التقرير اليومي للصحافة الإسرائيليةصادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية

سوليفان لإسرائيل: ألم تعد حماس إلى جباليا.. ماذا بعد رفح؟

بقلم: آنا برسكي وآفي اشكناي

أنهى مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان جولة لقاءاته مع المستوى السياسي الأعلى في إسرائيل. فقد التقى مع وزير الدفاع غالانت، ومع الوزيرين غانتس وآيزنكوت ومع رئيس المعارضة يئير لبيد. وحسب بيانات البيت الأبيض، عنيت المباحثات أساساً في الموضوع الإنساني في ضوء عمليات الجيش الإسرائيلي في رفح.

في بيان صدر عن غالانت بعد اللقاء، جاء أن الوزير أوضح لسوليفان نية إسرائيل العمل في رفح. وعرض غالانت اللقاء عليه خطة “متناسقة” وطلب واشنطن العناية بالسكان في المدينة، والتي تتضمن إخلاء وتوفير جواب إنساني مناسب.

وأفاد الوزيران غانتس وآيزنكوت بأن “غانتس شدد في اللقاء على أن إسرائيل ملزمة بمواصلة القتال في رفح وفي كل مكان في غزة حتى إزالة تهديد حماس وإعادة المخطوفين. هذا بالتوازي مع الالتزام بالعمل فوراً على خلق بديل مدني لليوم التالي في القطاع”.

وقالت مصادر مطلعة على تفاصيل المحادثات مع سوليفان، إن موضوع “اليوم التالي” في قطاع غزة كان إحدى المسائل المركزية التي طرحها في المحادثات، وقالت تلك المصادر إن “الأمريكيين لا يفهمون ما الذي نريده وما هي استراتيجية الحكومة تجاه غزة. يقولون لنا، لنفترض أنكم احتللتم رفح، فماذا بعد؟ هل ستعودون إليها بعد شهرين لاحتلالها مرة أخرى مثل جباليا؟”.

يدعي الجانب الأمريكي بأن الإدارة شريك كامل في الفكرة بوجوب تقويض وهزيمة حماس، غير أن واشنطن تعتقد أنه لا يمكن عمل هذا بدون وضع بديل حقيقي في المنطقة. “لماذا تعود حماس إلى خان يونس وجباليا؟ لماذا يتجند الشباب الغزيون لحماس بدلاً من الهرب منها؟ يعطي الأمريكيون الجواب التالي على هذه الأسئلة: لأنه لا يوجد بديل لحكم حماس في المنطقة”، قالت تلك المصادر. “ما لم ينشأ ائتلاف إقليمي، مصر، السعودية، الإمارات والسلطة الفلسطينية، إلى جانب مساعدة من الأسرة الدولية، يأخذ على عاتقه إدارة غزة، فلن يكون ممكناً إبادة حماس”.

وإلى ذلك، يواصل الجيش الإسرائيلي تصعيد القتال في غزة، ويركز على ثلاثة مراكز قتال: في الشمال يواصل العملية داخل مخيم جباليا للاجئين ويبيد بنى حماس التحتية القتالية في المخيم فيما يطهر مركز عمل حماس في المكان، وفي الوسط اجتاحت قوات فرقة 99 ونفذت منذ الصباح حملة واسعة في مكانين. أما جنوب القطاع فيستعد الجيش لتوسيع القتال في رفح. حتى هذا الصباح أخلى 950 ألف غزي رفح. والجيش الإسرائيلي يعمل في حي البرازيل، وكذا في منطقة محور فيلادلفيا فيما يواصل التحرك غرباً.

في أثناء القتال في غزة، نجح الجيش الإسرائيلي في العثور على سلسلة ذخائر لحماس بينها أنفاق استراتيجية، وسلسلة من وسائل الإطلاق، ومراكز تحكم وغرف عمليات، كما سجل الجيش الإسرائيلي مساً بسلسلة من كبار المسؤولين، فيما أن قسماً من تركيز جهد الجيش هو سياسة الإحباطات المركزة للقادة وذوي المناصب في منظمة حماس.

إضافة إلى ذلك، يتصاعد القتال في الشمال، حسب تقارير في سوريا، وأحبطت طائرات قتالية لسلاح الجو في ساعات الظهر أربعة مخربين من حزب الله في جنوب هضبة الجولان السورية. وحالياً لم تعقب إسرائيل على النشر. وأعلن حزب الله أن خمسة من رجاله صفاهم الجيش الإسرائيلي في اليوم الأخير.

تواصل القتال في الشمال أمس طوال اليوم عندما أطلق حزب الله صواريخ وقذائف هاون نحو بيوت في المطلة وكذا نحو الجليل الغربي. وسمعت صافرات في أعقاب إطلاق النار من لبنان نحو سلسلة طويلة من بلدات الجليل.

وهاجم الجيش الإسرائيلي ليلاً أهدافاً لحزب الله جنوبي لبنان. وبين الأهداف التي تعرضت للهجوم مبان عسكرية لحزب الله في مناطق بلايدة والجيبين والعدسية، إلى جانب مواقع رصد تابعة للمنظمة في منطقة حرشية جنوبي لبنان.

وإلى ذلك، أفاد الناطق بلسان البيت الأبيض بأنه تحقق تقدم مهم في محادثات التطبيع في السعودية “وحتى السعوديون، قالوا إن هذا قريب جداً”.

——————————————–

هآرتس 21/5/2024

للإسرائيليين: “قنبلة لاهاي” ستأتي بالويل على دولتكم.. ورفح البداية

بقلم: عاموس هرئيل

إن طلب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الدفاع فيها، وثلاثة من قادة حماس، يضع إسرائيل في وضع سياسي لم تواجه مثله من قبل. على المدى القريب، ستقف القيادة في إسرائيل للمرة الأولى أمام تهديد عالمي كبير في ظل قرار مواصلة الحرب في قطاع غزة. وعلى المدى البعيد، إذا تم تطبيق هذه الأوامر فسنجد أنفسنا في تدهور دبلوماسي ساحق، قد تكون له آثار بعيدة المدى على العلاقات الاقتصادية والأكاديمية والتجارية ومجالات أخرى لإسرائيل مع العالم. هذه خطوات غير مسبوقة تجاه دولة ديمقراطية هي اليوم في حالة حرب، وستضع نتنياهو وغالانت أمام خطر تسليم إذا زارا دولاً أعضاء في هذه المحكمة.

شعرت إسرائيل باستياء من قرار ربط نتنياهو وغالانت بالسنوار والضيف وهنية، الذين هم قادة المنظمة الإرهابية التي نفذ أعضاؤها مذبحة جماعية ضد مواطني إسرائيل. ولكن يثور شك بأن تسلسل الأمور لدى المدعي كريم خان كان معاكساً؛ فهو طلب تقديم القيادة الإسرائيلية للمحاكمة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتم ضم رؤساء حماس إلى الدعوى لخلق وضع عبثي من التوازن غير المنحاز في العملية.

خلافاً للتنبؤات المسبقة، تبدو خطوة المدعي العام موجهة ضد المستوى السياسي فقط. في هذه المرحلة، لم يتم ضم جهات رفيعة من الجيش الإسرائيلي. وتتركز الادعاءات، كما صيغت الآن، في خطوات وُجهت ضد سكان القطاع، كأداة في الحرب. وهذا قد يشير إلى أن خان يعرف أن الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي يقتل الكثير من المدنيين بشكل متعمد ومنهجي، هو ادعاء لن يصمد. مؤخراً، تبين أن مؤسسات دولية بدأت تشكك في البيانات التي قدمتها حماس والتي حاولت فيها الإشارة إلى نسبة متدنية من المسلحين بين القتلى مقارنة مع المدنيين.

خطوة المدعي العام قد تؤثر أيضاً على ما يحدث في محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي تناقش قراراً سيطالب بوقف الحرب. إن رفض نتنياهو لذلك قد يضع إسرائيل على مسار فرض عقوبات دولية عليها إذا بدأ النقاش في مجلس الأمن حول هذا الشأن. إسرائيل ليست روسيا أو إيران، بل مجتمع ديمقراطي يعتمد كلياً على علاقاته مع الغرب. ربما لا يقلق ذلك رؤساء أحزاب اليمين المتطرف في الحكومة، لكن يتطور هنا خطر محتمل قد يؤثر سلباً في حياة كثير من المواطنين الإسرائيليين. يمكن الافتراض أن السنوار والضيف لا يقلقهما عدم تمكنهما من الخروج لزيارة الدول الأوروبية.

مثل أحداث كثيرة أخرى في الحرب، يبدو أنه تطور نبع في جزء منه، ليس فقط من معايير مزدوجة للمجتمع الدولي تجاه إسرائيل، بل من تصرفات غبية لشخصيات إسرائيلية. الادعاء حول التجويع يسمع بالذات عندما تسمح إسرائيل بزيادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، في الوقت الذي تحسن فيه الوضع في مناطق كثيرة. ولكن الحكومة اتخذت في بداية الحرب خطوات تستهدف التصعيب على السكان الفلسطينيين وقطع أي قناة تزودهم من إسرائيل إلى القطاع. هكذا نشأت الأزمة الحالية التي أضيف إليها تصريحات متطرفة وهذيان وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف.

