الصحافة الاسرائيلية– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 7/11/2024
تداعيات فوز ترامب على إسرائيل
بقلم: أفيشاي بن ساسون جورديس، تيد ساسون، جيسي واينبرغ
في نهاية حملة عاصفة، هزم دونالد ترامب نائبة الرئيس كامالا هاريس وانتخب رئيسا للولايات المتحدة. وتأتي عودته إلى البيت الأبيض على خلفية التوتر الشديد، من بين أمور أخرى، حول قضايا الهجرة والتضخم والجريمة. ومن المتوقع أن يركز ترامب على القضايا الداخلية، وخاصة الأزمة على الحدود الجنوبية. خلال فترة ولايته السابقة، نال تعاطف الجمهور الإسرائيلي بفضل دعمه لاتفاقيات إبراهيم، والاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ومع ذلك، فإن ترامب شخصية مثيرة للانقسام في الولايات المتحدة، لذلك من المهم أن تحافظ إسرائيل على دعمها الحزبي في الكونجرس وبين الجمهور الأمريكي، بما في ذلك في المجتمع اليهودي الأمريكي. خلال فترة الانتقال، يجب على إسرائيل أن تعمل على الحفاظ على حوار وثيق مع نظيرتها الأمريكية، وخاصة في ضوء الحرب متعددة الجبهات التي تخوضها ضد إيران. وفي حال فتحت الإدارة الجديدة والقوى العالمية مفاوضات حول اتفاق نووي جديد مع إيران، فمن الأفضل لإسرائيل أن تحاول التأثير على شروطه بدلاً من معارضته تمامًا.
في نهاية حملة انتخابية عاصفة وفرز مطول للأصوات، أُعلن عن دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة. هزم ترامب كامالا هاريس بعد سباق متقارب ومثير للجدل، بعد أن خاض حملة ركزت على التهديد الذي تشكله الهجرة إلى الولايات المتحدة وروجت لمواقفه بشأن الاقتصاد والجريمة والسياسة الخارجية. ساعدت حملة ترامب الفائزة في الفوز بأغلبية جمهورية في مجلس الشيوخ أيضًا، في حين أنه من غير الواضح حاليًا ما إذا كان مجلس النواب سيبقى في أيدي الجمهوريين أم سينتقل إلى الديمقراطيين.
خلال فترة الانتقال التي تستمر شهرين، حتى تنصيب ترامب في 20 يناير 2025، من المرجح أن يسعى الرئيس جو بايدن، المتحرر من القيود السياسية والقيود الانتخابية، إلى ترسيخ إرثه. وفي سياق الشرق الأوسط، يعني هذا السعي إلى إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس وحزب الله، وقبل كل شيء – الترويج لصفقة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس. وقد لا يتردد بايدن في ممارسة ضغوط شديدة على إسرائيل لتحقيق هذه الغاية. ومن الضروري إذن أن تحافظ إسرائيل على علاقات وثيقة مع الإدارة المنتهية ولايتها، في الوقت نفسه الذي تعمل فيه على صياغة استراتيجية وتطوير العلاقات مع فرق انتقال السلطة في إدارة ترامب القادمة، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات بشأن أجندة استراتيجية مشتركة. ومن المهم للغاية أن تتوصل إسرائيل أيضاً إلى تفاهمات مبكرة مع الإدارة الجديدة، على افتراض أنها ستبدأ في الأيام الأولى بعد تنصيبها في تحديد أولويات السياسة.
التداعيات على السياسة الداخلية
إن فوز ترامب، مع نائبه السيناتور جيه دي فانس من أوهايو، يرمز إلى الصعود الرسمي للجناح الشعبوي والقومي في المعسكر الجمهوري. لقد أثار خطاب ترامب المضطرب في الحملة، والذي غالبًا ما كان ملوثًا بالصور العنصرية والعنيفة، إلى جانب أسلوبه الاستبدادي، وتسامحه مع معاداة السامية في أجزاء من القاعدة الجمهورية، ووعده باستخدام سلطات منصبه ضد أعدائه السياسيين، اتهامات ضده بنية الحكم بطريقة استبدادية. في الوقت نفسه، توجد الآن في الولايات المتحدة مخاوف من احتمال حدوث اضطرابات مدنية وتحديات قانونية ودستورية غير مسبوقة.
سيواجه ترامب معارضة قوية من صفوف الديمقراطيين، لكنه يدخل ولايته الثانية بفهم أعمق للجهاز الحكومي الأمريكي، مع شبكة مخلصة من المستشارين، وسيطرة أكبر على حزبه. لقد تعهد أوباما بتعيين الموالين له في البيروقراطية الفيدرالية، وبالتالي فهو في وضع مريح يسمح له بالدفع بأجندته وتشريعاته داخل الكونجرس والحكم في ظل ضوابط وتوازنات أقل من الماضي. وفي الشؤون الداخلية، ستكون الأولوية القصوى بالنسبة له هي الوفاء بوعده الرئيسي في الحملة الانتخابية ــ وقف ملايين المهاجرين غير الشرعيين وترحيلهم، وفرض قيود صارمة على الهجرة القانونية إلى الولايات المتحدة.
السياسة الخارجية: أسئلة أكثر من الإجابات
ستتشكل السياسة الخارجية الأميركية وفقا لنظرة ترمب التجارية للعالم ونفوره من الأدوات التقليدية التي استند إليها النفوذ الأميركي في مختلف أنحاء العالم. ويشمل نهج “أميركا أولا” الذي يروج له التزاما بتوسيع اتفاقيات التجارة وتنفيذ التعريفات الجمركية الحمائية، بحجة أن التجارة الحرة أضرت بالعمال الأميركيين والطبقة العاملة. ويجسد هذا النهج أيضا التشكك في السياسة الأميركية، التي تتسم بالمشاركة العالمية الواسعة والدفاع عن النظام العالمي الليبرالي. ويشير أنصار ترمب إلى أن “أميركا أولا لا تعني أميركا وحدها”، وأن ولايته السابقة شملت تعزيز العلاقات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع إسرائيل ومع دول الخليج، ومع ذلك، إلى جانب توضيح العناصر التي يكرهها في النظرة العالمية القائمة، فإن ترمب لا يحمل وجهة نظر عالم من نظامه الخاص، بل كما يزعم مستشاره السابق للأمن القومي روبرت أوبراين، فإنه يطيع “غرائزه ومبادئه الأميركية التقليدية، التي هي أعمق من المفاهيم العالمية في العقود الأخيرة”. في هذا السياق، دعونا نتذكر أن الولايات المتحدة كانت ترى نفسها لسنوات عديدة قبل الحرب العالمية الثانية غير مسؤولة عما حدث في “العالم القديم” وغير متورطة فيه.
فيما يتعلق بالعلاقة بين ترامب والنظام الدولي، فإن الافتقار إلى مبدأ تنظيمي يترك أسئلة أكثر من الإجابات وخاصة في الوقت الحاضر، الذي شهد تكثيفًا متزايدًا للمنافسة بين القوى منذ الحرب الباردة. ومن المرجح أن يتجلى التعبير الأكثر وضوحًا عن غرائز ترامب الشعبوية في مجموعة تحالفات الولايات المتحدة، وخاصة تجاه حلفائها الأوروبيين وقضية الحرب في أوكرانيا. لطالما اشتكى ترامب من “الترامبيين”، الذين لا “يدفعون حصتهم”، وطالب بشدة بأن تفي جميع دول حلف شمال الأطلسي بالتزاماتها بتخصيص 2٪ من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي. وهدد في مناسبات عديدة بانسحاب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي، وقد تتسبب فترة رئاسية ثانية في مزيد من التوتر في صفوف الولايات المتحدة. وفيما يتعلق بأوكرانيا، تحدث ترامب عن رغبته في إنهاء الحرب وانتقد الدعم المالي الأمريكي الكبير لكييف. في ضوء ذلك، من المرجح أن يخفض ترامب بشكل كبير المساعدات الأمريكية لأوكرانيا ويدعم التنازلات الأوكرانية الكبيرة لروسيا.
من المتوقع أن تكون الصين مصدر قلق كبير لترامب، إذا تم انتخاب أنصار إعطاء الأولوية لآسيا في أجندة واشنطن لمناصب رئيسية في الإدارة، فمن المرجح أن يتم دفع الشرق الأوسط جانباً لصالح شرق آسيا والمواجهة المباشرة مع الصين. بدلاً من ذلك، إذا كان الأشخاص الرئيسيون المعينون هم أولئك الذين يرون أن التحدي الذي تشكله الصين مرتبط بصراعات أخرى، بما في ذلك قضية إيران، فقد تظل إسرائيل والشرق الأوسط ساحة مركزية للاهتمام والموارد الأمريكية.
إسرائيل والشرق الأوسط
تميزت الفترة الأولى لترامب بعلاقات الدعم الوثيقة مع إسرائيل ودول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي توجت بـ “اتفاقيات إبراهيم”. وشمل دعم ترامب لإسرائيل الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، واغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني. وعلى هذه الخلفية، فلا عجب أن أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت قبل الانتخابات أن أغلب الإسرائيليين يفضلون ترامب على هاريس.
