الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 1/8/2024

مسرحية استعراضية تُعرض صفقة المخطوفين للخطر

بقلم: تسفي برئيل

يمكن الافتراض بأن اغتيال اسماعيل هنية، مثل اغتيال قادة كبار آخرين في حماس، كان موجود على الاجندة عدة مرات في الاشهر العشرة للحرب. اذا كانت اسرائيل حقا هي المسؤولة فان المسألة الرئيسية التي وجهت متخذي القرارات هي كيف يمكن لهذا الاغتيال أن يؤثر على المفاوضات حول صفقة التبادل وعلى احتمالية نجاحها. حسب مصدر اسرائيلي هناك اسئلة رئيسية يمكن أن تكون مهمة لاتخاذ القرار. اذا تمت تصفية هنية فمن سيكون عنصر الوساطة بين قطر ومصر وبين يحيى السنوار؛ أين ومتى من الجدير تنفيذ عملية التصفية.

“من ناحية عملية هنية كان كما يبدو هدف سهل. فهو يتجول في العالم، زار تركيا ومكث فيها، عاش في قطر، وسافر الى ايران ومصر”، قال نفس المصدر وعبر عن تقديره الكبير للقدرة على الحصول على معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب عن الغرفة التي تواجد فيها هنية في طهران. حول مسألة التوقيت “هناك مقاربة تقول بأنه يمكن ويجب الانتظار الى حين انتهاء المفاوضات ويتم استكمال صفقة التبادل، وحتى أنه يمكن الانتظار الى حين انتهاء الحرب. حسب اعتقادي كان هناك اتفاق مبدئي على أنه يجب تصفية كل قادة حماس كجزء من استراتيجية القضاء عليها. ولكن هذا كان يمكن أن يكون خطة بعيدة المدى”، قال نفس المصدر. حول مكان الاغتيال اشار هذا المصدر الى أن هذه “قضية سياسية مهمة جدا. واذا كانت اسرائيل حقا هي المسؤولة فلا يمكن تنفيذ عملية تصفية في دولة لديها علاقات مع اسرائيل؛ تركيا، رغم القطيعة الدبلوماسية بين الدولتين، وبالتأكيد ليس مصر أو قطر، التي هي ليست فقط دولة رئيسية في ادارة المفاوضات مع حماس، بل هي ايضا حليفة مقربة من الولايات المتحدة”.

اعتبارات اخرى كانت تتعلق بسيناريوهات الرد المتوقعة، سواء على عملية اغتيال هنية أو بسبب المس بسيادة كل دولة من الدول تم فحص تنفيذ العملية فيها. يبدو أن الدرس الذي استخلص من تجربة اغتيال خالد مشعل في الاردن في 1997 تم استيعابه بشكل جيد. ومصر تم استبعادها بسبب منظومة العلاقات الحساسة والتوتر الكبير بين الدولتين اصلا، الى درجة الخشية من أن عملية كهذه يمكن أن تحدث قطيعة كاملة في العلاقات معها.

قطر تحظى بالحصانة، كما قلنا، ليس فقط بسبب تحالفها الاستراتيجي مع امريكا. فبعد المصالحة بينها وبين دول الخليج وعودتها الى حضن “مجلس التعاون الخليجي” فان أي مس صارخ بسيادتها يمكن أن يمس بشبكة العلاقات بين اسرائيل ودولة الامارات والبحرين والسعودية. الايام التي كان يمكن لاسرائيل فيها تنفيذ مثل هذه العمليات في دبي دون الخوف من تدهور سياسي، كما فعلت في عملية اغتيال محمود المبحوح في 2010، انقضت. تركيا تم طرحها بين فينة واخرى كخيار، لكن كدولة عضوة في الناتو فانه كان يصعب توقع التداعيات الدولية لمثل هذه العملية.

الخيار ربما كان ايران، رغم خطر أن يؤدي مثل هذا الهجوم الى رد فعل عسكري عنيف، مثل الهجوم بالصواريخ والمسيرات الذي تعرضت له اسرائيل في شهر نيسان بعد اغتيال الجنرال محمد رضا زاهدي، قائد “قوة القدس” في سوريا ولبنان، في مبنى قرب السفارة الايرانية في دمشق. يمكن التقدير بأنه مقابل الرد المتوقع كان يجب على اسرائيل حتلنة واشراك الولايات المتحدة في خططها، ليس فقط تصفية فؤاد شكر في بيروت بل ايضا تصفية هنية، من اجل ضمان تجنيد “حزام أمان” ضد أي هجوم لايران، رغم أنه حتى الآن من غير الواضح كيف تنوي ايران أن ترد. أمس هددت بأن الرد سيكون قاسيا جدا.

ألم يعد ضروريا؟

هنية وصل الى ايران في يوم الثلاثاء للمشاركة في احتفال تنصيب الرئيس الايراني الجديد المنتخب، مسعود بزكشيان، وأداء اليمين. بزكشيان التقى مع هنية ومع نائب رئيس حزب الله، نعيم القاسم، ومع الامين العام للجهاد الاسلامي زياد النخالة. في هذا  اللقاء الذي تمت تغطيته اعلاميا تعهد لضيوفه بأن ايران ستستمر في دعم وتأييد المقاومة. بعد بضع ساعات عرفت ايران عن عملية الاغتيال، والاحتفالات بتتويج بزكشيان سيحل محلها الحداد الوطني لثلاثة ايام.

هل عملية الاغتيال تدل على أنه بالنسبة لاسرائيل توقف عن أن يكون عامل حيوي أو مفيد لاستمرار المفاوضات حول وقف اطلاق النار واطلاق سراح المخطوفين؟. والاكثر اهمية هو ماذا كان وزن مصير المفاوضات في اتخاذ هذا القرار؟. حسب مصادر تحدثت معها “هآرتس” فانه في الاشهر الاولى للمفاوضات، لا سيما في شهر آذار، تبين أن اسهام ووزن هنية آخذ في الانخفاض.

“الافتراض الاولي كان أنه يمكن الضغط على السنوار من اجل التوصل الى الصفقة بواسطة تهديد قيادة حماس الخارج، التي في معظمها تتواجد في قطر”، قال أحد المصادر. في تشرين الثاني، قبل استكمال المرحلة الاولى من صفقة التبادل، طلب وزير الخارجية الامريكي من قطر تهديد قيادة حماس بأنه سيتم طردها من قطر، وأنه سيتم تجميد أو مصادرة اموال المنظمة، اذا لم يتم الدفع قدما بالصفقة. قطر لم تعط أي جواب صريح. في شهر آذار نشرت الـ “سي.ان.ان” عن طلب مشابه نقله بلينكن لرئيس حكومة قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تهديد قيادة حماس بالطرد. هذا الطلب ردت عليه قطر بشكل غير رسمي بأنها ستكون مستعدة لفحص ذلك اذا طلبت الولايات المتحدة ذلك.

لكن تبين أن تهديد الطرد من قطر لم يؤثر وبحق على السنوار الذي يقوم باحتجاز المخطوفين. اضافة الى ذلك في نفس الشهر حدث خلاف كبير بينه وبين هنية حول مسألة مدة وقف اطلاق النار المطلوبة لاستكمال مراحل الصفقة التي لم يتم استكمالها حتى الآن. هنية طلب من السنوار الموافقة على وقف لاطلاق النار لمدة شهر ونصف، ولكن السنوار صمم على وقف الحرب بشكل مطلق، بما في ذلك انسحاب اسرائيل بشكل كامل من القطاع كشرط مسبق لاستئناف المفاوضات، وهو الشرط الذي تراجع عنه في شهر أيار. قطر، اسرائيل والولايات المتحدة، توصلت بعد فترة الى الاستنتاج بأن هنية غير قادر على توفير البضاعة المطلوبة لأن السنوار يعتبره “صبي لنقل الارساليات”، وظيفته نقل الرسائل. أو كما قال مصدر اسرائيلي، “من هذه الصخرة لن يخرج الماء”.