هاجم نتنياهو أمس خطوة كريم خان، وحصل على تأييد واسع من المستوى السياسي، من الرئيس فما دون. وتبذل الآن جهود متأخرة لتجنيد الإدارة الأمريكية لتهديد “لاهاي”. هذه هي الإدارة نفسها والرئيس نفسه، الذين يتطاول وزراء وأعضاء كنيست عليهم بشكل ثابت. أمير تيفون ويونتان ليس، نشرا أمس بأن الولايات المتحدة ستفحص قريباً عرضاً لصيغة كاملة للاتفاق بين أمريكا والسعودية الآخذ في التبلور على نتنياهو، الذي فيه جزء يشمل التطبيع بين الرياض والقدس أيضاً. على نتنياهو التقرير إذا كان سيتبنى ذلك، بما في ذلك إعلان مبدئي يتطرق إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقبلية. في هذه الأثناء، يبدو أن رئيس الحكومة سيرد سلباً رغم الاعتماد على الولايات المتحدة في الساحة الدولية والحاجة إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة وعلى الحدود مع لبنان.

من غير الواضح في هذه المرحلة، ما هو تأثير القنبلة التي ألقتها لاهاي على القنابل التي ما زالت تلقى على رفح. فالعملية العسكرية هناك أكبر مما يراها الجمهور. الفرقة 164 فيها أربعة ألوية قتالية احتلت تقريباً نصف محور فيلادلفيا على الحدود مع مصر، وتتقدم ببطء نحو مداخل رفح. والآن، يجري قتال على الخط الأول للبيوت في حي البرازيل بالمدينة، في قسمه الغربي. إضافة إلى ذلك، تولد انطباع لدى الجيش الإسرائيلي بأن معارضة أمريكا الصارخة لدخول رفح ضعفت.

هذا يحدث أيضاً لعدم تحقق ادعاء رئيسي من الولايات المتحدة ضد العملية. تجمع في رفح وفي محيطها تقريباً 1.4 مليون غزي، بعد مهاجمة الجيش الإسرائيلي واحتلال مناطق أخرى. وقالت إسرائيل إن بإمكانها إخلاء معظم هؤلاء السكان في خمسة أسابيع، وادعت أمريكا بأنه وعد لا أساس له من الصحة. بعد أسبوعين، غادر نحو 800 ألف شخص (حسب رواية الأونروا) ومليون شخص (حسب الجيش الإسرائيلي)، وانتقلوا إلى مناطق لجوء ارتجالية ومكتظة. مواقف جهاز الأمن حول استمرار العملية منقسمة.

من يؤيدون احتلال رفح يعتقدون أنه يجب هزيمة اللواء القطري الأخير لحماس الذي يعمل هناك، بكتائبه الأربع. مع ذلك، هم يعترفون أيضاً بأن هذا الأمر لن يؤدي إلى هزيمة حماس، بل سيقتضي استمرار القتال في مناطق أخرى في القطاع لعدة أشهر أخرى. من يعارضون العملية يعتقدون أنه يجب السعي لعقد صفقة لتبادل المخطوفين وإنهاء الحرب في الجبهتين، حتى لو كان معنى ذلك الاعتراف بأن إسرائيل لم تحقق أهدافها ولم تفكك سلطة حماس بشكل كامل.

يتحفظ الطرفان على الحل الأكثر تطرفاً الذي يطرحه نتنياهو ووزراء اليمين المتطرف، وهو الإعداد لإقامة حكم عسكري، مؤقت كما يبدو، في القطاع. عاد غالانت وأطلق تصريحات ضد هذه الفكرة أمس في ظهوره في ساحة معادية، قائمة الليكود في الكنيست. فقد حذر من أن الجيش الإسرائيلي لا يملك ما يكفي من الجنود لتنفيذ هذه المهمة، وسيضطر الجيش لتمديد خدمة الجنود الإلزامية لأربع سنوات. ومن يعرف المزاج في أوساط الجنود وأبناء عائلاتهم يدرك مدى صعوبة هذه العملية. في هذه الأثناء، يتبنى نتنياهو خطاً قتالياً متشدداً. ولكن بقي أن نرى إذا كان الخطر الشخصي الذي يهدده في لاهاي سيؤثر على اعتباراته.

مسألة ثقة

إن استمرار المراوحة في المكان يجبي من الجيش الإسرائيلي ثمناً يتراكم. وكلما طالت الحرب في القطاع وفي الشمال، تتعذر رؤية أي أفق يلوح لإعادة السكان إلى بيوتهم، وتزداد علامات الاستفهام لدى الجمهور حول احتمالية تحقيق الأهداف التي وضعت في بداية الحرب. في الوقت نفسه، تآكلت ثقة الجمهور بالجيش الإسرائيلي.

معهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أجرى هذا الأسبوع استطلاعاً لفحص مواقف الجمهور. كانت النتائج واضحة جداً؛ فقد قلت ثقة الجمهور أيضاً في بيانات الجيش وفي اعتبارات رئيس الأركان هرتسي هليفي. منذ بداية الحرب، تم فحص درجة الثقة بتقارير المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي. وكانت نقطة الحضيض بعد أسبوع على بداية الحرب، 65 في المئة من المستطلعين اليهود منحوا ثقة عالية للمتحدث بلسان الجيش في حينه. وهي نسبة ارتفعت إلى 88 في المئة في ذروة العملية البرية منتصف تشرين الثاني الماضي. لكنها انخفضت إلى 78 في المئة في منتصف نيسان. في الأسبوع الماضي سجل انخفاض حاد آخر وصل إلى 68 في المئة. كما سُجل في الأشهر الأخيرة لدى أوساط العرب انخفاض في الثقة بتقارير المتحدث بلسان الجيش.

وعلى هاليفي أن يشعر بالقلق. سئل المستطلعون إذا كان هناك تفويض لرئيس الأركان بتنفيذ جولة تعيينات لجنرالات في هيئة الأركان (الجولة التي تضمنت تعيين خمسة جنرالات جدد كانت في بداية الشهر)، أجاب 25.5 في المئة من المستطلعين بوجود تفويض لرئيس الأركان طبقاً لتقديراته، وأجاب 31 في المئة بتعيينات حيوية، و20 في المئة أجابوا بأن لا تفويض له. قرر هاليفي تعيين العميد شلومو بندر رئيساً لشعبة الاستخبارات في هيئة الأركان بدلاً من الجنرال أهارون حاليفا المستقيل، لكنه اختار تعيين ثلاثة جنرالات جدد آخرين (وترقية جنرال خامس، آفي بلوط، لاستبدال يهودا فوكس الذي سيقدم استقالته من قيادة المنطقة الوسطى).

جزء كبير من الانتقاد الموجه لهرتسي هاليفي سياسي، يستهدف إلقاء كل التهمة عليه في إخفاقات 7 أكتوبر للتغطية على مسؤولية نتنياهو. لكن يجدر برئيس الأركان الانتباه للنتائج؛ فالتأييد الكبير له في أوساط الجمهور، رغم المذبحة الفظيعة، ارتكز بشكل كبير على افتراض بأن ولايته محددة الزمن، وأنه ينوي الاستقالة. جولة التعيينات الواسعة أثارت علامات الاستفهام، والشعور بأن الحرب لا تحقق أهدافها. هذه مشكلة آخذة في التبلور بالنسبة للجيش الإسرائيلي، إضافة إلى الصعوبات التي يضعها رئيس الحكومة ورجاله.

——————————————–

هآرتس 21/5/2024

هآرتس.. قادنا إلى 7 أكتوبر واقتيد إلى قفص “لاهاي”: هكذا غرقت إسرائيل في وحل نتنياهو

بقلم: أسرة التحرير

أعلن النائب العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، كريم خان، عن رفعه طلباً للقضاة بإصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؛ وطلب المدعي العام أيضاً إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، وزعيم المنظمة في غزة يحيى السنوار، ورئيس الذراع العسكري محمد ضيف.

وجاء في البيان أن المدعي العام ينسب لغالانت ونتنياهو سلسلة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بينها: تجويع السكان كوسيلة حرب، والتسبب بالموت عن قصد، والقتل المقصود، وهجمات موجهة ضد سكان مدنيين – وكذا جريمة ضد الإنسانية للإبادة أو القتل المتعمد، بما في ذلك في سياق التجويع، وجريمة ملاحقة ضد الإنسانية.

وثارت إسرائيل على المقارنة ظاهراً بين حماس وإسرائيل، وبين نتنياهو والسنوار. كما ادعى الرئيس الأمريكي بايدن بأن القرار “فضائحي”، وأضاف بأنه “لا تماثل بين إسرائيل وحماس”. وبالفعل، السنوار والضيف مسؤولان عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في المذبحة التي أعدم فيها أطفال، ونساء ورجال وشيوخ، بعضهم بعد تنكيل شديد واغتصاب، حين اختطف 252 شخصاً ولا يزال 128 منهم في الأسر. وعليه، فإن التماثل مثير للفعل والحفيظة، لكن في ذلك ما يجسد فشل نتنياهو الاستراتيجي وحكومته: بعد سبعة أشهر من هجوم حماس الإجرامي، يقارن زعماء إسرائيل بزعماء منظمة الإرهاب.

