الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

معاريف 26/8/2024

احباط مبهر، الان نحتاج الى استراتيجية

بقلم: آفي اشكنازي

حرب سلامة تل ابيب: حسن نصرالله واسياده من طهران خططوا الثأر على تصفية فؤاد شكر، رئيس اركان حزب الله على ايدي إسرائيل قبل اكثر من ثلاثة أسابيع، كثأر على مذبحة الأطفال الـ 12 في مجدل شمس. وكانت خطة حزب الله بسيطة على التنفيذ، لكن مع إمكانية كامنة لضرر أليم جدا لإسرائيل. بالمقابل عرضت أمس شعبة الاستخبارات، قيادة المنطقة الشمالية، شعبة العمليات وسلاح الجو قدرات مبهرة ودقة استخبارية، ترجمت لاعمال احباط من جانب سلاح الجو وأذرع أخرى من الجيش الإسرائيلي.

من اعتقد ان الحدث سينهي القتال في الشمال مخطيء. فهدف الجيش الإسرائيلي كان منع رد حزب الله وعلى الطريق ان ينقل الى المنظمة اللبنانية والى ايران عرض اجمالي لقدرات إسرائيل الاستخبارية والقوة النارية لسلاح الجو، وجباية “ضريبة صواريخ” من حزب الله.

هذا هو. ليس اكثر من ذلك.

المفتاح لما يحصل هذا يوجد في طهران. الإيرانيون لا يريدون الان حربا إقليمية. هم يشعرون بالراحة لان يلعبوا بشدة اللهيب. مريح لهم ان هناك من يقوم نيابة عنهم بالعمل الأسود حيال إسرائيل والولايات المتحدة، فيما هم يواصلون هدفهم الأعلى: دولة حافة نووية. ايران تفضل ان تستثمر إسرائيل كل مقدراتها في القتال في غزة، في حدود الشمال وفي الضفة أيضا. السبب واضح: عندما تكون إسرائيل مشغولة في هذه الساحات، فان مستوى انصاتها للنووي يتدنى على أي حال.

إسرائيل ملزمة بان تحطم المعادلة الإيرانية، واذا كانت محبة للحياة، فانها ملزمة بان تنظم على الفور خطة هجوم. عندما اجتاح صدام حسين، رئيس العراق، الكويت في العام 1991، بنى الامريكيون ائتلافا دوليا، في غضون أيام فككوا الجيش العراقي واعادوا آبار النفط – وعلى الطريق دولة الكويت – لمواطنيها.

لإسرائيل توجد في هذه اللحظة فرصة بينما تبلور الولايات المتحدة ائتلافا ضد ايران، وتوجد للجيش الإسرائيلي القدرة لان يضرب حزب الله بشكل شديد. لكن في كل الأحوال على إسرائيل ان تبلور استراتيجية. عليها أن ترى الصورة الأكبر والابعد، والا تستسلم لارادات صغيرة لهذا التيار السياسي او ذاك. ان صد هجوم امس كان فعلا عسكريا مبهرا، ومع ذلك، فهو يشبه العطر في يوم صيف في نهاية آب، رائحته المسكرة تتبخر بسرعة جدا.

——————————————–

هآرتس 26/8/2024

الإنجاز التكتيكي في الشمال لن ينقذ إسرائيل من الوحل الاستراتيجي

بقلم: نوعا لنداو

بالنسبة لمعظم المواطنين في إسرائيل الذين استيقظوا بعد أن تم احباط الهجوم الصاروخي لحزب الله من الشمال، كان صباح أمس متوتر قليلا، في ظل تأهب حذر لقيادة الجبهة الداخلية في ارجاء البلاد، لكن المناخ العام كان مناخ انجاز عسكري. حسب المستوى الأمني والمستوى السياسي فان الجيش الإسرائيلي منع في الفجر ضرر مئات الصواريخ والمسيرات بمساعدة المعلومات الاستخبارية. الجيش أيضا قام باحباط اطلاق عدد من الصواريخ الدقيقة التي وجهت نحو مركز البلاد، بما في ذلك نحو قواعد رئيسية في غليلوت. في الجيش نشروا بأنه في هذا الهجوم الوقائي تمت إصابة آلاف منصات الاطلاق في لبنان.

جزء من التقارير حول هذه العملية كان مشوب كالعادة باحتفال وطني زائد ومبالغ فيه. “حزب الله يتراجع”، اعلن بانفعال موقع اخبار رائد باللغة العبرية. مواقع أخرى بالغت في وصف بطولة العملية الوقائية، في حين أنه في الحقيقة حزب الله ما زال يهدد بالضبط كما كان في السابق شمال الدولة الفارغ من السكان. سكان غوش دان في الحقيقة تصرفوا على الاغلب كالعادة وعادوا بسرعة الى روتين الحياة. ولكن بالنسبة لرؤساء المجالس المحلية في الشمال الذين ارسلوا رسائل غاضبة للحكومة (“عملية سلامة تل ابيب”، كما اطلقوا على العملية). هذه الحقيقة أكدت بشكل اكبر الى أي درجة الدولة لا تنجح في إزالة التهديد المتواصل لمنطقتهم وحتى أنها لم تجعل وبحق حزب الله “يتراجع”.

في الصورة الكبيرة فان منع الهجوم المحدد من الشمال هو في نهاية الامر انجاز عسكري تكتيكي، لكنه محدود جدا بالنسبة لإسرائيل التي تستمر في الغرق في الوحل الاستراتيجي. حتى الآن يبدو أنه سيكون بالإمكان النجاة من هذا الوحل فقط بمساعدة صفقة دبلوماسية شاملة لاعادة المخطوفين ووقف الحرب في القطاع. لذلك، المحادثات في القاهرة، التي من الجيد أنه ذهبت اليها بعثات المفاوضات كما هو مخطط له رغم التصعيد، ما زالت المفتاح للهدوء الإقليمي.

لكن في كل ما يتعلق بالحدود في الشمال فان المحادثات حول صفقة لوقف اطلاق النار في قطاع غزة، هذا فقط هو مجرد بداية الحل. بعد ذلك سنكون بحاجة الى تسوية دبلوماسية، بالافعال أو بالصمت، أيضا مع حزب الله. مثلما كتب تسفي برئيل في “هآرتس” في الفترة الأخيرة، أيضا بعد التوقيع على الصفقة في القطاع فانهم في حزب الله لا ينوون نزع سلاحهم على الفور أو الانسحاب الى ما وراء نهر الليطاني. إسرائيل ما زالت تحتاج عملية، فعلية ورمزية، تمكن من إعادة المواطنين الى منطقة الشمال المهددة. على ذلك تعمل الولايات المتحدة وفرنسا في موازاة محور القاهرة بواسطة المبعوثين الخاصين.

دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي قالوا مؤخرا بأنه رغم أنه في خطاب إسرائيل الجهود لتحقيق حل للتصعيد في الشمال يثير اهتمام ونقاش سياسي اقل بكثير من صفقة التبادل، إلا أنها بالتأكيد تشغل المجتمع الدولي بدرجة كبيرة وراء الكواليس. الدول التي تنشغل في ذلك تحاول فهم الى أي درجة يمكن دفع حزب الله ومن سيكون الضامن لذلك وكيف. هذه النقاشات تتعلق بالطبع بمسألة الوضع السياسي والاقتصادي لحكومة لبنان والجيش اللبناني ومكانة قوة اليونفيل الضعيفة.

في المناخ السياسي الحالي في إسرائيل لا احد يتجرأ على التطرق الى التفاهمات التي سيتم التوصل اليها مع لبنان، ويسمون ذلك اذا تحققت مثل هذه التفاهمات باسم “اتفاق” أو “صفقة” وأيضا ليس “تسوية”. بالحد الأعلى سيسمون ذلك “تفاهمات”، وهذا أمر مشكوك فيه. إسرائيل برئاسة نتنياهو ستخفي بقدر الإمكان تدخلها في هذه المسألة ولن تكشف أولوياتها فيما يتعلق بالتسوية في الشمال. بدلا من ذلك هي ستقول بأن “الهدوء مقابل الهدوء” ليس اكثر من ذلك. بالضبط مثلما خلال سنوات كذبت حكومة نتنياهو حول المفاوضات مع حماس على وقف لاطلاق النار، التي كانت في القطاع بعد كل جولة قتالية.

السياسيون وكتاب الاعمدة في الوسط – يمين دائما يرغبون في القول بأن القوة العسكرية هي التي تخضع بدون مقابل الطرف الثاني. هذا في حين أنه لا توجد أي جولة قتال إقليمية لم تنته بشكل ما بتفاهمات دبلوماسية بوساطة دولية. وسواء اعترفت حكومة نتنياهو بذلك أم لا. هذا سيكون الحل الوحيد أيضا للتصعيد الحالي. والسؤال هو كم من الوقت وأي ثمن سيدفعه كل طرف حتى ذلك الحين.

——————————————–

إسرائيل اليوم 26/8/2024

نصرالله يغطي فشلا تكتيكيا على أمل انجاز استراتيجي

بقلم: شاحر كلايمن

الوضع في الجبهة اللبنانية اجمله جيدا زعيم حزب الكتائب المسيحية في الدولة سامي الجميل: “بعد الرد على الرد للرد – واضح ان لكل الأطراف لا توجد نية لتوسيع الحرب”. وبالفعل، بث حسن نصرالله في خطابه امس بانه لا رغبة لديه في توسيع القتال. السبب واضح: الوضع الحالي “مريح” له. مريح جدا.

في خطابه وصف نصرالله “ميزان القوى” بين إسرائيل وحزب الله، والذي انعكس برأيه، في الهدف الذي اختار مهاجمته – قاعدة غليلوت في رمات شارون التي تقع “على حدود تل أبيب” وتضم وحدات من 8200 وسلاح الجو. هدف آخر على حد زعمه كانت قاعدة عين شيمر. على حد قوله، كل الصواريخ التي اطلقت كانت فقط وحصريا لاجل صرف انتباه بطاريات القبة الحديدة، والسماح “لكل المُسيرات باجتياز الحدود”. كل هذه كانت تستهدف ان تكون وزنا مضادا لتصفية يد يمينه فؤاد شكر في قلب بيروت، لكن ينبغي التعاطي مع هذه المعادلة بالحذر الواجب.

ألا نرضى بـ “التعادل”

في بيان حزب الله في صباح الهجوم، شدد نصرالله على ان هذا رد أولي. حسب تقرير الـ “بي.بي.سي” يحتمل أن يكون المحور الإيراني، بفروعه في اليمن، في العراق وفي سوريا ينتظر اللحظة المناسبة كي ينفذ رده.

في كل الأحوال ليس لإسرائيل ما ترضاه من رغبة نصرالله “انهاء الحدث” في نوع من “التعادل”. فرغم نجاح الجيش الإسرائيلي، فان اقليما كاملا في الشمال لا يزال مقفرا تقريبا.

مشكوك ان يوافق سكان الشمال على اتفاق دولي آخر يعدهم بالتلال والجبال بينما في الواقع يسمح لحزب الله بان يعيد قوة الرضوان الى مقربة من الحدود. بل ان نصرالله أشار مع نهاية خطابه الى أنه “يحتمل ان يأتي اليوم”، الذي يجتاح فيه حزب الله إسرائيل.

يفيد هذا التلميح بما سيكون عليه معنى اتفاق بين إسرائيل ولبنان اذا ما تحقق انطلاقا من موقع ضعف.  رئيس حكومة تسيير الاعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، ذكر بعد الهجوم انه يجب تنفيذ قرار 1701. من ناحية بيروت المعنى هو انسحاب إسرائيلي من كل نقاط الخلاف على الحدود. بمعنى أن إسرائيل أيضا ستكون مطالبة بان تتنازل عن ارض والا تحافظ أيضا على امن البلدات في الشمال.

