كتب محمد الصفدي// مؤشرات الهزيمه والانكسار

هزيمة الاحتلال الاستعماري المتغول تتضح للعيان شيئا فشيئا وتتضح من خلف غبار المعارك ، وكلما زاد بطشه وووحشيته زاد اليقين بانه يتخبط ويضعف من داخله كما تشير القاعده النفسيه المعروفه : العدوانيه والقسوه الخارجيه عادة ما تكون مرآة لضعف ونقص داخلي .
بعضنا يرى انهزام الخصم امام ناظريه ولا يريد ان يصدق وكانه في حالة من الوهم . هذا الشعور نابع من التعود الطويل على الهزائم والاعتقاد المسبق الراسخ باننا غير جديرين بالنصر او اننا لا نرقى الى مستواه ونحن الضعاف المقهورين المحاصرين الخ الخ ….
هزيمة اسرائيل تظهر جلية في كل المجالات : انقسامات وتشظي داخلي/ اتهامات متبادله وتخوين وازمة ثقه/ تسريبات /فقدان السيطره / ضربات ميدانيه موجعه / مسلسل اكاذيب / اخفاء الحقائق / تناقضات وتضاربات في المواقف والتصريحات / الافراط في المبالغه والتبجح بلا رصيد / انحطاط اخلاقي ومؤامرات وكولسات / تزايد الهجره العكسيه / التهرب من الخدمه ….
كل هذه وغيرها تشير الى ان الجيش الاسرائيلي الاسطوري قد انهزم على جبهتين من العصابات الفدائيه في ان واحد وتلقى ضربة مزدوجه وهاهو يترنح ليخسر المعركه بالنقاط التراكميه .
ماذا يفعل هذا الجيش “العظيم ” في غزه الان بالضبط غير البطش العشوائي ؟ وماذا يفعل في الشمال تحديدا غير لعبة الاستغمايه! ؟ ما هي خطته لليوم التالي سواء لغزه او لجنوب لبنان ؟
الامر الوحيد الذي يعرفه ويجيده هو البطش الاهوج والقتل العشوائي واستخدام الاسلحه الامريكيه الفتاكه بلا حساب لقتل الابرياء وازالة مقومات وجودهم في غزه والضفه . الا ان البطش مهما بلغ مداه سيولد ردة فعل عكسيه ومزيدا من المقاومه الشرسه ، هذا قانون فيزيائي معروف.

تخبطه بلغ حد التناقض التام : يحاصر السلطه الطيعه الخدومه المستسلمه التابعه ويضعفها ، يفاوض من احل التفاوض من دون الاستعداد للتنازل المقابل ، يضيق الخناق على الفلسطينيين ويحول حياتهم الى جحيم ويعلن انه يسعى للسلام معهم ، يحاول التطبيع مع العرب وفي نفس الوقت يحرق الارض تحت اقدام الفلسطينيين ويعتدي على الاقصى والمقدسات .

كل هذه التناقضات والتوهان تشير الى ان اسرائيل قد هزمت استراتيجيا حتى وان كانت الخسائر لدى الفلسطينيين ضخمه بما لا يوصف .
توجهات نتنياهو للانسحاب من طرف واحد من غزه كليا او جزئيا هي تخبط اضافي وذر للرماد في العيون . وتهديداته لنصر الله بحرب اخر الزمان رغم ضعفه وعزلته ما هي الا حماقة وكذب ووهم وخداع متسلسل .
اسرائيل كما يقول بعض كبارها الذين يرون الحقيقه بوضوح : لقد بدات مسيرة الانهيار والعد التنازلي رغم مظاهر الجبروت والعظمه الكذابه . مشروع الاستعمار في فلسطين يفشل ويصبح مشروعا خاسرا ومكلفا وعبئا بدل ان يكون ذخرا ومن لا يصدق عليه ان يصغي لابراهام بورغ وايلان بيبيه وجدعون ليفي وعميره هاس واسحق بريك وبن عامي والمرت وغيرهم من الرموز .
نتنياهو هو اخر ملوك اسرائيل المهزومين والفاشلين والتائهين وحماقاته التي زعزعت اساسات الدوله العميقه ستضع حجر الاساس لفصل الختام مهما حاول الركض للامام . هي سيرورة قد تطول لكنها بدات وستتواصل فهذا قدر كل استعمار مصطنع والتاريخ لا يرحم .

محلل سياسي مقدسي