الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
عن “N12” 21/11/2024
يتعين على إسرائيل أن تثبت لترامب أنها “مكسب أميركي”
بقلم: مئير بن شابات
لن يتسلم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ولايته إلّا بتاريخ 20/1/2024، لكن انتخابه ترك أثره منذ الآن في سلوك اللاعبين في الساحتين الإقليمية والدولية.
تنطوي التعيينات المرتقبة في إدارة ترامب الجديدة على رسائل إيجابية لكل مَن يرى في إيران تهديداً للسلام والاستقرار العالمي، ولمن يراها “مصدر الشرور” في الشرق الأوسط. تشير هذه التعيينات إلى نية الإدارة الجديدة تبنّي نهج واقعي في مواجهة التحديات الخارجية للولايات المتحدة، وبصورة خاصة تجاه النظام في طهران وأذرعه، من خلال سياسة استباقية وحازمة تعتمد على المصالح والقوة. هذه التعيينات هي أيضاً رسالة واضحة لأعداء إسرائيل.
أعلن ترامب في خطاب فوزه، قائلاً: “لن أشنّ الحروب، بل سأعمل على إنهائها”. وخلال إلقائه خطابه، كانت قيمة الريال الإيراني تتراجع إلى مستويات غير مسبوقة، وهو ما يعكس قلق الأسواق والتوقعات المتشائمة بشأن إيران.
كان من المفترض أن تجلب الإشارات الصادرة عن ترامب بشأن رغبته في إنهاء الحرب، قبل حفل تنصيبه في 20 كانون الثاني، ارتياحاً لدى قيادات “حماس” و”حزب الله”، إذ إنهما يتمنيان زيادة الضغوط على إسرائيل في هذا الشأن. ومع ذلك، يبدو أن تلك الإشارات أثارت قلقهم، بدلاً من ذلك. فهم يدركون أن طموح الرئيس المنتخب لا ينفصل عن الوضع النهائي الذي يسعى لتحقيقه.
وعلى الرغم من أن ترامب لم يوضح، حتى الآن، رؤيته في هذا الشأن، علناً على الأقل، فإن موقفه الحازم تجاه إيران وأذرعها والتزامه تجاه إسرائيل ودول المحور المناهض لإيران، ونظرته إلى المؤسسات الدولية والمفاهيم السائدة فيها، ونهجه العملي الساعي لتحقيق نتائج واضحة، كلها أسباب كافية لإثارة القلق في طهران وبيروت وصنعاء وغزة.
ترامب يريد إسرائيل قوية
وبقدر ما تحمل هذه المقاربة فرصة كبيرة للحكومة الإسرائيلية، فإنها تنطوي على تحدٍّ كبير، إذ ستحتاج إسرائيل إلى أن تُظهر للإدارة القادمة أن الشراكة معها ليست مجرد تحقيقٍ لالتزام أخلاقي بين حليفين يشتركان في أيديولوجيا وقيم متشابهة، بل هي أيضاً استثمار مُجدٍ للولايات المتحدة.
سيتعين على إسرائيل أن تثبت أنها مكسب أميركي من النواحي الأمنية والتكنولوجية والاقتصادية.
كذلك، سيتعين على إسرائيل إثبات نفسها بصفتها قادرة على الدفاع عن نفسها، وأن تقود تحالف الدول المعتدلة ضد إيران والإسلام الراديكالي، وأن تكون لاعباً رئيسياً في تطوير الاقتصاد والتكنولوجيا في المنطقة، بالإضافة إلى إسهامها في تعزيز المصالح الأميركية في الإقليم وفي العالم. إن وجود إسرائيل قوية ومنتصرة، لا تابعة ومترددة، هو الهدف الذي ينبغي أن نسعى له، بصرف النظر عن هوية الرئيس في البيت الأبيض. وهذا الهدف يتماشى تماماً مع تطلعات ترامب إلى رؤية إسرائيل، باعتبارها ركيزة أساسية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
إن التعافي العسكري السريع لإسرائيل من هجوم 7 تشرين الأول، والجرأة التي أظهرتها في مواجهة كلٍّ من إيران و”حزب الله”، والإنجازات التي حققتها في كلٍّ من جبهات القتال السبع، يمكن أن تعزز ثقة ترامب بقدرتها على تحقيق ذلك، وأيضاً منحه الثقة اللازمة لدعمها.
وجّهت إسرائيل ضربات قاسية إلى حركة حماس في غزة، و”حزب الله” في لبنان. ووجّهت أيضاً ضربة موجعة إلى الحوثيين في اليمن، ووضعت إيران على مسار مواجهة مباشرة كانت تسعى لتجنّبها. ثم أثبتت أن طهران عاجزة عن إنقاذ قواتها الوكيلة من قبضة إسرائيل، وأظهرت أن إيران مخترقة من طرفها.
ومع ما تقدّم، فإن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق جميع أهدافها بعد. فـ”حزب الله” لا يزال قادراً على إدامة نمط إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة إلى العمق الإسرائيلي ومدن الشمال، بالإضافة إلى البلدات القريبة من الحدود. وكذلك، فإن عناصر الحزب قادرون على تكبيد قوات الجيش الإسرائيلي خسائر في مناطق الاشتباك في لبنان. أمّا في غزة، فتواصل حركة حماس مناوشة القوات الإسرائيلية، وهي قادرة على الحفاظ على مكانتها من خلال سيطرتها على المساعدات الإنسانية، في حين لا تزال قيادة الحركة متمسكة بمطالبها بشأن الأسرى. والتنظيمان قادران على التعافي من الضربات التي تلقياها، وفي وقت أقصر مما يُعتقد عادةً، بفضل قدراتهما المتبقية، والدعم الخارجي المضمون لهما، والعناصر الميدانية والمناصرين الكثيرين الذين ما زالوا على ولائهم، والعوامل التي يسعون لإدماجها في أيّ تسوية مستقبلية.
التخلص من أعباء بايدن
إلى جانب عرفاننا نتيجة الدعم والمساعدات الكبيرة التي قدمها الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، وإدارته، لا يمكننا تجاهُل الضغوط التي رافقت ذلك. فعندما تطلب الولايات المتحدة خفض شدة القتال وتقديم مساعدات إغاثية، يصل جزء كبير منها إلى حركة حماس، ويُستخدم لدعم مقاتليها وتعزيز سلطتها على السكان، فإنها تُطيل أمد الحرب، وتزيد في الأخطار التي تهدد قوات الجيش الإسرائيلي، وتُبعد احتمالات التوصل إلى اتفاق، وتُفاقم المعاناة. عندما تُمارس الضغوط على إسرائيل للسماح بتوفير الغذاء والكهرباء والوقود، وحتى الإنترنت، فإن ذلك يُرسل رسالة إلى “حماس”، مفادها: “يمكنكم مواصلة القتال ضد إسرائيل، وسنضمن لكم الدعم اللوجستي”.
لكي تتمكن إسرائيل من إتمام مهماتها في غزة بسرعة، فإن الخطوة الأولى الضرورية تتمثل في إزالة الأعباء التي وضعتها واشنطن على كاهلها. والأمر يتعلق بشدة القتال، وبكمية وطريقة توزيع المساعدات الإنسانية، ونقل جميع السكان إلى مناطق آمنة في أنحاء القطاع. سيواصل الجيش الإسرائيلي تنفيذ هذه المهمات، وفقاً لمتطلبات القانون الدولي. هذه الاستراتيجيا ستتيح معالجة أكثر شموليةً وسرعةً لقدرات “حماس” المتبقية، وستنتزع منها السيطرة على الموارد الحيوية للسكان، وستزيد في الضغط على قادتها لدفعهم نحو اتفاق. وهذه هي أيضاً القاعدة لأيّ نقاش بشأن “اليوم التالي”.