إعطاء فرصة للاتصالات

فضلا عن ذلك، يأمل نصرالله بان تأثير الهجوم سيتجاوز من البعد التكتيكي الى البعد الاستراتيجي. على حد قوله، فان رشقة ما قبل الصباح ستساعد حماس في المفاوضات في القاهرة. شرح بانه مسبقا اخر الرد كي يعطي فرصة للاتصالات التي يمكن لها أن تؤدي الى انهاء الحرب في غزة. فهذا كان كل هدف جبهة القتال التي فتحها مع إسرائيل في 8 أكتوبر. ان انقاذ حماس بصعوبة من الجيش الإسرائيلي كان سببا وجيها جعل منظمات الإرهاب الفلسطينية – حماس والجهاد الإسلامي – تهنيء حزب الله في بياناتها امس.

شدد نصرالله: “اذا كانت النتيجة مرضية وهدفها تحقق، فسيكون الرد انتهى من ناحيتنا. اذا لم تكن النتيجة مرضية فاننا نحتفظ لانفسنا بحق الرد في موعد آخر. عمليتنا اليوم كفيلة بان تجدي جدا الفلسطينيين والعرب في المفاوضات. رسالتها واضحا لإسرائيل وللامريكيين – كل الامل لاسكات جبهة الاسناد باطل. ما بدأنا به قبل 11 شهرا سنواصل به – ولا يهم ما نضحي به لاجل ذلك”.

على بايدن الا يهدد

في نفس الوقت، ذكر احد المحللين اللبنانيين بان الهجوم جاء بالذات في الوقت الذي كان فيه رئيس الأركان الأمريكي، الجنرال تشارلز براون يتواجد في الأردن. بكلمات أخرى، حاول حزب الله ان يبث للامريكيين بان تهديدات الرئيس الأمريكي جو بايدن لا تؤثر عليه.

يبدو ان زعيم حزب الله يأمل في أن يدفع التهديد بتوسيع الحرب الى لبنان الولايات المتحدة ومصر للضغط على إسرائيل للتنازل في مسائل أخرى في المفاوضات. وها هو وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي قال انه “لا مفر من بذل كل الجهود لمنع التصعيد في المنطقة. فالتدهور الى حرب إقليمية ستكون له تداعيات قاسية”.

اذا اختارت إسرائيل ان تهاجم لبنان بشكل أوسع فقد نضجت الظروف لذلك: عملية تفكيك القوة العسكرية لحماس استكملت في معظمها – ما يسمح لحشد أساس القوات في الجبهة الشمالية؛ تصفية فؤاد شكر أعطت اثارها، وهجوم حزب الله فشل من ناحية تكتيكية؛ ولادارة بايدن توجد قدرة محدودة للضغط على إسرائيل في زمن الانتخابات.

مع ذلك سيتعين على إسرائيل أن تحدد بشكل عاقل اهداف الحرب وطريقة انهائها. مثلا نزع القدرات الاستراتيجية لحزب الله وعلى رأسها مشروع دقة الصواريخ.

——————————————–

معاريف 26/8/2024

نتنياهو يتظاهر بالتصلب لكن يريد الصفقة

بقلم: آنا برسكي

بعد عدة جولات من المفاوضات لم تعطي ثمارها ولم تؤدي الى صفقة، بعد أن ردت حماس ردا باتا منحى الجسر من الأمريكيين واساسا – في ضوء إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا، حتى بينما كل قادة جهاز الامن، السابقين والحاليين، يصرخون بصوت عال بان مسألة فيلادلفيا قابلة للحل وانه لا يوجد ما ينبغي الإصرار عليه – يبدو واضحا تماما ان بنيامين نتنياهو لا يريد صفقة مخطوفين.

هذا على الأقل هو الرأي السائد. في وسائل الاعلام، في جهاز الامن (على الأقل اذا ما حاكمنا الأمور وفقا للمقابلات الصحفية والتسريبات) وفي أجزاء واسعة في الجمهور. ان التفكير اليوم بان نتنياهو معني بالوصول الى صفقة لتحرير المخطوفين ووقف القتال في غزة – هو وصمة على السمعة المهنية، على الأقل.

المحللون اقتنعوا وهم يقنعون الجمهور بان رئيس الوزراء يعرقل كل صفقة تصل الى يديه وذلك لانه غير معني بها. وكل ما يعنيه هو مواصلة الحرب الى ما لا نهاية. للدقة، حتى الانتخابات، ومن هناك يوجد سيناريوهان: إما ان يفوز نتنياهو مرة أخرى، او يخسر، وعندها افعلوا ما تريدون بالدولة وبالمخطوفين. سأخاطر واعرض ادعاء غير شعبي، على شفا الكفر. وهذا على امل أن يعزز الواقع موقف فقط – وليس العكس- في سياق الطريق.

ادعائي هو انه رغم كل ما يقال، يوجد أساس للافتراض بان نتنياهو بالفعل يريد صفقة مخطوفين. واصراره بالذات وعلى بند محور فيلادلفيا بالذات، البند الذي برأي جهاز الامن ليس حرجا وليس جوهريا لدرجة أن تقوم أو تسقط عليه الصفقة – بالذات من هذا السلوك يمكن ان نعرف بانه يحاول جلب صفقة.

لقد اقتبس نتنياهو اكثر من مرة وهو يتهجم على أعضاء طاقم المفاوضات: “انتم لا تعرفون كيف تجروا مفاوضات صعبة مثلي”.

اصر نتنياهو بداية على أن يدرج في المنحى البنود المتعلقة بمحور فيلادلفيا، محور نتساريم ومعبر رفح، وبعد ذلك – عدم التنازل عنها، حتى عندما تقول حماس بوضوح بان بسببها فقط لم تحصل الصفقة بعد. هذا بالضبط، على الأقل من ناحية نتنياهو يسمى”معرفة إدارة مفاوضات صعبة”.

النظرية بتوسع تقول ان من يميل لان يتنازل مسبقا في اطار المساومة – لن يصل ابدا الى توافق مع الطرف الاخر. وذلك لانه في المفاوضات حين لا يكون امامك أولياء عظام، بل مخربون وحشيون – فان تنازلك لا يقلص الفجوات، بل يطور شهية لدى الطرف الاخر للمطالبة بمزيد فمزيد من التنازلات.

حسب هذا المنطق، فان إصرار نتنياهو على تواجد الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا ليس قنبلة يلقيها هو كي يفجر الاتصالات، بل ورقة مساومة تعطيها إسرائيل للوسطاء.

توجد مناورة مفاوضات معروفة، يمكن الافتراض بان نتنياهو هو الاخر يستخدمها. الإصرار على شيء معين، بهدف التنازل عنه في النهاية مقابل أمور أخرى – الأمور التي يريد في واقع الامر تحقيقها.

في معظم التصريحات الأخيرة لنتنياهو في موضوع الصفقة والمفاوضات، يشدد على ان إسرائيل معنية بان ترفع الى الحد الأقصى عدد المخطوفين الاحياء الذين سيعودون الى الديار منذ المرحلة الأولى. وذلك، الى جانب مطلب إسرائيل آخر، الحصول على حق فيتو على الأقل على قسم من المخربين الثقيلين الذين تطالب حماس تحريرهم مقابل المخطوفين الإسرائيليين. اذا ما في نهاية الامر بدا (يا ليت) ان هذين المطلبين الإسرائيليين يتحققان – فسيتبين في نظرة الى الوراء بان إصرار نتنياهو على إبقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا كان مجديا.

نتنياهو معني برأيي بالصفقة. ليس فقط للاعتبار الواضح في أن هناك حاجة حيوية في إعادة مواطني الدولة الذين تركوا لمصيرهم واختطفهم العدو.

لنتنياهو يوجد سبب هام آخر لان يرغب في صفقة المخطوفين. وهو ينبع من حقيقة أن الصفقة ووقف القتال في قطاع غزة تلقيا منذ زمن بعيد معنى إضافيا. فبالنسبة لإسرائيل اصبحا مهمة استراتيجية إقليمية واسعة، مرحلة ضرورية في الطريق الى هدف كبير.

ان الهدف الاستراتيجي لنتنياهو هو الوصول الى مواجهة إقليمية لاجل إزالة التهديد الإيراني. غير أن هذا الهدف ليس قابلا للتنفيذ في وضع اليوم، حين لا يكون الامريكيون معنا وطالما تواصلت الحرب في غزة، والدول العربية السنة تجلس على الجدار وتنتظر لترى الى أي حد يمكن التعويل على كلمة ودعم واشنطن.

بكلمات أخرى: نتنياهو معني لان يصعد مرة أخرى الى مسار تسوية إقليمية. المسار الذي اضطرت إسرائيل لان تخرج عنه – او للدقة ان تضعه جانبا – في اعقاب هجمة حماس في 7 أكتوبر. اليوم طريق العودة الى التسوية الإقليمية تمر عبر محطة الصفقة ووقف القتال في غزة.

الخطوة الضرورية هذه معني نتنياهو بتنفيذها. اذا لم يكن لاجل الصفقة ذاتها، فبالتأكيد – من اجل الهدف الاستراتيجي الأكبر الذي يمكن عليه العودة والبحث مع الأمريكيين منذ تشرين الثاني، بعد الانتخابات للرئاسة.

——————————————–

يديعوت احرونوت 26/8/2024

على حبل رفيع بين الساحات والتهديدات

بقلم: افي يسخاروف

سارع أمين عام حزب الله حسن نصرالله أمس “للاحتفال” بانجازه الأكبر زعما باطلاق صواريخ ومُسيرات نحو إسرائيل، ردا على تصفية فؤاد شكر. فضلا عن ذلك، شرح نصرالله في خطابه بان رد حزب الله تأخر بسبب الرغبة في عدم المس بالمفاوضات بوقف النار بين إسرائيل وحماس وفي أن المنظمة لم ترغب في جر المنطقة كلها الى حرب شاملة.

هذه اقوال تشهد بشكل لا لبس فيه تقريبا على أن حزب الله لا يريد الان تصعيدا واسعا ومعني بانهاء الحدث، جزئيا على الأقل. هذه انباء سيئة على نحو خاص لزعيم حماس، يحيى السنوار، الذي امل في أن يرى تصعيدا شاملا ولم يحصل على مطلبه. وربما، فقط ربما، النجاح الإسرائيلي في احباط رد حزب الله سيشق الطريق لتنازلات حماس في المفاوضات لتحرير المخطوفين، في ضوء الفشل في توسيع القتال الى المنطقة كلها.

بالمقابل ينبغي ان نذكر ان نهاية الحدث كان يمكنها ان تبدو مختلفة تماما. فلو كانت نجحت نية المنظمة ان تخرج الى حيز التنفيذ هجوما من الاف الصواريخ الدقيقة الى هذا الحد او ذاك، وكذا حوامات انتحارية نحو اهداف استراتيجية في وسط البلاد، لكنا الان نشهد حربا واسعة معظمها كانت ستدور في داخل أراضي لبنان.

حزب الله ونصرالله كزعيمه، يواصلان في واقع الامر سياسة 8 أكتوبر 2023 – من جهة مهاجمة اهداف في شمال إسرائيل كي يثبت للعالم العربي بان حزب الله لم يترك الفلسطينيين، وبالمقابل لا يجد نفسه في حرب شاملة تؤدي بحزب الله وايران لدفع ثمن باهظ.

