الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 13/11/2024

الجيش الإسرائيلي ينشيء بنى تحتية لمدى طويل في غزة ويستعد للبقاء فيها حتى 2025 على الأقل

بقلم: ينيف كوفوفيش

الاعمال هنا تتقدم بشكل حثيث. ما كان قبل بضعة اشهر اكوام تراب وانقاض بيوت مدمرة، اصبح الآن مواقع بناء في مراحل تطوير متسارعة. شوارع واسعة يتم شقها، لواقط هوائية يتم نشرها، وبنى تحتية للمياه والمجاري والكهرباء، وبالطبع مبان متنقلة. الحديث لا يدور عن مشروع جديد للحكومة أو رد معين على مشكلة غلاء المعيشة لمواطني الدولة، بل عن مشروع مختلف كليا.

هذه الصور الموجودة في ممر نتساريم يمكن رؤيتها في اماكن مختلفة في قطاع غزة. زخم التطوير في الذروة، والهدف، سواء كان الحديث يدور عنه بشكل علني أو غير علني، واضح: اقامة بنى تحتية لتواجد طويل للجيش في المنطقة، على الاقل في المرحلة الاولى. 

منذ بداية الحرب سيطر الجيش الاسرائيلي على مناطق وعلى طرق في القطاع. ولكن البيانات التي وصلت لـ “هآرتس” تبرهن على الحجم والنطاق الذي يدور الحديث عنه الآن. الجيوب بدأت تذكر بفترة ما قبل الانفصال في 2005. شارع واسع في ممر نتساريم وفي محيطه مواقع جديدة. 

في كيسوفيم ايضا تم شق شارع بجانبه منطقة تجمع وحوله منطقة مفتوحة، على الاقل حتى الآن. ولكن ليس فقط ما نراه على الارض يشير الى استمرار تواجد الجيش في القطاع في السنة القادمة. هذه النتيجة تظهر ايضا من الاطلاع على الرسم البياني للقتال في العام 2025، الذي حصل عليه مؤخرا ضباط وجنود في الخدمة النظامية وفي الاحتياط. 

هذا يُبلغ أن الجيش الاسرائيلي في الفترة الاخيرة بدأ في “تسوية مناطق واسعة في القطاع، أو بلغة عسكرية اقل، تدمير المباني والبنى التحتية القائمة بشكل لا يمكن أن تختفي هناك اخطار على الجنود، وايضا لا يمكن لأحد العيش فيها. اضافة الى هذه النشاطات توجد اعمال بنى تحتية عسكرية جديدة، شق المحاور والطرق الواسعة وحتى تمهيد الارض لاماكن سكن لفترة طويلة. “نحن قمنا بالنوم في حظائر محمية مع قوابس ومكيفات. هذا كان بمستوى اعلى من كل المواقع التي كنت فيها في الخدمة”، قال للصحيفة ضابط خدم في نهاية الصيف في موقع قرب ممر نتساريم. “كان يوجد مطبخ للالبان وآخر للحوم، كنيس قاموا بادخاله، وغرفة العمليات كانت في حظيرة محمية”. حسب قوله الشعور كان أن الامر يتعلق بخط آخر في غلاف غزة أو في الضفة الغربية وليس تسوية مؤقتة في منطقة خطيرة. “نحن قمنا بالتجول بدون الخوذات والستر الواقية ولعبنا كرة القدم داخل الموقع”، قال نفس الضابط. “تقريبا في كل مساء كنا نشوي، لم يكن الشعور بأننا في منطقة قتال”.

بعد ذلك مر شهران تقريبا والظروف هناك تحسنت. كل ذلك الى جانب اخلاء شمال القطاع من المواطنين وتحويل المنطقة الى جيب عسكري. جهات رفيعة في المستوى السياسي وفي جهاز الامن يكررون بأن اخلاء شمال القطاع ليس جزء من “خطة الجنرالات” من اجل فرض الحصار على المنطقة واخلاء سكانها، التي بحسبها ايضا منع المساعدات الانسانية يعتبر أمر مشروع. ولكن مصادر امنية رفيعة تحدثت مع الصحيفة اكدت في محادثات مغلقة بأن ما يتم عرضه على الجمهور الاسرائيلي ليس بالضرورة ما يحدث بالفعل. مثلا، هذه الجهات قالت، الجيش الاسرائيلي مطلوب منه الآن اخلاء قرى ومدن من سكانها، ومن اجل تأكيد ذلك، في المنطقة التي كان يعيش فيها عشية الحرب اكثر من نصف مليون غزي، بقي الآن حوالي 20 الف غزي وربما أقل. 

هذا الامر تم طرحه في محادثات اجراها في الفترة الاخيرة اشخاص رفيعين في ادارة بايدن مع نظرائهم الاسرائيليين. رجال الادارة حذروا من أنه حسب تقارير منظمات دولية فانه يوجد الآن خوف حقيقي من محاولة تجويع السكان المدنيين في شمال القطاع. الحديث يدور عن منطقة التي تقريبا لم يعد يوجد فيها أي بيت صالح للسكن، وهذا ليس بالصدفة. من محادثات مع قادة وجنود في الميدان، ومن جولة في منطقة القتال، يتبين أن الجيش الاسرائيلي يعمل بشكل ممنهج لتسوية المباني التي ما زالت قائمة هناك. “نحن لا نستيقظ في الصباح ونحضر جرافة “دي 9” ونقوم بتدمير الاحياء”، قال ضابط كبير شارك في القتال. “ولكن اذا كان يجب علينا التقدم الى اماكن معينة فنحن لا نعرض قواتنا للخطر بواسطة تفخيخ وعبوات”.

حتى الآن هناك سكان لا يذهبون الى أي مكان، لأنهم لا يريدون تكرار ما حدث لهم. كثيرون منهم هربوا من بيوتهم في شمال القطاع في بداية الحرب الى مدينة غزة، لكنهم عادوا الى الشمال بعد ذلك، رغم الظروف القاسية بسبب صعوبة الانتقال من مكان الى آخر مع عائلاتهم، التي عدد منها هم مصابون. الآن هم يعيشون في بيوت حتى لو كان عمرها غير معروف. يبدو أن معظم السكان في مناطق القتال ببساطة يفضلون احتلال مأوى آيل للسقوط وخطير قبل فصل الشتاء على المغادرة الى المجهول.

لكن وضع هؤلاء السكان الآن بعيد عن الاستقرار على خلفية جهود اسرائيل في ابعادهم من هناك، احيانا بمساعدة اطلاق قذائف المدفعية نحو مناطق مفتوحة قريبة من المناطق التي ما زالت مأهولة. “في الاشهر الاخيرة كل المطلوب أن تفعله القوات على الارض هو دفع السكان نحو الجنوب – تسوية البيوت على بعد بضعة كيلومترات من المحاور اللوجستية ومناطق تواجد القوات في ارجاء القطاع”، قال ضابط كبير خدم في القطاع قبل فترة قصيرة. في كل هذه المناطق يوجد بناء عسكري طويل المدى. “هذا ليس مواقع تبنى لشهر أو شهرين”، اوضح نفس الضابط. 

شمال القطاع هو جزء كبير في الصورة ولكنه ليس كل الصورة. حسب الخطة التي يتم تنفيذها فان الجيش يعمل على الاحتفاظ بأربع مناطق كبيرة في المنطقة على الاقل. منطقة بارزة منها هي ممر نتساريم. سلاح الهندسة قام بشقها عند بداية الحرب وتم استخدامه كممر لوجستي للقوات العاملة وفيما بعد لادخال المساعدات الانسانية. ولكن مع مرور الوقت غير الهدف وصورته.

بعد اعمال تسوية واسعة في المنطقة لم يعد الحديث يدور عن ممر، بل عن منطقة واسعة لا توجد فيها مبان. فبدلا من البيوت يوجد شارع، وبدلا من الحي توجد صحراء. “اليوم عندما نقف في الممر”، قال أحد جنود الميدان، “في اماكن معينة لا نرى بيوت في غزة”. 5 – 6 كم هو عرض الممر الآن، بطول 9 كم، هو يؤدي الى مكان كانت توجد فيه مستوطنة نتساريم. هذا العرض غير نهائي، لأن مصادر تحدثت مع الصحيفة قالت إن قوات الجيش الآن تعمل على توسيعه، 7 كم، 3.5 كم على كل جانب.

لكن الحديث لا يدور عن شارع في أي مكان. في الواقع لا يوجد هناك بناء قديم، لكن جديد يوجد. بمعنى ما يمكن القول إن هذا مشروع رئيسي لمواقع غزة الجديدة. على جانبي الممر يوجد عدد منها، كبيرة –  التي شوارع واسعة توصل اليها، وهي من شأنها أن تكون فيها قوات غير قليلة لفترة طويلة. 

منطقة اخرى على خارطة الطرق الجديدة لاسرائيل هي محور فيلادلفيا. ففي الوقت الذي فيه الاتصالات من اجل التوصل الى اتفاق تبادل دخلت الى حالة جمود، والنقاشات ايضا حول اهمية الاحتفاظ به، فانهم في الجيش قاموا بتسوية مناطق واسعة على طول المحور. في عدة اماكن الحديث يدور عن كيلومتر واحد، وفي مناطق اخرى 3 كم. وحتى أنهم في المستوى السياسي طلبوا كيلومتر آخر.

حسب مصادر في الجيش فانه توجد في هذا المحور مناطق الـ 4 كم فيها هي سيناريو غير منطقي، لأن معنى ذلك هو تدمير احياء كاملة في رفح. وهي المبادرة التي يتوقع أن تزيد غضب المجتمع الدولي (الذي حتى الوضع القائم هو اشكالي بالنسبة له).

المنطقة الرابعة هي الاطول من بينها. الحديث يدور عن قطاع على طول الحدود بين غزة واسرائيل، وفرقة غزة هي المسؤولة عن اعادة تشكيله. بكلمات اخرى، منطقة عازلة بعرض كيلومتر على الاقل، بين مستوطنات الغلاف وصف البيوت الاول في القطاع. الهدف هو ابعاد تهديد القذائف المضادة للدروع عن بيوت سكان الغلاف. الطريقة هي تدمير احياء بالكامل.

لكن ما يحدث في هذه الاثناء حول كيبوتس كيسوفيم يشير الى أن مشروع التسوية لم ينته بعد. ففي الاسبوع الماضي اعلن الجيش عن فتح طريق مساعدة لوجستية من هناك الى داخل القطاع (أمس نشر أن هذا المحور سيستخدم ايضا لادخال المساعدات الانسانية). في هذه المرحلة الحديث يدور عن محور ضيق وقصير ينتهي في منطقة التقاء غير كبيرة. ولكن حسب ادعاء قادة في الميدان فانه هكذا ايضا بدأت المشاريع السابقة، وبسرعة فان ممر كيسوفيم سيصبح شبيها بالشوارع في محور فيلادلفيا. 

