الصحافة الاسرائيليى – الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
يديعوت 10/11/2024
فـرص الـتـوصـل إلـى «صـفـقـة» بعد الانقلاب التاريخي في أميركا
بقلم: إيتمار أيخنر
قبل ساعات قليلة من فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة أقال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع يوآف غالانت، ومن بين الأسئلة المهمة، هل هذه التغييرات ستُبعد أم ستقرّب صفقة تبادُل المخطوفين؟
من وراء الكواليس، تزداد قناعة المسؤولين عن الاتصالات المتعلقة بالصفقة بأنه من دون إنهاء الحرب في غزة الآن، لن تُعقد صفقة، لا كبيرة، ولا صغيرة، ولا صفقة على مراحل، أو أيّ صفقة أُخرى. ببساطة، لن يجري التوصل إلى صفقة. وثمة شك كبير في أن يوافق نتنياهو على وقف الحرب الآن، لأنه بذلك سيخاطر بسقوط حكومته على يد إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
من المؤكد أن حكومة نتنياهو حظيت بدعم كبير بعد انضمام جدعون ساعر إلى الحكومة مع 4 أعضاء [من حزب “أمل جديد”]، لكن من جهة ثانية، إذا هدد بن غفير وسموتريتش بإسقاط الحكومة، فإن نتنياهو لن يخاطر بالسير في الصفقة.
والخلاصة هي أنه إذا كان نتنياهو واثقاً 100% بأن الحكومة ستصمد مع صفقة مخطوفين، فقد يقرر السير في هذا الاتجاه. لكن ماذا سيحدث حينها؟ يمكن أن يضم الصفقة كجزء من صفقة تطبيع العلاقات مع السعودية التي يريد ترامب الدفع بها قدماً. بالنسبة إلى نتنياهو، من الأفضل الذهاب إلى خطوة تاريخية تتضمن صفقة المخطوفين، ويمكن أن تكون مقبولة من وزراء اليمين، إذا حصلت إسرائيل في مقابلها على جائزة كبيرة، هي التطبيع مع السعودية.
بعد فوز ترامب، وخسارة الرئيس بايدن أدوات الضغط على نتنياهو، من الممكن أن يفكر في الانتقام من رئيس الحكومة من خلال فرض حظر على السلاح. لكن لا يبدو أن بايدن “الرئيس الصهيوني الأخير” يريد أن يكون هذا إرثه. بالإضافة إلى ذلك، يدرك بايدن أنه حتى لو فرض حظراً، ففي إمكان ترامب أن يلغيه يوم دخوله إلى البيت الأبيض. من هنا، تبدو فرص الحظر ليست كبيرة. والأكثر منطقيةً هو أنه إذا أراد بايدن الانتقام من نتنياهو، فسيكون ذلك في مجلس الأمن، ومن خلال عدم استخدام الفيتو ضد قرارات لا تلائم إسرائيل، تماماً مثلما فعل الرئيس باراك أوباما في كانون الأول 2016.
لكن هناك سيناريو آخر يمكن أن يظهر، إذا قرر نتنياهو السير نحو صفقة في الشهرين ونصف الشهر المتبقية حتى تنصيب ترامب. إذا أعطى بايدن نتنياهو الضوء الأخضر لمهاجمة المنشآت النووية والنفطية الإيرانية، يمكن أن يقبل نتنياهو عقد صفقة مخطوفين تتضمن وقفاً للحرب على غزة، وهذا يصبح مرجّحاً أكثر، إذا وافق بايدن على مشاركة الأميركيين في مثل هذه العملية.
هذا الخيار سيكون الأقصى بالنسبة إلى نتنياهو. تقوم الولايات المتحدة وإسرائيل بتدمير المنشآت النووية، بعدها يُظهر نتنياهو مرونة إزاء وقف الحرب في غزة، وفي لبنان. وبعد تحييد “رأس الأخطبوط”، ستتراجع أهمية أذرعه التي أصابها الضعف، والتي من الصعب أن تتعافى من جديد. لكن في جميع الأحوال، يُطرح هنا سؤال آخر: هل يفضل نتنياهو الانتظار حتى 20 كانون الثاني لكي يقدم لترامب كل هذه الإنجازات؟
مما لا شك فيه أن هذا الموضوع بُحث في الحديث الذي دار بين ترامب ونتنياهو، والذي وصفه الرئيس الأميركي “بالحديث الجيد جداً”. بحث الاثنان في السيناريوهات المتعلقة بإيران، والحرب في لبنان، والمخطوفين، وغزة، والكل مرتبط بما يريده ترامب. من جهة أُخرى، أعلن الرئيس المنتخب أنه يفضل انتهاء الحروب قبل دخوله إلى البيت الأبيض.
في المقابل، إن فرضية العمل هي أن ترامب يفضل أن يقوم هو بعملية التطبيع مع السعودية، وألاّ يحدث هذا في نهاية ولاية بايدن. بالنسبة إلى ترامب، يشكل اتفاق سلام بين السعودية وإسرائيل فرصة للحصول على جائزة نوبل للسلام ومحو الفضائح التي تحوم حوله. لكن إذا انتظر نتنياهو التطبيع مع السعودية من أجل المضيّ قدماً بصفقة مخطوفين، فإن هذا يعني الانتظار نصف عام آخر، ولا يملك المخطوفون مثل هذا الوقت، وخصوصاً أن الشتاء على الأبواب.
أيضاً تنطوي إقالة غالانت على أهمية كبيرة بشأن التوصل إلى صفقة مخطوفين. لقد شكّل وزير الدفاع المُقال القوة الأساسية التي ضغطت من أجل إنهاء الحرب في القطاع والتوصل إلى صفقة، وأيّد موقف المنظومة الأمنية القائل إن الجيش قادر على أن يتحمل، أمنياً، الانسحاب من محور فيلادلفيا، ومن معبر رفح. لقد قال مثل هذا الكلام أمام عائلات المخطوفين في اليوم الأخير من ولايته، ودعا إلى الاستمرار في الضغط على نتنياهو لأنه، بحسب كلامه، هو الوحيد القادر على “اتخاذ القرار”.
من دون غالانت، أصبحت المنظومة الأمنية من دون سند سياسي تعتمد عليه، وثمة شك كبير في أن يتمكن كاتس من ملء هذا الفراغ. وتشعر عائلات المخطوفين بكثير من الغضب والإحباط حيال كاتس، وتتهمه بأنه حاول استغلالها خلال الحملات الدعائية في الخارج خلال تولّيه وزارة الخارجية، وأنه لم يستخدم ثقله من أجل التقدم في الصفقة. وتقول مصادر مطلعة إنه من المشكوك فيه كثيراً أن يكون كاتس قادراً على الضغط لوقف الحرب، وهم يعتقدون أنه سيقف إلى جانب نتنياهو.
الآن، المطلوب من كاتس أن يثبت قدرته. فعندما كان وزيراً للخارجية، كانت قضية المخطوفين قريبة جداً من قلبه من الناحية الدعائية، لكن الآن، كوزير للدفاع، فإن قدرته على التأثير أصبحت أكبر كثيراً، وهنا يُطرح السؤال: هل سيُظهر كاتس استقلاليته، ويضغط من أجل التوصل إلى صفقة؟ تقول مصادر مطّلعة إن كاتس، الذي يعقد اجتماعات دورية مع منسّق الأسرى والمفقودين غال هاريش، هو شخص ذو تجربة كبيرة، دقيق في عمله ومنظّم، وهذا سيساعد على الدفع بموضوع المخطوفين.
——————————————–
إسرائيل اليوم 10/11/2024
لا عودة لسكان الشمال دون معركة برية تصل إلى ما وراء «الليطاني»
بقلم: آفي برئيلي
في إطار حملة “أسهم الشمال”، أنهى الجيش، تقريباً، احتلال قرى خط التماس المحصّنة، التي كانت ستشكل نقطة انطلاق للهجوم المخطط له على الجليل.
اتضحت الآن القيود على أوامر الجيش والخطط التي صادق عليها قبل الخروج إلى الحملة: لا يمكن إعادة سكان الشمال إلى منازلهم دون تعميق المناورة البرية شمالاً حتى الليطاني، ويبدو أنه سيتطلب أيضاً الذهاب إلى أبعد من ذلك، حتى نهر الأولي.
لن يتوقف استمرار القصف المباشر بعيد المدى، أو القصف بمسار ملتوٍ، على سكان الشمال والجليل، وضمنهما مدينة حيفا، بمناورة برية محدودة، حتى لو تم دمجها باغتيال أغلبية المسؤولين عن القيادة والسيطرة في “حزب الله”، بالإضافة إلى قصف جوي وتدمير واسع لبنى جيش “الإرهاب” في لبنان كله.
يجب أن يكون هناك أداة ضغط عسكرية وسياسية لنزع سلاح “حزب الله”: توسيع الحملة شمالاً، وخلال ذلك إجلاء السكان من المنطقة المحتلة لتفادي حرب عصابات بغطاء السكان.
بعد وقت قصير على أوامر الحكومة للجيش في منتصف أيلول قال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن “التطهير” والاحتلال سيكون محدداً في خط التماس. وفعلاً، منذ ذلك الوقت تبيّن أن أقوالهم صحيحة؛ الآن، يسعى الأميركيون، جاهدين، للعودة إلى مسار إنهاء الحرب، مثلما انتهت الحرب السابقة في لبنان (2006)، مع تحسينات غير جوهرية، ويمكن أن يكون ذلك بموافقة صامتة من الجيش.
وفي جميع الأحوال، فإن الترتيبات التي يقترحها الأميركيون لا تتضمن نزع سلاح جيش “الإرهاب” “حزب الله”، حسبما نصّ قرار الأمم المتحدة الرقم 1559.
ومن دون نزع السلاح هذا، فإن عودة التهديد إلى بلدات الشمال ليس إلّا مسألة وقت.
في هذه الحالة، وبعد السابقة المرعبة يوم 7 تشرين الأول، فإن السكان لن يعودوا، وسيستمر الخراب في شمال الجليل.
تدير إسرائيل المعركتين البريّتين في حرب إيران – إسرائيل – لبنان وغزة، من مبدأ واحد مشترك أعلنته الحكومة: لن تتحمل إسرائيل، بأي شكل من الأشكال، وجود جيوش “إرهاب” على حدودها، إلّا أن هذا المبدأ لم يتحقق على الجبهتين، وإسرائيل ليست على الطريق لتحقيقه أيضاً.
صحيح أن الجيش يوجه ضربات كبيرة إلى الجيشين، لكنه لم يقضِ عليهما.
ومن غير الواضح إذا ما كان هذا بسبب قرارات الجيش والحكومة، أم بسبب الإدارة الأميركية. فـ”حماس” لا تزال تسيطر على السكان في قطاع غزة، ولديها قدرة على إدارة حرب عصابات، أمّا في لبنان، فإن “حزب الله” لا يزال جيش “إرهاب” أكثر ضعفاً، لكنه ما زال يتمتع بتأثير كبير جداً في الحكومة اللبنانية.
