
برلين ـ «المسار الاخباري»: في خطوة مفاجئة أعادت رسم المشهد، أوقفت المحكمة الإدارية في برلين قرار ترحيل ناشط مؤيد لفلسطين كان قد شارك في احتجاجات شهدتها العاصمة الألمانية.
وجاء القرار ليمنح الرجل، وهو مواطن إيرلندي يبلغ من العمر 29 عامًا، فرصة البقاء مؤقتًا داخل البلاد بعد أن علقت المحكمة قرار طرده لحين انتهاء المداولات القانونية.
وهذا القرار المؤقت مثّل عقبة أولية لسلطات الهجرة في برلين حسب ما نشرت مجلة «شبيغل» الألمانية، التي كانت قد شرعت في تحركات لطرد أربعة أشخاص، بينهم ثلاثة من دول الاتحاد الأوروبي وشخص أمريكي، على خلفية مشاركتهم في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين داخل حرم جامعة برلين الحرة.
وربطت السلطات إجراءاتها بما وصفته مخاطر تهدد النظام العام، مستشهدة بأحداث جرت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عندما اقتحم أشخاص ملثمون مباني الجامعة ووقع احتكاك مع الموظفين، في سياق احتجاجات داعمة لفلسطين.
لكن المحكمة رأت أن الوثائق المتوفرة لا توضح بشكل قاطع حجم مشاركة المواطن الإيرلندي في تلك الأحداث، ما دفع القضاة لتعليق قرار الترحيل حتى اتضاح الوقائع بشكل أدق، بخاصّة أن التحقيقات المرتبطة به وعددها 17 لا تزال مفتوحة، ولم يُحسم أي منها بعد.
وتواجه السلطات الألمانية انتقادات واسعة بعد إصدار قرارات ترحيل بحق أربعة ناشطين أجانب لمشاركتهم في احتجاجات داعمة لفلسطين في برلين.
والمستهدفون بالقرار هم ثلاثة مواطنين من دول الاتحاد الأوروبي – اثنان من أيرلندا وواحد من بولندا – بالإضافة إلى طالب أمريكي، حيث سحبت السلطات تأشيرته. وتتهم ألمانيا الناشطين بالمشاركة في اقتحام مبنى رئاسة جامعة برلين الحرة، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، عندما دخل أفراد ملثمون إلى المقر حاملين أدوات حادة، ووجهوا تهديدات للموظفين، وألحقوا أضرارًا بالممتلكات. كما تم ربطهم بمظاهرات أخرى، مثل اعتصام في محطة القطارات الرئيسية، وقطع بعض الطرقات. وقررت السلطات أن على النشطاء مغادرة البلاد وفي حال عدم امتثالهم، سيتم ترحيلهم قسريًا مع فرض حظر على دخول ألمانيا لمدة تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام، فيما تقدم الناشطون الأربعة بطعون قضائية أمام المحكمة الإدارية في برلين لإلغاء قرار الترحيل
والقضية، التي بدأت في آذار/مارس عندما سحبت سلطات الهجرة حقوق التنقل من الناشط واثنين آخرين أيرلندية وبولندية وأطلقت عملية ترحيل ضد الشخص الأمريكي، تحولت بسرعة إلى محور نقاش واسع في ألمانيا حول حدود الحق في الاحتجاج والتعبير، في وقت يتزايد فيه التوتر بسبب انعكاسات صراع الشرق الأوسط على الساحة الألمانية.
وبالتوازي مع هذا التطور، تسير دعاوى قضائية أخرى رفعها المتضررون الثلاثة أمام المحكمة، في سباق مع الزمن لإيقاف تنفيذ قرارات الطرد، بينما تتجه الأنظار نحو أحكام مقبلة قد تشكل سابقة قانونية في كيفية تعامل برلين مع قضايا مشابهة مستقبلاً.
في السياق ذاته، بدأت أعمال التنظيف في قاعة محاضرات في جامعة هومبولت في العاصمة الألمانية برلين وذلك بعد زعم الجامعة احتلال هذه القاعة من قبل نشطاء مؤيدين للفلسطينيين احتجاجا على قرار الحكومة الألمانية ترحيل الناشطين الأربعة.
وقالت رئيسة الجامعة، يوليا فون بلومنتال، لوكالة الأنباء الألمانية « لقد جرى التخطيط والاستعداد بعناية للاحتلال والتخريب» وأضافت أن من يدخل قاعة إميل فيشر يدرك فورا أن النشطاء كانوا يهدفون إلى التخريب.
وكانت تقارير قد أشارت إلى تعرض القاعة لتخريب واسع من قبل نشطاء مؤيدين للفلسطينيين يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي. ولا تزال المقاعد الخشبية المقتلعة مكدسة في القاعة وعلى درجها. كما تم تلطيخ نوافذ وجدران وألواح خشبية بكتابات ورسوم، من بينها المثلث الأحمر الذي تستخدمه «حركة حماس» في فيديوهات استهداف أفراد وآليات تابعة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة الفلسطيني، وعبارات مثل «حرروا غزة» و»الصهاينة فاشيون»، بالإضافة إلى عبارة «من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة».
ووفقا لما أعلنته الجامعة، من المقرر أن يقوم خبراء بتقييم الأضرار في هذه القاعة المحمية كمعلم أثري. وبعد ذلك، يمكن البدء في تنظيف القاعة. لكن الأمر سيستغرق أسابيع قبل أن تعود لاستخدامها في المحاضرات، حسب ما صرحت به الجامعة.
وقالت رئيسة الجامعة: «الضرر المالي والتنظيمي كبير». وتشير التقديرات الأولية إلى أن الأضرار المادية تتراوح بين 60 ألفا و100 ألف يورو. وتعد «قاعة إميل فيشر» التاريخية، التي تتسع لـ 268 مقعدا، واحدة من أكبر القاعات في جامعة هومبولت، وفقا لما ذكرته الجامعة. وتم نقل جميع المحاضرات التي كان من المقرر إجراؤها في القاعة إلى قاعات أخرى أو تعقد حاليا عبر الإنترنت.
وبعد احتلال القاعة، فتحت الشرطة 100 تحقيق جنائي. ووفقا لما صرح به النشطاء والشرطة، فإن هذا الاحتجاج جاء على خلفية الترحيل المحتمل لأربعة أشخاص شاركوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعة الحرة حيث تتهم السلطات الألمانية هؤلاء الأشخاص أنهم هددوا موظفين في الجامعة بالفؤوس والهراوات خلال احتجاجات وقعت في تشرين الأول / أكتوبر من العام الماضي.