حول الطريقة التي فيها حاجة معينة تتسع لتصبح مشروعا ثابتا، لا نعرف عنها فقط  بواسطة الشوارع. هذه ايضا قصة المعبر الذي تمت اقامته بسرعة في بداية الحرب، الذي هدف الى ترتيب الانتقال من شمال القطاع الى جنوبه. واذا كان في البداية يشبه حاجز ارتجالي، فهو الآن اصبح معبر حدود يفصل بين دولتين.

“كما يبدو هذا على الارض فانه قبل 2026 الجيش الاسرائيلي لن يخرج من غزة”، قدر ضابط في أحد الالوية التي تقاتل في القطاع. “عندما نشاهد الطرق والمحاور التي يشقونها هنا، من الواضح أن هذا لا يخدم عملية برية أو اقتحام القوات لمناطق مختلفة. هذه المحاور تؤدي ضمن امور اخرى، الى اماكن تم اخلاء بعض المستوطنات منها. أنا لا اعرف عن نية لاعادة اقامتها، هذا ليس أمر يقال لنا بشكل صريح، لكن الجميع يعرفون الى أين هذا سيؤدي”. 

——————————————–

يديعوت احرونوت 13/11/2024 

تحقيق الجيش: في الليلة قبل الهجمة المفاجئة أُطلع مكتب نتنياهو على معلومات استخبارية

بقلم: رونين بيرغمان

بخلاف الادعاءات في محيط نتنياهو، فان الاستنتاجات التي تعرض في تحقيق الجيش الإسرائيلي عن اليوم الأخير ما قبل المذبحة تثبت بان مكتبه تلقى من الجيش الإسرائيلي ومن شعبة الاستخبارات سلسلة تحديثات “حملة شرائح الاتصال” كانت واحدة منها فقط.

هذا وكان العقيد ش، ضابط الاستخبارات في مكتب رئيس الوزراء هو الذي تلقى الانباء ابتداء من الساعة الثانية ليلا ومنها كانت مؤشرات مقلقة ولكن انباء مهدئة أيضا.

هذا هو الضابط ذاته الذي بشأنه ثار التخوف من أن تكون محافل رفيعة المستوى في المكتب تحوز توثيقا محرجا عنه. 

في مكتب رئيس الوزراء لا ينفون الأمور لكنهم يشددون على أن التقرير الأول لم يصل الى نتنياهو نفسه الا مع بدء الهجوم. 

التفاصيل عن المكالمات التي أجريت في صباح 7 أكتوبر بين نتنياهو وفي آفي غيل، سكرتيره العسكري، توجد الان في تحقيق الشرطة. وذلك بعد أن اشتكى غيل للمستشارة القانونية من أن مضمون المكالمات سجل خطيا بشكل مختلف عما حصل بالفعل. وعندما توجه الى الموظفة في المكتب التي كانت حررت المحاضر قالت له انه لم يكن لها مفر غير ذلك بعد أن أمرها محفل رفيع المستوى جدا في المكتب بالعمل على هذا النحو. 

المعلومات والتحديثات التي وصلت الى مكتب نتنياهو:

02:00 – غرفة عمليات دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية أمان اطلعت مكتب رئيس الأركان ومحافل أخرى، ومنها العقيد ش (ضابط الاستخبارات في مكتب رئيس الوزراء) باستبدال شرائح الاتصال في القطاع وبالمؤشر على أن مخربي حماس يحاولون التملص من ملاحقة محتملة من إسرائيل. الى جانب ذلك نقلت أيضا “رسالة مهدئة”: قبل سنة من ذلك أيضا كان تفعيل لهواتف مع شرائح إسرائيلية، كجزء من محاولة الإبقاء على الاشتراكات والدفعات لهذه الهواتف. 

02:57 – اسرة الاستخبارات أطلعت غرفة العمليات بقيادة الامن القومي على المؤشرات الاستخبارية الوافدة من غزة. 

03:55 – بلاغ آخر عن مؤشرات على انتقال حماس الى “سلوك طواريء” من جهة ولكن أيضا عن الوضع الاعتيادي من جهة أخرى: سلسلة لقاءات وجلسات تقرر لساعات الصباح انتظارا لمزيد من المعلومات من ضابط استخبارات قيادة المنطقة الجنوبية. 

المناوب في وردية شعبة الاستخبارات أمان اتصل بالعقيد ش كي يتأكد من أنه تلقى وقرأ المعلومات. العقيد ش أكيد في المكالمة الهاتفية تلقي التحديثات الاستخبارية عما يجري.

04:00 – رئيس الأركان أجرى تقويما للوضع عن العلائم المقلقة والمهدئة من غزة – التي وصلت خلاصته الى مكتب رئيس الوزراء.

06:29 – بدأت هجمة حماس.

——————————————–

هآرتس 13/11/2024

من الذي يتجرأ على الخروج الى الشوارع من اجل وقف عملية الضم؟

بقلم: تسفي برئيل

“سنة 2025 ستكون سنة سيادة اسرائيل في الضفة الغربية”، هكذا وعد وزير المستعمرات بتسلئيل سموتريتش، الذي ينوي المبادرة الى اتخاذ قرار في الحكومة يحول الحلم الخيالي الى واقع. فقط من المخيب للآمال السماع بأنه يكتفي بالضفة الغربية ولا يطمح الى مد سيطرة اسرائيل ايضا الى قطاع غزة، وحتى أنه لا يذكر احتمالية توسع اليهود الى جنوب لبنان. صحيح أن المكانة الايديولوجية لغزة ولبنان أقل بكثير من مكانة الضفة الغربية، لكن عندما يكون الاساس الاستراتيجي الصهيوني يقول بأنه اينما يوجد يهود سيكون هناك ايضا جيش يدافع عن أمن الدولة، فان أي تنازل هو تهديد حقيقي للدولة ومواطنيها. بشكل خاص، بعد أن بدأت جرافات الجيش الاسرائيلي بتسوية الارض لاستيعاب جمهور المستوطنين، وبقي فقط نشر المناقصات وتوزيع القسائم في نفيه جباليا وراموت بيت لاهيا، التي ستحصل بالطبع على اسماء جديدة، وشوارع على اسماء المخطوفين ونصب تذكارية لمن قتلوا من اجل تحرير غزة.

للوهلة الاولى تعهد سموتريتش يبدو كهذيان. في الحقيقة وزير الاحتلال على ثقة من أنه سيستطيع اقناع دونالد ترامب بالمصادقة على الضم اذا منحوه فقط عدة مستوطنات على اسمه وعلى اسماء ابناء عائلته، ولكن اذا وافق ترامب فمشكوك فيه أن تجد دولة اخرى في العالم ستوافق على اقامة أي علاقات مع اسرائيل، ومسموح ايضا الافتراض بأن الدول العربية التي وقعت على اتفاقات سلام معها ستعيد مفاتيح سفاراتها. 

لكن هذه رؤية انهزامية، تميز من لا يؤمن بالنصر المطلق. بعد سنة على شبه العزلة الدولية ورحلات طيران تم الغاءها، وهجمات لاسامية على مشجعي كرة قدم اسرائيليين، ومقاطعة للاكاديميا، والغاء صفقات مع شركات اسرائيلية – الاسرائيليون اعتادوا على العيش كلاجئين في بلادهم والاستيعاب ايضا بأنه يمكن العيش ايضا بدون قضاء اجازة في هولندا أو في فرنسا. ايضا لم نشاهد كيف أن اتفاقات السلام مع الدول العربية عملت على الدفاع عن مستوطنات الغلاف أو تهجير عشرات آلاف اليهود من بيوتهم، يمكن أيضا العيش بدونها. 

صحيح أن الضم يعني ابتلاع 5 ملايين فلسطيني داخل اسرائيل الموسعة، لكن لا تهلعوا: “خطة الحسم” لسموتريتش تقترح حل منظم ومفهوم. “من اجل العرب الذين سيختارون البقاء هنا كاشخاص والاستفادة من كل ما يوجد لدى اسرائيل لتعرضه، سنضطر الى تحديد نموذج اقامة يشمل ادارة حياة جماعية ذاتية، الى جانب حقوق وواجبات خاصة. عرب الضفة الغربية سيديرون في البداية حياتهم بأنفسهم بواسطة ادارات بلدية اقليمية – لا توجد فيها أي ميزة قومية – بعد ذلك مع تقدم العملية واستيعابها، وعلى اساس معايير الاخلاص والخدمة العسكرية أو الوطنية، سيكون بالامكان دمج نماذج المواطنة، وحتى الجنسية. ما هو اكثر انسانية وديمقراطية من ذلك؟.

في الواقع الى حين استكمال “العملية” فان اسرائيل ستضطر الى شمل في التشريع وفي التطبيق نظام ابرتهايد رسمي كامل، على كل اراضيها وليس فقط في الضفة، لكن هذا سيكون مؤقت، فقط لبضع عشرات من السنين، الى أن يتلاشى الوعي الوطني الفلسطيني. اضافة الى ذلك فانه من اجل منع التمييز بين التجمعات الفلسطينية، ومكانة العرب الفلسطينيين الاسرائيليين ستتم معادلتها بمكانة “الفلسطينيين الجدد” لأن العرق والدين هما اللذان سيحددان الحقوق. لن يكون في ذلك أي جديد، لأن الاساس لنظرية العرق اليهودي اصلا افترضت في السابق قانون القومية، وبالاجمال يجب فقط توسيعه قليلا من اجل أن يجيب على المعايير التي حددها سموتريتش. 

لا يوجد ولن يكون وقت افضل للضم. فالدولة التي انتقامها لا يعرف الشبع، والمعارضة فيها للحل السياسي الذي يتمثل في حل الدولتين تتجاوز الحدود الحزبية، الاجتماعية والاقتصادية، وحتى أنها غير مستعدة لوقف الحرب الزائدة لانقاذ المخطوفين، من الذي سيتجرأ فيها على الخروج الى الشوارع من أجل وقف عملية الضم؟.

