إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية .. الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 22/4/2025

بار يقاتل حربنا جميعا

بقلم: ليئور أكرمان

إن نشر القسم العلني في تصريح رئيس الشباك رونين بار ينبغي أن يصدم ويقلق كل مواطن إسرائيلي، وأولا وقبل كل شيء حراس العتبة القانونيين والقضائيين في الدولة. 

رغم محاولات آلة السم التشهير والطعن برونين بار والمس بمصداقيته، من المهم التشديد على ان الحديث يدور عن مقاتل، قائد ورجل من أكثر الرجال رقيا ممن نموا في الجهاز. استقامته المهنية والشخصية لم تكن ابدا موضع شك، مثلما هي شجاعته وتفانيه، وتفاني كل عاملي الشباك للمصلحة الأمنية في الدفاع عن دولة إسرائيل ضد اعدائها من الخارج ومن الداخل. 

هذا التصريح يكشف بالشكل الأكثر وضوحا ومباشرة مدى الجنون السلطوي لنتنياهو والعبث الذي في توقعه من رئيس جهاز امن رسمي أن ينفذ امانيه الشخصية والسياسية. لقد حاول نتنياهو جر الشباك للدفاع عنه سياسيا والقتال ضد معارضي النظام، حاول أن يفرض على رئيس الشباك اعطاءه اعفاء من مداولات المحكمة في قضاياه الجنائية. حاول أن يشكك برئيس الشباك فقط لان الأخير طالب وعن حق بتشكيل لجنة تحقيق رسمية كانت في كل دولة سليمة النظام لتكون قد قامت منذ الان وأنهت عملها. 

لقد توقع نتنياهو من الشباك ان يخفي تحقيق تسريب الوثائق من مكتب رئيس الوزراء وتحقيق قطر غيت التي تربط ظاهرا رجال مكتبه باعمال دولة داعمة للارهاب. لقد توقع نتنياهو بضغط من بن غفير وسموتريتش ان ينفذ الشباك انفاذا انتقائيا للقانون في المناطق. أي أن يعتقل ويحقق فقط مع نشطاء إرهاب فلسطينيين ويمتنع تماما عن معالجة نشطاء إرهاب يهود. كما حاول أن يطلب من رئيس الشباك أن يقف الى جانبه في حالة ازمة دستورية بدلا من ان يقف الى جانب القانون، الى جانب الدولة والى جانب مواطنيها، وكل هذا فعله حين اخرج رجاله من الغرفة وبقي وحيدا مع رئيس الشباك. 

ان السلوك الحقير وغير الرسمي لرئيس الوزراء وكل من لف لفه من المنبطحين والمتزلفين، مضاف اليه نتائج عمل آلة السم الناجعة التي شغلوها ويواصلون تشغيلها الان أيضا، لا تقلق فقط ولا تطرح أسئلة عديدة   على أهلية الزعامة الحالية في أن تواصل إدارة شؤون الدولة وحسم بل وتوضح أيضا الخطر الهائل الذي في استمرار ولاية الحكومة الحالية على الديمقراطية الإسرائيلية.

رونين بار لا يقاتل حربه الشخصية اليوم. هو يعرف انه بالتوازي مع كل إخفاقات الحكومة الحالية بالتوازي مع السلوك الفضائحي وعدم اخذ المسؤولية ممن يقف على رأسها عن الإخفاق، تواصل الحكومة التصرف باهمال صادم في ظل مسها بامن الدولة، باقتصادها، برفاهية مواطنيها، بفصل السلطات التي فيها، في المحاكم، في الاستشارة القانونية، بالجيش وقادته، بالشباك ومدرائه، وبالجمهور الاسرائيلي بعامة. والى كل هذا اضيف تحقيق قطر غيت التي تربط ظاهرا بين مكتب نتنياهو وقطر وتنم عنها رائحة خيانة. 

محكمة العدل العليا ملزمة بان تدخل في غياهب القضية وتتخذ القرار. كما أن المستشارة القانونية للحكومة مطالبة بان تتجند لقرار حتمي بموجبه نتنياهو لم يعد أهلا لان يتولى منصب رئيس الوزراء أو أن يكون منتخب جمهور وانه يجب تنحيته فورا حتى قبل بدء إجراءات جنائية وتحقيقات في شكل سلوكه في المجالات المختلفة. 

——————————————-

هآرتس 22/4/2025 

لتصريح رونين بار خلاصة واحدة: لا مفر من اخراج نتنياهو الى العجز

بقلم: غيدي فايس

التصريح المشفوع بالقسم الذي قدمه رونين بار للمحكمة العليا هو وثيقة مثيرة للقشعريرة، ترسم صورة ديكتاتور في طور التشكل. خلاصة هذا التصريح قاطعة: كل يوم يبقى فيه بنيامين نتنياهو رئيس للحكومة هو خطر واضح وفوري على أسلوب النظام في إسرائيل. اذا كانت الديمقراطية الهشة في إسرائيل ما زالت ترغب في البقاء فانه يجب وضعها على المحك فورا.

هذا التصريح يكشف خطوة تلو خطوة كيف أن رئيس السلطة التنفيذية يستخدم القوة التي اودعها الجمهور في يده من اجل تخريب الإجراءات الجنائية ضده، بصورة تسحق أي مؤسسة ترفض الخضوع للاملاءات. المثال البارز على ذلك هو الضغوط الاستثنائية جدا التي استخدمت على بار من اجل توفير لرئيس الحكومة ذريعة لعدم تقديم شهادته في محاكمة الآلاف. في ذروتها تم تقديم لرئيس الشباك “رأي” الذي صاغه رئيس الحكومة أو أحد رجاله، فيه توجيهات مخيفة ولا أساس لها استهدفت اعفاءه من الواجب الذي يثقل عليه. 

“هآرتس” علمت أنه من بين أمور أخرى طلب نتنياهو أن يحظر على المراسلين والمواطنين الإبلاغ عن مكان وجوده. بار، الذي طلب منه التوقيع على الوثيقة وكأنها صدرت عنه، رفض فعل ذلك. هذا المشهد وحده يلزم ليس فقط بابعاد نتنياهو عن مكتب رئيس الحكومة، بل أيضا يلزم باجراء تحقيقا جنائيا بتهمة خيانة الأمانة والحصول على شيء بالتحايل وتشويش الإجراءات القانونية. يصعب تخيل استغلال أكثر خطورة من ذلك للسلطة من اجل اهداف شخصية، في تاريخ إسرائيل. 

بار قال أيضا إن نتنياهو طلب من السكرتير العسكري ومن السكرتيرة البقاء معه هو ورئيس الشباك لمواصلة المحادثة بينهما بدون أن يكون لذلك أي ذكر في محضر الجلسة. في حينه كان رئيس الحكومة يمطر على بار طلبات هستيرية، مثل ممارسة اقسى الأساليب لدى الشباك ضد المتظاهرين الذين ازعجوه هو وأبناء عائلته، وهذا ضرر لا يوجد تقريبا ما هو اكثر خطرا منه يضر بالحق الأساسي القانوني. الأسلوب الذي بحسبه كل كلمة يتبادلها رئيس الحكومة مع رئيس الشباك يتم توثيقها، هو عبرة صعبة من قضايا ظلامية مثل الخط 300. واستهدف بالضبط منع وضع فيه يستخدم الحاكم الشباك كشرطة سرية خاصة. التنازل عن ذلك يدل على أن نتنياهو كان يدرك خطأ افعاله، بالضبط مثل استخدام الأسماء الرمزية “عيليم” و”فرديم” في محادثاته مع ارنون ملتشن. ولكن في هذه المرة لم يكن السيجار والشمبانيا هي التي على المحك، بل نظام الحكم في إسرائيل.

بعد ذلك تصريح بار يلقي قنبلة أخرى. فقد وصف محادثة مع نتنياهو في بداية فترة الانقلاب النظامي التي فيها أوضح له رئيس الحكومة بأنه في حالة ازمة دستورية يجب عليه أن يخضع له وليس للمحكمة العليا. لا توجد شهادة افضل على غياب الكوابح لدى نتنياهو والاتجاه الذي يسعى اليه.