بعض من الفشل الاستراتيجي يرتبط بغرور نتنياهو. ومنذ نشوب الحرب والعالم يخرج عن طوره كي يحذر إسرائيل من جرائم حرب في غزة. إسرائيل تلقت منذ الآن بطاقة صفراء من محكمة العدل الدولية في لاهاي. صحيح أن هذه محكمة أخرى لكنها هي أيضاً أصدرت عدة أوامر احترازية تلزم إسرائيل باتخاذ كل الوسائل التي لديها كي تمنع الإبادة الجماعية، قتل المدنيين، إلحاق الضرر ومنع الولادة؛ والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

غير أن نتنياهو استهتر بكل الطلبات والتحذيرات. فقد اعتاد ذلك: أصر على مدى السنين على تجاهل كل التحذيرات واحتقار كل المحذرين من تسونامي سياسي ومن ثمن إهمال النزاع القومي بيننا وبين الفلسطينيين. كان نتنياهو يعرف أفضل من الجميع. وبالفعل، أخطأ.

أوامر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت ورؤساء حماس، لم تصدر بعد. سيتعين على قضاة المحكمة الحسم استناداً إلى الأدلة؛ فإذا كان ثمة مجال لإصدارها، وحتى لو أرسلت الأوامر، فالمحكمة هي التي تحسم إذا كانت أفعال نتنياهو وغالانت ترتقي إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. لكن مجرد حقيقة أن رؤساء الدولة وصلوا إلى وضع يوصفون فيه بمجرمي حرب ويحوم فوق رؤوسهم تهديد الاعتقال، فعلى كل مواطن أن يقلق. نتنياهو قاد إسرائيل إلى الكارثة الأكثر في تاريخها في 7 أكتوبر، وهو الآن يُقتاد إلى قفص “لاهاي”.

——————————————–

هآرتس 21/5/2024

جرائم الحرب: شراكة وسائل الإعلام في إسرائيل

بقلم: ميخائيل سفارد

في نشرة أخبار، بقناة تلفزيونية إسرائيلية، يعملون في هذه الأثناء على تقرير صحافي واسع، يفحص سياسة إطلاق النار للجيش الإسرائيلي في عملية “السيوف الحديدية”. التقرير يهدف إلى معرفة كيف حدث أن الكثير من الغزيين، بينهم عشرات آلاف الأطفال والنساء، قُتلوا في عمليات قصف سلاح الجو والمدفعية الإسرائيلية.

طاقم البحث يعمل بشكل حثيث خشية أن يسبقه في قناة منافسة تقرير مشابه: كشف النقاشات في هيئة الأركان وفي “كابينيت الحرب”، التي تمّت المصادقة فيها على المس بالبنى التحتية المدنية، مثل المستشفيات ومصانع المواد الغذائية ومنشآت تعليمية وأكاديمية ومكاتب حكومية. نقاشات تقرر فيها تحويل غزة إلى كومة أنقاض. من المرجح أن هذا التقرير سينشر في القريب وسيتسبب بهزة أرضية في إسرائيل.

هذا غير صحيح. فلا توجد تقارير أو هزة أرضية، بل هذا هذيان قبل الصيف الذي حلمت فيه. المعالجة الصحافية بالحد الأعلى لعمليات القصف في غزة، التي يمكن مشاهدتها في النشرات الإخبارية لوسائل إعلام التيار العام، هي لضابط مدفعية، الذي في 7 أكتوبر وجد وهو في رحلة تزلج مع الأصدقاء في الشركة الناشئة في الخارج. هو ترك كل شيء وتسلق جبال الألب سيراً على الأقدام، وسافر في سيارات بالمجان من أجل الوصول إلى الشاطئ مع سائقين من النازيين الجدد، الذين لم يعرفوا أنه يهودي. ومن هناك اجتاز البحر المتوسط سباحة كي يتجند للخدمة دون أن يودع عائلته، في قاعدة الاحتياط التي يخدم فيها – الآن هو يقوم بقصف الغزيين. دموع المشاهدين محفوظة إلى ما بعد الإعلانات. عندها سنرى اللقاء المؤثر بين الضابط وابنته الثالثة، التي جاءت لزيارته في القاعدة.

عندما سيصل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني إلى نهايته ويتم تشكيل لجان حقيقة ومصالحة، سأقوم بترشيح نفسي للعمل في اللجنة التي ستعالج مسؤولية الإعلام في إسرائيل عن جرائم الاحتلال والفصل العنصري وحروب إسرائيل في قطاع غزة (لا يوجد مدع عام في لجان الحقيقة والمصالحة، لكن أنا أريد الانحراف للحظة عن نموذج جنوب إفريقيا).

حسب رأيي، أعضاء اللجنة سيقومون، بناء على طلب مني، باستدعاء المحررين ومقدمي نشرات الأخبار وبرامج الواقع، والمحللين والمراسلين العسكريين، كي يقدموا تفسير بعض خصائص التغطية الإعلامية للاحتلال بشكل عام، والحرب في غزة بشكل خاص. مثل، كيف أن روح الأخلاق والمهنية تتساوق مع القرار الحقير، عدم تقديم توثيق لما يحدث في غزة للجمهور الإسرائيلي. الأمر لا يقتصر على حجب صور معاناة سكان غزة عنا، بل أيضاً لا توجد أي مقابلات معهم. مرت سبعة أشهر وإسرائيل تقوم بالطرد والقصف والتجويع والقتل والتدمير لمليونَي شخص، وفي القنوات الإسرائيلية لا يوجد أي شيء، بالضبط لا شيء. لقد قرروا نيابة عن الجمهور بأنه لا يريد رؤية وسماع ما نفعله بالغزيين. بعد ذلك الإسرائيليون يقلقون مما يقولونه عنا في عواصم أوروبا. هناك وسائل الإعلام تؤمن بأن دورها هو الكشف وليس التغطية.

إضافة إلى ذلك، أنا سأطلب توضيح لماذا تم تغييب بالكامل في الأستوديوهات المواقف التي تعارض الحرب، ليس فقط الإستراتيجية العسكرية، بل تدمير القطاع كحل وكرد على جرائم 7 أكتوبر. كيف كرست الأستوديوهات نفسها للجنرالات المتقاعدين والناطقين بلسان الجيش، والمحرضين على أنواعهم على ارتكاب جرائم الحرب. وكيف لا يوجد في برامجها أي تعابير تنتقد أخلاقيات القتال. أنا انتقدهم بأن التملق والإجماع والقومية المتطرفة والفن الهابط، كانت المبادئ لبرامجهم.

هناك شيء آخر يحتاج التوضيح: عدم التغطية المدهش لجرائم المستوطنين في الضفة الغربية. يمكن لأي طالب إسرائيلي شعر أنهم نظروا إليه بشكل غير لطيف في الجامعات الأجنبية التي يتعلم فيها، أن يحصل على مقابلة، لكن 18 تجمعاً فلسطينياً تم تهجيرها في نصف السنة الأخير من أراضيهم بسبب عنف المتطرفين اليهود، لا تحصل على دقيقة بث. عنف المستوطنين الذي يتمتع بالحماية والحصانة من قبل الجيش، وبالتالي هو في الحقيقة عنف الدولة، وصل إلى الذروة، ويتم استثمار الشجاعة الصحافية في شبكة الأخبار الأكثر مشاهدة في هجوم شعبوي على أكاديمية فلسطينية تم اعتقالها بذريعة كان السوفيات سيخجلون منها. أنا أريد أيضاً سؤال المحررين كيف حدث أنه عندما كشفت هاجر شيزاف في هذه الصحيفة قبل شهرين تقريباً أن “27 غزياً ماتوا في منشآت الاعتقال العسكرية في إسرائيل منذ بداية الحرب” (7/3)، أي من وسائل الإعلام لم تعط مكاناً لهذا النبأ المخيف، ولم تكلف نفسها عناء إرسال المراسلين لسؤال الجيش والحكومة أسئلة قاسية عن الظروف التي أدت إلى أن يهبط الغزيين مثل الذباب أمواتاً في منشآت الاعتقال عندنا. ناهيك عن التقرير الصحافي الذي سيحقق فيما يحدث في مكان يصبح بشكل متزايد قبو تعذيب إسرائيلياً. هذا موضوع مخصص لـ”سي.إن.إن”، لأن مراسليها وحدهم هم الذين يعرفون الطريق إلى “سديه تيمان”.

بالطبع، كنت سأحاول فهم، من قادة إعلام التيار العام، ما فكروا فيه عندما بدلاً من المحاربة كأسود على حرية التعبير، التي هي الأرض التي يقفون عليها، وأن يدينوا إغلاق قناة “الجزيرة”، أدار نجومه معركة لإسكات القناة بسبب تحيزها في تقاريرها (تحيز هو في الحقيقة معاكس، لكن يشبه بالضبط تحيز بثهم). خذوا مثلاً القناة “12”، التي النجم المبدع فيها، داني كوشمارو، سأل عدة مرات كيف أن هذه القناة ما زالت تبث في إسرائيل. أو خذوا عوديد بن عامي وعميت سيغل، اللذين حللا في اليوم الذي صدر فيه أمر إغلاق القناة وقالا: إن إسرائيل هي دولة غبية مقارنة مع الدول العربية التي أوقفت بث هذه القناة منذ زمن. كنت سأسأل عن مدى عدم معرفتهم. من شجعوا إغلاق قناة “الجزيرة”، الذين يبثون في قناة يسمّيها البيبيّون “الجزيرة 12″؟!