——————————————–

معاريف 13/11/2024 

نتنياهو يريد ان يقدم التسويات لترامب، مقابل شهرين من حروب الاستنزاف

بقلم: ران ادليست

يروون لنا الان الاتفاقات للتهدئة على الطريق. لا تصدقوا. يدور الحديث عن الطريق الى 20 كانون الثاني حين سيدخل دونالد ترامب الى البيت الأبيض. حتى ذلك الحين، في سلسلة خطوات عاجلة وكارثية، يدفع نتنياهو دولة إسرائيل الى مواجهة إشكالية مع بايدن الذي يحاول رجاله عقد صفقة مزدوجة تنهي حروب الاستنزاف. في الشمال، انسحاب متدرج الى خط التلال وفقا لصيغة هوكشتاين، ومن هناك الى الخط الأزرق. في القطاع، ادخال جهة دولية لحماية توزيع المساعدات الإنسانية. 

اليوم، ينتهي موعد الإنذار الذي حددته واشنطن والمعنى هو حظر سلاح ورفع الفيتو التلقائي في مجلس الامن في الأمم المتحدة. هل سيتجه بايدن الى تنفيذ الإنذار الذي أصدره قبل شهر؟ ربما. هل وقف الذخيرة سيدفع قدما بالمفاوضات لوقف حرب الاستنزاف وإعادة المخطوفين؟ ليس واضحا. هل نتعامل مع حكومة إسرائيلية مجنونة؟ نعم. هذا الأسبوع فقط قال نتنياهو ان “إمكانية انهاء الحرب طفيفة”. وفي هذه الاثناء يتعاطى مباشرة مع رجال ترامب ويبعث بديرمر الى واشنطن كي “يتشدد” بشروط الاتفاق. ليس هاما أي اتفاق، في الجنوب او في الشمال – وظيفة الجيش الإسرائيلي اليوم هي اجبار نتنياهو على التوجه الى الاتفاقات والتصرف بأقصى درجات الحذر في المناطق التي تخليها قواته منعا لوقوع ضحايا عابثين. 

وماذا سيفعل ترامب؟ احد لا يعرف، ولا حتى هو نفسه. وبين هذا وذاك يوجد للفلسطينيين معقلا في البيت الأبيض. فحسب “نيويورك تايمز”، فان مسعد بولص، أبا زوج ابنة ترامب، رجل اعمال لبناني امريكي، كان مشاركا في حملة الانتخابات و “اصبح محفلا هاما في دائرة المقربين لترامب، بما في ذلك تجنيد الصوت العربي”. أبو مازن التقى بولس في أيلول في دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ولا يمكن أن نعرف ماذا سيكون نفوذه. 

الخطوة الحقيرة الحالية لنتنياهو تعول على تمرير التسويات في الشمال وفي الجنوب كمعروف سياسي أمني لترامب. وعلى الطريق يمط شهرين زائدين من حروب الاستنزاف فيما المعنى هو ضحايا عابثون. هكذا؟ رئيس الأركان خفف القوات في الشمال ورد الأسبوع الماضي في جباليا: “لن نبقى في غزة. الإنجازات الكبرى حققناها منذ الان”. وزير الدفاع الدولي، إسرائيل كاتس أوضح: “انتصرنا على حزب الله وحماس ونحن ملزمون بمواصلة الضغط. 

انا لا ادري كيف سيدير كاتس جهاز الامن. كلنا اطلعنا على المحادثات (التي معانيها سياسية – أمنية) التي تشارك فيها آييلا بن غفير. واضح ان قدرة البن غفيرية على التأثير تفوق قدرة كاتس. ومن هنا الى هناك، ينكشف نشاط مكتب رئيس الوزراء في المرعى: ظاهرا، ابتزاز، تهديدات، خرق ثقة، ثأرية، سرقة، تشهير، تزوير، تلاعب، احابيل، ديماغوجية وكل حيلة ملوثة يتصورها العقل في طريقة الحياة في حوض السمك الذي تفتح فيه الأسماك الفم 24/7، لكن لا يسمع منها أي صوت غير صوت السمكة الكبيرة الذي يصدح بسموم الوطنية، القومجية، ادعاء الضحية، المزاودة، الازدواجية والعدائية. 

هذه اليد، التي تصل الى الذروة وتثيب وكلاء السم بالعطايا هي يد شعب إسرائيل، يدنا، حتى متى؟ 

——————————————–

هآرتس 13/11/2024

حرف الخطاب الى القضايا القانونية يخدم نتنياهو

بقلم: رفيت هيخت

اليوم ستجتمع هيئة القضاة في محاكمة نتنياهو التي لا تنتهي لمناقشة طلبه تأجيل تقديم افادته لعشرة اسابيع، التي كان يجب أن تبدأ في 2 كانون الاول. هذا على خلفية رد النيابة العامة الشديد، التي تحاول رفض طلب التأجيل المتكرر لنتنياهو، وايضا على خلفية قضايا جديدة توجد الآن في مراحل تحقيق مختلفة تتناول أداء مكتب رئيس الحكومة.

“هو والمحامون يبثون في الخارج بأنهم على ثقة بالبراءة التامة، لكنهم يعرفون أنه لا يوجد وضع سيخرجون منه من الملف 1000 بدون ادانة، وهذا هو السبب في أنهم يحاولون تأجيل المحاكمة الى الأبد”، قال أحد الوزراء في الحكومة. “على خلفية تقديم الافادة والقضايا المختلفة ايضا، فان نتنياهو في حالة هستيريا، وقد عاد الى ايامه الكبيرة في فترة التحقيق معه في ملفات الآلاف، حيث وقف بكل القوة ضد جهاز القضاء”.

الحديث يدور عن قضية اثارت الشك بأن موظفي مكتب نتنياهو، بالاساس رئيس الكادر تساحي برفرمان، استخدموا أو امتلكوا معلومات حساسة تتعلق بضابط في الجيش الاسرائيلي بنية استخدامها من اجل الحصول على محاضر سرية. ايضا الحديث يدور عن قضية تم فيها التحقيق مع ايلي فيلدشتاين، وهو أحد المتحدثين بلسان رئيس الحكومة، بتهمة نقل معلومات استخبارية تمت سرقتها من الجيش الاسرائيلي الى مجلة “بيلد” الالمانية، بهدف خدمة خط نتنياهو. “لا أحد يعرف ماذا يقول فيلدشتاين الآن في اقبية الشباك. نحن يمكن أن نستيقظ صباح الغد على واقع اصبح فيه شاهد دولة”، قال هذا الوزير. “مع ذلك من ناحية عامة هذا لا يضر نتنياهو، هذا يهم الجمهور الذي يقف ضده من البداية”.

في المعارضة ايضا يقولون بأن الاشتباهات والتحقيقات التي تضاف الى محاكمته ورسالة التحذير القاسية التي نشرتها لجنة التحقيق في موضوع شراء الغواصات والسفن، لا تضر به سياسيا، بل بالذات تسمح له بالعودة الى طبيعته الاصلية. “الجميع يعرفون أن حاشية نتنياهو تتكون من مجرمين، لكن جميع هذه القضايا لا تضر به سياسيا”، قال مصدر رفيع في المعارضة. “نحن نحاول تقريبا بالقوة أن يبقى النقاش حول اهمال المخطوفين وقانون الاعفاء من الخدمة، الذي هو حقل الالغام السياسي الحقيقي الذي يقف في طريقه”.

عن حالة الضغط الموجودة فيه حاشية نتنياهو يمكن المعرفة من الاعلان اللاستثنائي لرئيس الحكومة ضد الشباك، الذي فيه احتضن كما يبدو فيدلشتاين، الذي حاول التنصل منه بشكل كامل في السابق – واعتبر التعامل معه “تنكيل”، وكذلك من التطاول منفلت العقال ضد الشباك من قبل المتحدث الاصيل والاكثر اخلاصا لنتنياهو، نجله يئير.

جبهة اخرى لنتنياهو في اطار حربه ضد جميع السلطات هي مع المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، التي زاد رئيس الحكومة مؤخرا وتيرة الهجوم عليها. مع ذلك، في المنظومة السياسية يسود الافتراض بأن نتنياهو لن يقوم باقالة المستشارة القانونية للحكومة بسبب الخوف من أن يجعلها هذا الامر تقوم بالبدء في عملية اعتباره غير مؤهل. 

يصعب وصف الامور بشكل مختلف: في منتصف حرب متعددة الساحات فان رئيس الحكومة، ومكتبه ايضا، غارق حتى رقبته في اتهامات واشتباهات وتخوف من نيابة عامة، عصابية وفاسدة، ومن معايير رعب مأخوذة من افلام اجرامية. هذا لا يعتبر فيلم، بل هو واقع مخيف. 

ما الذي يُضحك غالنت

يوآف غالنت تلاءم مع الحياة الجديدة كعضو عادي في الصفوف الخلفية. حسب مصادر في محيطه فان غالنت يصمم على استمرار تواجده في الليكود، وحتى الترشح في الانتخابات التمهيدية القادمة. باستثناء 2 – 3 وزراء يؤيدونه، فان غالنت يوجد الآن في عزلة في الليكود. وحسب بعض المصادر فانه في جلسة الليكود الاخيرة تمت مهاجمته من كل الجهات. عندما يسمع بأنهم يقومون بتصنيفه مع يئير لبيد أو بني غانتس هو يضحك، كما يقولون في حاشية وزير الدفاع المقال.

أمر آخر مثير للضحك، هذه المرة لدى نفس الاصدقاء العدائيين تجاه غالنت، هو دخول يسرائيل كاتس الى وزارة الدفاع. “الجميع يعرفون أن نتنياهو لا يقدر كاتس، ولا ينوي أن يعطيه موطيء قدم مهم”، قال احد وزراء الليكود. “هذه الخطوة قضت على طموح كاتس في أن يكون زعيم مهم”.

هناك في الليكود من لا يسارعون الى انهاء قضية العلاقة بين غالنت ونتنياهو. عندما نشاهد نتنياهو وجدعون ساعر في قاعة الكنيست ندرك بأن كل شيء محتمل. مثلما عاد ساعر بعد كل الدماء الفاسدة وبعد أن ذهب غالنت، فان هذا يمكن أن يحدث بشكل معاكس”، قال أحد اعضاء الليكود في الائتلاف. 

كل شيء محتمل في السياسة، وبالتأكيد طالما تتواصل سلطة الهستيريا لعائلة نتنياهو. ولكن مع ذلك يجب ترتيب الحقائق. ساعر وقف ضد نتنياهو لأنه قام بقص اجنحته السياسية، وعاد كي يبقى على العربة بعد أن فشل في مشروعه المستقل. غالنت تمت اقالته على خلفية تأييد صفقة اعادة المخطوفين وتشكيل لجنة تحقيق، وتقويم الظلم الذي يتمثل بتهرب الحريديين من الخدمة. مع ذلك، ما زال يوجد فرق صغير.