المستشارة القانونية للحكومة والمحكمة العليا ابتعدت حتى الآن عن مسألة عدم أهلية نتنياهو مثل الابتعاد عن النار. يمكن فهم خوفهم من نتائج التدخل في رغبة الناخب. ولكن ما الذي يجب أن تفعله الدولة، التي زعيمها هو بالتحديد التهديد المباشر على وجودها؟ هل حراس العتبة يمكن أن يمكنوه من استكمال مهمة التخريب بدلا من وضع امامه إشارة “قف”؟ هل ما زالوا لا يدركون بأنه من اجل البقاء فان نتنياهو مستعد لتحطيم كل التوازنات والكوابح وأن يدمر كل البنية الاجتماعية؟.

“المشكلة هي كيف ندافع عن الدولة من الذين يمثلونها، الذين يسيطرون عليها”، كتب الكاتب من جزيرة سيشل، ليوناردو شاشا برومان، في كتابه “السياق”. “الدولة وضعت في السجن وكان يجب اطلاق سراحها، لكن هو أيضا (بطل الرواية) كان أسير، كل ما كان يمكن أن يفعله هو فقط محاولة فتح ثغرة في السور”.

رونين بار تألم الى أن قام بفعل شيء. “الانشغال في ذلك مرهون بثمن باهظ للشباك وله”، كتب في تصريحه المشفوع بالقسم. الآن بعد أن فتح ثغرة في السور فانه لم يعد لغالي بهراف ميارا وقضاة المحكمة العليا أي خيار إلا اسقاط هذا السور.

 ——————————————

هآرتس 22/4/2025

تم فتح صندوق باندورا الأكثر رعباً في تاريخ إسرائيل، ومحتوياته مرعبة

بقلم: يوسي فارتر

إن عبارات “زلزال” أو “لائحة اتهام”، التي سعت إلى وصف محتوى الإفادة الخطية لرئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) المقال رونين بار، ليست أكثر من كليشيهات مستهلكة في بلد مجنون حيث تهتز الأرض هنا كل يوم، ويقدم شخص ما “لائحة اتهام” ضد خصمه كل يومين؛ على سبيل المثال، رسالة وزير العدل ياريف ليفين ضد المستشار القانوني للحكومة، أو رسالة الرد عليها. لقد اعتدنا على ذلك. وعلى النقيض من كل ذلك، فإن الشعور الذي ينبثق من إفادة “رونين بار” (كما يصفه أتباع حركة الإنجيل، الذين ينكرون أنه لا يزال في منصبه) يتلخص في كلمة واحدة: الخوف.

يصف بار واقعًا بائسًا يتصرف فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مثل الديكتاتور أو رئيس منظمة إجرامية: يطالب عن رئيس جهاز الشاباك لإنقاذه من محاكمته الجنائية بناءً على ادعاء كاذب بوجود خطر أمني؛ ويطالبه بالتحرك ضد المتظاهرين ضده في الشوارع؛ يوفر الحماية لموظفي مكتبه المتورطين بشكل عميق مع قطر التي تمول حماس؛ يقصيه من فريق التفاوض بشأن قضية الرهائن، وعلى الرغم من الدور الحاسم الذي لعبه هو ومنظمته في الأمر، والذي أدى إلى الصفقات السابقة؛ ويطالبه بطاعته، وليس المحكمة العليا، في حالة حدوث أزمة دستورية. بمعنى آخر، هذ الدولة هو.

في العديد من الحالات المعروضة هنا، يهمس نتنياهو بطلباته في أذنه، بعد أن أخرج سكرتيره العسكري وكاتبه من مكتبه في نهاية اجتماع العمل. في لحظة يبدو رئيس وزراء مهتم بالأمن القومي، وفي اللحظة التالية يتحول إلى ديكتاتور على غرار أردوغان.

يبدو أن نتنياهو، الذي خسر الشمال منذ فترة طويلة، تصور أن بار سوف يتقبل قرار إقالته، ويؤدي التحية العسكرية، ويعود إلى منزله. لم يتخيل قط أن المخلوع سيفتح صندوق باندورا، وهو صندوق الرعب الذي لم يفتح طيلة 77 عاماً من عمر الدولة. ولم يكن ذلك في مقابلة مع إيلانا ديان، بل في إفادة أمام المحكمة العليا. أقل ما يمكن رؤيته هو أن معظمها عبارة عن مادة سرية تمتد على 31 صفحة، ويمكن تقدير أنها شملت المراجع والأماكن؛ على سبيل المثال، المذكرات المكتوبة بعد تقديم الطلبات الجنائية المزعومة. ومن المرجح أن بار أخبر ما سمعه لآخرين: إلى المستشار القانوني للحكومة، أو إلى المستشار القانوني للشاباك، وإلى كبار المسؤولين في الجهاز.

وكان بيان مكتب رئيس الوزراء عامًا للغاية: كل هذا أكاذيب. انتظر، أشار المتهم. إن تقديم إفادة كاذبة للمحكمة يعد جريمة تصل عقوبتها إلى السجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. أيهما الكاذب؟ كل مواطن إسرائيلي لديه ضمير وعقل مرتاح يعرف. لم يتم القبض على بار وهو يكذب قط، كما لم يتم القبض على نتنياهو (تقريبا) وهو يقول الحقيقة. وسوف يشهد على هذا مئات من أفراد الأمن والموظفين العموميين والسياسيين الذين عملوا (ولا يزالون) إلى جانبه ــ وعلى العكس من ذلك، إلى جانب بار. الآراء حول كلا المسألتين لا لبس فيها، على مدى عقود عديدة.

أنصار رئيس الوزراء في السياسة والإعلام قدموا في دفاعهم عنه التساؤل التالي: لماذا لم تسارع رئيسة الشاباك إلى نشر غسيلها القذر لوسائل الإعلام عندما التقاها للمرة الأولى؟ هذا ادعاء أناني، ولا يصمد أمام أي اختبار للواقع. ولم يفعل ذلك أيضا يوروم كوهين ونادافأرغمان، رؤساء الشاباك السابقون، الذين شهدوا على أحداث مماثلة خلال الفترة التي خدموا فيها تحت قيادة نتنياهو.

 بالأمس (الاثنين)، وزع مكتب رئيس الوزراء على المتحدثين فيه ورقة رسالة، وكان الأكثر اجتهادا بينهم سريعين في بثها: على سبيل المثال، إذا كان جهاز الشاباك قد تحرك ضد المواطنين الإسرائيليين خلال فترتي أوسلو والانفصال، فلماذا لا يتحرك ضدهم أثناء الاحتجاج ضد الإصلاح القانوني؟ الجواب واضح، ولكن في الوقت الحاضر يجب أن نذكر الواضح أيضاً: خلال حقبة أوسلو، خطط مواطنون إسرائيليون لاغتيال رئيس وزراء. وقد ارتكب أحدهم أيضًا. خلال أيام الانسحاب، خطط الإسرائيليون لتنفيذ عمليات تقترب من الإرهاب: وكان أحدهم بتسلئيل سموتريتش. كان الاحتجاج ضد الانقلاب قانونيًا تمامًا، وغير عنيف.

 إن سلوك نتنياهو، كما ورد في الإفادة، هو استمرار للانقلاب بوسائل أخرى. إن الدعوة التي تكررت أمس “إننا مجبرون الآن” دعوة لا معنى لها ولا جدوى منها. لقد قامت قنوات الدعاية التابعة لحكومة نتنياهو بالفعل بتأطير الحدث بهذه الطريقة بالضبط: إن “حملة” بار هي تحضير للتحرك لعزل المستشار القانوني للحكومة، الذي يتصرف بالتعاون مع شركة تابعة للدولة العميقة.

 ولن تجرؤ المحكمة العليا أو المستشار القانوني على عزل نتنياهو، على الرغم من أنه في كل النواحي جريمة تستوجب العزل. إن اتفاقية تضارب المصالح التي وقعها نتنياهو يتم انتهاكها من قبله كل يوم منذ صياغتها. ومن ناحية أخرى، فإن التحقيق الجنائي يعد بديلاً جديراً بالاهتمام. قضاة المحكمة العليا مخولون بإصدار الأمر بذلك.