مشكوك فيه أنه كان من البداية مكان لتعليق الآمال بأن هنية (أو قيادة حماس الخارج بشكل عام)، يمكن أن يستخدم الضغط على السنوار. العلاقات بينهما وصلت الى ازمة عميقة في العام 2021 عندما اجريت الانتخابات للوظائف القيادية العليا في حماس. السنوار، الذي أمل أن يتم انتخابه بدون صعوبة لدورة ثانية كرئيس للمكتب السياسي في غزة، وجد نفسه امام تحالف بين هنية وصالح العاروري في محاولة لعزله.

هذا كان على خلفية عدة شكاوى تم الحصول عليها حول طريقة ادارة السنوار للقطاع وتعامله مع اسرائيل. المرشح لهذا المنصب من قبلهما كان نزار عوض الله، الذي فاز في الجولة الاولى ولكنه لم ينجح في اجتياز سقف 50 في المئة من الاصوات. فقط في الجولة الثانية والثالثة نجح السنوار في الفوز على عوض الله. على الفور بعد ذلك بدأ في حملة تصفية الحساب مع هنية وقام بابعاد رجاله. حسب مصادر في حماس تحدثت مع وسائل الاعلام العربية فان السنوار لم يشرك هنية أو قيادة حماس الخارج في خطته للحرب ضد اسرائيل، بما في ذلك خطة الهجوم في 7 تشرين الاول.

السنوار لن يتأسف على موت هنية

حتى لو توصلت اسرائيل الى الاستنتاج بأن اسهام هنية في تقدم المفاوضات غير جوهري، وحتى لو توصلت الى الاستنتاج بأن ضغط قطر عليه لا يمكن أن يثمر، وحتى لو استندت في القرار الذي نسب اليها، عملية الاغتيال، الى الافتراض الذي بحسبه السنوار لن يتأسف على موت هنية، مثلما لم يتأثر كثيرا من تصفية العاروري، فان اسرائيل لا يمكنها أن تعرف كيف ستؤثر هذه التصفية على استمرار المفاوضات.

احد الافتراضات هو أن السنوار سيستمر في المفاوضات حول وقف اطلاق النار والتوصل الى صفقة التبادل، لأنه فقط بهذه الطريقة سيتم ضمان انجازات استراتيجية له على شكل انسحاب اسرائيل من القطاع واطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين. حسب هذا الافتراض، مثلما أن السنوار لم يجمد بالكامل المفاوضات بعد عملية اغتيال محمد ضيف (الامر الذي لم يتم تأكيده حتى الآن)، فانه لن يوقف المفاوضات ايضا بعد ذهاب هنية. يجب الأمل في أن تكون هذه هي النتيجة.

افتراض متفائل آخر، يبدو أنه غير واقعي، هو أن اسرائيل ارادت خلق توازن بين الاستعداد للانسحاب من القطاع من اجل التوصل الى تحرير المخطوفين، العملية التي سيتم اعتبارها هزيمة سياسية لرئيس الحكومة نتنياهو، وبين الانجاز الذي يتمثل في تصفية هنية. اضافة الى هذا الافتراض يثور سؤال هل اسرائيل نفسها قررت أنه لم يعد هناك أي فائدة من استمرار المفاوضات، لذلك يمكن الانتقال الى المرحلة القادمة في المعركة ضد حماس وتسجيل انجاز استعراضي، حتى لو كان ذلك على حساب حياة المخطوفين.

——————————————–

هآرتس 1/8/2024

إسرائيل تطلق إشارة بأنها جاهزة لاشتعال حرب شاملة

بقلم: عاموس هرئيلِ

الاغتيالات التي نفذت في اقل من سبع ساعات، في بيروت وبعد ذلك في طهران، اعادت بشكل معين صورة الردع والمبادرة الى اسرائيل، التي نسبت لها العملية الاخيرة، اذا لم تكن في نظر جيرانها فعلى الاقل في نظرها هي نفسها. دمج القدرة الاستخبارية والعملياتية الدقيقة اخترق دوائر الحماية في حزب الله وفي ايران، وأدى الى موت قادة ارهاب كبار في المنطقة، فؤاد شكر الذي وصف كرئيس اركان حزب الله واسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس. في الحالتين هما لا يستحقان ذرف الدموع عليها. فشكر هو المسؤول بشكل مباشر عن قتل عشرات الاسرائيليين والامريكيين؛ وهنية قاد كبار قادة حماس في قطر لاحتفال شكر بعد نشر الصور الاولى للمذبحة في الغلاف في 7 تشرين الاول.

لكن موتهما ايضا يقرب اكثر الشرق الاوسط من الاشتعال الاقليمي الشامل. يبدو أن اسرائيل لأخذ المخاطرة لكسر دائرة الاستنزاف التي وجدت نفسها عالقة فيها امام ايران ووكلاءها. تصفية شكر كانت رد اسرائيلي مباشر وعلني على موت الـ 12 فتى وطفل في مجدل شمس في هضبة الجولان في يوم السبت الماضي، نتيجة صاروخ اطلقه حزب الله. عملية التصفية المركزة في حي الضاحية الشيعي تدخل حزب الله الى ورطة بخصوص قوة الرد المطلوبة، اذا كان يريد المس باسرائيل وفي نفس الوقت تجنب الحرب الشاملة.

عملية الاغتيال الثانية، اسماعيل هنية، تضم الى هذا التخبط ايران، التي حدثت العملية فيها وكشفت عجزها في حماية رعاياها. في نيسان ردت ايران باطلاق 330 صاروخ ومسيرة نحو اسرائيل بعد تصفية الجنرال حسن مهداوي، قائد في حرس الثورة، في مبنى السفارة الايرانية في دمشق. الآن حزب الله وحماس وايران جميعهم يهددون برد قاس. في ايران اعلنوا بأنهم يجرون مشاورات، وهذا يمكن أن يستغرق وقت؛ يبدو أن الاغتيال في طهران فاجأهم. بالنسبة لهم توجد اهمية ايضا لشد اعصاب اسرائيل لبضعة ايام كما حدث في السابق.

الولايات المتحدة تعهدت بالمساعدة في حماية اسرائيل، وهي تقول إنها لم تعرف مسبقا عن نية اسرائيل اغتيال هنية. من هنا يتبين ضمنيا أنها عرفت عن العملية المخطط لها ضد فؤاد شكر، ايضا قادة كبار في امريكا ناقشوا الوضع في الشمال مع نظرائهم الاسرائيليين خلال الايام الاخيرة.

رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو سيحظى الآن بلحظة نادرة نسبيا من رضا الجمهور بعد الفشل الذريع في بداية الحرب. في بعض وسائل الاعلام التملق الآن في الذروة. ولكن نتنياهو توجد له دوافع اخرى تتجاوز وعده بالفوز على أعداء اسرائيل. واضح جدا منذ فترة طويلة بأنه يسعى الى حرب استنزاف طويلة، التي ستفشل الجهود لاسقاط الحكومة وتؤجل محاكمته وتمكن من اعادة تشريع الانقلاب النظامي من البوابة الخلفية.

يمكن ايجاد الاشارات على ذلك ايضا في مقاربة صفقة المخطوفين مع حماس. فنتنياهو أفشل مؤخرا التوصل الى الصفقة، بما في ذلك التصلب في المواقف في المفاوضات بعد المرونة التي اظهرتها حماس. الآن حيث توجد امكانية لتحقيق حلم يحيى السنوار، حرب اقليمية يشارك فيها حزب الله، فانه يبدو ايضا أنه لا توجد لرئيس حماس في القطاع أي مصلحة في التقدم.

مشكوك فيه أن يكون السنوار في حالة حداد على موت خصمه السياسي هنية، الذي غادر القطاع ووجد ملجأ له في الفنادق الفاخرة في قطر. ولكن التصفية يمكن أن تكون من ناحية السنوار مبرر آخر للاستمرار في الحرب وعدم التوصل الى الصفقة. في اوساط عائلات المخطوفين هذا يبدو بشرى سيئة. رئيس حكومة قطر، محمد آل ثاني، تساءل أمس “كيف يمكننا النجاح في الوساطة في الوقت الذي يقوم فيه أحد الاطراف بعملية اغتيال في الطرف الثاني؟”.