صحيح أن مركز الحسم في المعركتين موجود في النهاية في المعركة الثالثة – هزيمة القوة المشغّلة، أي إيران نفسها. فالمعركة المباشرة حيال إيران هي المعركة المصيرية التي ستحسم الحرب كلها، وأيضاً الأمن الشامل لدولة إسرائيل. لكن المعركة في مقابل إيران يمكن أن تكون طويلة، أتمنى أن يتم تقصيرها عبر خطوات سريعة من إسرائيل، لكن لا يمكن الاعتماد على هذا الافتراض. لذلك، لا نستطيع التصالح حالياً مع التهديد من جيشَي “إرهاب” على حدودنا.
من الممنوع العودة إلى الأخطاء نفسها التي ارتكبناها خلال 25 عاماً، وتحديداً، منذ الهروب السيئ من لبنان في سنة 2000، وصولاً إلى حرب “السيوف الحديدية”.
الوضع في قطاع غزة ولبنان ليس مشابهاً. تستطيع إسرائيل احتلال القطاع برمته وفرض حُكم عسكري مؤقت.
هناك اعتبارات وظيفية تدعم هذا التوجه على الرغم من المعارضة الداخلية والخارجية، بسبب إنقاذ المخطوفين، وأيضاً من أجل التعامل مع الأزمة الإنسانية.
إن محاولات التوصل إلى ترتيبات أُخرى غير ممكنة ما دامت “حماس” تسيطر على السكان، ولديها قدرات على إدارة حرب عصابات.
بعكس ذلك، إسرائيل لن تحتل لبنان كله، لكنها يمكن أن تضغط من أجل نزع السلاح، عبر الاحتلال الواسع والاستمرار في القصف الكثيف والاغتيالات.
ويمكن أن تقف على خط تماس يتسع أكثر نحو الشمال، وأن تعلن أنها لن تسمح للسكان بالعودة، ولن تنسحب إلى الحدود الدولية حتى تقوم قوة قادرة في لبنان وقوى عظمى في الغرب بنزع سلاح “جيش الإرهاب” التابع لـ”حزب الله”.
——————————————–
عن «N12» 10/11/2024
الـحـقـيـقـة الـكـامـنـة وراء إقالـة غالانت ومخاطرها
بقلم: عاموس يادلين
لم يسبق أن شهدت إسرائيل مثل هذا الحدث. أن يقوم رئيس وزراء إسرائيلي، في ذروة حرب متعددة الجبهات، تمتد على سبعة ميادين، وعلى مشارف هجوم إيراني آخر، بإقالة وزير دفاعه. يبدو أن بنيامين نتنياهو لم يتعلم شيئاً. ومثلما حدث في تشرين الأول الماضي، فإن الانقسام الداخلي الذي يثيره نتنياهو في إسرائيل قد يؤدي إلى كارثة أمنية جديدة. ومثلما كانت عليه الحال سابقاً ينظر أعداؤنا إلينا بارتياح، وقد يستغلون الأزمة التي يرونها في إسرائيل.
لكن التأثير هنا في الأمن أعمق كثيراً. لكي ندرك سبب الإقالة، يكفينا الاستماع إلى يوآف غالانت، الذي أظهر نزاهة استثنائية منذ 7 تشرين الأول: ابتداء من معارضته محاولات نتنياهو تمرير قانون تمويل التهرب من التجنيد لأسباب سياسية بحتة، مروراً بإصراره على التوصل إلى صفقة لتحرير الأسرى، ووصولاً إلى دعوته إلى تشكيل لجنة تحقيق حكومية في أحداث السابع من تشرين الأول. هذه ثلاث قضايا لا يمكن التقليل من أهميتها الحاسمة لأمن إسرائيل وتماسُكها الداخلي في العقود القادمة.
استطاع وزير الدفاع غالانت العمل بشكل جيد مع المؤسسة الأمنية، ومع الجيش الإسرائيلي، وأظهر قوة وصلابة، وقاد الأجهزة الأمنية بنجاح نحو تحقيق سلسلة من الإنجازات غير المسبوقة في مواجهة جميع أعداء إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة. حتى إنه حظيَ بثقة الإدارة الأميركية التي هرعت لمساعدة إسرائيل في اللحظات الحرجة.
أمّا الحكومة الإسرائيلية فهي تعاني من نقص حاد في الثقة، سواء من شعبها، أو على الساحة الدولية، خصوصاً في واشنطن، فعلى الرغم من فوز دونالد ترامب، فإن الرئيس جو بايدن سيستمر في منصبه حتى 20 كانون الثاني. في هذه الظروف، ومع شعور بايدن وفريقه بالإحباط إزاء كل أكاذيب نتنياهو وبهلوانياته، كان الوزير غالانت الشخص الوحيد الذي نال ثقة الإدارة الأميركية.
بفضل غالانت هبّت الولايات المتحدة إلى دعم إسرائيل من الجوانب العسكرية والدفاعية والهجومية، في الحرب التي «فُرضت» علينا. فعلى مَن سيعتمد وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الآن، بعد أن نسج مع غالانت علاقات من الثقة والفهم المتبادل على مدار عام من الحرب الشديدة؟ ومن ضمن أعضاء الفريق المقرب من رئيس الوزراء، لديه خلفية أمنية عسكرية عميقة، وهي أمر بالغ الأهمية لاتخاذ القرارات في هذه المرحلة؟
هل توجد شخصية أمنية قادرة على إدارة حوار مهني وصريح مع وزير الدفاع الأميركي الحالي، ومع مَن سيخلفه في الإدارة القادمة، بشأن قضايا مصيرية، مثل تحركات إيران في الشرق الأوسط وبرنامجها النووي الآخذ في التوسع، في وقت يميل ترامب إلى إنهاء الحروب وتجنُّب التدخل العسكري في الشرق الأوسط، بل حتى شطب هذه القضايا من جدول الأعمال؟ يسرائيل كاتس ليس على دراية بالشبكة المعقدة للعلاقات الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة، ولا بالوضع المعقد في ساحات القتال المختلفة، وهو لا يملك حتى خبرة أمنية أساسية سوى الجلوس في «الكابينيت». هل هذه الفترة الحاسمة التي نعيشها هي الوقت المناسب لوزير دفاع يحمل على صدره شارة «مبتدئ» ليبدأ باكتساب أسرار المهنة؟
عاد نتنياهو إلى الكذب، بوقاحة، في بثّ موجّه إلى الشعب الإسرائيلي، عبر استغلاله تركيز الولايات المتحدة على الانتخابات، ولصرف الانتباه عن التحقيقات في الشبهات الجنائية المحتملة في مكتبه، والتي تتعلق بأمن الدولة. طبعاً، لم تكن هناك صفقة سيئة ومشينة لحشد أغلبية في الائتلاف لتمويل وتشجيع التهرب من التجنيد، بينما يُقتل جنود الاحتياط والجنود النظاميون يومياً، ويُثقل كاهل زملائهم بالأعباء، بل كان هناك ادعاء واهٍ وزائف بشأن «سوء علاقات العمل مع غالانت». وماذا بعد؟ إقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية للحكومة بهدف إجهاض التحقيقات ضد نتنياهو، والمضيّ قدماً في الانقلاب الدستوري؟ إقالة رئيس الأركان من أجل الاستمرار في إغفال قضية الأسرى، واستمرار الحرب بلا نهاية، في ظل ترسيم أهداف وهمية لها؟ وكل ذلك بعد أن كان الجيش ووزير الدفاع المُقال يضغطان من أجل إنهاء الحرب لتحويل المكاسب الميدانية إلى تسويات سياسية تحسّن وضعنا الإستراتيجي، وصفقة أسرى تفي بالتزاماتنا الأخلاقية؟
ينكر نتنياهو أنه يعتزم إقالة رئيس هيئة الأركان، ورئيس جهاز «الشاباك»، والمستشارة القضائية للحكومة، حسبما تشير مصادر مقربة منه إلى وسائل الإعلام، لكن لم يعد في الإمكان الوثوق بأيّ كلمة تصدر عن هذا الرجل، ما دامت مسألة تشبّثه بكرسي الحكم هي أولويته القصوى، حتى لو أدى ذلك إلى أضرار جسيمة بمصالح الدولة وأمنها. إن إقالة وزير الدفاع ليست أمراً شخصياً، بل هي حدث وطني. إنها تتلخص في الاختيار ما بين غالانت ووجود دولة مسؤولة قائمة على التضامن المتبادل، وبين دولة تفرّط بمواطنيها وجنودها وأسراها وقيَمها، ومؤسساتها الديمقراطية.
لا يمكن لشعب إسرائيل أن يسمح لنفسه بأن يظل غير مبالٍ، في وقت يقوم رئيس الوزراء بإقالة وزير دفاع ناجح في ذروة الحرب، ويسعى لتمرير قانون للتهرب الجماعي من التجنيد، بينما يعاني الجيش نقصاً بالآلاف من الجنود في مواجهة التهديدات، والأعباء تثقل كاهل قواته النظامية والاحتياطية. لا يمكن لشعب إسرائيل أن يتجاهل أفعال رئيس وزراء تصدر عن مكتبه توجيهات خادعة تهدف إلى إفشال صفقة الأسرى، مع التلاعب بمواد استخباراتية حساسة جرى تسريبها بشكل غير قانوني من الجيش وتعريض المصادر الاستخباراتية للخطر، والتلاعب بمحاضر الاجتماعات في الأيام التي تلت السابع من تشرين الأول، بينما جثامين أبنائنا ممددة أمامنا، ودولة إسرائيل ومواطنوها يكافحون من أجل البقاء.
إسرائيل بحاجة إلى قيادة ذات بوصلة أخلاقية وإستراتيجية، لا إلى قيادة تركز على ضمان بقائها السياسي وتدمير ما تبقى من أنظمة الضوابط والتوازنات التي تفصل بين تحوّل نظام الحكم في إسرائيل إلى نظام دكتاتوري. إن الجيش الإسرائيلي، بكل قادته وجنوده، مطالَب بحماية إسرائيل من التهديدات الخارجية. أمّا نحن كمواطنين، فتقع على عاتقنا مسؤولية التصدي للتهديد الداخلي، الذي قد يتعزز بفوز ترامب في الولايات المتحدة ونزعاته المعادية للديمقراطية. نحن نعيش في أيام مصيرية تتطلب الوقوف، ووقف هذه الاتجاهات الخطِرة. إن مصيرنا في أيدينا.
——————————————–
هآرتس 10/11/2024
انسحاب قطر يمنح الحكومة اعفاء من صفقة المخطوفين
بقلم: تسفي برئيل
اعلان قطر عن تجميد مشاكرتها في المفاوضات حول اطلاق سراح المخطوفين لا يجب أن تفاجيء أي أحد. مع ذلك الحديث حتى الآن لا يدور عن اغلاق نهائي لقناة الوساطة لقطر. حسب بيان المتحدث باسم وزارة الخارجية في الدوحة، ماجد الانصاري، فان “قطر ستعود الى جهود الوساطة عندما سيظهر الطرفين نية جدية لوقف الحرب البربرية في غزة ومعاناة المدنيين في القطاع. في هذه الحالة قطر ستقف على رأس الوسطاء من اجل استثمار كل الجهود للتوصل الى انهاء الحرب وإعادة المخطوفين والسجناء الفلسطينيين”. حماس نفت أنها حصلت على بيان في هذا الشأن.
