دوليانتهاكات الاحتلالفلسطيني

Middle East Eye: غرور نتنياهو يهدد بتدمير الشرق الأوسط بأسره

المسار : حذر موقع Middle East Eye البريطاني من أن غرور ووحشية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهدد بتدمير منطقة الشرق الأوسط بأسرها، كما فعل بتدمير غزة.

وأبرز الموقع أنه على الرغم من وقف إطلاق النار غير المستقر في الحرب العدوانية بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال ضد إيران، فمن غير الممكن التنبؤ بما سيأتي بعد ذلك، وخاصة من جانب الإدارة الأميركية المتقلبة بقيادة دونالد ترامب التي ارتقت بالتناقض الذاتي والارتباك والتحولات السياسية إلى فن الفوضى الجيوستراتيجية.

وبحسب الموقع يبدو أن الكثير من المستقبل الإقليمي سيُحسم بناءً على الخطوات القادمة التي سيتخذها بنيامين نتنياهو وردود الفعل الإيرانية، في حين أن دور الولايات المتحدة، رغم أهميته، بات أقل تأثيرًا مما كان عليه سابقًا.

وأشار الموقع إلى أنه منذ إعادة انتخابه، تراجع دور ترامب أمام نفوذ نتنياهو، حيث بدا الأخير لاعبًا استراتيجيًا بارعًا يستغل تقلبات ومواقف ترامب، الذي كان يتفاعل بشكل متأخر ومفاجئ مع تحركات نتنياهو التي غالبًا ما حملت طابعًا ساخرًا ومناورة سياسية متقنة. وهذا يشبه إلى حد بعيد كيفية تحكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمسار العلاقات الأمريكية الروسية منذ سنوات.

القصف الإسرائيلي الأخير على المواقع الإيرانية لم يُخفف فقط التوتر الإقليمي، بل أضاف إلى “مشكلة إسرائيل” بالنسبة للغرب.

فقد باتت دولة الاحتلال تقدم على حساب مصالح الولايات المتحدة الوطنية وقيمها المعلنة، متخذة من الدعم الأمريكي ذريعة لتوسيع نفوذها وتبرير عدوانها، رغم أنها لا تكترث سوى لمصالحها الخاصة.

نتنياهو يقلب سياسة ترامب

ترامب، الذي عُرف بتصوير نفسه كرئيس مناهض للحروب، صرح عام 2019 بأن الدول الكبرى لا تبدأ حروبًا أبدية، مؤكدًا عدم اهتمامه بتصدير الليبرالية أو الديمقراطية إلى الخارج. لكن نتنياهو قلب هذه السياسة رأسًا على عقب، مكرّسًا الضغوط على ترامب لإجباره على اتخاذ خطوات عسكرية ضد إيران، وهو ما جعله في موقف مضطر، حتى وإن كان ذلك يعني مخاطرة بموقعه السياسي.

تحت ضغط نتنياهو، نفّذ ترامب ضربات “جراحية” محدودة ضد المنشآت النووية الإيرانية، مع إعلان واضح أن هذه الضربات تمثل نهاية هذه الحلقة العسكرية، وأنه لا ينوي الانخراط في مزيد من الصراعات. لكن يبقى السؤال: هل سيسمح نتنياهو له بالتراجع حقًا على المدى الطويل؟

بالرغم من استمرار دور الولايات المتحدة كلاعب إقليمي رئيسي، إلا أنها لم تعد القوة المحركة الأساسية للتحولات الدامية التي تشهدها المنطقة. إذ تلعب دولة الاحتلال الدور المتصاعد في إشعال الصراعات وتوجيه المشهد الإقليمي.

حرب نتنياهو على إيران تبدو غير منتجة، إذ أن الأهداف المعلنة المتمثلة في تحييد التهديد النووي الإيراني لم تتحقق عمليًا، بل إن تصعيد العمليات العسكرية أدى إلى نتائج عكسية على المدى البعيد.

أولًا، عزز القصف الإسرائيلي وحدة الشعب الإيراني حول النظام، مظهراً إيران كضحية عدوان خارجي، مما يعزز الدعم الداخلي للحكومة.

