الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 10/7/2024

معنى هدوء “عرب إسرائيل” النسبي في الحرب

بقلم: ميشكا بن دافيد

اصطلاح «شعب إسرائيل» يضم في داخله مزايا اصطلاح «شعب»: جماعة من الناس ذوي قرب اثني – جيني، لهم أصل، بلاد وتاريخ مشترك، ثقافة ولغة مشتركة، وفي حالتنا أيضا دين واحد. شعب إسرائيل يحافظ على هويته لأكثر من 3 آلاف سنة، رغم سنوات المنفى بفضل الحفاظ على الدين اليهودي، على اللغة العبرية (كلغة مقدسة)، الزواج في داخل الشعب وعلى الأمل المشترك في العودة إلى صهيون.

في العالم، انقرضت شعوب عتيقة، ونشأت قوميات جديدة على أساس ارض إقليمية مشتركة، ثقافة، لغة وكذا قيم مشتركة. حالة الولايات المتحدة هي الأبرز بينها: أمة تتكون من مهاجرين من أصول مختلفة يتقاسمون مزاياها المشتركة. الاصطلاح الأميركي «ناشيناليتي» (قومية) يكاد يكون مشابها لـ»مواطنة»، وكل مواطن أميركي هو جزء من الأمة الأميركية.

إن إقامة الدولة وإحلال المواطنة الإسرائيلية على سكانها العرب أيضا لم تحقق التبلور لامة إسرائيلية تضم مواطنيها اليهود والعرب على حد سواء. «أمة»، بمفهومها هنا، هي جماعة بشرية تعيش في دولة سيادية في ارض إقليمية معينة وتتطلع إلى التشابه بالثقافة وبالقيم، لكن إسرائيل عرفت كدولة الشعب اليهودي، وحتى في تعريفها كيهودية وديمقراطية، قانون العودة مثلا لا ينطبق إلا على اليهود.

الاختلاف في الثقافة واللغة، في الدين، في التاريخ وأساسا في الوعي القومي، أبقى على وضع يكون فيه شعبان ذوا قومية مختلفة يعيشان هنا في الأرض الإقليمية ذاتها مع المواطنة ذاتها. الفجوات احتدمت من قبل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني والذي فيه من ناحية العرب دولتهم من هنا وأبناء شعبهم من هناك يوجدان في حرب، ومن ناحية اليهود – نحن نقاتل إخوان مواطنينا العرب ولا نثق بولائهم.

76 سنة من الحياة معا خلقت بالتدريج تغييرا في هذا الواقع. مواطنو إسرائيل العرب يجتازون مسيرة «أسرلة» رغم عوائق كثيرة، وبينها النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، التطرف الديني والقومجي، انعدام المساواة والصراع على الأراضي في داخل الدولة.

تسعة اشهر الحرب رفعت إلى السطح السياقات العميقة التي دارت في أجزاء من المجتمع العربي: البدو في النقب، ممن اعتبروا كانعزاليين، انكشفوا كمن يتماثلون مع الدولة، أداروا حملات إنقاذ لليهود من حفلة نوبا وفي بلدات الغلاف ويقفون في جبهة القتال مع المقاتلين اليهود. التماثل الدرزي مع الدولة ليس مفهوما من تلقاء ذاته: يدور الحديث عن عرب ربطوا مصيرهم بالدولة، ومثلهم يوجد أيضا عرب مسيحيون ومسلمون آخرون. كل هؤلاء فضلوا إسرائيل، حتى بكونها دولة القومية اليهودية، على أيديولوجيا «حماس» وأفعالها الوحشية.

تسعة اشهر الهدوء النسبي للسكان العرب الإسرائيليين في الحرب، إلى جانب انعزالية أجزاء في المجتمع الحريدي ورفض معظمهم التجند للجهد العسكري، يشيران برأيي إلى تبلور أولي لـ»أمة إسرائيلية». يدور الحديث عن «طابع اجتماعي وفكرة، يشذ عن مجرد المواطنة الإسرائيلية، لكن ليس في طابع رسمي يتحدى في هذه المرحلة طابع الدولة كدولة الشعب اليهودي».

بينما «شعب إسرائيل» يتضمن، مثلما في الماضي، يهود الشتات ويهود إسرائيل بجملة ألوانهم، فإن «الأمة الإسرائيلية» تضم المواطنين أبناء الشعبين، ذوي التطلع للعيش معا تحت مظلة ثقافية ومدنية واحدة. أمام الأمة الإسرائيلية المتبلورة على ما يبدو سيقف الانعزاليون الحريديم، القوميون اليهود المعارضون للتعايش، القوميون العرب والأصوليون الإسلاميون المعارضون لوجود الدولة بعامة وكيهودية بخاصة. كلما تواصلت المسيرة، فإن أناس الأمة الإسلامية سيتعين عليهم أن يتصدوا لهم، ولمفهوم «دولة الشعب اليهودي». الأغلبية اليهودية ومفهوم «يهودية وديمقراطية» كفيلان بأن يشكلا مرسى للحل.

———————————————

معاريف 10/7/2024

على شفا الانفجار

بقلم: افرايم غانور

من أراد الحصول على صورة أخيرة لحكومة العار، المسؤولة عن مصير دولة إسرائيل في الأيام الأكثر فظاعة في تاريخها، تلقى هذه الصورة البشعة أول أمس بوضوح اعلى. وضوح أتاح لنا أن نفهم جيدا أي اياد شريرة وان مشاكل نعيشها نحن والدولة اليوم.

بضغط من شاس وبقيادة آريه درعي عملت الحكومة اول أمس على ان تجيز بكل ثمن قانون الحاخامين الثاني، بعد أن فشلت المحاولة الأولى. لكن من وقف في طريق شاس كان “الشريف”، وزير الامن القومي ايتمار بن غفير. لا، ليس لا سمح الله للسبب الصحيح واللازم في أن هذا ليس هو الوقت لاجازة قوانين وظائف. ما القصة. بن غفير اشترط إجازة القانون في إدخاله الفوري الى الكابنت المصغر، الى قدس الاقداس، حيث يخاف رئيس الوزراء نتنياهو إدخاله، وعن حق.

ظاهرا نشأ انطباع ازمة حادة في الحكم. شاس يفكر بالانسحاب، بن غفير يهدد، سموتريتش ينضم، بيبي مفزوع، في دولة الاقزام الصاخبة. عبث: لا تتأثروا – الامر الوحيد الذي لن يفعلوه هو ان يفككوا هذه الحكومة الرهيبة. إذ ان كل واحد منهم يعرف بالضبط الى أين سيحمله هذا وماذا سيكون مصيره، اذا ما تفككت الحكومة الأسوأ في تاريخ دولة إسرائيل.

أتفهمون من يقرر هنا مصير شعب، دولة، جنود يضحون بارواحهم من اجل الدولة ومعهم 120 مخطوفا آخرين يذوون في غزة؟ مجانين الغرور، لا يوجد تعريف آخر لهذه الظاهرة من الأشخاص الذين لا يركزون الا على انفسهم. بخاصة حين يتبين بانه لا حدود وكوابح لهم. ولا حتى الحد الأدنى من القدرة على كبت الاغراءات.

انظروا في ماذا تنشغل الحكومة في الأيام التي ندفن فيها كل يوم تقريبا جنودنا، حين يوجد الشمال المشتعل تحت هجمات الصواريخ والمسيرات، تتعاظم التهديدات على وجودنا، يعيش عشرات الاف النازحين في انعدام اليقين والخوف على مصيرهم. فقد قانون الحاخامين كان ينقص هذه الحكومة، المنقطعة تماما عن الواقع، وكل هذا يحصل في الوقت الذي تتلقى فيه الحكومة احاطة مقلقة تفيد بان العجز السنوي في ميزانية الدولة ارتفعت الى ذروة مخيفة من 146 مليار شيكل (!). واذا اعتقدتم ان هذا يقلق هناك أحدا ما فانكم تكونوا اضحكتم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي اضحك بيبي، اللذين حرصا معا رغم كل هذا على أن يحولا 302 مليون شيكل لوزارة المهام الوطنية برئاسة الوزيرة اوريت ستروك. 26 مليون شيكل آخر حولت الى وزارة الشتات برئاسة عميحاي شيكلي، وذلك على ما يبدو لاجل توثيق الصلة مع مرين لا بين، رئيسة التجمع الوطني الفرنسي. وعلى الطريق لم ينسوا ان يحولوا 23 مليون شيكل لوزارة التقاليد للنائب مئير بوروش.

واذا كنتم تسألون على حساب من حولت هذه الأموال – فها هو الجواب: نصف مليار شيكل اخذ من العلاوات التي كان يفترض أن تعطى للمعلمين في المدارس الثانوية، و 23 مليار شيكل آخر قلصت من ميزانية الصحة، من المال الذي كان مخصصا لمعالجة مرضى الكلى منزليا. أحقا، ما هي معالجة الكلى المنزلية امام احتياجات وزارة التقاليد او المهام الوطنية للوزيرة ستروك؟ ويل لدولة هؤلاء هم وزراؤها، هذه هي قراراتها وسلوكها في اثناء الحرب. ويل لشعب هؤلاء هم زعماؤه المزعومون المسؤولون عن مصيره، ممن هم ينشغلون باناهم وبالوظائف بينما الشعب والدولة عنهم بعيدان.

الافظع من كل شيء هو أنه ليس لهم أي ذروة خجل ومخافة السماء. وعليه، فما الغرو في أن تكون الدولة تدهورت الى الهوة التي توجد فيها اليوم، بينما كل مواطن هنا تقريبا يعاني من القلق والهم. في شهر آب القريب ستكون دورة تجنيد كبيرة للجيش الإسرائيلي. الاف العائلات سترافق اعزاءها الى المجهول، الى خدمة عسكرية هامة جدا في وقت الحرب. خدمة تترافق والكثير من القلق والخوف. الحريديم، بالطبع، لن تلتقوهم هناك، لانهم في هذه الحكومة فعلوا ويفعلون كل شيء كي يسمحوا للحريديم بمواصلة القتال في خيمة التوراة. لا شك ان في أوساط الكثير من الأهالي، ممن يشقون طريقهم الى غرف التجنيد مع أبنائهم، ستثور أفكار محتمة: من اجل أي حكومة، أي قيادة، ابناؤنا وبناتنا يتجندون ومستعدون لان يضحوا بارواحهم. من اجل حكومة منقطعة لا تنشغل الا بنفسها وببقائها؟ حين لا يكون الشعب والدولة يهمونهم، مثلما يبدو هذا ويتضح هنا كل يوم. حين ينشغلون كل يوم ليس في الامر الأساس – بامن الدولة ومشاكلها الحقيقية – بل بتعيين حاخامي احياء بالوظائف، بالانا وبمكانتهم الشخصية.

جمهور عظيم في اسرائيل ستصعب عليه العيش مع هذه الأسئلة دون جواب واكثر هذا مع حكومة كهذه. وبالتالي فانها مسألة وقت فقط، وليس طويلا الى أن يتفجر هذا بكل القوة.

——————————————–

يديعوت احرونوت 10/7/2024

انعدام الوضوح الاستراتيجي هو الاستراتيجية التي اختيرت لادارة الحرب

بقلم: آفي كالو

“انا لم أقرر الخط الأحمر – العالم قرره”، قال الرئيس الأمريكي أوباما في خريف 2013، حين سُئل عن استخدام القوة الامريكية ضد نظام الأسد على استخدامه السلاح الكيميائي ضد أبناء شعبه في ذروة الحرب الاهلية في سوريا. في أقواله وفي افعاله، فرض أوباما عمليا “الخط الأحمر” الذي وضعه مجلس الامن للنظام الطاغية، وعاد واثبت بان الممارسة السياسية المتمثلة باستخدام خطوط حمراء صحيحة فقط في المكان الذي يمكن فيه ترجمته الى سياسة وفرضه – عند اجتياز الخطوط التي تقوض الامن العالمي وأنظمة رقابة السلاح الدولية، وعلى رأسها ميثاق منع استخدام السلاح الكيميائي.

