟

+ في 19 كانون الثاني 2023 توجهت الجمعية العمومية للأمم المتحدة الى محكمة العدل الدولية بطلب لاصدار فتوى حول “تداعيات سياسة وممارسة إسرائيل في المناطق الفلسطينية المحتلة بما فيها شرقي القدس. وطلب من المحكمة ان تصدر فتوى في مسألة “ما هي التداعيات القانونية لخرق حقوق الانسان للشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير، من الاحتلال المتواصل، الاستيطان والضم للأرض الفلسطينية المحتلة منذ 1967 بما في ذلك تغيير التركيبة الديمغرافية، طابع ومكانة المدينة المقدسة القدس”؛ إضافة الى ذلك طلب من المحكمة ان تجيب على سؤال كيف تؤثر هذه السياسة والممارسة على المكانة القانونية للاحتلال وما هي التداعيات القانونية لعموم الدول والأمم المتحدة.

بالاجمال، المسألة المركزية للطلب هي مسألة شرعية السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية. صيغة السؤال توجه المحكمة للإجابة على السؤال اذا كانت مجرد السيطرة الإسرائيلية في الضفة تشكل اليوم احتلالا غير شرعي ام ضم – أفعال تعتبر محظورة حسب القانون الدولي.

– لكن إسرائيل تسيطر في المنطقة منذ 1967. لماذا الادعاء بان هذا غير شرعي يأتي الان فقط؟

+ كقاعدة، القانون الدولي لا يمنع وجود الاحتلال. الاحتلال هو وضع وقائعي يمكن أن يوجد. لكن فرضية عمل قوانين الاحتلال هي ان الاحتلال هو وضع مؤقت. اذا كان المؤقت لم يعد يوجد، فاننا نتحرك نحو ضم يشكل خرقا للقانون الدولي. الخلفية لتوجه الجمعية العمومية للمحكمة هي ادعاءات لاعمال تنفذها إسرائيل في الضفة: توسيع المستوطنات وتطبيق أجزاء من القانون الإسرائيلي في المنطقة مما يشكل ضما فعليا – وبالتالي يحول السيطرة الإسرائيلية في المنطقة الى غير شرعية. الادعاءات أيضا هي ان هذه الاعمال تخرق واجبات إسرائيل في اتفاقات أوسلو – والتي استندت إسرائيل نفسها اليها في السنوات الأخيرة امام الهيئات القضائية الدولية سواء مباشرة ام عبر ادعاءات طرحت في صالحها من قبل حلفائها.

– ماذا يحصل اذا قررت المحكمة بان هذا بالفعل احتلال غير شرعي او ضم؟

+ هذه كما أسلفنا فتوى استشارية وغير ملزمة. ومع ذلك قول المحكمة ان الاحتلال الإسرائيلي في الضفة غير شرعي وان على الدول ان تمتنع عن الاعتراف به، من شأنه ان يعطي ريح اسناد لفرض عقوبات من دول وهيئات دولية ضد دولة إسرائيل وتوسيع العقوبات التي فرضت منذ الان على هيئات وافراد في الضفة.

——————————————–

هآرتس 19/7/2024

شخصيات مقربة ووقائع سياسية: كل الإشارات تجاه “الصفقة”.. حتى صلاة بن غفير بـ”وجه متجهم”

بقلم: عاموس هرئيل

قال وزير الدفاع غالانت هذا الأسبوع إن ثمة فرصة صغيرة للتوصل إلى صفقة لتحرير المخطوفين. على إسرائيل أن تسعى لتحقيق ذلك خلال أسبوعين. مصدر أمني رفيع قدر أنه يمكن إتمام صفقة خلال 24 ساعة. وعبر حزب “شاس” والوزيرة غيلا غملئيل (الليكود) والوزيرة ميري ريغف (الليكود) عن دعم كامل للتوصل إلى صفقة الآن، وتتفق المنظومتان السياسية والأمنية على أن القرار في يد شخص واحد، رئيس الحكومة نتنياهو.

عائلات الخمس مراقبات المخطوفات خرجت في الأسبوع الماضي، في صورة نادرة، لتشجيع لقاء مع الوزير المقرب جداً من نتنياهو: رون ديرمر. قال الوزير حسب قول ايلي الباغ، والد المراقبة ليري: الأمر سيحدث في هذه المرة”. عميت سيغل، الذي على الأغلب يقرأ نتنياهو أفضل من مراسلين آخرين، أطلق هذا الأسبوع ما يشبه بالون الاختبار في قناة أخبار 12. في التقرير الأول قيل إن تفاهماً يتبلور بأن القتلة الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في الصفقة، المئات، سيتم طردهم من “المناطق” [الضفة الغربية] إلى الخارج. في المقال الثاني، قيل إن توجه الحكومة سيكون نحو الصفقة، التي يتطلع للوصول إليها بعد نهاية الأسبوع القادم، أي بعد إلقاء خطابه في الكونغرس وعند انتهاء دورة الكنيست الصيفية. لكن الصعوبة تكمن في كيف يقنع شركاءه في اليمين المتطرف، الوزيرين بن غفير وسموتريتش، في عدم الانسحاب من الحكومة حتى نهاية السنة رغم معارضتهما للصفقة.

المشكلة أن نتنياهو يبث رسائل متناقضة في جوهرها. أمس، اختار من كل الأماكن في العالم أن يزور محور فيلادلفيا في رفح، ونشر فيلماً أكد فيه أهمية السيطرة على هذا المحور الواقع على الحدود بين القطاع ومصر، لأمن إسرائيل. إلى جانب الطلب الجديد بشأن فيلادلفيا الذي لم يظهر في اقتراح بايدن – نتنياهو في نهاية أيار، يطلب رئيس الحكومة الآن ضمان عدم عودة مسلحي حماس إلى شمال القطاع، أي أنه يرفض إخلاء ممر نتساريم. رئيس الموساد، دافيد برنياع، قال هذا الأسبوع لوزراء الكابنيت إننا لا نملك الوقت الكافي لإتمام تركيب وسائل مراقبة تكنولوجية في المكان إذا أردنا وبحق التوصل إلى صفقة في القريب.

