تشديد التحقيقات ضد المواطنين الفلسطينيين في الداخل المحتل

تقرير هيئة الدفاع العام: النيابة العامة الإسرائيلية سهّلت، بعد الحرب، سياسة التحقيقات والمحاكمات بشبهة “التحريض على الإرهاب” أو “التماثل مع منظمة إرهابية”، إلى جانب تدهور ظروف المعيشة وفقدان الحقوق الأساسية في السجن

أكد تقرير لهيئة الدفاع العام حول عملها في العام الماضي، وصدر اليوم الثلاثاء، أن تشديد سياسة التحقيقات بشبهة “التحريض على الإرهاب” أدى إلى المس بحقوق مواطنين عرب وتفاقم أزمة الاكتظاظ في السجون الإسرائيلية.

وفي أعقاب الحرب الحالية على غزة، سهّلت النيابة العامة الإسرائيلية سياسة التحقيقات والمحاكمات بشبهة “التحريض على الإرهاب” أو “التماثل مع منظمة إرهابية”، بينما كانت تحقيقات كهذه قبل الحرب، تُفتح فقط بعد مصادقة المدعي العام أو من يخوله المدعي بذلك.

وبعد نشوب الحرب، صادق المدعي العام، عَميت إيسمان، على أن تفتح الشرطة تحقيقات كهذه من دون مصادقة النيابة في حالات “بارزة”. وحسب صحيفة “هآرتس”، فإنه يتوقع إلغاء هذه المصادقة قريبا.

وأشار تقرير هيئة الدفاع العام إلى أن تغيير سياسة النيابة تم التعبير عنه بعدد لوائح الاتهام التي قُدمت بادعاء “التحريض على الإرهاب”. ففي السنوات الأربع التي سبقت الحرب، قُدمت 88 لائحة اتهام بادعاء “تماثل وتحريض على الإرهاب”، وبعد الحرب قُدمت 136 لائحة اتهام خلال أقل من خمسة أشهر.

وأفادت الهيئة بأن 50% من المشتبهين الذين مثّلتهم كانوا بلا ماض جنائي، وأن 40% منهم هم شبان في سن 18 – 24 عاما. وأضافت الهيئة أنه يتعزز التخوف من ترسيخ سقف العقوبة المتشددة في هذه التهم، بحيث يتم تفضيل اعتبار الردع على اعتبارات أخرى، بينها ظروف المتهم أو إعادة تأهيله.

ولفتت هيئة الدفاع العام إلى أن “صعوبة أخرى هي تصنيف مصلحة السجون للمعتقلين بأنهم معتقلون أمنيون، وسجنهم في سجون وأقسام الأسرى الأمنيين. وعلى إثر الإعلان عن ’حالة طوارئ في السجون’، فإن هؤلاء المعتقلين، مثل كثيرين من المعتقلين والأسرى في السجون الإسرائيلية، يُحتجزون في ظروف اكتظاظ قاسية وبشكل يمس بحقوقهم الأساسية”.

وتطرقت الهيئة إلى الضائقة التي سببتها الحرب لدى معتقلين مثلتهم، وجاء في تقريرها أنه “من التجربة المتراكمة حتى الآن من تمثيل زبائن من متضرري الحرب يتعالى تخوف شديد من أن ضرر الإجراء الجنائي في هذه الحالات أكبر من نجاعته”.

وأضافت أنه “يوجد تخوف من أن التحقيق، الاعتقال والإدانة بمخالفات جنائية في حالات كهذه ليس فقط أنها لا تفيد بشيء، وإنما هي تفاقم وتعمق ضائقة الحرب بشكل يلحق ضررا كبيرا ليس لمعتقل أو متهم معين وإنما بالجمهور (العربي) كلّه”.

وحذرت هيئة الدفاع العام من أن الجهات ذات العلاقة لا تجري بحثا حول شكل التعامل الملائم مع متضرري الحرب. وقالت رئيسة الهيئة، عنات ميسد – كنعان، إن “الشكل الملائم للتعامل في هذه الحالات موجود في عوالم الرفاه والطب وليس في الأدوات الجنائية الضارة”.

وصادق الكنيست بعد نشوب الحرب على غزة، ضمن قانون طوارئ، على السماح لمصلحة السجون بأن ينام معتقلون وأسرى على فرشة توضع على الأرض، وتقليص مساحة معيشتهم. واستغل وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، هذا القانون كي يعلن عن “حالة طوارئ في السجون”.

في أعقاب ذلك، أشارت هيئة الدفاع العام إلى ارتفاع عدد المعتقلين والأسرى المحتجزين في السجون في الفترة الأخيرة، ووجود أكثر من 21 ألفا فيها، أي أكثر بـ45% من الحد الأقصى المسموح باحتجازهم في السجون، الذي كانت لجنة الأمن القومي في الكنيست قد صادقت عليه.

ويحتجز حوالي 55% من المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وبينهم حوالي 3000 سجين جنائي، في ظروف معيشية لا تتلاءم مع القانون من حيث مساحة المعيشة للأسير. كما أشار التقرير إلى أن أكثر من 4200 أسير يحتجزون في ظروف لا تسمح لهم بالنوم على سرير دائم، وغالبيتهم العظمى ينامون على فرشات موضوعة على الأرض.

ولفتت هيئة الدفاع العام إلى ارتفاع عدد لوائح الاتهام والإجراءات الجنائية، وأن تقدم 45 لائحة اتهام سنويا، الأمر الذي يؤدي إلى أعباء كبيرة على الأجهزة ذات العلاقة وتؤدي إلى امتداد فترة الإجراء الجنائي. وقالت إن لوائح اتهام كثيرة تُقدم “بسبب أفعال ذات أهمية ضئيلة” ولا تبرر استخدام الإجراء الجنائي.

وأضافت أنه خلال العام الماضي، تراجعت النيابة والشرطة عن 1557 لائحة اتهام، تشكل 10.5% من إجمالي لوائح الاتهام التي قدمت إلى محاكم الصلح التي مثل الدفاع العام متهمين فيها.

ووفقا لمعطيات الدفاع العام، فإنه خلال السنوات الأخيرة طرأ ارتفاع كبير على عدد الشكاوى التي قدمتها هيئة الدفاع العام إلى قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة. ففي العام 2021 تم تقديم 119 شكوى، و161 في العام 2022، وارتفع عدد الشكاوى في العام الماضي إلى 265.