وفيما يتعلق بقضية إيران، يمكن للمرء أن يتوقع أن يكثف ترامب الخطاب الذي يستخدمه البيت الأبيض تجاه طهران ويستأنف فرض عقوبات اقتصادية كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، قد يأمر باستخدام القوة العسكرية الأميركية ضد شخصيات إيرانية متورطة في أنشطة إرهابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ومع ذلك، ستمتنع إدارة ترامب عن العمل العسكري ضد القدرات النووية الإيرانية، خوفًا من تورط أميركا في حرب جديدة في الشرق الأوسط. إن الدعم الذي عبر عنه في الأشهر الأخيرة للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد طهران لن يظل ساري المفعول بالضرورة خلال فترة ولايته، حيث قد تشكل عواقبها تحديًا للولايات المتحدة أيضًا. ونظراً لاحتمالية العمل الأمريكي المباشر ضد البرنامج النووي الإيراني، فسوف يتبقى لترامب وسيلتان للتعامل مع طموحات طهران النووية: العقوبات الاقتصادية، التي تكون فعاليتها في وقف البرنامج النووي محدودة، والمفاوضات من أجل تجديد الاتفاق النووي. لذلك، وعلى الرغم من ازدرائه العلني للنظام الإيراني، فقد يفتح ترامب مفاوضات مع طهران – وهي الخطوة التي دعمها علناً في الماضي، مدعياً أنه يمكن أن يتوصل إلى اتفاق أفضل مع إيران من الاتفاق الذي صاغته إدارة أوباما في عام 2015. ومن المتوقع أن تجعل مزاجية ترامب وعلاقته بالقيادة الإسرائيلية الحالية من الصعب على الحكومة الإسرائيلية معارضة مثل هذه المفاوضات علناً، على غرار محاولة منع الاتفاق النووي الأصلي مع إيران.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإن تقلبات ترامب تثير العديد من الأسئلة في هذا السياق أيضًا. والقضية الأكثر إلحاحًا هي الحرب المستمرة ضد محور المقاومة الذي تقوده إيران في لبنان وقطاع غزة. لقد أعرب ترامب عن رغبته في رؤية نهاية الحرب في غزة حتى قبل توليه منصبه في 20 يناير، لكنه لم يوضح علناً رؤيته لليوم التالي. وإذا كان الماضي يعلمنا عن نواياه، فمن المشكوك فيه للغاية أن يحد ترامب من المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل من أجل كبح جماحها. ومع ذلك، بالنظر إلى دعمه لـ “اتفاقيات إبراهيم” و “صفقة القرن” مع الفلسطينيين، فهناك احتمال واضح بأن تدعم حكومته نسخة ما من حل الدولتين (ربما نسخة تتضمن السماح بضم مساحة كبيرة من الضفة الغربية إلى إسرائيل). وإذا وافقت المملكة العربية السعودية على ذلك، فمن الممكن أن يتشكل دعم سعودي وعربي واسع النطاق لإعادة إعمار قطاع غزة، والإصلاحات في السلطة الفلسطينية، وتوقيع اتفاقيات دفاع بين الولايات المتحدة وإسرائيل وبين المملكة العربية السعودية. من ناحية أخرى، وفي ضوء حقيقة مفادها أن عددا من مستشاري ترامب، فضلا عن الحكومة الإسرائيلية نفسها، قد صرحوا بأنهم لا يرون في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مفتاحا للاستقرار الإقليمي، فقد يتجنب ترامب الربط بين التقدم نحو حل الدولتين وتوسيع “اتفاقيات إبراهيم”. من ناحية أخرى، وفي ضوء إصرار المملكة العربية السعودية على أن تتضمن خطوات التطبيع مع إسرائيل التزاما إسرائيليا بأفق سياسي للفلسطينيين، فإن الرفض الإسرائيلي للقيام بذلك قد يحبط الجهود الرامية إلى الترويج لاتفاق إقليمي جديد. وأخيرا، من المرجح أن يضغط ترامب على الحلفاء لمنع التحقيقات الدولية ضد القادة والجنود الإسرائيليين في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
إن دخول ترامب إلى البيت الأبيض سيؤثر على قضيتين رئيسيتين في الأجندة الإسرائيلية: الموقف الأمريكي من السياسة الداخلية لإسرائيل والمساعدات الأمريكية لإسرائيل. وفيما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية، فإن معارضة إدارة بايدن للثورة القانونية كانت من بين العوامل التي قيدت جهود الحكومة الإسرائيلية لإعادة تشكيل النظام الدستوري للبلاد. من ناحية أخرى، من المرجح أن يكون ترامب أكثر تعاطفًا من الرئيس بايدن مع التحركات التي تريد الحكومة الترويج لها في هذا الصدد. وفيما يتعلق بالمساعدات الأمريكية، فإن دعم ترامب المبدئي لإسرائيل لا يعني بالضرورة الدعم المادي. ترامب هو معارض ثابت للمساعدات الخارجية الأمريكية في جميع أنحاء العالم، ويدعو إلى تحويل المنح إلى قروض، والتي يتعين على الدول سدادها. قد يكون تنفيذ هذا الموقف فيما يتعلق بإسرائيل تحديًا كبيرًا في وقت من المقرر أن يزداد فيه الإنفاق الدفاعي لإسرائيل والاعتماد على المساعدات العسكرية الأمريكية قوي، وخاصة في التحضير للمفاوضات بشأن مذكرة المساعدات الأمنية التالية خلال فترة ترامب.
توصيات سياسية
يتعين على إسرائيل أن تسعى إلى الحفاظ على الدعم الحزبي في الكونجرس. وسوف تكون أصوات الديمقراطيين في الكونجرس حاسمة في الموافقة على مذكرة المساعدات الأمنية المقبلة والموافقة على العنصر الأميركي في أي اتفاق إسرائيلي سعودي. لذلك، يتعين على إسرائيل أن تبذل جهودا في الحفاظ على العلاقات مع المشرعين الديمقراطيين وتقليص الفجوات القائمة في التعامل معهم.
وفي حالة تحويل التركيز الأميركي إلى الصين/منطقة المحيطين الهندي والهادئ، يتعين على إسرائيل أن تثبت جدارتها كحليف وشريك استراتيجي للولايات المتحدة، حتى مع تحرك واشنطن لمزيد من الموارد شرقا. وسوف يكون تعزيز التكامل الإقليمي لإسرائيل عنصرا في إثبات قيمة إسرائيل في المواجهة الأميركية مع الصين وحلفائها في الشرق الأوسط.
وفي حالة المفاوضات نحو تشكيل اتفاق نووي متجدد بين إيران والقوى العالمية، يتعين على إسرائيل أن تعمل مع الإدارة الأميركية، وليس معارضتها علنا، من أجل تحسين فرص أن يساهم الاتفاق الذي تم التوصل إليه في تحقيق مصالحها.
——————————————–
يديعوت 7/11/2024
إقـالـة غالانت: نتنياهـو يشـقّ الشعب ويُضـعـف إسرائيل في زمـن الحــرب
بقلم: رون بن يشاي
أتت إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، أمس، لتُفرّق الشعب وتُضعف دولة إسرائيل في وقت الحرب. وفي الواقع بات الإيرانيون، الذين وعدوا، الأسبوع الماضي، بردّ حاسم على الهجوم الإسرائيلي، يرون ما يحدث في إسرائيل، ويفهمون أن أملهم لم يتبدد بعد.
ليس هذا فحسب، بل إن النتيجة الفورية والأهم لإقالة غالانت هي أن بنيامين نتنياهو لم يعد فقط رئيس الوزراء، بل أصبح هو أيضاً وزير الدفاع. في الواقع، ومن الآن فصاعدا، سيكون نتنياهو صاحب الكلمة الفصل في مسائل الدفاع التكتيكية والنظامية والاستراتيجية. صحيح أن وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، الذي تم تعيينه وزيراً للدفاع، قد حلّ محل غالانت، لكنه لا يشكل سلطة أمنية أمام مَن هم فوقه، أي نتنياهو، ولا أمام مرؤوسيه، أي كبار ضباط الجيش الإسرائيلي والجيش بأكمله.
يمكن أن نفهم، من خلال ملاحظة سلوك كاتس السياسي، أن دوره لن يعدو كونه منفّذاً لأوامر نتنياهو، وأنه لن يؤدي أكثر من دور مشرف ينوب عنه في متابعة المنظومة الأمنية، وخاصة كبار ضباطها: رئيس هيئة الأركان، هرتسي هليفي، ورئيس “الشاباك”، رونين بار، ورئيس “الموساد”، ديفيد برنياع، الذين لا يتفقون دائماً مع نتنياهو، وخصوصاً في القضايا المتعلقة بالأسرى وإدارة الحرب في غزة.
تنتشر الشائعات في جهاز الأمن منذ عدة أيام، وخاصة التكهنات، بشأن إمكانية استقالة كلٍّ من رئيس هيئة الأركان ورئيس “الشاباك”، اللذين يخضعان مباشرة لإمرة نتنياهو، بسبب الخلاف بشأن ضرورة وقف القتال في غزة، من أجل إطلاق سراح الأسرى، لكنني أشك في حدوث ذلك. فهرتسي هليفي وبار، وكذلك برنياع، يعتقدون أنهم إذا استقالوا، الآن، فإنهم سيتسببون بمزيد من الضرر لإدارة الحرب وأمن إسرائيل، وأنهم بذلك لن يتمكنوا من خدمة الشعب. لذلك، وعلى الرغم من أن غالانت عمل إلى حد كبير كما لو كان بذلة واقية تحمي رئيس هيئة الأركان ورئيس “الشاباك” ورئيس “الموساد”، فهؤلاء سيتعلمون، ويعرفون كيف يتأقلمون مع الوضع الجديد، إذ إن جميع رؤساء المنظومة الأمنية، بمن فيهم هرتسي هليفي والجنرالات في رئاسة هيئة الأركان، يُدارون مباشرةً من نتنياهو.
من المتوقع ألّا يؤثر الأمر في الجيش مباشرةً، لكنه قد يؤدي إلى أن يجرب الضباط الكبار، ممن لديهم آراء تختلف عن تلك التي لدى رئيس هيئة الأركان، هرتسي هليفي، حظوظهم لدى رئيس الوزراء ووزرائه، وهو ما قد يقوّض الانضباط في الجيش الإسرائيلي. الجيش بطبيعته قادر على التكيف، ويعرف كيف يتلقى الأوامر، بشرط أن تكون قانونية. لذلك، إذا كان هناك زلزال متوقع، فسيصيب بشكل رئيسي طبقة رؤساء هيئة الأركان، أي رئيس هيئة الأركان، وربما بعض الرؤساء الضباط الذين يبدؤون الآن باتخاذ مواقف.