——————————————–

يديعوت احرونوت 13/11/2024

الحياة في الشمال لم تعد غير معقولة، أي نصر أيها الوزير كاتس

بقلم: ارئيلا رينغل هوفمن

كم من الوقت مرّ من اللحظة التي تلقى فيها إسرائيل كاتس بخنوع، بامتنان، بحساسية ولكن بتصميم منصب وزير الدفاع الى ان اعلن لنا جميعا باننا انتصرنا. 72 ساعة. 72 ساعة تمكن فيها من المراجعة للخرائط، تحليل صورة الوضع، تشخيص النتائج، تنفيذ تحليل وتركيب لكل المعطيات، انهاء التشخيص، الاحتساب، الإضافة والتخفيض لما هو ضروري – والاعلان باننا انتصرنا. ماذا انتصرنا؟ حسمنا، هزمنا، اخضعنا حزب الله. 

“الضربات التي وجهناها للبنان”، قال ظهر يوم الاحد، فيما كانت الشمس تصدع فوق رؤوسنا، والوعد بالمطر لم يصل حتى القدس، “لا بد ستدرس لاحقا. والان”، أوضح وزير الجيوش، “مهمتنا ان نجني ثمار النصر”. كان يمكنه أن يقول ثمار النصر، معا بتواصل العبارة لكنه اختار ان يمدد ويشدد اليراع، بل واضاف، بتواضع، “هزمنا حماس تنظيميا وعسكريا، لكن هذا”، وكأن به يفشي سرا، “لبحث آخر”. وفي الغداة طار نحو الشمال  200 اطلقها المهزومون، اصابت خمسة اشخاص وزرعت دمارا جسيما. 

بيوت انهارت وسيارات احترقت. وبعد ذلك اشتدت الرشقات، فالمهزومون لم يتنازلوا وبين هذا وذاك انكسر قلبنا للسماع عن خمسة جنود ومواطنين اثنين قتلوا. وسكان الشمال، أولئك المبعدين عن الحدود، ممن لم يخلوا، انتقلوا للعيش في الملاجيء. يعدون عشر مرات ان لم يكن مئة متى والى اين سيخرجون، ويرسمون الخطط لاماكن الاختبار في الطريق الى البقالة. هكذا يبدو النصر حسب إسرائيل – انتصرنا – كاتس، بعد دقيقة ونصف من صعوده الى الطابق الـ 14 في الكريا. 

وما ليس واضحا هو أي تعليمات بالضبط سينزلها الى قادة الجيش بعد أن انتصر هؤلاء على أي حال على حزب الله، ومثلما قال، على حماس ايضا. ما ليس واضحا اكثر هو ماذا بالضبط سيتعلم المقاتلون في مطارحنا وما الذي سيدرس في كليات الامن القومي في العالم، كم جميل السكوت عنه؟ ام انه كان من الأفضل لو أن وزير الدفاع الوافد يتعلم شيئا ما بنفسه قبل أن يتبجح في الميكروفون، قبل أن يعيدنا، وفي غير صالحنا، وبالتأليد ليس بذنبنا الى 6 أكتوبر؟ بالمناسبة ما كان ينبغي له من اجل هذا ان يحفر في الموسوعة العبرية، يكفيه أن يتوجه الى تقرير فينوغراد في الفصل الذي سُئل فيه اهود أولمرت عن خطاب النصر الذي القاه في حرب لبنان الثانية، فيقرأ جوابه “توجد أمور تقال لانه ينبغي ان تقال” وليفهم ما الذي لا يقال. 

“الجندي البريطاني”، كتب جو بورناتشكو “قادر على أن يقف امام كل شيء باستثناء وزارة الحرب البريطانية”. ولا يمكن صياغة هذا بشكل افضل في إسرائيل، تشرين الثاني 2024، مع تبادل الرأسين في وزارة حربنا.

وهكذا، اذا كنا سنجمل الامر، الحياة في الشمال لم تعد غير معقولة. رشقات لا تتوقف تنتقل منذ زمن بعيد من فوق المطلة وكريات شمونا وتسقط في نهاريا، في عكا وفي الكريوت وتنتقل الى الوسط أيضا تجعل الحياة لا تطاق. 

ليس هكذا يبدو النصر. الصورة، اغلب الظن، ستتغير فقط اذا ما وعندما تنضج التسوية التي يتحدثون عنها منذ بضعة أسابيع وعلى ما يبدو أيضا يعملون عليها. هكذا في الشمال وهكذا في الجنوب أيضا. إذن صحيح الرؤوس التي تبدلت في وزارة الدفاع ووزارة الخارجية، كاتس بدلا من غالنت، ساعر بدلا من كاتس، في لعبة كراسي هاذية في ذروة الحرب، لا تبشر حقا بايام افضل من تلك وجميل كان سيفعل الوزير الوافد لو لم يكن يثرثر كالببغاء بكلمات رئيس الوزراء ويعد بتصفية العدوان الإيراني، تطيير حماس من غزة وخلق واقع جديد في لبنان. كان يمكن، مثل وزير الخارجية الوافد، ان يختار لنفسه شيئا ما من ادبيات الأطفال المختارة. 

اذا كان ساعر، وزير التعليم في ماضيه، اختار اقتباسات باعثة على الدهشة لدى تسلمه مهام منصبه عن الأسد موباسا الذي يقوله لابنه سيمكا: “تذكر من انت”، يمكن لكاتس ان يأخذ نارينيا. هناك أيضا يوجد أسد وتوجد ساحرة وثلج أبدي، لكن في النهاية الاخيار ينتصرون والشمس تعود للاشراق. كل شيء افضل من انتصاره. وبالتأكيد في وضع يقترح فيه حزب الله بعد ساعتين من ذلك تفسيرا خاصا به للاصطلاح. 

——————————————–

هآرتس 13/11/2024

سيطلب تأجيل محاكمة المتهم نتنياهو أمام “المركزية”.. إلى متى ستستمر المهزلة؟

بقلم: أسرة التحرير

قضاة المحكمة المركزية في القدس الذين يديرون محاكمة رئيس الوزراء نتنياهو، سيحسمون اليوم في طلب تأجيل شهادته في “ملفات الآلاف” لشهرين ونصف شهر. إذا استجاب القضاة للطلب إياه، فهو استسلام منهم، وتأكيد على أن نتنياهو وضع نفسه كشخص فوق القانون.

 ليس هذا هو طلب التأجيل الأول من جانب نتنياهو، وإذا ما قُبل، فلن يكون الأخير. محاموه يعلقون الطلب بـ “سلسلة أحداث استثنائية”. أما ما هي تلك الأحداث فواضح؛ إسرائيل في حرب متعددة الجبهات، لا شك أن جدول أعمال رئيس الوزراء مليء. غير أن هذا العبء الذي ينطوي عليه المنصب، والتوتر البنيوي بين وظيفته كرئيس وزراء ومكانته كمتهم بالجنائي كانا في أساس الاعتراض على توليه المنصب كمتهم. أما نتنياهو فقد أقنع محكمة العدل العليا في حينه بأنه لا تضارب بين قبعتيه. لهذا السبب يجب رفض محاولته تعليق طلباته لتسويف محاكمته بانشغالاته كرئيس وزراء، رفضاً تاماً.

إذا كان نتنياهو “اكتشف” عقب الحرب بأنه بخلاف ما ادعاه في المحكمة، غير قادر على تأدية واجباته كرئيس وزراء ويمتثل كمتهم في المحكمة بالتوازي، فليتفضل ويستقيل من منصبه. القانون يسمح له بذلك. ما لا يسمح به القانون، لأي مواطن في دولة قانون هو أن يستقيل من “منصبه” كمتهم بالجنائي، وهذا بالضبط ما يفعله.

نتنياهو يضحك على المحكمة وفي وجهها. منذ البداية، كان الحديث يدور عن مهزلة تامة. صورته إلى جانب زمرته الوزاريين في أثناء تلاوة لائحة الاتهام، بينما كان يتهكم كآخر المجرمين على جهاز القضاء، ستذكر إلى الأبد. كانت هذه مجرد رصاصة البدء في الحرب ضد جهاز القضاء في ظل استغلال مكانته رئيساً للوزراء لفرض الرعب على القضاة، وتغيير القوانين وفقاً لاحتياجاته، وتهديده للمستشارة القانونية للحكومة والدفع بانقلاب نظامي قدماً. كل هذا في ظل انتهاك فظ وعديم الخجل، لاتفاق تضارب المصالح الذي كان شرطاً لولايته.

في هذه المرحلة من القصة، على القضاة الان معرفة أنهم إذا قبلوا حجج محامي نتنياهو وأجلوا المحاكمة بسبب الحرب، فلن تنتهي الحرب أبداً. فقد سبق لنتنياهو وأثبت في مرات كثيرة بأنه لا يعمل انطلاقاً من مصلحة قومية، بل من دوافع بقائه في الحكم فقط.

إسرائيل منذ بضع سنوات في فخ خطير؛ لأن متهماً جنائياً يتولى منصب رئيس الوزراء. المصلحة العامة تستوجب من قضاة المحكمة المركزية أن يرفضوا طلب نتنياهو، وأساساً أن ينهوا المحاكمة في أقرب وقت ممكن.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 13/11/2024

لسموتريتش وائتلافه: سرقتم طعام أولادي وقدمتموه لحضانات الحريديم

بقلم: نتعئيل بندل

في أشهر الحرب الأولى اتصل بي الوزير أوفير سوفير من حزب “الصهيونية الدينية” بشأن نبأ نشرته. بسط سوفير أمامي مذهبه بشأن سلوك الصحافي في زمن الحرب، فقال: يجدر التحلي بمزيد من المسؤولية عن روح الشعب في مثل هذه الفترة. وكان حديثه ذا مغزى حقيقي، حتى وإن لم أتفق معه في كل شيء. طلب بلباقة الوزير سوفير في حينه، وهو اليوم ينفذ ما طلبه بلباقة أيضاً. فهو من أعضاء الحكومة والائتلاف القلائل الذين لا يزالون يمنعون قوانين التملص من الخدمة في الجيش الإسرائيلي، ويأخذون مسؤولية عن روح الشعب.

