الصحافة العبرية

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 5/2/2024

الجـيـش يضـغـط بشـدة و«حمــاس» بعـيـدة عــن الانهــيــار

بقلم: يوآف ليمور

من المتوقع لهذا الأسبوع أن يكون أسبوعاً مهماً للقتال في غزة. مهماً لإسرائيل، مهماً لحماس. ما سيحصل في أثنائه سيقرر بقدر كبير السلوك لأسابيع وربما حتى لأشهر، تأتي بعده. الأوراق في هذه اللحظة هي في أيدي حماس. عليها أن تقرر إذا كانت ستعطي ضوءا أخضر لتحقيق صفقة تحرير مخطوفين مقابل سجناء أمنيين محتجزين في إسرائيل.

في نهاية الأسبوع علم عن خلاف بين حماس غزة التي يقودها يحيى السنوار وبين حماس الخارج بقيادة إسماعيل هنية. الغزيون يريدون صفقة الآن؛ في الخارج يشترطونها بوقف تام للقتال.

إذا كانت هذه التقارير صحيحة، ففيها مؤشر مشجع. يمكن أن نتعرف منها على أن السنوار والقيادة حوله تعبون من القتال ويحتاجون إلى هدنة.

في إسرائيل سيدعون على أي حال بأن هذا يشهد على أنهم يتأثرون بالضغط العسكري، بل وربما يخشون على حياتهم، ويأملون في أن تتيح لهم الهدنة إعادة البناء وجمع القوى للمواصلة.

من يعارضون الصفقة سيقولون إنه محظور التوقف الآن بالذات. إذ سيقولون إنه مع قليل من الضغط الإضافي، حماس ستنهار.

أما التقديرات المهنية فتفيد خلاف ذلك. حماس بعيدة عن الانهيار. صحيح أن الجيش الإسرائيلي يضغطها بقوة في خان يونس، لكنه لا ينجح بعد في المس بكبار مسؤولي المنظمة. كما أن الجيش الإسرائيلي يعمل أيضاً مرة أخرى في الأيام الأخيرة في شمال القطاع. لكن حماس تبدي فيه بوادر حكم متجدد – من خلال أفراد شرطة انتشروا في الشوارع، كلهم من رجالها.

وعلى أي حال فإن رفح ومحور فيلادلفيا لم يعالجا بعد. بحيث أنه سيكون مطلوباً على الأقل بضعة أشهر أخرى إلى أن تنتهي المعركة في غزة.

لا أحد في إسرائيل قادر على أن يضمن أن يصمد المخطوفون بهذا القدر الكبير من الوقت. العكس هو الصحيح: التجربة حتى الآن تفيد بأنه كلما اقترب الجيش الإسرائيلي من المخطوفين، ازداد الخطر على حياتهم.

ثمة غير قليل من الأدلة على أن رجال حماس الذين يحتجزون المخطوفين تلقوا التعليمات لقتلهم إذا ما شعروا بالخطر، ناهيك عن الظروف المتردية التي يحتجز فيها المخطوفون – من ناحية الصحة، الغذاء، النوم والنظافة الشخصية – يوجد خطر دائم على صحتهم، وبالتأكيد في الشتاء القارس الذي يعصف بالمنطقة.

في إسرائيل اتخذوا منذ الآن قراراً بالسير نحو الصفقة. السؤال هو بأي ثمن. موضوع واحد واضح منذ الآن: على كل مخطوف يتحرر سيكون يوم من وقف النار، 35 يوماً في البداية (وأسبوع آخر للبحث في تواصل المسيرة)، وبالحد الأقصى 143 يوماً، إذا ما حررت حماس كل المخطوفين، أحياء وأمواتاً ممن تحتجزهم. باقي المواضيع لم يتفق عليها بعد. حماس الخارج تريد كما أسلفنا وقف القتال.

إسرائيل أوضحت أن هذا لن يحصل. ماذا نعم؟ وقف النشاط (بما في ذلك الطيران)، بالضبط مثلما سار المخطط السابق في شهر تشرين الثاني.

في الجيش الإسرائيلي أوضحوا منذ الآن أنهم سيعرفون كيف يعودون إلى القتال مع استكمال الصفقة، وإن كان للهدنة أثمان مثل إعادة حماس رجالها في الميدان.

بالمقابل ستكون للهدنة أيضاً فضائل لإسرائيل من ناحية القدرة على إنعاش القوات النظامية، وتحرير رجال الاحتياط ومعالجة مركبات القتال المدرعة وربما أيضاً إعادة الكثير من المخلَوْن إلى بيوتهم، بما في ذلك في الشمال، في حالة انضمام حزب الله إلى وقف النار (كما فعل في الجولة السابقة).

التحدي الأساس سيكون الجسر على كمية وهوية السجناء الأمنيين الذين سيتحررون. حماس سترغب في أن تحرر أكبر قدر ممكن، بمن فيهم أسوأ المخربين. أما نتنياهو فسبق أن أوضح أنه لن يتحرر آلاف السجناء، وتوجد معارضة أيضاً لتحرير سجناء شاركوا في قتل يهود (مع دم على الأيدي).

حتى لو اجتازت إسرائيل هذا العائق الآن، فإنه سيقف أمامها في سياق الطريق عندما ستكون مطالبة بأن تحرر باقي المخطوفين، وأساسا الجنود ورجال ثلل التأهب.

كرئيس وزراء، وقع نتنياهو على صفقة شاليت، التي تحرر في إطارها 1027 سجيناً، منهم 450 قاتلاً بمن فيهم السنوار نفسه الذي شعر بأنه ملتزم بتحرير رفاقه في السجن ممن تبقوا خلفه.

مشكوك في أن يتنازل، والمعضلة التي ستقف أمامها الحكومة ستكون صعبة وذات إمكانية تفجر كامنة ليس فقط في كل ما يتعلق بمواصلة الحرب بل وأيضاً العائلات، والجمهور، وحتى مستقبل الائتلاف.

———————————————

هآرتس 5/2/2024

مبادرة السلام السعودية كقاعدة للحلّ

بقلم: أوري بار يوسيف

هاكم بيانات يجب أن تهم يئير غولان وبني غانتس ويائير لابيد وأفيغدور ليبرمان: حسب استطلاع أجراه معهد “أكورد” في نهاية كانون الأول، 25 في المئة من الإسرائيليين يؤمنون بأنه في أوقات الأزمة الأمنية الدولة ستعرف كيف ستقوم بحمايتهم.

الآخرون متشككون أكثر أو واثقون بأن الدولة لن تفعل ذلك. هذا ليس غريباً. لذلك فإنه حسب الاستطلاع 67 في المئة من الإسرائيليين يرون في الدفع قدماً بحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين أمراً ملحاً.

رغم ذلك 13 في المئة يؤمنون بأن النزاع سيتم حله في العقد القادم من خلال اتفاق يضمن الأمن للإسرائيليين والاستقلال للفلسطينيين.

من هذه المعطيات يمكن الفهم أنه أولاً، من يؤمن بقدرة الدولة على تقديم الأمن المحدود له يبحث عن الحل السياسي من خلال اتفاق.

أي أن التوصل إلى اتفاق أصبح موضوعاً شخصياً مهماً لاثنين من بين كل ثلاثة إسرائيليين.

ثانياً، معسكر الذين يبحثون عن حل هو خزان الأصوات المحتمل لأحزاب الوسط واليسار في الانتخابات القادمة. ثالثاً، هذا المعسكر يبحث عن زعيم يعرض حلاً لما يقلقه.

هذا الحل يوجد في الأصل منذ سنوات كثيرة، لكنه لا يطرح على جدول الأعمال العام. اقتراح السلام للجامعة العربية، الذي كان في الأصل اقتراح السلام السعودي والذي عرض علينا في أيلول 2002. هذا الاقتراح في أساسه يدعو إلى حل الدولتين على أساس خطوط أيار 1967 وتبادل للأراضي وحل متفق عليه لمشكلة اللاجئين.

بحسبه عندما سيتم التوصل إلى حل سيتم الإعلان عن انتهاء الصراع وجميع الدول العربية وعدد غير قليل من الدول الإسلامية ستقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

زعماء مثل شمعون بيريس وإيهود أولمرت تعاملوا مع هذا الاقتراح بشكل إيجابي، و”قادة من أجل أمن إسرائيل”، وهي مجموعة تشمل معظم القيادة العليا المتقاعدة في الجيش وفي الشاباك وفي الموساد وفي الشرطة، وتم تشكيلها في 2014 للدفع قدماً باتفاق شامل على أساس هذه المبادرة.

أي تقريباً كل من يفهم في الموضوع يعتقد أنه توجد هنا فرصة لتقديم أمن معقول بثمن معقول لمواطني الدولة بدلاً من الصراع المستمر والمؤلم.

هنا يطرح السؤال الذي لا توجد له إجابة: لماذا مثلا يئير غولان، نائب رئيس الأركان السابق والزعيم الجدير في معسكر اليسار في الانتخابات القادمة، لا يذكر هذا الحل؟

في مقابلة أجراها معه هيلو غلزر (“هآرتس”، 8/12) قال إن الحل هو “الانفصال المدني مع المسؤولية المدنية”، هذه هي الشروط الضرورية والأساسية التي يمكن أن تأتي بالنتيجة المأمولة في وقت ما في المستقبل لإنهاء النزاع.

إما الضم أو الانفصال. لا يوجد حل آخر”. غولان هو قائد شجاع، لماذا يأتي بهذا الخليط من الأقوال المتشككة بدلاً من القول إنه توجد لدينا قاعدة للحل، وهي اقتراح السلام للجامعة العربية، الذي يحصل على دعم كل العالم العربي والولايات المتحدة وألمانيا وأصدقاء آخرين لإسرائيل.

وغانتس، الذي حسب الاستطلاعات هو الشخص المناسب أكثر لمنصب رئيس الحكومة. في الحقيقة هو غير معتاد على إسماع أقوال واضحة (باستثناء عندما تم المس بكرامة ضباط كبار في الجيش)، لكن برنامج حزبه السياسي يتحدث بصورة صريحة عن الحاجة إلى منع تشكل دولة ثنائية القومية وعن تثبيت أكثرية يهودية في دولة إسرائيل واستكمال بناء الجدار الأمني في الضفة.

كل ذلك كان قبل 7 أكتوبر، عندما كان “المعسكر الرسمي” ما زال ينقش على رايته إدارة النزاع وليس حله. ولكن الآن، كما يظهر في استطلاع معهد “أكورد” الذي يفيد بأن فقط 5 في المئة يؤيدون استمرار إدارة النزاع، فإن المصوتين يبحثون عن الحل وليس عن إدارة النزاع.