إلى جانب تأثير وجود غالانت في المنظومة الأمنية فإن وجوده في وزارة الدفاع بثّ أيضاً في نفوس الشعب إحساساً بالاستقرار والقيادة المهنية والخبيرة. عندما وافق غالانت، كوزير دفاع، على العمليات، أو كرر زيارة الجبهات المختلفة، كان لذلك تأثير في توفير طمأنينة أمنية للجمهور المدني، باستثناء القطاع اليميني المتطرف الذي عارض غالانت وكرهه. كما أن الاستطلاعات التي أُجريت بين الجمهور، بما في ذلك بين العرب في إسرائيل، منحت غالانت وأداءه درجات عالية جداً، تفوق كثيراً ما حققه الوزراء الآخرون، بمن فيهم نتنياهو. وربما يكون هذا أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت نتنياهو يرغب في التخلص من غالانت: لم يتحمل نتنياهو قط الأشخاص الذين تفوقوا عليه، أو كانوا خلفاء محتملين له. في الواقع، كان دائماً يطرد مثل هؤلاء الأشخاص، أو يرسلهم إلى مناصب مرموقة، لكن مناصب لا تسمح لهم بتهديد موقعه كرئيس حكومة.
أسباب الإقالة
هناك أربعة أسباب فورية وواضحة لإقالة غالانت: معارضته قانون تمويل التهرب من الخدمة العسكرية (قانون الحضانات)، والخلافات بينه وبين نتنياهو، والانتخابات الأميركية، والفضائح التي يواجهها مكتب رئيس الوزراء.
السبب الأول، حسبما أسلفنا، هو معارضة وزير الدفاع غالانت لقانون التهرب من التجنيد، وقانون الحضانات، الذي يُعد في الواقع محوراً بديلاً لتثبيت قانون استثناء الحريديم من التجنيد في الجيش الإسرائيلي. كان نتنياهو يخاف من أنه إذا لم يُمرر، على الأقل، أحد هذين القانونين، فإن حاخامات الحريديم، برئاسة الحاخام أدمور غور، سينفذون تهديداتهم، وينسحبون من الائتلاف، بما يسمح بإجراء انتخابات مبكرة. رأى نتنياهو أنه من الضروري إزالة هذا التهديد، وإزاحة غالانت من طريقه – وهكذا تعيّن على غالانت الرحيل. وفي هذا السياق، يجب أن نتذكر أن غالانت أعطى، اليوم، أمراً للجيش بتجنيد 7000 من طلاب المدارس الدينية من الحريديم، وهو ما زاد في غضب وخوف الحريديم. وأدرك نتنياهو أن عليه حسم الأمر، لذا، تمت إقالة غالانت في المقام الأول للحفاظ على الائتلاف والحكومة برئاسة نتنياهو، ولا علاقة لذلك بإدارة الحرب.
يتمثل السبب الثاني، من ناحية الأهمية، في الخلافات القائمة بين نتنياهو وغالانت وكبار مسؤولي المنظومة الأمنية الآخرين بشأن قضية الأسرى الإسرائيليين والقتال في غزة. فعلاً، خلال هذا العام، برزت خلافات عديدة بين الطرفين، لكنها حُلّت بصورة أو بأُخرى. فعندما قرر رئيس الوزراء، على سبيل المثال، عدم شن هجوم على لبنان، بينما اقترح غالانت وهرتسي هليفي ذلك في 11 تشرين الأول، بعد أيام قليلة من “مذبحة” 7 تشرين الأول/أكتوبر، لم يعتقد أيّ شخص في جهاز الأمن أن هذا القرار غير شرعي، ونابع من دوافع غير مهنية.
جرى الأمر نفسه عندما أجّل نتنياهو بدء المناورة البرية في قطاع غزة، ثم فيما يتعلق بدخول رفح. لقد كانت هناك خلافات كبيرة بين الأطراف، لكنها كانت مسائل خلافية انبثقت من الوضعين، المحلي والدولي، المعقّدين اللذين تجري الحرب في ظلهما. لكن فيما يتعلق بمسألة الرهائن، ظهرت خلافات جوهرية بين غالانت ورؤساء المنظومة الأمنية ونتنياهو. أهمها: أن نتنياهو غير مستعد لوقف الحرب في غزة وإطلاق سراح الرهائن، بينما يرى كلٌّ من غالانت، وهرتسي هليفي، ورئيس “الشاباك”، ورئيس “الموساد”، أنه في مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء، يمكن وقف الحرب وإنهاء ما يجب إنهاؤه في قطاع غزة في موعد لاحق.
لقد ساد إجماع في المنظومة الأمنية على أن الانتصار على “حماس” سيتحقق، عاجلاً أم آجلاً، لكن نتنياهو لا يقبل هذا الرأي، ويريد الاستمرار حتى النصر الكامل، عندما تستسلم “حماس”، ثم تطلق سراح الرهائن.. لكن هذا الموقف أثار ضده حنق جزء كبير من الشعب الداعم لعائلات المختطفين، وهو لا يرغب في أن يواصل غالانت الضرب في غزة.
يتمثل السبب الثالث الكامن خلف توقيت الإقالة التي كانت تلوح في الأجواء منذ فترة طويلة، في أثناء الانتخابات الأميركية، حسبما أسلفنا. فالاهتمام الشعبي الإسرائيلي، بحسب افتراض نتنياهو، سيجعل الإقالة أسلس، من دون أن تشتعل احتجاجات شعبية هائلة، مثلما جرى في المرة السابقة. لا يتعلق الأمر بانشغال الجمهور بالانتخابات الأميركية فحسب، بل أيضاً لأن الجمهور الذي خرج ليحتج في الشوارع، تضاءل حجمه على مدار العام الماضي خلال الحرب، ولأن جزءاً كبيراً منه يخدم في سلاح الاحتياط الآن، ولعل هذا ما يفسّر التوقيت. لكن كما رأينا في الساعات الأخيرة، فإن آمال نتنياهو بمرور خطوته من دون احتجاج جماهيري هائل قد تلاشت، إذ خرجت الجماهير إلى الشوارع للاحتجاج.
أمّا السبب الرابع، فهو قضية الوثائق السرية والقضية الإضافية التي كُشفت تحقيقاتها، اليوم، والتي تقع في إطار صلاحيات ديوان رئيس الوزراء، ونتنياهو متورط فيها، وإن لم يكن بصورة مباشرة. وإقالة غالانت تتسبب الآن بتحويل اهتمام الجمهور عن هذه القضايا التي تصدرت العناوين في الأيام الأخيرة.
آثار الإقالة على الحرب
علينا أن نعترف، بصدق، أن غالانت كان صدامياً في تعامُله مع رئيس الوزراء. لقد وجّه إليه كثيراً من الانتقادات، وتسبّب بإحراجه كثيراً، وتمرد على سلطته عدة مرات، وأحياناً، جرى ذلك علناً، وأحياناً أُخرى، خلف الكواليس – لكن الرجل أدى دوره كوزير دفاع بأمانة أمام الشعب الإسرائيلي، لقد قام بذلك بصورة مهنية، وبكثير من الذكاء العاطفي، ولهذا، نحن مدينون له بالشكر. ومن الآن فصاعداً، سنحتاج إلى التعود على حقيقة أن نتنياهو لم يعد رئيس الوزراء القوي فحسب، بل هو أيضاً وزير الدفاع.
بالمناسبة، هذه ليست المرة الأولى التي يقبض فيها رؤساء حكومات إسرائيليون، بدءاً من بن غوريون، على حقيبة الدفاع، إمّا رسمياً، أو حتى شكلياً. في حالة بن غوريون، كان الأمر ناجحاً، كما أن الأمر كان مرتبطاً بما حدث خلال حرب 1948. لكن بن غوريون كان يتمتع بثقة شعبية شبه كاملة، حتى في صفوف معارضيه السياسيين. أمّا نتنياهو فليس سراً القول، إن نصف الشعب لا يثق بقدراته الإدارية ودوافعه، ولا يمنحه الثقة.
أمّا فيما يتعلق بالتداعيات الدولية التي ستترتب على إقالة غالانت، فمن الواضح تماماً أن الأمر سيؤثر سلباً في الإدارة الأميركية، سواء تم انتخاب كامالا هاريس، أم دونالد ترامب، بشأن إدارة الحرب بالتنسيق مع الوصية علينا عسكرياً. السبب البسيط هو أن غالانت نجح في نسج علاقة وثيقة وجيدة مع “البنتاغون”، ومع القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم). وهذه الحقيقة، بالمناسبة، كانت واحدة من القضايا التي ضاعفت توتُّر العلاقات بين غالانت ونتنياهو. لقد كان رئيس الوزراء يعتقد، ببساطة، وعلى الأرجح هو محق، أن الأميركيين يتجاوزونه من خلال علاقتهم الوثيقة بغالانت وتواصلهم الحميم معه، ولذلك، على سبيل المثال، لم يسمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة، كوسيلة لإجبار الرئيس جو بايدن على التواصل معه (مع نتنياهو)، حسبما يتذكر الجميع.
ستستمر إدارة بايدن في الحكم حتى 21 كانون الثاني، إلى أن يجري تنصيب الرئيس الجديد، من المرجح أن يؤثر ذلك سواء في المساعدات العسكرية التي سنتلقاها، أو في الجوانب السياسية لإدارة الحرب، بما في ذلك الخطة الخاصة باليوم التالي في غزة. وحتى لو تم انتخاب ترامب، فإن طريق نتنياهو لن تكون سهلة حقاً، لأن ترامب عبّر عن غضبه، علناً، عدة مرات، وربما حتى عن كراهيته لنتنياهو. لا شك في أن رئيس الوزراء يعتقد أنه يستطيع إصلاح علاقاته مع ترامب، وأنه يفضل، في كل الأحوال، حُكم ترامب المتقلب والذي يمكن التأثير فيه بسهولة، على حُكم كامالا هاريس رئيسة.