الوزير سوفير صوت وحيد ليس في الائتلاف فقط، بل أيضاً في حزب “الصهيونية الدينية”، ذاك الذي يدعي تمثيل الوسط الجماهيري الذي قد يكون هو الأكثر تعرضاً للقتل في الحرب، ويدنس اسمه في الترويج لقوانين وميزانيات تؤدي إلى تملص الحريديم من حمل العبء الاقتصادي والأمني. هذا هو السبب الذي يجعل مصوتي الحزب يهجرونه. فحسب الاستطلاعات، سيكون أصعب عليه اجتياز نسبة الحسم. للتغلب على أزمة التأييد، أعلن الوزير سموتريتش عن البشرى القريبة لقلب وسط المقتولين: ستكون 2025 سنة السيادة على منطقة “يهودا والسامرة”. الرسالة واضحة: إعلان السيادة، وحماية التشكيلة الائتلافية الحالية، وضمان استمرار الحزب.

عملياً، هذه هي صفقة سموتريتش لجمهور مصوتيه: أعطيكم وعداً للسيادة على “المناطق” [الضفة الغربية] – وعد موضع شك؛ لأن الرئيس ترامب هو من يحسم في الموضوع؛ وبالمقابل، تدفعون بالمخاطرة بحياتكم في المعركة، بالضرر الاقتصادي في أعمالكم التجارية بسبب خدمتكم الطويلة في الاحتياط، وبالليالي المليئة بقلق نسائكم، وبأيام مليئة بالعناية بالأطفال الذين إن شاء الرب، لن يكونوا يتامى حرب. هذه هي صفقة سموتريتش.

بدأ طرف واحد يدفع الثمن الآن. قبل شهر، كشفت المستشارة القانونية أمام محكمة العدل العليا، بأن الحكومة تقوم بفعل حقير على نحو خاص. فلما كانت محكمة العدل العليا قد ألغت القانون الذي سمح بمنح الدعم الحكومي لحضانات أطفال طلاب الدين المتملصين من الخدمة، كانت الحكومة منعت هذا الامتياز عن كل مواطني الدولة. الطبقات الفقيرة، المهاجرون، بلدات المحيط، رجال الاحتياط في غزة وفي الشمال – كلهم لا يحصلون على هذا الامتياز.

“يا لها من خيبة أمل! أنا أدفع للحضانات الآن 4 آلاف شيكل كل شهر. وحقاً، ليس لدي، من أين أدفع. لكن لا مفر: زوجي مقاتل، وأنا مع طفلين صغيرين وحيدة في البيت”، هكذا روت بصدق أ. ش إحدى سكان المستوطنات. كتبت لسموتريتش تقول: “صوت لك. فكيف يستقيم المنطق؟ فعلياً، أخذت الطعام من فم أطفال خرج أبوهم للدفاع عن الدولة”. بل أقامت اتصالاً مع وزير المالية الذي وعد بمعالجة الأمر. مر شهر ولم يتغير شيء. الحكومة لم تصرف بعد دعمها.

عقيدة “الصهيونية الدينية” – الوسط وليس الحزب – تؤمن بثلاثة مبادئ: شعب إسرائيل، عقيدة إسرائيل، وبلاد إسرائيل. وهذا هو ترتيب الأهمية. وحدة الشعب تسبق كل شيء. الترويج للتملص من الجيش يمزق النواة الصلبة والعميقة للتكافل في المجتمع الإسرائيلي. لا يمين ولا يسار في الأحراش. فلن تكون سيادة بدون جيش شعب، وبدون مجتمع متراص. عندما يكون هناك وسط واحد كامل آخذاً في الاتساع يعيش على حساب أوساط أخرى، فهذه سيادة بلا مستقبل. لن تكون هناك بلاد بدون شعب.

منذ وقت غير بعيد، جرى الحديث هنا كثيراً عن أن دعوات الرفض عشية الحرب كجزء من الاحتجاج ضد الإصلاح القضائي مست بالنواة العميقة: وحدة الشعب. من ندد بذاك الرفض إياه، وندد عن حق، هم الذين يروجون اليوم لقوانين وميزانيات غير أخلاقية على نحو ظاهر، تمزق وحدة الشعب. من طلب بلباقة في حينه لا ينفذ اليوم.

——————————————–

هآرتس 13/11/2024

بعد مرور 400 يوم.. سنسمي الولد باسمه: “حرب سلامة نتنياهو”

بقلم: ريفكا نارييه بن شاحر

قبل بضع سنوات، طلبت من نتنياهو أن يوقف الكارثة في حالها ويوقف إضحاكنا برواية الضحية هذه. تحدثت عن الشاعرة زلدا، التي رغم الفجوة في جيلنا (تعلمت الحبو في بيتها)، واعتقدت أنها صديقتي. وصفت كيف توسلت لأمي، من الجيل الثاني الكلاسيكي، بألا تحدثني كثيراً عن الكارثة.

الآن، أطلب من نتنياهو ترك النهضة في حالها، والتوقف عن إزعاجنا بهذه الرواية الخيالية. نتنياهو فنان الكلام ويعرف كل نظريات الرواية ومبناها. في جميع خطاباته في الفترة الأخيرة، بدءاً بالاحتفالات الحكومية بذكرى 7 أكتوبر وحتى الاحتفال بإنهاء دورة للضباط، كرر “النهضة”، وكأنه إذا كرر هذه الكلمة سنصل إلى الهدف.

مثل كل أولاد إسرائيل، ترعرعت على الانتقال من الكارثة إلى النهضة. في الروضة والمدرسة ومعهد اللغة والخدمة الوطنية – وقفنا في هذه الاحتفالات وأنشدنا كل الأناشيد. انتقلنا في غضون أسبوع من بطولة الفدائيين إلى يوم الذكرى ويوم الاستقلال. ترعرعت بين الحروب والانتفاضات، وعمليات “صغيرة” وحافلات متفجرة، وصواريخ وكاتيوشا. ولكن لم يهيئنا أحد لأحداث 7 أكتوبر الفظيعة وحرب الفوضى المستمرة منذ ذلك الحين. قرأت بأن ليئات تسيلي النبيلة، التي عادت من أسر حماس، شرحت لطلابها أثناء جولة في “يد واسم” بأن كل يوم في الكارثة “كأنه 7 أكتوبر”. لذلك، سأمتنع عن تسمية هذا اليوم الفظيع بـ “الكارثة”. سأستخدم في هذا المقال المصطلح التاريخي “المذبحة”، المصطلح الذي ينطوي على القتل، والاغتصاب، والسلب، والتدمير، والإحراق، والخنق، والاختطاف وبالأساس العجز.

جميعنا، كل من وقف ذات يوم في الاحتفالات وهو يرتدي أزرق – أبيض، عرف هذا العجز من الروايات. لم نصدق أن ستحدث في إسرائيل مذبحة بهذا الحجم، أو يخفق الجيش الاسرائيلي في الدفاع حتى عن نفسه. بهذا المعنى، كانت 7 أكتوبر لحظة “مذبحة”. في المذابح الكثيرة التي مرت علينا، وأيضاً في الكارثة، لم يكن لدينا جيش أو دولة. أما هنا فلنا دولة وجيش، والجميع لم يقم بعمله. هذا يسمى إهمالاً إجرامياً، لذلك لا كلمات لوصف ذلك. ولكن إذا كانت لأحد حاجة قوية لطرح أسماء فلدي عدد منها: حرب الإهمال والتخلي، حرب الغطرسة، حرب الفوضى، حرب حقائب الأموال، حرب التصور، حرب المذبحة، حرب الجنوب والشمال.

بعد مرور 400 يوم والعجز لم ينته، بل يتفاقم. يكون في الأنباء خليط غير معقول من قتلى الحرب كل يوم، مع صفارات إنذار وصواريخ، وعدم اهتمام بالكثيرين المخلين، وإحصاء صغير للأيام، أما المخطوفون فما زالوا في غزة. هل يحاول أحد وبحق تحقيق أهداف الحرب؟ ربما الانشغال بالأسماء أسهل من الاعتراف بقدرتنا الحقيقية ومن إعادة المخطوفين إلى البيت.

عندما يعود كل المخطوفين، وبعد أن أسمع الموسيقى وأذهب الى المقهى لأول مرة بعد 7 أكتوبر (الأمور التي ابتعدت عنها منذ ذلك الحين)، وأتطوع لتجنيد مجموعة من مؤلفي النصوص الموهوبين لوضع الاسم الأكثر نجاحاً لهذه الحرب. ولكن حتى ذلك الحين، أعتقد أنه من المفيد لنا تسمية الولد باسمه، أو الحرب باسمها، حرب “سلامة نتنياهو”. أهداف هذه الحرب واضحة، وهي قابلة للتحقق، وها نحن في الطريق إليها!

——————————————–

الهدف الحقيقي لـ “إسرائيل” في شمال غزة هو احتلال المنطقة

بقلم: بن ريف

صحيفة “ذي غارديان” البريطانية تنشر تقريراً للصحافي بن ريف، وهو محرّر أوّل في مجلة “+972” الإسرائيلية، يتحدّث فيه عن نيّة “إسرائيل” الحقيقية وراء حملتها على شمال غزّة، وهي احتلال المنطقة.

في الأسبوع الماضي، اعترف العميد إيتسيك كوهين، وهو ضابط كبير في “الجيش” الإسرائيلي، بهدوء بما كان المجتمع الدولي متردّداً في الاعتراف به منذ فترة طويلة: أنّ “إسرائيل” تنفّذ تطهيراً عرقياً في شمال غزة، وتخدع العالم بشأن أهدافها الحقيقية في المنطقة المحاصرة.

وقد أدلى بهذا الاعتراف خلال إحاطة مغلقة للصحافيين الإسرائيليين يوم الثلاثاء الماضي بشأن أنشطة “الجيش” في شمال القطاع. وتباهى بأن القوات الإسرائيلية تقترب من “الإخلاء الكامل” لجباليا وبيت حانون وبيت لاهيا؛ المدن الثلاث الواقعة في أقصى شمال غزة، والتي تعرّضت لقصف إسرائيلي مكثّف منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر. وتابع كوهين قائلاً: “لا توجد نيّة للسماح لسكان شمال قطاع غزة بالعودة إلى منازلهم”، قبل أن يضيف أن “أوامره الواضحة” كانت “إنشاء مساحة مطهّرة”.

وسارع “الجيش” إلى النأي بنفسه عن تعليقات كوهين بعد أن لفتت انتباه وسائل الإعلام الدولية. ولكن ما نراه يحدث على الأرض في شمال غزة هو بالضبط كما وصفه كوهين: عشرات الآلاف من المدنيين يُجبرون على مغادرة منازلهم وملاجئهم ومستشفياتهم، يوماً بعد يوم، بسبب الغارات الجوية، أو نيران المدفعية، أو طائرات من دون طيار، أو القوات المسلّحة التي تصل إلى أبوابهم ــ والتي تتأكّد من هدم أو حرق كلّ ما تبقّى وراءهم.