هل تقدم اقتراحات “الفرو” في البرنامج السياسي للمعسكر الرسمي حلاً حقيقياً؟ لا. لماذا لا يقوم غانتس بالتشمير عن ساعديه ويجلس مع ايزنكوت، الذي تصميمه على الدفع قدماً نحو مستقبل أفضل يبدو واعداً أكثر بكثير، من أجل تقديم حلول حقيقية لضائقة معظم الجمهور في إسرائيل، بمن في ذلك ناخبوهم؟ وإذا جلسوا هاكم اقتراحاً: تبني خطة السلام للجامعة العربية وعرضها كأساس لمواجهة المشكلات الأمنية.

في تفسيراتهم يمكنهم التأكيد على أن الجهات الرئيسة المعارضة للخطة هي إيران والليكود وحزب الله وقوة يهودية، حماس والصهيونية الدينية.

يمكن أيضاً مواصلة العمل مع لابيد وليبرمان، لكن يبدو أن الفكرة واضحة: في تاريخ الدولة لم نقف أمام ضائقة أمنية وطنية وشخصية وقوية جداً من جهة، في حين يقف أمامنا رد معقول، الذي أفضل آباء الصهيونية كانوا سيوقعون عليه من جهة أخرى.

هذا كان صحيحاً أيضاً حتى قبل 7 أكتوبر. ولكن الانكسار الذي حدث في ذاك اليوم حول هذا الموضوع إلى موضوع حقيقي وعملي أكثر.

السياسيون يتنكرون على الأغلب لرؤيتهم من أجل جني الدعم من الناخبين، هذا معروف. لذلك، السياسة أصبحت بدرجة كبيرة كلمة فظة في إسرائيل. لكن نحن لسنا في وقت طبيعي.

ما ينقص الآن لكل اثنين من بين كل ثلاثة إسرائيليين هو قيادة حقيقية تعرض حلماً يستجيب لاحتياجاتهم.

خطة السلام للجامعة العربية هي أساس لحلم كهذا. لذلك، يجدر بغولان وغانتس ولابيد وليبرمان البدء في الحديث بجدية عن هذا الحلم. ربما سيتبين أنه ينطوي أيضاً على مكاسب سياسية.

——————————————–

هآرتس 5/2/2024

طــريــق نــتــنــيــاهــو الــمــســدود

بقلم: إيريس ليعال

إذا شعرتم في الأشهر الأخيرة بأنكم تجلسون في المقعد الخلفي في سيارة تسير بسرعة نحو الهاوية، وأنه لا يمكنكم فعل أي شيء لإنقاذ أنفسكم، فأنتم لستم وحدكم.

أيضاً رئيس الحكومة يشعر بذلك، كما يدل على ذلك عجزه إزاء مؤتمر الاستيطان وأقواله في مستوطنة عيلي.

اليمين المتعصب يتولى القيادة وسحابة الغمام لمبادرة سياسية أميركية كبيرة تشمل التطبيع مع السعودية، توحي لبنيامين نتنياهو وتهدده في الوقت نفسه، ويبدو أنه لا يمكنه فعل أي شيء في الوضع الذي وضع نفسه فيه. إذا كان هناك مفهوم أفلس في 7 أكتوبر فهو مقولة “الاستيطان يجلب الأمن”.

وضع المدنيين في الجبهة وعلى الحدود، جبى حياة 1200 شخص وكلفنا اختطاف أكثر من 200 شخص.

هذا حدث لأنه لم يكن هناك ما يكفي من القوات، حيث تم إرسالها للدفاع عن المستوطنات في يهودا والسامرة. لأنه من الخطير أن نكون قريبين من منظمة إرهابية قاتلة على الحدود مع غزة أو مع لبنان، أو في داخل سكان معادين، لأن هذا يستهلك موارد كبيرة ويقتضي اتخاذ قرار حاسم، إما هنا أو هناك.

بعض التواضع إزاء الواقع في الشهرين الأخيرين كان سيجبر اليمين المتطرف على الاعتراف بأن الجيش لا يستطيع أن يفعل كل شيء، وأن لديه قيوداً وموارد محدودة. ولكن المسيحانية بتعريفها هي كل شيء باستثناء التواضع.

لا شك في أن نتنياهو يدرك إلى أي درجة هو منفلت هذيان منظمي المؤتمر، وأن رؤيتهم هشة وأنهم في وضع دائم من النشوة. وهو أيضاً يعرف أن التشويه السياسي الذي خلق خياراً لسموتريتش وبن غفير يزيد الاحتمالية في أن يشكل هؤلاء عائقاً أو على الأقل يضعون عوائق جدية أمام صفقة المخطوفين وليس يحيى السنوار.

واستخذاء نتنياهو أمام مستوطني عيلي ووعده بأنه “لن نخرج الجيش من القطاع ولن نطلق سراح آلاف المخربين” يدل على أن تسييس الحرب قد تم استكماله وأن حملة الانتخابات بدأت. لكن الطريق المسدود بقي على حاله.

الصحافي توماس فريدمان يقدر بأنه يوجد للإدارة الأميركية نية لأن تعرض في القريب خطة جديدة للشرق الأوسط تشتمل على الدفع قدماً بإقامة الدولة الفلسطينية، ولكن أيضاً تحالف أميركي – سعودي أمام إيران.

وحتى لو أنه لم يعترف بذلك إلا أن نتنياهو، الذي تصميمه على إلغاء الاتفاق الإيراني كان مدمراً، يدرك خلافاً لمعظم أعضاء حكومته أنه يوجد لإسرائيل فرصة كبيرة لبناء نظام جديد تحت الدمار الذي أسقطته عليها سياسته وحماس. ولكن يوجد لسموتريتش وبن غفير خطط مختلفة.

بناء على ذلك هو يقف أمام اتخاذ قرار حاسم. وفي هذه الأثناء سيضطر إلى اختيار الجانب الذي سيتنازل عنه في حكومته، عن المتعصبين أو عن “الرسميين”. ولكن يبدو أن موقف المتعصبين في هذه الحالة غير ضعيف كما اعتقدنا. فكل خطة لإطلاق سراح المخطوفين، التي ستقتضي من إسرائيل تقديم تنازلات كبيرة، وكل خطة دولية تشمل إقامة الدولة الفلسطينية ستثير معارضة شديدة أيضاً في الوسط.

ومن أجل البقاء سياسياً فان نتنياهو استخدم خطاب أكثر المتطرفين. والآن يبدو أنه تمت إزالة العوائق وأن جزءا كبيراً من الجمهور لا يخجل من القول إنه سيكون مسروراً بإطلاق سراح المخطوفين، لكن ليس بأي ثمن. هكذا هي الحال عندما تركب على ظهر النمر، هو يأكل وجهك.

جبهة نتنياهو هي الحرب من أجل بقائه السياسي. جبهة المسيحانيين هي الترانسفير لسكان غزة وإعادة الاستيطان في غوش قطيف.

هدف الحرب الرسمي، إعادة جميع المخطوفين، يفقد في هذه الأثناء الدعم. بين الضغط الدولي لإعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية وبين مزاج الجمهور الذي سيحدد بقاء نتنياهو السياسي، فإنه يبدو أنه مشلول.

الدلائل تشير إلى أنه حتى لو أراد ذلك إلا أنه قد وصل، كما هي الحال دائماً، إلى الطريق المسدود نفسه. فبعد أن غسل دماغه من تقديم التنازلات سيكون من الصعب عليه إقناع الجمهور بالموافقة على صفقة ترتبط بالتنازلات.

———————————————

معهد السياسة والاستراتيجية IPS 5/2/2024

الإنجازات العسكرية مقابل الفشل الاستراتيجي

بقلم: فريق المعهد بقيادة اللواء احتیاط عاموس جلعاد

بعد مرور حوالي أربعة أشهر على “السبت الأسود” ، تخوض إسرائيل قتالاً متعدد الساحات، حيث أظهر جيش الدفاع الإسرائيلي وقوات الأمن قدرات مثيرة للإعجاب. وبدون سياسة “اليوم التالي”، فإن الإنجازات العسكرية التي تحققت حتى الآن قد تتأكل.

من الممكن أن تطول الحرب في غزة لعدة أشهر، في حين قد تجد إسرائيل، من دون خطة للخروج نفسها عالقة في فراغ قد يؤدي إلى احتلال مباشر طويل الأمد. وهذا عبء ثقيل متعدد الأبعاد – سياسي وعسكري واقتصادي. سوف ينجذب جيش الدفاع الإسرائيلي إلى الاهتمام بالسكان المحليين، وسوف تتضرر مكانة إسرائيل الدولية، وسوف تتقوض العلاقات مع الدول العربية، وسيكون العبء الاقتصادي صعبا للغاية. علاوة على ذلك، فإن أفكار التعبئة السكانية وإعادة بناء المستوطنات يمكن أن تستخدم كذخيرة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي.

لقد تمكن نصر الله من إقامة علاقة مباشرة بين استمرار الحرب في غزة وبين الهجمات على المستوطنات الشمالية ومنشآت الجيش الإسرائيلي. ويأتي ذلك في الوقت الذي لا يزال فيه عشرات الآلاف من سكان الشمال نازحين ولا يوجد أي احتمال لعودتهم إلى منازلهم.

لا يزال معهد الصحة والسلامة المهنية (IOSH) بمثابة ساحة مشتعلة تواجه خطر تفشي المرض. إن العمليات التي يدعو إليها الوزراء في الحكومة لإضعاف السلطة الفلسطينية، وحرمان قطاع عريض من العمال من القدرات المعيشية، والافتقار إلى أفق سياسي، قد تجر إسرائيل إلى مشاركة أعمق. وذلك على الرغم من النشاط المكثف الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي والشاباك لإحباط الهجمات.

لقد نجحت إيران في وضع نفسها كدولة عتبة نووية، وتواصل تطوير قدرات الصواريخ بعيدة المدى والطائرات الهجومية بدون طيار. وفي الوقت نفسه، هناك تزايد في نطاق النشاط العنيف للميليشيات الموالية لإيران في جميع أنحاء قطاع غزة، بما في ذلك ضد القوات الأمريكية، دون رد مناسب فى هذه المرحلة. وذلك بما قد يعزز الأمن من جانبهم المواصلة النشاط الهجومي.