هذا سير على حبل رفيع بل وربما رفيع جدا، لانه كما عرفنا من حدث الإصابة في مجدل شمس، التي كانت خطأ من حزب الله، كل صاروخ وكل هجوم إسرائيلي مهما كان صغيرا من شأنه ان يؤدي الى حرب شاملة في حالة الخطأ. في الماضي درج على تسمية هذه الظاهرة “النفر الاستراتيجي” – جندي بسيط يرتكب خطأ يجر دولة كاملة الى الحرب. في هذه الحالة من شأن هذا أن يكون “الصاروخ الاستراتيجي”، غير الموجه وغير الدقيق الذي يشعل المنطقة كلها.

وعليه، فانه حتى بعد النجاح الإسرائيلي ينبغي ان نتذكر: الساحة المركزية والاهم من ناحية دولة إسرائيل هي لبنان، او للدقة حزب الله لاند. هذه المنظمة، مع اكثر من 150 الف صاروخ تحت تصرفها وجملة الوسائل القتالية الذكية، هي التهديد الأخطر على دولة إسرائيل والذي يتطلب الان معظم جهود جهاز الامن. لقد أصبحت غزة التهديد الثانوي بعد الإصابة الخطيرة جدا لقدرات حماس العسكرية، رغم انه لا يزال توجد لها كهذه.

تلعب المنظمة الشيعية بالنار وتسير على حبل رفيع كونها تعرف بان قدرات الجانب الإسرائيلي على خوض قتال في ساحتين محدودة، في نهاية الامر. وعليه فان على أصحاب القرار في دولة إسرائيل بمن فيهم رئيس الوزراء ان يفاضلوا الان بين الساحات والتهديدات، والمفاوضات لتحرير المخطوفين هي وسيلة لعمل ذلك – الدفع قدما بالصفقة وبسرعة لاجل تحييد التهديد الأكبر من الشمال. المشكلة هي انه مشكوك ان تكون المسألة الأمنية هي التي تقف على رأس سلم أولويات الحكومة. نتنياهو لا يسارع للوصول الى صفقة ولا يريد أن ينهي القتال في الجبهة الجنوبية، بسبب الخوف على سلامة حكومة اليمين على المليء خاصته.

وبالفعل، من الصعب التصديق لكن حتى امس، حين استيقظ شعب إسرائيل على شبه حرب في الشمال، بُشر بجنود سقطوا في غزة؛ بمحاولات عمليات أخرى في الضفة؛ وبالطبع حين يكون لا يزال 109 مخطوفين محتجزين في القطاع، يعرف حزب عظمة يهودية من هو “العدو” الحقيقي – رئيس الشباك رونين بار. لقد نشر حزب وزير الامن القومي اعلانا ممولا على ما يبدو من أموال الناخبين يهاجم فيه الحزب رئيس الشباك، في ذروة الحرب، وليس اقل من ذلك. بن غفير وعصبته يوضحون للمرة التي لا ندري كم عددها كم هم غير مؤهلين حتى لادارة بقالة، ويختارون ان يطلقوا النار في داخل المجنزرة في احدى اخطر الساعات لدولة إسرائيل.

سهل بالطبع اتهام بن غفير “المتطرف”. غير ان الحملة ضد بار، هرتسي هليفي وغيرهما، تخاض بقوة اكبر أيضا من جهة رجال رئيس الوزراء نفسه. مريح لنتنياهو الاختباء من خلف رجل صغير يظهر ظلا كبيرا، مثل بن غفير. غير ان رجاله أيضا مشغولون الان في ذروة الحرب، في محاولات التشهير برونين بار ومهاجمته في كل سبيل ممكن، بما في ذلك سبل دنيئة على نحو خاص. هذه أفعال نذلة من أناس جبناء ينبغي تقديمهم الى المحاكمة على افعالهم، بمن فيهم خريجو منظومة محبطون يتخيلون ان نتنياهو سيعينهم ليكونوا خلفاء لبار في “اليوم التالي”. وهم أيضا سيستيقظون ذات يوم ليكتشفوا بانهم تحولوا ليصبحوا الاغبياء الاستخداميين في خدمة آلة السم وليس اكثر من ذلك.

——————————————–

هآرتس 26/8/2024

بدون حل للشمال، الطرفان يعودان الى روتين القتال

بقلم: عاموس هرئيلِ

إسرائيل وحزب الله اعلنا أمس، كل واحد بطريقته، عن انتهاء الجزء الأخطر في التصعيد الأمني المناوب بينهما. بعد بضع ساعات على احباط الهجوم المخطط له على إسرائيل بواسطة هجوم وقائي لسلاح الجو في جنوب لبنان اعلن حزب الله بأنه انتهت بنجاح المرحلة الحالية في عمليته. في حين أنهم في إسرائيل، استنادا الى التقدير بأن التوتر خف قليلا، حدثت قيادة الجبهة الداخلية التعليمات للجمهور ورفعت معظم القيود على حركة السكان في مركز البلاد وبدرجة اقل في الشمال. أيضا حركة الطيران في مطار بن غوريون منه واليه تم استئنافها خلال بضع ساعات.

حزب الله فشل فعليا. في البداية هاجم سلاح الجو ودمر آلاف الصواريخ ومنصات الاطلاق للمنظمة الشيعية. مع ذلك، عندما نفذ حزب الله الهجوم بالصواريخ والمسيرات قتل إسرائيلي واحد، جندي في سلاح البحرية. في حين أن اطلاق المسيرات على هدف في مركز البلاد لم يسفر عن نتائج.

ليس للمرة الأولى، في ظروف مشابهة، اختار حزب الله تسويق أكاذيب للجمهور في لبنان وفي الدول العربية. في بيان حزب الله قيل إن الهجوم حقق أهدافه ونجح في ادخال اسراب من المسيرات الى أراضي إسرائيل. ربما هذا بالتحديد هو سبب الرضا المعين: ربما أن الزعماء الشيعة يريدون تهدئة النفوس. رئيس حزب الله، حسن نصر الله، القى في المساء خطاب طويل وملتو في بيروت. وقد قال إن إسرائيل بالأساس هاجمت منصات اطلاق وهمية وأن الحزب لم يتكبد أي اضرار مهمة في هذه الهجمات. ولكنه لم يهدد مباشرة بمواصلة الثأر من إسرائيل.

كل ذلك لا يضمن أن حزب الله لا يقوم باعداد مفاجآت أخرى في القريب، أو أن الحوثيين في اليمن لن يطلقوا المزيد من المسيرات نحو تل ابيب، كجزء من الحساب المفتوح الذي ما زالت تديره ايران. في احباط الهجوم من الشمال لا يكمن أي حل للوضع غير المحتمل الذي يعيش فيه السكان على الحدود الشمالية منذ عشرة اشهر ونصف. لا يوجد للحكومة أي فكرة عن كيفية إعادتهم الى بيوتهم ووقف اطلاق الصواريخ والمسيرات كل يوم على الجليل وهضبة الجولان (الحكومة تتحفظ من الخيار المعقول الذي تطرحه الولايات المتحدة وهو التوصل الى صفقة ووقف النار مع حماس).

الاطلاق نحو الشمال استمر طوال اليوم، أيضا بعد موجة اطلاق كثيف اطلق فيها في المرحلة اكثر من 200 صاروخ والكثير من المسيرات، لكن يبدو أنه في هذه الاثناء خطر الحرب الإقليمية، الذي حلق فوق الشرق الأوسط خلال ثلاثة أسابيع، تضاءل بشكل كبير، وهذا لا يعتبر شيء قليل.

أضافة الى ذلك فانه مرة تلو الأخرى تم الكشف عن التفضيل الواضح في قيادة ايران وحزب الله. عندما تقف امامهم إمكانية الدخول الى حرب شاملة مع إسرائيل التي يمكن أن تعرضهم لاحتكاك عسكري متزايد مع الولايات المتحدة أيضا هم يفضلون القيام بخطوة الى الوراء. حلم رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، حول وحدة الساحات ضد إسرائيل وتحويل المواجهة الى حرب شاملة، لم يتحقق حتى الآن.

خطة الهجوم المقدرة لحزب الله ردا على اغتيال من وصف بأنه رئيس اركان الحزب، فؤاد شكر، في الضاحية في بيروت، كان معروفة في إسرائيل وفي الولايات المتحدة منذ فترة. حزب الله ربما خاف من الحرب الشاملة، لكنه كان مستعد لتمديد حدود المخاطرة من ناحيته. الهدف كان الاضرار الكبير بقواعد الجيش الإسرائيلي في الشمال، إضافة الى عملية مركزة في تل ابيب. حسب نصر الله القصد كان قواعد ومنشآت في غليلوت، حيث يوجد هناك (حسب مصادر اجنبية) مقر قيادة الموساد وقواعد لسلاح الاستخبارات، من بينها قيادة الوحدة 8200.

لكن هذا الهجوم تم احباطه بفضل الجهود الاستخبارية والعملياتية المثيرة للانطباع لجهاز الاستخبارات وسلاح الجو وهيئة الأركان العامة. في الساعة 4:40 فجرا هاجمت الموجة الأولى التي كان فيها اكثر من 80 طائرة حربية أربعة مواقع لحزب الله في جنوب لبنان، التي كان الابعد من بينها يوجد في شرق مدينة صيدا (بصورة متعمدة لم يتم اختيار اهداف في بيروت أو في البقاع). الهجوم استمر لعشرين دقيقة تقريبا. في الموجة الثانية شاركت 20 طائرة حربية تقريبا، وقد أصيب هناك حسب تقديرات الجيش حوالي 6 آلاف صاروخ ومنصات اطلاق، معظمها من الصواريخ ذات المدى القصير.

حسب “نيويورك تايمز” تم قصف أيضا منصات اطلاق لصواريخ دقيقة ذات مدى متوسط، التي كان يمكن استخدامها في الهجوم على غوش دان في الساعة الخامسة صباحا. بعد ذلك اعترضت منظومات الدفاع الجوية عدد كبير من الصواريخ التي اطلقت نحو مناطق مأهولة، وسلاح الجو نجح في اسقاط الكثير من المسيرات التي تحركت نحو الجنوب. الهجوم الوقائي والاعتراضات التي جاءت في اعقابه شوشت واحبطت معظم قدرة الاطلاق التي خصصها حزب الله للعملية، بعضها بدون أن يتمكن الحزب من تشغيلها. المسيرات التي استثمر حزب الله في تحريكها نحو الجنوب الكثير من الجهد التخطيطي، تم اسقاطها بشكل جزئي فوق البحر. معظمها لم تصل الى الجنوب اكثر من خط العرض في مدينة حيفا.

بعد خمس دقائق على بداية الهجوم اعلن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي والمتحدث بلسان قيادة الجبهة الداخلية للجمهور في إسرائيل عن ما حدث وطلبوا من السكان في المناطق القريبة من الحدود البقاء قرب الملاجيء. عندما تم اطلاق الصواريخ بعد نصف ساعة كان حجم الضرر وعدد المصابين صغير نسبيا. عدم المس بغوش دان ساعد أيضا في تهدئة النفوس رغم أنه يوجد لسكان الشمال ادعاء أساسي ومبرر بأن الحكومة والجيش يعطون أهمية استراتيجية اكبر للاطلاق على المركز، ولا يستخدمون وسائل مشابهة لإحباط الاطلاق على الشمال. هذا مثال آخر على ذلك بعد اطلاق مسيرة الحوثيين التي قتل بسببها احد الإسرائيليين في الشهر الماضي. أيضا في حينه إسرائيل ردت بقصف شديد لميناء الحديدة في اليمن بعد أن تجاهلت لاشهر اطلاق المسيرات من هناك نحو ايلات.

إسرائيل ما زالت تريد تحقيق ثلاثة اهداف. كبح معين لنشاطات حزب الله، إبقاء ايران خارج اللعبة والحرص على التنسيق الأمني الوثيق مع الأمريكيين. ورئيس الأركان الأمريكي الجنرال تشارلز براون وصل الى المنطقة أمس لتنسيق عمليات الدفاع المطلوبة.