ويعاني السكان المتبقّون من المجاعة؛ ويضطرّ بعضهم إلى البقاء على قيد الحياة على الملح والماء فقط. وفي ظل عدم وصول أي طعام إلى المناطق المحاصرة لأكثر من شهر، حذّر خبراء الأمن الغذائي العالمي من “احتمال قوي بأن المجاعة وشيكة”.

وتزعم “إسرائيل” أنّ عمليتها الحالية في شمال غزة، التي تشبه نسخة أكثر وحشية من “خطة الجنرالات”، أطلقت لقمع محاولات حماس لإعادة ترسيخ موطئ قدم لها في المنطقة. ومن المؤكّد أنّ “الجيش” يواجه جيوباً صغيرة من مقاتلي حماس، ويتكبّد خسائر في هذه العملية. ومع ذلك، قال كبار المسؤولين الدفاعيين لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية بعد وقت قصير من بدء الحملة إنّ المستوى السياسي كان يدفع نحو هدف مختلف تماماً: هو الضمّ.

ويبدو أنّ اعترافاً ثانياً رفيع المستوى الأسبوع الماضي، من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي المنتهية ولايته، يؤكّد هذا. فقد استغلّ يوآف غالانت، الذي طرده بنيامين نتنياهو، ساعاته الأخيرة في منصبه لإجراء مناقشة صريحة مع بعض عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين في غزة. وفي تعليقات حظيت باهتمام إعلامي دولي أقل من تعليقات كوهين، ورد أنّ غالانت صرّح بأنّه لا يوجد مبرّر عسكري لمواصلة الحرب أو إبقاء القوات الإسرائيلية داخل القطاع. وقال للعائلات: “لم يتبقّ شيء في غزة يمكن فعله.. لقد تمّ تحقيق الأهداف الرئيسية. وأخشى أن نبقى هناك فقط لأنّ هناك رغبة في البقاء هناك”.

ويبدو أنّ هذه الرغبة تزداد قوة يوماً بعد يوم بين شريحة متنامية من اليمين الإسرائيلي، فمع تطهير شمال غزة من سكانها الفلسطينيين، سوف يتمكّن المستوطنون الإسرائيليون، بمن في ذلك المهندسون الخفيون لخطة الجنرالات، من تحقيق ما كانوا يحلمون به منذ عام 2005، والذي ظلوا يصرخون من أجله منذ الأيام الأولى للحرب الحالية: إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في قطاع غزّة.

لا شكّ أنّ هذه ليست السياسة الإسرائيلية الرسمية، على الأقل حتى الآن. ولكن تصريحات كوهين وغالانت الأسبوع الماضي تقدّم بالتأكيد مؤشرات قوية على أنّ هذا هو الاتجاه الذي نسير إليه. وجاء مؤشر آخر في هيئة دعوة وزيرين إضافيين من أقصى اليمين للانضمام إلى مجلس الوزراء الأمني ​​الإسرائيلي في بداية هذا الأسبوع: أوريت ستروك، وزيرة المستوطنات والبعثات الوطنية، وإسحاق فاسرلاوف، وزير تنمية المناطق المحيطة والنقب والجليل. وإذا كنت تبحث عن أعضاء الكنيست الأفضل لتقديم المشورة بشأن الاستيطان في غزة، فإن هذين المرشحين هما الخيار الأمثل لك.

وبينما تواصل “إسرائيل” استعداداتها لجعل هذا حقيقة واقعة، ربما تكون القطعة الأخيرة من اللغز قد سقطت للتو في مكانها. فإنّ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تضع الدعم الأميركي لضمّ “إسرائيل” لشمال غزة على الطاولة بقوة. سواء كان ذلك في سياق “صفقة القرن” المعدّلة أو اتفاق أقل فخامة حيث يحصل نتنياهو على ما يريد في مقابل “إنهاء” الأعمال العدائية في جنوب القطاع، فإنّ الاستيلاء الإسرائيلي الدائم على جزء على الأقل من المنطقة يبدو وشيكاً بشكل خطير.

في غضون ذلك، أعلن بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية اليميني المتطرّف في “إسرائيل”، أنّه يضع نصب عينيه جائزة أكبر: السيادة على الضفة الغربية في غضون العام المقبل. وفي ظل الحرب، قطع سموتريتش بالفعل خطوات كبيرة نحو هذا الهدف، بناءً على نجاحات حركة المستوطنين في السنوات الماضية. ومن الذي يقول إن ترامب لن يستجيب له؟

لأكثر من عام، فشلت الضغوط الدولية في وضع حد للهجوم الإسرائيلي المجنون على غزة، والذي وصفه العديد من الخبراء بالإبادة الجماعية. إنّ المحاكم الدولية غير قادرة على مواكبة المذبحة على الأرض، في حين أنّ سلسلة التهديدات الفارغة من واشنطن قد شجّعت حكومة اليمين المتطرف في “إسرائيل” وقاعدتها، الذين سيشعرون بأنّهم لا يقهرون بعد فوز ترامب.

قد يتأثّر الرئيس المنتخب، على الرغم من تقلّباته، في اتجاه مختلف من قبل المقرّبين منه السعوديين، أو قد تتخذ إدارة بايدن المنتهية ولايتها ضربة وداع حاسمة لـ “إسرائيل” في أسابيعها الأخيرة. ولكن مع احتمالية أنّ كلا السيناريوهين يعدّان بعيدين، فإنّ الأمر متروك لبقية المجتمع الدولي لممارسة ضغوط حقيقية ضد “إسرائيل” في شكل حظر الأسلحة والعقوبات الشاملة. بالنسبة لأكثر من 43 آلاف فلسطيني قُتلوا حتى الآن في هجوم “إسرائيل” على غزة، وهو ما قد يكون أقل بكثير من العدد الحقيقي، فقد فات الأوان بالفعل، لكنّ عدداً لا يحصى من الأرواح يعتمد على ذلك.

——————————————–

   عن «تايمز أوف إسرائيل» 12/11/2024

قد تتعارض المصالح الأميركية مع المصالح الإسرائيلية في عهد ترامب

بقلم: لازار بيرمان

رأى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أن السيناريو الأفضل لديه أصبح حقيقة: حقق دونالد ترامب فوزاً مدوياً، وسيعود إلى البيت الأبيض في كانون الثاني.

قبل ساعات من بدء تدفق النتائج عبر المحيط الأطلسي، اتخذ نتنياهو خطوة جذرية لتعزيز سيطرته على ائتلافه. ومع تركيز العالم على الانتخابات الأميركية، أقال وزير الدفاع، يوآف غالانت، وعيّن مكانه الموالي له يسرائيل كاتس.

الآن يبدو أن نتنياهو حصل أخيراً على مبتغاه.

لديه حكومة مكونة من وزراء لن يواجهوه علناً. وفي غضون أسابيع قليلة سيعمل مع بيت أبيض سيلتزم الصمت بشأن الخلافات، ولن يثير ضجة حول المسائل الإنسانية في الحرب ضد المحور الإيراني.

بعد الحملة العسكرية الأخيرة ضد «حزب الله» والغارات الجوية ضد إيران، الشهر الماضي، يواجه نتنياهو جمهورية إسلامية أكثر عرضة للهجمات الإسرائيلية مما كانت عليه لعقود من الزمن.

ومع ذلك، فإن التحديات التي يواجهها نتنياهو منذ هجوم «حماس» في 7 تشرين الأول لا تزال قائمة، والولاية الرئاسية الثانية لترامب من المتوقع أن تحوي مخاطر جديدة محتملة للزعيم الإسرائيلي.

آخر صيحات بايدن

قبل كل ذلك، لا يزال أمام جو بايدن شهران في منصبه. كان ضعيفاً سياسياً بالفعل عندما انسحب من السباق لصالح نائبته، كامالا هاريس، لكنه الآن دخل رسمياً فترة «البطة العرجاء».

وفي الوقت نفسه أصبح بايدن الآن متحرراً من القيود. فهو غير مضطر للقلق بشأن أي مستقبل سياسي، ولا يتعين عليه أن يفكر في التأثير الذي ستحدثه تصريحاته وسياساته على حملة هاريس الانتخابية.

علاوة على ذلك، فإن بايدن لا يدين لأي شخص بأي شيء. انقلبت عليه المؤسسة الديمقراطية وزعماء الكونغرس، ومن المؤكد أن تصريحات مسؤولين مجهولين في حملة هاريس ممن يلومونه على خسارتهم ستثير غضبه من جديد.

وفي نهاية مسيرة سياسية على الصعيد الوطني دامت 51 عاماً لا يوجد لبايدن، الذي اهتم دائماً بالقضايا الدولية، إنجاز مميز في السياسة الخارجية يحمل اسمه.

إذا نفذت إيران تهديدها وشنت هجوماً صاروخياً باليستياً ثالثاً على إسرائيل أثناء ولايته، فقد يكون رد فعل بايدن مختلفاً عما كان عليه في الماضي. وبحسب تقارير، فقد حذر إيران بالفعل من أن واشنطن لن تكون قادرة على كبح جماح إسرائيل إذا هاجمت مرة أخرى. هل يمكن أن يأمر بايدن القوات الأميركية بالانضمام إلى الرد، هذه المرة، وأن يخلص إلى أن استخدام القوة العسكرية هو السبيل الوحيد لإجبار طهران على التنحي؟

الإمكانيات موجودة. وإلى جانب عشرات الآلاف من القوات الأميركية المتمركزة بشكل دائم في الشرق الأوسط، أمر البنتاغون، الأسبوع الماضي، بإرسال عدة قاذفات من طراز «B-52 ستراتوفورتريس» القادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات إلى المنطقة.

وحتى لو كانت مهاجمة إيران مباشرة في الأيام الأخيرة من رئاسته بمثابة احتمال مستبعد بالنسبة لزعيم كان هدفه منذ 7 تشرين الأول هو احتواء الصراع الإقليمي، يمكن تصور أن يتمكن المرشد الأعلى الإيراني و»الحرس الثوري» من إجبار بايدن على ذلك.

وقال مايكل أورين، السفير الإسرائيلي الأسبق لدى الولايات المتحدة: «من المرجح أن يستنتج الإيرانيون أن الشهرين المقبلين هما فرصتهم الأخيرة لتصنيع سلاح نووي».

لكن نفور بايدن الشخصي من نتنياهو يمكن أن يحدد أيضاً ما سيفعله، حيث لن يكون حريصاً على تقديم أي خدمة للزعيم الإسرائيلي، خاصة بعد أن أقال رئيس الوزراء غالانت الذي كانت تربطه علاقة قوية بالإدارة الأميركية الحالية.