على الساحة السياسية، تتسع الشقوق بين إسرائيل والولايات المتحدة. وفي قلب الموضوع احتمالات قيام تحالف اقليمي بين اسرائيل والدول العربية بقيادة الولايات المتحدة. ويعتمد هذا إلى حد كبير على موافقة إسرائيل أو رفضها السماح للسلطة الفلسطينية “المتجددة” بأن تطأ أقدامها. وكلما طال الوقت دون تشكيل المحور الذي تقوده الولايات المتحدة، كلما أصبح المحور الإيراني أقوى وتضررت إسرائيل. في قوتها الاستراتيجية الشاملة. وفي الوقت نفسه هناك تنسيق أميركي بريطاني في ممارسة الضغوط على إسرائيل. وبحسب تقارير إعلامية، بدأ وزير الخارجية في لينكولن دراسة احتمالات الاعتراف بالدولة الفلسطينية كجزء من رؤية الرئيس بايدن “لليوم التالي”. وبالمثل، صرح وزير الخارجية البريطاني، كاميرون، أن بلاده تدرس الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ويبدو أن الاثنين مستعدان للنظر في الترويج لخيارات متطرفة “فوق القمة” لنتنياهو إذا أصر على رفضه الاندماج في مبادرة بايدن.

لقد أعطت قرارات محكمة العدل الدولية في لاهاي بالفعل دعما ضمنيا لنشاطات الجيش الإسرائيلي في غزة. لكنهم في المقابل، أصدروا بطاقة صفراء الإسرائيل لتجنب إجراءات الاحتلال المباشر التي قد تضعها على طريق الصراع على الساحة الدولية. ومن للهم الإشارة إلى أن المحكمة تواصل التعامل مع هذه القضية وقد تصدر قرارات صعبة تخضع لسلوك إسرائيل وتصريحات كبار مسؤوليها.

ششوفي الوقت نفسه، يبدو واضحاً الضرر الذي لحق بأنظمة العلاقات الاستراتيجية مع دول السلام والتطبيع، خاصة مع مصر. إن الأفكار التي سمعتها من إسرائيل بشأن نقل السكان وإعادة المستوطنة إلى غزة يمكن أن تسبب ضرراً أمنياً كبيراً للعلاقات الثنائية. أبعد من ذلك، بدأت الدول العربية بالفعل في الانخراط في تنسيق استراتيجي للواقع في غزة “في اليوم التالي” في مواجهة رفض إسرائيل مناقشة هذه القضية.

وفي الساحة الداخلية، لا يزال أكثر من 150 ألفاً من سكان إسرائيل في الجنوب والشمال مشردين من منازلهم، دون أمل في عودتهم. رئيس الوزراء لا يكبح الأقاويل ونظريات المؤامرة ضد رؤساء الأجهزة الأمنية. ولا تعكس الموازنة الجديدة للدولة الاحتياجات الحقيقية للاقتصاد والمجتمع وضرورة تغيير الأولويات الوطنية، مع تخصيص الموارد على أساس وطنى وليس قطاعي.

ما هو المطلوب القيام به؟

يتعين على رئيس الوزراء أن يختار بين السياسات التافهة التي تضر بالأمن القومي لدولة إسرائيل وبين الإستراتيجية الواسعة التي قد تعيد البلاد إلى طريق القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية.

ويجب على الحكومة أن تضع عودة المختطفين أحياء على رأس أولوياتها، لأن حياتهم في خطر متزايد. وهذا واجبنا الوطني والأخلاقي تجاههم، بعد أن تخلت الدولة عنهم مرة واحدة.

أمام دولة إسرائيل فرصة تاريخية للاندماج في العمليات الإقليمية التي تقودها الإدارة الأميركية، وتدعمها دول معسكر السلام العربي. ومن شأن هذا التكامل أن يسمح ببناء محور استراتيجي أميركي – إسرائيلي – عربي في مواجهة المحور الإيراني، ويمنح إسرائيل المجال لتغيير الواقع الأمني في الشمال. هذا، إلى جانب الشرعية لإسرائيل في مواصلة نشاطها العسكري للقضاء على حماس. كما سيمكن ذلك من تعزيز التعاون مع مصر في مجال البنية التحتية للتعامل مع التهريب عبر محور فيلادلفيا، وسيعزز العمق الاستراتيجي للأردن. وعليه، يوصى بأن تعمل الحكومة على تطوير حوار مع الحكومة حول الإصلاحات المطلوبة فى السلطة الفلسطينية “المتجددة”. هذا، مع العلم أن هذا سيكون السبيل الوحيد لدفع المجتمع الدولي والدول العربية إلى الاندماج في جهود استعادة غزة باعتبارها مفتاحًا لتوفير الرد على المحور الإيراني.

في مواجهة حزب الله ، يتعين على إسرائيل أن تعطي الأولوية للتسوية السياسية، حتى لو كانت مؤقتة، تحت رعاية الولايات المتحدة، الأمر الذي يسمح لها بالاستعداد الأمثل للمواجهة مع حزب الله. ولهذا، يتعين عليها أن تعمل على مستويين في وقت واحد. من ناحية تحسين جاهزية الجبهة الداخلية وإعداد السكان. وهذا، من بين أمور أخرى، هو كفاءة الملاجئ والملاجئ والغطاء الوقائي الأمثل للمرافق الأساسية. وفي الوقت نفسه ضمان التنسيق والتعاون السياسي والعسكري الكامل مع الإدارة الأمريكية.

في معهد الصحة والسلامة المهنية، ونظرًا لخطر انهيار السلطة الفلسطينية والتصعيد الواسع النطاق، تحتاج إسرائيل إلى منع إضعافها، من بين أمور أخرى، من خلال تحويل أموال الضرائب القابلة والسماح بدخول العمال بطريقة مدروسة ومضبوطة. وذلك على أساس أن الغالبية العظمى من الهجمات في الماضي نفذها مقيمون غير شرعيين، وليس أولئك الذين تم فحص دخولهم والموافقة عليه.

يتعين على رئيس الوزراء أن يختار بين السياسات التافهة التي تضر بالأمن القومي لدولة إسرائيل وبين الإستراتيجية الواسعة التي قد تعيد البلاد إلى طريق القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية. هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ قرارات شجاعة.

———————————————

نظرة عليا 5/2/2024

الأتراك و”متلازمة سيفر”.. من 1920 حتى تصريحات أردوغان بشأن الحرب في غزة

بقلم: رامي دانييل وغاليا لندنشتراوس

معاهدة سيفر التي وقعتها الإمبراطورية العثمانية والتحالف المنتصر في الحرب العالمية الأولى، في العام 1920، اعتبرت في الوعي العام في تركيا إهانة كبيرة، ذات تأثير مستمر على سياسة تركيا الخارجية. ورغم أن “عار سيفر” محي عقب اتفاق لوزان في العام 1923، الذي عدل وحل محل معاهدة سيفر، فقد تولد في تركيا ما يسميه الباحثون “متلازمة سيفر” المتعلقة بخوف تركيا من نوايا قوى أجنبية للمس بها، من خلال استغلال جهات في الدولة أو في مناطق تضر بها.

جذور “متلازمة سيفر”

معاهدة سيفر التي وقعت في 1920 بين الإمبراطورية العثمانية وتحالف دول الاتفاق في الحرب العالمية الأولى، كانت ضربة قاسية للأتراك، رغم أن الحركة الوطنية في تركيا نجحت في إلغائها بعد ثلاث سنوات تقريباً بالانتصار على الأرض والتوقيع على اتفاق جديد، لكن تأثير ذكرى معاهدة سيفر على العقلية التركية خلال القرن العشرين وحتى الآن، تأثير كبير. ثمة تأثيرات كثيرة لمتلازمة سيفر، في سياسة تركيا الداخلية وسياستها الخارجية، وضمن ذلك العلاقات بين تركيا وإسرائيل.

من العوامل الرئيسية لمعاهدة سيفر، قرار العثمانيين في 1914 بالمحاربة إلى جانب ألمانيا والنمسا – هنغاريا. أثناء الحرب، نجح الجيش العثماني في صد البريطانيين والفرنسيين في الدردنيل، واستغلال الثورة البلشفية لصالحه في القوقاز. ولكنه مني في ساحات أخرى بهزائم قاسية، لا سيما في الشرق الأوسط، أدت إلى انهيار المنظومة العسكرية والسياسية للإمبراطورية. اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع بين ممثلي الإمبراطورية والمنتصرين في الحرب في العام 1918 عكس هذا الواقع وتداعيات قرار الإمبراطورية عقد تحالف مع الجانب المهزوم في الحرب. وضمن أمور أخرى، أوجد ظروفاً لاحتلال أجزاء من الإمبراطورية العثمانية من قبل البريطانيين والفرنسيين واليونانيين.

عكست معاهدة سيفر أيضاً علاقات القوى السلبية من ناحية العثمانيين، كانت شروطها قاسية للإمبراطورية. فقد حصلت فرنسا وبريطانيا على الولايات العربية التي كانت جزءاً من الإمبراطورية. ونصت المعاهدة على إقامة دولة كبيرة للأرمن ومنطقة مستقلة ذاتياً للأكراد شرقي الأناضول وغربيه. في الشرق، حصلت اليونان على مناطق في الجزء الأوروبي التركي وفي الشاطئ الغربي، حول مدينة سميرنا (أزمير الآن). وفي المناطق الأخرى، التي كان متوقعاً تطبيق صيغة مصغرة للإمبراطورية العثمانية فيها، فإن الحكم العثماني كان محدوداً. مثلاً، المضائق بين البحرين الأسود والمتوسط اعتبرت منطقة دولية منزوعة السلاح، وحصلت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا على مناطق نفوذ واسعة في الأناضول.

معاهدة سيفر لم تؤثر على الوضع على الأرض بشكل كبير. من جهة، بدأ فوراً احتلال أجزاء من تركيا على يد قوات أجنبية بعد وقف إطلاق النار، وأكدت معاهدة سيفر الواقع الفعلي في وثيقة دولية. من جهة أخرى، الحكومة العثمانية التي وقعت على هذه المعاهدة، كانت لها صلاحيات محدودة، وصعد أمامها بعد غزو جيوش أجنبية للأراضي العثمانية حركة وطنية قادها مصطفى كمال. وهي حركة طرحت نفسها باعتبارها القوة السياسية التركية الحصرية، ورفضت الاعتراف بشرعية سيفر. بعد عدة انتصارات ضد الجيوش المحتلة في تركيا، ألغت الحكومة التركية الوطنية معاهدة سيفر على الأرض ووقعت في العام 1923 على اتفاق عدل، واستبدال معاهدة سيفر، ورسم معظم الحدود التركية كما هي الآن – اتفاق لوزان.

منذ السنوات الأولى للجمهورية التركية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، شكلت معاهدة سيفر في الرواية الرسمية في تركيا نقطة الحضيض التي وصلت إليها الإمبراطورية العثمانية، والحاجة إلى الصمود التركي القوي أمام نوايا الدول الإمبريالية ضدها. مع مرور السنين، فإن ما سمي “متلازمة سيفر” تبلور مع خصائص أدق. “متلازمة سيفر” خوف قائم لدى القيادة وفي الساحة السياسية بتركيا من تعاون الدول الغربية العظمى مع لاعبين إقليميين، داخل تركيا وخارجها، للقضاء على دولة تركيا.

