من رمـز للسلام إلى “خطر أمني”.. الزيتون الفلسطيني في مرمى التحريض والاعتداءات

المسار: يتزامن موسم قطف الزيتون في فلسطين هذا العام مع تصاعد غير مسبوق في حملات التحريض ضد المزارعين الفلسطينيين، لتتحول هذه المناسبة الوطنية إلى ساحة مواجهة مزدوجة: ميدانية على الأرض ورقمية على منصات التواصل.
ففي الوقت الذي يتعرض فيه المزارعون لاعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال، تنتج حسابات إسرائيلية محتوى منظمًا يهدف إلى نزع الشرعية عنهم وتصوير نشاطهم الزراعي بوصفه “تهديدًا أمنيًا” أو “تعديًا على أراضٍ خاصة”.

تحقيقات ميدانية أكدت أن العديد من المقاطع المتداولة كانت مضللة، إذ ادعت حسابات إسرائيلية أن “مثيري شغب من السلطة الفلسطينية” اقتحموا أراضي مستوطنة قرب طولكرم، بينما تبيّن أن الحدث فعالية رسمية لقطف الزيتون نظمتها مؤسسات فلسطينية حكومية ومحلية ضمن حملة وطنية لدعم صمود المزارعين.

الصحفية سندس علي، التي وثّقت الفعالية، أفادت بأن قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز على المشاركين بزعم أن المنطقة “عسكرية مغلقة”، موضحة أن الاعتداء وقع قرب بؤرة استيطانية ملاصقة لمستوطنة “حرميش”. وأضافت أن المزارع الذي ظهر في المقاطع، عبد الخالق ناصر، كان يبكي بعد منعه من دخول أرضه التي تتعرض منذ سنوات لاعتداءات متكررة وسرقة لمعداته الزراعية.

الاعتداءات لم تقتصر على طولكرم، بل امتدت إلى بيت لحم والخليل ومناطق أخرى من الضفة الغربية، حيث وثقت المؤسسات الفلسطينية إطلاق نار وغاز على المزارعين والمتضامنين، ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم. وأكد مسؤولون محليون أن هذه الانتهاكات تتكرر سنويًا بهدف فرض وقائع استيطانية جديدة.

بالتوازي، تقود جهات يمينية إسرائيلية حملات رقمية تحريضية، أبرزها دعوات لإلغاء موسم الزيتون في المناطق القريبة من المستوطنات بزعم “الخطر الأمني”. ونشرت حركة “إم ترتسو” اليمينية منشورات وعرائض رقمية تصف المزارعين بأنهم “مثيرو شغب”، وتربط بين موسم الزيتون و”تهديد أمني وشيك”، في محاولة لتشويه الصورة الرمزية للمزارع الفلسطيني.

على الأرض، توثق الأرقام حجم الاستهداف: 259 اعتداءً منذ بدء الموسم، منها 218 نفذها مستوطنون و41 نفذها جيش الاحتلال، شملت الضرب والمنع من الوصول والاعتقال وإطلاق النار، إلى جانب تجريف وقطع أكثر من 1070 شجرة زيتون.

هذا الخطاب المتصاعد، الذي يسعى لتحويل المزارع الفلسطيني من رمز للصمود إلى “مشتبه به أمني”، يعكس مسعىً ممنهجًا لتبرير السيطرة على الأرض وتوسيع الاستيطان تحت غطاء أمني زائف.
ومع كل موسم، يثبت الفلسطينيون أن الزيتون بالنسبة لهم ليس مجرد شجرة، بل شهادة انتماء متجذّرة، تُثمر في وجه الاحتلال رغم كل محاولات الاقتلاع.

Share This Article