وزير الدفاع، يوآف غالنت، قال في محادثة مع نظيره الامريكي لويد اوستن بأنه “لا سيما في هذه الاثناء اسرائيل تعمل على التوصل الى خطة تمكن من اعادة المخطوفين”. هذا يبدو كرسالة مزدوجة، أولا، للجمهور في اسرائيل وكأنه لم يتم التنازل عن اجراء المفاوضات، على الاقل فيما يتعلق بالقيادة الامنية التي تؤيد الصفقة؛ للوسطاء وكأن تصفية هنية ستمكن نتنياهو من الدفع قدما بالصفقة من موقع قوة.

في النقاشات حول رد اسرائيل على اطلاق النار نحو مجدل شمس تم طرح الادعاء بأنه احيانا توجد حاجة الى تصعيد متعمد حتى لو كان محدد زمنيا، من اجل أن يؤدي فيما بعد للتهدئة. واذا كان توجه اسرائيل ليس نحو الحرب الشاملة، فمن الواضح حاليا أن سياستها في الشمال لا تنجح في ردع حزب الله، فان هناك من يؤيدون حرب كثيفة اكثر لبضعة ايام على أمل أن يستيقظوا بسرعة في بيروت وفي طهران. المشكلة هي أنه يصعب جدا السيطرة على شدة اللهب، بالتأكيد عندما يكون هناك توجه للتصعيد. حقيقة أن ايران توجد الآن ايضا في موقع المصابين الذين يريدون الانتقام ستصعب على التوصل الى التهدئة.

خلال عقود يجري في اسرائيل نقاش حول موضوع نجاعة اغتيال شخصيات رفيعة في التنظيمات الارهابية. حماس، حزب الله وتنظيمات اخرى، فقدت عشرات من قادتها في عمليات التصفية الاسرائيلية، ومع ذلك لم تتوقف في أي وقت عن القتال.

في المقابل، كان هناك اسهام كبير لسلسلة التصفيات لكبار قادة حماس في الاعوام 2003 – 2006، على رأسهم الشيخ احمد ياسين رئيس حماس في القطاع، في قرار حماس التوقف عن العمليات الانتحارية، وفي الواقع انهاء الانتفاضة الثانية. الآن السؤال الاساسي يتعلق باعتبارات السنوار نفسه. ففي الاستخبارات الاسرائيلية يتم وصفه وكأنه يتعرض  لنوبة مستمرة من المسيحانية منذ نجاح المذبحة. ومشكوك فيه أن تصفية اصدقاءه في القيادة ستجعله بالضرورة يفكر في قدرته على البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة.

في نطاق التوضيحات والاعتبارات ينبغي ايضا الاخذ في الحسبان توصيات كبار قادة الاجهزة الامنية. الجين العملياتي لهم مبني على المبادرة، الهجوم والعمل. وعندما توجد فرصة تكتيكية للتصفية فعلى الاغلب الاجهزة الامنية تؤيدها، حتى لو كانت امكانية لتطور تداعيات استراتيجية مقلقة. في حالة الجيش الاسرائيلي فان الموضوع اكثر خطورة على خلفية الاحساس بالذنب في اوساط كبار الضباط والرغبة في اصلاح جزء من الاضرار الكبيرة التي حدثت تحت مسؤوليتهم في 7 تشرين الاول.

سؤال اساسي سيؤثر على الاحداث فيما بعد يتعلق بموقف الولايات المتحدة. الوزير اوستن قال أمس اثناء زيارته في الفلبين بأن بلاده ستساعد في الدفاع عن اسرائيل اذا تمت مهاجمتها. وأضاف بأن الحرب الشاملة في الشرق الاوسط ليست أمر لا يمكن منعه. ولكن ما الذي تريده اسرائيل وبحق؟.

في الاشهر الاخيرة يتعزز هنا الحوار حول خطة ايران الكبيرة، التي تطمح الى انهاك، وبعد ذلك خضوع، اسرائيل بواسطة استخدام الضغط المتزايد بواسطة “دائرة النيران” للتنظيمات الارهابية التي تعمل في محيطها. فهل ننتنياهو يفكر في جر الادارة الامريكية الى معركة مباشرة ضد ايران على خلفية التصعيد الاقليمي، حتى قبل الانتخابات للرئاسة الامريكية في تشرين الثاني؟. في هذه الاثناء يصعب تشخيص سياسة واضحة للادارة الامريكية فيما يتعلق بالشرق الاوسط في اعقاب انسحاب الرئيس جو بايدن من المنافسة واستبداله بنائبته كمالا هاريس وخوف الديمقراطيين من فوز دونالد ترامب.

——————————————–

 معاريف 1/8/2024

اقتصاد الحرب الخرب

بقلم: يهودا شاروني

بعد بضعة أيام من كارثة 7 أكتوبر نشأ إحساس بان ما كان، لن يكون بعد اليوم. فقد تدهورنا الى خط الفصل، وكان الجميع واثقين بان موعد الانتخابات للكنيست سيقدم الى العام 2024، إذ انه بعد مثل هذه الضربة، تكون حاجة الى إستعادة ثقة الجمهور من جديد.

النائبة غاليت ديستل اتبريان، مصابة بصدمة المعركة ندمت على خطيئتها بما ساهمت به من مساهمة خاصة لالة السم. وزراء من شاس مثل وزير العمل يوآف بن تسور قالوا لي صراحة ان الانتخابات على الاعتاب.

غير أنه كعلاج سحري للضربة القيت الى الهواء شعارات مبتكرة مثل كلنا “شعب واحد”، “اخوة نحن”، “معا ننتصر” وغيرها. شعارات تضاربت تضاربا مطلقا مع التفريق الذي زرعه نتنياهو. فقد استهدفت استعراض مظهر وحدة زائفة.

رأينا هذا الأسبوع كيف يبدو ويعمل شعار “شعب واحد”، عند هجمة المشاغبين على معسكر سديه تيمان وعلى المحكمة العسكرية في بيت ليد. لو أن عُشر شعارات الوحدة فقط قيلت في حكومة بينيت – لبيد لمعقول الافتراض بان الحكومة كانت ستبقى على حالها حتى الان. غير أن آلة سم متطورة مثل ميري ريغف، لم تعاني آلام بطن حين جاءت لاسقاط حكومة قائمة ولم تتراجع. كما أن دودي إمسلم لم يغلق في حينه فمه، الذي افلت ترهات وتشهيرات وعظم فقط آلة السم.

إذن ما الذي كان لنا في الـ 300 يوم الأخيرة من الحرب؟ نبدأ من النهاية. حتى قبل تفريق الكنيست هذا الأسبوع الى إجازة فضائحة دفع قدما بمشاريع قوانين تعيد بضم زاحف الثورة القضائية.

دودي إمسلم يتطلع لضم سلطة الشركات الحكومية في قانون يغير تركيبة لجنة التعيينات لاجل جعل السلطة ليكوديادا. الى ان يحصل هذا، فان بضع تعيينات أساسية في الاقتصاد عالقة لان حماة الحمى يصدون باجسادهم صناعة الوظائف المعادية.

لهذا ليس لنا بعد مفتش عام، محكمة عليا تؤدي مهامها بدون رئيس منذ اعتزال استر حايوت، منذ نصف سنة لا يوجد مدير سلطة الشركات الحكومية (الذي سيحل مكانة المديرة السابقة التي عزلت)، وتوجد القصة التي لا تنتهي لمؤسسة التأمين الوطني بدون مدير عام منذ سنتين. وقريبا سنبقى أيضا بدون مأمور شؤون الموظفين.