 بعد خطاب وزير الأمن يوآف غالانت قبل عامين وشهر، كُتب هنا أن نتنياهو يشكل خطراً واضحاً ومباشراً على أمن الدولة. لقد وصل الدليل، دمويًا ومؤلمًا إلى حد لم يكن أحد ليتصوره. والآن يمكننا أن نكتب أنه يشكل خطراً واضحاً ومباشراً على الديمقراطية التي يشمئز منها، وعلى الدولة التي تمرد عليها، وعلى المعايير الأساسية للنزاهة والإنصاف التي احتقرها، وعلى الصهيونية التي رآها مؤسسو دولة إسرائيل أمام أعينهم. فهو عار يمشي، وصمة عار على إسرائيل.

——————————————-

هآرتس 22/4/2025 

كباش الفداء نفدت، نتنياهو بقي المسؤول الاخير

بقلم: ألوف بن

لو أن نتنياهو نجح في مؤامرته، اقالة رئيس الشباك رونين بار، وفي وضع شخص مخلص سياسي على رأس الجهاز، لكانت احتفالات النصر في قيصاريا وميامي والقناة 14 ستشكل هدف ذاتي. لأنه في هذه الحالة من بين كل المسؤولين عن كارثة 7 أكتوبر، رئيس الحكومة كان آخر الذين بقوا في مناصبهم. الى جانبه وتحته نفدت كباش الفداء التي كان يمكن اتهامها بالفشل. (“لم يتصلوا بي”)، واستمرار الحرب بدون حسم (“ليسوا هجوميين”)، حتى جو بايدن الذي حسب نتنياهو منع إسرائيل من تحقيق النصر المطلق في الشمال وفي الجنوب أنهى ولايته وتم نسيانه.

الآن يقف نتنياهو امام حماس بشروط خيالية من ناحيته: الرئيس ترامب يقدم المواعظ للتطهير العرقي في غزة، الرأي العام في الغرب اقل اهتماما بمعاناة الفلسطينيين، الذين تظاهروا ضد إسرائيل تم طردهم من الجامعات في أمريكا، على جهاز الامن يسيطر المخلصون له –  وزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس الأركان ايال زمير، الى جانب القدامى الذين تساوقوا مع الزعيم وبقوا في مناصبهم مثل رئيس الموساد وقائد سلاح الجو. 

الجيش الإسرائيلي يهاجم بدون قيود قانونية واخلاقية، ويقتل كل يوم عشرات الفلسطينيين ويتفاخر باحصاء الجثث كـ “ضغط عسكري”. فقط في الحالة النادرة التي كشفت فيها “نيويورك تايمز” جريمة حرب إسرائيلية – مذبحة الطاقم الطبي الفلسطيني في رفح – الجيش تنصل من اكاذيبه وقام بإقالة ضابط صغير.

حتى في هذه الظروف إسرائيل بعيدة عن هزيمة حماس. تدمير حزب الله وسقوط نظام الأسد في سوريا، اللذان عملا على تهدئة جبهة الشمال، لم يغيرا ميزان القوة في الجنوب. فحماس تسيطر على القطاع وتراكم من جديد القوة وتقوم باحتجاز المخطوفين الإسرائيلي، والجيش الإسرائيلي يراوح في المكان امامها في نشاطات عبثية. بدلا من أن يعمل نتنياهو على تماسك الرأي العام في إسرائيل وتجميعه حول استئناف الحرب بكل القوة، هو يواجه معارضة متزايدة داخل البيت. 

دعوة نتنياهو للتضحية بالمخطوفين مقابل طرد الفلسطينيين من غزة (“تطبيق خطة ترامب”)، لم تجعل الجمهور يتحمس، باستثناء طائفة اتباعه المجانين. آلاف رجال الاحتياط وقعوا على عرائض تطالب بوقف الحرب، آخرون كثيرون يتهربون بهدوء من أوامر التجنيد. احتجاجهم لم يثر بسبب الشعور المفاجيء بالذنب تجاه الفلسطينيين أو الادراك المتأخر بأن نتنياهو ينشغل اكثر من أي شيء آخر ببقائه السياسي، بل بسبب الفشل في تحقيق اهداف الحرب – تدمير حماس، إعادة المخطوفين وإعادة اعمار البلدات في الغلاف.

المؤرخ البريطاني لورانس فريدمان، وهو من اهم المفكرين العسكريين في الغرب، كتب في هذا الشهر في “فورن افيرز” بأن الدول والجيوش تميل الى الاستعداد للحروب القصيرة والانتصارات السهلة، ويخيب أملها عندما تكتشف أن معظم النزاعات تستمر لسنوات بدون حسم. حرب الاستنزاف في أوكرانيا وفي غزة تمثل الطبيعة الإنسانية اكثر من المفاجئة الخاطفة لحرب الأيام الستة، لكن يصعب الاستعداد لها وتجنيد الموارد القومية لنضال طويل.

عندما يصطدم الواقع بخطط وآمال فان الزعماء والقادة يبحثون عن طرق قصيرة للنصر. في إسرائيل خاب امل اتباع “جيش الهايتيك” الذين أملوا الوصول الى حسم من الجو بقوة نيران متفوقة وبدون خسائر، أيضا من يدعون الى “العملية البرية”، الذين تخيلوا الدبابات وهي تسير بسرعة نحو معاقل العدو. إن قتل قادة العدو من حزب الله الذي نجح بصورة مثيرة للانطباع، لم يدمر حماس. ولا حتى القتل والتدمير والتجويع في قطاع غزة.

الآن نتنياهو سيكتشف أن استبدال القادة ورؤساء أجهزة الاستخبارات أيضا لن يغير أي شيء في الجبهة. هو يستطيع رواية للمحللين اليمينيين في أمريكا آلاف الروايات الخيالية عن نفسه كمواصل لدرب تشرتشل، الذي يؤمن بالنصر امام كل المتشككين والانهزاميين. ذلك لن يساعده. فالشخص الذي سمى نفسه “قوي امام حماس” بقي لوحده في القمة، والمسؤول الوحيد عن السقوط الأصعب الذي عرفته إسرائيل.

——————————————-

هآرتس 22/4/2025

الرد على الآثم ابن الآثم من ميامي .. عريضة دعم لمبادرة ماكرون

بقلم: ديمتري شومسكي

عهد ما بعد الحقيقة الذي نعيش فيه الآن، هو أيضا بالأساس عهد ما بعد الأساسي. عهد فيه التافه يحكم المشهد، في حين أن الأساسي يتم ابعاده الى الزاوية. هكذا، في الوقت الذي فيه الجميع ينشغلون بالتغريدتين المخجلتين ليئير نتنياهو (“اذهب الى الجحيم”) وتغريدة بنيامين نتنياهو (“ابني يئير صهيوني حقيقي”)، ضد الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون. الجزء الهام في المواجهة بين إسرائيل وفرنسا – موقف ماكرون السياسي من القضية الفلسطينية – لا يحصل تقريبا على أي تطرق في الخطاب العام. 

مع كل الحذر المطلوب يمكن القول إن الامر يتعلق ببشرى سياسية منعشة وتبعث على الأمل. ربما، كما كتب لي دبلوماسي إسرائيلي متقاعد، نحن حتى نقف امام انعطافة حقيقية في سياسة أوروبا تجاه مسألة إسرائيل – فلسطين. هو لم يشرح الى ماذا يستند في شعوره هذا، لكن تصريحات ماكرون اثارت بي نفس الشعور.

