إسرائيلياتالصحافة العبرية

الصحافة العبرية … الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقراطية

 الصحافة الاسرائيلية – الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 18/12/2024

نتنياهو يفضل هواء قمة جبل الشيخ السوري على البيوت المحترقة في نير عوز

بقلم: ألوف بن

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ينشغل الآن اكثر من أي شيء آخر بتشكيل صورته العامة. استحواذه المرضي، السيطرة على المشهد التي من خلالها تتم مشاهدته، اوصله الى مقعد المتهمين، ويقف خلف شهادته كمتهم في ثلاثة ملفات فساد. نتنياهو غير تلقائي تماما. أي صورة أو فيلم له يتم إخراجها ويخطط لها بحرص، وتقسم الى ثلاثة  أنواع: ربطة عنق زرقاء في مكتبه وفي المحكمة المركزية، ربطة عنق حمراء في اللقاءات مع السياسيين الجمهوريين من الولايات المتحدة، وسترة “يونيكلو” للجولات في الجيش. 

في الأسابيع الأخيرة وجد نتنياهو أخيرا صورة النصر التي بحث عنها عبثا منذ 7 أكتوبر: رفع علم إسرائيل فوق قمة جبل الشيخ السوري. الهزيمة الفظيعة التي اوقعتها حماس بإسرائيل في الخريف الماضي تم استبدالها بالنشوة باسلوب حرب الأيام الستة. ليس فقط أن إسرائيل هزمت حماس وحزب الله وسوريا، وقصفت اليمن وايران، بل هي أيضا احتلت أراضي جديدة في الجولان بدون مقاومة وخسائر في الطرف الإسرائيلي، وأيضا في الطرف الآخر بدون قتل وتدمير الذي من شأنه أن يثير الانتقاد الدولي.

أي مخرج مثل نتنياهو لن يفوت فرصة التصوير الجديدة. أمس طار الى قمة جبل الشيخ كي يرتدي السترة الواقية ويعلن من هناك بأن هذه المنطقة ستبقى في يد إسرائيل الى أن يتم التوصل الى تسوية أخرى، أي الى الأبد، أو حسب قوله “نحن نحدد التسوية الأفضل”. في الأسبوع الماضي التقط نتنياهو صورة في هضبة الجولان قرب الحدود السابقة، لكن هذا لم يكن مؤثرا مثل زيارته في النقطة الأعلى التي توجد الآن تحت سيطرة إسرائيل.

يمكن ملاحظة ظهوره المتزايد في الشمال بشكل خاص مقارنة مع الأماكن التي يتجنب فيها نتنياهو التقاط الصور. مثلا، كيبوتس نير عوز الذي تم التخلي عنه في 7 أكتوبر. الكثير من سكانه ما زالوا مخطوفين في غزة، وقتل الكثيرين منهم والباقين يكافحون من اجل إعادة بناء حياتهم ومجتمعهم. بيوت الكيبوتس المحروقة ليست مكان جيد لزعيم يريد أن يظهر وكأنه منتصر. هي يمكن أن تذكر بمسؤولية نتنياهو عن الكارثة التي حلت ببلدات الغلاف، ومحاولته الحثيثة للتهرب منها حتى الى قمة جبل الشيخ.

نتنياهو ليس لوحده بالطبع. فرؤساء جهاز الامن أيضا يفضلون التقاط الصور في جبل الشيخ والتفاخر بكمية السلاح الذي دمروه في سوريا قبل نشر التحقيقات حول اداءهم قبل 7 أكتوبر واثناءه. الهجوم الوقائي، كما يقولون في الجيش الاسرائيلي، وتعاون الاذرع المختلفة مع رئيس الحكومة الذي فجأة يتودد اليهم بدلا من أن يحرض عليهم الجنود في الشبكات الاجتماعية. 

يمكن أن نتفهمهم. الى جانب الاحتياج المؤلم لنتنياهو ورؤساء جهاز الامن الى طمس كارثة 7 أكتوبر فان احتلال جبل الشيخ السوري يندمج أيضا في نظرة إسرائيل الاستحواذية لجارتها في الشمال، التي ايامها مثل أيام الدولة – جذورها مغروسة أيضا في التوراة (“حول الجرائم الثلاثة لدمشق”). منذ 1948 اعتبرت سوريا العدو الأكثر خطرا ووحشية لإسرائيل، وفي نفس الوقت جارة موثوقة تسعى الى الاستقرار، أو شريكة في محادثات السلام. 