الحرب الباردة وسنوات التسعينيات

إن ربط القضايا الداخلية والخارجية من خلال متلازمة سيفر، زاد من تشدد مواقف النخب في تركيا تجاه الأعداء الداخليين، الإسلام السياسي أو الأقليات العرقية، التي عرضت بأنها متعاونة مع القوى الأجنبية وتطمح إلى الإضرار بتركيا. أما من حيث السياسة الخارجية، فقد تم التعبير عن متلازمة سيفر بقضايا مختلفة بعد الحرب العالمية الثانية: النزاع في قبرص بين الأكثرية اليونانية والأقلية التركية، الذي أصبح القضية الأهم والأكثر إثارة للمشاعر في سياسة تركيا الخارجية، هو نزاع تم تفسيره بوجود تحالفات ضد أنقرة. والنشاطات الأمريكية في هذا السياق أظهرت تخوفات تقليدية لدى تركيا. في العام 1964، عندما عانت الأقلية التركية من هجمات الطائفة اليونانية في جزيرة قبرص وأنقرة، فحصت غزو قبرص، وأرسل الرئيس الأمريكي لندون جونسون، لرئيس الحكومة التركية رسالة تهديد منع خطط تركيا. بعد عقد، عندما غزت تركيا شمالي قبرص، الأمر الذي اعتبرته “عملية سلام”، فرضت واشنطن على أنقرة حظر تزويدها بالسلاح. السلوك الأمريكي في موضوع قبرص أقنع الرأي العام في تركيا بأن الإدارة الأمريكية تؤيد أعداء تركيا شرقي البحر المتوسط. وأزمة إيميا (كارداك) في بحر إيجة في 1996 ومعارضة تركيا لشراء منظومة صواريخ “اس 300” الروسية من قبل قبرص في الأزمة في 1997 – 1998 أوضحت من ناحية أنقرة أن العلاقة مع اليونان واليونانيين في قبرص متوترة، بل وقد تسيء قوات أجنبية استخدامها ضد تركيا.

متلازمة سيفر أثرت على رد تركيا حول موقف الغرب في قضية إرهاب الأرمن، والأكثر من ذلك حول إرهاب الأكراد. في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات في القرن الماضي، ضربت منظمات أرمنية إرهابية أهدافاً لتركيا، بخاصة دبلوماسيون أتراك في أرجاء العالم، وطالبت بأن تعترف أنقرة بإبادة الشعب الأرمني، انتقاماً لذلك. الحكومة، والرأي العام في تركيا، التي شعرت في حينه أنها تتعرض للهجوم، ردت بسلبية على حقيقة أن حكومات كثيرة في الغرب قررت الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن. وقد أثبت هذا التوقيت لجهات سياسية كثيرة في تركيا وجود علاقة بين الحركات الإرهابية والحكومات الأجنبية بهدف المس بشرعية الدولة التركية.

شبيهاً بذلك، الدعم الذي حصلت عليه الحركة السرية الكردية، بي.كي.كي، سواء من نظام الأسد الأب في التسعينيات الذي سمح للمخربين الأكراد بالحصول على ملجأ لهم في سوريا، أو من جانب حركات سياسية كثيرة في أوروبا التي اعتبرت الـ بي.كي.كي حركة تحرر، اعتبرته تركيا إثباتاً على وجود تعاون خطير بين أعداء تركيا في فترة جبى فيها النزاع مع إرهاب الأكراد ثمناً باهظاً من المجتمع التركي. إضافة إلى ذلك، فإن اختباء رئيس بي.كي.كي ضمن أماكن أخرى، في منزل السفير اليوناني في كينيا قبل اعتقاله على يد سلطات الأمن التركية، رآها الأتراك علامة أخرى على محاولة المس بسلامة تركيا الجغرافية. هذه الحالات شكلت ذخراً أيضاً للمعارضين لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، التي شكلت موضوعاً رئيسياً في الحوار السياسي في تسعينيات القرن الماضي. المعارضون الذين كانوا في طرفي الطيف السياسي في أنقرة، عرضوا انضمام تركيا للاتحاد كجزء من خطة شاملة لإضعافها.

حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية اعتبرتا عوامل للمس بتركيا، التي لم تجدها أنقرة رداً كافياً من جانب شركائها في حلف الناتو. هذه الحروب تسببت بخسائر اقتصادية لتركيا، وخلقت بنية أساسية لاستقلال ذاتي للأكراد في شمال العراق. ورغم أن تركيا طورت علاقات عمل وثيقة مع الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق مع مرور السنين، وبالذات مع الحزب الديمقراطي الكردي (كي.دي.بي)، لكن ما زال هناك تخوف من نوايا الاستقلال لهذا الكيان التي ستعرض تركيا للخطر. في جميع هذه القضايا، شكلت “متلازمة سيفر” العامل المؤسس في رد تركيا. وذكر زعماء أكراد طوال سنين معاهدة سيفر من أجل إدانة دول أو منظمات عُرضت كجهات تضر بمصالح تركيا، ومن أجل مهاجمة أعداء في الداخل، الأمر الذي استخدم أيضاً كطريقة لتجنيد الدعم في الرأي العام التركي، الذي ما زالت فيه ذكرى سيفر حية. في حالة الأكراد والأرمن، فإن الكثير من المحللين في تركيا مدوا خطاً مباشراً بين الوضع في الثمانينيات والتسعينيات وبين الخطط القائمة في معاهدة سيفر الأصلية ومع الاتهامات ضد الغرب بمحاولته الدفع قدماً بـ “سيفر جديد”.

عهد أردوغان

بعد تولي رجب طيب أردوغان منصب رئيس الحكومة في 2003 برز تغير معين، كان يمكن تفسيره كجزء من رغبة أردوغان في وضع نفسه ضد نخبة كمال أتاتورك التقليدية، بما في ذلك الجيش، الذي كانت فيه “متلازمة سيفر” عاملاً مؤثراً جداً. نفذت تركيا عدة إصلاحات ليبرالية في محاولة للقبول بها كعضوة في الاتحاد الأوروبي، وبدأ أردوغان بعملية سلام مع الأكراد في تركيا وحتى مع الأرمن.

ولكن هذه المحاولة حصلت على ضربات شديدة حتى في المراحل الأولى؛ فحادثة تغطية رؤوس الجنود الأتراك الذين كانوا في مهمة خاصة شمالي العراق في تموز 2003 على يد جنود أمريكيين، سجلت في وعي الجمهور التركي كإهانة، وجدت تعبيرها لاحقاً في الثقافة الشعبية. وثمة ضربة أخرى، وهي المصادقة على خطة “أمان” لإعادة الوحدة في قبرص في 2004 من خلال استفتاء شعبي بالجزء اليوناني لقبرص (مقابل الجزء التركي الذي صوت مع) وقبول جمهورية قبرص كعضوة في الاتحاد الأوروبي رغم أن النزاع على مصير الجزيرة لم يُحل بعد. إلى جانب قضية قبرص، كان في الاتحاد الأوروبي معارضة شديدة لقبول تركيا في هذه المنظمة، وصرح زعماء بارزون مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي، في صالح “شراكة خاصة” لتركيا مع الاتحاد الأوروبي، ولكنها شراكة لا تشكل العضوية الكاملة. الحرب في العراق والهزة العربية التي بدأت في 2011 أضافت عوامل توتر للعلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، وجهود الوساطة التي قادها أردوغان أمام الأكراد وصلت إلى طريق مسدود.

إسرائيل ومتلازمة سيفر

على خلفية مكانتها في الشرق الأوسط وعلاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة إلى جانب نظريات المؤامرة حول تأثير سري لليهود، فقد وجد ذلك صداه أيضاً في تركيا، واحتمالية ملاءمة “متلازمة سيفر” مع تعامل تركيا مع دولة إسرائيل، كانت دائماً مرتفعة. لذا، رأت إسرائيل أن التحدي الاستراتيجي هو تجنب وضعها في مجموعة اللاعبين التي تظهر فيها البارانويا التركية.

حاولت إسرائيل في تاريخ العلاقات بين إسرائيل وتركيا، أن تعرض نفسها أنها الدولة الأكثر صداقة لتركيا في المنطقة، وبالتالي استغلال متلازمة سيفر لصالحها.

لكن ثمة عوامل في متلازمة سيفر تؤثر سلباً على العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وبدأ الشعور بهذا في العقدين الأخيرين.

خلال حرب “السيوف الحديدية” [طوفان الأقصى]، كان من بين الانتقادات التي أسمعت بخصوص سلوك إسرائيل في الحرب، أن تحدث أردوغان عن نوايا إسرائيل التوسعية. وحتى إن جهات أخرى في تركيا قالت إن إسرائيل تطمح إلى احتلال أجزاء من تركيا.

يمكن فهم هذا الانتقاد على أساس متلازمة سيفر، لكن الأحداث في المنطقة لا ينظر إليها على أنها أحداث صدفية، بل أيضاً وكأنها موجهة ضد تركيا. ورغم دعم أمريكا لإسرائيل وإرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة أثناء الحرب في قطاع غزة، لم ينظر إليها كعامل ردع، بل كمشجع على الاستفزاز أمام روسيا وإيران، وأنها ستضر بتركيا وتمكن إسرائيل من القيام بكل ما تشاء في قطاع.

———————————————

إسرائيل اليوم 5/2/2024

محور فيلادلفيا.. بين تهديد مصري واضطرار إسرائيلي

بقلم: يوآف ليمور

نقلت مصر مؤخراً رسائل حازمة لإسرائيل مفادها أن عبور لاجئين فلسطينيين من غزة إلى سيناء سيعرض اتفاق السلام بين الدولتين للخطر.

ونقلت الرسائل في سلسلة من الاتصالات بين محافل رفيعة المستوى في مصر ونظرائهم في إسرائيل، ووصل مضمونها إلى القيادة السياسية الأمنية في البلاد. أوضحت مصر عدم موافقتها على عبور لاجئين إلى سيناء. وحسب أحد المصادر، كانت الرسالة المصرية بأنه “إذا مر حتى ولو لاجئ فلسطيني واحد، فسيلغى اتفاق السلام”.