حقيقة أنه حتى الآن لم تشتعل حرب إقليمية تسمح باستمرار المفاوضات حول عقد صفقة التبادل ووقف اطلاق النار في القطاع، التي تم استئنافها أمس في القاهرة بمشاركة بعثة رفيعة من جهاز الامن في إسرائيل. في هذه الاثناء على الأقل طموحات السنوار القاتلة لم تتحقق حتى الآن. والسؤال هو هل سيكون هذا كاف لدفعه مرة أخرى الى العودة الى مفاوضات فعالة، حيث رئيس الحكومة نتنياهو يعطي إشارات بأنه لا ينوي اظهار أي مرونة في المسائل المختلف عليها، منها التصميم على عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا. في المقابل، الولايات المتحدة قدمت الآن لإسرائيل مساعدة مهمة جدا للدفاع عنها. الإدارة الامريكية يمكن أن تترجم ذلك كضغط آخر على نتنياهو كي يظهر المرونة في ساحة الجنوب.

في غضون ذلك اعلن الجيش الإسرائيلي أمس عن قتل العريف أول عميت تساديكوف من لواء المظليين، في انفجار عبوة ناسفة في رفح، واصابة جندي آخر من المظليين إصابة خطيرة. تساديكوف (20 سنة) من بيت دغان، هو الجندي رقم 700 الذي قتل في الحرب. بعد ذلك قتل جنديان، العريف اول دافيد موشيه بن شتريت، الجندي في سلاح البحرية الذي قتل أمس على قارب دبورة، والرقيب احتياط شلومو يهونتان حزوت، جندي الاحتياط الذي قتل في القطاع. يتم فحص احتمالية أن بن شتريت أصيب بشظايا صاروخ اعتراض تم اطلاقه نحو مسيرة من لبنان كانت تحلق قرب القارب. نصف القتلى في الحرب قتلوا بعد المعارك التي جرت في يوم المذبحة في 7 أكتوبر. فقط في الأيام التسعة الأخيرة قتل 12 جندي، من بينهم خمسة جنود في نهاية الأسبوع. في الضفة الغربية قتل في هذه الفترة مواطن إسرائيلي في عملية تفجير.

الثمن الدموي في القطاع وبدرجة اقل في الشمال بقي مرتفع جدا. عندما يتم التأكيد على الحاجة الى عقد صفقة ووقف اطلاق النار، فان الحديث لا يدور فقط عن انقاذ المخطوفين، بل وقف النزف الكبير والمستمر لحياة الجنود. إسرائيل تقوم بدفع ثمن باهظ في حرب تجد صعوبة في حسمها، التي تستمر في التوسع الى ما لانهاية.

——————————————–

هآرتس 26/8/2024

على الأرض وتحتها مشكلة فيلادلفيا تتواصل منذ عقود

بقلم: بار بيلغ وعوفر اديرت

للوهلة الأولى لا يوجد أي شيء خاص في هذه الطريق الترابية التي تمتد على طول الـ 14 كم من البحر وحتى النقب. لا يوجد غطاء نباتات حول هذه الطريق، ولا أحد يعيش قربها، وحتى لافتة تحمل اسم لا يوجد. اثناء السفر في هذه الطريق يمكن رؤية جدار وعدد من المواقع العسكرية بجانبه. من الشمال وعلى بعد بضعة مئات الأمتار يقف الواحد الى جانب الآخر انقاض مبان كانت قائمة هناك. قبل بضعة اشهر كان يعيش هناك أناس، ولكن الآن هذه المباني هي مجرد ذكرى من الماضي – معبر رفح أو ما تبقى منه.

هذا هو محور فيلادلفيا بجلاله. ممر للحركة، يخدم الآن بالأساس الجيش الإسرائيلي الذي يعمل فيه مع معدات هندسية. ولكن الامر الذي جعل هذا المحور عائقا امام صفقة التبادل ووقف اطلاق النار ليس ما يظهر فوقه، بل ما حدث خلال سنوات تحته. “الانفاق هي كل القصة”، كتب هنا عاموس هرئيل قبل عشرين سنة. “هي سمحت بنقل السلاح والأشخاص والبضائع من طرفي الحدود”.

في الفترة الأخيرة عاد خط الحدود الذي يفصل بين القطاع ومصر الى العناوين. اسم محور فيلادلفيا  كعنصر مهم في النقاشات حول أي صفقة مستقبلية مع حماس. فهل إسرائيل “لن تخرج في أي حالة من محور فيلادلفيا”، كما تعهد رئيس الحكومة نتنياهو؟ أو أن “الخلاف على محور فيلادلفيا قابل للحل”، كما اقتبست مؤخرا “مصادر إسرائيلية”؟، وما الذي يقولونه في جهاز الامن؟ الى جانب من يطالبون بالتمسك بهذا المحور بكل القوة، هناك أيضا عدد غير قليل من الجهات الرفيعة تقول بأنه حتى لو قمنا بتركه فانه ستكون هناك احتمالية للعودة اليه. الآن عندما يكون مصير المخطوفين والتهدئة وربما حتى مستقبل الشرق الأوسط توجد على كفة الميزان فان المعادلة تصبح مختلفة.

“الجميع يعرفون أنه يتم تهريب أشياء هناك”، قال للصحيفة الجنرال احتياط غادي شمني. “وهناك انفاق تسافر فيها سيارات تحمل السلاح”. شمني، الذي كان في السابق قائد فرقة غزة وقائد قيادة المنطقة الوسطى، يستمر ويقول “اذا لم تستطع إسرائيل السيطرة، ليس بشكل مباشر، على الحركة في محور فيلادلفيا فانه لن يكون بالإمكان منع تسلح جديد”. وهو يعتقد أيضا أنه مطلوب “حل نوعي للمحور”، لكن “هناك حزن كبير جدا. لماذا استيقظنا الآن؟ نحن لم نفعل أي شيء حيال ذلك منذ سنوات، ولم نذهب الى محور فيلادلفيا في الأيام الأولى للعملية البرية. اذا كان الامر مهم جدا فلماذا لم نذهب من اليوم الأول؟”.

مسألة التوقيت عادت وطرحت في المحادثات مع رجال أمن كبار. ومثلها أيضا يطرح ادعاء “اذا كان المحور هو مهم واستراتيجي جدا فلماذا لم ندخل اليه في بداية الحرب وانتظرنا حتى شهر أيار”. ضابط رفيع شارك في النقاشات السابقة لدخول القطاع البري كرر الرسالة التي تم اسماعها في الفترة الأخيرة والتي تقول بأن الجيش لم تكن لديه أي خطة لاحتلال كل القطاع، بل فقط الشمال. “هذه فجوة عملياتية هستيرية”، قال. وحسب قوله هو حاول الاقناع باحتلال محور فيلادلفيا في بداية الحرب وفرض الحصار على القطاع، لكنه ووجه بالمعارضة.

النقاشات حول محور فيلادلفيا غير جديدة، وأيضا ليس الانشغال بما يحدث هناك وتأثيره على القطاع والحياة فيه. منذ تدشين المحور في 1982 وحتى الآن، 42 سنة، تم سفك الكثير من الدماء فوقه وتحته. في إسرائيل المحور يعتبر بؤرة إرهاب ويتم تشخيصه كأحد رموز نضال الفلسطينيين. في حماس يعتبرونه أنبوب الاوكسجين للتهريب من مصر، التي من ناحيتها لم تسارع الى فرض النظام فيه بعد انسحاب إسرائيل منه في اطار عملية الانفصال.

“لم يكن لمصر أي مصلحة في تولي الامن على الحدود وعلى المعابر الأمنية، لكنها حاولت جني المكاسب من ذلك”، كتب البروفيسور ايلي فوده في كتابه بعنوان “من محظية الى امرأة معروفة للجمهور: العلاقات السرية بين إسرائيل وبين دول واقليات في الشرق الأوسط”. فوده، المستشرق من الجامعة العبرية، قال إن المصريين اعتبروا ذلك فرصة من اجل “زيادة قواتهم المسموح بانتشارها في المنطقة”، حسب اتفاق السلام مع إسرائيل. بعد المفاوضات تم الاتفاق على وضع 750 جندي من حرس الحدود المصري في المنطقة. وقد ارفق الاتفاق بملحق يمنع المساعدة العسكرية ونقل وسائل قتالية للسلطة الفلسطينية من مصر. ذلك بقي على الورق.

سيطرة حماس على القطاع في 2007 كان يمكن، كما أملوا في إسرائيل، أن تغير مقاربة مصر الضعيفة بشأن التهريب. فوده وثق في كتابه لقاءات مع رجال أمن ومخابرات من مصر ومن إسرائيل، التي عرض فيها الإسرائيليون “شهادات واضحة على تدخل حماس في التهريب بين غزة ومصر، ولكن طالما أن هذه التهريبات كانت باتجاه واحد، من سيناء الى غزة، فان المصريين كانوا اقل قلقا من هذه الظاهرة”.

هذه الاقوال يبدو أنها لم تفاجيء قائد فرقة غزة السابق، ايال ايزنبرغ. فحسب قوله لا يمكن الاعتماد على أي قوة عسكرية اجنبية، وبالتأكيد ليس المصريين، ولا يوجد لإسرائيل أي خيار باستثناء مراقبة التهريب بنفسها. ولكن في هذه الاثناء إعادة المخطوفين هي الأهم. “يجب عقد الصفقة في اسرع وقت”، قال للصحيفة وأضاف. “لقد كانت للحرب اهداف، لا يمكن تحقيقها بالقوة العسكرية فقط. ونتساريم وفيلادلفيا هما ذريعة فقط”.

ما الذي فعلناه في العام 1982؟

نظرة الى تاريخ محور فيلادلفيا تظهر أن مسؤولية مصر عما يحدث هناك ليست وليدة 40 سنة ونيف. عمليا، منذ العام 1982 وحتى تطبيق خطة الانفصال في 2005 كان هذا المحور تحت سيطرة إسرائيل، وهي سيطرة لم تمنع بالكامل التهريب فيه وتحته.

المراسل نيقولا فيلهم، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة “ايكونوميست”، كتب في مجلة الدراسات الفلسطينية بأنه في 1983 اكتشف الجيش الإسرائيلي النفق الأول هناك. العلامة الفارقة المهمة التالية كانت 1987، وهي السنة التي تم فيها تأسيس حماس. في كانون الأول من نفس السنة عند اندلاع الانتفاضة الأولى كانت حادثة اطلاق نار على المحور للمرة الأولى منذ التوقيع على اتفاق السلام. “لقد قاموا بقطع الجدار الحدودي مع مصر وكمنوا لقوة إسرائيلية واصابوا جندي”، نشرت في حينه “هآرتس”.

المحور كان بؤرة إرهاب دائم، وصل الى الذروة في الانتفاضة الثانية في العام 2000. في حينه كتب عاموس هرئيل، سواء التنظيمات الإرهابية الفلسطينية أو القبائل في رفح اعتبرت الانفاق تحت محور فيلادلفيا “شريان الحياة الرئيسي”. “المطلوبون الذين سئموا من الملاحقة الإسرائيلية هربوا عبر الانفاق الى مصر، نشطاء إسلاميون من الخارج وصلوا عبره الى القطاع، ومخربون في رفح خرجوا عبر الانفاق الى شبه جزيرة سيناء كي يتسللوا من هناك الى حدود إسرائيل الجنوبية وتنفيذ العمليات”، قال وأضاف. “الكثير من السلاح النوعي تدفق الى الداخل”. محور فيلادلفيا سمي في حينه “جنة عدن” بالنسبة للمهربين. وخلال الانتفاضة الثانية اكتشف الجيش الإسرائيلي هناك اكثر من 80 نفق. خلال هذه الفترة أيضا استمرت الدماء بالتدفق هناك.