إلى جانب ذلك، يجب زيادة الضغوط على قيادة “حماس” المقيمة بقطر. إذ ما زال غير واضح مصير التهديدات التي تتحدث عن طرد كبار قادة “حماس” الذين يستضيفهم هذا البلد. لا ينبغي التراجع عن هذا الملف. وأن اتخاذ إجراءات صارمة تجاه هذه المجموعة قد يخدم هدفين مهمّين: الأول: إضعاف قيادة الحركة التي تقوم بتوجيه وتنسيق نشاطاتها، وتسعى لإعادة بنائها، والثاني: تعزيز جهود التوصل إلى صفقة بشأن الإفراج عن الأسرى.
على إسرائيل التحرك بسرعة وحزم لإعادة ترسيم الواقع على الحدود الشمالية. لقد آن أوان تدفيع لبنان الثمن. وفي موازاة العمليات البرية في الجنوب اللبناني، من المناسب توسيع دائرة الاستهداف لتشمل بيروت، وتعطيل نشاط مطارها، ودراسة فرض حصار بحري على لبنان، من أجل رفع منسوب النقمة الداخلية على “حزب الله”.
يتمثل التحدي الأساسي، قبل كل شيء، في مواجهة إيران. إن تودُّد إدارة بايدن للإيرانيين زاد في جرأتهم، وأضعفَ موقف الولايات المتحدة في الإقليم بأسره. وفي طهران، تُفسَّر هذه السياسة بأنها علامة ضُعف، وضمانة لعدم استخدام القوة ضدها. وبذا، يمكننا القول، إن الضعف يستدعي الشر.
إيران ليست مشكلة لإسرائيل فقط، ولا حتى للإقليم وحده، فهي تمثل تهديداً للسلام والاستقرار في العالم، والهجمات الصاروخية التي استهدفت إسرائيل تقدم دليلاً على ذلك. لا يتطلب الأمر خيالاً واسعاً ليفهم المرء شكل التهديد الذي قد ينشأ نتيجة دمج التكنولوجيا الصاروخية الإيرانية الحديثة في أسلحة نووية. لقد اكتشف العالم خطر نظام طهران أيضاً من خلال دعم هذا النظام للحرب الروسية في أوكرانيا، وتشغيل شبكات الوكلاء ونشر الأسلحة الإيرانية، في نموذج يوفر الكثير، وبتكاليف منخفضة. على الولايات المتحدة قيادة المعركة ضد إيران بالتعاون مع حلفائها. ليس فقط في الجوانب المتعلقة بالبرنامج النووي، بل أيضاً في قضايا انتشار الأسلحة، وإشعال الجبهات، وتحريك “الإرهاب”. لقد آن الأوان لتدمير النموذج الإيراني الذي يُعفي المرسل من المسؤولية عن أفعال المُرسل إليه.
إن مكافحة برامج طهران هي أمر لا يحتمل التأجيل، في حين لم تتمكن الجهود الدبلوماسية من لجمها. هناك حاجة إلى معركة أوسع وأعمق، تدمج الجهد السياسي في العسكري والاقتصادي، بقيادة الولايات المتحدة. وفي مثل هذه الحالة، فإن إسرائيل ستقوم بدورها على أكمل وجه.
——————————————–
هآرتس 21/11/2024
من الذي قتل الدكتور البرش؟ نحن لن نعرف ذلك الى الأبد
بقلم: جدعون ليفي
الدكتور عدنان البرش كان مدير قسم الجراحة في مستشفى الشفاء. وهو شخص كريزماتي، وسيم، اكثر من ظهوره في الشبكات الاجتماعية، تم توثيق عمله في ظروف صعبة جدا، بدون كهرباء أو دواء أو مواد تخدير، وأحيانا بدون أسرة. ذات مرة تم توثيقه وهو يحفر بالمجرفة قبر جماعي للموتى في ساحة المستشفى، بعد أن امتلأت الثلاجات بسبب عدد الجثث الكبير. هو كان بطل محلي في حياته، وبطل دولي في موته. منذ بداية الحرب، قالت زوجته ياسمين، تقريبا لم يأت الى البيت. في الاشهر التي مرت اضطر الى الهرب مع طاقمه من ثلاث مستشفيات قام الجيش بتدميرها في اطار حرصه المعروف على تطبيق القانون الدولي.
في كانون الاول تم اعتقال البرش على يد الجيش في مستشفى “العودة” في جباليا. وقد طلب منه الخروج الى الساحة حيث تم اختطافه. في الاشهر التي اعقبت ذلك مر كما هو معروف بتعذيب صعب في منشآت التحقيق التابعة للشباك، بعد ذلك في سديه تيمان وفي سجن عوفر، وهناك توفي في 19 نيسان. “بصعوبة تعرفنا عليه”، قال احد الاطباء الذين شاهدوه في منشأة الاعتقال. “كان من الواضح أنه مر بجهنم بسبب التعذيب. هذا لم يكن الشخص الذي عرفناه، بل ظله”. البرش الذي حافظ على لياقته البدنية وكان يسبح كثيرا اصبح ميت – حي. هو كان متخصص في جراحة العظام، تعلم في الاردن وفي بريطانيا، الحياة كان يمكن أن تبتسم له في مكان آخر.
موت البرش في السجن مر باستخفاف متميز في اسرائيل (تامر نفار كتب عنه رثاء جميل في “هآرتس”، وأنا ايضا كتبت عنه)، حيث تم تنصل السلطات من المسؤولية عن موته. مصلحة السجون التابعة لبن غفير قالت بأنها “لا تتعامل مع المقاتلين غير القانونيين” – فجأة مقاتلون. فجأة لا تتعامل. وفي الجيش الاسرائيلي قالوا إنه عند موته لم يكن تحت مسؤولية الجيش. العشرات من المعتقلين ماتوا في السنة الاخيرة في السجون الاسرائيلية، ومثلما في اسوأ السجون في العالم فان هذا ليس موضوعا في النضال على الديمقراطية في اسرائيل. مئات الاطباء والممرضين قتلوا في غزة، وهذا لا يهم حتى نقابة الاطباء، يا للعار.
لكن البرش أصبح طبيب اشباح، الذي شخصيته وحياته وموته لا تتوقف. في الاسبوع الماضي طفت شخصيته وظهرت في مقال تحقيق لجون سباركس في “سكاي نيوز”، في الوقت الذي كانت فيه ايلانا ديان تهمس في أذن كرستيان امنفور في الـ “سي.ان.ان”: “نحن لا نغطي بما فيه الكفاية معاناة الناس في غزة”. وتنتقل لنشر تقرير بطولي آخر عن المزيد من ابطال الجيش الاسرائيلي، في التلفزيون الذي تمثله لن تشاهدوا أي شيء عن غزة. “المشاهدون لا يهتمون بالمشاهدة”، شرح هذا الاسبوع في مؤتمر أحد رؤساء القناة الثانية للراديو والتلفزيون، وهو يعرض تعريف جديد للصحافة، “برنانج شعبي حسب الطلب”.