التراث الحربي الإسرائيلي مليء بقصص المواجهات مع سوريا، بدءا بالدبابة السورية التي تركت في كيبوتس دغانيا في 1948 ومرورا بعمليات القصف من الجولان لمستعمرات الساحل و”الحرب على المياه” في الستينيات وتأييد سوريا لحركة فتح، التي أدت الى حرب الأيام الستة، والقصص االمخيفة للسجناء في السجون السورية والحرب على جبل الشيخ في 1973 وتدمير الصواريخ السورية في لبنان في 1982 وقصف المفاعل النووي السوري في 2007، وانتهاء بـ “المعركة بين حربين” في العقد الأخير التي هاجم فيها سلاح الجو عدد غير قليل من المرات الأراضي السورية.

بنفس المستوى أيضا تراث السلام اكثر الانشغال بـ “قناة سوريا” التي ازدهرت في التسعينيات الى أن خبت في العام 2000. اسحق شمير، اسحق رابين، بنيامين نتنياهو واهود باراك، جميعهم حاولوا التوصل الى سلام مع الرئيس حافظ الأسد. الطرفان تهربا من الاتفاق لأنهما لم يرغبا في دفع الثمن. إسرائيل رفضت الانسحاب الى حدود 1967 والأسد خشي من التنازل عن مكانته الرئيسية في “المقاومة” وعن دعم روسيا وايران. اهود أولمرت ونتنياهو قاما بمحاولة للتسوية مع نجله بشار، الى أن جاء الربيع العربي والحرب الاهلية في سوريا ووضعت الحد لها. 

سيكون من الممتع اذا فتح الحكام الجدد الخزنة الدبلوماسية للاسد وبحثوا عن ما عرضه نتنياهو عليه مقابل السلام. في نهاية المطاف نتنياهو يقول بأنه رفض النزول من الجولان خلافا لما يذكر مشاركون آخرون في المفاوضات. ولكن الى حين اتضاح عمق التنازلات التي عرضها نتنياهو فانه يستطيع أن يستمتع بالهواء على قمة جبل الشيخ السوري وعرض نفسه كمحارب منتصر، وصوره وهو يتجول في الجبل ستنشر في وسائل الاعلام، حتى بدون أن يحتاج الى طلب تسهيلات من الناشرين، كما تعود أن يفعل قبل تقديم شهادته في المحكمة.

———————————————

هآرتس 18/12/2024

اختراق في اتصالات التطبيع مع السعودية كفيل بالسماح لصفقة مخطوفين

بقلم: حاييم لفنسون

لقد توصلت إسرائيل والسعودية مؤخرا الى اختراق بخصوص الاتصالات للتطبيع، الذي يمكن أن يسمح أيضا بالتوصل الى صفقة لاطلاق سراح المخطوفين وانهاء الحرب في قطاع غزة. هذا ما علمت به “هآرتس”. مصادر مطلعة على الاتصالات قالت بأنه بدلا من اعتراف إسرائيل بشكل صريح بالدولة الفلسطينية، كما تطلب السعودية حتى الآن، وافق الطرفان على أن تمنح إسرائيل المملكة تعهد ضبابي بـ “مسار باتجاه دولة فلسطينية”. هذا الامر سيسمح للسعودية بالوفاء بتعهدها عدم التخلي عن الفلسطينيين وتركهم لمصيرهم. 

في الفترة الأخيرة اجرت إسرائيل والسعودية اتصالات للتطبيع بينهما وانهاء الحرب في القطاع، الامر الذي تم تسريعه بعد التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار مع لبنان. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يجري المفاوضات بواسطة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، في حين أن الحكومة والكابنت السياسي الأمني تم اقصاءهم عما يحدث. الولايات المتحدة تعمل كوسيطة وضامنة لهذه الاتصالات، في حين أن إسرائيل تقوم بتنسيق ذلك مع إدارة جو بايدن ومع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي يتوقع أن تكون ادارته هي التي ستعطي الطرفين المقابل على شكل حلف دفاع بين الولايات المتحدة والسعودية وبيع منظومات سلاح أمريكية للدولتين وما شابه. 

خلال سنين كررت السعودية طلبها أن تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية. وفي أيلول اعلن وزير الخارجية، فيصل بن فرحان، عن إقامة تحالف للدول العربية ومنظمات دولية التي سوقت هذا الاعتراف الدولي. مع ذلك، في محيط نتنياهو يقدرون أن ولي العهد السعودي، الذي هو الزعيم الفعلي للدولة، محمد بن سلمان، لا توجد له أي مصلحة شخصية في الاعتراف بالدولة الفلسطينية وأنه يحتاج الى التقدم في هذا الامر فقط من اجل شرعنة الاتفاق لدى الرأي العام والنخبة السياسية – الدينية في بلاده. في نفس الوقت نتنياهو يؤمن بأن المعسكر السياسي الداعم له سيوافق على الصيغة الضبابية لـ “مسار نحو الدولة الفلسطينية”، التي لا تلزم بأي شيء ملموس.