الخلاصة هي أن نتنياهو، كوزير دفاع، سيكون أقل قدرةً بكثير من غالانت على حماية مصالح دولة إسرائيل. وهذا ينطبق أيضاً على مصالح الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والأردن، ومصر، التي لا تخفي خلافاتها مع نتنياهو ومعارضتها له، وخاصة الخط السياسي الذي يقوده، والذي يعارض إقامة دولة فلسطينية. أمّا غالانت، من ناحية أُخرى، فقد يكون قد روّج نظاماً بديلاً من “حماس” في غزة – وهو أمر ضروري جداً لإنهاء الحرب. أمّا نتنياهو، فسيجلس على الجدار وينتظر من الأميركيين والإماراتيين والمصريين والأردنيين القيام بالعمل نيابةً عنه، حتى لو لم يدفع هذا قدماً بإنشاء دولة فلسطينية. وحتى إذا نجحت سياسة نتنياهو هذه، فإنها ستؤدي إلى إطالة أمد الحرب في غزة بشكل كبير، ومن المؤكد أنها لن تعزز فرص إطلاق سراح الرهائن.
أمّا بالنسبة إلى التخوف من قيام نتنياهو بإقالة رئيس هيئة الأركان ورئيس “الشاباك” فمن المحتمل ألاّ يقيلهما لأن الصدمة ستكون كبيرة جداً في هيكل إدارة الحرب، وفي ثقة الجمهور به. لن يجد وزير الدفاع نتنياهو، فعلياً، مصاعب في توجيه هذين الشخصين بناءً على إرادته، ومن المتوقع أن يستقيلا إذا ما افترضا أن فرص إعادة الرهائن تلاشت. لكن في نهاية المطاف، يمكن التقدير أن إقالة غالانت لن تساهم في تحقيق النصر الكامل في الحرب، لكنها ستؤدي إلى إطالتها.
——————————————–
هآرتس 7/11/2024
هل نحن نقوم بتجويع غزة؟ هكذا يزيلون وصمة العار الاخلاقية
بقلم: يوسي كلاين
الضباط في الاحتياط م يجلس لتناول الغداء. وهو جنرال مخضرم ومحلل في التلفاز. هو شخص حساس، اهمال المخطوفين يؤثر فيه. هو يعتبر اهمالهم وصمة عار اخلاقية. لا توجد لديه أي فكرة عن كيفية محوها. زوجته المخلصة تلاحظ ازمته. وهي تقول: لماذا لا نقوم بقتلهم جميعا. تسأل. م. يصاب بالصدمة. نحن نقتل؟، بعد لحظة فكر. هي عثرت هنا على شيء.
اسمعوا هذه الفكرة، قال في اليوم التالي لاصدقائه في الاستوديو، نحن سنجوع السكان الى درجة أن لا يصبح أمامهم أي خيار عدا عن الاستسلام وتحرير المخطوفين. الجنرالات كبار السن يستمعون باهتمام. لا يوجد لديهم ما يضيفونه أو ينقصونه. هم يسألون: هل هذا قانوني؟ تماما، يرد الجنرال. هو جاء مستعد. في ويكيبيديا وجد أنه في هارفارد قالوا إن هذا مسموح. نعم، مسموح التجويع من اجل التحرير. هذا على ما يرام.
القدر شاء، في تلك الظهيرة التي عرض فيها الجنرال م. خطته (في الحقيقة خطة زوجته)، جلس ج.، وهو وزير شؤون (لا يهم شؤون ماذا) في بيته وشاهد التلفاز. الوزير ج. كان متعب. اضطراب الرحلات الجوية الطويلة جعله يصاب بالجنون. هو لم يعد يتذكر الى أين كان يسافر ولماذا. هو كان “المستوى السياسي” والامر لم يكن سهل عليه. الجميع قاموا بمهاجمته. اتهموه – هو نفسه الذي في قلبه دائما يوجد المخطوفون! – باهمال معالجة اطلاق سراحهم. هو اصبح يائس من العمل.
فجأة، فجأة! توجد خطة! حتى أنها في التلفزيون!
الوزير ج. غير غبي. فالشخص الغبي لا يتحول من مدير فرع بائس الى وزير شؤون شيء ما، ويتحكم بالملايين. هو يخاف من أنه حتى قاعدته ستجد صعوبة في استيعاب “تجويع الناس وتحرير المخطوفين”. لذلك فقد توجه الى وزارة الحقيقة. هو يعرف لمن يتوجه. هذه هي الوزارة التي اعطتنا “المناورة” بدلا من الحرب. “المعارك الصعبة” بدلا من القتلى، “ازمة انسانية” بدلا من التجويع (الآن هو يعمل على استبدال “الهزيمة” بـ “النهضة”). ج. طلب من الوزارة “تخفيف و”تجميل” “التجويع”.
في اليوم التالي وصل الرد: قم بالتجويع كما تشاء، أيها الوزير، لكن اطلق على ذلك، اسمع جيدا، “استخدام المساعدات الانسانية كرافعة استراتيجية من اجل اعادة المخطوفين”. صياغة مدهشة! أنا لم أفهم أي شيء، قال الوزير ج.، كم هذا يظهر نظريا! تفاخر رئيس القسم، ابحث كما تشاء، قال، لكنك لن تجد في أي يوم اشارة على القتل والتجويع والطرد.
مع عنوان كهذا تم وضع الخطة بسرعة. بدون العصف الذهني القذر لاجتماعات الهيئة والنقاشات. من التلفزيون مباشرة الى غزة. صحيح أنه كان يجب الحصول على بعض المصادقات الاضافية، من زوجة رئيس الوزراء ومن ميامي (لا تقلق، هم أحبوا التجويع)، على الفور كالعادة وبخ الوزير رئيس الاركان على التباطؤ في التنفيذ وعلى وجهه المتكدر الذي يخفض المعنويات ويعطل السرور. ولكن الخطة انطلقت بزخم. الجيش الاسرائيلي قتل وطرد وجوع. كما يجب.
وماذا عنا؟ أين نحن من هذا الحدث؟ نحن لسنا هناك. هذا الامر لا يهمنا. نحن عرفنا ولكننا لم نسمع ولم نر. نحن اردنا عدم الرؤية وعدم الامساك بنا من الياقة. مما نعرفه يمكننا الاعلان: هذا ليس ابادة جماعية. نحن لسنا برابرة. البرابرة لا يسارعون الى ازالة وصمة العار الاخلاقية المشينة. نحن طاهرون ولنا ضمائر. هذا ليس ذنبنا، أنه من اجل ازالة وصمة اخلاقية فظيعة تتمثل باهمال المخطوفين نحن نضطر الى تجويع النساء والاطفال.
هل ازالة الوصمة الاخلاقية تعفينا من تهمة المشاركة في التجويع؟ بالنسبة لنا نعم. هذا هو الحد الاقصى الذي يمكن أن نفعله اذا اخذنا في الحسبان حقيقة أننا محبوسون مع الفيل الموجود في الغرفة. هذا الفيل الضخم الموجود في الغرفة يسمى “بيبي لا يريد اعادة المخطوفين ونحن لا يمكننا فعل أي شيء له”. حقيقة أننا ضعفاء وأن الفيل الموجود في الغرفة قوي جدا، هي أمر يدعو الى اليأس وخيبة الامل، الى درجة أنه لا يوجد امامنا أي خيار عدا عن انكار وجوده.
نحن نقوم بالنفي، لأن هذا ما يفعلونه عندما يعيشون مع فيل في الغرفة. نحن نواصل التصرف كالعادة: نؤمن بأن الفيل الموجود في الغرفة هو مثال تصويري وليس حقيقة صعبة. نحن لا نصدق بأنه بعد لحظة هو سيسحقنا على الحائط. وضع فيه رئيس الحكومة ينكل بشعبه يبدو امر خيالي جدا، الى درجة أننا لا نصدق بأنه أمر محتمل. نحن حتى الآن نأمل الافضل ونقوم بانكار الوضع الذي سيكون فيه “اليوم التالي” اسوأ من اليوم الذي سبقه.
——————————————–
هآرتس 7/11/2024
زعماء المستوطنين يعلقون آمالا على انتصار ترامب
بقلم: هاجر شيزاف
زعماء المستوطنين استبشروا بسعادة بفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، لا سيما ازاء العقوبات التي فرضتها ادارة بايدن عليهم، اضافة الى منع الاستيطان في قطاع غزة. هم يعلقون الآمال على ولاية ترامب السابقة، التي قفز فيها عدد رخص البناء في المستوطنات وفي البؤر الاستيطانية، وحتى تم الاعلان بأن المستوطنات هي قانونية. سبب آخر يشجعهم هو العلاقة القريبة لبعضهم من رجال ترامب ومع جهات رفيعة في اوساط الطائفة الافنغلستية التي تؤثر عليه.
يوسي دغان رئيس المجلس الاقليمي شومرون شارك مؤخرا في حملة لصالح ترامب. وفي الفترة الاخيرة ساعد مقر تشجيع الانتخابات باسم “جي فوت”، الذي تحدث مع اليهود في امريكا الذين يمكن أن يصوتوا لترامب. في محادثة مع “هآرتس” ظهر دغان راض عن النتائج وقال: “نير كبير نزل عنا. وعبء ثقيل ازيح عنا. الضغط الامريكي اثر في كل شيء، في المجال الامني والمجال الاستيطاني. أنا اعتقد أن هذا الضغط سيتوقف أو سيضعف”. وحسب قوله فان الضغط الامريكي كان واضحا في تقييد عمليات الجيش الاسرائيلي في لبنان وفي غزة وفي الضفة الغربية، وفي التوقعات في الادارة الامريكية بأن يتم اقامة دولة فلسطينية هنا.