لكن في العالم الذي توجد فيه وسائل اتصال اخرى لم ينسوا البرش. تقرير “سكاي نيوز” كشف أنه تم رميه في ساحة سجن عوفر وهو مصاب في كل جسده وعار في الجزء السفلي. فرنشيسكا البانزا، المقررة الخاصة بلسان الامم المتحدة في موضوع حقوق الانسان في المناطق الفلسطينية المحتلة، طرحت احتمالية أنه مر بتحرشات جنسية قبل موته، على خلفية التقرير الذي جاء فيه بأن جثته وجدت نصف عارية.
من الذي قتل البرش وكيف؟ نحن لن نعرف ذلك الى الأبد. في المقابل، مرة اخرى عرفنا الى أي درجة غير اخلاقية هو قلق اسرائيل الانتقائي على حياة الانسان. المجتمع، الذي جزء منه على الاقل مصاب بالصدمة على مصير المخطوفين، ويخاف على مصيرهم طوال الوقت، ويقيم الدنيا ويعلق اللافتات، هو نفس المجتمع الذي لا يهمه مصير الآخرين، الذين مصيرهم الوحشي تقرر على يد أبناء شعبهم. هذا النفاق لا يمكن تبريره. لا توجد أي طريقة للجسر بين صدمة اسرائيل العميقة من موت المخطوفين في أسر حماس وبين اللامبالاة ازاء موت البرش، المخطوف من قبل اسرائيل. لا توجد طريقة للتوفيق بين هذه التناقضات إلا بطريقة واحدة: ضمير اسرائيل تم تشويهه بشكل لا يمكن اصلاحه.
——————————————–
هآرتس 21/11/2024
لو تم التوقيع على الاتفاق ستبقى قضايا كثيرة عالقة بين اسرائيل ولبنان
بقلم: تسفي برئيل
مفهوم “يدعو الى التفاؤل” هو مفهوم مضلل بدرجة لا تقل عن مصطلحات مثل “مثمرة” و”ايجابية” و”تقدم كبير”. هذه المصطلحات تستخدم مؤخرا كغطاء لمحادثات المبعوث الامريكي عاموس هوخشتين التي اجراها في لبنان. مفهوم “يدعو الى التفاؤل” دلائل غير مشجعة، بعد أن ارتبط بالجهود الامريكية للتوصل الى اتفاق حول اطلاق سراح الرهائن. كما أنه رافق ايضا الـ 12 رحلة جوية التي قام بها هوخشتين في الاشهر الاخيرة في لبنان واسرائيل والتي انتهت بدون أي نتائج.
لكن بعد ملاحظة التحذير هذه فان الاتفاق الآخذ في التبلور بين اسرائيل ولبنان، والذي يجب أن يكون عنوانه المناسب “اتفاق بين حزب الله (وايران) واسرائيل”، يوفر ذريعة للتفاؤل. وحسب تقارير لبنانية تستند الى جهات رفيعة وقادة مشاركين في العملية فان معظم بنود الاتفاق تم استكمالها. وتم ايضا تهذيب صياغة بعض القضايا الاساسية بعد أن ارسل حزب الله رده الى المسؤول عن المفاوضات من قبله، رئيس البرلمان نبيه بري. أحدها هو موافقة لبنان على أن تكون بريطانيا عضوة في لجنة الرقابة الدولية على الاتفاق.
الولايات المتحدة وافقت على ضمان أن تنفذ اسرائيل الاتفاق، ومسألة “حق الدفاع عن النفس” لاسرائيل ستحلها صيغة ضبابية تنص على أن كل طرف يحق له الاحتفاظ بهذا الحق. من غير المعروف اذا كانت اسرائيل ستوافق على كل هذه التعديلات. وحسب مصدر اسرائيلي يشارك في الاتصالات فان “التفكير بأنه يمكن في هذا الاتفاق تقديم جواب واضح على كل حالة خرق هو أمر واقعي. التطلع هو التوصل الى “قاموس خرق” متفق عليه سيتم استخدامه كدليل للجنة الرقابة التي يجب عليها اعطاء الموافقة على كل عملية اسرائيلية في كل مرة يتم اعتبارها من قبل الطرفين خرق”.
حتى لو تم الاتفاق بين الطرفين على “قاموس الخرق” الذي بحسبه سيتم تحديد حق اسرائيل في الرد، إلا أنه سيبقى هناك عدد غير قليل من الامور العالقة. مثلا، ماذا سيكون الاجراء الذي يجب على اسرائيل أن تمر به من اجل الحصول على الاذن للرد؟ لبنان يطالب بأن أي ادعاء بالخرق ستتم مناقشته في لجنة الرقابة، وفقط اذا لم تنجح الحكومة اللبنانية أو الجيش اللبناني في وقف هذا الخرق فسيتم اتخاذ رد آخر (اسرائيلي). في كل الحالات، بالنسبة للبنان اسرائيل لن يسمح لها مسبقا بالهجوم بسبب خرق يلوح في الافق. حسب ادعاءات اسرائيل فان هذا الاجراء لا يقدم أي رد على “خروقات ساخنة”، منها اختراق سريع في جنوب لبنان لخلية تحمل صواريخ أو محاولة اطلاق صواريخ في مواقع في جنوب لبنان.
اسرائيل تطمح الى حرية عمل واسعة مثلما هي الحال في سوريا، أو على الاقل حرية من النوع الذي يميز نشاطاتها في المناطق أ للسلطة الفلسطينية، التي اصبحت منذ فترة طويلة مناطق ج في كل ما يتعلق بالنشاطات العسكرية. اسرائيل تقول إن حقها في الدفاع لا يقل عن حق دول اخرى التي تستخدم القوة العسكرية في اراضي دول سيادية بذريعة الدفاع عن أمنها. تركيا لم تحتل فقط مناطق في سوريا، بل هي تقوم بقصف مواقع القوات الكردية في سوريا والعراق؛ الولايات المتحدة ايضا لا تعمل فقط ضد داعش في العراق وفي سوريا، بل ايضا ضد المليشيات المؤيدة لايران والتي تقوم بمهاجمة اهداف امريكية.
الجيش اللبناني الذي سينتشر على طول الحدود وجنوب نهر الليطاني يمكن أن يحبط أي خرق، لا سيما الذي لا يحتاج الى تمركز عميق لحزب الله. ولكن هذا الجيش حتى الآن غير مؤهل بما فيه الكفاية لمواجهة تحدي تنفيذ الاتفاق. في اللقاء بين قائد الجيش الاسرائيلي جوزيف عون وهوخشتين عرض عون طلبات كثيرة تشمل السلاح والمعدات العسكرية الاخرى. وحسب قوله فان الجيش سيجد صعوبة في تنفيذ المهمة بدون هذه المعدات. وحسب البرنامج الذي صادقت عليه حكومة لبنان قبل ثلاثة اشهر فان الجيش يمكن أن يزداد بستة آلاف جندي، لكن حتى الآن اعطيت مصادقة على الميزانية فقط لتجنيد 1500 جندي فقط. استكمال التجنيد سيحتاج الى الكثير من الاموال التي لا توجد في خزينة الدولة، ويحتاج الى أن يأتي من الهبات، بالاساس من امريكا وفرنسا. الولايات المتحدة تطلب ايضا أن تنشيء حكومة لبنان قواعد عسكرية ثابتة في جنوب لبنان، وهذا الامر ايضا لم يتم تحديد ميزانية له.