إن تصميم رؤساء جهاز الأمن على جدول زمني إنما يتعلق بالساحة الدولية، والاقتراح الذي ردت عليه حماس بالإيجاب في 3 تموز يشمل الموافقة على طلب إسرائيل الرئيسي في المفاوضات في الأشهر الأخيرة، وهو إبقاء إمكانية استئناف القتال إذا فشلت المفاوضات حول المرحلة الثانية من الصفقة (إطلاق سراح المخطوفين غير المشمولين في “المرحلة الإنسانية” في المرحلة الأولى للصفقة)، وهذا يمكن أن يحدث في غضون 42 يوماً منذ بداية الصفقة. هذه الأسابيع الستة، والأسبوعان أو الثلاثة إلى حين بلورة الصفقة، ستوصلنا إلى بداية تشرين الأول. وستكون الانتخابات الأمريكية في بداية تشرين الثاني. والتقدير الإسرائيلي أنه في حالة هزم الرئيس الأمريكي أمام ترامب، أو أن مرشحاً ديمقراطياً آخر هزم في المنافسة على الرئاسة، وبقي في البيت الأبيض حتى دخول الوريث في كانون الثاني، فإنه سيتبع خطاً أكثر تشدداً، ولن يسمح باستئناف القتال في ظل غياب أي تقدم.

بدأ التحرك في المفاوضات يحدث على خلفية الضغط العسكري الأكثر نجاعة، الذي يستخدم على حماس مؤخراً. تصفية محمد الضيف اعتبرت في إسرائيل نجاحاً، رغم أنه لا دليل على موته حتى الآن. تحليل المعلومات الاستخبارية والبيانات على الأرض تشير إلى موته باحتمالية عالية (كالعادة، يجب إضافة ملاحظة تحذير عن نجاحه في التملص من عمليات تصفية في السابق). الظروف القاسية في الأنفاق وصعوبة تشغيل منظومة القيادة والسيطرة العملياتية هناك، تجعل الكثيرين من أعضاء حماس يخرجون فوق الأرض. إسرائيل قتلت مؤخراً العشرات منهم في هجمات جوية قاتلة في أرجاء القطاع. وتقدر قيادة المنطقة الجنوبية أن ألف مخرب قتلوا في المعارك في الشهر الأخير. إضافة إلى ذلك، حسب رئيس الـ سي.آي.ايه وليام بيرنز، فإن المستويات المتوسطة في حماس تجد صعوبة في الصمود، وقادتها يتوجهون إلى السنوار للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

في كل الحالات، هذه هي الطريقة التي يطرح فيها غالنت والجيش و”الشاباك” الصورة. من الجدير التذكر بأنه قبل شهر تقريباً كان لهم خطة أخرى، وهي الإعلان عن هزيمة الذراع العسكري لحماس عند انتهاء العملية في رفح، والتوسل لنتنياهو لعقد الصفقة والانسحاب من القطاع. رئيس الحكومة فرض الفيتو على ذلك، وأعلن من فوق كل منصة نيته الاستمرار في القتال حتى النصر المطلق. الادعاء الجديد لجهاز الأمن، أن حماس الآن تمر في أدنى حضيض لها منذ بداية الحرب، لذلك من الجدير عقد اتفاق، هو نسخة جديدة لرواية قديمة. السؤال هو: هل سيوافق نتنياهو عليها أم ينوي مواصلة ضرب حماس على أمل تحقيق فيما بعد المزيد من التنازلات؟

خصخصة التسريبات

من يظهر التسامح لاعتبارات نتنياهو يمكنه الادعاء بأنه يعمل على تحسين إنجازات إسرائيل في المفاوضات، وليس من أجل إفشالها. رئيس الحكومة يبث بطريقة ما أن الزمن يعمل في صالحه. “لدينا وقت. المخطوفون لا يموتون، هم يعانون”، قال في هذا الأسبوع لإرضاء الكابنيت الأمني. إلى جانب الانغلاق الفظيع الذي تبثه هذه الأقوال، هي أيضاً غير مرتبطة بالواقع. عشرات المخطوفين ماتوا في هذه الأشهر بسبب المرض أو القتل على يد آسريهم أو بقصف الجيش الإسرائيلي.

يبدو أن سفر نتنياهو إلى واشنطن قد يسمح بحدوث انعطافة. وقال مصدر أمريكي رفيع للصحيفة بأنه “يجب التمييز بين الأقوال العلنية والأقوال التي هي حقاً جزء من المفاوضات. ليس لدي أي تفسير جيد للحاجة إلى قول بعض هذه الأقوال علناً. ثمة مواضيع مشروعة يجب معالجتها، وحسب رأينا توجد طريقة لعمل ذلك. لذلك فإن رئيس الـ سي.آي.ايه بيرنز، والمبعوث الأمريكي بريت ماكغورك، على استعداد لمواصلة التفاوض للمضي بذلك. نضغط على جميع الأطراف، لكننا على الأغلب لا نتحدث عن ذلك في الخارج حتى نسمح للطرفين بإظهار مرونة في المفاوضات”.

حتى الآن، يبدو أن نتنياهو قد يغير بين حين وآخر تكتيكه في تأخير المفاوضات، لكنه لم يتنازل حتى الآن عن استراتيجية التأخير. خطوات تشويش التقدم مستمرة، وتأتي من داخل الحكومة نفسها. منذ كانون الأول الماضي، وبعد أسابيع من تفجر المفاوضات في نهاية الصفقة الأولى، يتم تبادل مسودات الصفقة الجديدة. في السابق كان هناك شك بأن مكتب رئيس الحكومة هو الذي يسرب التفاصيل، والآن تقول مصادر أمنية، توجد خصخصة للتسريبات. سموتريتش، والوزيرة أوريت ستروك أيضاً، يظهران التضلع المفاجئ في مسار الصفقة.