“رغم أن بعض وسائل الإعلام عارضت الحكومة”، كما جاء في التقرير الإجمالي للجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا حول مسؤولية وسائل الإعلام هناك عن جرائم الأبارتهايد، “إلا أن الرؤية الاجتماعية والسياسية التي نشأت على يد الأبارتهايد تم تأييدها من قبلها. وسائل الإعلام قامت بتحليل الواقع والمجتمع من خلال تصور النظام، ولم تقدم أي وجهات نظر وخطابات بديلة خارجة عنه. مسؤولية الإعلام عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، تعالوا نترجم هذا المقطع إلى اللغة الإسرائيلية:

“رغم أن بعض وسائل الإعلام عارضت الحكومة ورئيسها، إلا أن التصورات الاجتماعية والسياسية التي نشأت على أيدي الاحتلال الإسرائيلي ومشروع الاستيطان، وعلى رأسها محو الخط الأخضر، وُصف أي انتقاد لخطوات إسرائيل بأنه لاسامي، القول إن الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي، وحتى “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”، وبدرجة كبيرة تصور تفوّق اليهود وضآلة قيمة الفلسطينيين كبشر، تم تأييد كل ذلك من قبلها. وسائل الإعلام في إسرائيل حللت الواقع والمجتمع من داخل التصور العرقي اليهودي، ولم تقدم أي وجهة نظر أو أي خطاب بديل خارجه”.

هل تم إقناعكم بأن وسائل الإعلام سيكون عليها الكثير ممّا ستشرحه؟ انتظروا لنتحدث عن جهاز القضاء.

——————————————–

إسرائيل اليوم 21/5/2024

صحيفة إسرائيلية: موت الرئيس الإيراني.. بين تحديات المستقبل والساعة الأيديولوجية

البروفيسور دافيد منشري

يضع موت الرئيس الإيراني الأمة الإيرانية أمام تحديات عديدة. بالفعل، في دولة تغيب فيها حرية الانتخابات، لا ترى في إيجاد رئيس بديل مشكلة. لكن الموضوع هو التوقيت الذي يضع أمامها جملة مسائل أمنية وداخلية واقتصادية وجغرافية سياسية على جدول الأعمال.

كما هو معروف، إيران دولة حافة قريبة جداً من تحقيق سلاح نووي، ولهذا الغرض هناك حاجة إلى قرار ووقت. أجرت طهران في الأسابيع الأخيرة مفاوضات مع الولايات المتحدة بواسطة عُمان، لاستئناف الاتفاق النووي. كما استأنفت إيران علاقاتها مع السعودية، وهذه الأخيرة بدأت تتسكع مع الولايات المتحدة، وربما مع إسرائيل. لهاتين المسيرتين تاريخ انتهاء مفعول – 5 تشرين الثاني 2024 – موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية. في الوضعية الناشئة، لا يمكن لإيران الدخول إلى هذه المواضيع بقدميها الاثنتين.

لقد كان الرئيس ووزير الخارجية شخصين أساسيين في تطوير العلاقات مع شرق أوروبا (روسيا) والصين. كدولة، قطعت شوطاً عظيماً نحو الصين، تنقسم الآراء، وثمة أصوات تدعو للعودة إلى غرب أوروبا. والآن مع موتهما، يكون الإيرانيون مطالبين بالعثور على رئيس ذي مزايا وقدرات عملية لإدارة هذه المسائل، وعليه أن يكون أيضاً شخصاً موالياً ومتفانياً، شخصاً يعرف بأنه لا يوجد إلا زعيم واحد – الزعيم الأعلى.

“تشويشات على الطريق”

إرث خامنئي أمر يعنيه؛ فهو لم يكن مرتاحاً من الرؤساء الذين سبقوا رئيسي؛ كونهم خرجوا عن خطه الأيديولوجي. فبينما هو (خامنئي) يرسم الطريق، فعلى الرئيس أن يوفر الطعام لقرابة 90 مليون نسمة، الأمر الذي يلزمه بالنزعة البراغماتية. حسب آية الله خميني، زعيم الثورة، فإن المصلحة تتغلب على الأيديولوجيا. وعلى حد نهجه، مسموح هدم مسجد، بل وتعليق الفرائض الأساسية في الإسلام إذا اقتضت المصلحة. أما الآن فالسؤال هو: ما هي المصلحة؟ الإسلام، الثورة، الدولة، مصلحة النظام أم مصلحة الزعيم الأعلى. رسم خامنئي الآن الحدود، وكان رئيسي مناسباً لخططه ككفة اليد، ليس بسبب مؤهلاته بل لأنه كان الأكثر موالاة من بين الأشخاص الذين حوله.

الشباب سيحسم

إيران دولة احتجاج. ونسبة المؤيدين للنظام تهبط. فلئن خرجت الجماهير في 1979 إلى الشوارع تحت شعار “الإسلام هو الحل”، ففي 2009 سألت: هل الإسلام هو الحل؟”. ومن 2019 وهي تصرخ بأن الإسلام ليس الحل. طهران، حتى وإن لم يكن علناً، أصبحت إحدى المدن العلمانية في الشرق الأوسط. زائر جاء إلى البلاد من إيران قال إن المدينة العلمانية في العالم هي تل أبيب تليها طهران. الشباب هم الذين سيحسمون مستقبلها. ربما سيقول أحد ما بأثر رجعي إن العنوان كان مكتوباً على الحائط.

———————————————

إعلام عبري: سوليفان غادر إسرائيل بخيبة أمل

القدس: قالت هيئة البث العبرية، الثلاثاء، إن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان غادر تل أبيب “بخيبة أمل” بعد لقاءاته مع مسؤولين إسرائيليين خلال زيارته التي بدأت الأحد.

وأضافت الهيئة (رسمية) أن سوليفان “غادر إسرائيل بخيبة أمل بعد اجتماعاته مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين”.

ونقلت عن مسؤول إسرائيلي، لم تسمه قوله إن “سوليفان يدرك أن نتنياهو لا يملك استراتيجية لإنهاء الحرب على غزة”.

والأحد وصل سوليفان إسرائيل والتقى نتنياهو، فيما التقى وزير الدفاع يوآف غالانت والرئيس إسحاق هرتسوغ والوزير بحكومة الحرب بيني غانتس الاثنين، وهو اليوم الذي غادر فيه إلى بلاده.

وأضافت الهيئة أن سوليفان “طرح على طاولة النقاش عددا من القضايا، من بينها عملية رفح (جنوب غزة) وصفقة المختطفين (الأسرى الإسرائيليين في غزة) والتطبيع مع السعودية”.

واعتبرت أن “السؤال الكبير الذي يقلق الإدارة الأميركية هو اليوم التالي لإنهاء الحرب، وهل لدى إسرائيل استراتيجية لإنهاء الحرب”.

ومن المواضيع التي تمحورت حولها زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي لإسرائيل “التطبيع المحتمل مع السعودية”، وفق المصدر ذاته.

وبشأن محادثات سوليفان في السعودية، التي استبقت زيارته لتل أبيب، نقلت الهيئة عن متحدث البيت الأبيض جون كيربي قوله أمس، إن سوليفان “حقق تقدما كبيرا فيما يمكن أن يكون اتفاقا تاريخيا بين الطرفين”.

وأكدت الهيئة أن “السعوديين متمسكون بموقفهم حيال الدولة الفلسطينية، ولا يوجد تحول في موقفهم إزاء التطبيع مع إسرائيل”.

وأضافت: “رغم أن واشنطن والرياض تقتربان من التوصل إلى تلخيصات بشأن مسألة التحالف الدفاعي الأمني ??بين البلدين، إلا أن التوصل إلى نتيجة بشأن القضية الفلسطينية لا يلوح في الأفق”.

هيئة البث أشارت إلى أن نتنياهو “يعارض بشدة دعم دولة فلسطينية كجزء من التطبيع مع السعودية، بينما تقدر الإدارة الأمريكية أنه من الصعب الحصول على أي تصريح بشأن حل الدولتين من نتنياهو وحكومته”.

وأشارت إلى أن “السعودية أبلغت سوليفان مطالبتها بخارطة طريق تعزز حل الدولتين”.

وأضافت: “تقترب الولايات المتحدة والسعودية من صياغة اتفاق مبدئي بين البلدين، لكن بحسب كيربي، تبقى المسافة شاسعة لغاية اتفاق كامل يشمل إسرائيل”.

وأوضحت أنه “في تسجيل من اجتماع كتلة الليكود تم نشره أمس (الاثنين)، سُمع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وهو يقول إن الولايات المتحدة لا تأمل في إقامة دولة فلسطينية ولا في تولي السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة في اليوم التالي للحرب”.

ولم يصدر تعقيب فوري من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أو البيت الأبيض بهذا الخصوص حتى الساعة 14:00 (ت.غ).

وفي وقت سابق الثلاثاء، قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، إن سوليفان قدم للمسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم نتنياهو، اقتراحا محدثا للتطبيع مع السعودية واستعادة قطاع غزة للتعاون الدولي، وما يجب أن تقدمه إسرائيل في المقابل.

وأضافت أن الاقتراح تضمن: “التطبيع مع السعودية، وتوسيع غلاف أمني توفره الولايات المتحدة الأمريكية ودول المنطقة ضد إيران، واستثمار مليارات الدولارات في غزة بنفوذ إسرائيلي، إلى جانب صفقة إطلاق سراح الرهائن كجزء من نهاية الحرب، ودفع اتفاق سياسي مع حزب الله في الشمال”.

وأشارت إلى أن الخطوات المطلوب من إسرائيل أن تقدمها بالمقابل هي “إنهاء الحرب على غزة، والاتفاق على إطلاق سراح جميع المختطفين، وتصريح من الحكومة الإسرائيلية بأنها مع إجراء لخلق أفق سياسي على أساس حل الدولتين (فلسطين وإسرائيل)”.