في لبنان توجد حكومة مؤقتة صلاحياتها محدودة. والمصادقة على الاتفاق تحتاج الى مصادقة البرلمان. على فرض أن البرلمان سيصادق على الاتفاق فان أي قرار للحكومة – بما في ذلك تجنيد جنود وتدريبهم – يمكن أن يصطدم بلغم سياسي يؤخر تنفيذ الاتفاق، خاصة ازاء حقيقة أنه في الحكومة وفي البرلمان يوجد ممثلو حزب الله. لبنان يطالب أن تبدأ اسرائيل في سحب قواتها عند دخول وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ من اجل أن يستطيع مليون وربع مليون نازح من العودة الى بيوتهم، وبالاساس لمنع اسرائيل من اقامة “منطقة امنية” جديدة. ولكن هذا الطلب يقتضي دخول فوري للجيش اللبناني الى الجنوب، حتى قبل توسيع صفوفه. وحسب اقوال عون هذا يعني أن الجيش سيضطر الى اخلاء مواقع في اماكن اخرى، مثل في البقاع، ولن يتمكن من احباط تهريب السلاح من سوريا الى لبنان كما هو مطلوب منه في القرار 1701.
حتى لو تم تحييد هذه الالغام فانه من غير الواضح ما هو التفويض الضي سيعطى للجيش. حسب القرار 1701، الاساس للاتفاق المتبلور، فانه من جنوب نهر الليطاني يجب أن تتواجد فقط قوة عسكرية تتم المصادقة عليها من الحكومة اللبنانية. ولكن هل الجيش اللبناني يجب عليه تفكيك البنى التحتية العسكرية لحزب الله، من بينها قواعد ومخازن سلاح وذخيرة مخبأة في معظمها في بيوت خاصة، ايضا في مدن كبيرة مثل صور. نظريا، يمكن للجيش مصادرة المعدات العسكرية والتكنولوجية الموجودة جنوب نهر الليطاني، لكن الصواريخ بعيدة المدى والسلاح الموجود شمال نهر الليطاني لن يستطيع المس به. ورغم أن القرار 1599 من العام 2004، المشمول في القرار 1701، ينص على أنه يجب نزع سلاح كل المليشيات، فان حكومات لبنان امتنعت عن تنفيذ هذا البند، وحتى أنها اعطت حزب الله مكانة غير رسمية كـ “قوة دفاع” وطنية. لذلك فان الطموح الى تجريد حزب الله من قدراته العسكرية على شاكلة الحلم الذي تسوقه اسرائيل تجاه حماس، بعيد عن التحقق، وحتى أنه غير موضوع على الطاولة.
——————————————–
هآرتس 21/11/2024
وقف اطلاق النار في لبنان يصطدم بهوامش التدخل الامريكي مستقبليا
بقلم: عاموس هرئيلِ
عاموس هوخشتين، المبعوث الامريكي للرئيس جو بايدن، صرح مؤخرا بأنه سيأتي مرة اخرى الى الشرق الاوسط فقط اذا ظهرت في الافق احتمالات حقيقية للتوصل الى صفقة لوقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله. هوخشتين تردد بعد الانتخابات الامريكية، لكنه اخيرا اتخذ القرار وجاء الى لبنان أول أمس، وأمس وصل الى اسرائيل. مصادر لبنانية وامريكية – سواء كانت تستند الى شيء أو لا – تنشر تفاؤل حذر فيما يتعلق باحتمالية التوصل الى الاتفاق، وتقول إن “80 في المئة من المشكلات” تم حلها في الطريق الى هناك.
نقاط اختلاف مركزية، التي بقيت عالقة حسب التقارير الاخيرة من لبنان، تتعلق بتحديد حق اسرائيل في العمل في اعقاب خرق الاتفاق وبالتدخل الامريكي في الاشراف على تنفيذه. امين عام حزب الله الجديد، الشيخ نعيم قاسم، قال أمس في خطاب القاه في بيروت بأن الحزب يوافق على اقتراح الوساطة الامريكي، وأنه الآن كل شيء يتعلق باسرائيل. التقديرات في اسرائيل حذرة اكثر. فالاتصالات ما زال يمكن أن تستمر لفترة معينة رغم أنه يبدو أن التوجه ايجابي. من المرجح أنه في المرحلة الاولى سيتم الاتفاق على وقف اطلاق النار لمدة ستين يوم، خلالها سيحاولون التوصل الى تفاهمات بعيدة المدى وملزمة.
ما تريد اسرائيل تحقيقه باستثناء وقف القتال في لبنان، هو قطع العلاقة بين جبهتي الحرب الاساسيتين، لبنان وغزة. الامين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، الذي اغتالته اسرائيل في نهاية ايلول صمم على الحفاظ على العلاقة بين الساحات ورفض وقف اطلاق النار في لبنان طالما أنه لن يتم التوصل الى اتفاق في غزة. من استبدله، قاسم، المح مؤخرا بأنه يمكن التوصل الى اتفاق منفصل في لبنان، ولم يتراجع عن ذلك في خطابه أمس. هذه الخطوة ستمكن الجيش الاسرائيلي من تقليص نشر القوات في الشمال والتركيز على اعمال الاعمار والاستعداد الامني للوضع الجديد هناك في الوقت الذي يستمر فيه القتال في الجنوب. اسرائيل تجد صعوبة اكثر مما كان في السابق في التنبؤ بالخطوات القادمة لحزب الله، على خلفية التغييرات الكثيرة في قيادة الحزب. جزء من القيادة الرفيعة الجديدة التي تم استدعاءها لاستبدال القادة والزعماء الذين قتلوا، هم غير معروفين الآن للاستخبارات الاسرائيلية.
اعتبارات اسرائيل واضحة، رغم أن الحكومة يجب عليها ايضا اقناع سكان الحدود الشمالية من اجل الموافقة على العودة بأمان الى بيوتهم. ايضا اعتبارات حزب الله معروفة. فمعظم القيادة العليا السياسية والعسكرية في الحزب قتلت في الاشهر الاخيرة، وهكذا ايضا جزء كبير (70 – 80 في المئة) من قوة نيرانه تم تدميرها. عدد الاصابات في صفوفه تجاوز حسب تقدير الجيش الاسرائيلي الـ 3 آلاف قتيل. الحزب بحاجة الى الهدوء. كما أن هذه هي الرغبة الواضحة لجميع الطوائف الاخرى في لبنان، التي انزلت عليهم المواجهة مع اسرائيل الدمار.
اللاعبة الاكثر اهمية من وراء الكواليس هي ايران. فحتى قبل هوخشتين وصل الى بيروت مبعوث آخر، الشخصية الايرانية الرفيعة علي لاريجاني، مبعوث الزعيم الاعلى علي خامنئي. ايران قامت بحساب اوسع، وبالنظر الى الامام، قبل عودة ترامب الى البيت الابيض. ايران تخشى من خط امريكي متصلب أكثر بقيادة ترامب. هم يريدون التوصل الى اتفاق يقلص العقوبات على اقتصادهم المتعثر ويرفع تهديد هجوم عسكري، مقابل وقف تقدم المشروع النووي. في اطار ذلك جرى جس نبض من جانبهم تجاه الادارة الجديدة، وهكذا تزداد الاشارات الى أنه في هذا الاطار ايران مستعدة لكبح حزب الله كي ينقذوا ما تبقى من قوته العسكرية، وفي محاولة لحل المواجهة حول المشروع النووي.