وهما يعلنان بين حين وآخر عن خطوط حمراء مثل البقاء في محور فيلادلفيا وممر نتساريم، والامتناع عن تحرير سجناء فلسطينيين. وحتى بن غفير يساهم بعبواته الناسفة الخاصة به. صباح أمس، التقطت له صور في الحرم وهو متجهم الوجه. في بعض التقارير، قيل إنه (يصلي صلاة ما قبل أيام “بين همتساريم”، وهي الأسابيع الثلاثة في التقويم العبري التي تأتي بين صوم 17 تموز وصوم 9 آب). وهو نفسه أعلن أنه صلى لمنع صفقة سيئة. صلاة علنية لوزير في الكابنت داخل الحرم بمثابة وضع إصبع في عين الفلسطينيين. ربما من الجدير بشخص أن يسحب ياقة رئيس الحكومة مرة أخرى. في أحد النقاشات، حذر رئيس “الشاباك” رونين بار، بن غفير بأن تبجحه الدائم بالمس بظروف السجناء الفلسطينيين قد يمس بظروف حياة مخطوفينا. استشاط بن غفير غضباً- جهد تخريبي آخر استند إلى إغراق وسائل الإعلام بالتفاصيل. في هذا الأسبوع، قامت مصادر إسرائيلية بتزويد صحيفة “واشنطن بوست” بالتفاصيل الدقيقة جداً عن الاتفاق المتوقع. الطريقة مكشوفة: كل تفصيل يتضمن تنازلاً إسرائيلياً، قد يشعل الغضب السياسي ويؤدي إلى تفجير المفاوضات.

في الخلفية يتراكم غضب عائلات المخطوفين والعائلات الثكلى وحركات الاحتجاج. وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تأييد جارف للصفقة إلى جانب معارضة نصف الجمهور لمواصلة استمرار هذه الحكومة. جزء كبير من ذلك يأتي بفضل أهداف نتنياهو الشخصية ورجاله. في بداية الأسبوع وبعد بضع ساعات على محاولة فاشلة لاغتيال ترامب، اختارت الحكومة تكريس ساعتين للأخطار التي يتعرض لها كما يبدو أمن نتنياهو وأبناء عائلته، كما أشار إلى ذلك رئيس المعارضة يئير لبيد، وهو على حق. كل جندي في غزة حياته معرضة للخطر أكثر من أبناء العائلة الأكثر حماية في الدولة، ولا نريد الحديث عن المخطوفين الموجودين في الأنفاق.

في اللقاء مع آباء وأمهات المراقبات اللواتي قتلن في “ناحل عوز”، أظهر نتنياهو جهلاً مقلقاً بخصوص ظروف المعركة هناك، وبخصوص الظروف التي خدمت فيها المجندات. آباء المراقبات الخمس المخطوفات، عقدوا هذا الأسبوع مؤتمراً عرضوا فيه صوراً فظيعة لهن، مصابات بالكدمات في الأيام الأولى من الأسر. توجه الآباء إليه وطالبوا بالالتقاء معه ليوافق على الصفقة وعدم السفر إلى واشنطن إذا لم يقرر تبنيها. نتنياهو تجاهل كل ذلك، لكنه قال في مناسبة أخرى إنه التقى عائلات “مئات المخطوفين” وعائلات من الكيبوتسات أيضاً. وهو ادعاء مشكوك أن يصمد في امتحان الواقع.

يظهر بشكل واضح أن بعض الآباء الثكالى رفعوا القفازات أمامه. وفي الفترة الأخيرة، تجري قرب حدود القطاع مسيرة نظمها آباء الجنود الذين قتلوا في 7 أكتوبر إلى جانب سكان من الغلاف. المقابلات مع المشاركين في المسيرة التي تسمع بين حين وآخر في القنوات، تفطر القلب. مطالبتهم الأساسية تتعلق بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. لكن نتنياهو يتهرب. حسب قوله “ليس الوقت المناسب، ومن الأفضل الانتظار حتى انتهاء الحرب”. حتى لجنة التحقيق لا تعتبر تهديداً فورياً عليه، هذا إجراء قد يستمر لسنوات، وبالتأكيد في قضية معقدة جداً.

هل يوجد هنا كتلة حاسمة، ترجح الكفة لصالح الصفقة؟ في الكابنيت والحكومة كما يبدو أغلبية للمصادقة عليها، حتى بثمن تقديم تنازلات مؤلمة. جزء من الإجابة يتعلق بموقف قادة جهاز الأمن والاستعداد للقيام بخطوات شخصية إذا تم تفويت هذه الفرصة مرة أخرى. رئيس الأركان، هرتسي هليفي، ينتظر انتهاء التحقيقات في الجيش الإسرائيلي.

يتلقى رئيس “الشاباك” بين حين وآخر توسلات من قبل أسلافه في المنصب، كي لا يتجرأ على ترك مكانه، وبذلك يمكن نتنياهو من تعيين البديل الذي يريده. ورئيس الموساد امتنع عن التصريحات العلنية. غالنت من بينهم هو الذي يدير الآن حرباً علنية ضد رئيس الحكومة، لصالح الصفقة وتعيين لجنة تحقيق رسمية. نتنياهو يفكر في احتمالية إقالته، لكنه يخشى من إشعال احتجاج جماهيري كما كان في آذار 2023.

وزن جزئي

بعد أسبوع على عرضه على الملأ، يصعب القول إن تحقيق الجيش الإسرائيلي في المعركة في “بئيري” حقق النتائج المأمولة. أملت هيئة الأركان بأن هذا سيكون بداية التصحيح: أن يصف الجيش ما حدث بكل شفافية، وبكل الأخطاء والعيوب. وأن يعرف المجتمع الذي تعرض لضربة وهو يعاني، ما الذي حدث. ربما سيمكن البدء في إصلاح ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي. لكن لم يحدث شيء من هذا بالفعل. بعض أعضاء الكيبوتس بقوا متشككين. وثمة جنود في الوحدات الخاصة شعروا بالإهانة من الانتقاد الذي وجه إليهم في التحقيق الذي قاده الجنرال احتياط ميكي أدلشتاين. وسألت وسائل إعلامية عن سبب توجيه الانتقاد للجنود بدلاً من محاسبة المستويات العليا.

العناوين الرئيسية احتلها الانتقاد لعمل الطاقم الأول الذي وصل إلى الكيبوتس من وحدة “شلداغ”. هذه كانت قوة صغيرة بقيادة رائد مخضرم (ما يسمى في الوحدات الخاصة “عسكري”)، ونقيب كقائد للطاقم. بعد تكبد قتيل ومصاب، قامت القوة بإخلائهما في مروحية مع ومواطن مصاب، وأعادت الانتشار من جديد حول مدخل الكيبوتس. هناك أدارت معركة ومنع دخول مخربين آخرين. خدم أدلشتاين معظم خدمته كقائد ومقاتل في “شلداغ”، وله علاقة عائلية لسنوات طويلة مع الوحدة. انتقاده كان مهنياً وليس أخلاقيًا – قيمياً. بالنسبة له، فإن تموضع الطاقم كان خاطئاً. خلال التحقيق تشاور مع جنرال احتياط مخضرم أكبر منه، الذي حقق في السابق في خطواته عندما كان قائد لواء. “احذر في الاستنتاجات”، قامت الضابط المخضرم بتوصيته. “تذكر أن بعض القرارات مصدرها صورة وضع معيب نبع من الفوضى في الكيبوتس في 7 أكتوبر. الجميع يخطئون، بالتأكيد تحت الضغط”.