في عالم مقلوب تماما تقريبا، فان “الخطوط الحمراء” التي عرضها على نحو مفاجيء رئيس الوزراء نتنياهو للمفاوضات لاعادة المخطوفين لا تنسجم، على اقل تقدير، مع الممارسات المتبعة في عالم المفاوضات السياسية وبالذات في الخطاب مع اكثر الأعداء مرارة ووحشية، مثل منظمة الإرهاب الاجرامية حماس – ويبدو ان فيها ما يمس بالمسيرة التي توجد في المرحلة الأكثر حساسية وتعقيدا حتى الان، في ضوء بعض المرونة التي ابدتها حماس بالنسبة لمسألة وقف النار، التي توجد في قلب الخلاف. تنضم هذه الأمور الى المنشورات التي تفيد بان قيادة الخارج في حماس تضغط لاستجابة عظيم القتلة السنوار لمنح الصفقة تخوفا شديدا من تآكل إضافية في القوة السياسية لحماس في الساحة الفلسطينية في اليوم التالي للحرب.

هكذا ينتج ان نشر بضعة “خطوط حمراء” بهذا الشكل الفظ من فوق راس جهاز الامن وطاقم المفاوضات، وفي مرحلة حساسة بهذا القدر من المسيرة، تثور شكوك عميقة حول مسألة التزام نتنياهو بإعادة المخطوفين. فضلا عن ذلك، فان الخطوط الحمراء لا تنسجم مع منحى الصفقة، مثلما اقترحتها حكومة إسرائيل، تبنتها إدارة بايدن واخذها مجلس الامن على عاتقه قبل نحو شهرين، كاطار الالتزام بإعادة المخطوفين. بافعالها، واساسا بقصوراتها، فان حكومة إسرائيل لا تسعى فقط الى تقويض الأسس التي اتفق عليها منذ وقت غير بعيد، بل عادت لتشهد كم هو سلوكها اهمالي حول آلية انهاء الحرب مع رفع مسائل كان من الصواب اجمالها مع شركائنا – وعلى رأسهم الولايات المتحدة ومصر – في الأشهر الأولى من القتال في ابعد تقدير من أن تكون كجزء لا يتجرأ من العملية المعقدة والحساسة لاعادة المخطوفين فما بالك بعد أن كان اتفق على المنحى المبدئي للصفقة.

وعودة الى الممارسة: فضلا عن ان جزءاً من الخطوط الحمراء المقترحة ليست قابلة للتنفيذ بالضرورة او قابلة للقياس (مثل منع تام للتهريبات في محور فيلادلفيا او صفر تواجد للمخربين في منطقة شمال القطاع)، ثمة فيها ما يخلد تواجد الجيش الإسرائيلي في القطاع (إذ كيف سنضمن المنع التام لدخول مخربين الى القسم الشمالي من القطاع في حالة انسحاب من محور نتساريم؟) بشكل لا ينسجم مع اهداف المعركة، كما حددها كابنت الحرب (الذي تفكك حاليا). وهكذا فان الحكومة تقوض التفاهمات التي اجملتها هي نفسها في بداية الحرب بشكل يشهد على أنه بخلاف تام مع سلوك حكومات الماضي (مثل حكومة أولمرت مع بلورة آلية انهاء حرب لبنان الثانية)، فان انعدام الوضوح الاستراتيجي هو الاستراتيجية التي اختيرت لادارة الحرب الأطول في تاريخ إسرائيل.

ان السبيل الى الصفقة مثلما هو السبيل الى انهاء الحرب يمر عبر قرار للانقطاع عن المؤسسة السياسية العكرة والاصوات المتطرفة الداعية الى استمرار حرب جوج وماجوج دون أي رؤيا وافق يبعث أملا للدولة. ان إسرائيل بحاجة الى الهدوء لاجل اشفاء جراحها، التفرغ للالم والثكل، اعمار غلاف إسرائيل في الشمال وفي الجنوب، إعادة بناء الجيش الإسرائيلي، انعاش مفهوم الامن والعمل من اجل مستقبل افضل، من أجلنا جميعنا. وفوق كل هذا فان شيئا منا لن يكون كاملا الى أن تعود البنات والبنون، النساء والأطفال – الى حدودهم. وافضل ساعة مبكرة.

——————————————–

هآرتس 10/7/2024

هكذا عرقل نتنياهو صفقة مخطوفين على مدى اشهر

بقلم: ميخال هاوزر طووف

نصف السنة الاخير الذي فيه اجرت اسرائيل المفاوضات حول صفقة المخطوفين الذين بقوا في القطاع، كان مليء بالآمال التي تحطمت واحد تلو الآخر. في حين أن حماس وضعت العقبات فان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أفشل مرة تلو الاخرى تقدم المفاوضات، بالاساس عندما كانت تصل الى لحظة حاسمة، وذلك بسبب تقديره بأن الموافقة على الصفقة ستؤدي بشكل كبير الى حل الحكومة، الامر الذي يريد منعه بكل ثمن. مصادر امنية رفيعة تحدثت مع الصحيفة قالت إنه من اجل افشال المفاوضات فان نتنياهو استند الى معلومات استخبارية حساسة وسرية واستخدمها بتلاعب. هكذا افشل نتنياهو بشكل منهجي المفاوضات لاعادة المخطوفين.

17 كانون الثاني، الاستعداد تجري لقمة باريس الاولى. بعد شهر ونصف على وقف اطلاق النار الذي في اطاره تم اطلاق سراح 125 مخطوف بدأت اسرائيل تستعد للعودة الى المفاوضات حول صفقة ثانية. استراتيجية طاقم المفاوضات التي تمت المصادقة عليها في كابنت الحرب هي عدم التحدث مع دول الوساطة حول العدد الذي بناء عليه سيتم تحديد عدد السجناء الفلسطينني الذين سيتم اطلاق سراحهم مقابل كل مختطف. هذا على فرض أن هذه القضية الحساسة يمكن أن تفشل المفاوضات، وأنه يجب أن يتم في البداية ايجاد الظروف المناسبة لمناقشتها. خلافا لقرار الكابنت بدأ نتنياهو في تسريب المعلومات للمراسلين حول موضوع اطلاق سراح السجناء وعرض مواقف متشددة، في حين أن الموضوع لم يتم التحدث عنه على الاطلاق في الكابنت. في طاقم المفاوضات اتهموا نتنياهو بأنه يخلق معارضة للصفقة في اوساط الجمهور.

17 كانون الثاني. تم عقد مجلس الحرب لمناقشة الصفقة، وقام للمرة الاولى ببلورة التفويض الذي اعطي لطاقم المفاوضات – المواضيع التي يمكن لرئيس الموساد، دادي برنياع، أن يناقشها في قمة باريس، والنقاط التي يمكنه أن يتنازل عنها باسم اسرائيل. ولكن في نهاية النقاشات قرر نتنياهو التشدد في موقف اسرائيل بدون التنسيق مع اعضاء الكابنت، وقام بالغاء القرارات التي تم اتخاذها.

24 كانون الثاني، تأخير قمة باريس الاولى. نتنياهو يتردد مع المصادقة على تفويض رئيس الموساد برنياع، الامر الذي أدى الى تأخير قمة باريس الاولى. وردا على ذلك قطر هاجمت نتنياهو. المتحدث بلسان وزارة الخارجية في قطر كتب أن “نتنياهو يعرقل المفاوضات، كما يبدو لاسباب سياسية، بدلا من انقاذ المخطوفين”.

28 – 31 كانون الثاني، قمة باريس الاولى ووابل من البيانات. في 28 كانون الثاني التقى رئيس الموساد مع دول الوساطة في باريس للمرة الاولى في اطار الاتصالات لعقد صفقة ثانية، والتقدم الذي بدأ في المحادثات كان مهما. لكن عند عودة برنياع الى البلاد نشر نتنياهو سيل من خمسة بيانات للصحيفة أكد فيها على الفجوات بين الطرفين. المصادر الامنية التي تحدثت مع الصحيفة قالت إنه في البيانات التي نشرت استخدم نتنياهو معلومات استخبارية حصلت عليها اسرائيل حول رئيس حماس يحيى السنوار، واشار الى تفاصيل يمكن أن تجعله يتراجع عن التفاهمات التي تم التوصل اليها في باريس.

نتنياهو قال في بياناته، ضمن امور اخرى: “التقارير حول الصفقة غير صحيحة وهي تشمل شروط غير مقبولة على اسرائيل. نحن سنواصل حتى النصر المطلق”. في الخطاب الذي القاه في المدرسة التمهيدية عيلي قال نتنياهو: “أنا اسمع تصريحات حول كل انواع الصفقات، لذلك أنا اريد التوضيح بأننا لن نقوم بسحب الجيش الاسرائيلي من القطاع ولن نطلق سراح آلاف المخربين”.

6 شباط، رد حماس. خلال شهر شباط تم بذل في اسرائيل جهود كبيرة من اجل التوصل الى صفقة قبل بداية شهر رمضان. رئيس الشباك، رونين بار، حاول الدفع قدما بصفقة انسانية، واستغلال كورقة مساومة الحاجة الى المساعدات الانسانية لسكان القطاع، التي كانت في حينه لم تدخل بعد بكامل الكمية المطلوبة الى القطاع. في هذا الشهر قرر نتنياهو استراتيجية جديدة. فقد سمح لطاقم المفاوضات بالذهاب لاجراء محادثات مع دول الوساطة، لكنه حظر على اعضاء الطاقم طرح مواقفهم أو اقتراحات، وسمح لهم فقط بالاستماع.

في 6 شباط نشرت حماس بيان خطي بشأن الاقتراح الموجود على الاجندة لعقد الصفقة، الذي جاء فيه: “نحن تعاملنا مع الصفقة بايجابية”. نتنياهو رد على الفور ونشر بيان باسم مصدر اسرائيلي رفيع: “رد حماس يعني رفض الاقتراح. لا توجد أي نية لوقف الحرب”. وحسب ما نشر في القناة 13 ففي ذلك الاسبوع أمر نتنياهو وزراء الليكود مهاجمة الصفقة الآخذة في التبلور.

13 شباط، قمة القاهرة. الاتصالات لعقد الصفقة تستمر، ونتنياهو تردد لفترة طويلة، هل يرسل المبعوثين الاسرائيليين ايضا لجولة المحادثات مع دول الوساطة في القاهرة. حتى أن نتنياهو نشر في اوساط المراسلين بأنه اذا لم تقم حماس بتليين مواقفها فان اسرائيل لن ترسل مبعوثين للمحادثات. في نهاية المطاف قرر نتنياهو المصادقة على ذهاب الوفد الى القاهرة، لكنه ضم اليه ايضا مستشاره الشخصي اوفير بيلك، الذي لا يعتبر من طاقم المفاوضات. جهات رفيعة في محيطه قالوا إن “نتنياهو يتأكد من أن رئيس الموساد لن يتجاوز صلاحياته”. بعد ذلك، نتنياهو طلب عدم ارسال وفود اخرى للمحادثات مع دول الوساطة خلافا لموقف رئيس الشباك.

23 شباط، قمة باريس الثانية. في 23 شباط، صباح قمة باريس الثانية، المسؤول عن قضية المفقودين والاسرى في الجيش الاسرائيلي، الجنرال احتياط نيتسان الون، شق الطريق الى مطار بن غوريون. وفي الطريق اكتشف أن نتنياهو تحدث مع برنياع، رئيس طاقم المفاوضات، وقلص بشكل دراماتيكي التفويض الذي اعطي له والذي تم الاتفاق عليه في كابنت الحرب. الون تردد هل يقوم بالغاء السفر الى القمة. ولكنه في نهاية المطاف قرر السفر.

