دوليفلسطيني

الأمم المتحدة تحيي الذكرى 77 للنكبة الفلسطينية.. دعوات لإنهاء الاحتلال ووقف تطبيع الإبادة في غزة

الأمم المتحدة- “المسار الاخباري ”: على مدار يوم الخميس، أحيت الأمم المتحدة الذكرى السابعة والسبعين للنكبة الفلسطينية تحت عنوان “إجراء دولي نحو إنهاء النكبة الفلسطينية، وتحقيق الحقوق غير القابلة للتصرف”، وذلك بناءً على قرار اعتمدته الجمعية العامة في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 في دورتها السابعة والسبعين، والذي أقرَّ اعتبار الخامس عشر من أيار/ مايو من كل عام يوم النكبة الفلسطينية.

الرئيس الفلسطيني: النكبة لم ولن تكون قدرًا محتومًا ودائمًا لشعبنا، وحق العودة وتقرير المصير والاستقلال هي حقوق ثابتة لا يمكن التنازل عنها

وقد تخلل النشاط، الذي رعتْه لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، كلمات تضامنية وخطابات من عدد من المتحدثين، وعرض فيلم “من نقطة الصفر” عن معاناة أهل غزة بعد حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وقد افتتح الممثل الدائم لماليزيا، السفير أحمد الفيصل، نائب رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، الفعالية بالتذكير بـ “الصدمة الجماعية” الناجمة عن النكبة، والتي أسفرت عن تهجير قسري جماعي لأكثر من 750 ألف فلسطيني من ديارهم الأصلية عام 1948 وتركهم في صراع لا نهاية له من أجل دولة خاصة بهم، ولا يزال هذا الصراع مستمرًّا بعد 77 عامًا.

واستعرض السفير “الأعداد المروعة للضحايا في غزة والضفة الغربية”. وقال إن ما يجري ليس مجرد إحصائيات، بل مأساة إنسانية مدمرة، وأضاف قائلًا: “تم فرض الاحتلال من خلال التهجير والإخلاء، وهدم المنازل، وسرقة الأراضي الفلسطينية، وحرمان الفلسطينيين من الحقوق الأساسية، وهذه بمثابة نكبة مستمرة”.

ودعا السفير أحمد فيصل إسرائيل- بصفتها القوة القائمة بالاحتلال- إلى رفع الحصار عن غزة، وتنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار، مؤكدًا أن الحل العادل والدائم يكمن في الاعتراف الكامل بدولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة عضوًا في الأمم المتحدة.

الرئيس عباس: الحرب على غزة استمرار لنكبة عام 1948

السفير الفلسطيني رياض منصور لدى الأمم المتحدة، تلا رسالة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مؤكدًا أن “النكبة لم ولن تكون قدرًا محتومًا ودائمًا لشعبنا، وأن حق العودة وتقرير المصير والاستقلال لدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية هي حقوق ثابتة لا يمكن التنازل عنها”.

ودعا الرئيس الفلسطيني في كلمته إلى تحرّك دولي حقيقي لوقف ما وصفه بـ “الظلم التاريخي والمأساة المستمرة”، مشيرًا إلى أن الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة ليست سوى استمرار لنكبة لم تتوقف فصولها منذ عام 1948.

وتطلع الرئيس الفلسطيني إلى المؤتمر الدولي القادم- المقرر في حزيران/ يونيو في الأمم المتحدة- لحشد الجهود نحو الاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء الاحتلال، داعيًا إلى دعم قوي للأونروا باعتبارها “شريان الحياة لملايين اللاجئين والشاهد الحي على نكبة شعبنا”.

وقال عباس في ختام رسالته: “باسم الشعب الفلسطيني الصامد، نجدد العهد بأننا باقون، ومتمسكون بحقوقنا، ماضون في نضالنا المشروع من أجل الحرية والاستقلال، وسنواصل طرق أبواب العدالة حتى تتحقق المساءلة عن جميع الجرائم المرتكبة ضد شعبنا، وحتى تتحقق الحرية لفلسطين”.

ونيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة، ألقى خالد خياري، مساعد الأمين لشؤون آسيا والشرق الأوسط، كلمة جدد فيها دعوة الأمين العام للمجتمع الدولي لتقديم الدعم للشعب الفلسطيني، مطالبًا بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن، واستئناف المفاوضات السياسية.

كما كرر تحذير الأمين العام الأخير بأن إمكانية حل الدولتين تتعرض لخطر التلاشي إلى حد الاختفاء، مشيرًا إلى أن المؤتمر الدولي حول حل الدولتين، في حزيران/ يونيو المقبل، برعاية سعودية فرنسية يمثل فرصة مهمة للدول الأعضاء لدعم حل الدولتين قبل فوات الأوان. وأضاف أن السلام يتطلب تقدمًا ملموسًا ودائمًا نحو حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة تكون غزة جزءًا لا يتجزأ منها. وأكد أن قيام دولة فلسطينية ذات سيادة تعيش بسلام مع إسرائيل أمر بالغ الأهمية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

نورا عريقات: الأخطر من الإبادة تطبيع الإبادة

بدعوة من لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الشعب الفلسطيني، ألقت الباحثة الفلسطينية، ومحامية حقوق الإنسان، وأستاذة القانون بجامعة رتغرز في نيوجيرسي، كلمة قوية ومؤثرة حول ما يجري في غزة من مجازر تدخل شهرها التاسع عشر. وانتقدت عريقات الدعم الأمريكي لإسرائيل، ودور المجتمع الدولي في مواجهة ما وصفته بـ “تطبيع الإبادة الجماعية”. وحثت قادة العالم على التحرك، مؤكدة أن التقاعس يعرض شرعية النظام القانوني الدولي للخطر.