تفويض طاقم التحقيق كان محدوداً مكانياً وزمانياً. أدلشتاين ورجاله لم يحققوا فيما حدث خارج الكيبوتس، ولم يحققوا أيضاً في الاستعدادات في كتيبة فرقة غزة في الفترة التي سبقت هجوم حماس. قد يتضح هذا في التحقيقات الأخرى. بأثر رجعي، يبدو أن هيئة الأركان لم تفحص حتى النهاية تسلسل عرض التحقيقات. الجنرال احتياط نمرود شيفر، كتب هذا الأسبوع في مقال نشره في الصحيفة بأن تحقيق “بئيري” هو “وصفة مهنية لتسلسل الأمور. لا يمكن أن تحرك عملية الإصلاح… على الجيش إذا أراد البدء في إصلاح الإخفاقات إلقاء المسؤولية أيضاً على أشخاص معينين فشلوا في مهمتهم في 7 أكتوبر أو في الأشهر التي سبقت ذلك”. أدلشتاين لم يعط ولم يطلب منه إعطاء جواب على الأسئلة الكبيرة، مثل: لماذا لم يصدق الجيش الإسرائيلي التهديد الأكبر الذي يشمل هجوماً على 70 قاطعاً في الجدار، رغم أن خطة حماس العملياتية كانت في يده قبل سنة ونصف من تنفيذها؟ لماذا استعد حتى الليلة قبل الهجوم لاقتحام عدة مقاطع فقط؟ إلى أي درجة وصلت إلى الفرقة واللواء معلومات عن الإنذار الاستخباري الذي بدأ يتبلور في الفترة الحاسمة؟ ما الذي أعاق مجيء القوات إلى الكيبوتسات المهاجَمة إلى الساعة 13:30 – 14:30 بشكل مكن مخربي حماس من الهياج والقتل بدون أي إزعاج، حيث كانت أمامهم بالأساس فرق الإنقاذ وقوات صغيرة من الشرطة مع عدد قليل والقليل من السلاح؟

أيضاً في 2014 خططت حماس لاقتحام أراضي إسرائيل. ولكن هذا الأمر استهدف التنفيذ في عدة محاور معزولة بواسطة الأنفاق. اكتشفت نية حماس حول النفق الذي تم حفره باتجاه كيبوتس كرم أبو سالم، وأدى التوتر حول هذه الحادثة إلى اندلاع المواجهة التي عرفت بعملية “الجرف الصامد”. كان أدلشتاين في حينه قائد فرقة غزة. واستنتجت حماس بعد ذلك الحاجة إلى الحفاظ على المفاجأة، التي بدونها لم يكن بالإمكان تحقيق تفوق في العدد في الهجوم، الأمر الذي حدث في السنة الماضية.

——————————————–

هآرتس 19/7/2024

صحيفة إسرائيلية.. لنتنياهو: انتهت معاذيرك ولن تنفعك مسيحانية بن غفير ولا “صلاته” في “الحرم”

بقلم: أسرة التحرير

الأربعاء دعا “شاس” رئيس الوزراء نتنياهو لإنهاء الاتصالات بشأن صفقة تحرير المخطوفين رغم الاعتراض عليها من داخل الائتلاف. “نعتقد أن الظروف الناشئة عقب الضغط العسكري المبارك والتصفيات المركزة تخلق توقيتاً مناسباً للوصول إلى صفقة تحافظ على مصالح إسرائيل الأمنية وتعيد المخطوفين إلى الديار”، كما أوضح أعضاء الكتلة. “ندعوكَ ألا تخشى الأصوات المعارضة للصفقة في الائتلاف، ويدنا معك لمواصلة العمل بمسؤولية من أجل فريضة فداء الأسرى التي ليس هناك ما هو أسمى منها”.

“شاس” ليس وحده. تصريحه ينضم إلى تأييد الصفقة الذي أعرب عنه الوزراء رون ديرمر، وميري ريغف، وغيلا جمليئيل التي ادعت عن حق بأن “هذه الصفقة صفقة نتنياهو ومسجلة باسمه، وعليكَ أن تسير بها حتى النهاية ولا تهتم بكل التهديدات الائتلافية من جانب بن غفير وسموتريتش”.

هذه الأصوات تنضم إلى تأييد وزير الدفاع غالانت وجهاز الأمن وعلى رأسه رئيس الأركان هرتسي هليفي، للصفقة الآن. حتى بعد محاولة اغتيال محمد ضيف، كرر رئيس الأركان موقفه الأسبوع الماضي في أن اتفاقاً لإعادة المخطوفين بات أمراً أخلاقياً عاجلاً لإنقاذ الحياة، وشدد على أن الجيش الإسرائيلي “سيعرف كيف يقف في كل اتفاق يقره المستوى السياسي”.

كان القرار ويبقى في يدي رجل واحد، نتنياهو، وانتهت معاذيره. له تأييد من داخل الحكومة ومن خارجها أيضاً فقد أوضح رئيس المعارضة، يئير لبيد، بأن كتلته ستوفر لنتنياهو شبكة أمان إذا ما انسحب شركاؤه في الحكومة.

وزير الأمن القومي، بن غفير، حج أمس إلى الحرم، وقال إنه “يصلي بل ويعمل بكد لإمداد رئيس الوزراء بالقوة ليكمل السير حتى النصر”. الويل لنصر يترك حياة عشرات المواطنين لمصيرهم، الذين اختطفوا في وردية بن غفير وباقي أعضاء هذه الحكومة الهدامة. يتعين على نتنياهو الآن الحسم بين حياة المخطوفين والحفاظ على حلفه مع اليمين المتطرف، المستعد للتضحية بالمخطوفين في صالح تحقيق الرؤية المسيحانية لبلاد إسرائيل الكبرى والطاهرة. هذه هي البدائل، الخيار في يديه.