الوعود والواقع
رغم التنبؤات المتفائلة إلا أن الصورة العسكرية ما زالت معقدة. فكل يوم يتم اطلاق حوالي 100 صاروخ وعدد من المسيرات على شمال البلاد. ومرة كل يومين أو ثلاثة ايام يتم اطلاق الصواريخ ايضا نحو المركز. السيطرة البطيئة للجيش الاسرائيلي على خط القرى الثاني في جنوب لبنان، شمال الحدود، في الواقع تصطدم بمقاومة قليلة نسبية من قبل حزب الله، ولكنه ينجح مع ذلك في الحاق الاصابات باسرائيل كل يوم.
بعد احتلال خط القرى الاول قبل نهاية شهر تشرين الاول سرحت اسرائيل جزء كبير من قوات الاحتياط التي عملت في جنوب لبنان، واستخدمت عدد اقل من القوات التي في معظمها هي قوات نظامية، في هذه المنطقة. التقدم نحو الخط الثاني هو جزئي، لكن اذا لم يتم التوصل الى اتفاق فان الحكومة ستقرر ابقاء الجيش في لبنان، وستضطر الى الحسم هل تشن هجوم بري آخر نحو الخط الثالث، المحاذي لنهر الليطاني. في هذه الحالة يجب تجنيد الاحتياط من جديد بشكل واسع، الذي سيثقل العبء على جهاز الاحتياط وابناء عائلات الجنود.
الانشغال الكثيف بلبنان يدل على رغبة الحكومة في العمل على انهاء القتال هناك، حتى الجناح اليميني المتطرف في الائتلاف لا يدفع نحو البقاء الطويل في جنوب لبنان ولا يتحدث عن اقامة مستوطنات في المنطقة. هذه الاحزاب تركز على ما يحدث في غزة وتضغط على بنيامين نتنياهو لاقامة حكم عسكري في اجزاء من القطاع كتجهيز لاعادة المستوطنات، تقريبا بعد عشرين سنة على الانفصال. نتنياهو المح لرؤساء احزاب قوة يهودية والصهيونية الدينية بأنه سيكون منفتح على مثل هذه الافكار، لكنه يفضل فعليا الانتظار الى حين يتضح موقف ترامب.
في غضون ذلك رئيس الحكومة ينثر مرة اخرى تنبؤات متفائلة حول مصير المخطوفين. ففي خطاب القاه في الكنيست أول أمس تحدث فجأة عن الأمل في اعادة عشرات المخطوفين في القريب. وقبل يومين اجرى نقاشا في الليل حول المخطوفين مع قيادة جهاز الامن، وفي محيطه يلمحون الى أن الاتفاق في لبنان سيمكن من نقل الضغط الى غزة والدفع قدما بصفقة التبادل. ولكن مصادر تنشغل بموضوع المخطوفين شككت بواقعية هذه الاقوال. حسب رأيهم نتنياهو مرة اخرى يلعب على الوقت ويحاول بالاساس ازالة عنه ضغط عائلات المخطوفين وحركات الاحتجاج، بدون التوصل الى اتفاق يقتضي تقديم تنازلات ويؤدي الى ازمة مع شركائه في اليمين المتطرف.
——————————————–
معاريف 21/11/2024
قصة توزيع الغذاء في غزة هي نوع من التنفس الاصطناعي لاجل إطالة الحرب
بقلم: افي اشكنازي
أمس كانت ساحة الطوابير في موقع التخليد لسلاح الهندسة القتالية في غابة خولدا مليئة حتى آخر مكان ممكن. 534 مقاتلا جديدا انهوا مسار التأهيل الذي تواصل لاكثر من ثمانية أشهر.
هذا هو عدد المقاتلين الأكبر الذي تم تأهيله في هذا السلاح منذ قيام الجيش الإسرائيلي، بل وتم هذا في ظل الحرب. هذه هي الوردية الثانية من المقاتلين الذين تجندوا في الحرب. كل الـ 534 مقاتلا سيدخلون في الأيام القريبة القادمة للقتال في غزة وفي لبنان.
لو كان الامر متعلقا بالجيش الإسرائيلي لكان يفترض بهذا العدد أن يكون أكبر بكثير. ويحتمل أن في الورديات القريبة القادمة ستتجاوز الاعداد الـ 600 مقاتل، إذ ان هذا ما يحتاجه الجيش الإسرائيلي – بالحد الأدنى كتيبة هندسة واحدة أخرى. وفي داخل الكتائب أيضا يعتزم الجيش الإسرائيلي إضافة سرايا. يفهم الجيش انه لا يمكنه أن يكون مجرد جيش صغير وذكي بل وأيضا كبير وقوي.
اثبت سلاح الجو أمس هذا عمليا. فالوسيط الأمريكي عاموس هوكشتاين كان في بيروت وحاول ان يبلور صفقة لوقف النار والتسوية. في إسرائيل تقرر الا يقصف سلاح الجو بالتوازي ابراجا وعمارات في الضاحية. في إسرائيل اختاروا العمل بحكمة كي لا يحرجوا الأمريكيين، لكن طياري سلاح الجو لم يتوقفوا عن الطيران امس.
عملت طائرات سلاح الجو في أربع جبهات هجومية. حسب المنشورات في سوريا هاجمت عددا كبيرا من الأهداف لحزب الله في الدولة وبينها مخازن سلاح. في منطقة الضفة هاجم سلاح الجو خلايا مخربين. في غزة هوجمت اهداف عديدة لحماس في شمال القطاع وبجوار محور نتساريم. في لبنان هوجمت اهداف بهدف مساعدة القوات المناورة في جنوب الدولة.
وعندما سار المقاتلون المتخرجون في ساحة الطوابير في خولدا، كانت الطائرات تطير بلا توقف نحو أهدافها الهجومية في ارجاء الشرق الأوسط.
واضح للجيش الإسرائيلي ان التسوية في لبنان ستؤدي بحماس الى إعادة احتساب المسار. يستعد الجيش الإسرائيلي لاغلاق الحدث في جباليا، المعقل الأهم الأخير في شمال غزة. صحيح أن القتال هناك قاس، النواة الصغيرة والعنيفة تتحدى القوات، لكن هيا لا نتشوش – على كل أولئك المخربين في جباليا حكم بالموت وهم يعرفون هذا. الجيش الإسرائيلي على ما يكفي من القوة والتصميم لابادة حماس في جباليا وهو سيفعل هذا في غضون أيام.
الان كل القصة هي في ايدي المستوى السياسي: كيف يأخذون كل هذه القصة الى الامام. الهدف هو أولا وقبل كل شيء إعادة الـ 101 مخطوفا، والثاني – إعادة السكان بامان الى بيوتهم في الغلاف وفي الشمال.
ان قصة توزيع الغذاء في غزة هي نوع من التنفس الاصطناعي لاجل إطالة الحرب الى ما لا نهاية او الى نهاية محاكمة نتنياهو او الى ضمان سلامة الحكومة للسنوات القريبة القادمة، او الامكانية الرابعة – كل الأجوبة صحيحة.
في هذه الاثناء في سلاح الهندسة القتالية، مثلما في المظليين، في جولاني، في جفعاتي، في كفير وفي المدرعات، يستعدون لاستيعاب وردية تجنيد كانون الأول بدون الاف الحريديم – ولكن مع الحاجة لملء الصفوف لمئات المقاتلين الجدد في كل الوحدات الميدانية.