الآن يعتقد أن الضم في الضفة (“السيادة”، حسب رأيه) سيعود الى طاولة النقاشات. وحسب تقديره فان غياب الضغط السياسي سيساعد ايضا في الجهود المبذولة من اجل الاستيطان في غزة: “التوقع من الادارة الامريكية هو أن تسير مع ما تريده دولة اسرائيل. في نهاية المطاف العقوبات المفروضة (على المستوطنين) تأتي من الولايات المتحدة، مثلما في اواخر ولاية اوباما، وسم منتجات المستوطنات جاء من الولايات المتحدة”. دغان يتوقع الآن بأنه سيتم رفع العقوبات، وبدلا منها ستفرض الادارة الامريكية عقوبات على شخصيات فلسطينية رفيعة مثل جبريل الرجوب.
قوة دغان تظهر في المنظومة السياسية في اسرائيل وفي علاقته مع افنغلستيين مقربين من ترامب. في بداية الاسبوع نشر مقال رأي مع طوني باركنز، وهو زعيم افنغلستي يترأس مجموعة ضغط باسم “مركز ابحاث العائلة”. في المقال عارضا سياسة بايدن – هاريس وطلبا من الناس التصويت في الانتخابات. ومؤخرا تجول دغان في الولايات المتحدة، ومن نشاطاته كان خطاب القاه في بنسلفانيا قال فيه: “اذا اراد الناس مساعدة الطلائعيين الذين يعيشون في يهودا والسامرة فيجب عليهم التصويت لترامب”.
مؤيد بارز جدا للاستيطان في فترة ولاية ترامب الاولى هو دافيد فريدمان، الذي كان في حينه سفير الولايات المتحدة في اسرائيل. في الاسبوع الماضي اصدر فريدمان كتابه الجديد بعنوان “دولة يهودية واحدة” في مستوطنة نوفيم. في انطلاق اصدار الكتاب في دار النشر المحافظة “سيلع مئير” شارك فيه ستة من الوزراء وهم يسرائيل كاتس ونير بركات وايلي كوهين وعميحاي شكلي واوريت ستروك وغيلا غملئيل. في فيلم لتسويق الكتاب شرح فريدمان رؤيته للدولة اليهودية التي ستفرض سيادتها ايضا على الضفة وقال. “نحن نأمل أنه ذات يوم، بعون الله، سيكون لاسرائيل سيادة يهودية على كل وطننا التوراتي”.
بعد التقارير عن فوز ترامب كتب اسرائيل غانتس، رئيس مجلس يشع ومجلس بنيامين، في شبكة “اكس” بنفس الروحية: “زمن السيادة! يا ترامب القوي، دولة يهودية واحدة”. في هذا الاسبوع شارك اسرائيل غانتس في صلاة للنجاح الذي كان في الانتخابات الامريكية في مستوطنة شيلا. وبعد ذلك صرح وقال: “نحن اليوم تبادلنا بضع كلمات مع الاصدقاء في الحزب الجمهوري. وهناك خطط مهمة، بعون الله، سننفذها معا.
في ادارة ترامب السابقة كانت احداث مهمة بشكل خاص فيما يتعلق بالمستوطنين. الحدث الاول هو اعلان وزير الخارجية الامريكي، مايكل بومبيو، أنه بالنسبة للولايات المتحدة فان المستوطنات غير مخالفة للقانون الدولي. وفي مؤتمر عقده منتدى كهيلت حول هذا الامر شارك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، فريدمان ونفتالي بينيت، وزير الدفاع في حينه، وبومبيو شكر المنتدى على دعمه. في شباط 2024 الغت ادارة بايدن هذا التصريح. الحدث الثاني كان “صفقة القرن”، الخطة السياسية من اجل التسوية بين اسرائيل والفلسطينيين، التي شملت اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتطبيق سيادة اسرائيل على المستوطنات، التي سيبقى بعضها كجيوب في الاراضي الفلسطينية. بعض المستوطنين أيدوا الخطة، لكن آخرين عارضوها بشدة، من بينهم رئيس مجلس “يشع” في حينه دافيد الحياني، الذي قال للصحيفة إن الخطة تثبت بأن ترامب “ليس صديق لدولة اسرائيل”.
شخصية اخرى بارزة في المستوطنات بقيت متشككة بخصوص ترامب وهي دانيلا فايس، رئيسة حركة نحلاة التي تقود الآن مشروع الاستيطان في قطاع غزة. “مع ترامب اجتزنا تجربة قاسية جدا حول الخطة، التي عملت بشكل قوية جدا كي لا تتم الموافقة عليها”، قالت. “الخطة شملت 30 في المئة لليهود، لكنها اعطت 70 في المئة للدولة الفلسطينية. في اليمين شاهدوا في حينه بالاساس الـ 30 في المئة. أنا لم اتخلص من هذا القلق”. مع ذلك، هي تتوقع أن يؤثر ترامب للافضل على محاولة الاستيطان في قطاع غزة. “هناك توقع بأن ترامب سيمنعها بدرجة اقل”.
في هذه الاثناء فايس تستثمر معظم جهودها في الضغط الداخلي في اسرائيل على اليمين: “اعتقد أن الامر يتعلق بدرجة اقل بترامب، ويتعلق اكثر بالدولة”، قالت واضافت. “أنا لا اتحدث فقط عن الليكود، بل ايضا عن كل الاحزاب اليمينية. الانجازات هي كما حلمنا واكثر مما هو متوقع”. وقد توقعت فايس ايضا تغيير في موقف امريكا من الدولة الفلسطينية. “آمل أن يزيح ترامب هذا الامر عن جدول الاعمال”، قالت. واضافة الى كل ذلك أكدت على الخوف من أن ترامب هو زعيم غير متوقع.
حجيت عوفران، رئيسة طاقم متابعة الاستيطان في حركة “السلام الآن”، قالت: “في الولاية الاولى لترامب المستوطنون ارادوا الغاء ثلاثة مواضيع اساسية من الاجندة. الموضوع الاول هو قضية اللاجئين. في حينه ترامب بدأ يتحدث بأنهم سيتوقفون عن التبرع للاونروا. الثاني المستوطنات، التي عمليا خطة ترامب كانت خطة للضم. الثالث هو القدس، ترامب قام بنقل السفارة الامريكية الى هناك”. وحسب قولها فان انتخاب ترامب الآن سيعزز خطط اخرى للمستوطنين، التي بدأت في التجسد، وضمن ذلك الطرد من تجمعات في الضفة والاستيطان في غزة. “أنا أقدر بأننا سنرى الاستيطان في شمال غزة في الفترة القريبة القادمة”، قالت. “يمكن ايضا التقدير بأن الخطوات التي بدأت بها ادارة بايدن في محاولة لكبح اسرائيل بواسطة العقوبات، ستتوقف أو سيتم الغاءها”.
——————————————–
هآرتس 7/11/2024
ترامب لن يسعى الى انهاء النزاع بتحقق التطلعات الفلسطينية بل بمحوها
بقلم: جاكي خوجي
فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة يضع الفلسطينيين امام تحد مركب، وربما حتى تحد غير مسبوق، فيما يتعلق بتداعيات ولايته على مصيرهم. حسب تجربة الماضي فانه لا يوجد للفلسطينيين أي اوهام بأن تحقيق تطلعاتهم الوطنية توجد على رأس سلم اولويات الرئيس القديم – الجديد. ولكن خلافا لولايته السابقة فان الواقع الفلسطيني في المستقبل القريب يتوقع أن يكون اكثر صعوبة: لا يوجد ضغط للانسحاب من غزة أو مفاوضات حول تسوية سياسية أو حوار حول خطة تتحدى مشروع الاستيطان. ويدل على ذلك وابل التهنئة والامنيات والتغريدات المسرورة من قبل اليمين المتطرف – البيبي لعودة ترامب الى المكتب البيضوي. وحتى أن العقوبات التي فرضتها ادارة بايدن على جمعيات واشخاص من اليمين يمكن أن يتم محوها بمرة واحدة.
في هذه الاثناء من غير المعروف من سيتولى حقيبة الشرق الاوسط في الادارة الجديدة. في الساحة الفلسطينية ما زالوا يتكيفون مع الواقع الذي فرض عليهم منذ 7 اكتوبر السنة الماضية، ويواجهون حقيقة أن غزة لم تعد قابلة للعيش فيها. فهي مسيطر عليها في معظمها من قبل الجيش الاسرائيلي، وهناك من يريدون تسريع مشروع الاستيطان ايضا هناك. السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية متعثرة وتمر بأزمة ثقة كبيرة لدى الجمهور الفلسطيني. اسرائيل من ناحيتها تدفع بالسلطة نحو الانهيار بقيادة سياسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي لا يخفي نيته الدفع قدما بعملية ضم اجزاء واسعة من الضفة.
من ناحية الفلسطينيين ترامب في الواقع سيسعى الى انهاء النزاع، لكن ليس من خلال تطبيق تطلعات الفلسطينيين الوطنية، بل من خلال محوها. هذا بالضبط ما فعلوه في امريكا قبل مئات السنين، والآن الفلسطينيين سيجسدون دور الهنود الحمر. معاهد ابحاث فلسطينية طرحت حتى سيناريوهات متشددة اكثر، بحسبها مئات آلاف الفلسطينيين سيضطرون الى مغادرة اماكنهم والانتقال الى الاردن في اعقاب ضم اجزاء من الضفة. الاضرار الكبير بمؤسسات دولية، لا سيما الاونروا، سيؤدي الى تحطم قضية اللاجئين، والاتصالات للتطبيع مع دول عربية اخرى مثل السعودية ستعزل الفلسطينيين بالكامل. سيكون لبنان النازف وسوريا المتعثرة في حالة عجز عن التأثير على مصير الفلسطينيين، حيث ستقف ايران المردوعة الى جانبهما. هذا الامر يتفق بالتحديد مع تعريف الشرق الاوسط الجديد، لكنه تعريف نتنياهو وترامب.
