حمدان: إخفاق العالم بمنع تجويع غزة وصمة عارٍ على جبين الإنسانية

٧قال القيادي في حركة “حماس” أسامة حمدان إنَّ المشاهد المروّعة لحالات المجاعة، وأعداد الوفيات بسبب الجوع ونقص الغذاء في قطاع غزة، يجب أن تهزّ ضمائر كلّ قادة العالم والحكومات، وتدفعهم لإعلاء الصوت والخروج من دائرة الصمت إلى اتخاذ خطوات عملية لوقف هذه السياسة، والعمل بشكل عاجل على إغاثة الشعب الفلسطيني ومنع الاحتلال من تجويعه.

وأكد حمدان خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته حركة “حماس” مساء اليوم السبت في العاصمة اللبنانية بيروت، على ضرورة أن تتحمَّل المؤسسات والمنظمات الدولية مسؤولياتها الإنسانية والحقوقية والأخلاقية، وعدم الرّضوخ للابتزاز وإملاءات الاحتلال وداعميه، وممارسة الضغوط لتنفيذ أعمالها وبرامجها وإغاثة الشعب الفلسطيني الذي يتعرّض لأبشع جريمة تجويع وإبادة جماعية في العصر الحديث.

وشدد على أن الوضع في غزَّة “لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل”، و”يتعيَّن على المجتمع الدولي التحرّك بشكل عاجل لإنهاء معاناة شعبنا ووضع حدّ لهذه الجريمة المستمرة”، مطالبا قادة العالم بالتزام بمسؤولياتهم الإنسانية لوقف الإبادة الجماعية لسكان غزة.

وأكد أن هذه السياسة هي إحدى أدوات الإبادة الجماعية والانتقام والعقاب الجماعي التي تنتهجها حكومة الاحتلال، إلى جانب المجازر والقصف المتواصل ضد المدنيين العزل، وأن سلاح التجويع هو جريمة مُمنهجة تتحدى كافة القوانين والمواثيق والمعاهدات، وقرارات محكمة العدل الدولية.

ووصف إخفاق قادة العالم في منع التجويع في قطاع غزَّة بأنه “مخزٍ ووصمة عارٍ على جبين الإنسانية”، مضيفا أن الوضع الكارثي الذي يعيشه سكان غزَّة، والجوع المتفشّي في كامل القطاع، “يمثل اختباراً جديداً وحقيقياً للقيم الإنسانية والأخلاقية التي تتغنّى بها كل الدّول الداعمة للاحتلال.

وقال إن سياسة التجويع هي من أساليب الحرب الأكثر وحشية، وأن الاحتلال ويهدف من وراء هذه السياسة للضغط على أهالي قطاع غزة وكسر إرادتهم، في محاولة لفرض بدائل تتماهى مع سياسات الاحتلال لإدارة حياة المواطنين.

وأكد أن حرب التجويع الإسرائيلية المستمرة “لن تكسر إرادة شعبنا الفلسطيني المجاهد وأهلنا الصَّابرين المرابطين في قطاع غزَّة”.

وأشار إلى أن الاحتلال يمعن في إغلاق كافة المعابر، التي تعتبر شريان الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، مما عمَّق المأساة الإنسانية التي يعيشونها منذ تسعة أشهر، وأصبحت حالات الموت جوعاً حقيقة في قطاع غزَّة، خصوصاً في محافظتي غزة والشمال.

وبين أن الوضع في محافظتي غزة والشمال بات مأساوياً وينذر بارتقاء الآلاف من الشهداء بسبب الجوع وانعدام الغذاء والماء ومقوّمات الحياة، حيث يمنع الاحتلال إدخال المساعدات، ويستهدف ويحرق ما يدخل منها، ممَّا يغرق السكّان في مجاعة كبيرة.

ولفت إلى أن التقديرات الأممية تشير إلى أن 70٪ من سكان قطاع غزة يواجهون خطر المجاعة الحقيقي، فيما يعاني الأطفال بشكل خاص من أمراض سوء التغذية وضعف المناعة.

وقال إن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بحاجة إلى دخول 500 شاحنة مساعدات على الأقل يومياً.

ع٧ععوأوضح أن سياسة الحصار وإغلاق المعابر، أدّت إلى أزمة السيولة النقدية ومنع وصول المال إلى سكّان القطاع، ممّا أثّر بشكل واسع على جهود الإغاثة وقدرة النَّاس على شراء ما يحتاجونه من مواد غذائية، وعمَّق حالات المجاعة في قطاع غزَّة.

ونبه إلى أن الاحتلال يتبع سياسة التدمير المُمنهج الهمجي لمعظم الطرقات ومعدّات الطاقة والمياه والنظافة والصرف الصحي، ويشن الهجمات على عمَّال الإغاثة والمسؤولين عن تأمين وصول المساعدات، من شخصيات مجتمعية ورؤساء بلديات، وجمعيات ومؤسسات وجمعيات ولجان طوارئ.