16 آذار، استمرار المفاوضات في قطر. بعد فشل محادثات قمة باريس الثانية، وفترة اخرى من الجمود في المفاوضات، طلب كابنت الحرب وجهات رفيعة في جهاز الامن من نتنياهو عقد مجلس الحرب من اجل اعطاء طاقم المفاوضات تفويض لاستئناف المحادثات من اجل عقد الصفقة. نتنياهو لم يرد على هذا الطلب وامتنع عن عقد مجلس الحرب. الجنرال نيتسان الون وجه الانتقاد الشديد لنتنياهو وقال إن التفويض الذي اعطي له تم تقليصه الى درجة تفويت الفرصة وافشال الصفقة. نتنياهو ردا على ذلك قال: “أنا أجري مفاوضات خذ وأعطي، وليس أعطي وأعطي”.

8 نيسان، الصفقة المؤقتة والاعلان عن دخول رفح. في بداية شهر نيسان دول الوساطة تستخدم الضغط الكبير على اسرائيل لعقد صفقة مؤقتة فيها يتم اطلاق سراح 33 مخطوف اسرائيلي. في ذلك الوقت كانت اسرائيل وحماس قريبتان جدا من الاتفاق. في موازاة المحادثات الاولى حول الصفقة المؤقتة اعلن الجيش الاسرائيلي عن استكمال العملية في خانيونس وعن انسحاب القوات الكامل من المنطقة.

بسبب المفاوضات حول الصفقة المؤقتة فان رئيس حزب الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، قرر اجراء نقاش طاريء في الحزب، وفي نفس اليوم تم استدعاءه لاجراء محادثة شخصية مع رئيس الحكومة. بعد ذلك نشر نتنياهو بيان جاء فيه: “الانتصار في الحرب يقتضي الدخول الى رفح وتصفية كتائب الارهاب هناك. هذا سيحدث – يوجد تاريخ”. في الفترة التي اعقبت ذلك امتنع نتنياهو عن عقد مجلس الحرب، رغم أنه في المحادثات حول الصفقة حدث تقدم بارز.

11 نيسان، تقرير برنامج “عوفداه” (الحقيقة). في المقابلة التي تم بثها في 11 نيسان في برنامج “عوفداه” مصدر رفيع في طاقم المفاوضات الاسرائيلي يسمى د. شهد بأن نتنياهو اعتاد على تجاوز كابنت الحرب بعد مصادقة الاخير على التفويض الذي اعطي لاعضاء الطاقم، ومنعهم من القيام بالعمل.

أنا لا اعرف اذا كانت بدون نتنياهو ستكون صفقة. ولكني أعرف أن احتمالية عقد الصفقة كانت عالية جدا. في كانون الاول، وبالتأكيد في كانون الثاني، كان من الواضح للجميع بأننا لا نجري مفاوضات. هذا حدث مرة تلو الاخرى: الحصول على تفويض في النهار، بعد ذلك يقوم رئيس الحكومة باجراء مكالمات هاتفية في الليل ويعطي تعليمات بـ “لا تقولوا ذلك”، “أنا لا أوافق على ذلك”. هكذا هو يتجاوز ايضا رؤساء الطاقم ومجلس الحرب أيضا.

25 نيسان، نتنياهو يقوم بتسريب معلومات سرية. في جلسة مجلس الحرب تم اتخاذ قرار حساس: العدد الادنى للمخطوفين الذي مقابله اسرائيل ستوافق على الصفقة المؤقتة. هذا العدد اعتبر سري للغاية لأن تسريبه سيجعل حماس تذكر عدد الحد الادنى وليس عدد أكبر منه. بسبب حقيقة أن الكابنت متفق في الرأي حول الموافقة على الصفقة فقد اضطر نتنياهو على المصادقة لطاقم المفاوضات بالتقدم. في ذلك اليوم التقى رئيس الحكومة مع سموتريتش وأبلغه بالمعلومة الحساسة، والاخير قام بتسريبها بشكل مشوه للوزراء ولوسائل الاعلام.

في نفس الوقت ضغط سموتريتش على نتنياهو ازداد. ففي تصريح له قال: خطر عقد الصفقة هو خضوع مهين. اذا قررت رفع الراية البيضاء للحكومة برئاستك فلن يكون حق لوجود هذه الحكومة. بعد هذا البيان نتنياهو نشر الكثير من التصريحات التي اوضح فيها بأن اسرائيل ستدخل رفح ولن توافق على وقف الحرب، الامر الذي ابعد حماس عن طاولة المفاوضات.

26 نيسان، من وراء ظهر الكابنت. بعد بضع ساعات على جلسة كابنت الحرب التي عقدت في ذلك اليوم اتصل نتنياهو مع اعضاء طاقم المفاوضات من وراء ظهر اعضاء المجلس وطلب منهم التراجع عن التفاهمات التي تم التوصل اليها في جلسة الكابنت. في هذه المحادثة طلب نتنياهو الغاء التفويض الذي اعطي لاعضاء الطاقم، والاخيرين ردوا عليه بأن رد اسرائيل تم تقديمه لدول الوساطة. بعد ذلك زاد نتنياهو وتيرة نشر البيانات التي بحسبها لن يوافق على انهاء الحرب بدون تحقيق الاهداف التي وضعها.

4 أيار، تصريح “المصدر السياسي”. في بداية شهر أيار قدرت الاستخبارات الاسرائيلية بأن رد حماس على اقتراح الصفقة الموجودة على الاجندة سيكون ايجابي. في جلسة كابنت الحرب في 2 ايار اقترح نتنياهو بشكل مفاجيء الاعلان على الفور عن دخول القوات الاسرائيلية الى رفح. جميع المشاركين في الجلسة عارضوا ذلك بذريعة أن هذا الامر سيفشل الصفقة. وهذا الاقتراح رفض.

في يوم السبت، 4 أيار، نشر نتنياهو تصريح قال فيه باسم “مصدر سياسي” إن “اسرائيل لن توافق بأي شكل من الاشكال على انهاء الحرب كجزء من اتفاق لاطلاق سراح المخطوفين. الجيش الاسرائيلي سيدخل الى رفح سواء كانت هدنة لاطلاق سراح المخطوفين أو لم تكن. في مجلس الحرب اعتقدوا أن التصريح كان السبب الرئيسي في فشل المحادثات. في نفس الوقت نتنياهو حظر على الوفد الاسرائيلي الذهاب الى جولة مفاوضات اخرى في القاهرة بدون حتلنة كابنت الحرب. في اليوم التالي، في جلسة الحكومة، طرح نتنياهو للتصويت قانون قناة “الجزيرة”، رغم النقطة الحساسة التي وصلت اليها المفاوضات بوساطة قطر.

6 أيار، حماس ترد على الاقتراح. في 6 أيار ردت حماس على اقتراح دول الوساطة حول الصفقة. حتى قبل أن يبلور طاقم المفاوضات الرأي حول الرد، في محيط نتنياهو قالوا في محادثات مع المراسلين، التي ليست للاقتباس، بأن “الفجوة كبيرة” و”رد حماس هو خيالي”. بعد ذلك اسرائيل وافقت على مباديء كثيرة في هذا الاقتراح، الذي على اساسه تمت بلورة الخطة الحالية لاسرائيل.

1 حزيران، خطاب جو بايدن. اسرائيل نقلت للوسطاء الخطة التي بلورتها لصفقة التبادل، لكن نتنياهو رفض عرضها على الجمهور. في 1 حزيران عرض الرئيس الامريكي الخطة في خطاب علني. هذه كانت نفس الخطة التي على اساسها تجري المفاوضات مع دول الوساطة الآن. بعد الخطاب سارع نتنياهو الى نشر عدة تصاريح هدفت الى وضع العراقيل امام تقدم المفاوضات، التي قال فيها إن “شروط اسرائيل لانهاء الحرب لم تتغير، وهي تشمل تدمير القدرات العسكرية والسلطوية لحماس. لن يكون وقف لاطلاق النار قبل تحقيق هذه الشروط. في موازاة ذلك في محيط نتنياهو قاموا بارسال بيانات للمراسلين لا تنسب لرئيس الحكومة، كتب فيها بأن “هناك احتمالية ضعيفة لعقد الصفقة. نحن نذهب الى طريق مسدود”.

3 حزيران، استمرار المفاوضات حول الصفقة. نتنياهو شارك في نقاش مغلق وسري في لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست، الذي بعده قام بالتسريب بأنه قال في هذا النقاش بأنه لا يوافق على انهاء الحرب في اطار خطة جو بايدن. في كابنت الحرب غضبوا من نتنياهو الذي يقوم بافشال المفاوضات التي تم استئنافها للتو بعد فترة من الجمود.

23 حزيران، استمرار المحادثات لعقد الصفقة. نتنياهو ألقى خطاب في الكنيست قال فيه “أنا مستعد لعقد صفقة تعيد عدد من المخطوفين، ولكني التزم بمواصلة الحرب”. معنى ذلك هو أن اسرائيل لا تنوي تطبيق خطة بايدن بكل مراحلها، الامر الذي سيبعد حماس عن الموافقة عليها. مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات قدرت أن اقوال نتنياهو عملت على تخريب احتمالية عقد الصفقة. “نتنياهو اوضح اليوم بأنه غير معني باطلاق سراح جميع المخطوفين، وهو غير مستعد لدفع الثمن الذي تطلبه حماس. في هذا الوضع لا يوجد ليحيى السنوار أي دافع لعقد الصفقة”، قال أحد المصادر.

في مساء ذلك اليوم اجرى نتنياهو مقابلة مع برنامج “الوطنيون” في القناة 14، وقد كرر فيها نفس الرسالة. مصدر رفيع في طاقم المفاوضات اعتبر تصريحات نتنياهو التي بحسبها سيوافق فقط على صفقة جزئية بأنها “عملية تخريب”. في هذه المرحلة كل المفاوضات ترتكز على تعهد دول الوساطة لأنها تتعامل مع صفقة بكل المراحل وليس فقط المرحلة الاولى. مصدر رفيع مطلع على تفاصيل المفاوضات قال “نتنياهو يلاحظ في كل مرة نقطة ضعف السنوار ويقوم بضربها”.

2 تموز، حماس تميل الى الموافقة على الصفقة. في نفس الاسبوع اسرائيل حصلت على معلومات استخبارية حساسة تقول إن حماس تنوي الرد بايجابية على الصفقة المقترحة. وبسبب حساسية هذه المعلومات فقد تم نقلها الى نتنياهو والى طاقم المفاوضات، لكن ليس لاعضاء الكابنت. مع ذلك، الوزير سموتريتش قال في خطاب القاه في سدروت: “أنا لن أكون متفاجئا اذا رد يحيى السنوار فجأة بصورة ايجابية على العرض لعقد الصفقة، لأنه مذعور ويدرك بأننا قريبين من الانتصار”.

في اعقاب ذلك، جهات رفيعة في جهاز الامن اتهمت نتنياهو بأنه اشرك حماس في المعلومات التي وصلت اليه. سموتريتش نفى ذلك وقال بأنه قال ذلك على خلفية قراءة بسيطة للخارطة التي تدمج بين التقارير في وسائل الاعلام الاجنبية وتقدم الضغط العسكري. خلافا لادعاءات الوزير فانه في تلك الفترة لم تظهر أي تقارير حول الصفقة في وسائل الاعلام الاجنبية.

4 تموز، تسلم رد حماس. اسرائيل تسلمت ملاحظات حماس على خطة بايدن، وطاقم المفاوضات اعتبر الرد  بأنه “الرد الافضل الذي تم تسلمه” منذ بداية المفاوضات. حتى قبل نشر رد حماس سارع مكتب نتنياهو الى نشر تصريح باسم “مصدر امني رفيع” جاء فيه: “حماس تستمر في التشدد حول بند مبدئي في الخطة. هناك فجوات اخرى لم يتم سدها حتى الآن. اسرائيل ستواصل المفاوضات الى جانب الاستمرار في الضغط العسكري”. التصريح مناقض تماما موقف طاقم المفاوضات الذي هو الجهة المهنية المخولة في هذا الشأن.