في شهر أيار الماضي أوضحت قطر بأنها ستعيد فحص دورها كوسيطة إزاء الجهود في المحادثات. يبدو الآن أنها توصلت الى استنتاج بأنه لم تعد هناك فائدة لوساطتها – حتى بمجرد وجود الاتصالات طالما أن الطرفين لا يظهران أي استعداد للتنازل عن مواقفهما. المعنى العملي لهذه الخطوة هو أنه لا يوجد لإسرائيل أو لحماس الآن أي قناة مفاوضات ناجعة.
هذا في الوقت الذي فيه الضغط العسكري الذي طرحته إسرائيل باعتباره الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تؤدي الى الصفة، فشل. ومثله أيضا الضغط الذي طلبت إسرائيل استخدامه على قطر. مشروع تصفية كبار قادة حماس، وعلى رأسهم يحيى السنوار، ربما ساهم في رفع معنويات إسرائيل وهز بشكل دراماتيكي بنية قوة حماس. ولكن النتيجة الأساسية التي تعتبر احد اهداف الحرب، تحرير المخطوفين، أيضا هي لم تثمر.
قرار قطر يأتي قريبا من التسريبات الامريكية بشأن مطالبة الإدارة الامريكية من قطر ابعاد قيادة حماس من أراضيها، وهو طلب ظهر مثل نسخة جديدة لاغنية قديمة اثارت ذات يوم الانفعال. ففي شهر تشرين الثاني 2023 نشر وزير الخارجية الامريكي انطوني بلينكن بأنه تحدث نظيره القطر محمد بن عبد الرحمن، الذي يشغل أيضا منصب رئيس الحكومة، حول إمكانية طرد قيادة حماس كوسيلة ضغط من اجل التوصل الى صفقة التبادل.
قطر أعلنت في حينه بأنها تفحص هذه الامكانية. الافتراض في حينه كان أن قطر لا تضغط بما فيه الكفاية على حماس رغم أن الدوحة لديها رافعة ضغط استراتيجية وهي استضافة قيادة حماس، التي يمكن للتهديد بها تغيير مواقف يحيى السنوار. ولكن قطر أوضحت في المراحل الأولى من المفاوضات بأنه يمكن على الأكثر الوساطة والاقناع، لكن طرد قيادة حماس لا يعتبر “سلاح استراتيجي” لأنه لا يوجد لقيادة حماس الخارج أي قوة حقيقية لاقناع السنوار بتغيير طلباته حول انهاء الحرب وانسحاب إسرائيل من القطاع.
في شهر آذار مرة أخرى تم فحص خيار الطرد، عندما ارسل بلينكن رسالة الى عبد الرحمن وأعاد فيها طرح هذا الطلب. وقد رد في حينه على ذلك المتحدث بلسان وزارة الخارجية القطرية الانصاري وقال: “لا يوجد أي سبب لانهاء وجود حماس في قطر طالما أن جهود الوساطة مستمرة حول انهاء الحرب في غزة. قطر تلتزم بالوساطة ولكنها ستعيد النظر في دورها”.
في شهر نيسان تعرضت قطر امام هجوم دبلوماسي امريكي. عضو الكونغرس الديمقراطي ستني هوير طلب من الرئيس بايدن “إعادة فحص علاقات الولايات المتحدة مع قطر اذا لم تستخدم الأخيرة الضغط على حماس”. رئيس الحكومة القطرية رد بغضب على هذا الطلب وقال: “قطر ستفحص استمرار مشاركتها في الوساطة حول صفقة التبادل”. هذا تصريح تم تفسيره بأنه نية لابعاد قيادة حماس من الدولة. بعد هذه الاقوال نشر بأن ايران توجهت الى سوريا وطلبت منها استضافة قيادة حماس، اذا تم طردها من قطر. رد سوريا كان الرفض البارد.
في شهر حزيران وضع وزير الدفاع القطري خالد بن عطية في المؤتمر الذي عقد في جامعة البوسفور في تركيا طلب ابعاد حماس في مكانه عندما قال: “لا تعتقدوا أن مكاتب حماس في قطر سيتم اغلاقها، ليس لأننا فقط نريد أن تبقى حماس في قطر، بل لأننا نريد التسهيل على المفاوضات مع الطرفين من اجل أن يكون بالإمكان الوصول الى حماس مباشرة”، أوضح. وحسب اقوال الوزير فان الامر لا يتعلق بموقف أيديولوجي، بل بموقف نفعي الذي بحسبه استضافة حماس في قطر تستند الى طلب امريكي من العام 2012 من اجل إعطاء ملجأ لقيادة حماس لأن الولايات المتحدة ارادت الحفاظ على قناة اتصال غير رسمية، لكنها قابلة للوصول اليها، مع الحركة.
لقد تبين لقطر بأن الوساطة في صفقة المخطوفين تتطور الى تهديد على مكانتها السياسية والإقليمية، لا سيما امام الإدارة الامريكية. طالما أن إسرائيل وإدارة بايدن قاموا باعتبار حماس بأنها المسؤولة الوحيدة عن افشال المفاوضات، فان قطر على اعتبار أنها تعطي الرعاية للمنظمة وتمثل موقفها في المفاوضات، فانها هي نفسها أصبحت هدفا مباشرا لهجوم دبلوماسي بصورة يمكن أن تضر بالعلاقات بين قطر والإدارة الامريكية.
انتخاب ترامب، الذي العلاقة معه عرفت ارتفاع وهبوط، يضيف عدم اليقين للوضع. في العام 2017 أيد ترامب قرار السعودية ومصر ودولة الامارات فرض المقاطعة والحصار على قطر، وطلب من الأخيرة وقف دعمها للارهاب. ولكن في موازاة ذلك حاول ترامب بدون نجاح، المصالحة بين دول الخليج وقطر. وبعد سنة قام ترامب بالتراجع عن موقفه ووافق على صفقة سلاح بمبلغ 300 مليون دولار لقطر. في مؤتمر صحفي عقده في حينه مع حاكم قطر الشيخ تميم أوضح ترامب بأنه “يقف الى جانبي رجل مهذب يشتري معدات كثيرة منا، ومشتريات كثيرة وطائرات قتالية وصواريخ كثيرة”. في شهر أيلول الماضي التقى مرة أخرى الشيخ تمام مع ترامب في مزرعته في فلوريدا، وفي نهاية اللقاء حصل على وابل من الثناء من المرشح للرئاسة عندما قال: “لقد اثبت الأمير أنه زعيم كبير وقوي لدولته. هو أيضا شخص يريد السلام في الشرق الأوسط وفي كل العالم. لقد كانت لنا علاقة ممتازة في ولايتي الأولى وهي ستكون افضل في هذه الولاية”، اعلن ترامب.
من الأفضل للذين ينتظرون بصبر أن يلوح ترامب بالسوط على رأس قطر أن لا يحبسوا الانفاس. ولكن حتى قبل دخول ترامب الى البيت الأبيض وترجمة الى أفعال تقديره الكبير للشيخ تميم فان قطر تستند بالفعل الى أساس قوي يتمثل في مكانتها المؤثرة في الولايات المتحدة. منذ العام 2022 وهي تحظى بمكانة رسمية كحليفة كبيرة ليست عضو في الناتو. وقد حصلت على هذه المكانة من خلال سلسلة مبادرات الوساطة الناجحة التي شملت ضمن أمور أخرى، الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبات حول ترتيب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وصفقة تبادل الاسرى بين أمريكا وايران، وخطة لحل الخلاف الدموي في تشاد، وجهود وساطة بين الولايات المتحدة وايران في قضية الاتفاق النووي الجديد التي لم تؤد الى أي نتائج، ومؤخرا هي نشيطة جدا في جهود التوصل الى حل للازمة السياسية الخطيرة في لبنان.
وساطة قطر في نزاعات إقليمية أصبحت بالنسبة لامريكا ذخر استراتيجي، خاصة على خلفية لامبالاة أو عجز دول عربية أخرى مثل مصر أو دولة الامارات أو السعودية. قرار قطر أن تكون عرابة رئيسية في صفقة المخطوفين هو وليد شبكة العلاقات هذه، واذا قررت حقا الانسحاب من الوساطة ورفع يدها فانها تعكس ليس فقط الإحباط العميق، بل أيضا الرغبة في تقليص خسارتها على المستوى السياسي، ناهيك عن أنه اذا كان المعنى هو طرد قيادة حماس، الذي اذا تم تنفيذه فانه سيتبين أنه لا فائدة منه في الدفع قدما بالمفاوضات حول تحرير المخطوفين.
في الحقيقة يمكن التوقع أن كبار قادة الإدارة الامريكية وعلى رأسهم رئيس الـ سي.آي.ايه وليام بيرنز ووزير الخارجية بلينكن، الذين بذلوا جهود كبيرة للدفع قدما بخطة لتحرير المخطوفين، سيحاولون الآن اقناع قطر بالتراجع عن هذا القرار. يبدو أن صيغة بيان قطر الرسمي يمكن أن تدل على أن قناة قطر حتى الآن لم تغلق بشكل نهائي.
لكن قطر، بالذات قرار الانسحاب، تريد ليس فقط تخليص نفسها من الشرك السياسي الذي يهددها، بل تريد “اصلاح” التأطير الأمريكي والإسرائيلي لها من خلال القاء الاتهام بشكل متساو على الطرفين وجعل الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل بالصورة التي تطلب فيها واشنطن من قطر الضغط على حماس. بالنسبة للمخطوفين وعائلاتهم فان هذه بشرى قاسية، تتركهم ليس فقط بدون وسيط، بل مع حكومة ومع رئيس حكومة سيحاولون القاء كل الذنب على حماس وقطر والتملص بشكل نهائي من المسؤولية عن مصير أعزائهم.
——————————————–
هآرتس 10/11/2024
لماذا يكرهوننا؟ لا، ليس لكوننا يهود
بقلم: جدعون ليفي
في أمستردام جرى أول أمس فتك قبيح واجرامي ضد مشجعي كرة قدم إسرائيليين. مثل ذلك تحدث تقريبا كل يوم مذابح من قبل المستوطنين في الضفة. المذابح في حوارة مثلا، زادت من حيث الحجم والعنف حتى على الكارثة 2 في أمستردام. في اليوم التالي للمذبحة في هولندا هاج مستوطنون عنيفون في صوريف، وقبل يومين من ذلك هاج المستوطنون في المنية. في الوقت الذي فيه في أمستردام قاموا بضرب إسرائيليين، في غزة قتلوا بدون تمييز عشرات الأشخاص من بينهم الكثير من الأطفال، مثلما في كل يوم. المذابح اليومية في الضفة، وبالطبع الحرب في غزة، لم تتم مقارنتها بالكارثة. رئيس “يد واسم” لم يتم اجراء مقابلة معه على خلفيتها، ولم يتم ارسال أي قوة انقاذ لإنقاذ ضحاياها. وزير الخارجية ورئيس الكنيست لم يعتبروها هدفا للتصوير. هذه المذابح تحدث كل يوم، ولا أحد يهتم حتى بالابلاغ عن معظمها.