وقال مصدر آخر إن الرسالة المصرية كانت أرق، وبموجبها فإنه “إذا ما مر حتى ولو لاجئ مصري واحد، فسيعلق اتفاق السلام”. وشرح المصدران الرسائل الحازمة التي أطلقتها مصر بخليط من الغضب والقلق؛ غضب نابع من تصريحات وأوراق مواقف مختلفة أوصت بإخراج الفلسطينيين من غزة كحل ممكن لمشكلة القطاع. وزارة الاستخبارات برئاسة الوزيرة غيلا جمليئيل، أوصت بذلك في ورقة رسمية نشرتها، وفي الأسابيع الأخيرة كانت بضعة تصريحات مشابهة لوزراء ونواب على رأسهم وزير المالية سموتريتش الذي كرر الأقوال في عدة مناسبات.

ينبع القلق المصري من عبور مئات آلاف الفلسطينيين في غزة إلى سيناء وبقائهم هناك. ووفقاً المصدر، فإنه لا يمكن لأي دولة أن توافق على استيعاب مثل هذا العدد من اللاجئين الفلسطينيين، وسيصبحون مشكلة مصرية دائمة”، على حد تعبير أحد المصادر. لهذا القلق دافعان أساسيان: الأول، أن يحاول الفلسطينيون ترك غزة على خلفية الوضع الإنساني المتهالك في القطاع. والآخر أن يحاول الفلسطينيون الفرار خوفاً من الحرب.

مسألة محور فيلادلفيا

كما أن هذا هو السبب الذي جعل مصر تبين لإسرائيل معارضتها الشديدة لاتساع القتال نحو رفح وسيطرة إسرائيلية على محور فيلادلفيا. يتركز في منطقة رفح اليوم نحو 1.4 مليون من أصل 2.2 مليون من مواطني القطاع. وتخشى مصر من أن ستؤدي عملية إسرائيلية في المدينة إلى فرار جماعي إلى سيناء. ولما كانت إسرائيل تمنع عودة الفلسطينيين إلى بيوتهم في شمال القطاع، فإنها عملياً لا تترك لهم أي إمكانية غير الفرار جنوباً.

ترى إسرائيل في ذلك مشكلة حقيقية؛ لأن لواء عسكرياً لحماس يعمل في رفح مع أربع كتائب، ولا بد من هزيمتها كجزء من نية فرض الهزيمة على قدراتها العسكرية في القطاع. كما أن السيطرة على محور فيلادلفيا حيوية لقطع التهريب بين سيناء والقطاع. وحسب تقديرات مختلفة، في المنطقة عشرات أنفاق التهريب التي تعمل اليوم أيضاً. وقد استخدمتها حماس لتهريب الناس والبضائع، وأساساً الوسائل القتالية.

إن السيطرة على محور فيلادلفيا ستفرض على الجيش الإسرائيلي بقاء طويلاً إلى أن يتوفر حل دائم لمشكلة التهريب. وثمة حلول ممكنة كهذه: بقاء دائم لإسرائيل في المكان؛ وإقامة عائق تحت أرضي مثل العائق الذي أقيم في حدود إسرائيل – غزة؛ ومرابطة قوة متعددة الجنسيات؛ ومرابطة قوة مصرية معززة. تتطلع إسرائيل إلى دمج عدة حلول بالتوازي، مثل بناء عائق يعزز بعمل مصري أو دولي دائم وربما بكليهما. أما إمكانية بقاء دائم لإسرائيل فهي ضعيفة، لأن العالم سيعتبر ذلك احتلالاً متجدداً للقطاع، وتلزم إسرائيل بجواب لمشاكله. وقد أوضحت إسرائيل بأنها تعتزم فك ارتباطها عن غزة تماما في نهاية الحرب، وليس كما تفعل حين كان معظم البضائع والوقود تدخل إلى غزة من البلاد. وكي لا تتهم بأنها تخنقه، فعليها السماح للغزيين ببوابات دخول وخروج. ولأنه لا ميناء أو مطار في غزة، ولأن المعابر من إسرائيل ستغلق، فلن يتبقى للفلسطينيين إلا معبر رفح لإدخال وإخراج البضائع والأشخاص.

المصلحة في هزيمة حماس

كل هذه الخطوات تستوجب تنسيقاً وثيقاً بين إسرائيل ومصر. تجري اتصالات بين الطرفين منذ بداية الحرب، وتتواصل رغم غضب القاهرة على حكومة إسرائيل. كما يقوم المصريون بدور فاعل في الاتصالات لصفقة المخطوفين.

للحكم في مصر عطف قليل على حماس كجزء من سياستها حيال حركة الإخوان المسلمين. ومع ذلك، تقيم علاقات متفرعة مع حماس كجزء من جهودها لتوسيع نفوذها، لكن أيضاً كبوليصة تأمين ضد تسلل نشاط حماس إلى أراضيها.

وقدرت محافل مختلفة في إسرائيل بأن لمصر مصلحة واضحة في هزيمة إسرائيل حماس؛ لتعزيز الجهات المعتدلة في المنطقة في وجه المحور المتطرف بقيادة إيران. وعلى حد قولهم، على إسرائيل العمل في القاهرة لتبديد مخاوف مصر بأن تمس الحرب في غزة بالمصالح المصرية، وعلى رأسها إمكانية عبور لاجئين فلسطينيين إلى سيناء.

———————————————

هآرتس 5/2/2024

في “إسرائيل الكهانية”: نتنياهو وبن غفير.. علاقة استغلال متبادلة

بقلم: أسرة التحرير

لم يعد تفشي الكهانية في إسرائيل سراً، فوجه إسرائيل الكهاني انتشر هذا الأسبوع على صفحات “وول ستريت جورنال”، التي نشرت عن وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، وفيها مقابلة معه.

استخدم بن غفير المنصة المحترمة التي أعطيت له كي يهدد رئيس الوزراء نتنياهو. “نتنياهو في مفترق طرق. عليه تحديد الاتجاه الذي يسير فيه”، قال وحذر، هو نفسه كفيل بمعارضة أي صفقة تؤدي لتحرير آلاف المخربين لإنهاء الحرب في قطاع غزة.

ضرب بن غفير بذلك مثلاً عن علاقات الاستغلال المتبادلة التي يستخدمها هو ونتنياهو لأغراض البقاء السياسي. الأول يركب على انعدام البديل السياسي، والآخر يستخدمه لأغراض التوازن حيال الضغوط السياسية التي تمارس على دولة إسرائيل

من دون بن غفير سيفقد نتنياهو حكومته، ولا أحد في الساحة السياسية داخل إسرائيل يصدق كلمة واحدة تخرج من فم نتنياهو. لكن بالمقابل، بفضل بن غفير، يمكن لنتنياهو مواصلة سياسة “يداي مكبلتان” أمام المطالب الأمريكية لتحقيق حل الدولتين، وبشكل عام حيال مداولات “اليوم التالي”.

غير أن بن غفير لم يكتفِ باستعراض العضلات الإسرائيلية الداخلية، وقرر تحدي الرئيس الأمريكي جو بايدن ويتزلف لدونالد ترامب؛ أغلب الظن على أمل فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة وإيماناً بإعطاء إسرائيل ضوءاً أخضر لتحقيق خطة الترحيل الإجرامية خاصته وخاصة رفاقه في اليهودية المتطرفة.

قال بن غفير: “بدلاً من أن يعطينا بايدن إسناداً كاملاً، ينشغل بإعطاء مساعدات إنسانية ووقود لغزة، تذهب لحماس. لو كان دونالد ترامب في الحكم لكان السلوك الأمريكي مغايراً تماماً”.

أقواله هذه تعرض العلاقات مع الولايات المتحدة للخطر. لو كان هناك رئيس وزراء يضع مصلحة الدولة على رأس اهتمامه، لطرد الوزير ورفاقه في خطط الترحيل والضم، من حكومته. بل لو كان هناك رئيس وزراء توجهه مصالح دولته، ما كان ليعين شخصاً كهذا وزيراً أو يقيم معه أي شراكة سياسية.

ومع أن نتنياهو نجح في إصدار رد فعل، لا يقول شيئاً ولا يتعهد بشيء، وحتى اسم بن غفير لم يشر إليه خشية أن يثير عليه القاعدة لا سمح الله. بن غفير ونتنياهو، كل منهما على حدة، وكلاهما معاً خطر على مستقبل دولة إسرائيل. إن مجتمعاً محباً للحياة ينبغي له أن يطالب بإبعادهما عن الميدان السياسي. إذا ما بقيا في الحكم، فستدهور دولة إسرائيل وتتحطم ومكانتها.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 5/2/2024

الجيش الإسرائيلي: وصلنا إلى المركز الذي أعدت فيه حماس عملية 7 أكتوبر

بقلم: يوسي يهوشع

ما يحصل في الأيام الأخيرة حول المفاوضات لتحرير المخطوفين والمخطوفات، تجاوز منذ زمن بعيد حدود المنطق السليم. تقارير مشكوك في مصداقيتها عن رد حماس على المخطط للاتفاق تجر ساعات فوق ساعات من المداولات في الاستوديوهات وتتسبب للدولة بانتظار موقف حماس: تارة تكون هذه 24 ساعة، وتارة أخرى 48 ساعة. تارة في السابعة مساء، وعندها بعد ربع ساعة مجهولة. وكل هذا دون وضوح ما إذا كانت القيادة الإسرائيلية قادرة على تمرير اتفاق، لأن الكثيرين في الحكومة ينفرون منه.

النتيجة أن يحيى السنوار من مكان اختبائه في أحد الأنفاق، أخذ الصدارة مرة أخرى، ويواصل تمزيق أعصاب المجتمع الإسرائيلي، رغم أن وضعه أصعب بكثير مما يبث إلى الخارج: في خانيونس؛ أي من معقل حماس حتى وقت أخير مضى، يوشك على أن يفقد لواءه المركزي في غضون أسبوع في أقصى الأحوال.

يقول جهاز الأمن إنه لا سبب يدعونا للتحرك من هناك أو حتى جلب رأس زعيم حماس في القطاع. كلما تقدم الجيش الإسرائيلي تحسنت الصورة الاستخبارية، بفضل التحقيق مع الأسرى والقتال في الأنفاق. هذا لا يعني أننا سنصل إلى السنوار صباح غد؛ فهو ذكي بما يكفي ليتحرك مع مخطوفين حوله، لكن بخلاف التفاؤل وحتى الاعتداد الذي يبثه إلى الخارج، فقد كانت له حتى الآن أيام أجمل.

يطلب الجيش و “الشاباك” من الجمهور، كما اعتدنا في الأشهر الأربعة الأخيرة، الصبر و”التفكير بتعابير السور الواقي”، بمعنى الفهم بأن مرحلة تعميق الإنجاز، حتى الانكسار، إنما تأتي بعد الضغط الأولي. ولكن لم في “السور الواقي” مئات المخطوفين وآلاف النازحين من بيوتهم، ولا أزمة داخلية خطيرة، ولا حكومة تضم أعضاء متطرفين يحرصون على إضاعة كل ما تبقى من ائتمان دولي. وعليه، فإذا ما واجهنا وضعية في مجال مختلف تماماً فثمة حاجة لضربة تسمح لإسرائيل بأن تفاجئ. مثلاً: تقليص المساعدات الإنسانية لحشر القطاع، ثم حمل الأسرة الدولية على الدفع باتجاه الصفقة.