شرق اوسط جديد
امام المتشائمين يقف بالذات الذين لا يسارعون الى تأبين ترامب. حتى في القطاع الذي سكانه تابعوا باهتمام النتائج فان الخسارة الكبيرة هي عقوبة تستحقها هاريس والحزب الديمقراطي بسبب سلوكهم في السنة الاخيرة تجاه القطاع والضفة الغربية ايضا. الجمهور يجد التشجيع في حقيقة أنه بعد كل ما مر على الفلسطينيين، منذ ولاية ترامب الاولى وحتى السنة الماضية، القضية الفلسطينية لم تتبخر. الشعب الفلسطيني يوجد هنا من اجل أن يبقى. لا توجد موجة نزوح والتشجيع على الهجرة لن يغير الواقع.
في الساحة السياسية الفلسطينية سيفحصون كيفية تصرف ترامب امام نتنياهو، ومن هو الطاقم الذي سيتم تعيينه للمنطقة والى أي درجة سيكون قابل للمناقشة من ناحيتهم. أمس سارع محمود عباس الى تهنئة ترامب على الفور وعبر عن الأمل في أن يتبنى طموح الفلسطينيين في تقرير المصير. حماس من ناحيتها تتوقع أن الرئيس الجديد سينفذ وعده وسينهي الحرب على الفور. ورغم التشاؤم من نتائج الانتخابات الامريكية فان عباس وقيادة حماس اختاروا مصطلحات غير عدوانية.
مع ذلك، في الساحة الفلسطينية يدركون أن جزء من المسؤولية عن تشكيل المرحلة القادمة يتعلق بالقيادة وتعاملها مع الادارة الامريكية الجديدة ودول المنطقة. استمرار الانقسام بدون أي رؤية والصراعات الفارغة على السيطرة وتضارب المصالح في العالم العربي، كل ذلك سيجعل الفلسطينيين فريسة سهلة امام عدوانية ترامب وحكومة المستوطنين لنتنياهو. يجب طرح خطة ورؤية تجمع القوى الديمقراطية في اسرائيل وفي العالم، أو الاستمرار في البكاء على انتخاب ترامب لاربع سنوات قادمة.
——————————————–
إسرائيل اليوم 7/11/2024
في إسرائيل يأملون هذه المرة ترامب سيسير مع ايران حتى النهاية
بقلم: يوآف ليمور
تنطوي عودة دونالد ترامب الى البيت الأبيض على غير قليل من الآمال بالنسبة لإسرائيل، ومعها أيضا علامات استفهام المركزية بينها هي السياسة التي سيتخذها الرئيس الجديد – القديم تجاه ايران.
في ولايته السابقة اتخذ ترامب خطا كديا تجاه ايران، كانت ذروته في الانسحاب من الاتفاق النووي وتصفية قائد فيلق القدس من الحرس الثوري، قاسم سليماني. كما أن ترامب فرض على ايران عقوبات اقتصادية شالة لكنه لم يسر حتى النهاية ولم يستسلم للضغط الإسرائيلي الشديد الذي مورس عليه للهجوم على مواقع النووي.
ستطفو هذه المسائل الان الى السطح بقوة اكبر لانه في السنوات الأربعة المنصرمة منذئذ اقتربت ايران من القنبلة، سرعت سياقات تسلحها الأخرى (بالاقمار الصناعية، بالصواريخ وبالمُسيرات) ووسعت جدا نفوذها في المنطقة.
المعركة التي تقودها إسرائيل الان اجتثت غير قليل من قوة ايران الاقليمية، واساسا في لبنان وفي غزة، لكنها لم تحبط تطلعاتها. معقول ان تسعى ايران لان ترمم معاقلها المتقدمة التي تضررت، وان تضم اليها معاقل أخرى. اما إسرائيل فقد أعلنت منذ الان بانها لن تسمح بذلك وستحتاج الى ظهر مستقر من واشنطن كي تكون حرة في العمل هجوميا حتى في اليوم التالي للحرب.
يحتاج البرنامج النووي الى معالجة مختلفة، وقد أعلن ترامب ومحيطه غير مرة في الأشهر الأخيرة بانهم لن يعودوا الى سياسة العقوبات وفي إسرائيل معنيون بان يروا تهديدا عسكريا مصداقا يوضع من جديد على الطاولة. واذا اخذنا بالحسبان وضع المشروع النووي، فستكون هذه فرصة شبه أخيرة لكبحه وهذا كفيل أيضا بان يكون مدماكا هاما في إرث ترامب كمن منع القنبلة عن نظام آيات الله.
كي يحصل هذا، ستكون حاجة الى تنسيق عميق بين القدس وواشنطن. لقد صلى نتنياهو لنصر ترامب رغم أن علاقاتهما بعيدة عن ان تكون دافئة مثلما في الماضي. ليرون ديرمر، رجل ارتباطه بالإدارة الجمهورية سيكون عمل تليين وترميم لاجل تقليص الاحتكاكات التي لا بد ستكون. مثلا، حول النية المتوقعة لترامب باستئناف الجهود لتحقيق صفقة كبرى بين إسرائيل والسعودية، التي ثمنها المرافق المحتم سيكون في الساحة الفلسطينية.
تخفيف الالام في البيت الأبيض
لا بد أن إدارة بايدن ستخفف غير قليل من آلام الرأس في القدس – تجميد توريد الذخيرة الثقيلة وإزالة التهديد بالحظر على بيع السلاح، مثلا، وبالطبع التخوف من المس بإسرائيل في الساحات القضائية والدبلوماسية المختلفة. لكن جودة الارتباط ستتأثر أيضا بالاشخاص الذين سيشغلون المواقع الأساس – أساسا وزيري الخارجية والدفاع، رئيس الطاقم ومستشار الامن القومي – والامل هو أن يشغل مايك بومباوم وماركو روبيو، العاطفين لإسرائيل، بعضها. هذا سيسمح بالجسر الجزئي على غياب جارد كوشنير، صهر ترامب الذي كان الرجل الأكثر حضورا في الإدارة السابقة ومهندس اتفاقات إبراهيم.
حتى قبل دخول ترامب، سيكون لجو بايدن عشرة أسابيع من المحاولة الأخيرة لترك أثر في الشرق الأوسط. في إسرائيل يخشون من أن يستغل أوامر ولايته كي يثأر من نتنياهو لكن معقول ان العكس بالذات هو الصحيح: محرر من اعتبارات حملة نائبته، يمكن للرئيس – الذي وصف نفسه غير مرة “بالصهيوني” – ان يحاول الدفع قدما بوقف نار في لبنان وربما أيضا استئناف الاتصالات بصفقة مخطوفين في غزة. نجاحه في هذين الجهدين هو أيضا مصلحة خليفته، ترامب، الذي سيتمكن من الدخول الى البيت الأبيض مع صفحة نظيفة – دون أن يكون مطالبا بان يغوص مباشرة الى ألم رأس الحرب التي لا تنتهي والتي تصر إسرائيل على خوضها.
——————————————–
هآرتس 7/11/2024
ترامب سيهتم أولا بمصالحه وهذه لن تستقيم دوما مع مصالح نتنياهو
بقلم: عاموس هرئيلِ
بنيامين نتنياهو قدر وأمل وآمن بأن هذه ستكون النتيجة – نصر ساحق لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. التداعيات يمكن ان تكون معقدة، وحتى متناقضة في بعضها. ترامب كان دائما لغز مغطى. فهو شخص يركز على نفسه ويصعب توقعه ومتقلب. في نسخة 2025 هو كما يبدو سيعرض نسخة جديدة لولايته الاولى: بدون كوابح وعوائق، وتقريبا بدون جنرالات احتياط يحيطون به، الذين يؤمنون عبثا بأنه يمكنهم السيطرة عليه، كما حدث قبل ثماني سنوات.
لا فائدة من المقامرة على السياسة الخارجية للرئيس القادم. هذا مبكر جدا. كثيرون من المقربين منه، مثل مايك كومباو، هم من مؤيدي اسرائيل ومحبي نتنياهو. ولكن في فترة ولايته الاولى ظهرت في السياسة الخارجية للادارة الامريكية أسس متناقضة ومختلطة. ترامب بث نزعة انفصالية والتحفظ الشديد من غرق امريكا في أمن الحلفاء وعدم الرغبة في الدخول الى حروب أخرى زائدة. في المقابل، ترامب صدق ادعاءات نتنياهو وقام بالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران بصورة قربت النظام في طهران من موقف جعلها اقرب من أي وقت مضى من انتاج القنبلة.
يوجد شيء واحد واضح وهو أن الايرانيين يخشون من ترامب وطبيعته غير المتوقعة، الامر الذي سينعكس في اعادة التفكير في الاستراتيجية المستقبلية المقبولة عليهم. من الآن سيتعين على ايران فحص ما اذا كانت ستطبق على الفور تهديداتها وشن هجوم آخر بالصواريخ والمسيرات على اسرائيل، بعد ضربة اسرائيل الاخيرة في 26 تشرين الاول الماضي.
بشكل علني اكثر ترامب من التعبير عن التماهي مع اسرائيل، وعلى الاغلب اظهر التعاطف مع نتنياهو. في تشرين الثاني 2020 حدثت ازمة استثنائية عندما غضب من نتنياهو، الذي اتصل لتهنئة جو بايدن في فوزه في الانتخابات (نتنياهو تعلم الدرس وكان من اوائل المهنئين لترامب، منذ اللحظة التي تبين فيها فوزه). في المقابل، بعد المذبحة في 7 اكتوبر تعامل ترامب مع الاسرائيليين (لا سيما مع وزير الدفاع يوآف غالنت، الذي اقاله نتنياهو أول أمس) كـ “خاسرين” ازاء المفاجأة التي تسببت بها لهم حماس. بعد ذلك طلب انهاء الحرب في غزة، وفي الفترة الاخيرة قبل الانتخابات أكد على الحاجة الى انهاء الحرب في لبنان.