——————————————–

معاريف 19/7/2024

القتال في الشمال يمكن أن يتدهور

بقلم: جاكي خوجي

اذا تدهورت إسرائيل الى مواجهة عسكرية أوسع مع حزب الله في الأسابيع القادمة او لبضعة أيام قتالية تترافق وسفك دماء خطير – يجدر بنا أن نعرف منذ الان انه كان بوسعنا ان نعفي أنفسنا من هذا. فهذه الأيام هي أيام حساسة على نحو خاص في الجبهة الشمالية، أيام يمكن فيها أن تنضج مواجهة أوسع. اما اذا كانت تنشب أم لا، فهذا منوط بقدر كبير بنا.

لإسرائيل ثلاث إمكانيات للسلوك في هذه الأيام حيال حزب الله. الأولى هي فتح حرب واسعة، حرب انتظرناها لسنين وهي تلبي تطلعات بعض من وزراء الحكومة وقسم ما من الجمهور. ضربة ساحقة هدفها ضربهم حتى الرماد، في اثنائها يدخل الاف جنود الجيش الإسرائيلي عميقا في أراضي لبنان، في مشهد يذكر بالعام 1982. هم سيصلون حتى الليطاني على الأقل، ان لم يكن أعمق منه، ويبعد حزب الله بعيدا عن الحدود.

لا يوجد هذه الأيام في القيادة الأمنية، ولا حتى لدى رئيس الوزراء، رغبة في تحقيق هذه السيناريو. فالجيش الإسرائيلي مستنزف من الحرب الأطول في تاريخه. جيش الاحتياط مضرور من كل ناحية ممكنة، ومخزون الذخيرة محدود. المجتمع الإسرائيلي هو الاخر ليس مبنيا لهذا الحمل، ولا الاقتصاد أيضا. وكما كتبت هنا قبل شهر، هذا سيكون حرب خيار.

الامكانية الثانية هي مواصلة صيغة القتال الحالية. هجمات موضعية من الجو على مطلوبين او مخازن ذخيرة. حتى متى؟ حتى تنتهي الحرب في غزة، وعندها حزب الله يضع السلاح بمبادرته. من أكبر القادة في حزب الله وحتى آخر مطلقي الصواريخ – كلهم هذه الأيام على بؤرة استهداف الجيش الإسرائيلي، مكشوفون مثلما في ميدان التدريب على اطلاق النار.

قدرة استخبارية لامعة

هذا الأسبوع اضيف الى القائمة أيضا الرأسمالي السوري براء القطرجي، شخصية غنية يعمل منذ فترة طويلة كرسول لمهام سوداء للنظام السوري وأصدقائه. بين باقي مهامه، تلقى قطرجي ملايين الدولارات من الإيرانيين ونقلها الى حزب الله. هذه هي أموال الدعم الشهيرة التي تساعد حزب الله على البقاء. وقد دفع على ذلك الثمن بحياته. وحسب وسائل الاعلام العربية، لاحقته طائرة إسرائيلية وهو مسافر بسيارته يوم الاثنين وقتلته، كما أفادت مصادر اجنبية.

في هذا القتال ينكشف الجيش الإسرائيلي بكامل قدراته. كيفما اتفق، مع ان قادة حزب الله يتخذون وسائل حذر كثيرة، تنجح محافل الاستخبارات الإسرائيلية في الوصول اليهم وهم يقودون سياراتهم او يجتمعون في شقة خفية وتنفيهم من العالم بجرة واحدة. في الغالب يتم الهجوم حتى بدون المس بابرياء علقوا في المحيط.

هذا قتال استخباري من الأكثر دقة في التاريخ العسكري، بتواتر عال جدا، وان لم يكن له ترويج ومعظم مواطني إسرائيل لا يعرفون به. هكذا، كل يوم تقريبا، وأحيانا مرتين او ثلاث مرات في اليوم – مع أن هؤلاء المطلوبين يبذلون كل جهد مستطاع بتفادي المصير الذي تقرر لهم في مكان ما في الكريا في تل ابيب أو في الاكواخ الباهتة لقيادة المنطقة الشمالية.

من ناحية عسكرية واستخبارية هذا نصر إسرائيلي لامع، واذا لم تكلف إسرائيل نفسها عناء تشويشه بتورط زائد او بسلوك سياسي مغلوط سيأتي يوم واحد ما يوثق سيرته بكتب التاريخ.

لهذا السبب وغيره، يوجد حزب الله في دونية كبيرة. احياء كاملة في قرى الجنوب دمرت من الأساس. عشرات الاف المواطنين هجروا بيوتهم. الكثيرون يطالبون حسن نصرالله باجوبة – لماذا هذا الثمن الغالي لاجل حروب الاخرين؟ الى هذا يضاف عدد شهداء حزب الله العالي (اكثر من 400) وكما اسلفنا، الدونية الاستخبارية وقدرة الكشف والتسلل الى صفوفه.

نصرالله، وهذا واضح بين السطور في خطاباته، يوجد في شرك لم يعرفه منذ سنوات طويلة. اذا ما وسع دائرة النار، فإسرائيل أيضا ستفعفل ذلك وعندها سيشعر هو ورجاله ومعهم سكان لبنان بمزيد من ثقل ذراعها المعروف. ولهذا يهاجم رجاله بعصف بلدات الحدود الشمالية وقواعد الجيش الإسرائيلي لكنهم لا يتسللون عميقا في الأراضي الإسرائيلية. من جهة أخرى تواصل إسرائيل النهج ذاته، بلا انقطاع، على مدى اشهر طويلة، وتبدي عدم اكتراث بالتهديدات، بالرسائل وبالمطالبات من بيروت للتوقف وكأن هذه ليس موجهة اليها.

كبح الجماح الذي اخذه على نفسه نصرالله ينبع من الرغبة في الامتناع عن اشتعال شامل. لا ينبغي ان نقع في الخطأ. فهذا من شأنه ان ينفد بلحظة واحدة، اذا ما وجدت قيادة حزب الله صعوبة في الشد على اسنانها، مثلا بعد تصفية كبير آخر، او في حالة خلل عملياتي يقع فيه الجيش الإسرائيلي، كأن يقتل مدنيون لبنانيون كثيرون في هجوم ما او على سبيل الفرق – تقع كارثة في الجانب الإسرائيلي، تتطلب من الجيش الإسرائيلي ردا حادا يدهور الوضع.