ثانيًا، دفع القصف إيران إلى تسريع برنامجها النووي، مما يقربها من تطوير قنبلة نووية كوسيلة للدفاع عن نفسها.

ثالثًا، أدى هذا العدوان إلى تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنع مفتشيها من دخول أراضيها، بالإضافة إلى تهديدها بترك معاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعتها، في تناقض واضح مع إسرائيل التي لم توقع عليها.

غطاء لمواصلة الجرائم

في ضوء ذلك، برع نتنياهو في قتل عدة عصافير بحجر واحد من خلال هذه الحرب: فقد أجل البرنامج النووي الإيراني مؤقتًا، وعطل المفاوضات الدبلوماسية الأمريكية الإيرانية، وألغى قمة فرنسية-سعودية كان من المتوقع أن تعترف رسميًا بدولة فلسطينية.

كما ساعد هذا الصراع في تحويل تركيز المجتمع الدولي بعيدًا عن الجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، مما أتاح لإسرائيل مواصلة حملتها القمعية والتطهير العرقي للفلسطينيين مع تراجع الانتقادات الدولية.

وبينما انتقدت معظم دول الاتحاد الأوروبي نتنياهو بسبب انتهاكاته في غزة، وعلقت بريطانيا وإسبانيا بعض الصفقات مع إسرائيل، نجح نتنياهو في إعادة خلق إجماع غربي جديد يدعم إسرائيل ويغض الطرف عن جرائمها خلال أيام معدودة.

الأهم من ذلك، أن شعبية نتنياهو الداخلية ارتفعت بفضل هذه الحرب على إيران، مما أعاد إليه موقعه السياسي الهش داخل دولة الاحتلال.

وقد حقق أخيرًا هدفًا رئيسيًا طالما سعى إليه: دفع الولايات المتحدة إلى قصف إيران، وهو انتصار بارز في ملف السياسة الخارجية بالنسبة له.

في الواقع يسعى نتنياهو إلى إبقاء المنطقة في حالة من الضعف المستمر، من خلال نشر الفوضى وزعزعة استقرار الأنظمة. فالعدوان على سوريا واستهداف أصولها العسكرية والتحريض على الأقليات يهدف إلى إضعاف النظام السوري رغم أنه لم يهدد دولة الاحتلال.

فرض الهيمنة الإسرائيلية

الهدف النهائي لنتنياهو هو إقامة نظام إقليمي جديد يضمن الهيمنة والسيطرة الإسرائيلية المطلقة. مشاريعه المعروفة بـ”الشرق الأوسط الجديد” لا تعد أكثر من استراتيجية لسحق جميع الخصوم، وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني.

في سبتمبر 2023، عرض نتنياهو في الأمم المتحدة خريطة تُظهر فلسطين كأنها غير موجودة، مع ضم غزة والضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، بينما تُركز المنطقة على عدد قليل من الدول الخليجية والسودان والأردن ومصر، متجاهلًا بقية الدول المجاورة.

تذكر هذه الغطرسة بحالة “السلام الروماني” القديم، الذي فرض هيمنته بالقوة والقمع على الشعوب المتمردة، وهو ما يجعل مستقبل من يعارض هذه الهيمنة الجديدة قاتمًا جدًا.

ويتجاوز النظام العالمي الجديد الذي ينشده نتنياهو الشرق الأوسط إلى الهيمنة على الولايات المتحدة وأوروبا، اللتين لطالما استخدمتا دولة الاحتلال كسلاح إبقاء لإضعاف وتقسيم الشعوب العربية والإسلامية.

وقد اعترف المستشار الألماني فريدريش ميرز، في لحظة صراحة خلال قمة مجموعة السبع، بشكر دولة الاحتلال على “قيامها بالعمل القذر نيابة عنا جميعًا”، في إشارة واضحة إلى الدور الإسرائيلي كأداة لمصالح القوى الغربية في المنطقة.

وختم الموقع “إذا أردنا رؤية صورة المستقبل الذي تريده إسرائيل للنظام العالمي، فما علينا سوى النظر إلى ما يحدث في غزة، حيث تُمارس الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، بموافقة غربية وتجاهل دولي مخزي”.

 

المصدر … سند للأنباء+وكالات