من اجل منع اكتشاف الانفاق هاجم الفلسطينيون مواقع الجيش الإسرائيلي في المنطقة بواسطة العبوات الناسفة والصواريخ المضادة للدروع والقنابل واطلاق النار من أسلحة خفيفة. حادثتان مختلفتان في اهدافهما نقشتا في الذاكرة الجماعية منذ ذلك الحين. الأولى في 2003 التي قتلت فيها الفتاة الامريكية راتشيل كوري، بسبب اصابتها بجرافة للجيش الإسرائيلي اثناء محاولتها منع بجسدها عمليات هدم بيوت في المحور. الثانية في 2004، في حينه تم تفجير حاملة جنود للجيش الإسرائيلي اثناء نشاطات عملياتية. من هذه الحادثة نتذكر صور جنود الجيش الإسرائيلي وهم يزحفون على الرمال قرب السور في المحور ويحفرون باصابعهم من اجل العثور على بقايا جثث اصدقائهم. في صيف 2005 انسحبت إسرائيل بشكل احادي الجانب من القطاع، وخلال ذلك من محور فيلادلفيا، في اطار خطة الانفصال، والمسؤولية عن المحور تم نقلها لمصر. وقد تم الاحتفاظ لإسرائيل مع ذلك بحقها في إبقاء قوات عسكرية على الحدود بين القطاع ومصر. هذا الحق الذي تم تجسيده للمرة الأولى في 2006، السنة التي فيها تم تهريب الى القطاع اكثر من 20 طن من المواد المتفجرة، كما نشر في “هآرتس”.

الآمال التي علقتها إسرائيل على مصر تلاشت بسرعة، وقامت بتقديم شكوى حول تجاهل أو غض نظر مصر لمعالجة موضوع التهريب”، كما كتب فوده. في الكتاب أشار أيضا الى أنه في 2006 اشتكى رئيس الشباك في حينه يوفال ديسكن للامريكيين بأن مصر لا تفعل بما فيه الكفاية من اجل منع التهريب في الانفاق الى غزة. ديسكن أضاف في حينه بأن لامبالاة مصر لا تنبع من نقص المعلومات، لأن إسرائيل نقلت لمصر كل المعلومات التي توجد لديها، وضمن ذلك أسماء المهربين واماكنهم. مصر، كما قالت إسرائيل، ببساطة غير معنية بمحاربة حماس “لاسباب داخلية”. إضافة الى ذلك كان هناك على مر السنين عدد من التقارير حول نشاطات مصر ضد الانفاق، وضمنها اغراقها بمياه المجاري. بعد ذلك تبين أن هذا كان في افضل الحالات حل مؤقت وجزئي.

ربما أن التفكير بالمياه كان صحيح ولكنه غير دقيق. “في العام 2004 اقترحت حفر قناة على طول محور فيلادلفيا، تكون مرتبطة مع البحر المتوسط”، قال الخبير في الجيولوجيا، البروفيسور آريه آيسر، الذي توفي مؤخرا عن عمر يناهز 95 سنة. “القناة ستخلق ليس فقط عائق فوق الأرض، بل أيضا عائق تحت الأرض نتيجة تدفق المياه وخلق افق مشبع بالمياه الجوفية المالحة”. آيسر اعتقد أن القناة ستجعل حفر الانفاق “مشكلة هندسية معقدة، سيكون من الصعب التغلب عليها”. ولكن زميله الهيدرولوجي، البروفيسور الياهو روزنطال، اعتبر هذا الاقتراح “غريب واحمق”. في الوقت الذي كان يتناقش فيه رجال العلم هؤلاء، التهريب استمر ووصلنا الى وصلنا اليه الآن.

ضابط كبير تحدث مع “هآرتس” على قناعة بأنه لا يوجد أي حل آخر باستثناء تواجد إسرائيل في المحور، ولا يوجد لديه أي شك في ذلك. “اذا لم نتواجد في المحور فمن خلاله سيدخل الأشخاص والسلاح. فهل هناك في الأجهزة الأمنية من هو مستعد لتحمل مخاطرة أنه في الوقت الذي سنعيد فيه سكان كرم أبو سالم والجنوب، سيدخل سلاح سيستخدم ضد الجيش وضد السكان في اللحظة التي تشعر فيها حماس بأنها تستطيع؟”. إلا أن هذا الرأي ليس الرأي الوحيد، أيضا في أوساط الجهات الرفيعة في الحاضر وفي السابق. اذا كان هذا الضابط على قناعة بأنه “لا يمكن التحكم بالمحور من بعيد فانه يجب السيطرة عليه”. الجنرال شمني توجد لديه فكرة مختلفة. فحسب قوله قوة عربية – اجنبية هي ترتيب لن يساعد، لكن توجد أيضا إمكانية لقوة عربية محلية. “لا يوجد مناص من ذلك”، قال. “نحن لن نستطيع التملص من حل فلسطيني شامل وواسع. فقط فلسطينيون توجد لهم مصلحة في النجاح ويعترفون بوجود إسرائيل هم الذين يمكنهم فعل شيء.

“لكن كل ذلك ليس الأساس. يجب التوصل الى صفقة تبادل لأنه لا يوجد لدينا وقت. بسبب أن نتنياهو لا توجد له استراتيجية فان كل ما يقوله هو خداع للجمهور الذي لا يعرف الموضوع بما فيه الكفاية”.

——————————————–

هآرتس/ ذي ماركر 26/8/2024

المعايير العشرة التي تقرر: من غير المعقول اتخاذ نتنياهو قرار الحرب بمفرده

بقلم: عيدو باوم

منذ سنوات كثيرة يتم نشر في إسرائيل مؤشرات تهدف الى تقدير مستوى الديمقراطية في إسرائيل: لقد حان الوقت لفحص مستوى الاستبداد الذي وصلنا اليه. هل يمكن بالفعل الإعلان بأننا دولة ديكتاتورية؟.

السؤال يصبح واضح أكثر امام الادعاءات التي تقول بأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يتخذ وحده القرارات التي تتعلق بأمن الدولة، رغم أنه يجب اتخاذها في الكابنت السياسي – الأمني أو في الحكومة. الجواب الحازم لسكرتير الحكومة على هذا السؤال هو “لا” مطلقة.

الرسالة التي تم ارسالها قبل عشرة أيام الى رئيس الحكومة والمستشارة القانونية للحكومة من حركة باسم “طريقنا – نهب للعمل”، جاء فيها بأنه خلافا لقانون الأساس: الحكومة، فان نتنياهو يقوم وحده باتخاذ القرارات الحاسمة، التي كان يجب اتخاذها في الحكومة أو في الكابنت.

ممثل الحركة، المحامي جلعاد برنياع، كتب في الرسالة بأن “رئيس الحكومة والحكومة يعملون بشكل منهجي ومتعمد وحتى مثير للاستفزاز، خلافا لأوامر الدستور التي تم النص عليها في قانون الأساس، وبعدم صلاحية واضح… مع خلق وضع فيه خطر واضح وفوري لجر الدولة الى حالة الحرب”.

الشكوى ارتكزت بالأساس الى رسالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، في بداية الشهر، والتي حذرت فيها رئيس الحكومة بأنه “منذ فترة قرارات حكومية مهمة يتم اتخاذها من خلال إجراءات مشوشة. المستشارة حذرت من ذلك في السابق، لكن حسب قولها الوضع وصل الى “الذروة”. وقد ذكرت عدة احداث، من بينها رسالة سكرتير الحكومة، التي كانت حسب رأيها تعتبر رأي قانون له تداعيات ثقيلة في مجال الامن. وتم ارسالها حسب رأيها بتجاوز صلاحية سكرتير الحكومة، الذي لم يكن من شأنه أن يقدم رأي قانوني للحكومة.

قانون الأساس: الحكومة ينص على أن رئيس الحكومة وحده غير مخول بشن الحرب، وعدم القيام بعملية عسكرية يمكن أن تؤدي الى حرب. هذه القرارات يجب اتخاذها في الحكومة أو في لجنة وزارية مفوضة من الحكومة من اجل ذلك، الكابنت. مثلا، اذا كانت إسرائيل هي التي قامت باغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس في طهران، إسماعيل هنية (نؤكد بأن إسرائيل لم تؤكد في أي وقت ذلك)، فان هذا القرار كان يجب اتخاذه في الكابنت، وليس من قبل رئيس الحكومة بشكل شخصي.

صفقة تبادل المخطوفين ليست بالضبط “عملية عسكرية”، ولكن اذا كان قرار عدم الموافقة على مثل هذه الصفقة سيؤدي الى حرب، فان هذا أيضا قرار من غير المعقول اتخاذه من قبل نتنياهو وحده.

سكرتير الحكومة، المحامي يوسي فوكس، رد في نهاية الأسبوع برسالة مفصلة على ادعاءات حركة “طريقنا”. وحسب قوله فان “الحديث يدور عن اتهامات خطيرة لا أساس لها موجهة لرئيس الحكومة والحكومة وسكرتير الحكومة”. فوكس رفض كليا هذه الادعاءات وقال: “بخصوص الادعاءات الخطيرة التي لا أساس لها من الصحة ضد رئيس الحكومة فيما يتعلق بالقرارات حول أمن الدولة، وضمنها الادعاء بأنه أخذ بنفسه صلاحيات الحكومة، يمكن الرد عليها فقط بطريقة واحدة: لم تكن مثل هذه الأمور في أي يوم من الأيام.

فوكس شرح في رده بأنه لم يتم اتخاذ في الكابنت السياسي – الأمني أي قرار مخالف لرأي المستشارة القانونية للحكومة. و”لم يحدث في أي مرة أن المستشارة القانونية للحكومة قدمت رأي يقول بأنه يجب عقد الكابنت السياسي – الأمني، وتقرر عدم عقده”.

ربما توجد فجوة بين الوضع الذي يصفه سكرتير الحكومة والوضع الذي وصفته المستشارة القانونية في الرسالة عن تشويش في عمل الحكومة. مثلا، ربما كانت هناك احداث عرفت عنها المستشارة قبل فترة قصيرة جدا، وربما بعد حدوثها أيضا. ربما كان يجب حسب رأيها عقد الكابنت، ولم يكن هناك أي فائدة من قول ذلك. وربما هي لم تحصل على صورة كاملة للاحداث ولم تتمكن من تقديم رأي قانوني معقول. نحن لا نعرف ذلك.

رسالة المستشارة القانونية للحكومة لم تتطرق فقط للمجال القانوني لعمل الحكومة، بل أيضا للمستويات المهنية بشكل عام، بما في ذلك جهاز الامن ووزارة المالية. في الفترة الأخيرة تم الكشف في “اخبار 12” عن رسالة رئيس الشباك، رونين بار، التي أرسلها لاعضاء الحكومة حول المخاطرة باشعال الشرق الأوسط في اعقاب دعم جهات حكومية لعنف اليمين المتطرف في المناطق. التحذير يصبح ساري المفعول عندما تتم قراءته الى جانب رسالة المستشارة القانونية للحكومة حول أداء الحكومة.

معايير الاستبداد

ما هي المعايير للتقدير بأن زعيم هو ديكتاتور؟

1- استقلالية الشرطة وقوات الامن. هل يتم استخدام الجيش وقوات الامن والشرطة لاسكات من يعارضون الحكومة؟ عنق الحكومة يوجد تحت حذاء بن غفير. وكل الذين يترأسون اذرع الامن يديرون حرب مع الحكومة من اجل استقلالية هذه الأجهزة.

