المسار : لم يشهد الشعب اليهودي في تاريخه زعيمًا موّل أعداءه (حماس) بمئات ملايين الدولارات القطرية كما فعل بنيامين نتنياهو.
لم يشهد الشعب اليهودي زعيمًا كان مسؤولًا بشكل شخصي عن كارثة كبيرة مثل ما حدث في 7 أكتوبر.
لم يشهد الشعب اليهودي زعيمًا أهمل 101 مخطوف مرتين: مرة عندما سمح باختطافهم من بيوتهم، ومرة أخرى عندما منع، بقراراته الخاطئة، تحريرهم من أنفاق حماس، وكل ذلك بسبب مصالحه الضيقة للحفاظ على حكومته ومنصبه.
لم يكن في تاريخ إسرائيل رئيس وزراء أهمل بهذا الشكل اعداد الدولة للحرب. فطوال سنوات حكمه كان “السيد أمن” ينشغل بالملف النووي الإيراني (دون تحقيق أي نجاح فيه)، ولم يُظهر أي اهتمام بالجيش وقدراته التقليدية، مما أدى إلى تدهور وضع الجيش الإسرائيلي الى الاسوأ.
لا أعرف أي رئيس حكومة أو رئيس دولة في العالم لم يعقد اجتماعات حكومية أو لجان وزارية لبحث السياسة الأمنية والاستراتيجية أو رسم تصورات أمنية مستقبلية للدولة في مواجهة تهديدات متزايدة.
رئيس الوزراء عندنا ينشغل دائمًا بإطفاء الحرائق السياسية، وفي العام الماضي لم يهتم إلا بالسياسة الصغيرة للتهرب من المسؤولية عن الفشل الاكبر في تاريخ إسرائيل.
بنيامين نتنياهو سمح بتقليص كبير على ميزانية الجيش، وخلق فجوات كبيرة في مخزون الذخيرة، وأهمل اعداد الجيش للحرب طوال سنوات حكمه. والآن هو يقوم بدعم الاقتحامات المتكررة لقطاع غزة والتي تؤدي إلى المزيد من القتلى والمصابين في صفوف قوات الجيش الاسرائيلي.
لا يوجد في الأفق أي مؤشر على إسقاط حماس أو تغيير نظامها، والوقت ليس في صالحنا.
في سلاح البر يعاني الجيش الإسرائيلي من إرهاق كبير بين جنود الاحتياط والقوات النظامية. الكثير من الجنود لم يعودوا يرغبون في القتال بعد مرور سنة على العمليات المتواصلة بدون استبدال. وقد فقدوا الثقة برئيس الوزراء والقيادة السياسية ورئيس الأركان.
مؤخرًا صرّح نتنياهو في اجتماع سري في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بأن: “حماس تريد صفقة تنهي الحرب وتسحب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وهذا لن أوافق عليه بأي حال من الأحوال”.
رئيس الوزراء يقود إسرائيل نحو الهاوية، وصورته ستبقى محفورة في الذاكرة كشخص دمر دولة اليهود وأنهك روح الشعب.
أما رئيس الأركان هرتسي هليفي، فقد كان المنفذ لسياسات نتنياهو طوال فترة القتال. لذلك فانه سيدخل التاريخ كواحد من أسوأ رؤساء الأركان في تاريخ إسرائيل. فخلال قيادته شهد الجيش الفشل الذريع في 7 اكتوبر 2023 الذي حل بمستوطنات غلاف غزة .
ليس هذا فقط، بل هو ايضا يواصل المس بالقيم الاساسية لقائد الجيش: هو لا يقدم مثالا نموذجيا شخصيا، ولا يتحمل المسؤولية، ويقوم بترقية اصدقائه وشركائه، ويُسرح الذين لم يكونوا مشاركين في الفشل. الاوائل الذين تتم ترقيتهم هم اصدقاؤه ذوي القبعات الحمراء، الذين يواصلون تعزيز مكانة هذه الزمرة. اضافة الى ذلك ليفي يقوم بتعيين مقربيه والذين كان لهم دور في الفشل. وهكذا يظهر لنا انه فقد المعايير والقيم الاساسية التي تربى عليها اجيال من الجنود. اذا كان الامر كذلك فكيف نستغرب من أن القادة والجنود في الجيش الاسرائيلي قد فقدوا ثقتهم برئيس الاركان؟.
هليفي يذر الرماد في عيون الجمهور بمساعدة المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي والمراسلين والمحللين العسكريين الذين فقدوا كرامتهم ويقومون بخيانة وظيفتهم. هليفي لا يتمسك بمواقفه امام نتنياهو وامام وزير الدفاع بل يحاول ارضاء سادته لكي يتيحوا له مواصلة توليه منصب رئيس الاركان. ليس واضحا كم يسعى هليفي لكي يطرح امام وزير الدفاع وامام رئيس الحكومة الوضع الصعب الذي يعيشه الجنود النظاميون وجنود الاحتياط بعد سنة من حرب بدون هدنة – الى درجة انه في بعض الحظائر التي تضم 30 مقاتلا بقي فقط 6 جنود، وفي الفصيل الذي يضم 70 جندي بقي 20 – 30 جندي فقط.
اثناء فترة توليه لرئاسة الاركان تحطم الانضباط العسكري. في حين وقف هليفي مكتوف الايدي دون ان يفعل شيئا لكي يوقف انهيار الانضباط العسكري في الجيش، والنتيجة هي مأساة فظيعة.كما أنه لم يهتم بوقف القادة الذين تجاوزوا التعليمات.
نتنياهو وهليفي يقودان حربًا بدون رؤية أو هدف واضح. ليس لديهما أي رؤية استراتيجية، أمنية أو سياسية للمستقبل. وكل ما يهمهما هو البقاء في السلطة. ومن أجل مصلحة الشعب الإسرائيلي فانه يجب عليهما الاستقالة فورًا عن منصبيهما.