“الجزائر مستهدفة”.. عنوان مشترك بين المرشحين الثلاثة للرئاسيات

يتفق المرشحون الثلاثة للانتخابات الرئاسية في الجزائر، في خطابهم المسوّق خلال الحملة الانتخابية، على أن البلاد “مستهدفة” من قبل أطراف خارجية متعددة. ويرى كل طرف أن برنامجه يقدم البديل الأفضل لحماية سيادة البلاد ومناعتها، مع اختلاف بسيط في التفاصيل حول كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية.

وضمن هذا المنحى، أكد المترشح الإسلامي عبد العالي حساني شريف، في آخر تدخل له من ولاية غليزان غرب البلاد، أن الجزائر مقبلة على “انتخابات مفصلية في ظل وضع دولي ملتهب ومعقد، تكتنفه مخططات تستهدف الأوطان وشعوبها وثرواتها، خاصة بعد انطلاق شرارة معركة طوفان الأقصى.”.

في حوار أخير له مع “القدس العربي”، قال حساني شريف، إن الجزائر مستهدفة على طول كل حدودها، بسبب سيادة واستقلال مواقفها في القضايا الخارجية

وأشار رئيس حركة مجتمع السلم، إلى أن مواقف الشعب الجزائري بعد طوفان الأقصى جعلت الجزائر محل استهداف من قبل لوبيات متعددة. وقال: “لابد من التفاف الشعب مع السلطة حتى نقف ضد كل استهدافات ومخططات الأعداء والخصوم.” وأكد حساني شريف على أهمية هذه الانتخابات قائلاً: “لقد أدركنا أن هذه الانتخابات مفصلية وحاسمة، ولهذا تحملنا مسؤوليتنا التاريخية والسياسية في ترشحنا للتنافس على قيادته بالبرامج والأفكار.” وتابع المترشح: “نحن نخوض هذه الانتخابات وأملنا أن نعالج كل الاختلالات التي عاشها هذا الوطن بفعل الممارسات السياسية والأوضاع الاجتماعية التي لم يطمح لها شعبنا بعد الاستقلال”.

وفي حوار أخير له مع “القدس العربي”، قال حساني شريف، إن الجزائر مستهدفة على طول كل حدودها، بسبب سيادة واستقلال مواقفها في القضايا الخارجية على المستوى الإقليمي والدولي، وبسبب ما تتمتع به من قدرات طاقوية ومقومات طبيعية وموقع جيوسياسي حيوي.

واضاف: “عندما نقول ذلك فلأنه يمثل حقيقة ينبغي الانطلاق منها عند بحثنا عن سبل وأدوات حماية الأمن القومي الاستراتيجي للجزائر ودول الجوار لأنها جزء منه، فالاستهداف الذي نعنيه ذو طبيعة استراتيجية لاسيما عندما تقوده بعض الدول الوظيفية لصالح الدول الكبرى، فالتطبيع مع الكيان الصهيوني تهديد، والتوترات في منطقة الساحل تهديد أيضا يتطلب بناء حالة إجماع وطني واسع ومقاربة تشاركية للمواجهة وحماية الوطن من المخاطر المحدقة به”.

أما يوسف أوشيش المترشح المحسوب على تيار اليسار، فيرى بالمثل وجود تهديدات تحيط بالبلاد، لكنه يربط صدها بضرورة تقوية الجبهة الداخلية عبر إطلاق الحريات ورفع القدرة الشرائية والحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة. ويركز المترشح منذ بدء الحملة الانتخابية، على أهمية “انخراط” الطبقة المثقفة وتحمّل مسؤوليتها في مسار تعزيز بناء الجزائر، مشددا على ضرورة “المشاركة الواسعة للمواطنين في هذا الاستحقاق لاختيار البرنامج الذي يرونه مناسباً”.

مرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش يقول في برنامجه إنه يلتزم بـ”تبني عقيدة عسكرية وقائية، تطوير صناعة عسكرية وطنية”

وفي الشق الأمني، يقول مرشح جبهة القوى الاشتراكية، في برنامجه إنه يلتزم بـ”تبني عقيدة عسكرية وقائية، تطوير صناعة عسكرية وطنية متعددة القطاعات لضمان التسليح الوطني ولعدم الخضوع للشروط المتعلقة بتوريدنا السلاح والتي تحد من قدراتنا واستراتجيتنا الدفاعية والعسكرية”. كما كشف عن تبنيه في حال انتخابه، “سياسة ديبلوماسية هجومية ولعب دور اكبر كوسيط لحل النزاعات الجهوية والاقليمية، مع تقوية ودعم مناطق التأثير الجزائرية في افريقيا”. وأضاف في هذا الجانب: “نلتزم ونعمل أيضا على إعادة التقييم لعلاقاتنا مع جميع شركائنا على اساس المصلحة الوطنية والمعاملة بالمثل والاحترام المتبادل. تقوية العلاقات مع الشركاء الجدد في أفريقيا. مواصلة دعم القضيتين الفلسطينية والصحراوية. دعم المناطق الحرة الأفريقية من اجل تجارة بينية داخلية بين الأفارقة. إعادة المفاوضات مع الاتحاد الأوربي”.

وفي معسكر الرئيس المترشح عبد المجيد تبون، يبدو التركيز كبيرا على مسألة التهديدات الخارجية في الإقناع بضرورة الانتخاب لصالح الاستمرارية. ومما قاله الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، مصطفى ياحي، في آخر تجمعاته إن “الرجل يقود معركة ضد اللوبيات الداخلية والخارجية التي تهدد استقرار الوطن، ومن واجبنا مساندته لإنقاذ الجزائر من كل هذه التهديدات”. ويجري الحديث في صفوف مساندي الرئيس عن التهديدات التي يمثلها الكيان الصهيوني على الجزائر، خاصة بعد اتفاقيات أبراهام التي طبّع بموجبها المغرب العلاقات مع إسرائيل وأبرم معها اتفاقيات أمنية وعسكرية. كما توظف في عناصر الخطاب السياسي، قضايا العلاقات مع فرنسا التي عادت لتسوء مؤخرا، إلى جانب المشاكل الأمنية من جهة ليبيا بعد وصول قوات خليفة حفتر إلى مشارف الحدود الجزائرية، وقضايا الساحل وتداخلاتها مع التحركات الإماراتية في المنطقة.

في معسكر الرئيس المترشح عبد المجيد تبون، يبدو التركيز كبيرا على مسألة التهديدات الخارجية في الإقناع بضرورة الانتخاب لصالح الاستمرارية

وتمثل ثنائية “الاستقرار والتنمية”، مفتاح الإقناع لدى مساندي الرئيس الذين ترك لهم مهمة تنشيط الجزء الأكبر من الحملة الانتخابية في الولايات. وفي هذا السياق، يرى رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة أنّ “تعزيز هاته المكتسبات، يكون من خلال خدمة البلد وتجاوز الخلافات والابتعاد عن الخطابات التي تهدف إلى إضعاف النسيج الاجتماعي”، مطالبا المواطنين بالتوجه بقوة الى صناديق الاقتراع، لصالح المترشح تبون، لغرض السماح له “باستكمال مسار تشييد الجزائر الجديدة”. أما رئيس جبهة المستقبل، فاتح بوطبيق، فيؤكد أن ”دعم برنامج المترشح الحر، عبد المجيد تبون، سيمكّنه من مواصلة تنمية قطاع الفلاحة عبر تنفيذ عدّة مشاريع استثمارية مُهيكلة تمسّ مختلف الشعب الفلاحية”، مستعرضا في كل تجمعاته من تحقق، حسبه من إنجازات في ميادين الاستثمار والتنمية وتحسين ظروف الحياة في مناطق الظل.

 

وكانت قضايا الأمن القومي والتهديدات الخارجية، حاضرة دائما في المناسبات الانتخابية الجزائرية، كمادة لإقناع الجزائريين بضرورة الانتخاب وإظهار الانسجام بين الشعب والسلطة. لكن توظيفها سنوات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، كان محل انتقاد شديد من المعارضة التي كانت تتهم السلطة بتضخيم هذه التهديدات واستعمالها كفزاعة للإبقاء على النظام السياسي والقفز على مطالب التغيير الملحة. وفي الفترة الحالية، يبدو أن ثمة إجماعا بين أغلبية الناشطين في الساحة حول حقيقة هذه التهديدات، لكن بدرجات تحسُّس مختلفة، ووفق مقاربات لدى المعارضة الراديكالية غير المنخرطة في الانتخابات، ترفض الفصل بين إصلاح الوضع الداخلي ومواجهة كل ما هو تدخل أجنبي.