إذا كان يريد أن يفعل ما في وسعه من أجل الزعيم الديمقراطي المقبل – والذي لن يكون بالتأكيد هاريس – يمكن لبايدن أن يحاول كسب بعض الشعور بالامتنان لدى الأميركيين العرب من خلال وضع كل جهود إدارته لإيجاد طريقة لإنهاء الحرب في غزة ولبنان. مع وجود أسابيع فقط لإخراج الرهائن – وهو أمر قد يعني الكثير للرئيس المتعاطف – يمكن لبايدن أن يبدأ في دعم مطالبه بالتوصل إلى اتفاق من خلال التهديدات، سواء أكانت موجهة إلى «حماس» أو قطر، أو حتى إلى إسرائيل.

عودة ترامب 

«من المهم أن تتوصل إسرائيل إلى تفاهمات مبكرة مع الإدارة الجديدة عند توليها السلطة»، كما كتب ثلاثة باحثين في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، «حيث إن تركيزها خلال الأيام الأولى بعد التنصيب سيكون على بناء وإعداد أولويات سياستها».

ويبدو أن هناك صراعاً بين جناحين متنافسَين في الحزب الجمهوري حول اتجاه السياسة الخارجية للإدارة. سيواجه الجمهوريون التقليديون، الذين يدعمون مساعدة الحلفاء والعمل العسكري ضد الإرهابيين وداعميهم، فصيلاً انعزالياً ناشئاً يرى في الصراعات الخارجية إهداراً للموارد الأميركية التي من الأفضل إنفاقها في الوطن.

وتأمل إسرائيل، والأنظمة العربية ذات التوجه الغربي، أن تتولى شخصيات مثل عضوَي مجلس الشيوخ ماركو روبيو وتوم كوتون الأدوار العليا في مجالَي الدفاع والسياسة الخارجية، ما سيشير إلى استمرار رئاسة ترامب الأولى.

وقال إليوت أبرامز، زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية: «إن أفضل طريقة لفهم ما سيفعله هو النظر إلى ما فعله»، مضيفاً: «لا أتوقع تغييرات كبيرة في سياسة الشرق الأوسط، ما سيعني المزيد من الدعم لإسرائيل واتباع نهج أكثر صرامة تجاه إيران».

ويتفق بوركو أوزجيليك، وهو زميل أبحاث أول في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) لأمن الشرق الأوسط، مع هذا الرأي، ويقول: «سوف يستعد الكثيرون في المنطقة للعودة إلى دبلوماسية الصفقات التي ينتهجها ترامب – وهو نهج متبادل لعقد الصفقات التجارية – والتي ستكون النخبة السياسية الإقليمية على دراية به من إدارة ترامب السابقة».

ومن المرجح أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، تعتقد أنه يمكن تحقيق المزيد من المكاسب في ظل رئاسة ترامب الثانية، مثل الضمانات الأمنية الأميركية، وصفقات الأسلحة، واتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران.

في الوقت نفسه، مع وجود جي دي فانس نائباً للرئيس والناقد تاكر كارلسون كصوتَين يتمتعان بثقة الرئيس المنتخب، هناك أسباب تدعو للخشية من أن يتبنى ترامب سياسة خارجية ترى أن تجنب الحرب، وليس انتصار حلفاء الولايات المتحدة، هو الأولوية. فقط في الأسبوع الماضي أشار فانس إلى أن المصالح الأميركية والإسرائيلية لن تتداخل دائماً، وأن «مصلحتنا تكمن في عدم خوض حرب مع إيران».

وأعلن الرئيس المنتخب بوضوح في خطاب النصر الذي ألقاه، الأربعاء: «لن أبدأ حرباً. سأوقف الحروب».

وسبق أن حذر ترامب نتنياهو من أن «القتل يجب أن يتوقف» في غزة. ويدرك المسؤولون الإسرائيليون أن هذا قد يضعهم في مسار تصادمي مع الرئيس الأميركي المنتخب.

قد يكون من المفيد إنهاء القتال بشروط إسرائيل قبل أن يتولى ترامب منصبه، حيث قد يضع معاييره الخاصة به للتوصل إلى اتفاق.

تكمن المشكلة في أنه ليس من الواضح على الإطلاق كيفية القيام بذلك.

فقط في الأسبوع الماضي رفضت «حماس» أي اقتراح لوقف مؤقت للقتال في غزة، وكررت إصرارها على وقف دائم لإطلاق النار. وقال المسؤول الكبير في «حماس»، طاهر النونو، لوكالة فرانس برس: «فكرة الوقف المؤقت للحرب ثم العودة إلى العدوان من جديد سبق أن أبدينا رأينا فيها، حماس مع الوقف الدائم للحرب وليس المؤقت».

وبقدر ما قد يرغب نتنياهو في إنهاء الحرب والتحرك نحو صفقة مع السعودية – وهو أمر قال مسؤولون إسرائيليون لـ»تايمز أوف إسرائيل» إنه حريص على القيام به – فإن الحرب لن تنتهي بينما تحتجز «حماس» رهائن، وتصر على محاولة الحفاظ على السلطة في غزة.

الأمر نفسه ينطبق على لبنان. لن يقوم «حزب الله» ببساطة برفع يديه ووقف القتال، خاصة أن المنظمة المدعومة من إيران تتجه كما يبدو نحو إستراتيجية استنزاف ضد إسرائيل، وهو ما يصب في صالحها.

وفي الوقت نفسه، من المرجح أن يتبنى رعاتها في طهران موقفاً حذراً مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

وقال الخبير في الشؤون الإيرانية، أوري غولدبرغ: «تماماً مثل بقية العالم، يريدون أن يكونوا حذرين للغاية عندما يتعلق الأمر بترامب»، مضيفاً: «قد اكتووا بنيرانه، وهم لا يريدون الدخول في مواجهة معه».

وقد يعني ذلك تجنب أي تحركات دراماتيكية على الجبهة النووية، وانتظار فرصة للمفاوضات مع ترامب، الذي أبدى استعداده للتحدث حتى مع أكثر الطغاة وحشية.

«لا يحب المستوطنات»

يجب على إسرائيل أيضاً أن تكون حذرة في تعاملاتها مع الإدارة القادمة.

يضم ائتلاف نتنياهو حزبين يمينيَّين متطرفَين يريدان ضم الضفة الغربية وإعادة استيطان غزة، وقد جارى نتنياهو مراراً وتكراراً مطالب وأنشطة شركائه من أجل الحفاظ على استقرار الائتلاف، بما في ذلك قضايا حساسة مثل الصلاة في الحرم والمساعدات الإنسانية إلى غزة.

سعى هو نفسه إلى بسط السيادة الإسرائيلية على جميع المستوطنات وضم غور الأردن في العام 2020، معتبراً بشكل غير صحيح أن ترامب سيدعم هذه الخطوة. الرئيس، الذي كان يسعى للدفع بـ»صفقة القرن» الإسرائيلية – الفلسطينية، لم يفعل ذلك.

ويبدو أن وزير الأمن القومي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، يعتقد أنه دون الضغط من الديمقراطيين بإمكان إسرائيل الآن ضم الضفة الغربية.

سيكون ذلك خطأ.

وقال أورين عن ترامب: «في ولايته الأولى عارض الضم. لقد منع نتنياهو من التحرك نحو ضم المنطقة (ج). إنه لا يحب المستوطنات».

وأشار إلى أنه «مع ترامب، ومع القوة الهائلة التي تقف خلفه، ومع مجلس الشيوخ ومع الكونغرس، عندما يطلب منا أن نفعل كذا، فمن الأفضل أن نفكر جدياً في فعل كذا».

——————————————–

يديعوت 12/11/2024

عندما يقول ترامب لنتنياهو: “لا تفعل”!

بقلم: مايكل أورن

ستكون لعودة دونالد ترامب القريبة إلى القاعة البيضاوية في البيت الأبيض تداعيات بعيدة المدى على إسرائيل، وعلى الشرق الأوسط. ويمكن أن يتحقق العديد من الإنجازات الدبلوماسية، إذا عرفت إسرائيل كيف تتصرف بصدق وحكمة حياله. ويجب أن نأخذ في حسابنا مواقفه من عدد من الموضوعات، مثل إنهاء الحرب وتحقيق السلام. ويتعين علينا أن نسمح له بمساعدتنا، مثلما ساعد الرئيس الأميركي، جيمي كارتر، مناحِم بيغن ذات مرة.

في كامب ديفيد (1979)، وعندما وصلت محادثات السلام بين مصر وإسرائيل إلى حائط مسدود، في ضوء مطالبة الرئيس المصري، أنور السادات، باقتلاع المستوطنات، مثل مستوطنة «يميت»، والانسحاب من سيناء بأكملها، يومها قال بيغن: «لا أستطيع أن أفعل ذلك، وحكومتي لن توافق على ذلك قط».

وكان من المحتمل أن تنتهي المحادثات عند هذا الحد، لو لم يتوجه وزير الدفاع، آنذاك، موشيه دايان، إلى وسيط الرئيس كارتر ويقول له: «أريد منك أن تعلن استعداد الولايات المتحدة لوقف تقديم أيّ مساعدة إلى إسرائيل إذا لم تنسحب من سيناء كلها».

استجاب كارتر لطلب دايان، وهدد بإمكان وقف مساعدة إسرائيل علناً. وبفضل هذا الإعلان، نجح بيغن في إقناع حكومته بأنه لا خيار آخر أمام الحكومة، وأن «الأميركيين قيّدوا يديّ»، وكانت النتيجة اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل.

الآن، وبعد عودة ترامب إلى الرئاسة، من المتوقع حدوث مثل هذه الخطوة. يكره ترامب الحروب المكلفة، ويريد من إسرائيل إنهاء حربها ضد «حماس» و»حزب الله» قبل تاريخ تنصيبه في 20 كانون الثاني. وهو ليس أوباما، وليس بايدن. وعندما يقول ترامب Don’t مرة واحدة، من المؤكد أنه لن يكون في استطاعة نتنياهو معارضته. هناك كثيرون من الوزراء لا يريدون إنهاء الحروب، لكن نتنياهو، مثل بيغن قبله، يستطيع أن يقول لهم: «ماذا نفعل، الرئيس قيّد يديّ»، والحروب ستتوقف، والمخطوفون سيعودون إلى منازلهم. وستنتهي العملية بعملية سلام مع السعوديين. وهم سيكونون مستعدين لتوقيع اتفاقية، إذا وافقت إسرائيل على مناقشة «الطريق» إلى دولة فلسطينية. سيقول نتنياهو: «حكومتي لن توافق قط على ذلك»، بعدها سيعطيه ترامب أمراً، وسيشرح لحكومته أن «الرئيس يقيّد يديّ». وفي مقابل الحديث عن «الطريق» التي لا تلزمنا بأيّ شيء، يمكن أن تحقق القدس السلام مع الرياض.