سجّل ترامب فيما يتعلق باسرائيل معقد اكثر مما يميلون لذكره. لذلك فان التبجيل والاستخذاء مبكرة قليلا. ترامب سيهتم قبل أي شيء آخر بمصالحه، التي ليست بالضرورة ستتساوق دائما مع التوقعات في ائتلاف نتنياهو. الدول التي يجب عليها القلق بشكل خاص هي التي توجد على خط الجبهة الاول امام اعداء الغرب، وعلى رأسها تايوان (امام الصين) واوكرانيا ودول البلطيق (امام روسيا). ترامب لم يخف في أي يوم اعجابه بالديكتاتوريين، وحتى السوقيين بينهم مثل حاكم كوريا الشمالية. اوكرانيا تصمد امام الغزو الروسي القاتل منذ سنتين ونصف، وكل ذلك بفضل المساعدة الامنية والاقتصادية التي ارسلتها اليها ادارة بايدن. ترامب يتوقع أن يتصرف بشكل مختلف، ومن غير الغريب أنه في اوروبا يزداد الضغط وهناك من يتحدثون عن خطر حقيقي على عصر الديمقراطيات الغربية.
هناك أمر واحد حقا لن يقلق ترامب وهو الانقلاب النظامي في اسرائيل. في العام 2016، بعد فترة قصيرة من فوز ترامب للولاية الاولى، نشر بأن ننتنياهو اعطى توجيهات لرجاله “كي يكونوا مثل ترامب”، وطلب منهم تبني خط اكثر عنفا في التصادم مع الخصوم السياسيين وفي ردودهم على وسائل الاعلام. المثال الاكثر بروزا هو جواب طويل وعنيف ارسله مكتبه على تحقيق اجرته ايلانا ديان في برنامج “عوفدا”. يبدو أنه من شهر كانون الثاني نتنياهو لن يضطر الى الخوف من الادانة الامريكية عندما سيواصل الدفع قدما بالتشريع غير الديمقراطي هنا. الخط العنيف الذي اتبعته ادارة بايدن ضد خطواته، احيانا بالتدخل الواضح في شؤون اسرائيل الداخلية، لن يعود في ولاية ترامب الذي يتخيل صلاحيات مستبدة.
تحذير متهور
هناك عائق آخر تمت ازالته أول أمس من الطريق وهو غالنت. اقالة غالنت في المرة السابقة في آذار السنة الماضية كانت رد من قبل نتنياهو على تحذيرات لوزير الدفاع من الضرر الذي يتسبب به الانقلاب بقدرة الجيش العملياتية. ولكن في حينه اضطر رئيس الحكومة الى التراجع عن ذلك في اعقاب احتجاج كبير للجمهور. ايضا في هذه المرة الامر ليس هكذا. في الواقع كانت هناك مرة اخرى مظاهرات كبيرة، لكن يبدو بوضوح أنه تنقص رياح في اشرعة الاحتجاج، رغم أن نشاطات الحكومة اصبحت اكثر خطورة. اسرائيل كاتس في وزارة الدفاع لن يجلب أي خطر يشوش على خطط نتنياهو بعيدة المدى. كاتس لن يدعم رئيس الاركان هرتسي هليفي وكبار قادة الجيش ورئيس الشباك رونين بار عندما سيواصل نتنياهو جهوده لالقاء كل المسؤولية عن فشل المذبحة عليهم.
من الممتع في هذا السياق ما حدث في الاستوديوهات بعد ساعة تقريبا على نشر عميت سيغل في “اخبار 12” عن رسالة الاقالة التي ارسلها نتنياهو الى غالنت. المراسلون تمت احاطتهم بأن رئيس الحكومة يفحص اقالة ليفي وبار في القريب. مكتب رئيس الحكومة نشر بيان عن محادثات لنتنياهو مع رئيس الاركان ورئيس الشباك ورئيس الموساد دافيد برنياع، والتي قال فيها لهم بأنه “يتوقع منهم مواصلة العمل المشترك مع وزير الدفاع الجديد”. في هذه الاثناء، ربما من خلال التفكير ذهب الى مكان آخر بعيد جدا، اصدر المكتب ايضا نفي لما قيل عنه: “المنشورات عن نية رئيس الحكومة اقالة قادة كبار غير صحيحة، وهي تستهدف زرع الانقسام”. هذا لا يقل موثوقية عن الادعاء بأن ايلي فلدشتاين، المتحدث المعتقل، لم يعمل لصالح نتنياهو.
ذات مرة في سبعينيات القرن الماضي كانت قيادة م.ت.ف موجودة في لبنان، ومن هناك شغلت مخربين من المناطق لتنفيذ العمليات داخل اسرائيل. طريقة الاتصال بين المخربين في الداخل والمخربين في الخارج كانت محدودة. وفلسطينيو المناطق اختاروا احيانا انفسهم الاهداف الذي يقومون بمهاجمتها، هكذا نشرت منظمات في لبنان بيانات تحملت فيها المسؤولية عن عمليات لم ينفذها رجالها، وفقط فيما بعد تبين أن المخرب كان من تنظيم آخر. في جهاز الامن اعتادوا على تسمية هذه الاحداث بـ “التبني المتسرع”، ويسرعون الى اعتقال المخرب الذي نشر اسمه قبل تنفيذ خطته. يتولد الانطباع بأنه في هذه المرة ايضا خرج من شخص ما تحذير متهور، ومن هنا جاء التنكر السريع. في هذه الاثناء الرسالة التهديدية تم استيعابها في المكتبين، إما التساوق أو اقالتكم.
في الخلفية هناك امور ملحة: جهود نتنياهو لتمرير تسوية قانونية تلتف على غالنت، تضمن استمرار تهرب الحريديين من أي خدمة وعدم اسقاط حكومته؛ استمرار التحقيقات التي تجري مع مكتب رئيس الحكومة حول قضية فيلدشتاين والادعاءات بتزوير محاضر جلسات في بداية الحرب. الجهات الرفيعة التي تم ذكرها هي ذات صلة بالازمتين. بار يرتبط بالتحقيق مع فيلدشتاين وهليفي يرتبط بقانون التهرب من الخدمة. ليس مجرد قانون، بل قانون يضمن استمرار عبء لا يحتمل على من يخدمون في الاحتياط، الذين الكثير منهم خدموا 200 يوم في الجيش في السنة الاخيرة. بعد اقالة وزير الدفاع والتهديد باقالة اشخاص آخرين من المهم معرفة ما هو المطلوب من اجل اخراج مئات آلاف الاسرائيليين الى الشوارع.
——————————————–
معاريف 7/11/2024
نتنياهو راهن على ترامب في كل ما يتعلق بالسياسة الداخلية وكذا في ساحة الحرب
بقلم: آنا برسكي
ليس لدينا معلومات مثبتة اذا ما، وفي أي اطار، احتفل امس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالعودة الكبرى لدونالد ترامب.
نقدر بحذر انه لم يكتفِ بصياغة بيان تهنئة “باسم رئيس وزراء إسرائيل وعقيلته”. فبعد اشهر طويلة من انعدام اليقين لدى نتنياهو كل الأسباب ليحتفل ويعلن: “كنت محقا”.
راهن نتنياهو على ترامب رهان حياته بما في ذلك في كل ما يتعلق بالسياسة الإسرائيلية الداخلية، تشكيلة الحكومة ومستقبلها. لكن قبل كل شيء راهن نتنياهو على ترامب في ساحة الحرب، في كل ما يتعلق بسياسته وخططه لاحقا في الشمال، في الجنوب، في مسألة صفقة المخطوفين وفي خططه الطموحة للوصول الى الهدف المنشود – تسوية إقليمية تمنح إسرائيل السلام مع السعودية بعد أن توقفنا في 7 أكتوبر 2023 في اطار الحركة، في الطريقة الأكثر وحشية وفظاظة.
رهان نتنياهو على ترامب كلف غاليا لنتنياهو نفسه، بإدارة بايدن التي حاولت مع ذلك السير ضد التيار والدفع قدما بما سعى نتنياهو لتأخيره، واساسا – لدولة إسرائيل. الثمن كان استمرار الحرب حتى الحسم في الولايات المتحدة فيما كان المواطنون ينهضون في كل صباح مع الاسئلة إياها: “الى اين يقودنا؟ هل توجد له خطة؟ متى وكيف ستنتهي هذه الحرب؟”.
اليوم توجد لنتنياهو كامل الشرعية للإعلان: “وبالفعل، كنت محقا”. على مدى اشهر طويلة لم يوافق على أي تسوية عرضتها عليه الإدارة الامريكية بان من ناحيته اليوم التالي الحقيقي هو اليوم التالي للإدارة الديمقراطية – اليوم الذي يدخل فيه ترامب رسميا الى الغرفة البيضوية. وعندها، على حد نهج نتنياهو، كل المسائل الجوهرية للحرب ستخرج من الخزانة وتطرح على الطاولة.
رسميا هذا اليوم حل أمس، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني. عمليا هذا سيحصل فقط بعد شهرين ونصف، في عشرين كانون الثاني 2025. حتى ذلك الحين يوجد لنتنياهو عمل كثير للقيام به. ثمة من يعتقدون بانه من المجدي له ان يخشى من الفترة الانتقالية والتي جلبت في الماضي مفاجآت غير لطيفة مثل “هدية الوداع” للرئيس أوباما الذي في الفترة الانتقالية في كانون الأول 2016 لم يستخدم الفيتو على القرار المناهض لإسرائيل في مجلس الامن للأمم المتحدة. هذا يرافق نتنياهو حتى اليوم.