فكرة حل الدولتين طرحت حتى الآن في فترة حكم نتنياهو على الأكثر كتوصية دافئة على الاكثر، من خلال اظهار عدم الرغبة في مواجهة سياسية مع إسرائيل. مثال بارز على ذلك هو مؤتمر السلام الدولي الذي عقد قبل ثماني سنوات في باريس بمبادرة ورعاية الرئيس الفرنسي في حينه فرانسوا هولاند، بهدف، كما قال، “التحذير من تهديد مستقبل حل الدولتين”. وقد تم التأكيد في هذا المؤتمر على أن فرنسا لا تفكر بفرض شروط على الطرفين، وأن المفاوضات المباشرة فقط هي التي ستؤدي الى الدفع قدما بحل الدولتين.

خلافا لهولاند يبدو أن ماكرون اكثر رزانة. فهو لا يخدع نفسه بأن حكومة نتنياهو ستوافق بارادتها على اجراء محادثات سلام مع تقديم تنازلات جغرافية، حتى مع اكثر الفلسطينيين اعتدالا. لذلك فانه من جهة يعمل على الدفع قدما بالتطبيع بين إسرائيل والسعودية مقابل انهاء الحرب وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بدون تطرق صريح من قبل اسرائيل لحل الدولتين. لكن من جهة أخرى، لنفس السبب، اعترافه بالرفض المتشدد لإسرائيل لاقامة دولة فلسطينية في أي اطار الى جانبها، فتصريح ماكرون بأنه ينوي الدفع قدما باعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية، الامر الذي ربما سيستدعي اعتراف دولي واسع. الإعلان الذي لم يتراجع عنه أيضا بعد أن تحدث والد “الصهيوني الحقيقي” من ميامي معه هاتفيا، وأكد رفضه لاستقلال الشعب الفلسطيني.

ماكرون لا يعتبر حل الدولتين هدفا ضبابيا في المستقبل البعيد، الذي تحقيقه مرهون برغبة إسرائيل، بل هو شعار لمعركة سياسية. معركة يمكن أن تتضح كمعركة ناجعة، بالتحديد بعد تحقيق التطبيع مع السعودية، وبمثابة شرك سياسي مغري، الذي ستستخدم فيه على إسرائيل ضغوط للموافقة على التوجه الى مسار تقسيم البلاد، ضغوط أوروبية وضغوط الدول العربية المعتدلة وعلى رأسها السعودية، واخيرا في مثل هذه المجموعة ربما حتى من دونالد ترامب، عندما لاحظ وجود فرصة من داخل دوافعه النرجسية، للوقوف على رأس عملية سياسية شاملة وواعدة نحو السلام في الشرق الأوسط.

جهات في وزارة الخارجية الإسرائيلية في الواقع تتشكك بالنسبة للخطة السياسية لفرنسا، لكن يجدر عدم التقليل من أهمية خطوات ماكرون، خاصة مع الانتباه الى مصدر تصميمه السياسي: عندما اخلت الولايات المتحدة في عهد ترامب مكانها كمدافعة عن قيم الحرية للحضارة الغربية، يبدو أن فرنسا في عهد ماكرون تطمح الى ملء هذا الفراغ. هكذا في الوقوف الواضح لماكرون الى جانب أوكرانيا امام المحتل الروسي، وهكذا يتضح أيضا فيما يتعلق بدعمه القاطع لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

نقطة أخرى مهمة، التي تعلمنا أنه يجب عدم الاستخفاف بالجهود السياسية لماكرون، تتعلق بحقيقة أنه رغم عدم الاتفاق المبدئي الصريح مع ترامب إلا أن شبكة علاقاته مع الرئيس غير المستقر هي مستقرة وإيجابية. يبدو أن ترامب يحترمه ويتعاطف معه، ويبدو أنه يرى فيه قناة سياسية حيوية في الساحة الغرب أوروبية في وقت مواجهته الصاخبة مع أوروبا.

ماكرون يثبت نفسه اذا كسياسي يحسب خطواته ورجل دولة ذكي. ومن غير المستبعد أنه عندما يحين الوقت سيعرف كيف يجند الى جانبه، بصورة مفاجئة، حتى الإدارة الامريكية الحالية من اجل الدفع قدما بحلمه حول المستقبل الاسرائيل – الفلسطيني. 

الإسرائيليون الذين يؤيدون حل الدولتين يمكنهم الاسهام في أن خطاب الدولتين المصمم لماكرون لا يبدو مقطوع تماما عن الرأي العام في إسرائيل. يجب تنظيم، بدون تأخير، حملة توقيع مغطاة إعلاميا لمواطني إسرائيل على عريضة دعم لحلم ماكرون السياسي، مثلما عرضه في تغريدته التي كانت هدف لشتيمة “الآثم ابن الآثم من ميامي”. يجب بناء حملة حسب نموذج الحملة المدنية الناجحة التي اغرقت البلاد مؤخرا عندما قامت 40 مجموعة – رجال امن، رجال اكاديميا، أطباء، معلمون، آباء طلاب في المدارس والجامعات وأمهات وغيرهم – بالانضمام الى المطالبة بتحرير المخطوفين حتى بثمن انهاء الحرب.

نص العريضة (بعنوان محتمل “نعم لمبادرة ماكرون”) يجب صياغته بالعبرية بما يشبه تغريدة ماكرون، التي لا يوجد اكثر شدة ووضوح منها، “نعم للسلام، نعم لامن إسرائيل، نعم لدولة فلسطينية بدون حماس”. نداء كهذا سيعطي شرعية جديدة للتحركات المباركة للرئيس الفرنسي، و يمكن أن يدفع الرياح الإسرائيلية في اشرعة سفينة السلام.

——————————————-

هارتس 22/4/2025

سياسة “الركائز” تعود، بدون اسرائيل

بقلم: العاد جلعادي

في يوم السبت الماضي زار وزير الطاقة الأمريكي، كريس رايت، الرياض واعلن عن “طريق مشتركة” لاتفاق نووي مدني مع السعودية. هذه الاقوال قيلت بصورة هامشية، ولكن معناها الاستراتيجي دراماتيكي. واشنطن، كما يبدو تعود الى فترة “سياسة الركائز” لريتشارد نيكسون. ولكن في هذه المرة، ايران والسعودية تستبدلان الأدوار، وإسرائيل بقيت وحدها. 

في السبعينيات نيكسون ووزير الخارجية في حينه هنري كيسنجر قاما ببلورة مباديء ما سمي “سياسة الركيزتين”: حلف امريكي مع ايران في عهد الشاه، ومع السعودية في عهد عائلة آل سعود، الذي سيشكل الركيزتين للمصالح الامريكية في الخليج الفارسي. الخطة استهدفت ضمان استقرار إقليمي، وفرة في النفط ومساعدة متبادلة ضد النفوذ السوفييتي. الامريكيون كانوا – الذين خرجوا للتو من الحرب في فيتنام – يبحثون عن شركاء يتحملون عبء المنطقة حتى في ظل وجود أنظمة مستبدة.

الآن، في العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين يعود نفس المنطق، ولكن بدلا من النضال ضد النفوذ السوفييتي فان الولايات المتحدة تواجه الآن الصين، ازمة المناخ، وحروب منهكة التي أبقت الجمهور الأمريكي نافد الصبر. المقاربة القديمة – الجديدة لواشنطن هي مقاربة براغماتية. اذا لم تكن تستطيع تجريد الشرق الأوسط من النووي فعلى الأقل يجب عليك التأكد من أن كل لاعب سيحصل على صفقته بشروطك.

اعلان رايت عن اتفاق 123 يتطرق الى قانون الطاقة النووية الأمريكي من العام 1954. من اجل ان تستطيع أمريكا نقل تكنولوجيا نووية مدنية الى دولة أخرى يجب عليها التأكد من انه توجد آلية ناجحة لمنع الانتشار: حظر تخصيب اليورانيوم، استيراد وقود جاهز وليس انتاج ذاتي ورقابة دولية متشددة. ولكن هذا النظام، كما يعرفون في واشنطن، مليء بالثغرات. السعودية سبق وبدأت في تطوير برنامج تخصيب، وحسب التقارير هي فعلت ذلك بالهام من ايران، وربما حتى بتكنولوجيا تشبه التي حصلت عليها ايران من الباكستان.