وأعاد حمدان التذكير بأنه لا يوجد مكان آمن في غزَّة، وقال إن جيش الاحتلال أصدر عدَّة أوامر للسكّان بالتنقل فيما يسمَّى بالأماكن “الآمنة”، لكن لم يثبت أنَّ أيّاً منها آمن.

وأشار إلى تصاعد سياسة التجويع التي تنتهجها حكومة الاحتلال ضد الأسرى بشكل غير مسبوق في انتهاكٍ صارخٍ لقواعد القانون الدولي الإنساني، والقانون الدّولي لحقوق الإنسان واتفاقيات ولوائح حقوق الأسرى.

وتحدث حمدان عن تقارير حقوقية وأممية كشفت عن حالات مروّعة لتجويع الأسرى والمحتجزين خصوصاً من قطاع غزَّة، عبر تقنين كمية ومستوى الطعام المقدّم إليهم.

وأكد أن الإدارة الأمريكية ومسؤوليها السياسيين، يتحمَّلون المسؤولية المباشرة، السياسية والأخلاقية والإنسانية عن الأوضاع الإنسانية المأساوية في قطاع غزة، بسبب كذبها وتضليلها للرأي العام حول حقيقة حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزَّة من جهة، وبسبب مواصلتها تغطية هذه الجرائم الإسرائيلية، وإمداد الاحتلال وجيشه بالدَّعم العسكري والسياسي والدبلوماسي، للاستمرار في الإبادة والحصار الخانق.

واعتبر أن الميناء العائم الذي أنشأته الولايات المتحدة على ساحل غزَّة لم يكن إلا دعاية واستعراضاً سياسياً لحفظ ماء وجه هذه الإدارة الشريكة مع الاحتلال في قتل وحصار وتجويع الشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن هذا الميناء لم يحل مشكلة نقص الإمدادات الغذائية،بل إنَّ مستويات المجاعة ارتفعت أكثر بوجوده.

ودعا المجتمع الدولي وكل المؤسسات والمنظمات إلى الضغط على الاحتلال لفتح كل المعابر مع قطاع غزَّة، مستهجنا الصمت الدولي إزاء إغلاق هذه المعابر.

وجدد التأكيد على ضرورة الإسراع في فتح معبر رفح، وإلزام الاحتلال بالانسحاب الفوري منه.

وقال حمدان: “نتطلّع إلى عمقنا العربي والإسلامي، من أجل التحرّك الفاعل والعاجل على كافة المستويات السياسية والدبلوماسية والإعلامية والإنسانية والحقوقية، واتخاذ خطوات جريئة في نصرة وإغاثة شعبنا، وكسر كل القيود التي صنعها الاحتلال وداعموه من الإدارة الأمريكية وبعض الدول الغربية”.

ودعاهم للتحرك لإلزام الاحتلال بفتح معبر رفح، وتسيير قوافل إغاثية وطبية وإنسانية، لإغاثة الأهالي في كامل قطاع غزَّة، ومنع موتهم جوعاً وعطشاً ومرضاً.

وتوجّه إلى مؤسسات العمل الخيري والإنساني الداعمة لفلسطين من أجل تكثيف جهودها ومبادراتها العاجلة لتعزيز كل أشكال التبرّعات والمساعدات لإنقاذ أهالي غزَّة، وتحدّي كل عراقيل وسياسة تجفيف منابع الطعام التي يشنّها الاحتلال.

وتطرق حمدان للحديث عن آخر التطورات فيما يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، قائلا إنَّه “لا جديدَ حقيقياً في مفاوضات وقف العدوان”، مبينا أن ما يُنقل عن الإدارة الأمريكية يأتي في سياق ممارسة الضغوط المختلفة على الحركة، حتّى توافق على الورقة الإسرائيلية، كما هي دون تعديل عليها.

وأكد أن الموقف الحقيقي لنتنياهو وحكومته لا زال يتسم بالمراوغة والتهرّب من استحقاق الاتفاق، “فهم لا يزالون يرفضون الإقرار بوقف دائم لإطلاق النّار، ولا بالانسحاب الكامل من قطاع غزَّة”.

ولفت إلى أنه لم تصدر أيّ موافقة أو ترحيب من أيّ مسؤول في حكومة الاحتلال بخطاب بايدن أو بقرار مجلس الأمن، وكلّ ما قيل عن ذلك جاء على ألسنة المسؤولين في الإدارة الأمريكية.

وأضاف “نتابع بأسف موقف الإدارة الأمريكية، التي تصرّ على تحميل حماس مسؤولية تعطيل التوصل لاتفاق، على الرّغم من ترحيب حماس بما ورد في خطاب بايدن؛ من تأكيد على وقف إطلاق النَّار الدائم، والانسحاب الشَّامل، والإعمار، والتبادل، وعلى الرّغم أيضاً من ترحيب حماس بقرار مجلس الأمن”.

وجدد تأكيد حركة “حماس” للتعامل بإيجابية مع أيّ صيغة تضمن بشكل أساسي ومباشر وقفاً دائماً لإطلاق النَّار، وانسحاباً شاملاً من قطاع غزَّة، وصفقة تبادل حقيقي.