وقالت: هذا هو اليوم 585 من الجرائم التي نشهدها يوميًّا. أطفال يُقتلون، وصحافي يدخل المستشفى للعلاج فيُقتَل داخل المستشفى، وطفل عمره 12 سنة يُقتل لأنه كان شاهدًا على قتل 15 مسعفًا دُفنوا في مقبرة جماعية.

وقالت: إسرائيل دمرت 92 في المئة من مباني غزة، وعطّلت أعمال كل المستشفيات، ومنعت دخول الغذاء والمواد الأساسية. إن إسرائيل لا تقتل فقط الفلسطينيين الآن، بل تقتل أيضًا مستقبلهم. إنها تسعى لتدمير شعب بأكمله، وهو ما يسمى “إبادة جماعية”. وأشارت عريقات إلى خطل الدعاية الإسرائيلية في أنها تستهدف “حماس”، بعد أن قضت على 2 في المئة من السكان، وقتلت عشرين ألف طفل، ومحت من السجل المدني 1200 عائلة.

وفصّلت عريقات أنواع الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، الذي استهدف كل شيء في غزة من مستشفيات ودور عبادة وجامعات ومدارس ومراكز توليد وأسرى واغتصب النساء ودمر المكتبات ودور الإيواء والمخابز، وحاصر كل الشعب الفلسطيني في غزة. وكانت مجازر آخر 85 يومًا هي الأعنف. “ولا يُخفي المسؤولون هذا، كما قال وزير الزراعة الإسرائيلي إن هذه نكبة للفلسطينيين”. وقد صوّتت وزارة نتنياهو في 4 أيار/ مايو لاحتلال كل غزة وطرد سكانها. لكن الفلسطينيين لم يغادروا أراضيهم ويرفضون أن يختفوا.

عريقات: الولايات المتحدة قد تكون إمبراطورية، لكنها ليست العالم.. وما قيمة الأمم المتحدة إذا لم تتمكّن من منع جريمة الإبادة الجماعية!

وقالت عريقات: هناك قانون دولي لكل ما يجري في غزة، ولو طُبّق هذا القانون لعاد اللاجئون إلى أراضيهم الأصلية يزرعون ويفلحون بدل البحث في الركام عن بقايا جثامين أحبتهم.

وتابعت عريقات قائلة إن الأمم المتحدة قد فشلت في اتخاذ إجراءات فاعلة لمنع الإبادة الجماعية، ما يعني أنها “تُطبع الإبادة الجماعية وتتعايش معها”. “من يعمل على إلغاء حق شعب في الوجود، أو يحاصرهم من كل الجهات، ويعمل على إخضاعهم بكل أنواع الأسلحة، ويستخدم الذكاء الاصطناعي لقتلهم، ويمنع عنهم الغذاء والدواء، ويدمر الأجنّة والأطفال في الحاضنات، ويمنع النساء من إجراء عمليات قيصرية بدون أي عواقب، فهل هناك اسم لكل هذا إلا الإبادة الجماعية؟”. سموتريش قال مؤخرًا: الانتصار في الحرب يعني تدمير غزة تمامًا وتشريد سكانها. ودعت نورا عريقات المجتمع ألا يسمح للولايات المتحدة وإسرائيل أن تدمّرا النظام الدولي. فالولايات المتحدة قد تكون إمبراطورية لكنها ليست العالم. وتساءلت: “ما قيمة الأمم المتحدة إذا لم تتمكن من منع جريمة الإبادة الجماعية؟”.

وقد عُرض في الفترة الصباحية فيلم وثائقي بعنوان “من نقطة الصفر”، أنتجه 22 فنانًا يعيشون تحت الحصار في غزة. ووفق ما ذكرته اللجنة الأممية، قدم الفيلم “منظورًا عميقًا للحياة تحت القصف والتجويع القسري، مستخدمًا الرمزية والتعبير الإبداعي ليشهد على الكفاح اليومي من أجل البقاء بكرامة”.

كما تكلم في الفعالية، في جلسة بعد الظهر، عددٌ من المتحدثين، من بينهم الإسرائيلية الناشطة ضد الحرب مايا يافين، وزهرة حسن، مستشارة الوفد الفلسطيني للمفاوضات، وتمارا أيوب، نائبة المدير التنفيذي للمركز العربي بواشنطن، والكاتب والشاعر أحمد مسعود من غزة.