في اطار مشروع البقاء طرحت في الكنيست مشارع قوانين عبثية أخرى: نقل المسؤولية عن سلطة الأراضي لايتمار بن غفير، نقل المسؤولية عن انتخاب مأمور شكاوى القضاة – الى الكنيست، تفضيلات فئوية للقناة 14 وتفضيل إصلاحي للقطاع الحريدي في التعيينات في الخدمة العامة.

بأُسم بقاء الائتلاف فان ميزانية الدولة أيضا شهدت تنكيلا ماليا. الأموال الائتلافية التي وعد بالا بتحول اذا لم تكن تساهم في الجهد الحربي واصلت التدفق مثل المسيرات من حزب الله.

العجز في الميزانية، التي وعدنا الا يجتاز خط الـ 6.6 في المئة اقلع منذ زمن بعيد ما يخلق خطرا في تخفيض التصنيف الائتماني وتخليد الفائدة العالية. اقتصاد إسرائيل صحيح حتى اليوم لا يدار بل يعمل بدوس كامل على دواسة الوقود بينما الغيار في العادم. خطوات الزامية مثل الغاء وزارات حكومة زائدة، لم تتم. ميزانية 2024 تجتاز مخطط “تاما 38″، ووزارات حكومة تضطر لان تنفذ تقليصات تسمى “تقليص غبير”. وماذا عن ميزانية 2025؟ بخلاف الوعود لم تصل بعد لاقرار الحكومة. الكتاب المسجل الذي ارسله هذا الأسبوع المسؤول عن الميزانيات يوغاف غردوس لوزير المالية، وفيه التداعيات الخطيرة لعدم إقرار الميزانية اعيد الى المرسل.

نتنياهو يفعل كل ما في وسعه كي يحيد إجراءات متشددة محتملة في الميزانية. لو كان الامر بيده، لكان سن تشريعا يسمح للحكومة بان تواصل الوجود حتى لو لم تقر الميزانية في الكنيست.

وعندها تذكرت بشوق وعود مكافحة غلاء المعيشة التي اطلقها نتنياهو، حين صل الى محطة الوقود مع فوهة شحن في الجانب غير الصحيح من السيارة. فهذا ليس فقط البنزين بل وأيضا أسعار السكن التي عادت للارتباع ضمن أمور أخرى بسبب سياسة نتنياهو منع وصول عاملي البناء من المناطق.

أسعار الغذاء التي وعد نتنياهو بتخفيضها عندما زار فرع رامي ليفي في القدس ترتفع كل شهر. وتذكرت زيارته قبل ثلاث سنوات، دكان الفلافل في اور عكيفا. ففي الزيارة حصلت معجزة حين سحب بيبي ورقة نقدية من جيبه كي يدفع.

اذا كان سلوك حكومة نتنياهو في شؤون الاقتصاد والمجتمع مقلق، ففي شؤون الامن مخيف حقا. فالحديث يدور عن مصير المخطوفين، كم شهرا إضافيا ستستمر الحرب، ومتى سيعود المخلون الى الشمال. كل هذه ستؤثر على ميزانية الامن. برعاية حكومة نتنياهو ثقل عبء الخدمة على جنود الاحتياط والنظامي.

عن عُشر من كل واحد من هذه البنود بيبي ملزم بان يذهب الى انتخابات بعد 100 يوم من نشوب الحرب وليس 300 يوم. اذا كانت الكنيست خرجت الى إجازة ثلاثة اشهر ولم تقع السماء – فلا يوجد أي سبب يمنع من اجراء انتخابات في هذا الوقت أيضا.

ولكن تمهلوا. يوجد لنا رئيس وزراء يخطب بتفوق في الكونغرس وفي ختام خطابه أسفت حتى الا أكون مواطنا أمريكيا، يحظى بمظلة الدفاع الإسرائيلية. وفضلا عن هذا، كلمات كالرمل ولا يوجد ما يؤكل.

——————————————–

معاريف 1/8/2024،

المشكلة الحقيقية لن يحلها إبداعات الجيش والموساد

بقلم: بن كسبيت

على مدى ست ساعات أول أمس، بين 8 مساء و 2 قبل الفجر، عادت إسرائيل لتكون ما كانت عليه ذات مرة: دولة مع قدرات عليا. استخبارات تحبس الانفاس، قدرة تنفيذ تقزم افلام الاكشن الهوليوودية. ذراع طويلة ومتنوعة، قادرة على العمل في كل مكان على وجه الكرة الأرضية دون أن تنكشف وابداعية بلا حدود.

بعد وقت قصير من ذلك عدنا الى أنفسنا: رغم الطلب الذي لا لبس فيه من “مكتب رئيس الوزراء الى عدم التطرق الى تصفية هنية في طهران، سارع ثلاثة وزراء بان يغردوا تغريدات متبجحة سخيفة وصبيانية، على أمل الإمساك بذل المجد ونيل حفنة اعجابات.

بعامة، قصتنا هي الصراع بين هذين الطرفين. من جهة القوة العظمى الإسرائيلية التكنولوجية، الدقيقة، المهنية، باردة الاعصاب. قوة عظمى 8200 لامة الاستحداث، سلاح الجو الأفضل في العالم، الموساد الأسطوري، القدرة التي لا تنتهي لتنفيذ كل مهمة، مهما كانت حابسة الانفاس.

في الطرف الآخر، إسرائيل الرعاع العنيف، المسيحاني والشاتم، الذي تهجم قبل يوم على قاعدتين للجيش الإسرائيلي، بقيادة نواب لم يخدموا في الجيش نفسه. دولة ميليشيات خاصة وعصابات هامشية عنيفة. هذا الطرف يضم ما اسميناه ذات مرة بتحبب ما “فتيان التلال” الذين اصبحوا زعران الاسيجة. خليط بشري من البصاق، الشتائم، التنمر بعائلات المخطوفين وتمثيل كاذب في شكل “جيش الرب” الذي ينقض على “النخب”.

وبالفعل، ما حدث أول امس في بيروت وفي طهران هو نخبة بل وربما فوق النخبة. ولا، لا اقصد الأصل الطائفي، قدرة نيل الرزق، التعليم او مدى تدين المنفذين. أقصد تميزهم، تصميمهم، شجاعتهم، قدراتهم التي تقوم على أساس الانضباط الشخصي، التعليم العالي، التدريب والتركيز على المهمة.

لطرفة عين عاد أمس “الطيارون” من تعريف “الفوضويين” او “الكابلانيين” لما كانوا عليه دوما: بوليصة تأمين شعب إسرائيل. اميل للتصديق بان حتى رئيس الأركان، شعبة الاستخبارات، الموساد وكل سلسلة القيادة العسكرية الإسرائيلية سيحصلون الان على يوم او يومين من الهدنة في حملة الشتائم والاتهامات البيبية التي يوجهها اليهم رعاع مغسولي العقول، 24 ساعة في اليوم. لكن دعكم القلق، بعد ان يترسب غبار التصفيات، هذا سيعود.

الحرب التي تدور رحاها الان بين الدولتين اللتين وصفتا هنا، واللتين يمكن بالتأكيد تسميتهما إسرائيل ويهودا لم يحسم بعد. لاسفي موازين القوى تميل بالذات لصالح الملثمين الذين اقتحموا قواعد الجيش. من جهة أخرى، اثبت الجيش الإسرائيلي أمس بانه بالفعل قادر على ان بواجه أربع جبهات بالتوازي: غزة، بيروت، طهران وبيت ليد. حاليا على الأقل.

ولاجمال هذا القسم نقول: علامة عالية جدا لكل من شارك في التصفيتين الأخيرتين: المستوى السياسي أي رئيس الوزراء نتنياهو، وزير الدفاع غالنت، المستوى العسكري، أي رئيس الأركان هرتسي هليفي، رئيس شعبة الاستخبارات أهرون حليوة (نعم، هو أيضا يستحق بعض ا لراحة)، وحدة 8200، الموساد، الشباك، طياري سلاح الجو وقائدهم وكل الاف الأشخاص الذين كانوا هناك، على طول وعرض الطريق الخطير للغاية.