7 تموز، بيان بشأن الخلافات. رغم أن هذه لحظة حسم بالنسبة للمفاوضات إلا أن رئيس مكتب الحكومة نشر، للمرة الاولى باسمه، بيان يفسر الخلافات بين اسرائيل وحماس، ويؤكد على مطالب اسرائيل. كثيرون في طاقم المفاوضات وفي المستوى السياسي يعتقدون أن نشر البيان هو اعتراف بأن نتنياهو غير معني بصفقة لاعادة المخطوفين.

——————————————–

إسرائيل اليوم 10/7/2024

لتفضيل الهدوء الوهمي في الحاضر ثمن باهظ في المستقبل

بقلم: العميد احتياط داني بان بيرن

تصفية أبو نعمة ناصر، قائد وحدة عزيز في حزب الله الأسبوع الماضي تعتبر وعن حق ضربة هامة لسلسلة القيادة في المنظمة وتثبت أيضا قدرة استخبارية وعملياتية عالية لإسرائيل.

غير أن هذه التصفية، مثل الاغتيال الذي سبقه لطالب سامي عبدالله قائد وحدة ناصر وقادة كبار آخرين في المنظمة، لا تغير ميزان القوى الاستراتيجي بين الطرفين.

منذ 8 أكتوبر تدور في الشمال رحى حرب استنزاف يتبادل فيها الطرفان الضربات في محاولة متبادلة للسيطرة على مستوى اللهيب والامتناع عن الانزلاق الى حرب شاملة.

ظاهرا نشأ هنا تعادل في ميزان الردع بين الطرفين.

لقد صرح وزير الدفاع بان إسرائيل تفضل انهاء الحرب في الشمال بتسوية. اعتبارات ذلك كثيرة – الخوف من حرب شاملة تدخل ايران ومنظماتها التابعة، إدارة أمريكية غير عاطفة وتحد هام في مجال الأذى للجبهة الداخلية.

يفهم حزب الله بان هجوما إسرائيليا على ارض لبنان هو اوبيرا مختلفة. لإسرائيل توجد قدرة هامة لضرب البنى التحتية لدولة لبنان، للقوة القتالية للمنظمة وابادة قسم كبير من وسائلها القتالية.

هذا التعادل هو، كما اسلفنا، ظاهرا فقط. في واقع الشرق الأوسط ليس لإسرائيل إمكانية او حق أخلاقي لانهاء حرب دون تحسين الميزان الاستراتيجي حيال العدو.

منذ حرب لبنان الثانية سمحت إسرائيل لحزب الله بالتعاظم والوصول الى حجوم جيش إرهاب مدرب ومزود بأفضل الوسائل القتالية.

في إسرائيل تطور نمط تفكير واهن، نمط يفضل المواجهة بقوى متدنية على حرب شاملة تغير المعادلة. بعض من القادة الكبار في الجيش الإسرائيلي يعانون من مفهوم الامن الجاري والحرب ما بين الحروب. تعريفات غامضة مثل “ردع” و “احتواء” حلت محل مفاهيم أساسية كالهجوم، النصر والحسم.

ان لتفضيل الهدوء الوهمي في الحاضر يوجد ثمن باهظ في المستقبل. إسرائيل تجر الى واقع يقرر فيه العدو قواعد اللعب ويزيد الرهان في كل مرحلة. استخدام وقف النار ممكن في غزة، كجزء من صفقة مخطوفين، كمبرر للتنازل عن هجوم في لبنان، سيكون خطأ استراتيجيا. فهو سيقرر المعادلة التي خلقتها ايران وحزب الله والمتمثلة بوحدة الساحات.

نموذج الاستنزاف الحالي يزيد جدا الخطر لتطور حرب شاملة في ظروف بدء سيئة، من شأنها أن تنشأ جراء إصابة صاروخ يلحق خسائر في الأرواح او هجوم مبادر اليه من حزب الله.

إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بالانجرار وتتحمل نتائج ذلك. فدولة محبة للحياة وسيادية ملزمة بان تتخذ قرارات صعبة، حتى لو كان ثمنها كبيرا. وتبني هذا النهج يستوجب هجوما مكثفا على حزب الله وعلى الدولة التي تستضيفه، ابعاد حزب الله عن الحدود والوصول الى تسوية من موقع النصر. كل طريق آخر سيحملنا، كما قال تشرتشل لان نحصل على العار الى جانب الحرب.

——————————————–

إسرائيل اليوم 10/7/2024

قبيل صفقة: كل الضغط القطري على حماس

بقلم: مجدي حلبي

ممثل موقع ايلاف السعودي في اسرائيل

صفقة الاسرى بين حماس وإسرائيل كفيلة بان تخرج الى حيز التنفيذ في المستقبل القريب والمنظور. معلومات جمة تتدفق الى وسائل الاعلام، الى جانب تصريحات من الدوحة، واشنطن والقدس في محاولة لترسيم الخطوط الهيكلية في الصفقة المتبلورة. بين تلك التصريحات والاحاطات من مصادر خفية و “مطلعة” (سياسية وامنية) الامر الهام هو الخطوة الحقيقية التي تمت لحمل منظمة الإرهاب على قبول الصفقة.

مثلما في حالات الماضي، في الصفقة الحالية أيضا يوجد من هم معنيون بدق العصي في الدواليب ومحاولة تفجير المفاوضات الحساسة. رغم كل هؤلاء، اذا لم تكن تغييرات في اللحظة الأخيرة أو مطالب جديدة وعديمة المنطق، سيكون ممكنا القول بثقة بان الأمور تسير في اتجاه إيجابي على نحو خاص.

في اطار الصفقة الحساسة نجحت الولايات المتحدة في حمل حلفائها في الشرق الأوسط على تقديم ضمانات نوعية لاجل تنفيذ الصفقة بين حماس وإسرائيل. لقد بذلت قطر جهودا لا بأس بها في التأثير على قيادات حماس لجلبهم مرة أخرى الى طاولة المفاوضات، واضافة الى ذلك عملت عن كثب مع مصر، التي من جهتها أوضحت بانها ستمنع التهريبات التي كانت تشكل دخلا اقتصاديا معتبرا لحماس.

بكل ثمن

أمير قطر، تميم آل ثاني وجه تعليماته للوصول الى تفاهمات وانهاء الصفقة بكل ثمن. العمل الصعب اودعه في يدي رئيس حكومته ووزير خارجيته محمد آل ثاني. الحكم في الدوحة يمارس عموم روافع الضغط لديه على قيادة حماس كي يحقق الصفقة ويعمل في جهد موازٍ مع المحور الإيراني بهدف تهدئة الخواطر في الشرق الأوسط.

قطر لا تعمل وحدها – فهي تنسق مع الأمريكيين والسعوديين الذين يريدون انهاء الحرب فورا، بهدف الوصول الى توافقات على حلف دفاع إقليمي شامل بقيادة الولايات المتحدة والسعودية، وهو شرط ضروري ومركزي للقصر الملكي في الرياض قبيل التطبيع مع إسرائيل ومدماك إضافي في الطريق الى دولة فلسطينية. دول الشرق الأوسط تفهم بان هجمة حماس في 7 أكتوبر كانت تستهدف تخريب محادثات التطبيع مع القصر الملكي السعودي. في عمان، القاهرة، أبو ظبي، الدوحة والرياض يفهمون: حكم حماس في غزة غير وارد – في نظرة مستقبلية ستكف المنظمة عن الإمساك بالحكم في القطاع.

السلطة ذاتها، وجوه جديدة

في محيط القيادة القطرية يروون بانه يوجد توافق على الآراء على أن استمرار سيطرة إسرائيل في القطاع لن يؤدي الا الى توتر وجولات قتال زائدة. هذا التوافق في الآراء هو أيضا حول ان سلطة فلسطينية جديدة، مع شخصيات وأسماء جديدة، هي الوحيدة التي يمكنها أن تدير غزة في اليوم التالي، بمشاركة محافل دولية وعربية. وعلى حد نهج قطر، فان على غزة ان تكون تحت حكم قوة فلسطينية واحدة، تحمل سلاحا واحدا، يحكم في القطاع وفي الضفة قبيل المسيرة الصعبة في الطريق الى حل الدولتين.

——————————————–

هآرتس 10/7/2024

بن غفير يشم رائحة انتخابات لكنه لن يُسقط الحكومة

بقلم: رفيت هيخت

وفاة الحاخام يهودا درعي، شقيق آريه درعي، ربما ستؤجل قليلا الصراعات في الائتلاف، التي استؤنفت بعد هدنة استمرت لبضعة ايام – مرة اخرى على خلفية قانون الحاخامات، الذي يعتبر مهم جدا بالنسبة لشاس ودرعي. ايتمار بن غفير، الذي يدير في الفترة الاخيرة شجار علني مع شاس، بما في ذلك اتهام درعي بـ “الانهزامية اليسارية”، كان من الاوائل الذين نشروا بيان تعزية.

لكن هياج بن غفير في الائتلاف، الذي فصل التشاجر مع شاس هو فقط وجه واحد له، لن ينتهي. بن غفير يصمم على الحصول على مكان في مجلس الحرب المصغر، الجسم غير الموجود عمليا، بالاساس من اجل احراج نتنياهو الذي لم يضمه ولن يضمه الى المنتدى الاستشاري المقرب منه.

“الجميع في الائتلاف يدركون أنهم يتعاملون مع غبي”، قال وزير في الليكود عن بن غفير. “هذا الشخص مصاب بجنون العظمة بشكل لا يصدق، لكنه يشوش العقل، هو لن يسقط الحكومة لأنه عندها سيخسر مرتين. جمهور اليمين لن يغفر له اسقاط حكومة اليمين، وأنه بسبب ذلك ستقام الدولة الفلسطينية، وفي نهاية المطاف هو سيرسل الى المعارضة ولن يصبح وزير في أي حكومة”.

رغم المديح السخي لبن غفير إلا أنه يمكن ملاحظة المنطق السياسي في سلوك الوزير المهمل. “يبدو أن بن غفير يشم رائحة الانتخابات”، قال مصدر في الليكود. “هو لا يريد الصاق الوضع الامني به. لذلك فانه يطيل بقدر استطاعته السلوك المناقض الذي خدمه حتى الآن وجعله يتفوق في الاستطلاعات – رغم أنه عضو كبير في حكومة الفشل. من جهة، وزير كبير مشارك في قرارات حساسة ومصيرية مثل تعيين المفتش العام للشرطة وله تأثير جوهري على سلوك الشرطة وطابعها، ومن جهة اخرى، معارض مضطرب وشعبوي ويتهم الحكومة التي هو عضو فيها بالانهزامية واتباع نهج مرن.

مع ذلك فانهم في الليكود مثلما في الاحزاب الاخرى التي تشكل الحكومة لا ينفون الوضع السيء للائتلاف، الذي لم ينجح حرفيا في اجازة أي قانون. “الحكم ليس من نصيبنا”، اعترف وزير في الليكود. “من الواضح أنه توجد مشكلة صعبة في سلوك الكنيست”. وحسب مصدر في المعارضة فانه “مساء يوم الاثنين، الذي لم تنجح فيه الحكومة في تقديم للتصويت قانون الحاخامات المعدل، ربما كان المساء الاكثر تفاؤلا منذ أدت الحكومة اليمين. الائتلاف لم يعد يلتزم بنفسه وهو مشلول ولا ينجح في اجازة أي شيء في الواقع”.