كما يطلب من تل أبيب، وفق المصدر ذاته، “الاتفاق على آلية لإدارة غزة: ليست حكما عسكريا (إسرائيليا) ولا حماس، بل إدارة فلسطينية مدنية بالتعاون مع دول المنطقة”.

وقبل أن تشن إسرائيل الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تزايد حديث مسؤولين إسرائيليين عن قرب تطبيع العلاقات مع السعودية، لكن الرياض أكدت في أكثر من مناسبة أن ذلك لن يحدث إلا بعد التوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وخلفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ نحو 8 أشهر، عشرات آلاف الشهداء والجرحى، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فورا، ورغم أن محكمة العدل الدولية طالبتها بتدابير فورية لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.

———————————————

كريم خان: «قادة كبار» هدّدوني: الجنائية الدولية أنشئت لأفريقيا والبلطجية وليس للغرب

لندن – «القدس العربي»: لم تنجح المساعي الإسرائيلية لمحاصرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بعد طلبه إصدار أوامر اعتقال بحق قادة في حكومة إسرائيل، وحركة “حماس”، في تشكيل موقف أوروبي موحّد تجاه هذه المسألة التي قد تضع الدول الأوروبية في مأزق بين الاستجابة إلى قرارات محتملة أو رفض تنفيذها.

فعلى الرغم من مواقف عدد من الدول، كان آخرها أمس ألمانيا وبولندا وإيطاليا التي انتقدت قرارات خان، وما عدّته “مساواة” بين إسرائيل الديمقراطية و”حماس”، فضلت فرنسا، العضو في الاتحاد الأوروبي، أن تحترم استقلالية المحكمة.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية “فيما يتعلق بإسرائيل، الأمر متروك للدائرة التمهيدية في المحكمة كي تقرر”.

أما النرويج، فذهبت أبعد من ذلك، بإعلان وزير خارجيتها إسبن إيدي أن بلاده ملزمة “باعتقال (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو إذا زار بلادنا بعد صدور قرار من المحكمة الجنائية الدولية”.

وشكلت تصريحات أدلى بها كريم خان إلى محطة “سي أن أن” الأمريكية صدمة من المرجح أن تكون لها تبعات لاحقة.

فقد كشف النقاب عن تلقّيه تهديدات أثناء إجرائه تحقيقات ضد مسؤولين إسرائيليين، وعن أنه قيل له من قبل أحد كبار القادة “المنتخبين” ولم يسمه، إن المحكمة “أُنشئت من أجل أفريقيا والبلطجية (..) وليس لمحاسبة الغرب وحلفائه”

وفي الوقت الذي قال فيه نتنياهو إنه لا يخشى السفر في أنحاء العالم، خطت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن باتجاه بحث خطوات ملموسة لمعاقبة المدعي العام.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن الإدارة الأمريكية ستكون سعيدة بالعمل مع الكونغرس لصياغة “رد مناسب” عليه. وفي سياق متصل ولافت للانتباه، أكد الدكتور ماجد الأنصاري المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، أنه من المبكر الحديث عن تسليم الدوحة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” على ضوء المذكرة التي أصدرتها محكمة الجنايات الدولية.

وقال إن قطر ليست طرفاً في نظام المحكمة الجنائية الدولية، وهي تنفذ جميع التزاماتها و”تدين استهداف المدنيين، ولا تسمح بالتهرب من المسؤولية”.

———————————————

هآرتس 21/5/2024

رئيس الأركان.. الفوضى في الجيش مسؤوليتك

بقلم: يوسي ميلمان

تصريح الوزير بني غانتس بأنه سيستقيل من الحكومة إذا لم يحدث “انقلاب استراتيجي” في إدارة الحرب، يظهر الحاجة الى وضع طلب مشابه أمام رئيس الأركان هرتسي هليفي. يجب عليه تحديد موعد لاستقالته. لا توجد حاجة لإطالة الكلام حول مسؤولية هليفي في فشل 7 تشرين الأول (اكتوبر). أيضا، هو نفسه اعترف مرات عدة بالمسؤولية عن الفشل. ولكن ليس فقط بسبب هذا الفشل يجب عليه (وعدد من الجنرالات في هيئة الأركان العامة) الاستقالة، بل سلوكه منذ ذلك الحين وطبيعة قيادته تثير الشك الكبير. هذا الأمر وجد تعبيره بشكل خاص في حقيقة أنه لا يسيطر على الضباط الصغار والمتوسطين والجنود، ويجد صعوبة في تنفيذ الأوامر.

الدخول المغطى إعلاميا للجيش الإسرائيلي الى رفح، مع دبابات عليها أعلام إسرائيل وتندفع نحو الحدود مع مصر ورفع العلم في معبر رفح، كل ذلك أثار الغضب في مصر، التي من البداية طلبت من إسرائيل عدم اقتحام هذه المدينة على الحدود، ضمن أمور أخرى، خوفا من هرب مئات آلاف الغزيين الى شبه جزيرة سيناء. مصر انضمت للدعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي. وجهات في الدولة قالت إنها تفحص استبدال السفير في تل أبيب بقائم بالأعمال فقط.

التهديد الأخير لم يتم تنفيذه بعد لأنه من الواضح أنه رغم غضب مصر، إلا أنها لا تسارع الى اتخاذ خطوات متسرعة التي يمكن أن تدهور أكثر العلاقات الهشة مع إسرائيل.

لكن الأحاسيس القاسية لمصر لم تتبدد. فهي غاضبة ليس فقط لأن إسرائيل لم تستجب لتحذيرها ودخلت الى رفح، بل أيضا بسبب الشعور أنها تستخف بكرامتها. لأنه قبل بضعة أيام قبل دخول رفح، نشر مراسلون إسرائيليون بأن رئيس الأركان وعد بأن هذا الدخول سينفذ بهدوء ومن دون صدى إعلامي، الذي سيتم تفسيره بأنه إصبع في عين مصر. عمليا، كما قلنا، تبين أنه لم يكن لتعهد إسرائيل أي غطاء بسبب غياب الانضباط في الجيش الإسرائيلي. هناك تفسيران محتملان لهذا السلوك. الأول هو أن جنود القوة التي دخلت الى رفح وضعوا قانونا لأنفسهم واستخفوا بالتعليمات ونشروا الصور في الشبكات الاجتماعية. الثاني هو أنه ربما تعليمات القيادة العليا لم تصل الى الميدان. كل تفسير يشير الى أداء معيب. الجيش الإسرائيلي لم يتميز في أي يوم بالانضباط. منذ تشكيله هو يراوح بين قطبين، تقليد الجيش البريطاني (الأميركي وما شابه) الذي يحرص على تنفيذ الأوامر، أمام تقليد الفوضى في ثلة البلماخ، التي أحد رموزها كان “سرقة الدجاج”. وأضيف الى ذلك وباء عدم النظام في الفضاء العام الذي يميز إسرائيل، الذي يتمثل في نقص التهذيب الواضح وقيادة منفلتة العقال في الشوارع والاستخفاف العام بالقانون.

لقد أحسن رئيس الحكومة اسحق رابين في وصف هذا المزاج في 1992، في احتفال تخريج فوج في مدرسة القيادة وهيئة الأركان، عندما قال “يوجد اسم لمشكلة مؤلمة لدينا، اسم شخص واسم عائلة”، وهو كلمات “الأمر سيكون على ما يرام”. هذا التعبير غير محتمل. وراء هذا التعبير يختفي بشكل عام كل ما هو ليس على ما يرام.

مع وجود الجيش في طليعة المجتمع الذي يخدم فيه أبناؤه، فمن غير الغريب أن تتسرب ثقافة الفوضى اليه بسرعة. الجيش لا يحب معاقبة من يخالف الأوامر والقانون. وذلك ينعكس في غياب العقوبة، أو العقوبة الخفيفة التي تفرض على الضباط والجنود الذين فسدوا. بعد ذلك تتم ترقيتهم في أحيان كثيرة. في الواقع على الأغلب الحديث يدور عن خرق صغير للانضباط. ولكن هناك حالات غير قليلة فيها العمل ضد الإجراءات أو الأوامر توجد له أهمية استراتيجية. هكذا كان الأمر عندما قام جنود كتيبة نيتسح يهودا بالتنكيل بفلسطيني عجوز وتركوه ليموت. هذه الحالة الصادمة التي تدل على مستوى رخص حياة الإنسان، أسهمت في قرار الإدارة الأميركية فرض عقوبات على هذه الكتيبة (القرار الذي تم تجميده في الوقت الحالي)، سيئة الصيت، لأنها تنتهك القانون في كل ما يتعلق بالفلسطينيين في الضفة الغربية. والآن هذا يحدث أيضا فيما يتعلق بمصر.

على الرغم من أن هذا غير جديد، إلا أن آفة الازدراء هذه وعصيان الأوامر، ازدادت بشكل كبير خلال الحرب. ضباط وجنود قاموا بتوثيق أنفسهم وهم ينهبون المنازل في غزة، والتقطوا الصور بجانب جثث (المقاومين)، وكتبوا على حيطان البيوت دعوات للانتقام مثل “تذكروا ما فعله العماليق بكم”، “نكبة 2024″، ورفعوا لافتات سياسية تخالف أوامر الجيش وتؤيد الاستيطان في غزة. قبل أسبوعين تقريبا، نشر موقع الأخبار البريطاني “بلينغ كات”، المتخصص بجمع المعلومات من مصادر علنية، صورا قاسية لجنود كتيبة هندسة وهم يفجرون البيوت في غزة ويراقبون بلامبالاة واضحة هذه العملية.