في التفوق العسكري الذي اكتسبه الجيش الإسرائيلي على حزب الله في اشهر الحرب هذه يوجد اغراء.  من الصعب الاشفاء منه دون سبب وجيه. لكن هنا يكمن الفخ. اذا ما وسعت إسرائيل دائرة النار وعمق القتال، او اجتاحت لبنان بريا مثلا – فان حزب الله بالفعل سيفعل ما هدد به نصرالله في خطاباته الأخيرة: اطلاق النار الى أعماق الأراضي الإسرائيلية دون حدود ودون تحفظات، نحو قواعد الجيش واهداف مدنية على حد سواء.

في هذين السيناروهين الموصوفين اعلان، سيصعب على إسرائيل الخروج بارباح واضحة وبالتأكيد ليس النصر المطلق. ومن شأنها حتى أن تجد نفسها مرضوضة. صحيح أن الجيش الإسرائيلي سيخرب مزيدا من القرى التي لم تخرب بعد، ويقتل عشرات او مئات المطلوبين، ممن لم تصلهم بعد ذراعها الطويلة، لكن الضربة للجبهة الداخلية الإسرائيلية ستكون ملموسة وقاسية. فهي ستمحو التفوق العسكري الإسرائيلي الذي اكتسبه الجيش بكد وبعقل وتضيف الى فقدان حياة الانسان.

الطريق الثالث

أمام إسرائيل بالتالي يوجد طريق عمل ثالث. الخروج الان من اللعبة حكمة وبتخطيط متشدد – والاعلان عن النصر. صحيح ان حزب الله سيواصل الهجوم لانه ملتزم تجاه حماس، لكن بقوى ادنى. لا مجال للتخوف، فهم لن يصعبوا. فمنذ بضعة اشهر وهم يلمحون بجملة اشكال وطرق عن رغبتهم في ان يتخذوا بضع خطوات الى الوراء. فهم دفعوا منذ الان حصتهم لحماس فما بالك ان البلطة من فوق رؤوسهم سيلوح بها كل الوقت. احد في لبنان لا يشكو اليوم امام حزب الله لماذا لا يهاجمون بشدة. الشكاوى تأتي من الاتجاه المعاكس: لماذا لا يهدئون.

على مدى السنين درجت السياسة الإسرائيلية على الانجرار الى الواقع، وبقدر اقل المبادرة اليه. هنا مطلوب تصدر قيادي. حملة إعلامية مخطط لها متعددة المنظومات ومثابرة توضح للجميع هي المنتصرة. يوجد الكثير مما يمكن عمله، اذا كانوا يريدون: ان يظهروا الخراب الذي تسبب به نصرالله للقرى في جنوب لبنان. ان يلقوا عليه المرة تلو الأخرى بالذنب في أنه يعمل في خدمة اجندة اجنبية: ان يظهروا الخسائر في ذراعهم العسكري؛ الجدال مع رسائله وكشف اكاذيبها (شكرا للرب، توجد كهذه). اما هو فقد بدأ بالمناسبة منذ الان بالخطوة ذاتها بالضبط. في خطاباته الأخيرة ادعى بالنصر. اذا ما كرر هذا على مدى السنين، فان الكثير من الإسرائيليين سيصدقونه. إسرائيل، بالتالي، مطالبة بان تفعل لنصرالله ما يفعله لها. ليس صدف ان الواقع هذه المرة يسمح بذلك أيضا.

صحيح أن إسرائيل بادرت الى حملات وعي في هذه الحرب، لكنها تكتيكية وخفية عن العين. وهي تتم لأغراض امنية من قبل هيئات استخبارية وايديها الخفية. واحدة كهذه مثلا هي الجهد للاظهار بان الجمهور في قطاع غزة يعارض حماس. الان مطلوب حملة من نوع آخر. حملة شاملة للمنظومات والوزارات الحكومة ثاقبة وطويلة تنجح في التغطية على تصريحات نصرالله. حملة من النوع الذي لم تبادر اليه إسرائيل منذ زمن بعيد وعليها ان تفعله وتجند له كل قواها بل وان تخرج عن طورها.

ينبغي الاعتراف بان وضعنا في هذا المجال ليس لامعا: في وزارة الخارجية تقرر دوما على مدى السنين وجهازها الإعلامي غير معتاد على ذلك في حملات الحرب النفسية. الجيش الإسرائيلي كما استلفنا يتخذ حملات وعي لكن هذه المهمة كبيرة عليه. قسم الاعلام الوطني لا يؤدي مهامه. رغم كل هذا في إسرائيل توجد عقول قادرة على عمل ذلك اذا ما جمعها المستوى السياسي لهذه المهمة وامرها بالعمل واعطاها الاسناد السياسي، المادي والمعنوي.

ان بناء وعي النصر على حزب الله في هذه الحرب يعطي جوابا لكثير من الإسرائيليين ممن يعتقدون بان المنظمة الشيعية نجحت مرة أخرى في حشر الجيش الإسرائيلي الى الحائط. هذه الحملة ستقوم على أساس الحقيقة. رغم الدمار والالم وتجربة الاخلاء القاسية لسكان الشمال صحيح حتى هذه اللحظة الجيش الإسرائيلي انتصر على حزب الله وان كان بالنقط وليس بالضربة القاضية لكن النقاط تحققت بجدارة.

كل واحد من السيناريوهين السابقين – حرب شاملة او مواصلة القتال بصيغته الحالية – هو سير على الحافة. الأول ليس قابلا للتنفيذ حتى الان، والثاني لن يحسن وضعنا في اليوم التالي في حدود لبنان. هذا هو الوقت لهز نصرالله في ملعبه.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 19/7/2024

هل تسمح إسرائيل للسنوار بتحويل “صفقة المخطوفين” إلى نقاش حول “اليوم التالي”؟

بقلم: رون بن يشاي

المفاوضات على صفقة المخطوفين أصبحت في الأسابيع الأخيرة مفاوضات على “اليوم التالي” وهذا هو السبب الذي يجعلها صعبة، ومليئة بالأزمات، وبالأساس طويلة.