“الديناميكية فيه غير جيدة”، قال نفس المصدر. “اذا نجحت المعارضة في الفوز في التصويت، ونحن لم ننجح، فان هذا سيكون اشارة سيئة جدا. هذا ما جعل لبيد ونفتالي بينيت يستسلمان في فترة ولاية حكومة التغيير. لا أصدق أنه توجد قائمة تريد الانسحاب من الائتلاف، لكن اذا استمرت هذه الديناميكية فأنا لا أرى أي طريقة لنجاح الحكومة في تمرير الميزانية في شهر آذار القادم. اضافة الى ذلك في كانون الثاني يمكن أن يتسلم درعي وزارة المالية من سموتريتش، الامر الذي يمكن أن يعطي سموتريتش سبب آخر لاسقاط الحكومة”.

على الرغم من هذه الامور إلا أن جميع الجهات في الحكومة تستبعد امكانية القيام بخطوة مبادر اليها من نتنياهو لحل الكنيست والذهاب الى الانتخابات. نتنياهو لن يتنازل عن الـ 64 مقعد الموجودة لديه، حتى لو كانت سيطرته عليها مهتزة وبن غفير يهتم باهانته.

اول المتشككين في الانباء عن الازمة في الائتلاف هو رئيس الاتحاد الجديد لاحزاب اليسار الصهيوني. “أنا لا أصدق كل هذه الاحاديث عن وجود شرخ وشكوك في الائتلاف”، قال يئير غولان. “هذا الائتلاف المتجمد يتكون من الجناح المسيحاني الذي يعتقد بأنه حدث شيء جيد في 7 اكتوبر، كما تثبت اقوال اوريت ستروك. ولا يهم اذا كان بعض من اصبحوا يونانيين قد ماتوا في الطريق. والجناح المتهكم والفاسد الذي رمزه آريه درعي”.

حسب قوله فانه “عندما لا تقرر الدولة ما ستفعله فنحن جميعا نكون عبيد للتكتيك، ولا نترك مصيرنا في أيدي الجهات المتطرفة والمتخلفة عقليا في الطرفين. الامر الاكثر خطورة هو أنه لا توجد معارضة. ليس فقط بني غانتس وجدعون ساعر اللذين تواجدا لاشهر في حكومة الهراءات هذه، أو اليمين المرن والعقلاني، الرسمي، غير مهم ماذا يسمي نفسه، بل ليبرمان أو بينيت، اللذان ليسا معارضة لأنهما لا يناضلان على صفقة المخطوفين أو على قضية اليوم التالي. عندما كنا في الائتلاف وهم كانوا في المعارضة قاموا بتنغيص حياتنا. نتنياهو خنقنا. وأنا اتساءل الآن، في هذه اللحظة المصيرية، أين المعارضة وأين يئير لبيد؟”.

——————————————–

هآرتس 10/7/2024

الشجاعية جولة ثانية، هكذا قد تستمر الحرب بدون أي خطة لليوم التالي

بقلم: بار بيلغ

بعد مرور عقد بالضبط على عملية “الجرف الصامد”، وبعد مرور نصف سنة على المعركة الاولى في عملية “السيوف الحديدية”، الجيش الاسرائيلي يدخل مرة اخرى الى الشجاعية. الحي في شرق مدينة غزة تحول الى انقاض ويصعب ايجاد بناء واحد فيه لم يتضرر. وحتى المباني التي تظهر من بعيد وكأنها قائمة وثابتة هي مدمرة من الداخل وآيلة للسقوط. الشجاعية، مثل حي الزيتون والشاطيء والمخيمات في وسط القطاع، هي من الاماكن التي خرج منها الجيش الاسرائيلي وهو يقول بأنه قام بتطهيرها. الآن هو يعود اليها مرة اخرى بعد أن نجحت حماس في اعادة تمركزها فيها. في ظل غياب خطة لليوم التالي فان الحرب ستستمر كما يبدو. اسباب الدخول الجديد متنوعة، من بينها العثور على انفاق هجومية لم يقم الجيش بعلاجها في الجولة السابقة. نفق من هذه الانفاق معروف لجهاز الامن منذ عقد. على بعد 150 متر منه تم اختطاف جثة الجندي اورون شاؤول في عملية “الجرف الصامد”، ونفس هذا النفق تم قصفه عدة مرات في الحرب.

“نحن نقوم بمحو المنطقة، فوق وتحت الارض، من اجل الحسم”، قال نائب قائد لواء المظليين، جدعون اليستان. “هل قمنا باصابة كل العدو؟ يبدو أن لا. اذا عاد العدو الى المنطقة فعندها سنعود الى كل مكان يجب علينا العودة اليه، كما كان الامر في البداية. نحن لا نتحدث بمفاهيم متشائمة، نحن نعرف أنهم يتنقلون من مكان الى آخر. نحن نعود الى الاماكن التي كنا فيها. ليس في كل مرحلة أنت تصل الى كل ما تريد. لا يوجد أي شيء يؤكد على أننا لن نعود الى هنا مرة اخرى. الامر ليس هذا أو ذاك”.

من مكان انقاض الشجاعية يمكن رؤية كيبوتس ناحل عوز. شرق الجدار بقيت الاتلام، وفي الغرب المباني تمت تسويتها. هذه هي المنطقة العازلة التي يقيمها الجيش الاسرائيلي في القطاع. وحسب الجيش فان السكان يمكنهم العودة الى بيوتهم. ضابط رفيع في لواء المظليين قال إن التدمير في الحي كبير جدا، الى درجة أن الجنود يستصعبون العثور على مبان ينامون فيها في الليل. “نحن قمنا بتدمير الحي”، قال. هدف العملية الرسمي في هذه الاثناء هو معالجة الانفاق الهجومية التي تم حفرها باتجاه ناحل عوز وكفار عزة. الجيش عثر ودمر مؤخرا ستة انفاق منها، اثنان منها يصل الى مكان قريب جدا من الجدار. رغم العملية الكبيرة في بداية الحرب إلا أن الجيش لم يعرف دورها في الوقت الحقيقي، يبدو أنه بسبب عدم وجود المعلومات الاستخبارية عن مسارها.

في هذه الاثناء الجيش يركز على تدمير البنى التحتية التي توجد فوق الارض. المقاتلون الذين يوجدون الآن في الحي يقولون إن حماس تقلص قتالها ضدهم بشكل مباشر، ولكنهم يواجهون بين حين وآخر اطلاق قذائف الدروع واطلاق النار الذي يوجه نحوهم من بعيد. “كتيبة الشجاعة تسببت باضرار كبيرة حدا، وقامت باعمال القتل في ناحل عوز وكفار عزة. الآن أنا ادرك بأنه لم يبق من هذه الكتيبة أي شيء”، تفاخر قائد الكتيبة 202، المقدم يونتان شنايدر، الذي تولى المنصب فقط قبل اسبوعين عشية اقتحام الحي. “في نصف السنة الاخير الذي لم نكن فيه هنا العدو هرب وعاد. والآن هو يحاول طوال الوقت اقامة مواقع لاطلاق النار”، قال شنايدر. وحسب قوله فانه قبل تسعة اشهر احتاج الامر الى فرقتين للقتال في المنطقة. الآن في الجيش يكتفون بلواءين.

في 7 تشرين الاول الماضي كتيبة المظليين كانت الكتيبة الاولى التي تم ارسالها لاحتلال خط الجدار. الجنود فيها حاربوا في سدروت وعلوميم وناحل عوز وخطوط المواقع التي تم اقتحامها. منذ ذلك الحين اللواء يوجد في الطرف الغزي للجدار، في تل الهوى والرمال والشجاعية وجباليا وخانيونس. أحد الجنود قال للصحيفة إنه باستثناء رفح، حارب في كل مكان في القطاع. مع ذلك، احد الضباط في الوحدة قال إن المكان الاكثر صعوبة من بين الاماكن التي كان فيها لم يكن ميدان القتال، بل المعابر التي توجد في وسط القطاع التي من خلالها يمر السكان بعملية الفحص. “لا يهم رأيك السياسي. في تلك اللحظة أنت تشاهد اوضاع قاسية”، شرح الضابط. “أنا سعيد لأن جنودي قالوا لي بأن هذا كان صعبا. هذا يذكرني ويذكرهم ايضا بأننا بشر”.

فصيل “حيتس” الذي قامت “هآرتس” بزيارته يتكون من جنود متدينين وعلمانيين، الذين يصممون على أنه اذا نجح الاندماج في الفصيل فلا يوجد أي سبب كي لا ينجح في كل الجيش. وقت طويل يقضيه الجنود في المباني التي سيطروا عليها في الحي. الجنود الذين كانوا في المبنى استخدموا المسيرات الهجومية والمسيرات لجمع المعلومات ومنظومات رقابة وتسليح دقيق. واحد منهم، الذي جلس على كرسي أمام منطقة مهددة وسئل عن الخطر الكامن هناك، قال بسخرية بأنه يرتدي خوذة.

بين المهمات يستمع الجنود للراديو ويدخنون ويستلقون على الفرشات ويشربون مشروبات محلات تصل اليهم من البلاد بشكل ثابت. على جدران المباني كتبت قوائم الحراسة، واغنيات واقتباسات مختلفة ايضا. على مدخل مبنى كتب “نحن رجعنا الى الشجاعية من اجل الانتقام”، مع اهداء للرائد موشيه بار أون، قائد فصيل في الكتيبة 51 في غولاني، الذي سقط في المعركة الاولى في هذا الحي. على مبان كثيرة في القطاع يمكن رؤية كتابات غرافيك مشابهة خلفها الجنود. في بداية الحرب حاول الجيش محو بعضها وقام بنفيها. ولكن مع تخفيف الانضباط فانه خلال الحرب الجيش الاسرائيلي استسلم.

جنود المظليين لا يعترفون بالتآكل، لكن روتين القتال الذي يستمر منذ تسعة اشهر يمكن أن يترك آثاره على الجنود. فقط في اللحظة التي يخلعون فيها الخوذة وينزلون الوسائل القتالية يمكن رؤية كم هم شباب. “في الفصيل الذي اخدم فيه هناك جنود كان موعد تسرحهم 11 تشرين الاول. وكان بعضهم لديهم تذاكر سفر الى الخارج”، قال أحد الضباط في الميدان. “هذا كان صعب على العقل. قالوا بأن هذا سيستغرق 72 ساعة. وفي نهاية المطاف بقينا في القطاع أشهر”. مع ذلك، في اللواء يعتقدون أن وضع الجنود النظاميين ما زال جيد حتى الآن، لكنهم اعترفوا بأن جنود الاحتياط متعبون أكثر.

الجنود الذين تحدثوا لـ “هآرتس” قالوا بأنهم ذهبوا الى البيت قبل اسبوعين، ويتوقع أن يذهبوا في اجازة قصيرة اخرى. بعد تسعة اشهر على دخولهم الى القطاع فانه الآن يوجد مع كل ضباط في الميدان هاتف يتم بواسطته الاتصال مع البيت في كل يوم جمعة، ايضا بعد احداث صعبة. فقط في شهر أيار قتل خمسة جنود من الفصيل بنار مدفعية شخصتهم بالخطأ كمخربين. “نحن نبكي اذا احتاج الامر”، قال أحد الجنود الذي سئل عن ذلك. بعد الحادثة دخل الى القطاع ضباط من الصحة النفسية التابعة للجيش للتحدث مع الجنود. الجنود يقومون باجراء محادثات ايضا في داخل الطواقم التنظيمية حول ذلك. “الاصدقاء يعرفون جيدا ما الذي مر عليك”، قال أحد الجنود. في اليوم التالي الضباط غادروا القطاع والفصيل انطلق لهجوم جديد. هكذا نحن نتعامل مع الصدمة في الجيش.