إسرائيل سجلت أول أمس رقم قياسي في الحيونة، كما تحب، ووسائل الاعلام سجلت رقم قياسي آخر في التحريض والمبالغة وزرع الرعب، وبالاساس في إخفاء معلومات غير مناسبة للرواية مثلما يحب المستهلكون لها. أمستردام قدمت فرصة لم يكن بالإمكان تفويتها: ها هم مرة أخرى يضربون اليهود في أوروبا. مشجع لمكابي تل ابيب قال إنه زار بيت آنا فرانك قبل يوم من ذلك، أي صدفة هذه المثيرة للقشعريرة. والمذيعة في الراديو تقريبا كادت تبكي. مراسلة الدعاية القومية المتطرفة في المانيا، انتونيا يامين، أوضحت بأن “أوروبا لا تعرف المشكلة”: في السنة الأخيرة هاجر 300 من أبناء عائلة واحدة من خانيونس الى برلين، وبعضهم اصبحوا معروفين للشرطة. غزة متهمة أيضا بما حدث في أمستردام. يامين بالطبع نسيت أن تذكر الجحيم الذي هربت منه العائلة وممن صنعه.
هكذا يكون الامر عندما يعيشون في فقاعة دافئة ومقطوعين عن الواقع، وتحرم نفسها من المعرفة، مثلما تُعدنا وسائل الاعلام في إسرائيل: أننا الضحايا الوحيدين الى الأبد، وأنه لم تكن هناك أي مذبحة إلا في 7 أكتوبر، جميع غزة مذنبة، جميع العرب متعطشين للدماء، جميع أوروبا معادية للسامية. هل تشككون في ذلك؟، قوموا بمشاهدة “ليلة البلور” في أمستردام.
الآن الى الحقائق: في أمستردام هاج عدد من المشجعين الإسرائيليين في الشوارع حتى قبل المذبحة. هتافات مقرفة جماعية مثل “الموت للعرب”، وتم انزال علم فلسطين، هذه الأمور تقريبا لم يتم عرضها هنا، لأن ذلك يمكن أن يخرب صورة الأفعال اللاسامية. لا أحد طرح السؤال الأول الذي كان يجب أن يثور امام مشاهدة اعمال العنف والكراهية في أمستردام. لماذا يكرهوننا الى هذه الدرجة؟ لا، ليس لكوننا يهود.
ليس لأنه لا توجد لاسامية. توجد ويجب محاربتها. ولكن محاولة أن نعلق عليها كل شيء هي أمر سخيف وكاذب. في أمستردام هبت اول أمس رياح مناهضة لإسرائيل، وهي التي اشعلت المذبحة. المهاجرون العرب الذين قاموا باعمال الشغب هم من شمال افريقيا، وقد شاهدوا في السنة الأخيرة مشاهد فظيعة من غزة. بالنسبة لهم الضحايا هم أبناء جلدتهم. ومن يستطيع أن يبقى غير مبال عندما يذبحون أبناء جلدته. كل نادل مغربي في مدينة معزولة في هولندا شاهد من غزة اكثر بكثير مما شاهده خبراء الشؤون العربية في إسرائيل. لا يوجد أي عاقل يمكنه أن يبقى غير مبال إزاء هذه المشاهد. المشاغبون في أمستردام استخدموا العنف الخطير، الذي يستحق كل ادانة وعقوبة. لا يوجد أي شيء يبرر الذبح، سواء في أمستردام أو في حوارة. ولكن اعمال الشغب في أمستردام توجد لها صلة، وإسرائيل غير مستعدة للتعامل معها. هي تفضل ارسال حارس شخصي لكل مشجع لكرة القدم في أوروبا بدلا من السؤال عن سبب كراهيتنا وعن كيفية تخفيف هذه الكراهية. في نهاية المطاف هذه الكراهية لم تندلع قبل الحرب.
أيضا هذا من اثمان الحرب في غزة والذي كان يجب أخذه في الحسبان: العالم سيكرهنا بسبب غزة. كل إسرائيلي في الخارج سيصبح من الآن فصاعدا هدفا للكراهية وللعنف أيضا. هكذا يكون الامر عندما نقتل 20 ألف طفل تقريبا ونرتكب التطهير العرقي ونقوم بتدمير القطاع. هذا امر خطير بالنسبة للعالم، الذي لا يحب ارتكاب مثل هذه الجرائم.
——————————————–
يديعوت 10/11/2024
تجميد لغرض تليين حماس
بقلم: رون بن يشاي
بعد سلسلة تقارير متضاربة في وكالات الانباء الدولية، في قطر اصدروا امس بيانا رسميا لم يبدد الغموض كثيرا. مع انهم في الدوحة اعترفوا بانهم يجمدون مساعي الوساطة لكنهم اوضحوا أيضا بان التقارير عن أنهم قرروا سحب أيديهم تماما من الموضوع ليست دقيقة. كما أفادت الوكالات ووسائل الاعلام الامريكية بان قطر طلبت من قيادة حماس الخارج مغادرة الدوحة والخروج الى بلاد لجوء أخرى. لكنهم في الدوحة لم يتطرقوا الى هذا رسميا.
ما نشر في هذا الشأن يختلف بين وكالة وأخرى ووسيلة اعلام أمريكية وأخرى لكن على حد قول مسؤولي حماس المتواجدين في الدوحة فان السلطات القطرية بلغتهم بانه “ستغلق قريبا مكاتب كبار رجالات قيادة حماس ممن يتواجدون في الدوحة”، لكن أحدا لم يغلق بعد هذه المكاتب عمليا واحد لم يهددهم او يطالبهم بمغادرة قطر.
في بيان عن تجميد المساعي جاء ايضا ان قطر حذرت الأطراف قبل عشرة أيام من انها ستتخذ الخطوة اذا لم يتوصلوا الى اتفاق في هذه الجولة لكنها قالت أيضا انها ستستأنف المساعي “عندما تكون الجدية اللازمة لانهاء الحرب”. والاستنتاج هو أن قطر لم توقف حقا الوساطة لكنها قررت بضغط من إدارة بايدن ان تستخدم بقوة اعظم رافعات النفوذ التي لديها على حماس كي تتحرك عن موقفها غير المساوم في موضوع صفقة المخطوفين – أي مطلب ان توقف إسرائيل تماما الحرب وتخرج من القطاع كشرط لمفاوضات عملية على صفقة مخطوفين شاملة دفعة واحدة.
الوضع اليوم هو أن الثلاثي القائد لحماس – رئيس قيادة حماس في الخارج خالد مشعل، خليل الحية الذي كان نائب السنوار ويمثل حماس غزة وزاهر جبارين الذي يمثل الفلسطينيين في الضفة الغربية – هذا الثلاثي يرفضون حاليا كل الاقتراحات الجديدة التي يعرضها عليهم الوسطاء وإسرائيل. فهم متمسكون بصيغة السنوار وغير مستعدين لان يحيدوا عنها. بالمقابل أبدت إسرائيل استعدادا لقبول العرض المصري لـ “صفقة صغيرة” يتحرر فيها عدد قليل من المخطوفين مقابل وقف نار قصير على أمل ان يحرك هذا الصفقة الكبرى التي يتحرر فيها المخطوفون في عدة نبضات والذي هو العرض الذي بلوره رئيس السي.اي.ايه بيل بيرنز مع نظيره رئيس وزراء قطر بموافقة إسرائيل ومصر.
صحيح أن نتنياهو يرفض الموافقة على وقف القتال لكن المرونة التي ابدتها إسرائيل بالنسبة للعرض المصري للصفقة واستعدادها لقبول “منحى بيرنز” خلقت وضعا باتت فيه قيادة حماس في الخارج تعد العائق الأساس للصفقة ولهذا فقد طلبت إدارة بايدن من قطر خلق تهديد مصداق على حماس كي تبدي القيادة التي لا تزال في الدوحة مرونة. استجاب القطريون، وذلك ضمن أمور أخرى لانهم هم أيضا يغمزون الان مثل كل الشرق الأوسط الإدارة التالية في الولايات المتحدة ويعرفون ان ترامب غير متوقع وبالتالي من غير المرغوب فيه الوصول بعد شهرين الى وضع يدخل فيه ترامب الى البيت الأبيض ويقول مساعدوه له ان حماس ترفض صفقة مخطوفين ووقف الحرب والقطريون غير مستعدين لممارسة الضغط عليهم.
ما نراه هو عمليا مجرد بداية ضغط قطري على حماس. وكما هو معروف للجميع، قطر كانت ولا تزال الممول الأساس لحماس لاسباب أيديولوجية إسلامية، وهي عمليا مولت الاستعدادات العسكرية للسنوار لـ 7 أكتوبر من خلال حقائب المال التي نقلتها إسرائيل باذن نتنياهو اليهم. ليس لحماس أي مؤيد ثري مؤيد آخر في العالم العربي والإسلامي غير قطر، وعمليا تجميد المفاوضات والتهديد باغلاق مكاتب قيادة حماس في الدوحة هو فقط ممارسة ضغط اولي وليس ثقيلا عن نحو خاص من جانب قطر على حماس كي تبدي مرونة في المفاوضات.
التهديد الخطير حقا الذي يمكن لقطر أن تهدد به حماس هو ان توقف دعمها المالي لها والا تمول اعمار غزة وربما أيضا اعمار حماس بعد أن تنتهي الحرب في ما يسمى “اليوم التالي”. تعرف حماس جيدا جدا بان قطر هي الممثلة المخلصة لمواقفها وحججها لدى الجهات التي تعنى بوساطة صفقة المخطوفين ووقف القتال. واذا ما فقدتها بل وطالبتها هذه بمغادرة قطر الى مكان آخر مثل لبنان، تركيا او سوريا – فان وضعها سيكون أسوأ بكثير. هكذا فاننا نكون عمليا في بداية حملة الضغوط القطرية على حماس وعمليا لا يزال لا يوجد لمن يعارض مشاركة قطر في المفاوضات سبب للاحتفال. لقطر توجد مصلحة واضحة لمواصلة الوساطة، سواء لاجل تبرئة ساحتها من التمويل الذي قدمته للذراع العسكري لحماس لتنفيذ هجمة الفظائع، ام كي تعتبر حليفا هاما للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. قطر التي تشغل “الجزيرة” أيضا للغاية إياها، معنية بان يتجاوز نفوذها الى ما وراء حدودها بكثير وما وراء ثراءها الذي يقوم على أساس آبار الغاز الطبيعي.
وعليه فمرغوب فيه جدا عدم تعليق آمال كثيرة أكثر مما ينبغي على تأثير الخطوة القطرية الحالية على حماس، ومن جهة أخرى لا يوجد ما يدعو الى الفرح في أن قطر، التي تؤيد حماس حقا، انسحبت من الوساطة منذ الان. هذه حاليا مجرد محاولة أمريكية قطرية لتحطيم الجمود في المفاوضات من خلال خطوة دبلوماسية تمارس ضغطا على حماس للمرونة، لكن العصا الكبرى التي لدى قطر والتي يوجد سؤال كبير اذا كانت ترغب في تستخدمها لا تزال مخفية وراء ظهر رئيس وزراء قطر. هذه العصا كما اسلفنا هي تهديد وقرار قطري بعدم تمويل اعمار غزة والمساعدات الإنسانية التي يتلقاها سكانها.