2- العلاقات الدولية. هل الدولة تعاني من العزلة الدولية أو العقوبات الدولية. العزلة المتزايدة لإسرائيل لا تنبع مباشرة من وضع الديمقراطية. لا يمكن اتهام الرئيس التركي بأن المقاطعة التجارية مع إسرائيل هدفت الى انقاذ المحكمة العليا أو الدفع قدما بحقوق الانسان.

3- تركيز القوة في يد شخص واحد أو مجموعة حاكمة. في الديكتاتورية توجد قوة كبيرة تتركز في يد شخص واحد أو في يد مجموعة حاكمة. في حالتنا الهجوم المستمر على المستشارة القانونية للحكومة والمحكمة العليا يقفز الى اعلى في مؤشر الديكتاتورية.

4- استقلالية جهاز القضاء. منذ سنة لا يوجد رئيس للمحكمة العليا، ووزير العدل يمنع تعيينات. وقد سبق ذلك سنة جمود في تعيين القضاة.

5- حرية التعبير والصحافة والاحتجاج. هل توجد حرية تعبير وحرية صحافة وحق في التظاهر؟ هل الحكومة تسيطر على وسائل الاعلام؟ نحن في حالة هبوط حر.

6- المعارضة. هل توجد معارضة سياسية؟ وهل تستطيع اسماع صوتها؟ في هذا السياق الوضع لدينا كان أسوأ مما كان في البداية. في إسرائيل توجد معارضة، لكن بنية الكنيست تقيد قوتها.

7- حقوق الانسان. لنضع جانبا ما يحدث في المناطق. من يريد قول أي شيء عن طريقة معاملة المخربين بعد قول النيابة العسكرية بأنها أمرت بالتحقيق في الاشتباه بارتكاب مخالفة في منشأة سديه تيمان؟ يبدو أن الحق الوحيد للإنسان الذي يقلق الحكومة هو حق المتهرب في الحصول على الدعم، وحق شبيبة التلال بالصمت اثناء التحقيق.

8 – السيطرة على الاقتصاد. هل يوجد للمجموعة المسيطرة تأثير كبير على إدارة اقتصاد الدولة؟ قبل 7 أكتوبر رئيس الحكومة قام بتمديد حتى اللحظة الأخيرة فترة ولاية محافظ بنك إسرائيل. المحافظ هو شخص مستقل، ولكن في دوامة اقتصادية فانه لا يوجد له الكثير ليفعله.

9- الانتخابات الحرة. هل الانتخابات يتم اجراءها في موعدها وبشكل حر؟ الجواب الحقيقي سنحصل عليه على الأكثر في تشرين الأول 2026.

10 – ثغرة للأمل. هل بعد احداث مثل الفشل في الاستعداد للحرب وفقدان كارثي لحياة البشر أو ازمة اقتصادية يحتاج الامر تبكير موعد الانتخابات؟. من جهة، لا يوجد في إسرائيل قانون يلزم الحكومة بالاستقالة بعد الفشل أو أن تطلب من جديد ثقة الجمهور. ربما كان ذات يوم معيار شخصي كهذا، في عهد غولدا ورابين وبيغن. ومنذ نتنياهو المعيار اصبح معكوس. لا يتزحزحون عن الكراسي.

من جهة أخرى، عندما ترفض الحكومة تحمل المسؤولية عن الكارثة ولا تقوم بتجديد ثقة ناخبيها ولا تشكل لجنة تحقيق تقدم للجمهور حقائق من مصدر موثوق، وترفض أيضا طلب الجمهور اجراء الانتخابات أو اجراء تحقيق، فان هذا “علم احمر” في منحدر الديكتاتورية.

——————————————–

 هآرتس 26/8/2024

بن غفير راعيها.. ماذا نعرف عن أعضاء منظمة الإرهاب اليهودي في “حكومة قاتل دوابشة”؟

بقلم: أسرة التحرير

بن غفير يؤيد الإرهابيين اليهود. القوة والصلاحيات والمقدرات التي في يديه بصفته وزير الأمن القومي يوجهها لحماية الإرهابيين اليهود. لا مجال للتشوش: الإرهابيون اليهود هم الذراع العسكري لمنظمة بن غفير نفسه عضو فيها، ويمثل مصالحهم في الحكومة. يجلس بن غفير في الحكومة، لكنه موالٍ لفكرة أكبر منها، وفي الاختيار بين ولائه للدولة وولائه لبلاد إسرائيل الكاملة وللكهانية، يختار الثاني.

أحد الإرهابيين اليهود الذين يتمتعون برعاية بن غفير هو قاتل عائلة دوابشة، عميرام بن أوليئيل. في الأشهر الأخيرة حظي بن أوليئيل في سجن “أيالون” [الرملة] بزيارتين ممن لا يقل عن مأمور السجون كوبي يعقوبي.

إن زيارة مأمور السجون لسجين أمني تعتبر أمراً شاذاً. من يتساءل ماذا للمأمور وإرهابي يهودي، إنما هو يسأل السؤال غير الصحيح. السؤال هو: ما ليعقوبي وللوزير الكهاني؟ عندما يُسأل السؤال الصحيح، يتضح عمق تسلل الإرهاب اليهودي للحكومة: في الماضي كان يعقوبي السكرتير الأمني لبن غفير، عمل على تخفيف الشروط الاعتقالية لبن أوليئيل ومعتقلين وسجناء أمنيين يهود آخرين، بناء على طلب بن غفير، وهو نفسه كان محامياً لبن أوليئيل.

رئيس قيادة بن غفير، حنمئيل دوفمن، هو أيضاً عضو آخر في الشبكة الكهانية، التقى بن أوليئيل. فضلاً عن ذلك، حظي بن أوليئيل بنوع من “منظومة دعم نفسي” بما في ذلك أحاديث مع حاخامات في “الصهيونية الدينية”، وبينهم الحاخام دوف ليئور، من قادة التيار اليميني المتطرف وحاخام بن غفير.

في الجهاد اليهودي الذي يعد بن أوليئيل أحد أبطاله، ثمة أعضاء كثيرون، وله أناس في الميدان، وحاخامات، وشخصيات في مواقع قوة في مؤسسات الدولة، وهو ممثل في الحكومة والكنيست أيضاً. وها هي بضعة أسماء أعضاء الشبكة: بن أوليئيل، دورفمن، يعقوبي، الحاخام ليئور، بن غفير، والنائب ليمور سون هار ميلخ من حزبه. في أيلول الماضي، وصفت سور هار ميلخ بن أوليئيل بأنه “ولي قديس يعاني من أجل شعب إسرائيل كله”، بعد أن زارته في زنزانته بكونها نائبة.

قل لي من أبطالك أقل لك من أنت. بن أوليئيل أدين بقتل أبناء عائلة دوابشة – رضيع ابن سنة ونصف ووالديه – حين ألقى زجاجة حارقة على بيتهم في قرية دوما وحرقهم حتى الموت. بن أوليئيل هو ابن صورة مخربي حماس الذين ذبحوا الإسرائيليين في 7 أكتوبر. أفعاله مشابهة لأفعالهم. هم وهو أعداء البشرية. حكومة يجلس فيها مؤيدون لبن أوليئيل تقوض حق دولة إسرائيل في الوجود.

——————————————–

واشنطن تبحث عن السنوار

كشف تقرير جديد عن الدور الذي تلعبه واشنطن في مساعدة الاحتلال على البحث عن زعيم “حماس” يحيى السنوار وغيره من قادة الحركة، حيث أشار إلى أن الولايات المتحدة قدمت للاحتلال راداراً يخترق الأرض لتحقيق هذا الغرض.

وبالنسبة للاحتلال، يعدّ السنوار (61 عاماً) أحد أكثر المطلوبين لديه في العالم.

وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، اعتقد المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون أنهم حصلوا على فرصة غير مسبوقة لمطاردة السنوار. فقد أغارت قوات الكوماندوز الإسرائيلية على مجمع أنفاق متقن في جنوب قطاع غزة يوم 31 كانون الثاني/ يناير بناءً على معلومات استخباراتية تفيد بأن السنوار كان مختبئاً هناك.

وبحسب موقع “الشرق الأوسط”، استمرت عملية المطاردة، مع ندرة الأدلة القاطعة على مكان وجوده.

ومنذ الهجمات التي شنتها حركة حماس على الاحتلال في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أصبح السنوار، الذي خطط لهذه الهجمات وأدارها، أشبه بالشبح، حيث إنه لم يظهر في العلن قط، ونادراً ما كان ينشر رسائل لأتباعه، ولم يترك سوى القليل من الأدلة حول مكان وجوده.

وقال المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون إن السنوار نجح في تجنب شبكة استخباراتية متطورة، ويُعتقد أنه يتصل بحركة حماس عبر شبكة من الأشخاص ما تزال طريقة عملها “لغزا”.

والسنوار هو الشخصية الأكثر أهمية في حماس، ونجاحه في التهرب من الأسر أو القتل حرم الاحتلال من القدرة على تقديم ادعاء أساسي هو أنها “فازت بالحرب واستأصلت (حماس)”، وفق تقرير صادر عن صحيفة “نيويورك تايمز”.

مساعدات واشنطن للاحتلال

تكشف المقابلات مع أكثر من 20 مسؤولاً إسرائيليا وأميركيا أن كلا من الاحتلال والولايات المتحدة قد سكب موارد هائلة في محاولة للعثور على السنوار.

وبعد هجمات 7 أكتوبر مباشرة، أنشأت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي وحدة خاصة لمهمة واحدة تتمثل بـ”العثور على السنوار”.

وكُلّفت وكالات التجسس الأميركية باعتراض اتصالات السنوار. كما أرسلت وزارة الدفاع الأميركية قوات عمليات خاصة إلى الاحتلال لتقديم المشورة للقوات الإسرائيلية بشأن الحرب الوشيكة وقتها في غزة.

وأنشأت الولايات المتحدة، التي تعدّ حماس منظمة إرهابية، مع الاحتلال قنوات لتبادل المعلومات حول مكان السنوار وغيره من كبار قادة حماس و”الرهائن”.

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان: “لقد كرسنا جهوداً وموارد كبيرة للإسرائيليين للبحث عن قادة (حماس)، خصوصاً السنوار. لقد كان لدينا أشخاص في إسرائيل يعملون على حل هذه المشكلة. ومن الواضح أن لدينا كثيراً من الخبرة في مطاردة الأهداف ذات القيمة العالية”.

وعلى وجه الخصوص، نشر الأميركيون راداراً يخترق الأرض للمساعدة على رسم خرائط لمئات الأميال من الأنفاق التي يعتقدون أنها موجودة في قطاع غزة.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن الدعم الاستخباراتي الأميركي كان “لا يقدر بثمن”.

ولدى الإسرائيليين والأميركيين مصلحة مشتركة في تحديد مكان قادة حماس وعشرات “الرهائن”؛ بمن فيهم أميركيون، الذين ما زالوا في غزة.

لكن أحد الأشخاص المطلعين على ترتيبات تبادل المعلومات الاستخباراتية، طلب عدم الكشف عن هويته، يصف هذه الترتيبات بأنها “غير متوازنة للغاية”، حيث إن النفع الذي يعود على واشنطن نتيجة لذلك أقل بكثير من ذلك الذي تمنحه لـ”إسرائيل”.

وأوضح أن الأميركيين في بعض الأحيان يقدمون معلومات عن قادة حماس على أمل أن يوجه الإسرائيليون بعض مواردهم الاستخباراتية نحو العثور على “الرهائن” الأميركيين، لكن “إسرائيل” لا تهتم بهذا الأمر بالشكل المفترض.