وهناك عمل فعلي يكمن في مشكلة رفح، حيث نشأت إمبراطورية تهريب حماس التي تسيطر على المنطقة بواسطة أربع كتائب. يمكن للجيش الإسرائيلي أن يهزمها: وإن كان التحدي مركباً بسبب حشر السكان هناك، البالغ عددهم حتى الآن 1.4 مليون شخص، لكن عملية تحريك مرتبة ربما تخلق ظروفاً لمناورة في المنطقة. ستكون هذه بحكم الأمر الواقع هزيمة الذراع العسكرية لحماس حتى بدون تصفية القيادة. وقال مسؤولون كبار في الجهاز إنهم متفائلون أكثر للنتيجة النهائية المرغوب فيها – تقويض ذراع حماس العسكرية. هؤلاء المسؤولون لا يفكرون بتعابير تصفية آخر وسيلة إطلاق، بل في كل ما يتعلق بالبنى التحتية الهامة تحت الأرض وكذا المستوى القيادي بالتأكيد. في خانيونس، مثلاً، بدأ الفريق القتالي في المظليين في الأيام الأخيرة يعمق عمله في حي العمل غربي المدينة، معقل إرهاب.

اجتاح المقاتلون خزانات ومكاتب صرافي المنظمة، وعثروا على أكثر من ثلاثة ملايين شواكل كانت تمول الإرهاب. كما عثر على وثائق استخبارية، ووسائل قتالية كثيرة، وفوهات تحت أرضية، ومواقع رصد ومصانع لإنتاج الوسائل القتالية. المخربون الذين أوشكوا على إطلاق النار عليهم وزرع العبوات، صفتهم نار القناصة بمساعدة قذائف الهاون ومسيرات سلاح الجو. بالتوازي، دمر مقاتلو “جفعاتي” قاعدة “القادسية” حيث عثر على مكتب يستخدمه شقيق السنوار، وكان مركزاً في الإعداد لـ 7 أكتوبر. كانت في المكان مكاتب أخرى لمسؤولين كبار، لكن أكثر ما أثار الاهتمام هي ماكينات إنتاج ألمانية حديثة لإنتاج السلاح أدخلت من سيناء بعد تفكيكها وإعادة تركيبها.

———————————————

هآرتس 5/2/2024

البنغفيرية و”المعقولية” و7 أكتوبر.. هكذا فقد نتنياهو السيطرة على مقود القيادة

بقلم: يحيعام فايس

في 21 تشرين الأول، بعد أسبوعين على بدء حرب المذبحة، تم الاحتفال بعيد ميلاد نتنياهو الـ 74. في أيار 1996 عندما تم انتخاب للمرة الأولى لرئاسة الحكومة في إسرائيل، كان عمره في حينه 47 سنة. نجح نتنياهو في ذلك رغم مناخ عام ساد بعد قتل رئيس الحكومة إسحق رابين، ورغم معارضة شديدة في أوساط أمراء الليكود. الأمراء، لا سيما دان مريدون وبني بيغن، اللذين انضما لحكومته الأولى وقدما استقالتهما بعد فترة قصيرة جداً وأغلقا الباب، وتعامل معه رئيس بلدية القدس إيهود أولمرت ورئيس بلدية تل أبيب – يافا وروني ميلو، باحتقار واشمئزاز، وفعلا كل شيء للمس به. ولكن نتنياهو نجح في اجتيازهم ووصل إلى رئاسة الليكود وإلى مكتب رئيس الحكومة. رأي في وصوله إلى القمة -رغم أن والده لم يشغل منصباً رئيسياً في حركة “حيروت” ولم يكن بروفيسور في الجامعة العبرية، نقطة مهمة، ونوعاً من الانتقام العائلي.

منذ ذلك الحين، ونتنياهو يشغل منصباً رئيسياً في حياتنا، بالخير والشر. الاستراتيجية الرئيسية التي مكنته من الاستمرار في المنصب لفترة طويلة هي اتخاذ القرارات ليس حسب مصالح الدولة أو حسب مواقفه الشخصية. كان هدفه واحداً ووحيداً، وهو التمسك بالحكم. أبرز مثال على ذلك هو قرار دفع أي ثمن، حتى الأعلى، من أجل إطلاق سراح جلعاد شاليط. كان هذا القرار مختلفاً كلياً عن قرار إيهود أولمرت الذي كان سلفه في منصب رئيس الحكومة. ورغم أن أولمرت أدرك ألم أفيفا ونوعم شاليط، والدي جلعاد، لكنه لم يكن مستعداً لدفع ثمن إطلاق سراحه.

حتى اليوم يدعي أولمرت بأن إطلاق سراح أكثر من ألف مخرب، من بينهم مشاركون في عمليات قتل وفظائع، تسبب بضرر كبير لأمن الدولة. كان نتنياهو على استعداد لاتخاذ هذه الخطوة رغم معارضته الدائمة لخطوات “داعمة للإرهاب” ورفع هذه الراية منذ أن بدأ في شق طريقه السياسية.

كان نتنياهو مستعداً لدفع ثمن باهظ لهدف واضح، وهو المس بالاحتجاج ضد غلاء المعيشة، “احتجاج الكوتج” في صيف 2011، والقضاء عليه. عشرات الآلاف شاركوا في المظاهرات وفي خيام الاحتجاج في مركز تل أبيب. ورأى في خطوات الاحتجاج هذه تهديداً حقيقياً، على الحكومة وعليه شخصياً. الصفقة مع حماس، وإطلاق سراح 1027 سجيناً فلسطينياً مقابل جلعاد شاليط، يمكن اعتبارها عملية كان هدفها الرئيسي شخصياً – سياسياً – تعزيز أسس حكمه. كل ذلك خلافاً لمبادئ رسمية – أمنية، وحتى خلافاً لنهجه العلني. يدور الحديث عن خطوة تهكمية لا أساس لها، منحت نتنياهو بضع سنوات من الحكم، من بينها سنوات بلفور السعيدة (بالنسبة لكل أبناء عائلته).

دوافع نتنياهو لتشكيل الحكومة الحالية تشبه بدرجة كبيرة دوافعه في كل ما يتعلق بصفقة شاليط: ضد مبادئ أساسية رسمية، من أجل الحصول على ملذات الحكم، لكنه نجح بشكل أقل هذه المرة. لا يستطيع نتنياهو الآن السيطرة على كل النقاط التي وفرتها له عجلة القيادة لسنوات كثيرة. ثلاثة أحداث هزت وضعه: الأول تشكيلة الحكومة؛ فهي للمرة الأولى في تاريخ الدولة تستند إلى أحزاب اليمين العنصري التي لم تكن شرعية قط، ورؤساء هذه الأحزاب، مثل سموتريتش وبن غفير، باتوا وزراء مهمين فيها، ويملك هذان الاثنان قوة كبيرة لتوجيه قرارات الحكومة. يمكن القول إن نتنياهو لم يعد صاحب البيت، بل نوع من الدمية. بجلوس بن غفير على كرسي الأمن الوطني، صار يدير شرطة إسرائيل وكأنها ضيعته الشخصية، بالأساس الحزبية. هدفه تحطيم قواعد اللعب في الشرطة للعمل حسب رغبته، وسيفعل كل ما في استطاعته لتحقيق هذا الحلم المخيف. يدرك نتنياهو معنى خطواته، لكنه يفضل الصمت والتجاهل بسبب قدرة بن غفير على حل الحكومة. نتنياهو لا يخاف من يئير لبيد، لكنه خاف ويخاف من “فتى التلال” بن غفير.

الحدث الثاني الذي ضعضع وضع نتنياهو كان في 24 تموز 2023، اليوم الذي صادقت فيه الكنيست بشكل نهائي بأغلبية، 64: صفر، على القانون الذي ألغى ذريعة المعقولة، وامتنع ممثلو المعارضة عن التصويت. قبل التصويت، طلب رئيس الأركان هرتسي هليفي التحدث مع نتنياهو ليوضح له مدى المس بالأمن بشكل عام، وبالعلاقات الحساسة بين جنود الاحتياط والجيش النظامي بشكل خاص. لم يوافق نتنياهو على طلبه، ولم تجر المحادثات بينهما إلا بعد التصويت الدراماتيكي في الكنيست. فضل رئيس الحكومة مرة أخرى الاعتبارات الشخصية والحزبية على الاعتبارات الرسمية. يدور الحديث عن حضيض وصل إليه رئيس الحكومة وقائد الجيش في تاريخ الدولة.

الحدث الثالث هو كارثة 7 أكتوبر. منذ ذلك الحين ونتنياهو يعمل كل ما في استطاعته للتملص من الحقيقة البسيطة، وهي أنه المسؤول الأعلى والرئيسي عن العملية التي كانت بدايتها تشكيل الحكومة الحالية ونهايتها الكارثة الفظيعة. كل من له رؤية تاريخية قليلة سيقول إن نتنياهو مرتبط جداً وحتى بشكل كامل مع هذه الكارثة.

———————————————

هآرتس 5/2/2024

لماذا تحاول حماس إظهار سيطرة عسكرية ومدنية شمالي القطاع؟

بقلم: جاكي خوري

تتزايد في الأيام الأخيرة تقارير حول استئناف المعارك في مدينة غزة وشمالي القطاع، ما يدل على أن حماس وفصائل أخرى قد استأنفت قدرة على التحرك في هذه المناطق وإدارة عمليات إطلاق نار أمام قوات الجيش الإسرائيلي التي ما زالت تنتشر في المنطقة، وإلحاق خسائر وأضرار بها. حسب أقوال السكان في القطاع، فإن تبادل إطلاق النار ومحاولة المس بالآليات المدرعة تجري كحرب عصابات تماماً – معارك شوارع بدون خطة منظمة ظاهرة للعيان. “أشخاص بملابس مدنية ومسلحون بصواريخ آر.بي.جي يطلقونها نحو أي هدف عسكري متحرك في المنطقة ويستخدمون الأنفاق والفتحات”، قال للصحيفة أحد سكان غزة الذي ما زال يقيم في المدينة في أحد مراكز الإيواء. “هؤلاء الأشخاص ليسوا بحاجة إلى تعليمات من غرفة قيادة، ولا ينتظرون إمداداً لوجستياً. نظرية القتال هي ضرب كل ما هو إسرائيلي ويتحرك في الفضاء”.