التحفظات والمطالب التي طرحتها حماس، هي التي حولت المفاوضات من مساومة على تحرير المخطوفين الإسرائيليين مقابل وقف القتال وتحرير مخربين من السجن الإسرائيلي، إلى مفاوضات على ما سيحصل في القطاع في نهاية الحرب.

عملياً، ما تطالب به حماس شروط تسمح لها في البقاء كجيش إرهاب في القطاع – مهزوم لكن لا يزال قائماً – بل وتستطيع ترميم نفسها. وعليه، تطالب حماس أن يخرج الجيش الإسرائيلي من محور “نتساريم”، ما يسمح لرجالها بالعودة إلى معاقلهم في شمال القطاع، والأهم ألا يتمكن الجيش الإسرائيلي من الإشراف على محور فيلادلفيا ومعبر رفح اللذين تتلقى حماس عبرهما السلاح والمواد الخام لإنتاج السلاح عبر سيناء ومصر.

التعهدات التي تطالب بها حماس من الدول الوسيطة، ومن الولايات المتحدة، وكما يبدو من روسيا والصين أيضاً بألا تتمكن إسرائيل من استئناف القتال، إنما تستهدف نزع حرية عمل إسرائيل العملياتية بالقطاع في اليوم التالي.

هذا العنصر الذي أدخلته حماس إلى المفاوضات، يلزم إسرائيل أيضاً بتقرير المنحى الذي ترغب فيه، المنحى الذي يخدم مصالحها في اليوم التالي لصفقة المخطوفين التي تنهي الحرب وتنقلها إلى وضع يسميه الجيش الإسرائيلي المرحلة الثالثة؛ أي صيانة الإنجازات التكتيكية التي وصل إليها الجيش الإسرائيلي في القطاع طوال تسعة أشهر.

ما ستحاول إسرائيل تحقيقه في المفاوضات هو ثلاث مصالح: الأولى الحفاظ على السيطرة الميدانية الاستخبارية والقدرة على جمع المعلومات البشرية التي لدى الجيش الإسرائيلي، وأساساً لـ “الشاباك”، ثم الحفاظ على هذا التفوق الاستخباري حيوياً لمنع قدرة حماس على إعادة ترميم نفسها كجيش إرهاب.

المصلحة الثانية هي الحفاظ على حرية العمل العملياتي في القطاع حتى حين يخرج الجيش كله أو معظمه. يدور الحديث عن قدرة على استغلال التفوق الاستخباري جواً وبراً وبحراً، أو من خلال اجتياحات برية، واستعدادات لتنفيذ عمليات إرهاب لمخربين وأساساً قدراتهم على حفر أنفاق جديدة وإنتاج وسائل قتالية وعبوات. الجيش و”الشاباك” ملزمان بأن يكونا قادرين على إحباط كل محاولة لإقامة منظومة صاروخية جديدة.

المصلحة الثالثة هي الوصول إلى تنسيق مع مصر حول تعاون يمنع تهريب وسائل قتالية ومواد خام لإنتاج وسائل قتالية، وكذا منع خروج ودخول غزيين يتدربون ويجمعون المعرفة في إيران. تنسيق كهذا مع مصر قد يعفي من بقاء في محور فيلادلفيا.

حماس لن تقبل ذلك بسهولة، لكن إذا ما أصرت إسرائيل، فلا مفر للسنوار. هو الآخر يتعين عليه أن يلين، لأن الضغط العسكري الإسرائيلي بدأ يعطي بوادره.

على إسرائيل ألا تتنازل عن مصالحها الحيوية في الصفقة، فبالتوازي مع الحرب الاستراتيجية التي ستقرر مستوى الأمن الجسدي القومي لمواطني دولة إسرائيل، فإن صفقة مخطوفين تتربع على الأفضلية الأولى.

كيهود وكبشر، لا يمكننا الوقوف جانباً وعشرات المخطوفين يعانون وتتعرض حياتهم للخطر. فواجب علينا أخلاقياً وإنسانياً فعل كل ما في وسعنا، بما في ذلك تقديم تنازلات أليمة لتحرير المخطوفين الأحياء والأموات، ولنا الحق الأخلاقي بعد ذلك لإعادة احتساب المسار.

إنهاء قضية المخطوفين سيعيد قدراً مناسباً من رص الصفوف والتضامن الداخلي والحصانة القومية للمجتمع الإسرائيلي، بل ويرمم الثقة التي اهتزت في أوساط المجتمع الإسرائيلي بالحكومة التي تديره.

الموضوع الثاني في سلم الأولويات الاستراتيجي هو إنهاء المهمة في قطاع غزة: تدمير وهدم الأغلبية الساحقة من الأنفاق الاستراتيجية ومنظومة إدارة القتال التحت أرضية الهائلة التي بنتها حماس في القطاع. إن أخذ منظومة الأنفاق الاستراتيجية هذه من أيدي حماس و”الجهاد الإسلامي” لن يحرمهما فقط من إمكانية إدارة حرب عصابات قوية ضد قوات الجيش الإسرائيلي، بل ويجبرهم للخروج لوجه الأرض ليكونوا فريسة لقوة نار الجيش الإسرائيلي. بهذا يتشكل حسم عسكري حقيقي ونأخذ من العدو بنيته التحتية وقدرته التكتيكية على إدارة القتال.

وثمة مهمة أخرى لهزيمة حماس لا تقل أهمية، وهي قتل أو قبض أو نفي السنوار وأخيه وواحد أو اثنين آخرين من قيادة حماس الغزية لإيقاع ضربة معنوية على نشطاء منظمة الإرهاب في القطاع.

والمهمة الثالثة هي البدء بإقامة نظام “اليوم التالي” المدني – الحكمي في القطاع، بمشاركة محافل دولية. هذا البدء قد يتم من خلال إعطاء إمكانية للغزيين بإدارة مشاريع مختلفة بأنفسهم، من ترميم شبكات المجاري والنقليات، وتوزيع المساعدات الإنسانية عبر محافل محلية ليسوا رجال حماس؛ ومنع رجال حماس من عرقلتهم والتدخل في عملهم.

لكن المهمة الأهم ستكون في الشمال؛ فقد جرى حديث كثير حتى الآن عن أنه ينبغي السماح لسكان حدود الشمال بالعودة إلى بيوتهم دون أن تهدد “قوة الرضوان” بالانقضاض على بلداتهم ودون أن يكونوا خاضعين كل الوقت لتهديد الصواريخ، وقذائف الهاون، ومضادات الدروع والمُسيرات.