في هذه الاثناء ما يتسبب بالضغط في حماس هو عمليات الجيش الإسرائيلي في شمال القطاع، والتي تخليه من سكانه غير المشاركين وتقتل مئات المخربين. تطهير بيت لاهيا، بيت حانون واساسا جباليا من المخربين يهدد ليس فقط القوة العسكرية لحماس بل وأيضا قدرتها على تنفيذ حكم مدني في هذه المنطقة، ويوجد لحماس في القطاع أسباب وجيهة للتقدير بان الجيش الإسرائيلي لن يتوقف في جباليا بل سيواصل جنوبا نحو مدينة غزة.
في نفس الوقت الذي يحذر فيه الجيش جدا من العمل بتسرع أساسا في مناطق يوجد فيها مخطوفون لان هناك تخوف مسنود في إسرائيل بانه في عمليات قوية شاذة قد تقع إصابات للمخطوفين، ويوجد أمر بقتلهم مثلما فعلوا بستة المخطوفين الذين كانوا في رفح الى جانب السنوار وقتلوا في النفق. وعليه، فان الجيش الإسرائيلي من جهة يرغب في مواصلة الضغط على حماس لكنه يحظر من ممارسة كامل قوته كي لا يدفع حماس لافعال يأس يصاب فيها مخطوفون. في هذا الوضع يبدو أن القدرة على تحريك المفاوضات في هذه اللحظة هي حقا في يد قطر وقدرة رئيس وزراء قطر ال ثاني بممارسة روافع الضغط الثقيلة لديه على حماس.
——————————————–
إسرائيل اليوم 10/11/2024
هل يدير احد ما هذه الحرب؟
بقلم: ايال زيسر
إقالة وزير الدفاع يوآف غالنت وتعيين الوزير إسرائيل كاتس عديم التجربة كبديل له تم كما يخيل لكل الأسباب غير الصحيحة أي لاعتبارات شخصية وحزبية قصيرة الأمد. من هنا تخوف الكثيرين من التداعيات التي يمكن أن تكون لها على حصانة المجتمع الإسرائيلي وعلى الجيش الإسرائيلي أيضا.
لكن حتى أولئك الذين يبكون رحيل غالنت خوفا من الا يكون الان من يدير حرب الوجود التي تعيشها إسرائيل، يعترفون في داخل قلوبهم بان حتى تحت غالنت لم تكن إسرائيل هي التي تدير الحرب، بل الحرب هي التي كانت تديرها. وبكلمات أخرى، تفتقد إسرائيل ولا تزال تفتقد استراتيجية وبالاساس خطة عمل واضحة لادارة الحرب، وبغياب هذا نجد انفسنا نتدحرج من حدث الى حدث، من عملية الى عملية ومن حملة واحدة الى أخرى، الامر الذي يؤدي الى استمرار الحرب ويجعل من الصعب تحقيق أهدافها.
الحقيقة هي أنه في اثناء السنة الأخيرة وصلنا الى إنجازات تاريخية فيها ما يعيد رسم خريطة المنطقة كلها وبالتأكيد خريطة المجال المحيط بنا. من نقطة درك اسفل، قد تكون هي الأسفل في تاريخنا، نجحنا في الانتعاش، ضرب العدو وإزالة السيف الذي وضعه على رقابنا. منظمات الإرهاب لا تزال تقاتلنا في غزة وفي لبنان، لكن التهديد الوجودي لذاك الطوق الناري من الصواريخ الذي احاطتنا به ايران – هذا التهديد ازيل.
هذه انتصارات في المعركة، ان لم تكن بعد في الحرب، يجب ان نعيدها الى جسارة الروح والبطولة التي ابداها جنود الجيش الإسرائيلي وقادته والى جانب ذلك أيضا الى الحصانة والوحدة للمجتمع الإسرائيلي.
في نفس الوقت ينبغي الاعتراف بأسى بان هذه الانتصارات تحققت ليس بسبب بل رغم الشكل الذي ادارت به، والادق الذي لم تدر به، قيادتنا السياسية والعسكريا العليا الحرب. يخيل أيضا ان هذه الانتصارات كانت نتيجة جملة نجاحات تكتيكية لكن ليس خطوات بنيوية في خطة عمل مرتبة من خلفها رؤية استراتيجية شاملة.
هذه نتيجة محتمة لواقع يمتنع فيه المستوى السياسي من اتخاذ القرارات ويخيل انه يفتقر أيضا الى الخيال، التفكير الإبداعي والجرأة وليس الى جانبه أجهزة اتخاذ قرارات وبلورة سياسة تساعده على ملء النقص. بغياب هذا فانه يترك لقادة الجيش إدارة الحرب، غير أن هؤلاء غارقون الى فوق الرأس لادارة المعارك في الميدان وليس لهم على أي حال القدرة والأدوات – ولا التفويض – لان يقرروا اهداف الحرب او لترجمتها الى خطة عمل للتنفيذ.
ان غياب الثقة بين المنظومة العسكرية وتلك السياسية، أي حقيقة أن رئيس الوزراء لا يروي للجيش ما هي أهدافه الحقيقية والى اين وجهته ولا يتبقى لهؤلاء التخمين ما هي ارادته، فانها هي أيضا تساهم في واقع تكون فيه الحرب لا تدار حقا من فوق والاحداث في الميدان هي التي تملي علينا طريقنا. هكذا دار القتال في غزة التي تدحرجنا فيه من حملة عسكرية واحدة الى أخرى، من شمال القطاع انتقالا الى مدينة غزة وحين رأينا بانه جيد، واصلنا نتدحرج أيضا الى خانيونس وأخيرا وصلنا الى رفح. كل هذا ليس كمراحل في خطة شاملة بل كخطوات متقطعة كل واحدة تقف بحد ذاتها.
النتيجة هي اننا ضربنا حماس، لكن الطريق الى هزيمتها طويلة ونهاية الحرب لا تبدو في الأفق. في لبنان أيضا دسنا في الوحل نحو سنة وعندها جاء القتل الجماعي للأطفال في مجدل شمس وبعده، هكذا حسب تقارير الاعلام – حاجة عملياتية لتفجير أجهزة الاشعار قبل ان يكشفها العدو، أدى الى تصعيد غير مخطط له. هنا أيضا جررنا من نجاح عملياتي واحد الى آخر، ولكن في السطر الأخير وبغياب رؤية استراتيجية شاملة، علقنا في حرب استنزاف متواصلة دون حسم ضد حزب الله.
ان إدارة الحرب هي موضوع للمستوى السياسي لينشغل به، ومن الخطأ تركه في يد الجيش الذي من مهمته أن يقاتل ويدير المعارك ضد العدو. غير أن الحكومة تمتنع عن وضع السياسة، عن اتخاذ القرارات وباختصار تمتنع عن إدارة الحرب.
اقالة غالنت هي لحظة أليمة للكثيرين لكن سيؤلمنا اكثر اذا ما واصلت الحكومة الهرب من مسؤوليتها عن إدارة الحرب واذا ما واصلنا السماح للاحداث في الميدان بادارتنا، مثلما حصل حتى اليوم.
——————————————–
معاريف 10/11/2024
الاضطرابات في هولندا يجب أن تكون دعوة صحوة لحكومة إسرائيل
بقلم: د. شاي هار تسفي رئيس مجال الساحة الدولية والشرق الأوسط في معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمن
الاحداث اللاسامية العنيفة في أمستردام ضد مشجعي مكابي تل أبيب لم تقع كالبرق في يوم صافٍ. فمنذ نشبت حرب السيوف الحديدية يبدو واضحا ارتفاع حاد في مدى مظاهر اللاسامية واحداث العنف. يعد هذا تهديدا ملموسا للامن الجسدي لليهود في ارجاء العالم وتحديا متعاظما للامن القومي لدولة إسرائيل.
من تقرير نشرته منظمة “CIDI” التي تراقب وتعمل ضد اللاسامية في هولندا يتبين أنه في العام 2023 وقعت في الدولة 379 حادثة لاسامية مقابل 155 فقط في العام 2022 و 183 في العام 2021.
هولندا ليست مميزة حقا. بل تشكل الاستثناء الذي يدل على القاعدة. فالتقرير السنوي الذي نشرته وزارة الشتات (بمشاركة الوكالة اليهودي والهستدروت الصهيونية العالمية” عن وضع اللاسامية في العالم في 2023 أشار الى أنه منذ 7 أكتوبر طرأت قفزة ذات مغزى في المظاهر والاحداث اللاسامية حتى في دول مركزية أخرى في أوروبا وعلى رأسها بريطانيا، المانيا وفرنسا وذلك بالطبع الى جانب الاحداث في الجامعات في الولايات المتحدة.
احد الأسباب المركزية للصعود الحاد في هذه الظاهرة الخطيرة هو الارتباط بين ايديولوجيات اليسار المتطرف وفكر الاخوان المسلمين. الى هذا ينبغي أن يضاف نشاط منظمات المجتمع المدني والنشطاء في الغرب الذين لبعضهم علاقات بمنظمات إرهابية كحماس والجبهة الشعبية للترويج ولغرس الأفكار المتطرفة ضد إسرائيل.
في السنوات الأخيرة وان كان واضحا أن تصاعد اللاسامية دفع حكومات في الولايات المتحدة وفي أوروبا لاتخاذ خطوات للحصر والتصدي للتهديد، لكن لا شك ان ثمة حاجة الى قفزة درجة في المعالجة من جانبها في ضوء الفهم بانه بدون معالجة مناسبة من شأن اللاسامية ان تتعاظم اكثر فأكثر.
يدور الحديث أولا وقبل كل شيء عن تهديد ملموس على امن اليهود لكن أيضا عن تهديد متزايد على النظام العام في تلك الدول.
اعمال الشغب في هولندا يجب ان تشكل دعوة صحوة لحكومة إسرائيل. على المستوى العملي فانها تثير غير قليل من التساؤلات كيف حصل الامر إذ انه رغم أن الكثير من الجهات في البلاد اطلقت اخطارات فوجيء مشجعو مكابي ومحافل الامن في هولندا لم تعمل كما هو متوقع منها.
وعليه، مطلوب تشكيل لجنة فحص كي تبلور هذه استنتاجات سريعة لتحسين طرق التعاطي مع الامر. وذلك ضمن أمور أخرى في ضوء الخوف في أن من شأن الاحداث في هولندا ان تشكل الهاما وتشجيع جماعات متطرفة أخرى في أوروبا على ارتكاب أفعال مشابهة.
في البعد السياسي على حكومة إسرائيل ان تستغل بيانات التنديد الواسعة لزعماء في أوروبا للعمل كي يترجم هؤلاء ذلك الى اعمال حقيقية، سواء في كل ما يتعلق بزيادة الحراسة للمؤسسات اليهودية أم لاتخاذ يد متشددة ضد جهات تشارك في تشجيع اللاسامية.
في المستوى العام، وفي ضوء إمكانية ان يتعاظم التهديد اكثر فأكثر يبدو أنه مطلوب تحسين الرد الشامل من جانب دولة إسرائيل. عمليا، ينبغي العمل على إقامة جسم حكومي عام بدلا من التوزيع القائم اليوم بين الوزارات الحكومية والهيئات التي تعالج هذا التهديد. هذا الجسم يجب أن يكون مع صلاحيات، مقدرات وقدرات تنفيذية واسعة تتيح له تنسيق وقيادة التصدي متعدد الجوانب والساحات بنجاعة ضد اللاسامية المتصاعدة. وبخاصة في كل ما يتعلق بجهود الاعلام مع التشديد على الشبكات الاجتماعية والاعمال اللازمة في مجالات التعليم والانفاذ.