مستقبل السنوار

لا شك في أن قتل أو أسر السنوار من شأنه أن يخلف تأثيراً كبيراً على الحرب. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن ذلك من شأنه أن يوفر لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حجة للادعاء بأنه حقق نصراً عسكرياً كبيراً في الحرب.

ولكن من غير الواضح ماهية التأثير الذي قد يخلفه قتل السنوار على المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى الذين احتُجزوا في 7 أكتوبر الماضي.

وأصبح التواصل مع السنوار أكثر صعوبة مؤخراً، كما قال مسؤولون إسرائيليون وقطريون ومصريون وأميركيون. إذ اعتاد الرد على الرسائل في غضون أيام، لكن المسؤولين قالوا إن الأمر أصبح يستغرق وقتاً أطول بكثير للحصول على رد منه.

يذكر أن حركة حماس أعلنت مطلع الشهر الحالي اختيار السنوار، رئيسها في قطاع غزة آنذاك، رئيساً للمكتب السياسي للحركة، خلفاً لإسماعيل هنية، الذي اغتاله الاحتلال في العاصمة الإيرانية طهران، وهو الأمر الذي نظر كثير من الخبراء إليه على أنه “رسالة تحدٍّ للاحتلال”.

——————————————–

عن موقع “مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية” 26/8/2024

هل تحتاج إسرائيل إلى رؤية أمنية جديدة بعد 7 تشرين الأول؟ (2من2)

بقلم: غور ليش

بعد هذا كله، هل كان يمكن لإسرائيل تدمير مزيد من البنية التحتية؟ وهل سيُفاجأ أحد إذا استمر التهديد “الإرهابي” من غزة، بما يشمل القصف الصاروخي من وقت إلى آخر، حتى بعد تحقيقنا “النصر المؤزر”، بعد تحقيق النصر الكامل في غزة وهزيمة “حماس”؟ هل يمكننا حقاً منع حدوث ذلك؟ فإن لم نتمكن، فما هي الفائدة من استمرار الحرب إلى الأبد؟

يخوض الجيش الإسرائيلي الحرب بأشكال متفاوتة من الشدة منذ عشرة أشهر فعلياً. يقاتل الجنود النظاميون باستمرار تقريباً، في حين باتت قوات الاحتياط في دورة عملها الثالثة. والمعدات والأدوات تتحمل عبئاً أكبر كثيراً مما تم تصميمه لها، وفقاً للعقيدة الحربية الإسرائيلية، فهل يمكن لأحد أن يفترض أن هذا الجهد يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية؟ هل هناك حدود لساعات تشغيل ونشاط الآلة العسكرية الإسرائيلية؟ هل هناك علاقة بين طول الحرب في غزة، والوضع الاستراتيجي المعقد على الحدود الشمالية؟

يدّعي مؤيدو الرؤية البديلة أن رؤية بن غوريون لم تعد توفّر الأمن. ويقول هؤلاء، إن الامتناع من تحقيق النصر الكامل يعود في المقام الأول إلى الضعف. فهل تحقيق الرؤية الجديدة ممكن من ناحية الأدوات؟ أو من ناحية الشرعية الدولية؟ أم أن هذا الادعاء يتجاهل الواقع؟

عندما يُطرح السؤال عمّا يجب فعله بشأن نقص الذخائر، غالباً ما تكون الإجابة أنه كان من المفترض أن تحقق إسرائيل الاكتفاء الذاتي في هذا المجال. لكن: كيف يمكننا الآن، في هذه اللحظة، شنّ حرب باستخدام ذخائر كان يجب علينا أن نهتم بإنتاجها، لكننا لا نملكها؟

يُضاف إلى ذلك أن الذين يقولون بضرورة تبنّي رؤية بديلة يتجاهلون حاجتنا إلى الدعم العسكري والسياسي الأميركيَّين. فهل يمكن لإسرائيل، الآن، مواجهة جميع التهديدات من حولها بمفردها، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً؟ وهل يمكن لإسرائيل البقاء دون دعم أميركي في الأمم المتحدة؟ هل يمكن لإسرائيل أن تصمد في حال فُرض عليها حصار عالمي؟

هناك مَن يُظهرون مشاعر رومانسية، مستحضرين المصاعب التي عاشها الطلائعيون، مؤسسو إسرائيل، في “حرب الاستقلال”، مستدلّين على أن المصاعب والصمود فيها هما اللذان يحققان النصر، في “حرب الاستقلال”، كنا وحيدين وقلة في مواجهة كثيرين، لكننا انتصرنا.

يتناسى هؤلاء أن الجيش الإسرائيلي الفتي، بعد الهدنة الأولى في حرب 1948، تمكن من تعزيز قوته والوقوف الند للند، بل وقفة المتفوق، ضد جيوش مصر والقوات الزاحفة من الشمال. بالمناسبة، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من صدّ الجيش الأردني المجهز والمنظم آنذاك. صحيح أن إسرائيل انتصرت في حرب 1948، لكنها كانت بعيدة كل البعد عن هدف القضاء على أعدائها وتحقيق النصر المؤزر آنذاك. صحيح أن الإرادة والإيمان مهمّان في الحرب، لكنهما لا يضمنان تحقيق الإنجازات العسكرية. ويمكن لنا أن نتشبث ببسالتنا في التصدي للمصاعب في الماضي. لكن علينا ألّا ننسى أن هذه الصعوبات ليست شرطاً مادياً لتحقيق النصر، بل العكس هو الصحيح.

هناك أيضاً دوافع أيديولوجية تقف خلف محاولة تغيير الرؤية الأمنية. فاليمين الإسرائيلي لا يؤمن بالتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، ولا يرغب في دولة ثنائية القومية. إن معنى الامتناع من إجراء التسوية هو اختيار الحرب الأبدية. ووفقاً للوزير في وزارة الدفاع سموتريتش، تحتاج إسرائيل إلى رؤية أمنية تشمل حرباً مستمرة ضد الفلسطينيين إلى أن يتم القضاء عليهم. إن وجهة النظر هذه ترى ميزة في الحرب التي لا تنتهي، وتتمثل هذه الميزة في القضاء على التهديد الفلسطيني لإسرائيل.

لقد حددت الحكومة هدفاً غير ممكن، وفقاً لرؤية بن غوريون، أمّا الجيش الإسرائيلي فقد انطلق لتحقيقه دون أن تكون لديه خطة، ودون أن يعين إطاراً زمنياً لتحقيق الأهداف. انطلق الجيش الإسرائيلي إلى حرب “السيوف الحديدية” دون أن تكون لديه خطة واضحة لِما يحاول تحقيقه عسكرياً، وكيف يمكنه تحقيق ذلك، والأهم: كم يلزم من الوقت، وما هي الوسائل المتاحة له لتحقيق هذه الخطة غير المحددة. لكن المرء، عندما يرسم خطة عسكرية، يجب أن يستند إلى الموارد المتاحة له، فلا ينبغي له التخطيط، بناءً على قدرات لا يملكها، ومعدات تنقصه، ووقت لا نهائي وغير محدد لا يملكه لتحقيق أهدافه.

يوضح دخول “حزب الله” إلى الحرب، بالطريقة التي اختارها نصر الله، العبثية في كيفية إدارة إسرائيل الحرب. إذ تم إخلاء منطقة كاملة من سكانها، وتم تهجيرها فترة غير محددة، لأن الجيش الإسرائيلي يبذل كل جهده في القطاع، ولا يمكنه تخصيص الموارد اللازمة للقتال على الجبهة الشمالية.

ما هو الوضع الاستراتيجي لإسرائيل إذا ما انتهت الحرب في غزة، الآن، باتفاق تبادُل للمخطوفين، ودون أن يتم “ترحيل” حكومة “حماس” إلى تونس؟ وهل الثمن الهائل الذي دفعته غزة سيترك لدى “حماس” وبقية أعداء إسرائيل رغبة في الاستمرار، بعد أن تخبو هتافات الانتصار الإسرائيلية التي تحيي الأسرى العائدين إلى صفوفهم؟ أم إن الثمن الذي دفعته غزة، وربما الحيلولة دون إعادة إعمارها، ما دامت “حماس” في السلطة، سيكون كافياً لإعادة موضعة إسرائيل كقوة عسكرية إقليمية؟

هل هناك فعلاً حاجة إلى رؤية أمنية جديدة؟ رؤية تشمل تدمير كل تهديد خارجي في حرب شاملة حتى القضاء عليه؟ إن القضاء على “حماس” يتطلب، حسبما نرى، تسعة أشهر على الأقل. فكم من الوقت، وكم من الذخائر والقوة العسكرية سيتطلب القضاء على “حزب الله”؟ وبعد القضاء على “حزب الله” ما الذي سيمنع القوات المدعومة من إيران في سورية والعراق واليمن من الاستمرار في قتالنا؟ كيف يبدو القضاء عليهم عسكرياً؟ وكل هذا، وصولاً إلى الجائزة النهائية التي ستأتي في النهاية – ما الذي يحتاجه الجيش الإسرائيلي للقضاء على إيران وتحويلها إلى شريك في اتفاقيات أبراهام؟

وفقاً للرؤية الجديدة، لا يمكن الاعتماد على الردع الذي يثبت دائماً فشله. ولا جدوى من حرب قصيرة لا تقضي تماماً على العدو. إذا ما كان هدف الحرب يتمثل في تحقيق النصر المؤزر، فعلينا بناء القوة لدعم هذا الجهد. وبناءً عليه: كم يوماً من الحرب علينا إعداد مخازننا؟ أسابيع، أم أشهرا، أم سنوات؟

وفقاً لـ”ظاهرة الحرب الطويلة”، يجب على الجيش الإسرائيلي الاستعداد والتزود بالذخائر، وإعداد الجنود لحرب تستمر أعواماً. فهل سيحتمل الاقتصاد الإسرائيلي ذلك؟ هل يمكن للاقتصاد الإسرائيلي تحمّل “أكبر جيش في الشرق الأوسط” (كما حدث بعد حرب “يوم الغفران”)؟ هل يمكن للمجتمع الإسرائيلي الذي يدعم الاقتصاد ويخدم في الاحتياط تحمّل ذلك؟ هل ستبقى إسرائيل “جنة” للمستثمرين في ظل هيكل اقتصادي من هذا الطراز؟ هل سيتعين على أعداء إسرائيل تنفيذ هجوم 7/10/2023 آخر، أم عليهم مجرد الاكتفاء بانتظار مشهد انهيار مشروع بن غوريون من الداخل؟ هذه “المعجزة” الإسرائيلية سيتم تدميرها من الداخل. ربما يكون لدى إسرائيل جيش مجهز جيداً آنذاك، لكن ماذا سيحدث للدولة التي تعتمد عليه؟

كيلا ننهي النقاش بقول ضبابي، مفاده أن هذه الرؤية التي تفضل الحرب الطويلة الأمد من أجل تحقيق النصر المؤزر، والقضاء التام على التهديدات، هي أمر غير ممكن أو غير واقعي. دعونا نفحص ما كان يمكن لإسرائيل أن تفعله خلال الفترة الماضية، بل دعونا نفحص ما الذي لا يزال في إمكان إسرائيل فعله، وفقاً للرؤية القديمة.