من هنا يأتي الخوف: هل الاتفاق المستقبلي مع الرياض هو بمثابة كبح للانتشار أو أنه آلية غير مباشرة للشرعنة؟ هل السعودية مثلما في حالة اتحاد الامارات يمكنها الادعاء في المستقبل بأنه اذا حصلت أي دولة جارة (ايران مثلا) على الحق في التخصيب، يحق لها ذلك؟.

في خلفية كل ذلك اتفاق التطبيع مع إسرائيل. السعودية وضعت شروط ثقيلة للدفع قدما بعلاقات رسمية مع إسرائيل، من بينها اتفاق دفاع امريكي، قدرة على الوصول الى السلاح المتقدم وكذلك تعاون نووي. الحرب في غزة جمدت المبادرة. السعوديون لا يمكنهم، سياسيا، الظهور كمن يقيمون علاقات مع إسرائيل في الوقت الذي تتعرض فيه غزة للقصف. بناء على ذلك، الولايات المتحدة تواصل تطوير العلاقات مع الرياض في آفاق اقل علنية، مثل الطاقة والذرة.

يجب إضافة الى ذلك حقيقة أنه في نفس نهاية الأسبوع بالضبط مبعوثون امريكيون وايرانيون التقوا من اجل مواصلة المحادثات النووية. توقيت الإعلان في الرياض هو رسالة مزدوجة للايرانيين: في الواقع المفاوضات مستمرة ولكن اذا واصلتم التخصيب أيضا عدوتكم ستستطيع فعل ذلك. ومثلما أن محمد بن سلمان قال في 2008: “اذا حصلت ايران على القنبلة أيضا نحن سنفعل ذلك على الفور”. للمفارقة، ربما أن المقارنة بالذات مع ايران تعطي السعودية شرعية في الساحة الدولية، حيث أن الولايات المتحدة تعرض الرياض خلافا لإيران كشريكة مسؤولة ومستعدة للرقابة الدولية. 

هكذا، في الوقت الذي يواصلون فيه في إسرائيل التهديد بحرب مع ايران، فانهم في واشنطن يفضلون الحوار مع طهران وحوار عميق مع الرياض. المساعدات العسكرية تستمر في التدفق، لكن الدعم السياسي، لا سيما فيما يتعلق بهجوم على المنشآت النووية في ايران، آخذ في التبدد.

في الخلفية أيضا توجد توترات في العلاقات بين إسرائيل وامريكا بسبب سياسة الحكومة الحالية والحرب المستمرة في غزة. الامريكيون يبنون جسر نووي مع السعودية، ويتحركون بين الحوار والمنع مع ايران، ويركزون على اهداف جيوسياسية أوسع بكثير من القضية الإسرائيلية – الفلسطينية، إسرائيل يمكن أن تكتشف أنها لم تعد لاعبة رئيسية، بل على الأكثر ورقة هامشية.

السعودية تدفع بمصالحها بصمت وبصورة منهجية. فهي لا تسارع الى الاعتراف بإسرائيل، لكنها أيضا لا تخضع لضغط ايران. المملكة تدرك أن النووي ليس فقط سلاح محتمل، بل هو ورقة مساومة، رمز للمكانة وجزء هام في الصفقة الضخمة مع واشنطن. بالنسبة للسعودية فان التعاون النووي ليس هدف بل هو وسيلة.

التاريخ، كما يبدو، يكرر نفسه. أيضا في هذه المرة واشنطن تبني استقرارها الإقليمي على التحالف مع أنظمة استبدادية. وفي هذه المرة أيضا يوجد تجاهل لتداعيات أخلاقية. وفي هذه المرة إسرائيل أيضا تكتشف أن “الصداقة الحقيقية” ليست دائما ترجمة لمساعدة تلقائية. الصيغة الجديدة لـ “الركيزتين” ستشمل كما يبدو نفط أقل، نووي أكثر، وجبة معقولة من التهكم. أيضا هذا كما يبدو هو جزء من المعادلة الامريكية الجديدة في الشرق الأوسط.

——————————————-

معاريف 22/4/2025 

تقويض حماس .. ليس هدفا واقعيا

بقلم: افي اشكنازي

القتال في غزة هو تحد مركب للجيش الإسرائيلي. فهذه ليست نزهة في حديقة. هدف الحملة أولا وقبل كل شيء هو ممارسة ضغط شديد على حماس كي تعيد الـ 59 مخطوفا. بخلاف أقوال الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش، فان مسألة تفكيك حماس لا توجد على الاطلاق على جدول الاعمال، للاعتبار البسيط في أن هذا ليس هدفا واقعيا.

في غزة يوجد اليوم عشرات الاف مقاطع الانفاق، في شمال القطاع، أينما يلقى حجر – تفتح عين نفق. حماس بخلاف التقديرات الأولية، لا تزال تحوز قوة قتالية تضم عددا ليس صغير من المخربين. بعضهم منظمون في سرايا وكتائب.

في المناورة السابقة في رفح نجحت المنظمة في أن تهرب مئات، وربما حتى اكثر من المخربين الى منطقة المواصي. حقيقة أن القتال في هذه اللحظة يوجد بقوة محدودة هي موضوع مركب جدا بالنسبة للجيش الإسرائيلي – جيش كبير، منظم ومطالب بان يتصدى لمنظمة إرهاب تعمل وفقا لعقيدة حرب العصابات. الى هذا ينبغي أن تضاف حقيقة أن الجيش لا يمكنه أن يعمل في كل مكان، خوفا من أن يمس بمخطوفين، الامر المعروف جديا لمنظمة الإرهاب التي تستغل هذا حتى النهاية. 

وبالتالي ماذا تفعل؟ تخرج من الانفاق، تطلق النار وتهرب. تقريبا في كل يوم، بضع مرات في اليوم وهكذا دواليك. مقاتلونا متحفزون، يقظون وحادون لكن يطرح السؤال كم من الوقت يمكن ابقاؤهم على هذا النحو؟ 

مجالات واسعة في غزة مفخخة. ما يستوجب من الجيش الإسرائيلي أن يدمر مئات وربما الاف المباني. رفح أصبحت مدينة مسواة مع الأرض. لا توجد الا انقاض مبانٍ، شوارع تحولت الى جزر خرائب. سيحتاج الامر الى عشرات السنين لاعمار الاحياء في المدينة، اذا كان هذا ممكنا أصلا.

بالتوازي يعمل الجيش الإسرائيلي على تطهير تحت الأرض، لكن هذا مثل تفريغ البحر بملعقة. الجيش الإسرائيلي ملزم بان يفكر من خارج الصندوق بالنسبة للانفاق؛ ان يفكر كيف يمكن تدمير مجالات كاملة من الانفاق بوتيرة سريعة، بالحد الأدنى من الاستثمار، والاهم – دون تعريض المخطوفين للخطر. 

اذا لم يتحقق في الأيام القريبة القادمة اختراق في المفاوضات لتحرير المخطوفين، سيكون المستوى السياسي مطالبا بان يوجه تعليماته للجيش الإسرائيلي أن يشدد الضغط وهنا يوجد امامه خياران: الأول – القيام بالعمل ذاته، ولكن بقوة نار اعلى، لكن يدور الحديث عن تآكل القوات التي على أي حال توجد تحت عبء جسيم. 

الخيار الثاني يتضمن تجنيد واسع لمئات الاف جنود الاحتياط وارسال خمس – ست فرق تناور في آن واحد في غزة. 

مهما يكن من أمر، في هذه الاثناء الفرق في غزة تخلق ضغطا جسديا معتدلا على حماس في رفح وفي شمال القطاع. وهي تأخذ أراض بالتوازي مع محاولة نزع قدرات تكتيكية من حماس. 