——————————————–

 هآرتس ذي ماركر 10/7/2024

كيف ارتفعت مدخولات جباية الضرائب، بالرغم من تباطوء نمو الاقتصاد؟

بقلم: ناتي توكر

صورة متشائمة ترتسم من التنبؤ على مستوى الاقتصاد الكلي المحدث التي نشرها قسم الابحاث في بنك اسرائيل في يوم الاثنين الماضي، سوية مع قرار سعر الفائدة. حسب هذا التنبؤ الذي تم تحديثه على خلفية استمرار الحرب فان النمو في الاقتصاد سيتباطأ الى 1.5 في المئة فقط في العام 2024، وهي وتيرة تعكس تقلص الناتج للفرد. في 2025 سيتم تسريع النمو الى 4.2 في المئة، لكن هذا لا يزال وتيرة منخفضة عن التنبؤ السابق في نيسان (5 في المئة).

هذا هو تنبؤ النمو الاكثر تشاؤما الذي نشر عن اسرائيل حتى الآن. شركات التصنيف التي خفضت تصنيف اسرائيل، موديس و”اس آند بي”، نشرت تقديرات اكثر سلبية (نمو 0.6 في المئة وناقص 0.5 في المئة على التوالي). ولكنها قدرت أن النمو سيكون مرتفع اكثر في 2025.

في الدول المتقدمة ؟؟ يعتقدون أن النمو في 2024 سيبلغ 1.9 في المئة .

في اليوم الذي نشر فيه هذا التنبؤ لبنك اسرائيل، نشرت وزارة المالية بيانات اداء الميزانية للنصف الاول من السنة. الصورة التي ظهرت هناك، على الاقل بالنسبة للمدخولات، بالتحديد هي صورة متشائمة. العجز قفز الى 7.6 في المئة من الناتج المحلي الخام الاجمالي. ولكن مداخيل الدولة من الضرائب ازدادت بصورة تفوق التوقعات وبلغت 225 مليار شيكل منذ بداية 2024 وحتى نهاية شهر حزيران. حسب بيانات سلطة الضرائب فان هذه زيادة واقعية تبلغ 1.5 في المئة مقابل الفترة الموازية في السنة الماضية.

هذه زيادة ضئيلة ولكنها مهمة. فرغم استمرار الحرب إلا أنه سجلت زيادة في المداخيل من الضرائب، بما يتجاوز التوقعات في الميزانية المحدثة التي تمت المصادقة عليها في الكنيست في شهر آذار الماضي. نتيجة لذلك، في وثيقة الخطة متعددة السنوات من شهر حزيران، تمت حتلنة تنبؤ المداخيل من الضرائب لسنة 2024 نحو الاعلى، حوالي 19 مليار شيكل. أي أن تنبؤ المداخيل من الضرائب في السنة الحالية ارتفع الى 436.4 مليار شيكل.

توجهات معاكسة

التوجهات المعاكسة، تقلص تنبؤات النمو مقابل زيادة في تنبؤات جباية الضرائب، تثير الاستغراب. على الاغلب هناك علاقة ايجابية بين الانتاج والمداخيل من الضرائب. المداخيل من الضرائب تقوم في الاساس على النشاط في الاقتصاد – استهلاك الفرد، الاجور، العقارات والارباح في الاسواق المالية. كلما اتسعت هذه فان المداخيل من الضرائب ستزداد.

بسبب أن عبء الضريبة في اسرائيل هو 30 في المئة تقريبا، فانه بالاجمال زيادة شيكل في الانتاج يمكن أن ترفع المداخيل من الضرائب بـ 30 أغورة والعكس صحيح. تقليص الانتاج يمكن أن يضائل المداخيل. التوجهات المتعاكسة تدل على اسباب خاصة.

زيادة المداخيل من الضرائب لا تأتي فقط من زيادة النشاطات التجارية “العادلة”. الحكومة قامت بزيادة بشكل حاد النفقات العامة على خلفية الحرب. وقسم من الاموال يعود للدولة من خلال الضرائب. مثلا، شراء متزايد للتموين والمعدات يخلق نشاطات تجارية ويزيد المداخيل من الضرائب. ايضا المدفوعات المرتفعة لرجال الاحتياط (الذين يكسبون احيانا اكثر من متوسط الاجر) تتسبب في زيادة الاستهلاك. محافظ بنك اسرائيل، البروفيسور امير يارون، اعترف في لقاء مع المراسلين في يوم الاثنين بأنه “لا يوجد شك بأنه كانت هنا دَفعة مالية”، أي أن المداخيل من الضرائب ارتفعت بسبب الضخ من الحكومة. ولكن هذه التغييرات في مداخيل الضرائب كان يمكن أن تؤثر للافضل على الانتاج الذي يشمل النفقات العامة.

نموذج بنك اسرائيل لتوقع المداخيل من الضرائب يشمل سبعة معايير، منها ليس فقط النمو في الانتاج، بل تغير الاجور وسوق العقارات والتصدير. الجهات المهنية تعتقد أن التوجهات المتعاكسة للانتاج والمداخيل من الضرائب حدثت بسبب تغييرات حادة في التنبؤات المسبقة، لا سيما في مجالين، الاجور والعقارات. الاجور في الاقتصاد قفزت بشكل حاد في النصف الاول من سنة 2024: في نيسان الارتفاع الواقعي السنوي بلغ 4.4 في المئة. الاجرة تؤثر مباشرة على المداخيل من الضرائب بسبب ضريبة الدخل. هذا التغيير لم يتم اخذه في الحسبان في التنبؤ. تأثير الاجور على الانتاج كان معتدل اكثر.

يجب الحذر من الانفعال من زيادة مداخيل الضرائب. الصورة الشاملة للوضع المالي لاسرائيل سلبية. يمكن فهم ذلك من تنبؤ بنك اسرائيل للدين العام، الذي كان يتوقع أن يقفز من 60.4 في المئة في 2022 الى 67.5 في المئة في نهاية 2024، و68.5 في المئة في 2025 – ضمن امور اخرى، بسبب تجنيد الدين من اجل تمويل الحرب. المعنى هو أن وضع اسرائيل المالي يستمر في التدهور، وارتفاع الدين والفائدة سيستمران في الاثقال على الميزانية والمس بالنفقات المدنية.

——————————————–

هآرتس 10/7/2024

”حكومة تسعى لإشعال الضفة”: هل أنصت الإسرائيليون لتحذيرات فوكس؟

بقلم: أسرة التحرير

خطاب لواء قائد المنطقة الوسطى المعتزل، يهودا فوكس، ألقاه في إطار احتفال تبادل مهام المنصب. كان الجمهور هو العنوان الحقيقي لما قاله في خطاب الوداع، بعد ثلاثة سنوات من ولاية مفعمة بالتوترات. فقد استهدفت رسائله آذان مواطني إسرائيل الملزمين بسماع الحقيقة عن الخطر المعربد في “المناطق” [الضفة الغربية] برعاية قيادة قاسية القلب. هذا هو الجمهور إياه الذي توجه إليه وزير الدفاع غالانت بيأسه بعد تجاهل رئيس الوزراء نتنياهو لتحذيرات جهاز الأمن من التهديد الذي ينطوي عليه الانقلاب النظامي، أو عقب رفض نتنياهو لإجراء بحث “اليوم التالي” والأقوال غير المسؤولة عن حكم عسكري في غزة.

“في الأشهر الأخيرة، كما في الأسبوع الأخير، عادت الجريمة القومية المتطرفة لترفع رأسها في ظل الحرب، وخلقت الثأر، وزرعت الاضطراب والخوف في السكان الفلسطينيين الذين لم يشكلوا أي تهديد”، وصف فوكس الوضع في “المناطق”، وعندها وجه أصبع اتهام للقيادة التي تسمح بالإرهاب اليهودي: “القيادة المحلية والقيادة الروحانية في معظمها مردوعة ولا تجد قوة للخروج والعمل علناً”. هذا الصمت خطير، حذر، ووقف ضد الموقف الذي يقوض إمكانية الإرهاب اليهودي حين قال إن “المشاغبين يتبنون “طرق العدو” ويسيرون “في أعقابه”. لكن تحذيراته لم تنته في هذا؛ فقد وجه فوكس سهامه إلى الحكومة، وفند كذبة رئيسها بأن لا فرق بين حماس والسلطة الفلسطينية، وأن كلتيهما مثل النازيين. وشرح قائلاً إن “قدرة قيادة المنطقة الوسطى للقيام بمهامها” متعلقة أيضاً “بوجود سلطة فلسطينية قوية وتؤدي مهامها، ذات أجهزة أمن فاعلة تحافظ على القانون والنظام”. وبذلك، أوضح موقف الجيش في وجه ادعاءات رجالات اليمين المتطرف سموتريتش وبن غفير، اللذين يسعيان تحت غطاء “قلقهما” الأمني لإشعال “المناطق” والسيطرة عليها بشكل نهائي.

لقد قال فوكس أموراً نسيها كثيرون من بين الجمهور بذنب قيادة عفنة ومحرضة فاقدة للبوصلة. “إن القلق على حياة المواطنين الفلسطينيين العاملين، الإنتاجيين، الذين يديرون حياتهم بكرامة، ليس فقط مسؤولية قائد المنطقة الوسطى بقوة القانون، ولا قيمة أخلاقية، بل ويخدم المصلحة الأمنية لدولة إسرائيل أيضاً”.

لكن المصلحة الأمنية لدولة إسرائيل ليست مصلحة نتنياهو وعصبة القوميين المسيحانيين المتطرفين الذين في حكومته. عملياً، تعمل الحكومة الحالية ضد مواطني إسرائيل وتعرض مستقبلهم للخطر. الجمهور ملزم بالاستيقاظ قبل فوات الأوان.

——————————————–

“أشعر بالملل فأُطلق النار”.. كيف يقتل الاحتلال المدنيين

ويدمّر كل شيء في غزّة؟

تحقيق يتناول غياب قواعد إطلاق النار في حرب غزة، وكيف يقوم عناصر “الجيش” الإسرائيلي بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي، ويحرقون المنازل، ويتركون الجثث في الشوارع، وكلّ ذلك بإذن من قادتهم.

بقلم: أورين زيف

مجلة “972+” و موقع “Local Call” الإسرائيليان ينشران تحقيقاً أجراه الصحافي أورين زيف،

 

هناك غياب شبه كامل لقواعد إطلاق النار في حرب غزة، فعناصر “الجيش” الإسرائيلي يطلقون الرصاص بشكل عشوائي، ويحرقون المنازل، ويتركون الجثث في الشوارع، وكلّ ذلك بإذن من قادتهم.

وفي أوائل حزيران/يونيو، أظهرت مقاطع فيديو لحظة إطلاق جنود إسرائيليين النار على عدد من الفلسطينيين الذين كانوا يسيرون بالقرب من الطريق الساحلي في قطاع غزة، ما أدّى إلى مقتلهم في ثلاث حالات منفصلة. وفي كل حالة، بدا الفلسطينيون غير مسلّحين ولم يشكّلوا أي تهديد وشيك للجنود.

وتُعدّ مثل هذه اللقطات نادرة بسبب القيود الصارمة التي يواجهها الصحافيون في القطاع المحاصر والخطر المستمر على حياتهم. إلا أنّ عمليات الإعدام هذه، التي لا مبرّر أمنياً لها، تتطابق مع شهادات 6 جنود إسرائيليين تحدّثوا إلى مجلة “+972” و موقع “Local Call” الإسرائيليين، عقب تسريحهم من الخدمة الفعلية في غزة خلال الأشهر الأخيرة.

وتأكيداً لىشهادات شهود العيان والأطباء الفلسطينيين طوال فترة الحرب، صرّح الجنود بأنّه كان يسمح لهم بإطلاق النار على الفلسطينيين، بما في ذلك المدنيون، وفق رغبتهم.