بعد ان قلنا كل هذا، بضع ملاحظات:

كل أمل الا يكون نتنياهو يؤمن بان تصفية هنية ستتيح له مواصلة التسويف، التأخير، العرقلة والفقدان للصفقة المنشودة لاعادة المخطوفين الى الديار. انا لست من أولئك الذين يعتقدون بان السنوار سيعدم الان المخطوفين او سينكل بهم. فليس للسنوار ذخر بديل. مشكلته هي نتنياهو.

ان خطة نتنياهو لاقالة غالنت لم تتغير، بل تأجلت فقط. ابلغ عن هذه الخطة منذ أسابيع طويلة. فالزمن لا يهدئها. بل العكس. عودة ولي العهد من ميامي الى القدس، كما أسلفنا.

التصفيات، مهما كانت لامعة لن تغير الحرب نفسها. فزعماء حماس على اجيالهم كفوا بالجملة، بينما واصلت المنظمة الاتساع، واصلت التعزز. في هذه اللحظة حماس في نقطة سفلى تاريخية، قريبة من الانكسار، متحطمة الى النصف، مع او بدون هنية، من السابق لاوانه تأبينها.

ليس واضحا بعد اذا، كيف ومتى سيأتي رد حزب الل وايران (حماس تقلقني اقل حاليا). عملية إسرائيل تتركز بالضبط على التماس، بين ضربة اليمة، مفاجئة وقوية لكن تقريبا بدون ضرر جانبي وخسائر مدنية. المنطق يقول ان حزب الله سيطلق، بما حتى سيزيد الرشقة قليلا لكنه سيحذر من التدهور الى حرب. المشكلة هي ان في محيطنا لا يوجد الكثير من المنطق. في هذه اللحظة ما تبقى هو الاعتماد على الأمريكيين.

النشوى اللحظية التي حلت علينا لا تشوش الصور المخيفة وغير المسبوقة لـ “محاصرة” قاعدتي الجيش الإسرائيلي من قبل مواطنين إسرائيليين، بعضهم ملثمون، بعضهم مسلحون، بريح اسناد صراحة جاءت من جهة “وزير الامن الداخلي”، والمسؤول عنه “رئيس الوزراء”. المقارنة التي اجراها نتنياهو بين اجتياح مسلح لقاعدة عسكرية ومظاهرة احتجاج في كابلان تمثل مرة أخرى صفرية الرجل. فهو يعرف على نحو ممتاز بان الاحتجاج والمظاهرات هي جزء لا يتجزأ وحيوي من كل ديمقراطية. قبل وقت قصير فقط صور أفلاما حماسية دعا فيها مؤيديه للمجيء للتظاهر على الديمقراطية الإسرائيلية (بالهدف السخيف لاقامة لجنة تحقيق رسمية على قضية بيغاسوس). هو يعرف بان الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي الذي قاده كان عديم العنف تماما، بلا أي سلاح، أي من رجاله لم يحلم باقتحام عنيف الى قاعدة عسكرية. هو يعرف كل هذا لكنه يواصل اطعام النمر. حتى بعد أن بات النمر يحك اعقابه ويهدد كل ما اقمناه هنا.

——————————————–

هآرتس 1/8/2024

المغتصبون كانوا يرتدون زي الجيش الاسرائيلي، هذه هي النخبة لدينا!!

بقلم: جدعون ليفي

ايضا لدينا توجد نخبة خاصة بنا. بعد “سديه تيمان” مرة اخرى لن نتمكن من اثارة الدنيا في الحديث عن وحشية وبربرية النخبة لديهم. النخبة لدينا تعمل وهي ترتدي الزي العسكري وباسم الدولة. هي ليست افضل من النخبة الاصلية لأنها تُشغل على يد الاقوى والافضل تجهيزا وتسليحا. يا للعار.

نقطة التقاطع كانت في 7 تشرين الاول، التي تم فيها استعراض بربرية حماس. نساء، شيوخ واطفال، تم اطلاق النار عليهم، قُتلوا أو تم اختطافهم. بعد ذلك الجيش الاسرائيلي قتل عشرات آلاف النساء والشيوخ والاطفال في قطاع غزة، اضعاف ما حدث في 7 تشرين الاول.

ذروة فظائع 7 تشرين الاول كانت في الانباء عن عمليات الاغتصاب. ولكن هذه الاعمال اضافة الى القتل والاختطاف المخيف للابرياء، حددت بربرية النخبة. الانباء عن التحرش الجنسي هزت ربما أكثر من أي شيء آخر. الآن توجد لنا اعمال اغتصاب خاصة بنا.

لا يوجد هنا فقط “اشتباه بالاغتصاب”، ولا يجب ترديد “كما يبدو”. هناك من قام باغتصاب المعتقل الفلسطيني الذي تم نقله الى المستشفى وامعاءه ممزقة. هذا الشخص المجهول فعل ذلك باسم الدولة. المغتصبون كانوا يرتدون الزي العسكري. هم كانوا جنود في جيش الدفاع الاسرائيلي بالضبط مثل قتلة آلاف النساء والاطفال بشكل متعمد أو لا.

المعتقل الفلسطيني لم يفعل ذلك بنفسه، أو أن اصدقاءه المقيدين ومعصوبي العيون هم الذين فعلوا ذلك. الماسورة قام بدسها فيه جنود الجيش الاسرائيلي. هم فعلوا ذلك في منشأة اعتقال للجيش. هم فعلوا ذلك باسم الدولة. هم نخبة ليسوا أقل من النخبة.

النخبة المغتصبة لدينا اصبحت بين عشية وضحاها بطلة في نظر جزء من الاسرائيليين وجزء من اعضاء الكنيست وجزء من الوزراء. مغتصبون ابطال. ابطال على رجال عاجزين. كيف يمكننا الاحتجاج والشكوى من نخبتهم؟.

أنا لا أتذكر أي فلسطيني تفاخر بأعمال الاغتصاب للنخبة. في اسرائيل يوجد الآن جمهور واسع ومهم يتفاخر بهذا الاغتصاب البربري. هم يستحقون ذلك. هم حيوانات بشرية.

يجب الانتباه ايضا الى عاصفة الجمهور والاعلام التي ثارت هنا. اساسها تركز على اقتحام معسكر الاعتقال واقتحام قاعدة. هذه هي البربرية بالنسبة لمعظم الاسرائيليين وليس الاغتصاب الجماعي. هذا تقريبا هو الامر الذي تم نسيانه.

ايضا هذا غير كاف. الآن اصبح بالامكان تحديد بيقين مطلق بأن نخبتهم ستتم معاقبتها بشدة اكبر من الجنود في نخبتنا. حسب معرفتنا فقد مات في سديه تيمان 35 معتقل. هذا نتيجة اعمال النخبة الاسرائيلية. مشكوك فيه أن تتم معاقبة من فعل ذلك اصلا. لا أحد يخطر بباله أن يقرر حكم الاعدام على الاغتصاب على خلفية قومية متطرفة. لا أحد سيحتجزهم وهم مقيدون خلال اشهر كثيرة. لن يتم بتر اطرافهم في اعقاب الغرغرينة. ولن يموت أي أحد في الاعتقال بسبب التعذيب أو بسبب عدم تقديم العلاج. ايضا لن يقوموا بخنقهم بالحفاضات، وبالتأكيد لن يقوموا بتغذيتهم بواسطة الانابيب مثلما حدث في سديه تيمان.

مشكوك فيه ايضا اذا كان المغتصبون الاسرائيليون سيمكثون في المعتقل أكثر من بضعة أيام. اقامة جبرية في البيت اصبحت في الطريق. اثنان تم اطلاق سراحهما. لا أحد يفكر في تسوية مدنهم وقراهم، ولا حتى هدم بيوت عائلاتهم. في هذه الاثناء فقط تزداد الاصوات، بما في ذلك في قيادة الجيش، التي تحتج على التجرؤ على اعتقالهم. كيف تجرأوا؟ هم النخبة لدينا.