——————————————-

هآرتس 22/4/2025

نتنياهو يتخذ صورة لشخصية مفزعة تعمل على تفكيك الديمقراطية لصالحه

بقلم: عاموس هرئيلِ

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قام بشن حرب لتفكيك الديمقراطية في إسرائيل. هو معني بتحويل أجهزة الاستخبارات الى نوع من الشرطة السرية، شتازي أو سيكورتيتا (الشرطة السرية في رومانيا) – بصيغة شرق أوروبية – ويتوقع أن هذه الشرطة السرية ستخضع له فقط، وتخدم أهدافه الشخصية وتلاحق حركات الاحتجاج ضده وتستجيب لأوامره حتى في حالة وجود ازمة دستورية ومواجهة مباشرة مع المحكمة العليا. هذه هي النتيجة التي تظهر من التصريح المشفوع بالقسم العلني الذي قدمه أمس رئيس الشباك رونين بار للمحكمة العليا. الجزء السري من هذا التصريح الذي هو اطول بأربعة اضعاف من الوثيقة التي نشرت يشمل تفصيل واسع لحالات وادعاءات تتجاوز ما كتبه بار في الجزء العلني.

في العام 2016 التقى نتنياهو مع مرشحين لرئاسة الموساد. في مقابلة حاسمة مع ن. سأله نتنياهو، حسب تقارير في وسائل الاعلام، اذا كان سيكون مخلص له. ن. المندهش أجاب نتنياهو بأنه سيكون مخلص للدولة. هكذا هو خسر في المنافسة على هذا المنصب، الذي حصل عليه يوسي كوهين. شخصية نتنياهو في 2024 – 2025 مثلما تظهر في تصريح بار هي اقل اهتماما بكثير بالضغوط والكوابح. مثلا، تتضح في التصريح شخصية مخيفة جدا.

رئيس الشباك يصف لقاءات التي في نهايتها أمر رئيس الحكومة السكرتير العسكري والسكرتيرة، وبعد ذلك حاول أن يلقي عليه تعليمات وهما لوحدهما – ملاحقة شخصيات قيادية في الاحتجاج أو شخصيات تموله (حسب شكوك نتنياهو). نتنياهو طلب أيضا من بار التوقيع على وثيقة تمت صياغتها في مكتبه، وكان يمكن أن تعطي نتنياهو اعفاء لاسباب تتعلق بالأمان من الظهور في جلسات محاكمته اثناء الحرب. الأكثر خطرا من ذلك، حسب بار، هو أن نتنياهو طلب منه أنه في اثناء الازمة الدستورية يجب عليه الامتثال له فقط وليس للمحكمة العليا.

هذه تهمة شديدة. يجب أن نسأل رؤساء أجهزة الامن الأخرى مثل رئيس الأركان، رئيس الموساد، المفتش العام للشرطة، هل حصلوا على طلبات مشابهة من نتنياهو وماذا اجابوا عليها، وفي غضون ذلك يجب فحص اذا كانت الشرطة، التي عمودها الفقري الرسمي تم سحبه منها منذ زمن، وافقت على أخذ على عاتقها مهمات رفض الشباك نفسه توليها.

قراءة تصريح بار هي تجربة غير سهلة، وحتى أنها تجربة مخيفة بعد سنة ونصف على الحرب، التي سبقتها تسعة اشهر من محاولة الانقلاب النظامي. أهمية الوثيقة هي أنها تقدم إجابات مفصلة جدا للكثير من الادعاءات البيبية التي لا أساس لها، التي يتم القاءها على الجمهور منذ المذبحة في 7 أكتوبر، في محاولة لإنقاذ نتنياهو من مسؤوليته الحاسمة عن الإخفاقات والكارثة التي جاءت في اعقابها. بار يعترف بالاخطاء التي ارتكبها هو ورجاله في الجهاز فيما يتعلق بمعالجة الإنذار، واعلن أنه ينوي أن يحدد قريبا موعد تركه للمنصب. ولكنه يرفض المحاولة الحقيرة لرئيس الحكومة لرسم سيناريو بحسبه تم إخفاء عنه بشكل متعمد معلومات عن هجوم حماس قبل المذبحة.

من الوثيقة يتبين أن الشباك انشغل بشكل محموم في تحليل الإنذار (مثل الجيش الإسرائيلي توصل الى تقدير يصل الى درجة كارثية من الاستخفاف بنوايا العدو) في الساعات التي سبقت المذبحة. وحتى أن رئيس الشباك أمر بحتلنة السكرتاريا العسكرية لرئيس الحكومة بالانذارات قبل ساعة وربع من الكارثة (المعلومات لم يتم نقلها من السكرتاريا العسكرية لنتنياهو حتى بداية الهجوم في الساعة 6:29. ولكن في كل الأحوال مشكوك فيه اذا كان سيتخذ أي خطوة أو خطوة  تكون كافية لتغيير الصورة).

بار أكد على أن نتنياهو لم يعمل على اقالته حتى تشرين الثاني الماضي، عندما حصل بينهما احتكاك على خلفية رفضه لتوفير لنتنياهو ذريعة للتملص من تقديم شهادته، وإزاء تدخل الشباك في التحقيقات مع موظفي مكتبه، لا سيما في قضية قطر. في هذه القضية المتدحرجة، كتب، ظهرت شبهات ثقيلة بالنسبة للمس الخطير بأمن الدولة، بما في ذلك المس بالعلاقات مع مصر. 

بار المح بذلك الى الادعاء الذي يتم فحصه بأن مستشاري الاعلام لنتنياهو قاموا بتضخيم ازمة امنية متخيلة مع القاهرة، مدفوعين بذلك من قطر.

بار أيضا وصف تفاجؤه عندما اقاله نتنياهو من طاقم المفاوضات حول صفقة المخطوفين، رغم أنه كان للشباك المسؤول عن قناة الوساطة المصرية دور رئيسي في التوصل الى الاتفاق حول المرحلة الثانية في صفقة كانون الثاني. الإقالة في الواقع مرتبطة بمشاعر الازدراء التي هاجمت نتنياهو بخصوص بار، لكن يبدو أنه يوجد هنا أيضا موضوع سياسة. فنتنياهو يخاف من اتفاق نهائي، الذي سيشمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع وانهاء الحرب بدون اسقاط سلطة حماس، مقابل تحرير كل المخطوفين. شريكه، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، قال أمس إنه “يجب قول الحقيقة: إعادة المخطوفين ليست الهدف الأهم”.

توتر داخلي في الشباك

في جلسة مناقشة الالتماسات ضد اقالة بار، قبل أسبوعين، برز عدم رضا القضاة من ادعاءات نتنياهو، التي عرضها محاميه تسيون أمير. الآن، مع الذخيرة التي قدمها رئيس الشباك في جزئي تصريحه المشفوع بالقسم، يتزايد كما يبدو احتمال أن تقرر المحكمة العليا نقل النقاش في الإقالة الى لجنة غرونس لتعيين كبار المسؤولين. نتنياهو يمكن أن يقدم تصريح مشفوع بالقسم كرد على بار، وهو امر غير مرغوب فيه تماما من ناحيته، سواء بسبب القضايا الحساسة أو إزاء المخاطرة باتهامه بتقديم تصريح كاذب. رغم شهادة بار بشأن المحادثة بينهما حول الانصياع للقانون، مشكوك فيه أن يتجرأ نتنياهو على الذهاب حتى النهاية وإعطاء أوامر صريحة للمحكمة العليا بإبقاء بار في منصبه حتى انتهاء الإجراءات القانونية بشأن اقالته.

مكتب رئيس الحكومة اتهم اليوم بار بتقديم تصريح مشفوع بالقسم كاذب. مع ذلك، هناك تباطؤ في الردود من جانب ماكنة السم، في وسائل الاعلام وفي الشبكات الاجتماعية. ربما يمكن تفسير ذلك بالفرق في التوقيت مع ميامي، يمكن الافتراض أن الهجمات العنيفة على بار وكل الشباك ستستمر في الوقت القريب وبصورة اشد.

رغم الاقوال الشجاعة والحاسمة لرئيس الشباك فان هذه ليست فترة جيدة للجهاز. التوتر الداخلي في الجهاز كبير، وكثير من العاملين فيه يعتقدون أن المواجهة المباشرة بين بار ونتنياهو تلحق به ضرر كبير وحتى تضر بأمن الدولة (بصورة عملية، نتنياهو والوزراء يقاطعون بار وكبار قادة الشباك منذ بضعة أسابيع). يثور أيضا سؤال كيف يتم تعيين وريث بار في مثل هذه الظروف، حيث تم الكشف عن التفضيلات الحقيقية لرئيس الحكومة، كي يضمنون أن يتم تعيين شخص مسؤول، رجل دولة مستقل في اعتباراته المهنية؟.