——————————————–
هآرتس 10/11/2024
تفسيرات آيلاند هدفها التملص من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة
بقلم: دانييل بالتمان
الجنرال احتياط غيورا ايلاند هو الممثل الواضح للانهيار الأخلاقي لإسرائيل وعدم قدرتها على فهم الواقع التاريخي في هذه الاثناء. ايلاند هو رجل مثقف ولا يسعى الى أوهام مسيحانية، وبالتأكيد هو ليس مجرم. ولكن بالذات التحليل الذي يبدو أنه اكاديمي، وتصميمه على الطريقة الصحيحة للسلوك في غزة، يدل على عمق الازمة.
خطته التي طرحها مؤخرا مرة أخرى في مقال له في “هآرتس” في 31/10، ترتكز جميعها على جريمة حرب فظيعة، تتراوح بين التطهير العرقي والابادة الجماعية. في حالات كهذه في السابق، أيضا خطة ايلاند مغسولة بكلمات اكاديمية وهي تستند كما يبدو الى براغماتية باردة والقانون القانون الدولي الذي يعطيها الشرعية. ايلاند يقول إن قطاع غزة اصبح بالفعل دولة مستقلة منذ اللحظة التي انفصلت فيها إسرائيل عنها قبل 18 سنة. وقد مرت باجراءات مثل المانيا في الثلاثينيات. هذه بالطبع هراءات وذر للرماد في العيون. القانون الدولي اعتبر الوضع في غزة في هذه الفترة كوضع “سيطرة فعالة”. هذا وضع احتلال الذي فيه دولة تمارس سيطرتها الفعلية (حتى لو لم تكن مباشرة) على ارض ليست لها، بدون موافقة قانونية.
إسرائيل واصلت السيطرة على الوصول البري الى القطاع (بواسطة المعابر)، وعلى مجاله الجوي والمياه الإقليمية له. هذه السيطرة اعتبرت من قبل الأمم المتحدة سيطرة فعالة. إسرائيل واصلت فرض الحصار والاغلاق على القطاع، واستخدمت العقاب الجماعي، الذي هو محظور حسب القانون الدولي، وقيدت الوصول الى الخدمات الصحية والتعليم، وقيدت التزويد بالكهرباء والمياه ودمرت البنى التحتية في كل جولة من جولات العنف حتى قبل الدمار الذي اوقعته بغزة في السنة الأخيرة.
اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجهات أخرى قالت إن إسرائيل هي القوة المحتلة في القطاع، لذلك هي ملزمة حسب ميثاق جنيف بتأمين رفاه السكان المدنيين. أيضا الجمعية العمومية للأمم المتحدة والمحاكم الدولية أصدرت قرارات وآراء قانونية التي تعتبر القطاع جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة. البارز من بينها هو قرار محكمة العدل الدولية (أي.سي.جي) من العام 2004، فيما يتعلق بجدار الفصل في الضفة الغربية والذي يتناول الأراضي الفلسطينية المحتلة كرزمة تشمل قطاع غزة، ويؤكد على واجب إسرائيل للخضوع للقانون الدولي. محكمة الجنايات الدولية (آي.سي.سي) التي فتحت في 2021 تحقيق في الجرائم التي ارتكبت في المناطق الفلسطينية المحتلة، تعاملت أيضا مع قطاع غزة في هذا السياق. الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى تواصل اعتبار غزة جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة رغم انسحاب إسرائيل في العام 2005. ما هي بالضبط العلاقة بألمانيا في الثلاثينيات؟ انا افترض أن المؤرخ ايلاند يحاول التلميح الى التشابه بين صعود النازيين الى الحكم وتولي حماس للحكم في القطاع. هذه مقارنة بائسة بأقل تقدير. هتلر صعد الى الحكم من خلال الانتخابات، في دولة كانت في ازمة، وهو مسلح بايديولوجيا شمولية تدعو الى الإبادة في أساسها، التي حاول تنفيذها بعد ذلك. حماس تولت الحكم من خلال الانقلاب على السلطة الفلسطينية، وهي مسلحة أيضا بايديولوجيا أصولية قاتلة، لكن مجال عملها كان غيتو معزول وفقير ومحاط بالجدران ومحكوم من قبل الجيش الإسرائيلي، وليس دولة حديثة مع إمكانية كامنة إنسانية، اقتصادية وعسكرية، التي تحولت بسرعة الى الدولة العظمى الأقوى في العالم في نهاية الثلاثينيات.
رجل الاكاديميا ايلاند يستمر ويتساءل بشكل بلاغي: كيف كانت بلجيكا سترد لو أن لوكسمبورغ الصغيرة انقضت عليها بشكل مفاجيء وقتلت 1200 مواطن فيها واختطفت 250 كرهائن. اذا لم يكن هذا يثير الشفقة فانه كان سيكون مضحكا. الناتج القومي الخام للفرد في إسرائيل يشبه الناتج القومي الخام في بلجيكا، 50 ألف دولار في السنة. الناتج القومي الخام للفرد في غزة (قبل الدمار) كان تقريبا ألف دولار في السنة. للمقارنة فانه يجب أن يكون القليل من الدقة.
ايلاند يحاول اقناعنا بأن التطهير العرقي في شمال القطاع يتساوق مع معايير القانون الدولي، من خلال الادعاء بأنه يعتمد على مثل هذه الوثائق وغيرها من الجيش الأمريكي وخبراء في القانون. ولكن هنا أيضا هو يذر الرماد في العيون من اجل تبرير جرائم حرب فظيعة، التي يطالب بتنفيذها. حسب المادة 49 في ميثاق جنيف في هذا الشأن (الميثاق الذي انضمت اليه إسرائيل ولكنها امتنعت عن ادراجه في قوانينها)، فان نقل بالاكراه السكان المحميين، افراد أو مجموعات، وطرد السكان من الأراضي التي تم احتلالها الى ارض الدولة العظمى المحتلة أو الى أراضي أي دولة أخرى هي أمور محظورة، ولا يهم ما هو الدافع.
رغم ذلك، الدولة العظمى المحتلة مخولة بأن تأخذ على عاتقها الاخلاء الكامل أو الجزئي الى منطقة معينة اذا كان أمن السكان أو اعتبارات عسكرية تقتضي ذلك. ولكن “هذا الاخلاء محظور أن يجر الى تهجير السكان المحميين الى ما وراء حدود المنطقة المحتلة، إلا اذا كان لا يمكن لاسباب حقيقية منع تهجيرهم”. وورد أيضا بأن الأشخاص الذين يتم اخلاءهم ستتم اعادتهم الى بيوتهم فورا بعد انتهاء الاعمال العدائية في هذه المنطقة، وأن الدولة العظمى المحتلة التي تتحمل مسؤولية عملية النقل أو الاخلاء ستهتم بتوفير أماكن سكن مناسبة تستوعب المخلين، “لتنفيذ عملية النقل بشروط جيدة، صحية ونظافة وأمن والغذاء، وبدون فصل أبناء العائلة عن بعضهم.
هكذا فانه محظور على الدولة المحتلة (إسرائيل) طرد السكان (الغزيين) من الأراضي المحتلة إلا في حالات استثنائية وفي حالة الضرورة العسكرية. وحتى لو كان هذا هو الوضع الآن في شمال القطاع فماذا بشأن واجب الاهتمام بالمخلين حول الحصول على مأوى مناسب وظروف جيدة للنظافة والصحة والامن والغذاء؟ هذا الجزء في الميثاق الدولي نسيه ايلاند، وهو حتى يطالب بعدم ادخال المساعدات الإنسانية الى حين خضوع حماس لطلبات إسرائيل.
هذه الخدعة الانتقائية التي يقوم بها ايلاند وغيره يوجد لها هدف واحد وهو التملص من حقيقة أن إسرائيل تقوم بارتكاب جرائم حرب فظيعة في القطاع، تتراوح بين التطهير العرقي القاتل والابادة الجماعية. لجنة خبراء تابعة لمجلس الامن في العام 1993، التي تم تشكيلها في اعقاب جرائم الحرب في يوغسلافيا اعتبرت التطهير العرقي “خلق منطقة متجانسة من ناحية اثنية بواسطة طرد منظم لمجموعات سكانية أخرى من خلال التخويف، الإرهاب والعنف، بما في ذلك القتل والتعذيب والاعتقال العبثي والاعتداءات الجنسية والطرد بالاكراه وتدمير الممتلكات”. أليس هذا ما يطرح ايلاند فعله في شمال القطاع؟ أليس هذا ما يطالب به كثيرون في إسرائيل الآن؟.
مذبحة جماعية، تطهير عرقي وابادة جماعية، هي الخروقات الأكثر خطورة لحقوق الانسان في القانون الدولي. وليام شباس، الباحث البارز في القانون الدولي الذي عمله يتركز على تعريفات قانونية دقيقة لجرائم مثل الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، يؤكد على ما تم التأكيد عليه في ميثاق الأمم المتحدة لمنع المعاقبة على جريمة الإبادة الجماعية (1948): أهمية النية هي مفهوم قانوني يعني “نية خاصة” أو “هدف خاص”. في القانون الدولي الجنائي هذا المفهوم يتناول مستوى النية المطلوبة من اجل اثبات حدوث جرائم معينة. وهو يشير الى أنه لا يكفي اثبات نية عامة لارتكاب الفعل الجنائي، بل مطلوب الدليل على نية معينة للتوصل الى نتائج معينة، خاصة في جرائم خطيرة مثل التطهير العرقي والابادة الجماعية. هل يمكن لايلاند أو مئات آلاف الإسرائيليين في الوقت الحالي الادعاء بأن ما تفعله إسرائيل في غزة لا يدل على وجود “نية خاصة”؟.
أبحاث في علم النفس الاجتماعي تفحص جرائم مثل الكارثة أو الإبادة الجماعية للارمن في بداية القرن الماضي، توصلت الى أفكار كثيرة حول التملص من معايير أخلاقية وتفسيرات لهذا التملص. نظريات كثيرة تظهر أن الناس يصنفون انفسهم والآخرين كاعضاء في مجموعات معينة، وهكذا فانهم يحصلون على الشعور بالهوية من الانتماء لجماعة معينة. وبسبب الرغبة في الحفاظ على صورة ذاتية إيجابية فانهم يطورون ميل جماعي، الذي من خلاله يرون جماعتهم بنظرة إيجابية ويرفضون الاعتراف بالمظالم التي تسببوا بها للآخرين.
بالاستناد الى مقاربة الهوية الاجتماعية فان علماء نفس اجتماعيين لاحظوا تقنيات نفسية متنوعة، يستخدمها أعضاء جماعات معينة للدفاع عن صورتهم الجماعية، وهم يواجهون المعلومات التي تهدد التقدير الإيجابي لمجموعتهم. هكذا يواصل الكثير من الاتراك نفي ارتكابهم إبادة جماعية ضد الأرمن. وفي الصرب ينفون الإبادة الجماعية ضد البوسنيين في سربرنتسيا، والليطائيون والبولونيون واللاتفيون والرومانيون والاوكرانيون (قائمة جزئية) ينفون أنهم ساعدوا بطرق مختلفة في الإبادة الجماعية للنازيين ضد اليهود. هذه هي الآلية التي يستخدمها الآن الكثير من الإسرائيليين بالنسبة للافعال الفظيعة في غزة.