وروى الجنود الستة، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم باستثناء واحد منهم، كيف يقوم الجنود الإسرائيليون بإعدام مدنيين فلسطينيين بشكل روتيني لمجرّد دخولهم منطقة وصفها الجيش بأنّها “منطقة محظورة”. وترسم الشهادات صورة لمناظر مليئة بجثث المدنيين، التي تُترك لتتعفّن أو تأكلها الحيوانات الضالة؛ و”الجيش” يخفيها عن الأنظار فقط قبيل وصول قوافل المساعدات الدولية، حتى “لا تظهر صور الأشخاص في مراحل متقدّمة من التحلّل إلى العلن”.

كما شهد اثنان من الجنود على سياسة ممنهجة تتمثّل في إحراق منازل الفلسطينيين بعد احتلالها.

ووصفت عدة مصادر كيف أنّ القدرة على إطلاق النار من دون قيود أعطت الجنود وسيلة للترويح عن أنفسهم أو للتخفيف من الرتابة التي يشهدها روتينهم اليومي. وفي هذا الإطار، أشار “S”، وهو جندي احتياط خدم في شمالي قطاع غزة، قائلاً: “يرغب الجنود بتجربة الحدث بالكامل. وأنا شخصياً أطلقت بضع رصاصات من دون أي سبب وجيه في البحر أو على الرصيف أو في مبنى مهجور. وقد أبلغوا عن الأمر على أنّه إطلاق نار عادي، وهو الاسم الرمزي لعبارة أشعر بالملل، لذا أطلق النار”.

ومنذ الثمانينيات، رفض “الجيش” الإسرائيلي الكشف عن قواعد إطلاق النار، على الرغم من الالتماسات المختلفة المقدّمة إلى محكمة العدل العليا. ووفقاً لعالم الاجتماع السياسي ياغيل ليفي، “لم يعطِ الجيش الجنود قواعد اشتباك مكتوبة” منذ الانتفاضة الثانية، تاركاً الخيارات مفتوحة أمام الجنود وقادتهم في الميدان. وبالإضافة إلى مساهمتهم في مقتل أكثر من 38 ألف فلسطيني، اعترف الجنود بأنّ هذه التوجيهات المتساهلة كانت أيضاً مسؤولة جزئياً عن العدد الكبير من الجنود الذين قتلوا بنيران صديقة خلال الأشهر الأخيرة.

وقال “B”، وهو جندي آخر خدم في القوات النظامية في غزة لعدة أشهر، بما في ذلك في مركز قيادة كتيبته: “لقد مُنحنا الحرية الكاملة في كيفية التصرّف. فإذا كان هناك مجرّد شعور بالتهديد، لا داعي للتبرير، ما عليك سوى إطلاق النار”. وأردف قائلاً إنّه عندما يرى الجنود شخصاً يقترب، “يجوز لهم إطلاق النار على مركز كتلته (جسده)، وليس في الهواء. ويجوز إطلاق النار على الجميع، وحتى الفتاة الصغيرة أو الامرأة العجوز”.

واسترسل “B” في وصفه لحادثة وقعت في تشرين الثاني/نوفمبر، عندما أقدم الجنود على قتل عدد من المدنيين أثناء إخلائهم مدرسة قريبة من حي الزيتون في مدينة غزة، كانت بمثابة مأوى للفلسطينيين النازحين. وأمر “الجيش” الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بالخروج إلى اليسار باتجاه البحر، وليس إلى اليمين، حيث يتمركز الجنود. إلا أنّه عند اندلاع اشتباك بالأسلحة النارية داخل المدرسة، تم إطلاق النار فوراً على أولئك الذين انحرفوا في الاتجاه الخاطئ وسط الفوضى التي تلت ذلك.

وقال “B” إنّه “عندما لاذ الناس بالفرار، وهرب بعضهم يساراً باتجاه البحر، وبعضهم الآخر يميناً، وبينهم أطفال، قُتل كلّ من اتجه إلى اليمين، ما بين 15 إلى 20 شخصاً، وتكدّست الجثث فوق بعضها البعض”.

الجنود يطلقون النار كما يحلو لهم

أفاد “B” بأنّه كان من الصعب التمييز بين المدنيين والمقاتلين في غزة، مدّعياً أنّ أعضاء حركة حماس غالباً ما “يتجوّلون من دون أسلحتهم”. وعليه، “كان كل رجل يتراوح عمره بين 16 و50 عاماً يُعدّ عنصراً من (المقاومة) بالنسبة إلينا”.

وتابع قائلاً: “يُمنع التجوّل وكل شخص في الخارج هو موضع شك. وإذا رأينا شخصاً ما ينظر إلينا من النافذة، فهو يُعدّ مشتبهاً به ونطلق عليه النار”.

وتتمثّل رؤية “الجيش” في أنّ أي اتصال مع السكان يعرّض القوات للخطر، ويجب خلق وضع يمنع فيه الاقتراب من الجنود تحت أي ظرف من الظروف. وقد تعلّم الفلسطينيون أنه عندما ندخل، عليهم بالفرار”.

وحتى في المناطق التي تبدو غير مأهولة أو مهجورة في غزة، شارك الجنود في عملية إطلاق نار مكثّف ضمن إجراء يُعرف باسم “إثبات وجود”. وشهد “S” بأنّ زملاءه الجنود “يطلقون النار كثيراً، حتى من دون أي سبب؛ وأي شخص يرغب في إطلاق النار، بغض النظر عن السبب، له ذلك”. وأشار إلى أنّه في بعض الحالات، كان الهدف من ذلك “إخراج الأشخاص من مخابئهم أو إثبات وجودهم”.

وأوضح “M”، وهو جندي احتياط آخر خدم في قطاع غزة، أنّ “مثل هذه الأوامر تأتي مباشرة من قادة السرية أو الكتيبة في الميدان. وعندما لا تكون هناك قوات أخرى تابعة “للجيش” في المنطقة تكون عملية إطلاق النار غير مقيّدة وبصورة مجنونة. ولا يقتصر الأمر على استخدام الأسلحة الصغيرة فحسب، بل يستخدمون الأسلحة الرشاشة والدبابات وقذائف الهاون أيضاً”، كما أقرّ بأن الجنود في الميدان يطبّقون القانون بأنفسهم.

وتذكّر “S” أنّه سمع عبر اللاسلكي عن جندي متمركز في مجمّع وقائي أطلق النار على عائلة فلسطينية كانت تتجوّل في مكان قريب.

وكان جندي واحد فقط ممن شملهم هذا التحقيق على استعداد للكشف عن هويته وهو يوفال غرين، جندي احتياط يبلغ من العمر 26 عاماً، خدم في “لواء المظليين 55” في تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر من العام الماضي. وقّع غرين مؤخراً على رسالة تحمل توقيع 41 جندي احتياط يعلنون فيها رفضهم مواصلة الخدمة في غزة في أعقاب اجتياح “الجيش” لرفح. وقال غرين لمجلة “+972” و موقع “Local Call” إنّه “لم تكن هناك قيود على الذخيرة، وكان الجنود يطلقون النار للتخلص من الملل فحسب”.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر غرين حادثة وقعت في إحدى الليالي خلال عيد “الحانوكا” اليهودي في كانون الأول/ديسمبر، عندما “أطلقت الكتيبة بأكملها النار معاً مثل الألعاب النارية، بما في ذلك ذخيرة التتبّع التي تولد ضوءاً ساطعاً. وأنتجت لوناً مجنوناً أضاء السماء، ولأنّ الحانوكا هو عيد الأنوار، أضحت هذه الحادثة رمزية”.

وأوضح “C” أنّ “الجنود يطلقون النار كما يحلو لهم، بكلّ ما أوتوه من قوة”. ولكن كما أشار “S”، فإنّ إطلاق النار غير المقيّد يعني أنّ الجنود غالباً ما يتعرّضون لخطر كبير من النيران الصديقة، التي وصفها بأنّها “أخطر من نيران حماس”، مضيفاً أنّه “خلال عدة مناسبات، أطلقت قوات الجيش النار باتجاه بعضها البعض”.

وحتى وقت كتابة هذا التقرير، قُتل 28 جندياً في غزّة على الأقل بنيران صديقة وفقاً لـ “الجيش”. وفي تجربة غرين، كانت مثل هذه الحوادث تُعدّ “القضية الأساسية” التي تعرّض حياة الجنود للخطر، حيث قال: ” كان هناك الكثير من النيران الصديقة؛ لقد دفعني ذلك إلى الجنون”.

وبالنسبة إلى غرين، أظهرت قواعد الاشتباك أيضاً لا مبالاة عميقة بمصير الأسرى. وقال: “لقد أخبروني عن تفجير الأنفاق، وقلت في نفسي إنّه إذا كانت هناك رهائن فيها فسيقتلونهم”. وهذا حدث عندما قتل جنود إسرائيليون في الشجاعية ثلاثة أسرى إسرائيليين كانوا يلوّحون بأعلام بيضاء في كانون الأول/ديسمبر.

وأكد “B” أنّه حتى بعد الحادث الذي وقع في الشجاعية، والذي قيل إنّه “مخالف لأوامر الجيش”، لم تتغيّر قواعد إطلاق النار. ويستذكر قائلاً: “لم تكن لدينا توجيهات محدّدة بالنسبة للأسرى”.

وقال غرين: “سمعت تصريحات جنود كُثر تفيد بأنّ الأسرى قتلوا، وليس أمامهم أي فرصة للنجاة، ويجب التخلّي عنهم. وهذا الأمر أزعجني أكثر من غيره… فقد كانوا يردّدون أنّ هدفهم هو إعادة الأسرى، لكن من الواضح أنّ الحرب تضرّ بالأسرى، وقد تبيّن لاحقاً مدى صحة هذا الأمر”.

يا لها من متعة

شهد “A”، وهو ضابط خدم في مديرية العمليات في “الجيش” أنّ غرفة عمليات سريّته، التي تنسّق عملية القتال من خارج غزة، وتصادق على الأهداف وتمنع النيران الصديقة، لم تتلقَ أوامر واضحة بإطلاق النار على الجنود الموجودين على الأرض. وقال في هذا السياق: “من لحظة دخولك، لن تكون هناك إحاطة في أي مرحلة، ولم نتلقَ تعليمات من القيادة العليا لتمريرها إلى الجنود وقادة الكتائب”.

وأشار إلى أنّ هناك تعليمات بعدم إطلاق النار عبر الممرات الإنسانية، ولكن في أماكن أخرى هناك غياب لأيّ توجيه آخر. وهذا هو النهج المتّبع.

وأوضح “A” أنّ إطلاق النار على “المستشفيات والعيادات والمدارس والمؤسسات الدينية ومباني المنظمات الدولية” يتطلّب الحصول على إذن من جهات أعلى. لكن من الناحية العملية، “أستطيع أن أحسب على أصابع اليد عدد الحالات التي طُلب منّا فيها عدم إطلاق النار. فحتى مع الموضوعات الحسّاسة مثل المدارس، تبدو الموافقة وكأنها مجرد إجراء شكلي”.

وتابع قائلاً: “كانت الروح السائدة في غرفة العمليات كالآتي: “أطلقوا النار أولاً، ثم اطرحوا الأسئلة لاحقاً. وأجمع الكل على أنه لن يذرف أحد دمعة إذا قمنا بتسوية منزل بالأرض من دون الحاجة إلى فعل ذلك، أو إذا أطلقنا النار على شخص لم نضطرّ إلى إطلاق النار عليه”.

وقال “A” إنّه على علم بحالات أطلق فيها جنود إسرائيليون النار على مدنيين فلسطينيين دخلوا منطقة عملياتهم، بما يتفق مع تحقيق صحيفة “هآرتس” في “مناطق القتل” في مناطق غزة الواقعة تحت احتلال “الجيش” الإسرائيلي، موضحاً: “رصدنا شخصاً في النافذة، فأطلقوا النار عليه وأردوه قتيلاً”. وأضاف أنّه في كثير من الأحيان لم يكن من الواضح من التقارير ما إذا كان الجنود قد أطلقوا النار على مسلّحين أو مدنيين عُزل.