المعتقل الذي قام بالاغتصاب كما يبدو لم يكن المعتقل الوحيد الذي تم التعامل معه بهذا الشكل. حتى العدد الكبير من المعتقلين الذين ماتوا في المعتقل، وعدد من مبتوري الاطراف، لا يخبرنا عن القصة الكاملة للشر والسادية في سديه تيمان.

العنف والتعذيب والظروف غير الانسانية مرفقة، حسب معرفتنا، بالعنف الجنسي على انواعه. ذات يوم سنسمع عن ذلك. ايضا عندها لن نخجل، وسنتفهم ونغفر، وربما حتى سنتفاخر. في نهاية المطاف الجيش الاسرائيلي هو الجيش الاكثر اخلاقية في العالم. الجميع في اسرائيل يعرفون ذلك، فقط في اسرائيل.

——————————————–

إسرائيل اليوم 1/8/2024

بعد ضربها “عمق العدو”.. إسرائيل تحطم كفتي الميزان: حجم النار وعدد القتلى

بقلم: تسفيكا حيموفيتش

لأول مرة منذ 7 أكتوبر نجد أنفسنا أمام مفترق حسم وانعطاف استراتيجي: حرب أم تسوية؟ استمرار الاستنزاف لن يستمر بعد تصفية رئيس أركان حزب الله في بيروت وزعيم حماس هنية في طهران. فطبيعة أحداث من هذا الأنواع، لا تسمح بإعادة الدولاب إلى الوراء.

الحدث في مجدل شمس أجبر إسرائيل على كسر المعادلة والرد بشكل يخرق التوازن غير المكتوب الذي صممه الطرفان بمعونة صواريخ وكلمات في الأشهر العشرة الأخيرة. إن اختيار هدف تصفية رقم 2 في حزب الله في (بيروت) ثم تصفية هنية في طهران، فيه نوع من التوازن الحساس: قيمة الهدف، امتناع عن حرب، نقل رسالة واضحة بتغيير المعادلات.

عندما قررت إسرائيل طبيعة الرد (تصفية هنية ليست جزءاً من الرد على مذبحة مجدل شمس) هو جزء من إغلاق الحساب مع قيادة حماس المسؤولة عن أحداث 7 أكتوبر. أما تلاصق التصفيتين فيخدم الغاية العامة؛ فقد قررت إسرائيل ما لا تريده أيضاً، وهذا هو جر المنطقة إلى حرب. هنا قد نجد تماثلاً واضحاً بين الرد الإسرائيلي على ليلة الهجوم الإيراني، وبين تصفية الرجل الثاني في حزب الله في قلب بيروت. في الحالتين، كان الهدف مركزاً في قلب أرض العدو، وفي هذا تماثل ينقل رسالة لا تقام بوزن الذخيرة وعدد القتلى.

من السابق لأوانه القول إذا ما حققت التصفيتان كل أهدافهما؛ فالهدف ليس الرد فقط. في عملية من هذا النوع، يريد المرء ويحتاج التأثير في سلوك الطرف الآخر وتغييره، أو على الأقل خلق ظروف اتسمح بتغيير الواقع. رد حزب الله المنسق مع إيران سيصمم كيف سيكون وجه المعركة. فالتدهور إلى حرب قد يحصل في ضربة دقيقة لمقدر ذي مغزى، بنار نحو وسط البلاد أو عقب نتيجة مأساوية شاذة أخرى. الرد المحدود قد يجلب فرصة لإنهاء الحرب ولتسوية في الشمال. لهذا الغرض، مبات المطلوب زعامة تحدد استراتيجية متعددة الجبهات في نظرة بعيدة المدى.

رد حزب الله آت لا محالة، وكل الإمكانيات مفتوحة، بما في ذلك الحوثيون والميليشيات في العراق أو إيران نفسها. للدفاع الجوي دور مزدوج ومهم في الواقع الحالي. فضلاً عن إحباط واعتراض أي تهديد محتمل، عليه أن يسمح لأصحاب القرار بالتمسك بالاستراتيجية ذاتها، دون إجبارها على الرد بسبب إصابات بالأرواح أو ببنى تحتية حرجة.

في هذه الأيام، علينا أن نتذكر بأن أي أعمال تكتيكية، مهما كانت ناجحة، ربما تضيع هباء دون غاية استراتيجية تعرف كيف تستغلها وتستخلص أقصى ما فيها. قد تكون خلقنا لحظة مناسبة لانعطافة استراتيجية لدرجة تسوية إقليمية وعلى رأسها منحى لتحرير المخطوفين وتعزز التحالف الديني بقيادة الولايات المتحدة.

——————————————–

يديعوت احرونوت 1/8/2024

انجاز تكتيكي، فشل استراتيجي

بقلم: آفي شيلون

التصفيتان الناجحتان المنسوبتان لإسرائيل، في بيروت وفي طهران، يجب أن تدخلا الى سياق الحرب في غزة التي نحيي اليوم فيها 300 يوم على بدئها. عمليا، باستثناء حرب الاستقلال، التي بدأت قبل أن توجد إسرائيل كدولة – فان الحرب الحالية هي أطول حرب نشهدها. بمفاهيم عديدة فان تواصلها هو بحد ذاته فشل إسرائيلي، هذا حتى قبل أن نبحث في أن عشرات الالاف من سكان الشمال لا يزالون يخلون بيوتهم والمخطوفون في غزة لا يزالون هناك. ان تواصل الحرب – الحرب التي تعتبر الأكثر ايلاما وصدمة، حرب يوم الغفران، تواصلت اقل من ثلاثة أسابيع – هو فشل، إذ انه يقف بخلاف مفهوم الامن الإسرائيلي الأساس.

مفهوم الامن صاغه رئيس الوزراء الأول دافيد بن غوريون في 1953، وفي وثيقة من 18 بند. مفهوم الامن لـ “الختيار” كتبت على خلفية استيعاب حقيقة انه حتى لو كانت إسرائيل قوية من ناحية عسكرية، فانها صغيرة بالنسبة لجيرانها واليهود هم اقلية في الشرق الأوسط، ولهذا فهي ملزمة بعقيدة أمن تتوافق مع هذه الشروط. مفهوم الامن تحدث في السنوات التي مرت منذئذ وحتى عهد نتنياهو، ولكن أساسا واحدا مركزيا كان ولا يزال فيها: على إسرائيل أن تسعى الى حرب قصيرة قدر الإمكان وتستند الى الردع، الاخطار والحسم السريع.

ان السعي الى حروب قصيرة ينبع من أن إسرائيل تعتمد على جيش احتياط تجنيده لفترة طويلة من شأنه أن يدفع الاقتصاد الى الانهيار، ولكن الحروب الطويلة تعطي تفوقا للعالم العربي الذي لديه مقدرات أكثر ومستوى معيشة ادنى – مما يتيح لهم استنزاف إسرائيل على مدى الزمن. لقد حاول المصريون العمل بهذا الشكل بعد حرب الأيام الستة، في احداث حدودية اخذت لاحقا اسم “حرب الاستنزاف”. لكن الاحداث كانت بعيدة عن الجبهة الإسرائيلية – الداخلية التي كان يمكنها في حينه ان تدير حياتها كالمعتاد. ام هذه المرة فالوضع مختلف. كل الشعب جبهة، مثلما درج على القول في 1948. سكان الشمال مخلون، وفي غلاف غزة سيستغرق زمنا لترميم البلدات والكيبوتسات. ولهذا ينبغي أن يضاف، بالطبع، المخطوفون الذين يذوون في غزة.