——————————————–
يديعوت احرونوت 21/11/2024
كبار في الجيش: بدون صفقة مخطوفين، حماس تتعاظم
بقلم: يوآف زيتون
وجود المخطوفين الإسرائيليين المتبقين على قيد الحياة والموزعين في ارجاء قطاع غزة يمنع عمليا القضاء العسكري على حماس. ويحبط إمكانية عمل المقاتلين من الجيش الإسرائيلي بريا في “جزر متسعة” لا تدخل اليها القوات كي لا تعرضهم للخطر. عمليا، هكذا تنجح حماس في إعادة تثبيت حكمها الجزئي في القطاع.
بعد ثلاثة اشهر من قتل ستة المخطوفين في النفق في رفح على ايدي مخربي حماس، في الجيش يحرصون من القيام باي عمل قد يؤذي عشرات الاسرى المتبقين على قيد الحياة وتحتجزهم حماس وغيرها من المنظمات في غزة، ولهذا لا يعملون بريا ولا يهاجمون أيضا في مناطق واسعة في قطاع غزة. وتستفيد حماس من ذلك وترمم قدراتها العسكرية في هذه المناطق الكبرى الموجودة في شمال القطاع أيضا وذلك بالتوازي مع الأماكن الوحيدة التي يهاجم فيها الجيش الإسرائيلي في هذه الأشهر- جباليا وبيت لاهيا المجاورة لها.
“مسألة المخطوفين الإسرائيليين في أسر حماس اصبح عاملا مركزيا يؤخر ويضيق إنجازات الجيش في القطاع”، يقول مسؤولون كبار في هيئة الأركان في احاديث مغلقة، ويقصدون احد اهداف الحرب التي وضعتها الحكومة – تصفية البنى التحتية العسكرية والسلطوية لمنظمة الإرهاب التي تعاظمت في قطاع غزة، برعاية إسرائيلية وقطرية على مدى الـ 15 سنة التي سبقت 7 أكتوبر. “وجود المخطوفين في قطاع غزة يؤثر ويغير أساليب القتال، أماكن العملية البرية، الهجمات الجوية ويقيد جدا القوات في ضرب حماس بشكل اكبر، بدء باوامر فتح النار البسيطة للمقاتل في الميدان وحتى القرارات الى اين ترسل الالوية”.
خطر على حياة المخطوفين
لدى الجيش الاسرائيلي معلومات استخبارية معقولة عن وضع المخطوفين تستند أساسا الى معلومات تنتزع من التحقيق مع المخربين المعتقلين، حل لغز ما يعثر عليه في الميدان ككاميرات المتابعة وتحليل المعطيات المتجمعة المختلفة. نوعية المعلومات عن وضع المخطوفين واماكنهم تتغير باستمرار لان حماس تحاول نقلهم من مكان الى مكان وتوزيعهم في القطاع لتصعيب الامر على الجيش لانقاذهم في عمليات خاصة. في الجيش يقدرون بان سياسة حماس في اعدام المخطوفين اذا ما لوحظت حركة قريبة لقوات الجيش لم تتغير ولهذا فان الخطر على حياتهم واضح وفوري وليس فقط بسبب شروط الاسر التي ستتفاقم في الشتاء المقترب.
في الجيش يحاولون ان يوضحوا بذلك للمستوى السياسي بان عدم التوجه الى صفقة لتحرير المخطوفين يمس مباشرة باحتمال الإيفاء بالهدفين اللذين حددتهما الحكومة في بداية الحرب: تقويض سلطة حماس وإعادة المخطوفين. ويقدرون في الجيش بان “حماس شددت الحراسة على المخطوفين. ولولا وجود المخطوفين لكان كل الامر بدا مختلفا في قطاع غزة وعمل الجيش كان سيكون اكثر سحقا ضد حماس دون القيود التي تستفيد منها حماس. هناك فرق بين تفكيك القدرات العسكرية لحماس والمس بحكمها المدني الذي ضعف ولكنه لا يزال قائما في القطاع”.
في الجيش يوجد من يقدر بان حماس تخلت عمليا عن جباليا في اعقاب الاجتياح الطويل لفرقة 162 في شمال القطاع الذي بدأ قبل نحو شهرين ونصف وصفي في اثنائه او اعتقل اكثر من الف مخرب من حماس بينما فقد الجيش الإسرائيلي 28 ضابطا ومقاتلا منذ بداية العملية.
المساعدات تصل الى حماس
“الأغلبية الساحقة من الجمهور الغزي لم ترَ جنود الجيش الإسرائيلي في معظم هذا الهجوم الطويل الممتد لـ 14 شهرا من القتال. ولهذا فان حماس لا تزال متجذرة بقوة لدى الغزيين كحكم، لان ليس لها أي منافس”، كما تصف أوساط الجيش وتضيف، “حماس مثلا اخذت الحظوة على حملة التطعيم ضد شلل الأطفال التي سمحت إسرائيل بتنفيذها وهي تعمل على قمع جيوب المقاومة لحكمها التي تطل بين الغزيين في مظاهرات محلية. كما نشخص أيضا آلية تعويض مالي من جانب حماس لنشطائها وموظفيها: فمؤخرا عادت حماس لان تدفع لهم اجرا شهريا، وان كانت بضع مئات من الشواكل وليس بالالاف مثلما قبل الحرب، وذلك رغم الضائقة الاقتصادية التي تعيشها. الجمهور في غزة ليس قريبا من الانقلاب على حماس ولم تتراكم بعد الطاقة لذلك لانه لا ينشأ لها بديل. إضافة الى ذلك، فان معظم الجمهور الغزي المتجمع في جنوب القطاع لم يعد يشعر منذ اشهر طويلة بوقع ذراع الجيش وهو مشغول أساسا بالبحث عن خيمة او بطانية للشتاء. وهذا يهمهم اكثر من موت السنوار الذي نسي هكذا حسب الحوار الذي نلتقطه في الشارع الفلسطيني”.
تجد حوكمة حماس المتجددة تعبيرها في مؤشرات متجددة في الميدان: في الجيش لاحظوا بان مؤخرا فتحت جمعية خيرية فلسطينية برعاية حماس مدرسة في مدينة النازحين في المواصي قرب خانيونس. كما فتحت حماس مستشفى الرنتيسي في شمال القطاع، في احتفال تدشين اعد لاستعراض الحكم الداخلي. في احياء مدينة غزة ينتشر نحو 200 الف غزي، من اصل قرابة مليون كانوا يعيشون فيها عشية الحرب. تحاول حماس ان تبدي امامهم حكمها في الرقابة على الأسعار في الأسواق التي تتغذى بالمساعدات التي يدفع بها الجيش الإسرائيلي الى شمالي القطاع أيضا عبر معابر البضائع التي أقيمت في ايرز وقرب زيكيم. يكاد لا يمر أسبوع لا يسطو فيه مسلحون على الشاحنات بمن تحاول حماس والجيش أيضا منعهم وصدهم بالنار. الشاحنات التي تصل الى غاياتها تأخذها حماس في الغالب.
