إسرائيليات

أكاديمي إسرائيلي: شرطان لقبول تل أبيب باتفاق نووي أمريكي إيراني

المسار الاخباري : رجّح أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في إسرائيل يوناثان فريمان أن تقبل تل أبيب بالاتفاق المحتمل بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووي الإيراني، إذا كان “جيدًا” وتتولى الولايات المتحدة تنفيذه ويضمنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

واستبعد فريمان أن يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مثل هذا الاتفاق، نظرًا إلى سياسات ترامب المؤيدة لتل أبيب منذ ولايته الرئاسية الأولى (2017-2021).

وتتهم الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ودول أخرى إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم لأغراض سلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

وتُعد إسرائيل الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، ولم تعلن عنها رسميًا، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، فيما تواصل، منذ عقود، احتلال أراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان.

فريمان لفت إلى أن ترامب، وخلال ولايته الأولى، انسحب من الاتفاق النووي لعام 2015، و”دعم الطريقة التي صورت بها إسرائيل الاتفاق بأنه صفقة سيئة”.

إذا كان ترامب هو من يقف وراء الاتفاق وهو صانعه، فقد يحظى بقبول أكبر من الحكومة الإسرائيلية ومعظم شركاء الائتلاف والرأي العام

وأضاف أن “هذه الحقيقة لا تنفي حقيقة أن إسرائيل ترغب في صفقة، لكن يجب أن تكون جيدة”.

ومنذ 12 أبريل/ نيسان الجاري، عُقدت في سلطنة عمان وإيطاليا ثلاث جولات من مفاوضات غير مباشرة بين واشنطن وطهران، لبحث التوصل إلى اتفاق جديد بشأن الملف النووي الإيراني.

ووقّعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا، في عام 2015، اتفاقًا مع إيران، فرض قيودًا على برنامجها النووي، مقابل تخفيف العقوبات الدولية عنها.

لكن ترامب انسحب من الاتفاق عام 2018، معتبرًا أنه “سيئ وغير دائم ولا يتناول برنامج إيران للصواريخ الباليستية”.

وأعاد ترامب فرض عقوبات أمريكية على طهران لإجبارها على إعادة التفاوض لإبرام اتفاق موسع، فيما التزمت طهران بالاتفاق لمدة عام بعد انسحابه، ثم تراجعت عن التزاماتها تدريجيًا.

التنفيذ والضمانات

وبجانب أن يكون الاتفاق “جيدًا”، قال فريمان إن “أحد الأمور التي تبحث عنها إسرائيل هو مَن سينفذ الاتفاق، هل مفتشون أمريكيون؟ وهل ستوجد ضمانات أمريكية؟”.

وتابع أن “لدى إسرائيل تجارب سيئة للغاية عندما يتعلق الأمر بالهيئات الدولية، مثل الأمم المتحدة، التي تقوم بالتفتيش (على منشآت إيران النووية) وفرض العقوبات”.

وأردف: “إذا توفر اتفاق سيتم تنفيذه، خاصة من جانب الولايات المتحدة، فستبتلعه إسرائيل، أما إذا لم يكن مرضيًا، فستعبر تل أبيب عن رأيها”.

ورأى أنه “إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فلا يمكننا استبعاد العمل العسكري (ضد إيران). لا يمكنني حتى استبعاد عمل عسكري من الولايات المتحدة، إذا لم يمنع الاتفاق إيران من تطوير سلاح نووي”.

دعم أمريكي

في الأيام الماضية، ذهب محللون إسرائيليون إلى أن تل أبيب تتمنى انهيار المفاوضات، ودعا قادة بالمعارضة، بينهم وزير الدفاع الأسبق زعيم حزب “معسكر الدولة” بيني غانتس، إلى التحرك عسكريًا لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.

وهو ما علّق عليه فريمان قائلًا: “هناك إجماع بين معظم السياسيين الإسرائيليين على أن إسرائيل قد تضطر لاتخاذ إجراء منفرد ضد إيران، إذا ما حاولت امتلاك سلاح نووي، وأعتقد أن أمريكا على دراية بذلك”.

وأضاف: “أمريكا تواصل تقديم الدعم العسكري لنا، وهناك أدوات عديدة قد نستخدمها ضد إيران، ما زالت واشنطن تدعمنا حتى وهي تتحدث مع طهران”.

و”في النهاية أعتقد أن علينا منح ترامب بعض الوقت، لقد أمضى 100 يوم فقط في منصبه، ونحن نفكر وكأنه أمضى 100 عام”، حسب فريمان.

مَن سينفذ الاتفاق؟

وردًا على سؤال بشأن الحد الأدنى الذي تطلب إسرائيل توفره في الاتفاق، قال فريمان إن “القضية الرئيسية هي مَن سينفذه”.

وتابع: “سمعنا نتنياهو يتحدث مؤخرًا عن ليبيا، والاتفاق الذي تم إبرامه مع معمر القذافي لإزالة برنامجه النووي، وقد نجح وقبلته إسرائيل”.