لا شك، بالتالي من أن الحروب القصيرة افضل، لكن يمكن ظاهرا ان يقال ان مقترح بن غوريون ليس حكمة عظيمة، إذ انه توجد أوضاع، مثل الحرب الحالية في غزة، لا يكون لإسرائيل فيها مفر غير المواصلة. غير أن مفهوم الامن الأصلي لإسرائيل استهدف بالضبط أوضاعا مركبة كما هو الحال في أيامنا، وهي تلزم القيادة الحالية باحتساب معطيات الربح والخسارة الناشئة عن السعي الى “النصر المطلق”. بمعنى، حتى لو افترضنا مبدئيا بان تحقيق “النصر المطلق” هو امر جيد، فلا يزال يوجد له ثمن. حرب متواصلة في غزة تأتي على حساب الشمال، تمس بالمكانة سياسية لإسرائيل، تضعف الاقتصاد، تستنزف المواطنين، تعرض المزيد من الجنود لخطر الموت واساسا – ليس واضحا ما هي غايتها الاستراتيجية. وعليه فان وقف الحرب، وبالتأكيد حين تكون حماس تنهار منذ الان وبالذات مصلحتنا.

مشكلة أخرى تكمن في أن الحروب الطويلة هي أيضا عبء نفسي على كل واحد واحد منا. فالاثار النفسية للحياة تحت حرب متواصلة لم تنكشف بكاملها بعد، لكن حتى اقتحام رجال اليمين المتطرف وقواعد الجيش في أعاق معارضتهم للتحقيق مع جنود للاشتباه بتنكيلهم بالمخربين، يمكن أن نفهمه أيضا بالنسبة للمصاعب النفسية للناس للمواجهة على مدى الزمن في ظل تقارير يومية عن الموت والقصص الفظيعة. بمعنى أن الروح تتشوه في مثل هذه الأوضاع.

تاريخيا، الإنجازات الكبرى كانت في حروب قصيرة. حرب سيناء، التي احتلت فيها إسرائيل غزة وسيناء، تواصلت بثمانية أيام. النصر العظيم في الـ 1967 تواصل ستة أيام. حرب يوم الغفران انتهت في غضون 19 يوما. في حرب لبنان الأولى نجح الجيش الإسرائيلي في طرد م.ت.ف من بيروت في غضون اقل من ثلاثة اشهر. والتورط بدأ حين اختارت إسرائيل البقاء في لبنان.

في هذه اللحظة، في ضوء التصفيتين الأخيرتين، من الصعب أن نعرف الى ين نسير.

يجب أن نتذكر بان كل يوم آخر فوق 300 يوم نقاتل فيها في غزة كفيل بان ينتج لنا مخرب مصفى آخر، هكذا كل يوم آخر يشكل خروجا عن مباديء الامن ويضعفنا استراتيجيا.

——————————————–

هآرتس 1/8/2024

عندما ستنتهي الحرب في الخارج ستبدأ الحرب في الداخل

بقلم: يوسي كلاين

نحن دائما على الحافة. دائما على بعد خطوة من شيء. على بعد خطوة من النصر المطلق. على بعد خطوة من صفقة التبادل. على بعد خطوة من الحياة السعيدة. على بعد خطوة من ثورة البركان الذي نجلس فوقه. نحن نعرف أنه سيثور ولكننا نأمل عدم حدوث ذلك في عهدنا. كيف نعيش فوق بركان؟ بالاقصاء والانكار. هاكم. نحن ننفي وبشدة احتمالية أنه بعد انتهاء الحرب في الخارج ستبدأ الحرب في الداخل.

من غير المريح الانتقال من حرب وجودية الى حرب بقاء. لذلك، يتم اقصاء هذه الاحتمالية. المقدمة ستكون الفوضى، اعضاء كنيست سيثيرون الشغب، رجال الشرطة سيضربون، الجمهور سيهتاج. تم الاعلان عن الحرب الاهلية في كانون الثاني 2023 (مع الانقلاب النظامي). منذ ذلك الحين نتنياهو هو رئيس حكومة القاعدة (التي تسمى “الشعب”)، وليس الجميع. نتنياهو بحاجة الى حرب، أي حرب، في الداخل أو في الخارج. الحكم هو هدفه الاستراتيجي. الحرب ستحافظ عليه هناك. الحرب ستؤجل لجنة التحقيق والانتخابات ومحاكمة الرشوة وخيانة الأمانة.

هو يريد الحرب، والديمقراطية المشوهة لدينا تسمح له بذلك. رغبة نتنياهو وبن غفير في الحكم أقوى من الالتزام بالديمقراطية. الشعب الى جانبهم لأنه ليس لديه أي فكرة عن ماهية الديمقراطية. لم يعلموه في أي يوم. هو لا يعرف أن الاحتجاج غير العنيف هو أمر قانوني، أما اقتحام قاعدة عسكرية ليس أمر قانوني. الديمقراطية بالنسبة له ترتكز الى كلمتين “الاغلبية تقرر”. هو الاغلبية مع المستوطنين الذين يحتقرونه، والمتدينين القوميين الذين يمنعون بناتهم من التعلم لديهم.

الشعب مع نتنياهو، لأن الشعب معجب بمن لا يخاف (مثل أي شخص عادي)، من أن يكذب، أو يتلقى رشوة أو يناقض نفسه مرتين في اليوم. لذلك، هو يوفر له 20 مقعد وأكثر. حتى لو كان هناك مخطوفون ومخلون وآلاف القتلى مسجلين على اسمه. الانتخابات ليست حسب الأداء، سيقول الشعب، الانتخابات حسب القادة. الزعيم سيواصل التدمير، هو سيذهب من المؤسسي الى الخاص. في البداية سيمس باستقلالية المحاكم، بعد ذلك حرية الاعلام ومن ثم حرية الفرد. ستكون حرب. لا توجد لدينا أي ادوات لمنع تدهور المواجهة اللفظية الى مواجهة جسدية.

هذه لن تكون مواجهة متساوية من حيث القوة. يوجد الكثير من الشعب والقليل من الاشخاص. الشعب يريد احراق بيروت وتمزيق طهران، وهو يتهم الجميع بالتشويش على هذه العملية. يمكن تفهمه. فالشعب تمت تربيته على الايمان بأن الحرب هي التي تحل كل مشكلة، وأنه لا يوجد أي حل بدونها. بدلا من الرياضيات واللغة الانجليزية أدخلوا الى رأسه التفاخر القومي المتطرف والوطنية الصهيونية. لذلك، الدولة قوية وغنية وهو فقير وضعيف. هذا جيد، لأن الضعف يزيد الاعتماد ويعزز الانضباط.

التعليم السيء والتشغيل البائس والسكن السيء، كل ذلك حول الشعب الى غبي يمكن استغلاله وبيعه شعارات وكأنها حقائق، وحوله الى من يضع العصا في شرج الحمساوي ويقتل هنية دون التفكير بالمخطوفين في غزة (الذين هم موجودون في قلبه دائما!).

نتنياهو يعرف كيفية استغلال غضب الشعب بسبب وضعه الشخصي وعدم قدرته على تعزية نفسه بانجاز وطني. هو ايضا سيشير الى الجناة: المحاكم ووسائل الاعلام.

في الحرب الاهلية التي نبعد خطوة عنها هو سيكون رجل الكوماندو للمهمات القذرة. سيرسلونه كي يدوس على المتظاهرين ويشتم المخطوفين. من الواضح أن من قام بارساله سيتحفظ منه. من الواضح أنه سيقوم بادانته، وسيقول “هذا ليس نهجنا”. ولكن من الواضح ايضا أنه سيغمز لأن كل شيء هراءات.

الشعب ضعيف وفقير وما زال مخيف. مخيف لأنه ما زال الاغلبية. منه سيخرج وزير الدفاع ووزير التعليم القادمين. ايضا رؤساء الشباك والموساد يخافان منه. هم يختبئون وراء “شخصيات رفيعة في المفاوضات”، وينشرون بأنه امام انظارهم نتنياهو يقوم بتعويق الصفقة. وما الذي يفعلون هم؟ لا يصرخون ولا يقدمون استقالاتهم. ايضا ايديهم ملطخة بدماء المخطوفين.

بعد مرور خمس سنوات سيعترفون بالحقيقة. لقد كنا ارانب بائسة. العفو.