قبل بضعة اشهر شاركت في مؤتمر في أوروبا تناول التحدي الذي يقف امام متاحف تخليد ذكرى الكارثة الآن. لم يكن بالإمكان التملص من مناقشة احداث 7 أكتوبر وما اعقبها في سياق موضوع المؤتمر. أنا تحدثت عن الصدمة التي مرت فيها إسرائيل في اعقاب مذبحة الإبادة لحماس، وعن الاعمال الفظيعة في غزة. الأجواء في المؤتمر كانت متعاطفة ومتفهمة للتحدي الذي تواجهه إسرائيل الآن، لكن أيضا كان انتقاديا بالنسبة لرد إسرائيل.
بعد ذلك تقدم مني احد المشاركين وسألني: ماذا سيحدث اذا قررت محكمة العدل الدولية بأن إسرائيل نفذت في غزة إبادة جماعية أو شيء مشابه؟ ما الذي سيحدث لـ “يد واسم” ومتاحف الكارثة في العالم؟ كيف سيواجهون هذه القضية؟. أنا صمت. ربما يوجد لدى غيورا ايلاند اجابة افضل لهذا الواقع التاريخي الجديد.
——————————————–
إسرائيل اليوم 10/11/2024
ترامب سيعفينا من الدولة الفلسطينية
بقلم: ارئيل بولشتاين
انتخاب دونالد ترامب المتجدد للرئاسة الامريكية هو بشرى ممتازة لإسرائيل من جوانب عديدة لدرجة أنه ليس سهلا ان نختار أي منها هو الأهم. فاستكمال إبادة حماس في غزة، تصفية تهديد حزب الله من لبنان، تضييق خطة ايران ونفي خيارها النووي، وقف التمويل الدولي لوكالات الأمم المتحدة المناهضة لإسرائيل، كبح اعمال المحاكم الدولية ضد إسرائيل وقادتها، السلام والتطبيع مع السعودية – كل هذه مواضيع في غاية الأهمية، سيبدأ العمل عليها ابتداء من 20 كانون الثاني 2025 بالتعاون بين إسرائيل وواشنطن، دون العصي في الدواليب التي لشدة الأسف اعتدنا عليها في عهد الإدارة المنصرفة.
مع كل الأهمية الهائلة لما قيل، يوجد موضوع استراتيجي آخر – يرتبط جدا بكل المواضيع آنفة الذكر بل وربما أولها – على الأقل من ناحية فكرية – يستوجب معالجة مشتركة في السنوات الأربعة القريبة القادمة.
بدء الولاية الثانية لترامب يفتح نافذة فرص لتنفيذ خطوة تحسن بلا قياس لإسرائيل، للشرق الأوسط وللعالم كله: الدفن النهائي للخطة الكابوسية بإقامة دولة عربية في بلاد اسرائيل غرب النهر.
على مدى السنين استهدفت سياسة الحكومات برئاسة بنيامين نتنياهو احباط فكرة “دولة فلسطينية” لانه – وكذا معظم مواطني إسرائيل – يفهمون بان مثل هذا الكيان هو فقط وسيلة لتحقيق الحلم العربي لاماتة الدولة اليهودية.
كمحافظ حقيقي، فعل نتنياهو هذا بطريقته المحافظة، بخطى محسوبة وحذرة وبلا إماءات استعراضية – دون الغاء اتفاقات أوسلو من فوق منصة الأمم المتحدة ودون تطيير أبو مازن وعصبته المجرمة عائدين الى تونس. في هذه السياسة يوجد منطق كثير، بخاصة طالما كان يحكم في الولايات المتحدة زعماء كانوا يقبلون الصيغة الكاذبة “دولتين للشعبين” بشكل اعمى، وكأنها توراة جديدة أعطاها سيد الكون وكأن الواقع لم يثبت بان كل محاولة لتنفيذها في غزة، في السامرة وفي يهودا ستؤدي دوما الى سفك دم اليهود. طالما لم تنضج الظروف ما كانت الولايات المتحدة ببساطة تسند التنكر للصيغة التي تستهدف تصفيتنا حتى لو كان التنكر محقا.
الان نضجت أخيرا الظروف. ترامب هو الرجل المناسب لالقاء الصيغ الكاذبة الى سلة المهملات، سواء بسبب دعمه لإسرائيل ام بسبب طبيعته المناهضة للتفكير من داخل الصندوق أم بفضل قدرته على أن يرى بدون حواجز من هو الخير ومن هو الشر، من هو المالك الحقيقي للبلاد ومن هو المتخفي المجرم، من صديق الولايات المتحدة ومن العدو.
المذبحة الرهيبة التي ارتكبها الغزيون في 7 أكتوبر، وحقيقة أن أحدا في المجتمع العربي في يهودا والسامرة لم يشجبها ويشجب مرتكبيها المجرمين تتيح لان نضرب الحقيقة في وجه العالم: إقامة دولة الإرهاب على حافة بيتنا القومي وبيوتنا الخاصة هي انتحار وإسرائيل لن توافق ابدا على الانتحار.
الرئيس الجديد – القديم لامريكا هو زعيم مصنوع من المادة الصحيحة. مثلما اعترف بالقدس عاصمة إسرائيل وبهضبة الجولان ومثلما قضى بانه لا يجب تسمية يهودا والسامرة ارضا محتلة، هكذا يمكنه أن يساعد رئيس الوزراء نتنياهو من تحرير إسرائيل من الطوق الخانق المتمثل بـ “رؤيا الدولة الفلسطينية”.
——————————————–
يديعوت احرونوت 10/11/2024
على نتنياهو أن يوقف الحرب في غزة التي تشعل وتقوي المظاهرات ضد إسرائيل
بقلم: شمعون شيفر
صباح يوم الجمعة بعث مكتب رئيس الوزراء بصورة لنتنياهو كان يفترض بها أن تقنعنا بانه يدير حدث الاعتداء على مشجعي مكابي تل أبيب في أمستردام: بدا جالسا في غرفة الطوارئ في وزارة الخارجية وأفاد الناطقون بلسانه بانه أمر بارسال طائرة انقاذ قيادة المنطقة الجنوبية الى هولندا. في نهاية الامر الطائرة لم تقلع وبقينا فقط مع التشبيهات بـ “ليل البلور”، التي وقعت في المانيا قبل 86 سنة، وبالمحرقة.
اذا كان نتنياهو يريد حقا أن يعالج انفجارات العنف ضد الفلسطينيين في ارجال المعمورة، يجمل به أن يوجه الجيش الإسرائيلي لانهاء الحرب في غزة – التي أصبحت مصدر السلوك الوحشي في العالم ضدنا. الواقع الرهيب لمئات الاف الغزيين يشعل ويقوي المظاهرات ضد إسرائيل، ورفض نتنياهو طرح بديل سلطوي في القطاع يبقينا مع كل المشاكل هناك. بدون تغيير، لن يبعد اليوم الذي لا نتمكن فيه من الخروج من حدود البلاد – لان رئيس الوزراء حكم علينا بحرب لا نهاية لها.
في اعقاب قضية تسريب الوثيقة السرية والحساسية الى صحيفة “بيلد” في المانيا، توجه نتنياهو الى المستشارة القانونية كي تحقق بمصدر التسريبات من مداولات حساسة. تذكرت قصة سبق ان نشرتها في كتابي “لعنايتك فقط” عن المرة التي اشترط فيها نتنياهو تسليمي وثيقة سرية للغاية بالوعد عنوان رئيس في الصحيفة. رفضنا، بالطبع.
وظاهرا دون صلة: في الأسبوع الماضي زار ملك اسبانيا فيليب السادس منطقة الكارثة في فالنسيا ومع عقيلته تحدث مع المحليين الذين دفنوا من أبناء المكان في اعقاب الطوفان. بغضبهم رشق السكان حفنات من الطين على الزوجين وصرخوا نحوهما “قتلة”. اما عندنا، فان نتنياهو يرفض الوقوف امام سكان نير عوز ويوجه نظره اليهم.
المستطلعون والمحللون اخطأوا جدا: ترامب وجد الصيغة الى قلوب كل القطاعات التي توقعوا الا تنتخبه. بكلمات أخرى: التشخيص في أن الناس يصوتون بهدف الدفاع عن الديمقراطية ليس صحيحا.
اقترح الحذر في الفرضية في أن ترامب سيلبي توقعات نتنياهو. شيء واحد مؤكد: سيحاول تلبية توقعاته هو نفسه.
إسرائيل كاتس يمكنه أن يتبنى اللقب الذي اعطي في حينه لاسحق مردخاي، “قائد القيادات الثلاثة”، ويجعله “قائد الوزارات الثلاثة” التي ترأسها – المالية، الخارجية والان الدفاع – في طريقه الى المطالبة في يوم من الأيام برئاسة الوزراء. عليه أن يتذكر لكن: هذا لم يساعد مردخاي للحصول على رئاسة الأركان.
في هذه الاثناء اذا كان ممكنا اسداء المشورة للوزير كاتس: استعن بمترجم في الاتصالات مع الأمريكيين. هذا ليس عارا، هذا يشهد على انك لا تخشى كل لاذعي اللسان. هكذا تفكك لغما هاما.
والد الجندي ارئيل سوسنوف الراحل الذي قتل الأسبوع الماضي روى انه يقرأ 800 كتاب في السنة – كان يأخذ أربعة كتب لكل زيارة الى المكتبة.
في كتاب الاشعار الذي كتبه فدريكو غارسيا لوركا توجد قصيدة “النطحة والموت” والتي تعد قصيدة وداع للحبيب: “شرشف أبيض جاء به الفتى في الساعة الخامسة مساء. وقبل الخامسة اعدوا هناك سلة مليئة. كل ما تبقى كان موت، فقط موت قبل الخامسة مساء… كيف بدت الساعة الخامسة قبل المساء. كان هذا مع حلول المساء”. كم كنت اريد أن اعرف ارئيل سوسنوف الراحل.
——————————————–
هآرتس 10/11/2024
إسرائيل هي منتجة كبيرة للعنف، مع التباكي والتظاهر بأنها الضحية
بقلم: ايريس ليعال
رد شخص يميني لديه آراء سيئة، لكنها تمثيلية حول العنف ضد المشجعين الإسرائيليين في أمستردام، يعبر عن الارتباك العميق. هاكم ما كتبه كاتب السيناريو روعي عيدان: “لن يحبوننا أبدا، لكن هم يجب أن يخافوا منا”، بعد “تسوية غزة بالأرض”، وبعد “لا يوجد هناك اشخاص غير مشاركين”، وبعد “يجب احتلال جنوب لبنان”، فان الفهم الجديد هو أن الاغيار في أوروبا يجب أن يخافوا منا في عواصمهم.