وعلى الرغم من الفرح بفوز ترامب في أوساط اليمين المتطرف، فإن هؤلاء نسوا معارضته ضم المنطقة (ج) إلى إسرائيل، ومعارضته البناء في المستوطنات من دون قيود، وأنه وقّع خطة سلام تستند إلى حل الدولتين. وسيكون صعباً، بل سيكون إقناع ترامب بالتخلي عن هذه السياسة مستحيلاً.

بعكس ذلك، من المتوقع أن يجبرنا على التخلي عن سياستنا. وكما تعلّم بيغن في كامب ديفيد، فإن مثل هذه الإمكانية ليست بالضرورة سيئة بالنسبة إلى إسرائيل.

وعلى الرغم من أن التاريخ قد لا يكرر نفسه، وأن ترامب ليس كارتر، ونتنياهو ليس بيغن، فإن تقييد اليدين أداة مهمة في الدبلوماسية.

——————————————–

إسرائيل اليوم 12/11/2024

هدم القرى المحاذية للجدار في الشمال لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين

بقلم: عيدان افني

تقف دولة إسرائيل مرة أخرى على شفا قرار مصيري، حيث يبدو أن التاريخ يكرر نفسه. اتفاق 1701، الذي وقع في نهاية حرب لبنان الثانية قبل 18 سنة، كان يفترض أن يجلب الاستقرار إلى حدود الشمال، ويضمن رقابة ناجعة من جانب حكومة لبنان وجيشه. لكن كما علمنا التاريخ فإن الواقع أبعد من أن يتطابق والوعود. 

لم ينجح هذا الاتفاق في منع تموضع «حزب الله» في جنوب لبنان، بل العكس، أتاح له أن يتعاظم بهدوء.

التوقعات المتكدرة في حينه أصبحت حقائق على الأرض. وفي العام 2023 نصبت المنظمة خيمة داخل أراضي إسرائيل.

صحيح أن الجيش لم يكن يحتاج إلى اتفاق دولي كي يعالج هذا الحدث، لكن عدم القدرة على إزالة الخيمة أصبح حقيقة ناجزة.

تكمن الأزمة الحقيقية في أن إسرائيل تتخذ سياسة مزدوجة. يعرض الجيش على السكان إنجازات القتال والاستعدادات لعودتهم إلى بيوتهم، لكن المستوى السياسي يبقي الخطاب غامضاً وعديم التعهد الواضح لإنهاء الحرب والترتيبات الأمنية المستقبلية. نتيجة لذلك يعيش سكان الشمال في إحساس بانعدام اليقين وانعدام الثقة المتواصلة للمنظومة.

بعد 18 سنة لم يتم فيها فعل أي شيء تقريباً لأجل ضمان أمن بلدات الشمال يأتي الآن وعد متجدد: لن نسمح لـ «حزب الله» بالعودة إلى الجدار، كما أعلن ضابط كبير مؤخراً. 

لكن هذه الوعود تصدح في فراغ، فالتجربة تظهر أنه حتى لو نجح الجيش الإسرائيلي في ضرب بنى تحتية لـ «حزب الله» فإن المنظمة سترد بنار من شأنها أن تشل الشمال. 

وماذا يكون عندها؟ الجواب معروف جداً: تقارير متابعة، إضافة إلى بنك الأهداف، جلسات كابينت، وأخيراً هدوء يطمس المشكلة حتى المرة التالية.

يتطلب الوضع الحالي قولاً قاطعاً وواضحاً. هدم منازل القرى المحاذية للجدار التي استخدمت بنية تحتية لقوات «الرضوان» ليست مسألة خطوة حربية فقط، بل رسالة استراتيجية لدولة لبنان ومواطنيها: من يهدد إسرائيل يتحمل النتائج. يريد سكان الشمال العودة إلى بيوتهم، والشعور بأمان، والدولة ملزمة بإعطائهم الضمان لهذا الأمن.

بدلاً من الاعتماد على قوات دولية أو على جيش لبنان الضعيف، على إسرائيل أن تخلق قاطعاً أمنياً ذاتياً تصطدم فيه كل محاولة لتجديد البنى التحية لـ «حزب الله» برد مصمم وحاد. هذا ليس نهجاً هجومياً؛ هذا نهج مسؤول. 

الهدف هو ضمان أن يتمكن سكان الشمال من العيش بهدوء، مع علمهم أن الدولة تساند أمنهم على المدى البعيد أيضاً وليس فقط حتى نهاية ولاية السياسي التالي أو الضابط المتغير.

إذا لم نغير التفكير والنهج سنتبين مرة أخرى بعد بضع سنوات أن التهديد عاد في صيغته المعروفة. والسكان؟ سيبقون مرة أخرى قريبين جداً من الجدار مع خطر ينتظر اليوم الذي يتفجر فيه كل شيء من جديد.

——————————————–

عن «N12» 12/11/2024

ترامب من دون كوابح..

بقلم: داني أيالون

يبشّر انتصار دونالد ترامب الساحق في الانتخابات الرئاسية بمرحلة جديدة في أميركا، داخلياً، وأيضاً في الساحة الدولية. فبعكس انتصاره في سنة 2016، هذه المرة فاز ترامب أيضاً بعدد الناخبين العام بفارق غير متوقع، وبفجوة على منافسته، وهو ما يمنحه شرعية كاملة كقائد منتخب بشكل ديمقراطي، ولا يمكن الطعن بذلك.

حقيقة أن الجمهوريين سيسيطرون أيضاً على مجلسَي النواب والشيوخ ستسمح لترامب بحُرية عمل كاملة لتطبيق سياساته، وضمنها السياسات الخارجية للولايات المتحدة، مع التشديد على الشرق الأوسط، وطبعاً العلاقات مع إسرائيل.

نتحدث هنا عن 4 أعوام من السياسة الخارجية الفاشلة لواشنطن، والتي تجلت في غياب الردع لروسيا بعد اجتياحها أوكرانيا، والتخلي عن الحلفاء في أفغانستان، وطبعاً، الفشل المطلق في تحرير المخطوفين ووقف القتال في غزة ولبنان، وفي مواجهة إيران. خلال الأعوام الأربعة فقدت الولايات المتحدة قدرتها على الردع في مقابل أعدائها إلى حد بعيد، وأيضاً تأثيرها في حلفائها.

ترامب، الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، سيكون متحرراً الآن من جميع الضغوط السياسية خلال ولايته الثانية. إنه يفهم الآن أن التاريخ سيحكم عليه، استناداً إلى الأفعال، وليس إلى أقوال الحملات الانتخابية، وحصل على فرصة ثانية لن تتكرر من أجل مسح سجلّه المظلم، والعمل على استقرار كوني. شرط ذلك هو تجديد وتقوية قوة الردع الأميركية التي ستستفيد أيضاً من تصرفات ترامب غير المتوقعة، ولديه لهجة تهديد ستدفع الحلفاء، وأيضاً الأعداء، إلى الانصياع. لذلك، ستتميز إدارة ترامب، على ما يبدو، بميلها الانعزالي، لكن الحاجة إلى التدخل الأميركي في مناطق التأثير سيتقلص مع تجدد قوة الردع. هذا ما سيمنع، على سبيل المثال، حالات التردد بشأن إرسال قوات أميركية إلى مناطق مختلفة في العالم.

أمّا بخصوص تعامُل ترامب مع إسرائيل عموماً، ومع نتنياهو بشكل خاص، فلا يجب أن نتوقع سلوكاً متعاطفاً، مثلما جرى مع بايدن، إنما السعي لتحقيق إنجازات تاريخية يمكن أن تغيّر الشرق الأوسط بشكل جوهري: توسيع اتفاقات أبراهام والتطبيع مع السعودية، وتقوية التحالف الداعم لأميركا، إلى جانب عزل إيران، وهو ما سيمنح إسرائيل أفضلية كبيرة جداً، بثمن محتمل، هو عملية سياسية حيال الفلسطينيين. وفي هذا السياق، من المهم التذكير بما تتجاهله حكومتنا المتطرفة، وهو أن «صفقة القرن» الخاصة بإدارة ترامب السابقة (2019) تضمنت رؤيا «حل الدولتين». وسيكون هامش الحركة لدى نتنياهو مع ترامب محدوداً، مقارنةً بما كانت عليه الحال خلال ولاية بايدن.

سيعزز ترامب أيضاً مكانة إسرائيل في العالم، مثلما جرى في ولايته الأولى. وسيتجلى هذا في أنه لن يسمح للأمم المتحدة والمنظمات الدولية بإذلال إسرائيل، ونذكر في هذا السياق أنه هدد بوقف تمويل المنظمات الدولية التي تعامل إسرائيل بطريقة سيئة، حتى أنه أخرج الولايات المتحدة من «اليونسكو». وعندما تدافع الولايات المتحدة عن إسرائيل أمام التحريض والإدانات، فإن أغلبية دول العالم تتماشى مع هذا الخط، وبصورة خاصة دول أوروبا.

يبدو أن المساعدات العسكرية لإسرائيل ستواجه تحديات مع إدارة ترامب. فالرئيس الجديد رجل أعمال مخضرم، وسيطالب بدفع ثمن هذه المساعدات بالكامل. وسيكون من الأفضل لإسرائيل ألّا تنتظر حُكم ترامب، وأن تبادر بنفسها إلى وقف هذه المساعدات بالتدريج، في مقابل تعميق التعاون العسكري والاستخباراتي والتكنولوجي مع واشنطن. هذه القضايا كلها ستكون في صلب العلاقات بيننا وبين الولايات المتحدة بشكل يؤثر في مكانتنا الإقليمية والدولية، وأيضاً من الممكن أن تؤثر في مكانتنا السياسية الداخلية في إسرائيل.

إنها بداية جديدة، تتضمن مفاجآت غير متوقعة، لكن هناك فرصة كبيرة أيضاً. التحديات الكبيرة أمام إسرائيل في مجالات الأمن والاقتصاد والقضايا السياسية والاجتماعية الداخلية تتطلب سياسة حكومية جريئة وذكية، وفي الأساس، نظرة بعيدة المدى، معنية بحل الإشكالات الأساسية وإبعاد المخاطر.

——————انتهت النشرة——————