لو تمت إدارة حرب “السيوف الحديدية”، وفقاً للرؤية الأمنية، يمكننا التفكير في الاستراتيجيا التالية (على سبيل المثال):

كان الجيش الإسرائيلي سيكتفي بتوجيه ضربة قوية إلى “حماس”، دون أن يوجه ضربة إلى جميع أراضي القطاع، مع إنشاء منطقة عازلة تماماً في شمال القطاع. منطقة كانت ستصبح، لاحقاً، نواة لإقامة حكم بديل. كانت إسرائيل ستتوصل مبكراً إلى اتفاق تبادل أسرى بثمن باهظ يتمثل في إطلاق سراح “الإرهابيين”، والإبقاء على حياة بعض قادة “حماس”، لكن هذا الاتفاق سيشمل أيضاً تشكيل منطقة حدودية جديدة وجدار يوفر الأمان الكافي لضمان عودة السكان إلى “مستوطنات الغلاف”. كانت إسرائيل ستحتفظ بالدعم الدولي، وربما تشارك في إنشاء تحالف إقليمي مع السعودية. ولكان الجيش الإسرائيلي سيحتفظ بمقدّرات كافية لخوض حرب ضد “حزب الله”، وهي مقدرات سيمنع توفرها حدوث الحرب نفسها، وتساعد في التوصل إلى تسوية قد تعيد سكان الشمال إلى منازلهم.

صحيح أن هذا الحل لا يمثل انتصاراً مؤزراً، وصحيح أن “حماس” كانت ستستمر في الوجود في ظله. لكن، كانت ستتوفر لدينا ظروف كافية لإقامة حكم بديل، على الأقل في شمال القطاع، في منطقة كانت ستبدأ بالتعافي بينما يبقى جنوب القطاع في الخراب. ربما كان الجيش الإسرائيلي سيحتاج إلى جولة حرب أُخرى في جنوب القطاع، لكن هذا هو قدر إسرائيل – هكذا كانت حالنا دائماً، وهذا ما ستكون عليه. كانت حكومة حماس ستنهار في النصف المدمّر من غزة. ولكانت الأوضاع المزرية في جنوب القطاع، توفر لإسرائيل صورة رادعة، حتى الجولة المقبلة على الأقل، كنا سنخوض حرباً قصيرة، مجرد جولة أُخرى، لكن عودتنا إلى الروتين كانت ستتيح لنا إعادة بناء أنفسنا والتعافي.

نستقي من الأشهر التسعة الماضية أن الألم ليس ضماناً لتوفّر قدرة متخيلة لدينا. فإسرائيل ليست سوى جزيرة، تعتمد على جيش الاحتياط. والحرب الطويلة الأمد ليست حلاً لمشاكلها الأمنية. لن نتمكن من التوصل إلى نصر تام، لكن من شأننا، في المقابل، أن نصل إلى إخفاق تام، إذا بقينا نطارد النصر وقتاً أطول من اللازم، دون أن نفكر في حدود قوتنا واقتصادنا ومجتمعنا.

——————————————–

يديعوت 26/8/2024

الضفة جبهة جديدة ضد إسرائيل: تسخين تدريجي

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

حملة ضد “بؤر الإرهاب” في طوباس؛ اغتيال 4 “مخربين” من “حماس” في جنين، اثنان منهم مسؤولان عن قتل يونتان دويتش قبل نحو أسبوعين؛ اغتيال قائد تنظيم “حماس” في بلاطة؛ مقتل جدعون بيري في المنطقة الصناعية “براون” على يد عامل فلسطيني، إخلال بالنظام من المستوطنين في قرية جيت، قُتل خلاله فلسطيني؛ وانفجار عبوة ناسفة كبيرة في تل أبيب، حملها “مخرب” من منطقة نابلس – هذه أحداث الأسبوعَين الماضيَين في الضفة الغربية، ولم يتم التركيز عليها بسبب التركيز على غزة ولبنان وإيران. لكن، على طريقة قصة الضفدع في الطنجرة، هناك كلام عن تسخين تدريجي يمكن أن يصل إلى انفجار في نهاية المطاف.

إشعال الميدان

هناك 3 عوامل متشابكة تدفع في اتجاه تصعيد العمليات في الضفة الغربية، والتي بدأت قبل 7 تشرين الأول، وتسارعت نتيجة ذلك. الأول، الجهود المتنامية التي تبذلها حركة حماس لإشعال المنطقة وتعزيز مكانتها في الضفة. مَن يقود هذه الجهود زاهر جبارين، قائد “حماس” في الضفة، الذي عُيّن في هذا المنصب بعد اغتيال صالح العاروري في كانون الثاني الماضي.

وكما هي حال السنوار والعاروري، فإن جبارين أيضاً كان أسيراً فترة طويلة في السجن (تم الحكم عليه بالسجن المؤبد سنة 1993، وتحرر في صفقة شاليت)، يتحدث اللغة العبرية، وعلى دراية بأسرار المجتمع الإسرائيلي. يعمل، اليوم، من تركيا، ويُعتبر المموّل الأول للحركة، ويسيطر على شبكة من الشركات العقارية وجمع الأموال.

يريد جبارين أن يثبت أنه ليس أقل شأناً من سلفه، ويريد أن تساهم الضفة الغربية في النضال القومي، رداً على الانتقادات الداخلية بسبب عدم اشتعال انتفاضة ثالثة تخفف عن غزة المنهكة. لقد قال قبل شهر، إن “الضفة هي الخاصرة الرخوة لإسرائيل”، وأن “المقاومة هناك يمكن أن تفرز أنواعاً جديدة من الجهاد. جميع استطلاعات الرأي تشير إلى أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يفضلون الكفاح المسلح، وهو ما كان واضحاً في الانتفاضتَين الأولى والثانية”.

بحسب الضابط يوفال بيتون، رئيس قسم الاستخبارات السابق في مصلحة السجون، فإن “طموحه إلى الخروج من الشخصية الضبابية، والإثبات أنه قائد لديه قدرات، يلخصان قصة حياة جبارين”. ويضيف، إن “جبارين لم يكن يوماً قائداً بارزاً في أوساط الأسرى. يتم التعامل معه كقائد تكتيكي جاء من المناطق المهمشة (سلفيت)، ومن الممكن أن يكون قد تم اختياره نائباً للعاروري لأنه لم يعتبره تهديداً. وهو يستمد قوته من أنه كان في طليعة الذين انضموا إلى الذراع العسكرية للحركة في الضفة، ومن أنه الرجل الذي جنّد يحيى عياش. والآن، بعد أن وجد نفسه في المقدمة في أعقاب اغتيال العاروري، يريد أن يثبت أنه قائد قدير”.

إيران تحاول تسخين الساحة

العامل الثاني الذي يساهم في تسخين الضفة الغربية هو إيران، التي تعمل قبل 7 تشرين الأول على إشعال المنطقة، عبر تمويل وتشجيع البنية التحتية المحلية وإغراق الضفة بالسلاح. إن “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري يدفع بجهود جدية من أجل تهريب السلاح من سورية إلى الضفة الغربية، عبر الأردن، وضمنها عبوات ناسفة قوية وألغام، وأيضاً قاذفات RPG. بعض هذه الأسلحة يصل إلى “المنظمات الإجرامية العربية”، في إسرائيل، وهي أيضاً جهة تحاول إيران تحريضها.

قبل 7 تشرين الأول بثلاثة أشهر، أعلن أمين عام حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، زياد النخالة، أنه “يتم اتخاذ إجراءات وبلورة خطط لتسليح الضفة من أجل التوصل إلى تحوّل استراتيجي، عبر تهريب السلاح وشرائه من جهات في إسرائيل. إن الهدف هو التحول من الهدوء إلى المقاومة”. وفي أعقاب التهديد المتصاعد، على الجيش أن يقرر في الأيام القريبة، ما إذا كان سيخصص كتيبة جديدة تنتشر على الحدود الأردنية.

إن جهود “حماس” وإيران تغيّر الواقع في الضفة الغربية. قوات الجيش التي تعمل في بلدات شمال الضفة تواجه تنظيمات قادرة على إدارة قتال في مناطق مأهولة، وتفعّل عبوات ناسفة، قوتها غير مسبوقة في المنطقة. ومع تصاعُد التهديد، الجيش أيضاً يصعّد. وهو ما جرى مع توسيع عمل المسيّرات التي امتنعت إسرائيل من استعمالها في الضفة طوال 17 عاماً، وبدأت باستعمالها منذ صيف 2023. ومنذ 7 تشرين الأول حتى اليوم تم اغتيال 570 “مخرباً” في الضفة، 70% منهم من شمالها، ونحو 100 منهم اغتيلوا عبر القصف الجوي، أغلبيتهم في شمال الضفة.

إن بنى “الإرهاب”، وبصورة خاصة تلك التابعة لـ”حماس”، تتميز بالجرأة والتنظيم والذكاء، أكثر كثيراً مما كان سابقاً. وتدفع أيضاً بعمليات ضد أهداف عسكرية ومدنية في الضفة، وضد بلدات خط التماس، وفي الوقت نفسه، يتم استنساخ نماذج غزية، كتصنيع القذائف، وأيضاً التخطيط لاختراق البلدات الإسرائيلية. العملية في تل أبيب التي يمكن أن تكون موجهة من “حماس” في الخارج، من المحتمل أن تشير إلى عودة تصدير “الإرهاب” إلى قلب البلد. تمرّ الضفة بحالة تحوّل إلى نموذج جنين، وينتشر هذا من “عاصمة الإرهاب” نحو الجنوب – نابلس، وطولكرم وأريحا.

ضعف السلطة

العامل الثالث الذي يدفع إلى التدهور هو ضعف السلطة (الفلسطينية) الذي ينبع من عاملين: الصورة الداخلية كمؤسسة ضعيفة لا تؤثر في سير الأمور في السياق الفلسطيني الذي تقوده “حماس”، والقيود التي تفرضها إسرائيل (تقليص أموال المقاصة وعدم دخول العمال) التي تجعل عمل السلطة اليومي أصعب، وتساهم في خلق أزمة اقتصادية. ولذلك، تصبح الثقة بالنفس والدافع المتدني أصلاً إلى فرض القانون أقل، وهو ما يؤدي إلى فقدان تدريجي للسلطة في الميدان، في الأساس في شمال الضفة.

حركة “فتح” أيضاً، الحزب الحاكم في السلطة، تمرّ بحالة تفكك متسارعة الآن. وهذا المسار ينعكس على نموّ ظاهرة الميليشيات المحلية التي لها علاقة بالحركة، كما يبدو، لكنها تتصرف كجماعات مع طابع إسلامي “متطرف”. التعبير الأفضل عن هذا هو الفيديو الذي نُشر قبل أسبوعين عن تنظيم “الرد السريع” من مخيم اللاجئين في طولكرم، ويعلن فيه أحد قادته التالي: “سنسير في درب الشهداء حتى تحرير فلسطين، هذا هو الجهاد الذي يهدف إلى النصر، أو الشهادة”. كما أن “ميليشيات فتح” تتعاون مع جهات في “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في عدة مناطق، وخاصة في جنين وطولكرم.

لقد نجحت إسرائيل مدة 10 أشهر في الحفاظ على الاستقرار النسبي في الضفة، إلّا إن الأمور تتصاعد الآن، وهناك احتمال أن تتحول إلى جبهة إضافية. التحذيرات التي تم عرضها قبل الحرب أيضاً تبيّن أنها غير دقيقة، وهو ما أدى إلى رواية تشبه رواية “الذئب والراعي”. إن الشكوك الضرورية بعد 7 تشرين الأول تتطلب النظر بحذر ثاقب إلى الضفة. يبدو أن المعادلة الأساسية – الاستقرار الاقتصادي وعمل السلطة وارتداع المجتمع وجهود الجيش – التي منعت حتى اليوم سيناريو الرعب بشأن انتفاضة ثالثة، تتزعزع بوتيرة متصاعدة، وهو ما سيولد تحدياً استراتيجياً حاداً قريباً. وهذا، في الوقت الذي يتوجب على إسرائيل إنهاء معركة الاستنزاف في الشمال والجنوب، والتركيز على التهديد الإيراني.

——————انتهت النشرة——————