في وقت يتحدث فيه الجميع عن إطار لوقف إطلاق النار، ثمة شعور بأن حماس تحاول زيادة المعارك في مدينة غزة وشمالي القطاع، وهي مناطق تدعي إسرائيل بأنها حققت السيطرة عليها، في محاولة لبث القدرة التنظيمية والعملياتية التي تم الحفاظ عليها حتى بعد أربعة أشهر من القتال، ولتخفف الضغط على جنوب القطاع بقدر الإمكان.

رغم محاولة إثبات السيطرة من خلال القتال، ثمة سؤال يطرحه سكان القطاع، النازحون والمهجرون: ما مدى سيطرة حماس على المجال المدني والإداري، وإلى أي درجة تم خلق فراغ كامل في الحكم في القطاع؟ مؤخراً، اهتمت حماس بنشر أفلام يظهر فيها رجالها وهم يعتقلون مشبوهين بالسطو والنهب للبيوت التي بقيت فارغة في شمال القطاع.

هدف حماس هو عرض صورة، حتى لو جزئية، بأن لديها قدرة على مواصلة السيطرة، بما في ذلك حضور الشرطة لمرافقة نشاطات الإغاثة والنشاطات الإنسانية الخاضعة لها.

حسب موظف في جهاز حماس للإغاثة المدنية، فإن قدرة المنظمة تضررت بشكل كبير، لكن هذا لا يعني أن دورها انتهى. “نحاول التنظيم حتى في الظروف الصعبة، على الأرض رجال شرطة ورجال أمن داخلي، لكن ليس بشكل بارز ومكشوف. أي شخص من حماس يعتبر هدفاً لإسرائيل، بما في ذلك سيارات الشرطة أو الأشخاص الذين يرتدون الزي الأزرق. لذا، فإن الحضور مدني بالأساس”، قال الموظف. “لا توجد مهمات شرطية مهمة الآن في القطاع، ومعظم السكان يظهرون المسؤولية بحيث لا يمكن التحدث عن ظواهر واسعة للسطو والسرقة من البيوت المتروكة. الأساس الآن هو توفير الطعام واحتياجات أساسية للسكان وتشغيل الأجهزة والبنى التحتية المدنية التي تهتم بتوزيع هذه الأمور بشكل عادل بقدر الإمكان”.

ويوضح سكان القطاع بأن وجود الشرطة يتغير من مكان إلى آخر، لأن الهدف الرئيسي هو الرقابة على رفع الأسعار ومنع عمليات سرقة المساعدات الداخلة إلى القطاع. من يسرقون المعدات ليسوا المحتاجين والجائعين. “الخوف من الزعران وتجار الحرب الذين يسرقون من أجل البيع، الأمر الذي نحاربه”، قال شخص في الجهاز المدني.

إن الاعتقال الذي تم توثيقه ونشره هدف إلى نقل رسالة بأن رجال حماس يحافظون على النظام على الأرض، رغم أن ظاهرة السرقة لم تبدأ في الأسابيع الأخيرة، بل منذ بداية الحرب. نشرت إسرائيل صوراً لرجال حماس، لكن هناك أشخاصاً هاجموا رجال الأمن ورجال الشرطة كما يبدو. “رغم محاولات إظهار السيطرة، فإننا بعيدون عن ذلك. الأمر الأبرز إعلامياً هو السرقة من البيوت أو من شاحنات المساعدات. ولكن هل فكر أحد بقضية الرقابة على الأسعار أو توزيع المساعدات أو كمية الوقود التي يتمكن التجار من تهريبها وبيعها في القطاع؟”، قال ناشط حقوقي يعيش في جنوب القطاع. وحسب قوله، فإن المهمة الأساسية الآن كبح جماح التهريب ورفع الأسعار ومنع الانهيار الكامل لمنظومة المساعدات.

إلى جانب ذلك، يقول أهالي القطاع إن السيطرة الأمنية والمدنية تتغير من مكان إلى آخر؛ ففي رفح ودير البلح ما زال فيهما حضور أمني ومدني بينما الأمر مختلف في الأماكن الأخرى، بل محدود ومرتبط بحجم المعارك والقتال. ولكن محاولة حماس إظهار الحضور الشرطي ولو رمزياً، في مدينة غزة وعدة أماكن في الشمال، بما في ذلك جباليا، هو بالأساس دعاية موجهة للساحة الفلسطينية والعربية. تصمم حماس أن تظهر بأنها تملك قدرة على الإدارة، ولتثبت بأن لها حضوراً في كامل القطاع، حتى في شماله، رغم تصريحات إسرائيل عن انهيار حماس وبعد أربعة أشهر من الحرب.

———————————————

هآرتس 5/2/2024

بالون الاختبار لا يكفي

بقلم: ليان فولك دافيد

السنة الأخيرة كانت سنة صعبة في موضوع العلاقات الخارجية الإسرائيلية؛ بسبب الإصلاح القضائي والحكومة الأكثر تطرفا في تاريخها. في هذه السنة قامت إسرائيل بخطوة للوراء في الانضمام للعالم الغربي الحر والمعتدل. شبكة العلاقات مع الدول الغربية أصبحت في أفضل الحالات باردة، حتى أن بعض هذه الدول بدأت في التشكيك بالقيم المشتركة مع هذه الحكومة، وفي قدرة إسرائيل على المواصلة كونها جزيرة للاستقرار الديمقراطي والحر في الشرق الأوسط.

بعد ذلك جاء 7 أكتوبر. إسرائيل حصلت على دعم غير مسبوق من زعماء دول ووزراء ورؤساء أجهزة أمنية، ترافقه تصريحات في حقها في الدفاع عن نفسها وتزويدها بالسلاح والحماية العسكرية في المواقع الإقليمية الإستراتيجية. حتى أن بعض الدول الغربية ذهبت بعيدا في إدانة حماس وعزلها واقتراح فرض عقوبات على مصادر تمويلها وإخراجها خارج القانون. خطاب الرئيس الأميركي، جو بايدن، في 10 أكتوبر نقل رسالة واضحة لإيران وحزب الله. “من يفكر في استغلال الوضع يوجد له كلمة واحدة وهي لا تفعل”.

دائرة الدعم هذه التي شملت الولايات المتحدة والدول الأوروبية والدول العربية المعتدلة يمكن اعتبارها “زخم سياسي – أمني”، الذي كان يجب على إسرائيل استغلاله من أجل تحقيق إنجازات أمنية ملموسة. هذه كانت فرصة لتجنيد الحكومات في الغرب والدول العربية المعتدلة في “تحالف معتدلين” أمام محور الشر الإيراني. في يد قبضة عسكرية قوية غير متساهلة، وفي اليد الأخرى رسم معا صورة مستقبل سياسية – أمنية للمنطقة، تشمل ضمانات دولية لمستقبل إسرائيل الأمني.

مع كل هذه الدائرة للدعم إلا أن الجمهور في إسرائيل ما يزال يشعر بأن “العالم كله ضدنا”. ربما أن هذا مفهوم ضمنا. جو بايدن الذي طرح (بعدم إحساس) حل الدولتين للخطاب العام بعد بضعة أيام من 7 أكتوبر ومشهد الرعب في لاهاي والإعلام الدولي المنحاز والشبكات الاجتماعية المسممة والمظاهرات الكبيرة في أوروبا وفي الجامعات الأميركية – كل ذلك عمق الشعور بأننا “وحدنا في العالم”. وأنه من غير المهم ما سيحدث لنا، دائما سنكون نحن المذنبون ومن تقدم له الطلبات.

على هذه موجة المشاعر يركب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي يحب رسم معسكرات في الجمهور الإسرائيلي. دائما يوجد “نحن” و”هم”. “نحن” الجديدة برئاسة ستمنع إقامة الدولة الفلسطينية. و”هم” سيقومون بإقامتها. هذا التقسيم المصطنع والخيالي فإن نتنياهو يمنع نقاشا معمقا للخيار الثالث، الذي يوضع الآن على طاولة الكابنت، إدارة مدنية فلسطينية محلية معتدلة في غزة بدعم دولي، يشمل الدول العربية المعتدلة، من خلال صفقة تشمل تطبيع العلاقات مع السعودية. في الحقيقة نتنياهو بدأ يطلق بالونات الاختبار لوسائل الإعلام على شاكلة “مبادرة لرجال أعمال” لـ “اليوم التالي”، لكن الحديث يدور عن ضريبة كلامية، لأن السياسة الخارجية الرسمية للحكومة الآن يمكن تلخيصها بكلمة واحدة وهي “لا”. “لا” لمناقشة “اليوم التالي”. “لا” لإقامة كيان فلسطيني محدث. “لا” لمبادرات سياسية إقليمية.

من أجل أن تستطيع إسرائيل الوصول إلى الاستقرار الأمني يجب عليها من الآن (لا نقول أمس) أن تجيب هي نفسها على ثلاثة اسئلة رئيسية وهي من الذي سيحكم مدنيا في قطاع غزة – حماس أو إسرائيل أو سلطة فلسطينية محدثة؟ ومن الذي سيمول إعادة الإعمار في القطاع – قطر، إسرائيل، الدول الغربية، السعودية والإمارات؟ وما هو ثمن منظومة علاقات متعكرة أو وطيدة لإسرائيل مع الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية المعتدلة؟.

من أجل أن تكون الإجابة على هذه الأسئلة مفيدة لأمن إسرائيل يجب عدم إضاعة ولو يوم واحد. “الأمر سيكون على ما يرام” لن يساعد هنا. الجيش الإسرائيلي من الآن مضطر إلى العودة على أعقابه في شمال القطاع بسبب عودة حماس للسيطرة المدنية هناك. “اليوم التالي”، السياسي والأمني، موجود هنا الآن.

يجب على الحكومة الإجابة بالإيجاب على الخطاب البناء في المبادرة الأميركية. كل الأطراف تدرك بأن إقامة الدولة الفلسطينية هي أمر غير عملي في المدى المنظور. لذلك فإنه لا يوجد أي سبب يمنع إسرائيل من أن “تدفع” بالتصريح أنها لا تعارض حل الدولتين، إذا كانت الظروف مناسبة في المستقبل. في ظل تصريحات الوزراء والمؤتمر الاستعراضي حول العودة لاستيطان القطاع، يجب على الحكومة التوضيح للعالم بأنها لا ترغب في السيطرة على القطاع، وأن عليها أن تستثمر بشكل فعال في بناء بديل مدني لحماس، ويجب على إسرائيل العمل يوميا مع الحلفاء من أجل “اليوم التالي” الآن، ضد حماس، ضد إيران وضد الهجمات. هذه السياسة الخارجية هي أولا وقبل أي شيء آخر مصلحة أمنية لإسرائيل. بالونات الاختبار على شكل “مبادرة رجال الأعمال” غير كافية. وكل يوم تستمر فيه إسرائيل في قول “لا” فان الزخم السياسي والأمني الذي نشأ بعد 7 تشرين الأول لا يتآكل فحسب، بل يتم تحطيمه أيضا.