المسؤولية عن ازدياد الفوضى الانضباطية في الجيش الإسرائيلي في الفترة الأخيرة، ملقاة أولا وقبل كل شيء على رئيس الأركان، وتعزز الحاجة الى تقديم استقالته. هناك عدد من المرشحين المناسبين الذين يمكنهم استبداله حتى أثناء الحرب. نائبه الجنرال أمير برعام أحدهم، والجنرال (احتياط) الون نيتسان أو مدير عام وزارة الدفاع، الجنرال (احتياط) ايال زمير، الذين كانوا مرشحين في السابق لمنصب رئيس الأركان، يمكنهم شغل هذا المنصب، كما يبدو، بصورة أكثر نجاعة.

———————————————

“بلومبرغ”: لا ينبغي لبايدن أن يرفض حكم المحكمة الجنائية الدولية دعماً لـ “إسرائيل”

بقلم: أندرياس كلوث

تبدو الولايات المتحدة منافقة، حيث تتذرّع “بنظامها القائم على القواعد” ضد خصومها، من روسيا إلى الصين، ولكنها تتجاهل ذلك عندما يتعلّق الأمر بحليفتها “إسرائيل”.

شبكة “بلومبرغ” تنشر مقالاً للكاتب أندرياس كلوث، تحدّث فيه عن ازداوجية المعايير التي تنتهجها واشنطن حيال قضايا المحكمة الجنائية الدولية، ويقول إنّه لا ينبغي على الرئيس الأميركي رفض الحكم الذي قد يصدر بحق قادة “إسرائيل”.

لقد جاء الأمر بمثابة صدمة، إن لم يكن مفاجأة. يسعى المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إلى إصدار أوامر اعتقال، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، لاثنين من قادة “إسرائيل”، أحدهما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن “إنّه أمر شائن”. ولكن إذا ازدرت الولايات المتحدة الآن المحكمة التي ساعدت في إنشائها في التسعينيات، فإن هذا من شأنه أن يقوّض النظام الدولي للقانون والنظام الذي تدّعي الدفاع عنه.

وينتقل بعد ذلك طلب المدعي العام كريم خان إلى لجنة من القضاة المستقلين. وحتى لو أصدروا أوامر الاعتقال، فليس هناك احتمال كبير لاعتقال أي شخص مدرج في القائمة. فبادئ ذي بدء، لم توقّع الولايات المتحدة ولا “إسرائيل” على نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، ولا تشعر أي منهما بأنها ملزمة به.

وقال خان هذا الأسبوع نيابة عن المحكمة الجنائية الدولية إنّه “إذا لم نظهر استعدادنا لتطبيق القانون على قدم المساواة، وإذا نُظر إليه على أنه يطبّق بشكل انتقائي، فسوف نخلق الظروف لانهياره”.

ويدور الجدل حول التهم الموجّهة ضد نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت. وهم متهمون بالتسبّب عمداً في التجويع والمعاناة والاضطهاد والعقاب الجماعي وغير ذلك من الأعمال اللاإنسانية – كما هو محدّد في المادتين 7 و 8 – ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، وتشمل التفاصيل تقييد توصيل الغذاء والدواء، وقطع المياه والكهرباء، وقتل المدنيين وحتى عمّال الإغاثة.

وإدراكاً منه للرفض الذي سيواجهه، عرض المدّعي العام خان الأدلة الدقيقة التي جمعها محامو محاكمته، على العقول القانونية المهيبة التي قدّمت المشورة في هذه العملية. ولن تمنع هذه الأدلة، الولايات المتحدة، من استعراض دعمها لحليفتها “إسرائيل” والطعن في شرعية المحكمة بأكملها.

وأوضحت إدارة بايدن أنّها تنفي اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في هذه المسألة ولن تحترم نتائجها. وكان بعض المشرّعين على استعداد للذهاب إلى أبعد من ذلك؛ حيث أرسل عشرات من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين رسالة إلى المحكمة الجنائية الدولية كتبوا فيها إلى خان: “استهدف إسرائيل وسوف نستهدفك”، مهدّدين “بإنهاء كل الدعم الأميركي للمحكمة الجنائية الدولية، ومعاقبة الموظفين والشركاء، ومنع خان وعائلته من دخول الولايات المتحدة”.

لن تكون هذه أول مضايقة أميركية لهذه المحكمة. وكانت الولايات المتحدة، باعتبارها من كبار مهندسي نظام روما الأساسي، قد انقلبت بعد ذلك ضدّ إنشائها، خشية أنّ تلجأ المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة الجنود أو القادة الأميركيين. وفي عام 2002، أقرّت واشنطن “قانون لاهاي للغزو”، وهو قانون يسمح نظرياً للرئيس بإرسال قوات لتحرير الأميركيين من الاعتقال. وفرضت إدارة دونالد ترامب في وقت لاحق عقوبات على قاضي المحكمة الجنائية الدولية ومحامٍ كانا يحقّقان في مزاعم ضد جنود أميركيين في أفغانستان.

ومع ذلك، تتعاون الولايات المتحدة أيضاً مع المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقاتها في الفظائع الروسية في أوكرانيا. إنّ هذا الانتقاء تقوم به قوّة تطمح أن تكون زعيمة العالم الحرّ!

تبدو الولايات المتحدة منافقة، حيث تتذرّع “بنظامها القائم على القواعد” ضدّ خصومها، من روسيا إلى الصين، ولكنها تتجاهل ذلك عندما يتعلّق الأمر بحليفتها “إسرائيل”. كما أنّ حكمها بشكل استباقي في احترافية المحكمة وموضوعيتها سيكون بمثابة إشارة كارثية ترسلها واشنطن. ولا يمكن للولايات المتحدة أن تقول إنّها تلتزم بالقانون فقط عندما يناسب سياستها.

———————————————

عن “يديعوت أحرونوت 21/5/2024

“الجنائية الدولية”: الكابوس بكامل أركانه

بقلم: رونين بيرغمان

في عالم آخر، كان يوم أول من أمس يعد انتصاراً دبلوماسياً، إعلامياً، قانونياً، أخلاقياً، قيمياً، بل وربما تاريخياً، لإسرائيل.

فالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، كريم خان، اتهم قادة “حماس” بالجرائم الأخطر. “على أساس أدلة جمعت وفحصت من قبل مكتبي”. ليس فقط المشبوهَين الفوريَّين، السنوار ومحمد ضيف، بل أيضاً رئيس الذراع السياسية لـ”حماس” خارج غزة، إسماعيل هنية، الشخصية الأعلى لـ”حماس” والذي لا يتواجد في القطاع، والذي هو ضيف مقبول ومرغوب فيه في دول عديدة، ويتنقل بين الدوحة وإسطنبول. طلب خان أمر اعتقال ضده يخلق تحدياً لقطر وتركيا، وكفيل بأن يسرع الخطوة القطرية التي توجد أنباء مختلفة حول فرصها، لإغلاق مكاتب “حماس” في الدوحة. وبالتأكيد هذه الاحتمالات لم تقل، أول من أمس.

والطلب ضد ثلاثتهم لا يقل عن اهتزاز للأركان. ليس فقط لأنهم متهمون بالجرائم الأخطر بسجل القوانين الدولي، بما في ذلك الإبادة الجماعية، القتل المتعمد، التعذيب، المعاملة الوحشية للأسرى في الحرب وغيرها، بل أيضاً بـ”اغتصاب وأفعال عنف جنسي آخر كجرائم ضد الإنسانية”. الاتهام في هذا الموضوع، الذي أصبح الأكثر حساسية منها جميعها، ليس فقط اعترافاً، سبق أن أعرب عنه في تقرير نائبة الأمين العام للأمم المتحدة فارميلا باتن، في أن مخربي “حماس” ارتكبوا جرائم ترتبط بالجنس بشكل منهجي بل هو عملي أكثر من ذلك بكثير.

“نحن ندعي أن الجرائم ضد الإنسانية كانت جزءاً من هجوم واسع ومنهجي ضد السكان المدنيين في إسرائيل من قبل حماس وجماعات مسلحة أخرى، وفقاً لسياسة تنظيمية”، قال خان. الكلمات الثلاث الأخيرة “وفقاً لسياسة تنظيمية” تلمس قلب الجدال في الموضوع الأكثر حساسية. وعندما تأتي على لسان كريم خان، لأول مرة من جسم دولي قانوني معترف به، فإنها تؤكد، كاشتباه حالياً، ما ينفيه الكثيرون بحزم – بأنه لا يدور الحديث عن مبادرات محلية، بل عن سياسة “حماس” كلها، الذين هم ليسوا مخربين قتلة لعينين فقط، بل منفذو أعمال واسعة، منتظمة، جزء من نهج تنظيمي. ما كان يمكن لإسرائيل أن تأمل بصيغة أفضل.

في العالم الآخر، الذي يعيش الكابوس بقدر أقل، هنا الأنباء تنتهي وتبدأ التحليلات لمعاني الأمور. لكن في العالم الحقيقي الذي هو في كابوس كامل، واصل المدعي العام ونشر أيضاً طلبه لإصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو وغالانت. حقيقة أن الاتهامات ضد رئيس الوزراء ووزير الدفاع هي خطيرة أقل في رواية الحقائق فيها من تلك التي ضد الثلاثة من “حماس”، لا يمكنها أن تكون مواساة إذ إن مجرد وجود تلك الصفحة في بيان المدعي العام، بالانجليزية والفرنسية والعربية، يخلق مقايسة بين الأفعال الأفظع لأولئك والأفعال الأفظع لهؤلاء، وإن كان بقدر أقل.