——————————————–

هآرتس 1/8/2024

الاغتيالات لن تعيدهم

بقلم: أسرة التحرير

رغم نجاح الاغتيالات بحق مسؤولين كبار في حزب الله وفي حماس، فإن السبيل لتحرير الـ115 مخطوفا والمحتجزين لدى حماس في قطاع غزة منذ 300 يوم، ونحو نصفهم فقط على قيد الحياة، هو من خلال صفقة. هذا أيضا هو موقف الجيش وكبار رجالات أذرع الأمن. ما كان صحيحا من أول يوم للحرب صحيح أيضا بعد نحو عشرة شهور من القتال: الضغط العسكري لا يدفع قدما بتحرير المخطوفين. كل يوم يمر يعرض حياتهم للخطر. والدليل، الهبوط في عدد المخطوفين الأحياء.

اضافة اعلان

إن اغتيال مسؤول حزب الله الكبير فؤاد شكر في بيروت وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران (عملية لم تتحمل إسرائيل المسؤولية الرسمية عنها)، يعيد للجيش الإسرائيلي وللاستخبارات الإسرائيلية مكانتهما الضائعة التي ضاعت في 7 أكتوبر. فالأعمال تشهد على قدرات تخطيط، معلومات استخبارتية دقيقة وقدرة تنفيذية.

لكن حتى بدون الاعتماد على احتمال التصعيد الإقليمي – وهو خطر لا يمكن الاستخفاف به، ولا سيما ليس عندما تكون إسرائيل تقودها حكومة يمين متطرفة سائبة وخطيرة، فإن الاغتيالات لكبار المسؤولين من شأنها أن تعرقل إعادة المخطوفين وتحبط الصفقة لإعادتهم. من الصعب التقدير إذا كان اغتيال هنية سيتسبب بتفجير الاتصالات، لكن عائلات المخطوفين وكل من مصير المخطوفين أمام عينيه يسألون سؤالا لا يمكن تجاهله: سؤال التوقيت. وبخاصة اغتيال هنية الذي ينتمي لحماس التي تحتجز المخطوفين.

شارون ليفشتس، ابنة عوديد ليفشتس المحتجز في أسر حماس، عبرت عن مشاعر يشعر بها الكثيرون من بين العائلات وبعامة حين قالت: “في كل لحظة توجد إمكانية لصفقة شيء ما يحصل، هذا يظهر أن لإسرائيل الكثير من القدرات، لكن السؤال لماذا الآن بالذات؟. توجد هنا محاولة مركزة من سيد التسيب، الذي يقف على رأس الحكومة، كي لا يسمح للصفقة بالخروج إلى حيز التنفيذ. ليفشتس التي عادت منذ وقت قصير من زيارة إلى قطر، أضافت وقالت إن “في الدوحة أيضا الأصوات واضحة جدا. الزمن للصفقة هو الآن”.

مع كل الاحترام للاغتيالات، لا يوجد إلا مخرج واحد من العقدة: وقف نار وصفقة. على إسرائيل أن تدفع بجدية قدما بصفقة مخطوفين، في ظل التعاون مع الولايات المتحدة، في إطار المنحى العام للرئيس الأميركي جو بايدن. منحى يربط الصفقة ونهاية الحرب بحلف دفاع وتطبيع مع السعودية وكذا عودة إلى مسار المفاوضات السياسية بالنسبة لحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وزير الدفاع، يوآف غالنت، يقول إن وجهة دولة إسرائيل ليست للحرب. في عدة مناسبات أعرب غالنت عن التزام بإعادة المخطوفين وأيد الصفقة. وعليه أن يصر على ذلك في أنٍ واحد، قبل لحظة من فوات الأوان – هذا هو الزمن للصفقة.

——————————————–

“والاه”: إدارة بايدن قلقة من أن يلحق اغتيال هنية الضرر بالمفاوضات مع حماس

بقلم: باراك ديفيد

هناك قلق أميركي بالغ من أن يقتل اغتيال إسماعيل هنية المفاوضات حول صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار، ويزيد خطر نشوب حرب إقليمية.

صحيفة “والاه” الإسرائيلية تنشر مقالاً لمراسل ومحلل الشؤون الدبلوماسية لديها باراك ديفيد، يتحدث فيه عن تأثير اغتيال إسماعيل هنية في سير المفاوضات بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، وعن اغتيال هنية وفؤاد شكر الذي قد يؤدي إلى حرب إقليمية.

قال ثلاثة مسؤولين أميركيين كبار إنّ إدارة بايدن تشعر بقلق عميق من أن يتسبب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بإلحاق ضرر بالمفاوضات حول صفقة الأسرى ووقف إطلاق نار في غزّة ويزيد خطر نشوب حرب إقليمية.

استندت إدارة بايدن في استراتيجيتها بشأن اليوم التالي للحرب إلى التوصل إلى اتفاق لتحرير الأسرى ووقف إطلاق نار. ويرى الرئيس بايدن، الذي يشارك شخصياً في هذه الجهود، أنّ هذا جزء من إرثه. وكان هنية المحاور الرئيسي مع الوسطاء القطريين والمصريين في التفاوض على الصفقة.

لكن “إسرائيل” اغتالت هنية مساء الثلاثاء عندما كان نائماً في مقر إقامة رسمي للحكومة الإيرانية في طهران. وقال نائبه، خليل الحية، إنّ صاروخاً أصاب غرفة نومه فأرداه قتيلاً.

واتهمت حركة حماس والحكومة الإيرانية “إسرائيل” باغتيال هنية، وأكدتا أنّهما ستنتقمان لمقتله. ورفض مكتب رئيس الوزراء ووزارة الأمن التعليق. ويقول مسؤولون أميركيون إنّ “إسرائيل” كانت بالفعل وراء الاغتيال.

وأعرب رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهو وسيط رئيسي في المفاوضات غير المباشرة بين “إسرائيل” وحماس، عن قلقه بشأن مستقبل الصفقة. وكتب في حسابه في منصة “إكس” إنّ “الاغتيالات السياسية مع استمرار المحادثات تقودنا إلى أن نتساءل: كيف يمكن للوساطة أن تنجح عندما يغتال أحد الجانبين رئيس فريق التفاوض في الجانب الآخر”.

بعد ذلك بوقت قصير، اتصل وزير الخارجية بلينكن برئيس الوزراء القطري، و”شدد على أهمية مواصلة العمل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار وتحرير المخطوفين في غزة”، بحسب المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر في بيان. وأضاف ميلر أنّ بلينكن أبلغ نظيره القطري بأنّ الولايات المتحدة ستواصل العمل للتوصل إلى صفقة.

وتحدّث وزير الأمن يوآف غالانت مع وزير الدفاع الأميركي أوستن أمس الأربعاء، وأبلغه أنّ “إسرائيل” لا تزال مهتمة بالتوصل إلى صفقة لتحرير الأسرى.

وقال لي مسؤول أميركي إنّ هناك قلقاً بالغاً من أن يقتل اغتيال هنية أيضاً المفاوضات حول صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار. كما قدّر مسؤولان إسرائيليان كبيران مطلعان على تفاصيل المفاوضات أنّ اغتيال هنية سيؤدي إلى تجميد المفاوضات في المدى المباشر.

كذلك، يشعر كبار المسؤولين في إدارة بايدن بالقلق من أن يجعل الاغتيال في طهران من الصعب للغاية وقف التدهور إلى حرب إقليمية.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي في الأيام الأخيرة إنّ سيناريو الحرب الشاملة بين “إسرائيل” وحزب الله مبالغ فيه، لكن الاغتيال في طهران خلق وضعاً أكثر خطورة مع إمكانية أكبر للتصعيد، كما قال مسؤول أميركي كبير.

ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من أن يسبب اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر في بيروت إلى جانب اغتيال هنية في طهران ضغطاً على إيران وحزب الله والحركات الأخرى الموالية لإيران للرد بشكل أقسى بكثير مما خططوا له في الأصل.

——————انتهت النشرة—————-