الحكومة لا تقرر
من ناحية البديل لحكم حماس، في الحكومة يواصلون أساسا الرفض ولا يبادرون: يرفضون طلب بعض الوزراء إقامة حكم عسكري إسرائيلي، وبالطبع يرفضون أيضا دخول السلطة الفلسطينية الى المنطقة حتى ولو على سبيل تجربة محلية. المبادرة التي بحثت في الحكومة قبل اكثر من شهر لادخال مقاولين أمريكيين يوزعون الغذاء لا تزال بعيدة عن التنفيذ وتبدو كاحبولة إعلامية اكثر من أي شيء آخر: فلم تصل الى قيادة المنطقة الجنوبية أوامر بالبدء بالخطوة وهذه لا تزال لدى جهات امنية أخرى مجرد “موضع دراسة”. في الجيش يقولون أيضا انه “الى شمال القطاع نحن لا نزال ندخل نحو 50 شاحنة مساعدات كل يوم بل ونقوم بحملات إنسانية خاصة. بمساعدة منظمات إغاثة دولية نحرص على إبقاء الغذاء والماء في مناطق القتال في بيت لاهيا، بيت حانون وجباليا، كي يرى العالم انه لا يوجد تجويع في غزة حتى في الأماكن التي فصلناها. الوقود تدخل الى غزة أسبوعيا واساسا لتفعيل محولات المياه ولاستخدام المستشفيات لكن خط الكهرباء الجديد مثلا الذي سمحنا باقامته ينتج منذ الان 20 الف كيلو واط كل يوم لمئات الاف النازحين في المواصي. الى هناك يصل أيضا الماء والغذاء بشكل سريع في غضون عشر دقائق أيضا من معبر كيسوفيم الذي اقمناه واعدنا فتحه مما يقلل ظاهرة سلب الشاحنات”.
——————————————–
هآرتس 21/11/2024
إقرار اقامة هيئة استخبارات تتبع رئيس الوزراء ويلزم الجيش والشباك بالتشاور معها
بقلم: نوعا شبيغل
أقرت الكنيست أمس بالقراءة العاجلة مشروع قانون يلزم رؤساء جهاز الامن والكابنت السياسي الأمني بالتشاور مع هيئة جديدة تبلور مفاهيم استخبارية بديلة قبل اتخاذ القرارات في مواضيع امنية. الهيئة الجديدة التي تسمى في مشروع القانون “إفخا مستبرا” ستتبع رئيس الوزراء الذي يعين رئيسها. لن يعمل فيها من عملوا في السنتين السابقتين في احدى الهيئات الاستخبارية القائمة. 56 نائبا أيد المشروع وعارضه 36.
وحسب المشروع الذي تقدم به النائب عميت هليفي من الليكود الى جانب مجموعة أعضاء ائتلاف آخرين، فان العاملين في الدائرة الجديدة يمكنهم أن يطلبوا كل معلومة تساعدهم في عملهم من هيئات الاستخبارات، من الجيش، من وزارة الدفاع ومن كل هيئة أخرى. القرار بإقالة العاملين سيكون من صلاحية رئيسها ولن تكون تابعة لاي اجراء بوقف تشغيل موظفي الدولة.
وجاء في مشروع القانون بان الكابنت سيلزم مسبقا بان يحصل من رئيس الدائرة على فتوى قبل كل قرار يتخذه في موضوع امني، خطة او عملية عسكرية. إضافة الى ذلك، حسب المشروع، في زمن الحرب يحضر رئيس الدائرة أو موظف منها في كل أسبوع اجتماع لجنة الخارجية والامن في الكنيست.
النائب هليفي، العضو في لجنة الخارجية والامن، بادر الى المشروع بعد أن اخذ الانطباع في السنة الماضية بان مندوبي شعبة الاستخبارات يقيمون تقديراتهم على ما أسماه “مفاهيم مغلوطة”. وعلى حد قوله جاء المشروع لخلق هيئة مستقلة لا تتبع شعبة الاستخبارات العسكرية وتتحدى الفكر الذي تعرضه المنظومة في المداولات التي يجريها الكابنت والمستوى السياسي. وأضاف هليفي بانه لا يستبعد تغييرا للمحفل الذي سيكون مؤتمنا على الدائرة في سياق التشريع.
كجزء من استخلاص الدروس بعد حرب يومك الغفران في 1973، أقيمت في شعبة الاستخبارات في الجيش دائرة ذات غاية مشابهة مهمتها كتابة تقديرات استخبارية بديلة لمفهوم الاستخبارات القائم. وفي شروحات مشروع القانون انتقد النواب المقترحون عمل الدائرة القائمة. “على مدى السنين تبين أن تأثير دائرة الرقابة صغير جدا واخفاقات الاستخبارات الإسرائيلية لم تتعرض للتحدي من جانبها كما ورد في المشروع، “وكانت الذروة القصور غير المسبوق لمذبحة 7 أكتوبر الذي أوضح بانه توجد ضرورة لتعديل ذي مغزى في كل ما يتعلق ببلورة مفاهيم استخبارية بديلة”.
——————————————–
هآرتس 21/11/2024
الحقيقة هي أن الجنود يُقتلون عبثا، لكن لا توجد حتى دمية تقول ذلك
بقلم: يوسي كلاين
كيف يحدث ذلك؟ من يتحدث من البطن يصمت، ولكن الدمى تتكلم. هل هذا أمر سيء؟ أبدا لا. لا يوجد لدي أي شيء ضد عميت سيغل. بالعكس، هو بليغ وموثوق، وحتى أنه من الرائع بالنسبة لي سماع صوت نتنياهو وهو يخرج من فمه. واذا كان سيغل هو بالضبط نتنياهو فبماذا يهمني من أي بطن يخرج صوته. هناك دمى تريد أن تتحدث من البطن، لكن هذا الانتقال غير سهل.
اسرائيل كاتس يتعلم ذلك بالطريقة الصعبة. لا شك أن أذنه اشتعلت عندما سمعوه وهو يقول “لقد هزمنا حزب الله”. كاتس الآن يحتاج الى دمية وبسرعة. يوجد لديه امور كثيرة لقولها. ولكنه لا يعرف كيف يقولها. انتظروا، توجد لديه دمية تستعد لذلك. بعد قليل تقاريرها ستبدأ بـ “من مصادر في مكتب الوزير كاتس جاء”. هي ستكون مراسلة تتحدث وهي ترتدي قبعة مثل سيغل ونير دبوري. كمتحدثين هم جيدون، أما كصحافيين فهم ليسوا كذلك. الصحافة هي رسالة. أما التحدث باسم فهو استخذاء. ما الذي يفعله سيغل ودبوري؟ يقومان بالخلط.
ما الذي تريده، يقولون لي. الصحافة لا تعمل مع مصادر وتسريبات؟ بالتأكيد، ولكن تقارير سيغل ودبوري هل يمكن أن نسميها تسريبات؟ احد المصادر هل يعني “مصادر”؟. هل تتخيلون أنهم ينزلون الى موقف سيارات مظلم من اجل الحصول على معلومات من مُسرب؟ يبحثون في وثائق من اجل الحصول على معلومات؟ لا. المعلومات تأتي من المصدر مباشرة الى الواتس اب خاصتهم.
من الجيد أنهم يوجدون في الاستوديوهات. مصادرهم موثوقة وحصرية، لكن هل نسميهم مراسلين؟ هل يقومون بالمطابقة بين المصادر؟ هل يفحصون الحقائق؟ هم فقط يحركون الشفاه والحواجب ويصدرون الاصوات، هذا ما يفعلونه. من اجل ترديد الرسائل لا حاجة اليهم. ويمكن بدلا منهم وضع هناك أي شخص يكون ممتعا النظر اليه. حسنا، هم ليسوا صحافيين، لكن وطنيين بلا شك.