وأضاف: “الأمر بالنسبة للصفقة المرتقبة يتعلق بمَن سينفذها ويضمنها؟ وهذا أيضًا سيسمح للحكومة الإسرائيلية بترويج الصفقة للشعب”.

وتابع: “إذا كان ترامب هو مَن يقف وراء الاتفاق وهو صانعه، فقد يحظى بقبول أكبر من الحكومة الإسرائيلية ومعظم شركاء الائتلاف (الحاكم) والرأي العام، ما قد يمنع أو يؤجل العمل العسكري ضد إيران”.

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتتبادلان اتهامات بالمسؤولية عن أعمال تخريب وهجمات إلكترونية.

ورأى فريمان أنه من الصعب أن يرفض نتنياهو اتفاقًا يبرمه ترامب، وقال: “سيكون من الصعب رفضه والقول إنه ليس جيدًا”.

وأضاف: “بولاية ترامب الأولى رأينا سياسات كثيرة جيدة لإسرائيل: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة على مرتفعات الجولان، والانسحاب من الاتفاق الإيراني”.

ومنذ حرب يونيو/ حزيران 1967 تحتل إسرائيل القدس الشرقية وهضبة الجولان السورية، ولا تعترف الأمم المتحدة بهذا الوضع.

فريمان أردف: “أعتقد أنه بينما تفاوض أمريكا إيران حاليًا، فإنها تصغي لإسرائيل وتزودها بمعلومات وتطلعها على قضايا الاتفاق”.

واستطرد: “أعتقد أن واشنطن تأخذ تل أبيب في الاعتبار خلال المحادثات مع إيران، خاصة بسبب الحرب الحالية في غزة، والتي تُشارك فيها إيران مباشرة”، وفق تقديره.

و”قد يكون الاتفاق وسيلة فقط لإيقاف البرنامج النووي مؤقتًا، وربما أيضًا لتحقيق مزيد من الهدوء في المنطقة في ظل الحرب الحالية على غزة”، حسب فريمان.

اتفاق أوسع

فريمان اعتبر أن “شرعية الاتفاق مع إيران قد تمنح إسرائيل مزيدًا من الشرعية في المنطقة”، وفق تعبيراته.

وتابع: “أُضعفت وحوصرت إيران، وربما هذا يدفع شركاء عديدين للانضمام إلى إسرائيل”.

وردًا على سؤال عن تقارير إسرائيلية حذّرت، قبل عامين، من احتمال امتلاك إيران السلاح النووي خلال أسابيع قليلة دون أن يحصل ذلك فعلًا، أجاب: “هناك دائمًا اختلافات في الآراء عندما يتعلق الأمر بالمعلومات الاستخباراتية حول إيران”.

إذا استمرت إيران في تطوير سلاح نووي، فقد يتشكل تحالف جديد للقيام بعمل عسكري ضدها

وأضاف: “والأمر الآخر أنه ربما اتُخذت إجراءات علنية أو غير علنية ضد البرنامج النووي الإيراني مؤخرًا، ما وضع عراقيل أمامه”.

واستطرد: “إضافة لبعض القضايا الداخلية في إيران، فنحن نعلم أن هناك استياء كبيرًا ومشاكل اقتصادية ومالية كثيرة، قد تؤثر أيضًا على إمكانية استمرار البرنامج النووي”.

سيناريوهات إسرائيلية

وبخصوص سيناريوهات موقف إسرائيل من الاتفاق المحتمل، قال فريمان: “إذا كان اتفاقًا جيدًا، وخاصة إذا كانت أمريكا ستنفذه ويضمنه ترامب، فستقبله إسرائيل”.

واستدرك: “أما إذا لم يتم التوصل لاتفاق، واستمرت إيران في سعيها للحصول على سلاح نووي، فلا يمكننا استبعاد الخيار العسكري، لمحاولة إضعاف البرنامج النووي”.

واستطرد: “وربما حتى إضعاف النظام (الحاكم)، ومؤخرًا قال أحدهم إن أفضل طريقة لوقف البرنامج النووي هي إسقاط النظام في طهران”.

فريمان تابع: “خيار آخر مثير للاهتمام للغاية، وهو أن تُنهي إسرائيل غموضها النووي، فإذا تحركت إيران نحو إجراء تجارب (نووية)، فقد تقول إسرائيل: لسنا السبّاقين (في امتلاك أسلحة نووية بالمنطقة).. إنها إيران”.

وبشأن إمكانية تحرك إسرائيل منفردة ضد إيران، اعتبر فريمان أن “تهديد إيران لا يقتصر على إسرائيل، بل يشمل دولًا أخرى بالمنطقة، وحاليًا تقود إسرائيل تحالفًا تدعمه دول عديدة، ربما ليس علنًا”.

وختم بأنه “إذا استمرت إيران في تطوير سلاح نووي، فقد يتشكل تحالف جديد للقيام بعمل عسكري ضدها”.

 

(الأناضول)