ينبغي القول بوضوح: لن تنتهي المهمة في الشمال عندما يبعد مسلحو حزب الله إلى مسافة عشرة كيلومترات عن حدود دولة إسرائيل ويجرد الجنوب من السلاح. لحزب الله ترسانة هائلة من عشرات آلاف الصواريخ والمقذوفات الصاروخية الثقيلة التي تعرض كل الجبهة الداخلية الإسرائيلية للخطر. وينبغي الاعتراف بأن الصواريخ والمُسيرات ومضادات الدروع لدى حزب الله لن “تصدأ”، كما قدر ذات مرة رؤساء الأركان في إسرائيل. الحرب الحالية هي على ما يبدو الفرصة الأصح لهدم هذا التهديد قبل أن يجعله حزب الله والإيرانيون، بمعونة السوريين، وحشاً لن تتمكن دولة إسرائيل وحدها من التصدي له. لإسرائيل اليوم قدرة على التصدي لهذا التهديد وحدها، وإذا ما تدخلت إيران فالأمريكيون معنا حتى اليوم. وعلينا التصدي لهذا الوحش، وقد يفعل الجيش الإسرائيلي هذا الآن، بالطبع بتنسيق مع الولايات المتحدة.

هذه المهمات الثلاث: تحرير المخطوفين، وهزيمة حماس في غزة، وتحييد تهديد حزب الله – إيران في الشمال وفي الشمال الشرقي، هي المهمات التي سنتصدى لها في الأشهر التالية. على السياسيين أن يدركوا كل ما يمنع تحقيق هذه الأهداف ويقضم ما تبقى لنا من شرعية دولية، ويمس بأمن أبنائنا وأحفادنا لعشرات السنين. السياسة والأيديولوجيا يجب أن تبقيا جانباً إلى ما بعد إنهاء مهمات الحرب بنجاح.

——————————————–

استطلاع: واحد من كل 4 يعبر عن رغبة بالهجرة من الكيان المحتل إن استطاع

قالت صحيفة هآرتس إن استطلاعا جديدا أظهر أن واحدا من كل 4 يهود إسرائيليين، و4 من كل 10 عرب يحملون الجنسية الإسرائيلية مستعدون للهجرة إلى مكان آخر إذا أتيحت لهم فرصة لذلك.

ويعكس ذلك انعدام الثقة المستمر في القيادة السياسية والعسكرية في الكيان المحتل.

وأوضحت الصحيفة كما ورد في تقرير بقلم راشيل فينك أن نتائج استطلاع أجراه في تموز (يوليو) معهد سياسة الشعب اليهودي، ترسم صورة قاتمة لإسرائيل، وذلك بشأن 5 فئات من الأسئلة.

الأولى تتعامل مع الحرب على غزة وتداعياتها، والثانية مع الثقة في القيادة، والثالثة مع العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، والرابعة تتعلق بالجدل حول التجنيد الإجباري لليهود المتدينين (الحريديم)، والخامسة بمستقبل إسرائيل.

ووفق الاستطلاع تشعر الأغلبية الساحقة المحتل بالقلق الشديد بشأن الوضع الأمني الحالي في الكيان، وتشير النسبة بشأن ذلك بين المواطنين العرب إلى 90 %، وبين اليهود الإسرائيليين إلى 84 %، أما بالنسبة لليمين ويمين الوسط فهو يميل إلى “القلق إلى حد ما”، في حين أن الوسط الأقرب إلى اليسار يميل إلى “القلق الشديد”.

وعندما طلب من المشاركين تقييم ثقتهم في قدرة إسرائيل على الفوز في الحرب على مقياس يتراوح بين واحد و5، بدا أن الثقة تراجعت بشكل مطرد مع مرور الأشهر، وقدر 41 % ثقتهم بالنصر 4 أو 5 هذا الشهر، مقارنة بمتوسط شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) البالغ 40 %، وصنف 45 % من العرب الإسرائيليين احتمال الفوز في المستويات الأدنى 1 أو 2، في حين صنفه 26 % على المستويات الأعلى 4 أو 5.

وتعكس نتائج الاستطلاع أيضا حسب الصحيفة تحولا في الرأي العام الإسرائيلي بشأن سلوك إسرائيل أثناء الحرب فيما يتعلق بالتوازن الصحيح بين الرغبة في التصرف بشكل أخلاقي في الحرب، والحاجة إلى الدفاع عن المصالح الإسرائيلية.

إذ كان 31 % من المستطلعة آراؤهم يفضلون السلوك الأخلاقي مع الاستثناءات، و22 % يفضلون التوازن المتساوي، لكن السياسة القائمة على المصالح تفوقت على تلك القائمة على الأخلاق، فاليوم 26 % يفضلون سياسة تراعي المصالح فقط، و32 % يفضلون سياسة تراعي المصالح مع استثناءات.

وعند سؤال المشاركين عن ثقتهم في الحكومة، وفي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على وجه الخصوص، أعرب 16 % من اليهود عن مستوى عال جدا من الثقة في نتنياهو، كما أن 9 % من العرب الإسرائيليين لديهم ثقة إلى حد ما أو عالية جدا في الحكومة، في حين أن نسبة الثقة إلى حد ما أو العالية جدا في الحكومة، بين اليهود الإسرائيليين كانت 26 %.

وفيما يتعلق بالقيادة العسكرية، غير المعهد صياغة سؤال طرح في الأشهر السابقة من “ما هو مستوى ثقتك في قادة الجيش الإسرائيلي؟” إلى “ما هو مستوى ثقتك في القيادة العليا للجيش الإسرائيلي؟”. وقد انخفضت كثيرا ثقة الإسرائيليين في مستوى قيادة جيشهم هذا الشهر، إذ تشير النتائج إلى أن أكثر من النصف يعبرون عن ثقة منخفضة أو منخفضة للغاية في القادة المعنيين.

وحسب الانتماء السياسي تكون الثقة في الجيش، فبين اليمين، أشار 8 من كل 10 إلى أن لديهم ثقة منخفضة أو منخفضة للغاية في القيادة العليا للجيش، في حين أن 2 من كل 3 من “اليهود المعتدلين”، لديهم ثقة عالية أو شديدة للغاية بالقيادة.

——————انتهت النشرة—————-