من القطب المقابل لليهودية التي تستخدم العضلات، المراسل ينير كوزين الذي كتب ببساطة “غدا، 9 تشرين الثاني، 86 سنة على “ليلة البلور”. هكذا تمت تسمية الليلة التي حدثت فيها في ارجاء الرايخ الثالث اعمال الفتك باليهود العاجزين. يبدو أن الإسرائيليين لم يتوقفوا في أي يوم عن الحركة بين الشعور غير المحدود بالقوة والخوف على وجودهم، بين التصور الذاتي للابطال الاقوياء الذين لا يخافون وبين الجبان المتشرد في المنفى الذي يقومون بسحب سوالفه، الضحية الأبدية للعالم.
لا يمكن التسليم بالعنف على خلفية اللاسامية في أي حالة. كما هو معروف فان الهجوم العنيف على مشجعي مكابي تل ابيب كان مخطط له مسبقا وحتى كان معروف للسلطات، والصور التي تأتي من هناك مثيرة للغضب. أيضا من شبه المؤكد أن معظم المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين يكرهون الإسرائيليين، وهذا العنف الذي حدث فقط انتظر الشرارة لاشعاله. مع ذلك، المشجعون الإسرائيليين قاموا بانزال اعلام فلسطين، و”اسمحوا للجيش الإسرائيلي بالانتصار” و”الموت للعرب” وكأنهم كانوا في مسيرة الاعلام. عندما ينزعج الناس الآن بسبب المذبحة في أوروبا فانه يجب عدم نسيان المذابح التي يرتكبها الفلسطينيون في فلسطين كل أسبوع تقريبا، وجنود جيش الدفاع يراقبون وايديهم في جيوبهم، أو عنف الشرطة ضد المصلين في الحرم مثلما حدث بعد فترة قصيرة من احداث أمستردام.
توجد لاسامية في أوروبا، ويوجد فيها أيضا اسلام متطرف، وهذا غير جديد. ولكن منذ سنة هم يحذرون من النظرة المتغيرة تجاه إسرائيل في العالم. ما الذي يحدث إزاء الصور عن الأفعال التي تفعلها في غزة، والتي لا يتم نشرها في وسائل الاعلام المحلية (مثلما لم يظهروا سلوك المشجعين في أمستردام، وحتى أنهم قاموا بمحو تقارير خوفا من رد الرعاع في الشبكات الاجتماعية)؛ الأرقام المخيفة لعشرات آلاف القتلى، من الأطفال والأولاد والعائلات التي تمت ابادتها والطرد الجماعي، نكبة ثانية، تجويع ومنع ادخال المساعدات الإنسانية وما شابه، وجرائم حرب أيضا.
الصور والشهادات من الهجوم على المشجعين في أمستردام تفتح جروح الماضي. استخدام كلمات مثل مذبحة وكارثة خرج عن السيطرة منذ 7 أكتوبر، والآن هي تستخدم لوصف الحدث الأخير.
الفلسطينيون الذين يضطرون الى ترك بيوتهم في شمال القطاع بسبب قصفها، هم بالتأكيد المادة للكوابيس التاريخية. معظم سكان القطاع هم من المهجرين في العام 1948، وكما يقول الجيش الآن بشكل علني: بعضهم لن يتمكنوا من العودة الى بيوتهم.
الآن يمكن القول إنه الى الوعد بأن “هذا لن يتكرر مرة أخرى” إسرائيل اضافت كلمة “لنا”. ولكن الدولة التي كان يجب أن تكون الملاذ للشعب اليهودي هي الآن المكان الأقل أمنا له. فهي لا يمكنها التركيز على سلامة الشعب اليهودي ومواطنيه الذين يواجهون المشاكل بسبب يهوديتهم أو جنسيتهم. لقد فشلت في فهم الدرس التاريخي.
من اجل فهم هذه العلاقة، وليس تبريرها، فان ما حدث في أمستردام هو عنف مثير للاشمئزاز، لكن الآن إسرائيل هي منتجة كبيرة للعنف من خلال التباكي والتظاهر دائما بأنها الضحية.
يخطيء من يعتقد أن الاعتداء على الرعاة والمزارعين الفلسطينيين، والدخول الى بيوتهم وقضاء الحاجة على الأرضية في هذه البيوت وقتل الآباء أمام عيون الأولاد، لن تؤثر على مصيره. أيضا الدولة التي لا تقوم بتحرير مخطوفيها، والدولة التي رجال الشرطة فيها يقومون بضرب عائلات المخطوفين، هي دولة فقدت جزء من حقها في التذمر.
——————————————–
مستبقا الزمن.. نتنياهو يعتزم إيفاد وزير إلى واشنطن للقاء ترامب
القدس: يعتزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إيفاد وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، لبحث عدة ملفات، من بينها “التهديدات الإيرانية”، وفق إعلام عبري.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية (خاصة)، إن نتنياهو يعتزم إرسال وزير الشؤون الاستراتيجية إلى واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة للقاء ترامب، حيث سيركز على “ملفات حساسة مثل الاستقرار الإقليمي (رغم حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة والعدوان على لبنان)، والتهديدات الإيرانية، ووقف إطلاق النار مع حزب الله”.
في السياق ذاته، أفادت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية بأن نتنياهو ومحيطه يشعرون خلال الأيام الأخيرة بالتفاؤل والهدوء، بعد فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية.
وقالت الصحيفة العبرية إنّ فوز ترامب والتقارب بينه وبين نتنياهو، أعاد قضية فرض السيادة على الضفة الغربية، إلى صدارة الأجندة في تل أبيب.
وأشارت إلى أنّ مسؤولين بارزين في الحكومة الإسرائيلية بدأوا بوضع خطط لفرض السيادة على بعض التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية، والموافقة على آلاف الوحدات السكنية، وإلغاء العقوبات على المستوطنين.
ووفق تقديرات إسرائيلية، يقيم أكثر من 720 ألف مستوطن في مستوطنات بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، إلا أنه ووفقا للقانون الدولي تعتبر المستوطنات المقامة في الضفة والقدس الشرقية غير قانونية.
وبحسب الصحيفة ذاتها، أعرب المحيطون بنتنياهو عن اعتقادهم بأنهم وصلوا إلى مرحلة استقرار غير مسبوقة تتيح لهم التخطيط لخطوات استراتيجية دراماتيكية.
أما على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة، أكدت الصحيفة أن تل أبيب تتعمد تجنب إثارة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى دخول ترامب للبيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وفي وقت سابق الأحد، قال نتنياهو في مؤتمر صحفي: “تحدثنا أنا وترامب 3 مرات خلال الأيام القليلة الماضية. كانت محادثات جيدة ومهمة جدا، وهناك نظرة مشتركة للتهديد الإيراني”.
ويرى مراقبون أن الجمهوريين والديمقراطيين “وجهان لعملة واحدة” في دعم إسرائيل، بل يتنافسان في هذا المسار، لما تمتلكه جماعات الضغط اليهودية في واشنطن من نفوذ مالي وسياسي، فضلا عن مصالح مشتركة بين الطرفين”.
وخلال فترته الرئاسية الأولى، قدم ترامب دعما كبيرا لتل أبيب، وقرر عام 2017 اعتبار القدس الشرقية المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل إليها السفارة الأمريكية من تل أبيب، وهو ما يرفضه الفلسطينيون لانتهاكه القرارات الدولية ذات الصلة.
ومنذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تقدم إدارة بايدن لإسرائيل دعما مطلقا على المستويات العسكرية والمخابراتية والسياسية.
وأسفرت الإبادة عن أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي عربية في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
——————————————–
هآرتس 10/11/2024
ضابط كبير: ليست “خطة جنرالات” بل أوامر نتنياهو وتنفيذ هاليفي وقائد المنطقة الجنوبية
بقلم: أسرة التحرير
يقوم الجيش الإسرائيلي في القسم الشمالي من قطاع غزة بعملية تطهير عرقي. يتم بالقوة إخلاء الفلسطينيين القلائل الذين تبقوا في المنطقة، ودمرت إسرائيل المنازل والبنى التحتية وبدأت تشق محاور سير واسعة وتكمل قطع بلدات شمال القطاع عن وسط مدينة غزة. “تبدو المنطقة وكأن كارثة طبيعية وقعت فيها”، هكذا أجمل المراسل العسكري لـ “هآرتس” ينيف كوفوفيتش جولته مع قوات الجيش الإسرائيلي في المكان الأسبوع الماضي.
لكن كوفوفيتش لم يرَ كارثة طبيعية، بل خراب من فعل الإنسان وبنية مبيتة. ضابط كبير – الذي شخصته “الغارديان” البريطانية كالعميد ايتسيك كوهن، قائد فرقة 162 التي تعمل في شمال غزة، شرح للمراسلين بأنه لا عودة لأحد إلى القسم الشمالي. لا عودة إلى القسم الشمالي ولن تكون”. وروى الضابط بأن الأغلبية الساحقة من السكان في بلدات المنطقة (بيت حانون، بيت لاهيا، العطاطرة، جباليا) أخلوها الآن. “تلقينا أوامر واضحة جد”، قال الضابط الكبير، “مهمتي خلق تطهير المنطقة… نحرك السكان لحمايتهم، وخلق حرية عمل لقواتنا”.
سُئل الضابط إذا كان ينفذ “خطة الجنرالات” التي وضعها اللواء احتياط غيورا آيلند وبضعة من زملائه المتقاعدين لطرد الفلسطينيين من شمال قطاع غزة في ظل منع المساعدات الإنسانية وتجويع المتبقين، بحيث يعرف المتبقون في المنطقة كنشطاء حماس وأهداف عسكرية شرعية. فأجاب: “لا أعرف ما خطة الجنرالات، ليس لدي أي فكرة عن هذا”، وأضاف “نعمل وفقاً لتعليمات قيادة المنطقة الجنوبية ورئيس الأركان”. المساعدات الإنسانية تدخلها الفرقة، على حد قوله، “جنوباً”، خارج “منطقة التطهير” الحالية في شمال القطاع حيث لا تسمح إسرائيل بإدخال الغذاء والماء والأدوية. “الجيش الإسرائيلي هو جيش قيمي وأخلاقي”، أجمل الضابط، “نعمل في هذه المنطقة… كي نسمح للسكان بالانتقال جنوباً في ظل المخاطرة بحياتنا أحياناً”.
ينبغي أن نسمي الأمور بأسمائها: ربما طوق آيلند هذه الأفكار للجمهور، لكن “تطهير منطقة” شمالي غزة ينفذه الجيش الإسرائيلي بتعليمات من قادته، وعلى رأسهم الفريق هرتسي هاليفي وقائد المنطقة الجنوبية يرون فينكلمان، التابعين لتعليمات المستوى السياسي رئيس الوزراء نتنياهو، ووزير الدفاع المقال غالانت وبديله إسرائيل كاتس.
بدلاً من الحديث عن “خطة الجنرالات” ينبغي الحديث عن “أوامر نتنياهو”. هو الرأس، وهو المسؤول عن جرائم الحرب التي ينفذها الجيش الإسرائيلي شمالي قطاع غزة باسم “حرب الانبعاث”: طرد الفلسطينيين، وهدم بيوتهم وتهيئة الأرض في احتلال طويل لاستيطان يهودي.
——————انتهت النشرة——————