تقرير أولي لسلوك وسائل الاعلام في الحرب نشره معهد بحوث الامن القومي ينفعل من وطنية الصحافة. هدفه، كما كتب فيه، “رص الصفوف والحفاظ على المعنويات الوطنية”. هل هذا صحيح؟ هل الباحثون في المعهد يعيشون هنا؟ رص الصفوف؟ ما هذا؟ نشاط للكشافة؟.
لكن اضافة الى الانفعال من الوطنية، كما جاء في التقرير، فان “عدم الرغبة في الاغضاب باندماج مع التماهي المطلق مع مواطني اسرائيل في وقت صعب جدا أدى الى تغيير كبير في موقف الصحافيين، والتخلي عن بعض مباديء المهنة التي تشمل ايضا عرض صورة متزنة”.
التقرير اقتبس ايضا “محررة كبيرة”، التي حسب قولها “وسائل الاعلام تتخذ القرار الواعي بأن تكون المنبر لرسائل المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي… واخفاء ما يحدث في غزة… وعدم سؤال اسئلة اكثر من اللزوم حول عمليات الجيش خلف الجدار”.
نحن لا نحتاج الى تقرير كي نعرف أن “كلاب حراسة الديمقراطية” هي قطط تحرس قطعة الجبن. أي أنها تحرس نسبة المشاهدة ومداخيلهم. صحيح أنهم ليسوا جميعا. هناك اشخاص شجعان يقولون الحقيقة. ولكن أي نوع من المجاملة للشخص الذي يفعل ما يجب عليه فعله. الحقيقة لا يوجد لها دمية تردد صفحة رسائلها. الحقيقة بدون اكاذيب القنوات والابواق والدمى هي أن الجنود يُقتلون عبثا، وآباءهم الذين يصمتون هم المسؤولين عن موتهم بدرجة لا تقل عن قادتهم. الحقيقة هي أن طلب اعادة المخطوفين البيت والمخلين الى بيوتهم هو هراءات. فقط اقوال وليس افعال. “ضغط الجمهور” اصبح اسطورة، و”ألرأي العام” كلام فارغ. الحقيقة هي أنه “لم يتم اختطافنا على يد مجرمين، نحن سلمناهم انفسنا”. الحقيقة هي أنه لا يهم الجميع أن الحرب ستستمر والمخطوفين سيموتون. الحقيقة هي أن من يقول “لن نتنازل عن الدولة” لا يفعل أي شيء لوقف الحرب لأن “هذا يضر بالجنود”، يفضل أن يموتوا وأن لا تتم اهانتهم.
——————————————–
معاريف 21/11/2024
أصوات في المعارضة: سنقف في وجه المتهم جنائياً وزمرته في “الانقلاب السلطوي”
بقلم: أفرايم غانور
المستشارة القانونية غالي بهرب ميارا، ورئيس الأركان هرتسي هليفي، ورئيس “الشاباك” رونين بار، والمستشار القانوني آسي ماسينغ، ونحو عشرة مستشارين قانونيين آخرين في الوزارات الحكومية – هذه قائمة المرشحين/ات للتنحية، لإبعادهم الآن وفوراً، الموضوعة على طاولة الحكومة وتشكل أساس انشغالها في هذه الساعات من الحرب. هذه قائمة الأشخاص التي حسب الإعلانات والبيانات التي تصدر عن الحكومة وعن مقاعد الائتلاف – سلوكهم، قراراتهم ومواقفهم تعيق إدارة الحرب، وتمس بحياة الدولة المنتظمة وتشوش خطط الحكومة.
في فترات سابقة وظلامية في التاريخ، نسب لأناس كهؤلاء، “جنون أسود”، سحر يتسبب بكل المشاكل والمصائب في العالم. في صفحات التاريخ، عرفت ظاهرة ملاحقة أناس كهؤلاء بأنها “صيد الساحرات” كون المتهمين/ات في معظم الحالات بالجنون الأسود كن من النساء. وحين يكون الحال سيئاً وما يجري فعله لا ينجح أو يفشل، فإن الحل الأبسط هو إيجاد ضحية مريحة لاتهامها بالفشل. بذات القدر، في واقع صعب وإشكالي، توجه إصبع الاتهام نحو من يزعم أنه يمنع التغيير الذي يفترض بأن يحقق النجاح. هكذا يتم النجاح في صرف غضب الجماهير على الإخفاقات نحو من يسهل إلقاء كل القصورات والإخفاقات عليه.
بعد فشل هذه الحكومة في إحداث انقلاب سلطوي تحت غطاء إصلاح قضائي، انتقلت إلى ثورة هادئة بطريقة بالتدريج: بداية، إقالة كل أولئك الذين يسدون الطريق أمام الانقلاب مثل المستشارة القانونية ورئيس “الشاباك”، وبعد هذا التحرك مع D9 نحو المحكمة العليا. هذا صيد ساحرات واضح، وهي نية أوضحها وزير العدل بشكل جلي، حين قال هذا الأسبوع بعد إطلاق قنابل الإضاءة نحو منزل رئيس الوزراء في قيسارية: “حان الوقت لإعلان أعضاء الائتلاف كرجل واحد تأييداً لا لبس فيه للإجراءات التي قمت بها وتوقفت كي نضع حداً نهائياً للفوضى، والعربدة، ورفض أولئك الذين يحاولون تفكيك الدولة من الداخل ومحاولات المس برئيس الوزراء”.
ليس واضحاً ما علاقة الفعلة المجنونة لمن أطلق قذائف الإضاءة هذه باستئناف الانقلاب السلطوي. مشوق أن نعرف من هو المعني بتفكيك الدولة من الداخل، وإذا لم يكن هذا من يعمل على خلق فوضى من خلال مستشارين قانونيين معينين ومع صلة بتعيين قضاة من طرفهم، وبالمقابل، يمنع تعيين قضاة إلى المحكمة، فمن المشوق أن نعرف كيف يسمح لنفسه وزير العدل في الحكومة التي تعمل على تنفيذ رفض الحريديم للخدمة في الجيش في أثناء الحرب، أن يتحدث عن الرفض والفوضى والعربدة.
هذا النهج، والملاحقة، والتشهير، وإبعاد أولئك الذين لا يعملون وفقاً لمذهبه وليسوا مستعدين لأن يسمحوا بحكم فاسد يفعل ما يريحه وما يحمي ويثبت حكمه – ليس جديداً. هذه الظاهرة قديمة ومعروفة تؤدي في معظم الحالات إلى نتائج سيئة وقاسية. إن التشهيرات والأقوال القاسية التي تطلق في هذه الساعات ضد قائمة المرشحين لتنحية الذين يظهرون في بداية هذا المقال، في الأيام التي يغلف فيها رئيس الوزراء والمحيطون به الواقع بغلاف من الكلمات الزائفة “معاً ننتصر” – تصبح أكثر خطورة.
الشعب يرى ويسمع الأصوات ويعرف أين سيؤدي صيد الساحرات هذا، ولأجل ماذا يتم. إن هذه المحاولة الفاشلة لتحويل نتنياهو من رئيس وزراء متهم إلى ملك لا بديل له، ستفشل في مهدها مثلما باء الانقلاب السلطوي بفشل ذريع، بل وستسرع نهاية هذه الحكومة الهاذية.
——————انتهت النشرة——————