لكن الى جانب انبياء الغضب، المقتنعين بان الرئيس المنصرف بايدن سيقوم بفعلة أوباما، هناك كثيرون، بما في ذلك في محيط نتنياهو، يرون في هذه الفترة أساسا فرصة. من ناحيتهم، على نتنياهو أن يستغل غضب بايدن على رجال حزبه ورغبة الرئيس المغادر لان يخلف وراءه إرثا مبهرا والا يدخل كتب التاريخ كرئيس نحي عن التنافس من قبل رفاقه في الحزب وبعد ذلك حتى فشل في محاولة المساعدة لمن حلت محله في أن تنتصر.
لقد اعلن ترامب على مدى كل الحملة بان تطلعه هو لوقف الحروب، ومرغوب فيه في اقرب وقت ممكن. معقول التقدير بان المهمة التي سيحاول نتنياهو تنفيذها في الشهرين والنصف القريبة ستكون اقناع الرئيس الوافد لاستغلال المزاج والوضع الخاص للرئيس المنصرف بايدن لاجل المصلحة المشتركة: انهاء الحرب في الشرق الأوسط.
الرأي السائد في الدوائر القريبة من نتنياهو هو أن النصر الحقيقي لا يمكن تحقيقه دون ضربة حقيقية لإيران، مع التشديد على برنامجها النووي. كي يحصل هذا، ينبغي للرئيس بايدن ان يقتنع بان اعطاء كتف لإسرائيل ضد ايران ستكون الخطوة المكملة لينهي بها حياته السياسية الطويلة.
الى جانب ذلك على الرئيس الوافد ترامب ان يقتنع بان من الأفضل له أن يبقي لبايدن العمل الصعب، ان يلعب دور الشرطي السيء ويعنى بشؤون الحرب كي يتلقى هو، ترامب طاولة نظيفة في 20 كانون الثاني، ويتمكن على الفور من التركيز على صنع السلام. هذا هو المشروع الذي سيحاول نتنياهو على ما يبدو ان يرفعه في الفترة القريبة القادمة. رهانه نجح، السؤال هو هل سيكون مجديا لنا. واجب البرهان على المراهن.
——————————————–
يديعوت احرونوت 7/11/2024
الولايات المتحدة ستنجو، إسرائيل في خطر
بقلم: بن درور يميني
في اليوم ذاته، تماما في الساعات ذاتها، وقعت دراما مزدوجة على جانبي المحيط. دونالد ترامب حقق نصرا ساحقا في الولايات المتحدة. بنيامين نتنياهو نحى يوآف غالنت في إسرائيل. نحن لسنا في المكان ذاته. الولايات المتحدة لا تزال القوة العظمى الأقوى في العالم. الملايين يريدون الهجرة اليها. أفضل العقول تتدفق اليها، وهم لن يتوقفوا بسبب نصر ترامب.
اما إسرائيل ففي مكان آخر. نحن في ذروة الحرب التي ستصبح قريبا الأطول في تاريخ الدولة. نحن في استنزاف. نحن في تآكل. نحن بحاجة ماسة لكل قطرة طاقة. وفي هذه اللحظة العسيرة يقرر نتنياهو تنحية الرجل الوحيد، وزير الدفاع الذي يحظى بالثقة الأعلى، 58 في المئة حسب الاستطلاع الأخير، مقابل 60 في المئة يعربون عن عدم الثقة بنتنياهو. في إسرائيل تبقت الان حكومة ليس فيها وزير واحد، واحد فقط يمكن التعويل عليه. هذه ركلة للمناعة الوطنية. الولايات المتحدة ستصمد امام الهزة. اما نتنياهو ليضع إسرائيل في خطر.
صحيح، لا يدور الحديث الا عن لعبة كراسي سياسية. وزير ينحى، وزير يعين. لقد سبق أن كنا هناك. التعيينات السياسية كانت وستكون، هي جزء من الديمقراطية، وليس نهاية الديمقراطية. لكن هذه ليست القصة. ليس هذه المرة. لان تنحية غالنت هي مس بالامن القومي. هذا مس بالمقاتلين. هذا دوس عليهم. هذه تنحية هدفها إعطاء المزيد للمتملصين وزيادة العبء على الخادمين. هذا بيع لكل المصالح القومية لإسرائيل – مقابل تخليد الائتلاف الأكثر كارثة في إسرائيل منذ يوم قيامها. هذا ائتلاف الكثير او الأغلبية من أعضائه لم يخدموا في الجيش، وليست لهم أي مشكلة للدوس على أولئك الذين يحمونا باجسادهم. أولئك الذين يدفعون الثمن الاغلى على حرب بعد كل إنجازاتها، يصر رئيس الوزراء على جعلها حرب استنزاف، فقط لان هذا مناسب له.
قبل نحو عقد، حين صديت الادعاء بـ “نهاية الديمقراطية” ونهاية الدولة اقتبست امورا من “مقياس الديمقراطية” للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية: “الخطاب الجماهيري الأليم واليائس أنسى في البلاد الإحساس السائد بان وضع الديمقراطية الإسرائيلية يتدهور مثلما وجد الامر تعبيره أساسا في وسائل الاعلام، هو على ما يبدو ليس دقيقا تماما”. هذه الأمور تعرض هنا لاجل الايضاح: حقيقة أن ذات مرة سرقوا هنا بالخطأ “ذئب، ذئب” لا يعني أنه لن يأتي مرة أخرى. ليته كان ممكنا، مرة أخرى، توجيه اصبع اتهام للنخب وللصحافة والادعاء بان هذا ليس كما تصرخ. كل شيء على ما يرام. لكن كل شيء ليس على ما يرام. حتى قبل المس بالديمقراطية هذا مس بقدس اقداس المناعة القومية لانه في 7 أكتوبر وصل جموع المتطوعين الى الوحدات القتالية، بمن فيهم أولئك الذين لم يتمكن احد من دعوتهم. 130 في المئة امتثال، كما بلغت وحدات عديدة بفخار. نحن لسنا هناك. هذا انتهى. تهكم نتنياهو نجح في سحق الدافعية. وما فعله نتنياهو هذا الأسبوع سيدفع هذه المعطيات الى الهبوط. اذا لم يكن هذا مس بالامن القومي فليس واضحا ما هو المس. عندما ينحي نتنياهو أحد ما فانه في واقع الامر يعض. ليس غالنت بل يعضنا كلنا. الذئب بات هنا.
——————————————–
هآرتس 7/11/2024
هل ستكون المستشارة القانونية للحكومة الهدف التالي في بنك نتنياهو السياسي؟
بقلم: أسرة التحرير
لم يمر يوم منذ تخلصوا مما تبقى من نزعة رسمية مثلها غالانت حتى توجه “رفاقه” في الائتلاف لتنفيذ مبتغاهم. رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس كتلة “يهدوت هتوراة” إسرائيل ايخلر، سارعا للتوافق فيما بينهما على تأجيل التصويت في الكنيست على قانون لتمويل المتملصين. وكل هذا للمضي بقانون يعفي الحريديم من التجنيد للجيش دفعة واحدة وإلى الأبد، وليمت الخادمون. لن يكون هذا بالطبع على حساب الدعم الحكومي لحضانات أطفال طلاب الدين أو يمس بميزانيات المدارس الدينية؛ لأن الهدف هو فقط سلب الدولة بأكبر قدر ممكن.
“محظور السماح لقانون تمييزي وفاسد بأن يجاز في الكنيست وإعفاء عشرات آلاف المواطنين من حمل العبء”، شدد غالانت في تصريح لوسائل الإعلام ألقاه عقب إقالته. أما نتنياهو ورفاقه في الائتلاف، فلا بد أنهم فقعوا ضحكاً على سماع كلمة “محظور”. فالأغلبية قضت بأن كل شيء مباح.
نتنياهو لا يمتنع عن شيء؛ كما أنه لا يراعي حقيقة حاجة الجيش الإسرائيلي إلى آلاف المقاتلين الإضافيين وأن خادمي الاحتياط يجثمون تحت العبء. فحفظ الائتلاف يسبق كل شيء، وبقاء الحكومة أهم من بقاء الدولة. وإذا كانت هناك حاجة للتضحية بوزير الدفاع من أجل إجازة قوانين التملص، فهذا ما سيكون. وإذا كان هذا غالانت – الذي يطلب تحديد أهداف الحرب، ويزعج بـ “اليوم التالي” ومعني بصفقة تعيد المخطوفين – فمبارك أننا تخلصنا منه. وإذا كان ممكناً استبدال شخص ذي عمود فقري بشخص عديم الفقرات كـ إسرائيل كاتس – فليكن.
غالانت جزء من المفهوم الذي أدى بإسرائيل إلى الكارثة، فـ 7 أكتوبر وقع في ورديته، واسمه مسجل على الطابع الوحشي للقتال في قطاع غزة، وانتهاك قوانين الحرب، والمس غير المتوازن بالمدنيين، واستعداد الجيش لبقاء طويل وربما لاستيطان يهودي في القطاع. لكن ليست مصالحة الدولة أو أمنها هما ما يقفان أمام ناظر نتنياهو في إقالة وزير الدفاع؛ لم يفعل سوى أنه أزال عائقاً سياسياً عن الطريق.
حتى بعد إقالة غالانت فإن سلة أهداف نتنياهو السياسية مليئة بحماة الحمى (وعلى رأسهم المستشارة القانونية للحكومة) وكل من يعمل لمصلحة الدولة وليس لمصلحة الحكومة. إزالتهم ضرورية لمواصلة الهرب من المسؤولية على ما أوقعه بإسرائيل إسقاط الذنب والمسؤولية الحصرية عن 7 أكتوبر على جهاز الأمن، والمضي بالانقلاب النظامي حتى إقامة حكم مطلق يهودي مفسد في أراضي إسرائيل، والضفة، و”بمعونة الرب” في غزة أيضاً.
على المعارضة في الكنيست والشارع أن تنتظم مرة أخرى في إسقاط حكومة نتنياهو الدموية قبل أن تتمكن من استكمال تخريب الدولة.
——————انتهت النشرة——————