———————————————

معاريف 25/2/2024

لا يوجد حسم عسكري

بقلم: اهود ياتوم

سنوات عديدة وأنا ادعي من معرفتي لمنظمات وتجاربي في مكافحتها صعب جدا الانتصار عليه بالقوة العسكرية، خطوات عسكرية، استهدافات مركزة، قصف من الجو ومن الأرض ومناورات برية كل هذه تؤدي إلى بقاء منفذي الإرهاب في الظل لفترة قصيرة، لكنها لن تصفيه.

زعماء منظمات الذين أصيبوا أو صفوا يستبدلون بمن يحل محلهم. منظمات تواصل العمل برسالة أيديولوجية متزمتة، متطرفة، أصولية، وستحاول في كل مرة من جديد التمسك بمهمتها المركزية، إبادة دولة إسرائيل.

مع الدول المعادية يمكن الوصول إلى اتفاقات وصنع السلام مثل السلام الذي صنعناه مع مصر، التي قاتلت ضدنا في عدة حروب. لقد توصلت مصر إلى الاستنتاج بأنه ليس في وسعها هزيمة إسرائيل ولهذا فقد اختارت خطوة فيها شجاعة سياسية ووقعت على اتفاق سلام.

توجد نماذج أخرى لحروب توصلت فيها الأطراف بعد حروب طويلة إلى الاستنتاج بأنه يجب الوصول إلى اتفاقات سلام. لكن عند الحديث عن منظمات، فالوضع يختلف. نماذج عديدة في العالم تثبت بأن دولا ذات قوى عسكرية لم تهزم المنظمات، وبعد ضربات عسكرية نجحت هذه المنظمات في إعادة بناء نفسها وواصلت العمل، لفرض الرعب، لزرع الخوف، لتشويش الحياة الهادئة للمواطنين الهادئين، للقتل، للتدمير وللمس برموز الحكم.

إن السبيل الوحيد الذي منع استمرار العمل الإجرامي لهذه المنظمات جعلها غير ذات صلة في أعقاب صراع عسكري ومدني. توجد نماذج عديدة في العالم على منظمات صارعت الحكم بوسائل التخريب، القتل، التدمير وإبادة. الـ بي.كي.كي التي تعمل في تركيا، اليونطا التي عملت في إنجلترا، التاليين في سيرنلانكا، الباسكيين في إسبانيا، بادر- ماينوف في ألمانيا، الألوية الحمراء في إيطاليا، كل هذه هي نماذج لما حصل في سنوات عديدة في العالم.

في معظم الحالات لم يكن حسم عسكري. نتيجة الصراع العسكري أدت الى قمع مؤقت لمدى قصير او طويل لمنظمات العصابات، وفي حالات أخرى كانت هناك منها من اختارت وقف الهجمات انطلاقا من قرار بان طريق القتل استنفدت نفسها ولم تحقق الإنجازات التي املت بها.

في هذه الاثناء تواصل المنظمات الصراع ضدنا ولا تتردد باستخدام أي وسيلة. حزب الله، حماس والجهاد الإسلامي تحاول منذ سنوات عديدة إبادتنا. ونحن نخوض ضدها حروبا وحملات عسكرية، لكن بعد فترة قصيرة تعود لتتسلح وتستعد لجولة إضافية. الأحداث التي تقع في الأيام الأخيرة في قطاع غزة والتي معناها هو ثورات محلية للسكان ضد حماس. هي برأيي الأمل لإسقاط حكمها في القطاع.

ما يمكن للمناورات البرية، حرب جوية وبحرية أن تفعله لتقويض حماس يمكن أن تفعله بشكل أفضل ثورات مدنية لمئات آلاف السكان. سكان غزة قادرون على إسقاط الحكم . ثورة شعبية واسعة يمكنها أن تقنع السنوار، ضيف وعيسى للوصول إلى الاستنتاج بأن يفعلوا خيرا إذا ما اتخذوا خطوة جدية لإعادة المخطوفين وإنهاء حكمهم. آمل أن تتسع الثورات وتحقق أهداف الشعب الفلسطيني الذي يعيش في غزة والذي كل رغبته هو العودة إلى دياره والعيش حياة عادية.

نحو أربعة اشهر ونحن نحاول هزيمة حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة. وقد دفعوا على ذلك ثمنا باهظا جدا. نحن نحقق النجاحات، لكن بدون قدرة على الحسم والوصول إلى القادة. علينا أن نعيد وأولا، كل المخطوفين إلى الديار. كلهم كمهمة وطنية عليا، مقابل كل ثمن، وأنا أشدد، كل ثمن.

———————————————

هآرتس 25/2/2024

غانتس يحاول تجنيد أعضاء “كنيست” ضد نتنياهو

كشف الإعلام العبري أن موفدين من قِبل عضو كابينت الحرب ووزير الأمن السابق، بيني غانتس، حاولوا تجنيد وزراء وأعضاء “كنيست” في حزب “الليكود” لإسقاط رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وتغيير تركيبة حكومته، خلال دورة “الكنيست” الحالية.

وتابع الإعلام العبري أن الموفدين اقترحوا مرشحين مختلفين من حزب “الليكود” لمنصب رئيس الحكومة، ولم يطلبوا تعيين غانتس في المنصب، موضحاً أن الفكرة الأساسية التي حملها الموفد هي “تعيين مرشح متفق عليه لفترة محددة دون المنافسة لاحقاً على رئاسة حزب الليكود”.

وفي محيط غانتس، اختاروا “عدم التعليق” على هذا الأمر، وفق ما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.

ويُشار إلى أنّ غانتس هو حالياً أحد أبرز قادة المعارضة الإسرائيلية، التي تشكلت منذ تشكّل الحكومة الحالية أواخر العام 2022، والتي سيطر عليها اليمين المتطرّف. كما أن غانتس هو أيضاً أحد أعضاء حكومة الطوارئ و”كابينيت” الحرب في ظل العدوان على قطاع غزة.

وعلى خلفية الحرب على غزة والإخفاق في تحقيق الأهداف، نشأت الصراعات والخلافات الداخلية بين المسؤولين الإسرائيليين، ولا سيما بين غانتس ونتنياهو، وقد برزت هذه الخلافات في الإعلام الإسرائيلي، الذي يرجّح أنّ يكون الأوّل من أبرز المرشحين لخلافة نتنياهو في الحكم.

ويخلتف نتنياهو وغانتس في المواقف بشأن الحرب وملفاتها، إذ يعتقد نتنياهو أن “الضغط العسكري على حماس في غزة” هو الذي سيؤدي إلى صفقة تبادل أسرى، بينما يعارض غانتس هذا النهج، ودعا إلى “دراسة صيغ جديدة يمكن أن تشجع حماس على الخطوة”، وفق صحيفة “هآرتس”.

بدورها، أظهرت صحيفة “إسرائيل هيوم” الإسرائيلية أن غالانت وغانتس وآيزنكوت، ومعهم المستويين الأمني والعسكري الإسرائيليين يعتقدون أنه على نتنياهو تقديم مخطط سياسي للمساعدة في تحقيق أهداف الحرب، بينما يمتنع نتنياهو، عن اتخاذ هذا القرار مبرراً ذلك بحجج مختلفة. -قسم الترجمة عن العبرية

———————————————

إعلام إسرائيلي: مصر وقطر والولايات المتحدة تتعامل على قاعدة أنّ حماس باقية في غزة

وسائل إعلام إسرائيلية تقول إنّ الكلام بشأن القضاء على حركة حماس، وتفكيك قدراتها العسكرية، وعدم المسّ بالمدنيين، غير واضح كلياً، حتى في “الكابينت”.

أكّدت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الاثنين، أنّ كل الوسطاء، بمن فيهم مصر وقطر وحتى الولايات المتحدة الأميركية، يتعاملون وفق طريقةٍ توحي في أنّ حركة حماس “باقيةٌ في قطاع غزة”.

وقال معلّق الشؤون العربية في القناة الـ”13″ الإسرائيلية، تسفي يحزكيلي، إنّ قطر تستطيع “إنهاء حماس في يومٍ واحد فقط عبر وقف الدعم والتمويل المخصّصين لها”، مشيراً إلى أنّ مصر “تحافظ أيضاً على حماس”.

وأضاف أنّ الولايات المتحدة الأميركية، “عبر إصرارها على المساعدة الإنسانية، تحافظ على الهواء والأوكسجين لحماس”.

وأكد يحزكيلي أنّ الكلام بشأن “القضاء على حركة حماس، وتفكيك قدراتها العسكرية، وعدم المسّ بالمدنيين، غير واضح كلياً، حتى في الكابينت”.

وشدّد على أنّ “حماس مغروسةٌ في قطاع غزة، وأن إزالتها ليست أمراً سهلاً”، كما أنّها “لن تغادر إلى أيّ مكان”.

وكان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أكّد، أمس الأحد، أنّ “إسرائيل لن تُنهي الحرب قبل القضاء على حماس، وأن تضمن أنّ غزة لم تعد تشكّل خطراً على إسرائيل”.

وفي السياق، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية بأنّ التقدّم المحدود، والذي أحرزه “جيش” الاحتلال حتى الآن في قطاع غزة، يثير الشكوك، بصورة متزايدة في “إسرائيل” فيما إذا كان هدف نتنياهو المعلن قابلاً للتحقيق في أيّ وقت قريب.

ووفقاً للصحيفة الأميركية، يتفق الخبراء على أنّ هدف “إسرائيل” المركزي من الحرب، والمتمثل بتدمير “حماس”، سيكون من الصعب تحقيقه قريباً، حتى لو سيطرت القوات الإسرائيلية على كامل مساحة غزة.

وعلى الرغم من “الانتصارات التكتيكية التي حقّقتها إسرائيل ضد حماس في مدينة غزة وخان يونس وأماكن أخرى”، وفقاً للصحيفة، فإنّ “القضاء على مقاتلي حماس أثبت صعوبةً أكبر ممّا توقعته إسرائيل عندما شنّت التوغل البري”.

وما يثير إحباط الإسرائيليين، بحسب الصحيفة، “أنّهم (حماس) يواصلون أيضاً إطلاق الصواريخ علينا”. وما يزيد في تعقيد جهود “إسرائيل” في غزة، بحسب “وول ستريت جورنال”، هو الحجم الهائل لشبكة أنفاق حماس.

——————انتهت النشرة——————