في نهاية المطاف نتنياهو اوضح في السابق، سواء امام ن. من الموساد أو الآن امام بار، بأنه يبحث عن رؤساء أجهزة خاضعين ومخلصين له وليس للدولة. في الخلفية من الجدير أن نتابع بحذر كبير ما يحدث في قضايا امنية حاسمة، مثل الحرب في غزة والمشروع النووي الإيراني. اذا كان هناك أي شيء يظهر بوضوح من تصريح بار فهو عدم الموضوعية في تقديرات رئيس الحكومة، في ذروة الحرب الأكثر فظاعة في تاريخ الدولة.

——————————————-

يديعوت احرونوت 22/4/2025

واحد قام

بقلم: ناحوم برنياع

“احد لم يقم”، احتج “الجساسون” في أيام أكثر براءة، وعلى الرغم من ذلك، واحد قام. التصريح الذي رفعه أمس رئيس الشباك هو وثيقة لم نشهد لها مثيل في 77 سنة للدولة.  فهو صاخب في مضمونه، لكن ما يصخب اكثر هو مجرد حقيقة أن رئيس الشباك يفصل لائحة اتهامه تجاه رئيس الوزراء في تصريح مشفوع بالقسم الى المحكمة. رفع التصريح يقرر مراتبية. على الرأس يقف قضاة المحكمة العليا: هم مطالبون بان يقرروا من يصدقوا، من يتقدم لهم بتصريح مشفوع بالقسم معزز بمعلومات سرية ووثائق أم من يختبيء خلف شتائم مروجي الدعاية. 

حملة نتنياهو المضادة تقوم على أساس انه في 7 أكتوبر ايقظوه قبل دقائق معدودة من بدء الهجوم. ولو كان بار ايقظه في الوقت المناسب، لكان الهجوم منع. لنفترض أنهم كانوا ايقظوا نتنياهو في الثالثة صباحا، مع التقديرات المغلوطة للاستخبارات والعمى بالقوات في الميدان. كان سيتفوه بالشكر، فهمت، لنتحدث في الصباح، يأخذ قرص بوندرومين ويعود للنوم. عليه أن يشكر بار في أنه لم يوقظه وسمح له الا يأخذ المسؤولية عن الإخفاق. 

أمس عقد في جامعة رايخمن حوار شارك فيه أربعة مستشارين قانونيين سابقين للحكومة: الياكيم روبنشتاين، ميني مازوز، يهودا فينشتاين وافيحاي مندلبليت. وبدأت مديرة الندوة تمار الموغ بسؤال عن تصريح رئيس الشباك. “رحمتك يا رب”، قال روبنشتاين؛ “تقشعر له الابدان”، قال مازوز؛ “صادم”، قال فينشتاين؛ “انتهت الطقوس”، قال مندلبليت. قصتان يرويهما بار في تصريحه صدماهم على نحو خاص: “طلب نتنياهو استخدام الشباك لملاحقة نشطاء الاحتجاج والطلب الاخر، لاطاعة تعليماته وليس قرارات محكمة العدل العليا. 

لعلني افاجيء القاريء اذا ما قلت له ان نتنياهو ليس رئيس الوزراء الأول الذي يقول اقوال خطيرة جديرة بكل شجب، في لقاءات مغلقة. فحتى رئيس الوزراء يحتاج أحيانا لان ينفس، ورئيس الشباك ورئيس الموساد، رئيسا الجهازين السريين التابعين له، هما محيط مريح للتنفيس فيه. مناحم بيغن قال ذات مرة ان اللقاءات الاحب عليه كرئيس وزراء هي مع رئيسي الجهازين في عهده، “ح” (حوفي) و “أ” (أحيطوف).

لقد طرح نتنياهو اقتراحات فضائحية؛ رونين بار قال لا كما هو مطلوب من وظيفته، وشرح لماذا. هذا محرج، هذا مقلق، هذا ليس بالضرورة جنائيا. 

  لكن نتنياهو، بخلاف اسلافه، بخلاف طريقة عمله في ولايات سابقة، اختار الإقالة. رئيس الشباك يقال ليس لانه اخفق في 7 أكتوبر بل لانه تصرف بشكل صحيح قبل وبعد الإخفاق. فليعلم كل موظف عبري، كل مسؤول كبير في خدمة الدولة: اذا ما أبديت ولاء للقانون وللدولة وليس للوزير المسؤول عنك فستجد نفسك في الخارج. فالطاعة قبل كل شيء. 

بار استلقى على الجدار من أجل خدمة الدولة كلها – ما تبقى منها، من اجل رئيس الأركان أيضا، ومن اجل رئيس الموساد أيضا، ولاحقا أيضا من أجل المحكمة العليا. نتنياهو يقترح على مؤسسات الدولة ومن يقف على رأسها نموذج ترامبي. رئيس الوزراء كحاكم لا جدال فيه. رئيس الوزراء كالرب المنتقم؛ رئيس الوزراء كرأس الهرم. فهل هذا النموذج مناسب لظروف البلاد؟ آمل أن لا. 

محكمة الالاف حولت نتنياهو من سياسي معياري لحاكم مطلق، ملاحق، مرير ومتسرع. ليس فقط الخوف من الإدانة – بل وايضا الإهانة لانهم اجلسوه على مقعد الاتهام، كواحد من الشعب. وبالطبع، العائلة والالهام من ترامب، توقعات البيبيين. 

لا يوجد ما يدعو الى ان نحسد قضاة العليا. من سمو كراسيهم يسعون لان يفرضوا النظام في عالم من الفوضى: هذه مهمة حياتهم. وها هو قيض لهم أن يتصدوا للفوضى: رئيس الوزراء يحطم قواعد اللعب ورئيس شباك عديم الخوف يخرج عليه في حرب. القضاة مثلهم كمثل معلم بديل في صف منفلت على نحو خاص في الثانوية: فلنرى كيف سيتصدون للمعضلة.

——————————————-

معاريف 22/4/2025

31 صفحة سرية أمام “العليا”.. هل يملك نتنياهو خيارات للخروج من ورطته؟

بقلم: غي شنعار

الدراما القضائية التي تجري الآن في محكمة العدل العليا عقب تصريح رئيس “الشاباك” رونين بار، هي ذروة الصدام الجبهوي الحتمي بين أمن الدولة ومسألة مصداقية المستوى السياسي في الصعيد الأعلى.

تصريح بار الاستثنائي، والمقدم بالضمير الأول ويشكل عملياً بديلاً عن شهادة بالقسم، يشهد قبل كل شيء على أن بار مقتنع بخطورة الأمور وعلى انعدام الثقة من جهته بالمبررات الرسمية لإقالته. لقد سمحت المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا، لبار أن يُسمع صوته بعد أن اقترح قضاة الهيئة صراحة أن يبدل بار كتاباً بعث به إليهم بتصريح موقع مشفوع بالقسم لإعطاء ادعاءاته ومعانيها مفعولاً دلالياً وقضائياً.

تصريح كهذا، مسنود بوثائق وتواريخ، يجعل الخلاف بين نتنياهو ورئيس “الشاباك” مباشراً وحاداً. وأمام المحكمة الآن شهادة وقائعية مفصلة على رئيس الوزراء أو من ينوب عنه كي يواجهها مباشرة.

يدعي بار صراحة بأن قرار رئيس الوزراء لتنحيته لا تستند إلى اعتبارات مهنية أو أمنية، بل تنبع من ضغوط سياسية وشخصية. نتنياهو، بزعم بار، سعى لاستخدام “الشاباك” بشكل غير جدير، كي يلاحق نشطاء الاحتجاج ويشوش إجراءات قضائية. وهي ادعاءات ينفيها مكتب رئيس الوزراء الذي تقدم ببيان يقضي بأن التصريح الذي رفعه بار إلى العليا هو “تصريح كاذب” و”سيدحض بالتفصيل قريباً”.