نتنياهو وغالانت، بالطبع نفيا، كما وضع التاريخ المليء بالمفارقات نتنياهو مع غالانت، كريه نفسه ورعبه السياسي لاحقاً في الجانب ذاته لمحكمة الشعوب.

في إسرائيل، في وزارة العدل وفي وزارة الخارجية يقولون: إن المدعي العام خدعهم. فقبل ستة أسابيع بدأت تصل أنباء عن النية لإصدار الأوامر. أحد عاملي المحكمة، حسب الشائعة، سكر قليلاً وروى لأحد ما روى هو الآخر لغيره وتدحرجت الأمور حتى مكتب رئيس الوزراء، وزارة العدل وبعد ذلك أسرة الاستخبارات. جهد إسرائيلي لفهم ما يحصل في المحكمة ليس فقط لم يبدد الشائعات بل أكدها. نتنياهو، هكذا حسب مصادر مقربة منه دخل في ضغط كبير وللحظة كان يخيل أن ثمة شيئاً ما مخيفاً أكثر حتى من انسحاب سموتريتش.

خبراء في وزارة العدل كانوا على قناعة بأن هذه المرة أيضاً سينجح في أن يلغي أو يرد شر القضاء. فقد فهموا، أو على الأقل اعتقدوا أنهم فهموا أن المدعي العام قال إن هذا في هذه اللحظة هو نوع من “وضع الانتظار”، والذي يفسر الآن كمحاولة من خان لخداع إسرائيل كي لا تمارس هذه ضغطاً وتسمح له بالتقدم في المسار قبيل رفع الطلب بلا عراقيل. يحتمل أن تكون الأمور صحيحة أو شبه صحيحة، لكنها تثبت أن موقف كريم خان، القانوني الجدي ذي القامة الذي اعتبر اختياراً معقولاً من ناحية إسرائيل حين تسلم منصبه، تغير بشكل متطرف. فهو يتعامل مع اسرائيل وجهاز القضاء، الإنفاذ والتحقيق كمجرمين يمكن بل وربما يجب التحايل عليهم. تسريب وزارة العدل المسنود إلى الفهم أن الأمور توجد تحت السيطرة هدأ الروّع. ونتنياهو هو الآخر كف عن الخوف وعاد إلى مخاوفه من بن غفير وسموتريتش، وواصل الدفع باتجاه الحكم العسكري في غزة.

الآن، حين يتبين كل هذا كخطأ والمخاوف الأولى تتقزم أمام الطلب الذي نشر، فان الجميع يأسفون على أنهم غفوا في الحراسة لكن الموضوع التكتيكي هو هامشي نسبياً. في العالم الآخر، الذي يعيش الكابوس بشكل أقل، كل هذا ما كان ينبغي له أن يحصل لأنهم هناك يفهمون أن الوضع صعب، إن لم يكن صعباً جداً – ويعملون ضده.

في العالم ما قبل قيام الحكومة الحالية، انشغل عشرات كثيرون من القانونيين الخبراء في خدمة الدولة، في المنظومات والمنظمات المختلفة، في محاولة التأكد أنه لن تفتح ضد إسرائيل محاكمة من نوع كهذا أو تحقيق وطلب أوامر اعتقال. وقد نجحت هذه المحاولة على نحو شبه تام. التحقيق الذي فتح على “الجرف الصامد” بعد سبع سنوات من التردد تواصل بكسل ومشكوك فيه أن يصل إلى أي مكان.

في العالم الموازي كان هناك حوار مثمر ومغذٍ دوماً، بين المستشار القانوني للحكومة ورئيس الوزراء، وفي هذا الحوار عرف الطرفان كيف يدفعان قدماً بخطوات لا تقاتل فقط الشبهات الناشئة بأثر رجعي، بل تدخل المحامين في مسيرة اتخاذ القرارات في مواضيع عسكرية بما فيها الأكثر حساسية، بما فيها مثلاً في 2003 سؤال المستشار القانوني للحكومة: هل من الصواب من ناحية القانون الدولي تصفية الشيخ أحمد ياسين مؤسس وزعيم “حماس”، رغم أنه زعيم سياسي وعجوز مريض؟ (المستشار قال لا ولا، ومرة أخرى لا – إلى أن جاءت أدلة بررت برأيه الضربة).

أن يقال إن العالم كله ضد إسرائيل، وكنا سنصل على أي حال إلى النتيجة ذاتها، هو تقريباً مثل أن يقال إن “حماس” لا تريد صفقة، وإن إسرائيل فقدت منذ الآن البراءة في المفاوضات مع منظمة القتلة. حتى لو كان صحيحاً أن كل العالم ضدنا وأنهم كلهم لاساميّون، وعندي شك كبير في ذلك، كانت لا تزال حاجة للنظر في هذه الأمور مسبقاً، والعمل بتفكر وحكمة لأجل منع ذلك. في العالم الآخر كانت مستشارة قانونية وأناسها مشاركين في كل القرارات بالنسبة للحرب، ويشرحون لـ”الكابينيت” ولقادة الجيش أنهم ملزمون بأن يقوموا بالأمور حسب البروتوكول. في العالم الآخر، بما في ذلك في الأسابيع الأولى حين كان الدم يغلي والروح تواقة للثأر، كان المستشارون القانونيون سيحرصون على أن تتطابق القرارات مع القانون الدولي حتى إن كان هذا القانون يبدو لجهات مختلفة هامشياً وليس مهماً وربما مثيراً للحفيظة في تلك اللحظة. لكن في العالم الحقيقي منظومة العلاقات العكرة التي بين نتنياهو والمستشار القانوني وكل منظومة النيابة العامة، بعد أن حاول نتنياهو إقالتها وتخريب المنظومة، أقصيت المستشارة وأناسها عن محافل عديدة. وهذه، عن حق أم عن غير حق لم تطالب مرات عديدة أن يكونوا حاضرين فيها.

في العالم الحقيقي تصرف العديد من السياسيين كأنهم يعيشون في فراغ، طلعة ترومان، رواية بن غفير. في العالم الحقيقي مست الجهود السياسية لإحباط جهاز القضاء الإسرائيلي بصورتها – وخان أصبح مقتنعاً أقل فأقل باستقلالية منظومة القضاء، وأكثر بأن إسرائيل تعمل بشكل غير قانوني، على أقل تقدير.

خان، بدهائه، حشر الطرفان في فخ متعذر. وليس لأنه لم تكن تحذيرات. في العالم الآخر كانوا سينتبهون لتغريدة عظيمة المعنى للمدعي العام، وإن لم ينتبهوا، فلعلهم كانوا سيقرؤون المقال الذي نشر هنا في شباط، في أعقاب مؤتمر ميونيخ والذي ذكرت التغريدة فيه. “إسرائيل توجد في ذروة مسيرة آخذة في الاحتدام، آخذة في التسارع في نهايتها دولة مقصية، منبوذة، مقاطعة ومكروهة”، كتبنا في حينه، “وليته من هنا، من ميونيخ، يُرفع علم أحمر يحاول أن يشرح لمواطني دولة إسرائيل، وربما حتى لزعمائها خطورة الوضع”. العلم رفع. لكن أحداً لم يره.

في العالم الآخر كانوا سيقرؤون هنا صفحة التوصيات التي نشرها المحامي روعي تشايندروف، من كبار المحامين العاملين في القانون الدولي، والذي شغل منصب مساعد المستشار القانوني للحكومة، وترأس الدائرة القومية التي نجحت على مدى السنين في إحباط المبادرات للبدء بإجراءات دولية ضد إسرائيل. تشايندروف أوصى بسلسلة خطوات ينبغي اتخاذها فوراً، قبل أن يصدر الأمر، وحتى قبل أن يعلن المدعي العام على الإطلاق أنه يعتزم طلب إصداره. “يجدر النظر أيضاً في إمكانية مطالبة المدعي العام بنقل عملية الفحص والتحقيق إلى إسرائيل”.

إن دستور المحكمة مبني على فكرة الاستكمال – أي إعطاء أولوية للدول التي تريد وتستطيع التحقيق بنفسها في الادعاءات التي تطرح بالنسبة لمواطنيها أو الأفعال التي ارتكبت على أراضيها”، كتب في 2 أيار.

لو كان اتخذ أحد ما هذا العمل، لكانت الأمور تبدو أقل اضطراراً منها الآن حين لا شك أنه ينظر بها في جهاز القضاء.

في عالم آخر، في كابوس أقل، إسرائيل كانت ستصل جاهزة أكثر بكثير إلى هذه اللحظة. وبرأي الكثيرين ما كانت لتصل على الإطلاق لأن كريم خان ما كان يريد أن يهين نفسه حتى لو كان مقتنعاً بأنه يجب إصدار الأمر في محاولة ضعيفة قانونياً بهذا القدر.

لكن هذا ليس العالم الآخر، بل هو هذا العالم، مع الكابوس بالقوة الكاملة. والآن إسرائيل تصبح الدولة الثالثة التي ضد رأس هرمها القائم فيها طلب إصدار أمر اعتقال. كابوس.

———————————————

هآرتس 21/5/2024

وإسـرائـيـل أيـضـاً ظـلـمـت نـفـسـهـا!