وبالتالي، فإنّ هذا الغموض بشأن هوية الضحايا يعني أنه بالنسبة لـ “A” أنّه لا يمكن الوثوق بالتقارير العسكرية حول عدد القتلى من أعضاء “حماس”.

وأردف قائلاً: “لقد تمثّل هدفنا في إحصاء عدد الإرهابيين الذين قتلناهم اليوم، وكلّ جندي يريد أن يظهر أنّه الرجل القوي. وكان التصوّر السائد أنّ جميع الرجال كانوا إرهابيين.

هذا وتتطابق شهادة “A” مع تقرير صدر مؤخراً عن موقع “ماكو” الإسرائيلي، حول ضربة جوية نفّذتها إحدى الكتائب بواسطة طائرة مسيّرة وأدّت إلى مقتل فلسطينيين في منطقة عمليات كتيبة أخرى. وتشاور ضابطان من كلا الكتيبتين بشأن لصالح من يجب أن تُسجّل عملية القتل.

وخلال الأسابيع الأولى التي تلت 7 تشرين الأول/أكتوبر، تذكّر “A” أنّ “الجنود كانوا يشعرون بالذنب الشديد لأنّ الهجوم قد وقع أمام أعينهم”. ووفقاً له، عندما تقوم الطائرات المسيّرة ببثّ لقطات حية للهجمات في غزة، “تمتلئ غرفة العمليات بالبهجة والفرح. وعندما يتهاوى مبنى من حين لآخر… يكون الشعور: يا له من جنون، يا لها من متعة”.

ولفت “A” إلى أنّ المفارقة تتمثّل في أنّ جزءاً من دوافع دعوات الإسرائيليين للانتقام هو الاعتقاد بأنّ الفلسطينيين في غزة ابتهجوا بالموت والدمار في 7 أكتوبر. ولتبرير التخلّي عن التمييز بين المدنيين والمقاتلين، كان الإسرائيليون يقولون إنّ “الفلسطينيين وزّعوا الحلوى يوم 7 أكتوبر، أو رقصوا.. “، كما اعتقد عدد كبير منهم بأنّ الطفل الفلسطيني اليوم هو إرهابي في الغد.

وعن تجربته في غرفة العمليات، قال “A”: “أنا أيضاً نسيت بسرعة كبيرة أنّ هذه منازل حقيقية في غزة. وشعرت وكأنها لعبة إلكترونية. إلّا أنّه بعد مرور أسبوعين فقط، أدركت أنّ هذه مبانٍ حقيقية تتهاوى؛ فإذا كان هناك سكان بداخلها، تنهار المباني على رؤوسهم، وإن لم يكن كذلك، فسيتهاوى كل ما بداخلها”.

رائحة موت فظيعة

شهد الكثير من الجنود على أنّ سياسة إطلاق النار المتساهلة مكّنت الوحدات الإسرائيلية من قتل مدنيين فلسطينيين حتى عندما تمّ التعرّف إليهم مسبقاً. وقال “D”، وهو جندي احتياط، إنّ كتيبته تمركزت بالقرب من ممرين للسفر “الإنساني”، أحدهما تابع لمنظمات الإغاثة والآخر للمدنيين الفارين من شمالي القطاع إلى جنوبه. ووضعوا داخل منطقة عمليات كتيبته سياسة “خط أحمر وخط أخضر” لتحديد المناطق التي يُحظر على المدنيين دخولها.

ووفقاً لـ”D”، فقد سُمح لمنظمات الإغاثة بالسفر إلى هذه المناطق بالتنسيق المسبق، لكن الأمر كان مختلفاً بالنسبة للفلسطينيين. وقال: “أيّ شخص يعبر إلى المنطقة الخضراء سيصبح هدفاً محتملاً”، مدّعياً أنّ هذه المناطق تتضمّن علامات لإرشاد للمدنيين، و”في حال تجاوزوا الخط الأحمر، تبلّغ عن ذلك عبر اللاسلكي ولا تحتاج إلى انتظار الإذن لإطلاق النار”.

ومع ذلك، قال “D” إنّ المدنيين يأتون في كثير من الأحيان إلى المناطق التي تمرّ بها قوافل المساعدات بحثاً عن بقايا الطعام التي قد تتساقط من الشاحنات؛ ورغم ذلك، كانت السياسة المتّبعة إطلاق النار على أي شخص يحاول الدخول إلى هذه المناطق. وأضاف: “من الواضح أنّ المدنيين لاجئون، وهم يائسون ولا يملكون أي شيء ومع ذلك تمّ إطلاق النار عليهم”.

وشهد الجنود أنّ جثث الفلسطينيين الذين يرتدون ملابس مدنية بقيت متناثرة في جميع أنحاء القطاع على طول الطرق والأرض المفتوحة. وقال “S”، وهو جندي احتياط: “لقد كانت المنطقة بأكملها مليئة بالجثث. وكانت هناك أيضاً كلاب وأبقار وخيول نجت من القصف ولم يعد لديها مكان تذهب إليه. لا يمكننا إطعامها، ولا نريدها أن تقترب كثيراً أيضاً. لذلك، أحياناً ترى كلاباً تتجوّل حاملةً أجزاء متعفنة من الجثث، وتفوح منها رائحة موت فظيعة”.

وأشار “S” إلى أنّه قبل وصول قوافل المساعدات الإنسانية، كانت تتمّ إزالة الجثث، مفسّراً: “تنزل جرّافة من طراز D-9 ومعها دبابة، وتقوم بتطهير المنطقة من الجثث وتدفنها تحت الأنقاض، وتقلبها جانباً حتى لا تراها القوافل؛ وبذلك، لا تظهر صور الأشخاص في مراحل متقدّمة من التحلّل إلى العلن”.

وأضاف: “لقد رأيت الكثير من المدنيين الفلسطينيين، عائلات ونساء وأطفالاً. كنا في منطقة صغيرة وهناك وفيات أكثر مما تم الإبلاغ عنه. فكل يوم، يُقتل ما لا يقل عن واحد أو اثنين من المدنيين، لأنهم كانوا يسيرون في منطقة محظورة على الرغم من أنّهم لم يكونوا يحملون سلاحاً”.

علاوة على ذلك، قال غرين إنّه عندما وصلنا إلى خان يونس في نهاية كانون الأول/ديسمبر “رأينا كتلة غير واضحة خارج أحد المنازل. فأدركنا أنّها جسد. رأينا ساقاً أكلتها القطط”.

كما أفاد مصدر غير عسكري تحدّث إلى مجلة “+972” وموقع “Local Call” بعد زيارته شمالي قطاع غزة، بأنّه رأى جثثاً متناثرة في جميع أنحاء المنطقة، قائلاً: “رأينا بالقرب من المجمّع العسكري بين شمالي وجنوبي قطاع غزة، جثثاً مصابة بطلقات في الرأس، برصاص قنّاص على ما يبدو، أثناء محاولتها العودة إلى الشمال. وكانت الجثث متحللة والكلاب والقطط تحوم حولها”.

وعن الجنود الإسرائيليين الموجودين في غزة، قال “B”: “إنّهم لا يكترثون للجثث. وإذا كانت موجودة في الطريق، يتم نقلها إلى جانب الطريق؛ ولا يتم دفنها، بل يدوسون عليها”.

وخلال الشهر الفائت، أدلى غي زاكين، الجندي الذي كان يدير جرّافات “D-9” في غزة، بشهادته أمام لجنة في الكنيست قائلاً إنّه وطاقمه “دهسوا مئات الغزيين، الأحياء منهم والأموات”. وانتحر جندي آخر خدم معه في ما بعد.

حرق المنازل

كما تحدّث اثنان من الجنود الذين أجريت معهم مقابلة لصالح هذا المقال، كيف أصبح حرق منازل الفلسطينيين ممارسة شائعة بين الجنود الإسرائيليين، بحسب ما أوردت صحيفة “هآرتس” للمرة الأولى في كانون الثاني/يناير. وقد شهد غرين شخصياً حالتين من هذا القبيل؛ الأولى كانت بمبادرة مستقلة من جندي، والثانية كانت بأوامر من القادة. فكان استياؤه من هذه السياسة سبباً من الأسباب التي دفعته في النهاية إلى رفض مواصلة الخدمة العسكرية.

وعند احتلال الجنود للمنازل، شهد على تنفيذ السياسة التي تقول إنّه “إذا أردت المغادرة، عليك أن تحرق المنزل”. ومع ذلك، بالنسبة لغرين، فإنّ هذا الأمر لا معنى له؛ ففي “أي سيناريو” لا يمكن أن يكون هذا الإجراء جزءاً من أي خطّة أمنية إسرائيلية قد تبرّر مثل هذا التدمير. وأضاف: “نحن موجودون في هذه المنازل ليس لأنها تابعة لنشطاء حماس، بل لأنها تخدمنا عملياً. إنه منزل لعائلتين أو ثلاث، وتدميره يعني أنهم سيصبحون بلا مأوى”.

وتابع غرين: “استفسرت من قائد السرية عن هذا السلوك، فأخبرني أنّه لا يمكننا ترك أي معدات عسكرية، وأننا لا نريد أن يرى العدو أساليبنا القتالية. وقلت له إنّه يمكن للجنود التأكّد من عدم ترك أدلة تكشف أساليب القتال، فأعطاني قائد السرية توضيحات من عالم الانتقام، وقال إنّهم كانوا يحرقونها لأنّه لم يكن بحوزتهم قذائف D-9 أو عبوات ناسفة من فرقة الهندسة التي يمكن أن تدمّر المنزل بأساليب أخرى. وقد تلقّى أمراً بالتنفيذ ولم يزعجه ذلك”.

وأكد “B” أنّه ” قبل المغادرة، عليك أن تحرق المنزل، كلّ منزل، وذلك حتى لا يتمكّن الفلسطينيون من العودة إلى منازلهم، ففي حال خلّفنا وراءنا أي ذخيرة أو طعام، فلن يتمكّن عناصر (المقاومة) من استخدامها”.

وأشار “B” إلى أنّه “باستخدام بعض الوقود أو أسطوانات الغاز، يحترق المنزل بسهولة، ويصبح مثل الفرن”. وفي بداية الغزو البري، كان “الجيش” يحتلّ المنازل لبضعة أيام ثم يغادر. ووفقاً له، فإنّ الجنود “أحرقوا مئات المنازل. وكانت هناك حالات قام فيها الجنود بإشعال النار في الطابق، وكان الجنود الآخرون في طابق أعلى واضطروا إلى الفرار عبر ألسنة اللهب على الدرج أو اختنقوا بسبب الدخان”.

وقال غرين إنّ الدمار الذي خلّفه “الجيش” في غزة “لا يمكن تصوّره”. وروى أنّ الجنود “يعاملون المنازل على أنها متجر للهدايا التذكارية”، فنهبوا كلّ ما لم يتمكّن سكانها من أخذه معهم.

وتابع: “بعد أيام من الانتظار هناك، تموت من الملل. وترسم على الجدران أشياء وقحة. عبثنا بالملابس، وعثرنا على صور جوازات السفر التي تركوها، وعلّقنا صورة شخص ما لأنّها مضحكة. واستخدمنا كل ما وجدناه: الفرش والطعام، وأخذنا المال”.

كما شهد غرين قائلاً: “لقد دمّرنا كل ما أردنا تدميره. وهذا ليس من باب الرغبة في التدمير، بل من باب اللامبالاة التامة بكلّ ما يخص الفلسطينيين. وكل يوم، تقوم جرافة “D-9″ بهدم المنازل. لم ألتقط صوراً قبل التدمير وبعده، لكنني لن أنسى أبداً كيف تحوّل الحي الذي كان جميلاً جداً إلى رمال”.

 

انتهت النشرة