لكن القسم العلني من التصريح، مهما كان مقلقاً فهو مجرد طرف الجبل الجليدي. في لب الخلاف قسم سري – 31 صفحة وعدد من الملاحق من المعلومات الاستخبارية الحساسة التي توضع الآن لعناية قضاة محكمة العدل العليا فقط. هذه معلومات سيفضل رئيس الوزراء كما يفهم من المداولات الأخيرة، أن تبقى في الخزنة.

السؤال الآن هو: هل يمكن لمحكمة العدل العليا أن تلزم نتنياهو بتنازل الادعاءات التي تطرح في التصريح السري؟ الجواب القضائي: نعم. صحيح أن محكمة العدل العليا لا يمكنها كشف المواد للجمهور، لكن بإمكانها أن تطالب رئيس الوزراء بتقديم تفسيرات وبمواقف موضوعية، وإن كان في إطار إجراء مغلق. انعدام رد معلل وواضح كفيل بأن تفسره المحكمة بأنه اعتراف هادئ بصدقية الادعاءات القاسية.

تثبت سابقات قضائية أن المحكمة لا تتردد في التصدي لشهادات متضاربة للمستويات العليا. والعكس صحيح: عندما تصطدم ادعاءات أمنية بتفسيرات سياسية، أثبت القضاة سابقاً بأنهم مستعدون للتبين من رواية الحقيقة، حتى بثمن مواجهة جماهيرية حادة. في حالة بار مقابل نتنياهو، سيكون الحسم صعباً ومقلقاً.

الإمكانيات التي يقف نتنياهو أمامها ليست بسيطة. يمكنه أن يتقدم بتصريح مضاد ينفي ادعاءات بار ويفتح فتحة لتحقيق مضاد مشحون وخطير من ناحية سياسية؛ ويمكنه أن يبقى صامتاً ويخاطر في قبول المحكمة الادعاءات ضده بصفة ذلك أهون الشرور، أو يمكنه البحث عن مخرج بطريقة الحل الوسط من خلف الكواليس، بحيث يمنع هذا الصدام المباشر والمشحون.

——————————————-

هآرتس 22/4/2025

بار ملزم بالبقاء

بقلم: أسرة التحرير

أقوال رئيس الشاباك، رونين بار، في التصريح المشفوح بالقسم الذي رفعه أول من أمس الى محكمة العدل العليا في إطار الالتماس الذي رفع ضد تنحيته من منصبه، يفترض أن تهز الأركان.

فقد كتب بار يقول إنه تقدم بتصريحه “انطلاقا من خوف شديد على قدرة قادة الجهاز التالين للحفاظ على رسمية الجهاز، مهنيته وعمله وفقا للأهداف القانونية فقط… رغم الضغوط التي تمارس، ومن دون الخوف من أن يهدده سيف الإقالة في سياق عاجل وغير سليم”. كل هذا، “رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه الجهاز وأنا كي نضمن الاستقلالية المهنية للجهاز ولمن سيحل محلي، مثلما أضمن أيضا قدرته على أن يرفض تنفيذ تعليمات باطلة”.

التصريح، وإن كان رفع الى محكمة العدل العليا وكان موجها رسميا لعناية القضاة الذين سيكونون مطالبين بأن يحسموا في الالتماسات ضد تنحية بار، لكن هذا وثيقة يفترض أن تقض مضاجع كل مواطن ومواطنة في إسرائيل. بنيامين نتنياهو وحكومته حاولا حرف الشاباك عن غايته القانونية. رئيس الوزراء طلب استخدام الجهاز لغرض الملاحقة السياسية لمعارضيه. بار كتب بأن رئيس الوزراء عبر على مسمعه غير مرة بشكل سعى لتثبيت توقعه في أن يعمل الشاباك حيال مواطنين مشاركين في أعمال الاحتجاج والمظاهرات ضد الحكومة، بما في ذلك الرقابة على “ممولي الاحتجاجات”. هذه الطلبات، حسب بار، جاءت بعد أن أمر نتنياهو سكرتيره العسكري وكاتبة المحاضر الخروج من الغرفة، بهدف واضح هو ألا توثق الأقوال.

موضوع خطير، على نحو خاص يفهم من الوثيقة، هو طلب نتنياهو أن يكون رئيس الشاباك مواليا له بشكل شخصي وليس للدولة. وحسب بار، في حديث أجراه نتنياهو معه، أوضح له بأنه “بقدر ما تكون أزمة دستورية”، فإن عليه “أن يطيع رئيس الوزراء وليس محكمة العدل العليا”. يدور الحديث عن طلب يقوض بشكل مباشر وهدام البنية التحتية الديمقراطية الأكثر أساسية ويتعارض بشكل واضح مع سلطة القانون.

تطرق بار الى قضية قطر غيت، وأشار الى أن الارتباطات مع قطر كان من شأنها أن تمس بأمن الدولة. إقالته في وقت يحقق فيه مع رجال مكتب نتنياهو في القضية هي حالة واضحة لتضارب المصالح.

كما أن رئيس الوزراء طلب من رئيس الشاباك توفير حجة غياب كاذبة له للتملص من الإدلاء بالشهادة في المحاكمة الجارية ضده، ورغم نفيه ذلك إلا أنه لا يوجد ما يدعو الى تصديق من سبق أن ثبت بأن كلمته لا تساوي شيئا.

“لا تسقط أي قلعة”، قالت من كانت رئيسة المحكمة العليا استر حايوت في أثناء المداولات في القضية أمام العليا الـ11:0، التي سوغت من هو متهم بمخالفات جنائية خطيرة بأن يتولى منصب رئيس الوزراء. منذئذ ومواطنو إسرائيل يشهدون عملية انهيار القلعة على سكانها. على محكمة العدل العليا أن تمنع نتنياهو من أن يصرف عن الطريق من سعى لأن يمنعه من استكمال المهمة.

——————————————-

يتضمن هدنة قد تستمر 7 سنوات… مقترح جديد لإنهاء الحرب في غزة

صرح مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، لشبكة «بي بي سي» البريطانية بأن وسطاء قطريين ومصريين اقترحوا صيغة جديدة لإنهاء الحرب في غزة.

ووفقاً للمسؤول، تتضمن الخطة هدنة تستمر ما بين خمس وسبع سنوات، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، مع إنهاء رسمي للحرب، وانسحاب إسرائيل بالكامل من غزة.

كما أشار المسؤول الفلسطيني إلى أن «حماس» أبدت استعدادها لتسليم إدارة غزة لأي كيان فلسطيني يُتفق عليه «على المستويين الوطني والإقليمي».

وأضاف أن هذا الكيان قد يكون السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية أو هيئة إدارية جديدة.

ومن المقرر وصول وفد رفيع المستوى من «حماس» إلى القاهرة لإجراء مشاورات في هذا الشأن.

وسيمثل «حماس» في مشاورات القاهرة رئيس مجلسها القيادي محمد درويش، وكبير مفاوضيها خليل الحية.

ولم تصدر إسرائيل أي تعليق على هذه الخطة المحتملة التي اقترحها الوسطاء.

ومع أنه لا يزال من السابق لأوانه تقييم احتمالات نجاح الخطة، فقد وصف المسؤول الفلسطيني جهود الوساطة الحالية بالجدية، وقال إن «حماس» أبدت «مرونة غير مسبوقة» تجاهها.

وانهار آخر اتفاق لوقف إطلاق النار قبل شهر عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة.

وقبل أيام، رفضت «حماس» مقترحاً إسرائيلياً تضمن مطلباً بنزع سلاح الحركة مقابل هدنة لمدة ستة أسابيع.

ويوم السبت، صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه لن ينهي الحرب قبل القضاء على «حماس» وعودة جميع الرهائن. وطالبت الحركة إسرائيل بالالتزام بإنهاء الحرب قبل إطلاق سراح الرهائن.

—————–انتهت النشرة—————–