بقلم: مردخاي كرمنتسر

إضافة إلى انتقاد قرار المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية حول إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الحكومة ووزير الدفاع، يجب الاعتراف بأنه على خلفية كل ما هو معروف، فإن قرار إصدار أوامر اعتقال ضد رؤساء “حماس”، قرار مؤثر ومناسب. لا يوجد أي أساس كي ننسب للمدعي العام التسامح أو التنازل تجاه الجرائم التي نفذها قادة “حماس” وما زالوا ينفذونها. أيضاً موقف المدعي العام من مسألة المخطوفين لا تشوبه أي شائبة. ليتهم يحصلون على معاملة مشابهة من الحكومة الإسرائيلية وجزء من الجمهور الإسرائيلي الذين اعتبروا أبناء عائلاتهم أعداء الدولة.

المدعي العام شرح أهمية المساواة أمام القانون الدولي. لكن فرض المساواة يعني فرض قانون واحد على حالات مشابهة، وقانون آخر على حالات أخرى. حكم واحد لحالات أخرى هو تشويه للمساواة في القانون. من هذه الناحية، فإن ربط السنوار والضيف بنتنياهو وغالانت يصرخ إلى عنان السماء بالتشويه الذي يوجد فيه. محظور أن يكون أي تشابه في المعاملة القانونية بين المعتدي (“حماس”) وبين المدافع (إسرائيل). الحق في الدفاع أمام اعتداء غير قانوني حق حيوي لأنه يسمح للمعتدى عليه بصد الهجوم عليه – العمل الطبيعي والمفهوم ضمناً، والذي دونه لا يمكن أن يكون نظام سياسي دولي ونظام قانوني دولي. في هذه الحالة يدور الحديث عن معتد وحشي لا مثيل له، لا يكتفي بالهجوم بل يعلن أنه سيستمر في الاعتداء بقدر استطاعته. هذا الحق يوجد له أيضاً بعد مهم في ردع المعتدين على أنواعهم. هذا بعد مهم بالذات أمام ضعف إنفاذ القانون الدولي.

يجب عدم تجاهل الشعور الطبيعي بالخوف والغضب الذي ثار في الضحية ويؤثر على طريقة دفاعها عن نفسها. أكثر من مرة المدافع يفعل أكثر مما هو ضروري ومبرر من أجل الدفاع عن نفسه. في أساليب قانونية كثيرة يعترفون بضائقة المدافع، ويتم إعفاؤه من العقاب حتى لو اجتاز حدود الدفاع الذاتية. تجاوزه يعتبر غير قانوني وغير مبرر، لكن بسبب الضائقة التي تعرض لها فإنه يتم إعفاؤه من العقاب.

توجد عدالة أيضاً في الرأي الذي يقول، إنه يجوز لقادة الدولة التي تتعرض للاعتداء، لا سيما عندما يدور الحديث عن أفعالهم التي لا تستهدف المعتدي فقط، بل أيضاً تستهدف المدنيين في الدولة التي خرج منها الهجوم. المدنيون ليسوا المعتدين وهم يستحقون الحماية. مع ذلك من غير الصحيح تجاهل ضائقة المعتدى عليه (أنا غير متأكد من أن المدعي العام استطاع فهم ذلك بكل خطورته). المحكمة الجنائية الدولية لا يمكنها مناقشة – بسبب نقص الموارد – جميع المخالفات للقانون الدولي. في الأصل هو يجب عليه اختيار أين سيستثمر جهوده. الحكمة تقول، إنه سيركز على الجرائم والمجرمين الأكثر خطراً، الذين يجب عقابهم بجدية. من هذه الناحية يمكن التساؤل حول تقدير المدعي العام الذي اختار التركيز على من عملوا على الدفاع عن دولتهم وشعبهم حتى لو تجاوزوا ما هو مسموح.

بسبب أن النيابة العامة في المحكمة اضطرت إلى الاختيار بعناية الملفات التي قررت مناقشتها، فإنه يجب الافتراض أنه في إطار التقدير الذي تستخدمه هي تختار الدولة التي قادتها مشتبه بارتكابهم جرائم، بنظرة واسعة. من هذه الناحية لا مناص من الاعتراف بأن إسرائيل جلبت على نفسها معاملة دولية تجاهها كدولة مخالفة للقانون، حتى لا نقول مجذومة، يجب كبحها والطلب من قادتها المارقين الالتزام بالنظام.

الانتقال الذي حدث في السنوات الأخيرة من النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي يريدون تسويته في إطار الدولتين، إلى مقاربة رفض مطلق لهذا الترتيب – سلب حق الفلسطينيين في تقرير المصير القومي في دولة، وحتى أكثر من ذلك سلب حقهم في الوجود في أرض إسرائيل، لصالح المستوطنين في المناطق خلافاً للقانون الدولي – يجعل إسرائيل دولة ظالمة، سياستها تؤكد النزاع الدموي المتواصل والمس بالاستقرار الدولي.

وإذا لم يكن هذا كافياً، فقد جاءت سيطرة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش على الحكومة في إسرائيل، ورسخت فيها أجندة العنصرية والترانسفير، وربما أسوأ من ذلك، أجندة التفوق اليهودي. من خلال ذلك هم المسؤولون عن تآكل سلطة القانون وتسييس الشرطة والاستفزاز المتواصل، ومطاردة الفلسطينيين في الضفة بشكل منهجي برعاية الدولة والجيش، وخنق عرب إسرائيل في حرية التعبير. وقد أضيف إلى ذلك الانقلاب النظامي المتواصل وإفراغ الديمقراطية في إسرائيل من مضمونها، وفي مركز كل ذلك تدمير أجهزة القضاء المستقلة والمهنية.

بعد 7 أكتوبر، اختارت إسرائيل التلويح بقطعة قماش حمراء أمام المجتمع الدولي بخطاب زائد، وتصريحات نارية، وأحاديث تنبعث منها رائحة قوية للانتقام ونزع الإنسانية عن كل الغزيين، التي تم الاحتفال بها في الأستوديوهات (دون علاج مناسب من قبل النيابة العامة). وإن المسافة قصيرة بين تجويع كل سكان غزة وبين المس بغير المشاركين، الأمر الذي تنسبه النيابة العامة في لاهاي لقادة إسرائيل.

من غير المفاجئ أنه يوجد تشابه واضح بين مضمون بيان المدعي العام في المحكمة في لاهاي حول الأفعال التي نسبت لإسرائيل، وبين ما حذرت الولايات المتحدة قادة إسرائيل منه، إلى درجة ليّ الأذرع. مشكوك فيه أن يكون هناك أي أحد في الحكومة الإسرائيلية سيعترف بهذا الجميل. حتى الهجمات والتهديدات للمدعي العام عندما تمّت معرفة أنه يفحص إصدار أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل، والتلويح المدان باتهام النيابة العامة باللاسامية، هي مثل مهاجمة إسرائيل لنفسها. لو أن الشيطان نفسه سيطر على تصرفات إسرائيل إزاء المجتمع الدولي، فإنه لن يقدر على القيام بعمل أفضل مما فعلته الحكومة الإسرائيلية. من هذه الناحية نحن جلبنا على أنفسنا هذه المشكلة (حرفياً).

نحن نعرف ماذا يوجد في ملف البيانات الذي جمعته النيابة العامة ضد نتنياهو وغالانت. ونحن نعرف من بيانه أن المدعي العام تشاور مع طاقم خبراء محترم قبل طلب إصدار أوامر الاعتقال، وتجنب نسب الإبادة الجماعية لقادة إسرائيل. سيكون من الخطأ الرد بالرفض أو الاستخفاف بهذه الخطوة، أو إذا واصلنا الاعتماد على الشعارات الفارغة حول أخلاقنا الأصيلة واتهام الأغيار باللاسامية.

المدعي العام ذكر في بيانه مبدأ المكملات، الذي بحسبه فإن الدولة التي تريد وتستطيع علاج مثل هذه الاتهامات بنفسها تتمتع بحق الأقدمية أمام المحكمة. تحقيق ذاتي وموضوعي مع رئيس الحكومة ووزير الدفاع حول طريقة إدارة الحرب لا يعتبر أمراً تافهاً في إسرائيل، خلافاً لـ”شبه التحقيق”. ولكن مع الكثير من النوايا الحسنة فإن هذا الأمر ما زال محتملاً.

أيضاً من الجدير التذكر أنه ما زال يوجد خلاف حول صلاحية المحكمة في محاكمة قادة إسرائيليين، حتى بعد قرار المحكمة في حينه، بأغلبية 2:1، بأنه توجد لها مثل هذه الصلاحية، حيث إن إسرائيل ليست عضواً في المحكمة، وهناك شك كبير إذا كان من ناحية القانون الدولي توجد دولة فلسطينية.

إذا أصدرت المحكمة أوامر الاعتقال، وهناك احتمالية كبيرة لحدوث ذلك، فيجب الافتراض أنه بمساعدة السلوك الحذر يمكن لإسرائيل ضمان أن هذه الأوامر لن يتم تنفيذها. ولكن لا يوجد في ذلك ما يصلح الضرر الذي لحق بمكانتها وما زال إزاء أمم العالم.

إنجاز مؤثر لنتنياهو وحكومته على مر السنين هو دهورة مكانة إسرائيل الدولية إلى الحضيض. وطالما أن حكومة نتنياهو هي التي تحكمنا فنحن لن نتمكن من الخروج من هذا الحضيض. يصعب التصديق، لكن يوجد مكان أدنى من ذلك يمكن أن نصل إليه.

——————انتهت النشرة——————