تطبيع العلاقات يمكن أن يسمح بالدفع قدما بصفقة لاطلاق سراح المخطوفين المحتجزين لدى حماس، لأن السعودية معنية بالتوصل الى انهاء الحرب، وتريد المشاركة في إعادة اعمار غزة. السعودية تشعر أنها ملزمة بمساعدة الفلسطينيين في القطاع، الذي تقريبا تدمر بالكامل. في حين توجد لإسرائيل مصلحة في التوصل الى تعاون الدول العربية المعتدلة في إعادة اعمار القطاع، وأن تتدفق الأموال السعودية اليه بعد انتهاء الحرب.

حسب المنشورات فان الصفقة المخطط لها ستكون على مرحلتين، المرحلة الأولى ستشمل اطلاق سراح المجندات، النساء، المرضى والمسنين فوق سن 50 سنة، وفي المقابل ستطلق إسرائيل سراح مئات السجناء الفلسطينيين، من بينهم قتلة تمت ادانتهم. أيضا القتال في القطاع سيتوقف لفترة غير معروفة وإسرائيل ستنسحب منه على مراحل، غير معروفة طبيعتها وموعدها. في هذه الفترة سيتم استكمال المرحلة الثانية في الصفقة التي ستشمل التوقيع على اتفاق لتطبيع العلاقات مع السعودية، في حين أن السعودية، الى جانب تحالف الدول الذي سيشمل السلطة الفلسطينية، هي التي ستقود إعادة اعمار القطاع وستضمن أمن إسرائيل على الحدود الجنوبية.

في الائتلاف الحكومي توجد الآن معارضة للخطة المقترحة لصفقة تحرير المخطوفين وتدخل السلطة الفلسطينية في إعادة اعمار القطاع، بحيث لا يمكن معرفة هل ستتم المصادقة على الاتفاق في الحكومة. أول أمس أعلنت قائمة قوة يهودية أنه “بسبب اجراء المفاوضات لعقد صفقة غير مسؤولة”، الى جانب رفض طرح مشروع قرار لاقالة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، للتصويت عليه، هي لا تعتبر نفسها ملزمة بموقف الائتلاف، وهي تنوي التصويت في الكنيست كما تراه مناسبا. أيضا قائمة الصهيونية الدينية تعارض صفقة إعادة المخطوفين التي ستشمل اطلاق سراح مخربين.

مكتب رئيس الحكومة رد على ذلك وقال إن “التقرير عن التزام إسرائيل بالتمكين من “مسار نحو الدولة الفلسطينية” هو كذب مطلق. أيضا قالوا في المكتب بأن “رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عمل ويعمل ضد إقامة الدولة الفلسطينية التي ستعرض أمن إسرائيل للخطر”.

———————————————

معاريف 18/12/2024

نتنياهو يلتقط صورة نصر على جبل الشيخ بينما تغرق الدولة في الشائعات

بقلم: افي اشكنازي

أمس، على قمة جبل الشيخ السوري، على ارتفاع 2800 متر فوق سطح البحر، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو – دون أن يقول أي كلمة – كان يمكنه أن يشعر بالنصر المطلق. هذا لم يكن نصرا عسكريا. لكنه نصر. هذه المرة على الاعلام، الذي وجد نفسه امس غريب الاطوار. فقد بحث بالشموع عن رئيس الوزراء الذي تلقى يوم إجازة من المحكمة المركزية في تل أبيب. بانعدام الثقة بالنفس لاحقت أسر التحرير في وسائل الاعلام في اثناء كل اليوم في محاولة لان يفهموا اذا كانت الشائعات التي غمرت دولة إسرائيل صحيحة ام لا. فهل عظام ايلي كوهن الراحل وصلت الى إسرائيل؟ هل رئيس الوزراء يتواجد في القاهرة ويوقع على اتفاق لتحرير المخطوفين؟ ام ربما طار على الاطلاق في “جناح صهيون”، فوق جزيرة كريت، وأين حقا توجد المفاوضات لتحرير المخطوفين؟

إسرائيل كانت أمس في حالة تحفز. مستوى قلق الجمهور بعد احداث 7 أكتوبر، بعد سنة وشهرين من الحرب، بعد ان لم يسمع ولم يرَ على الشاشات العميد دانييل هجاري منذ أربعة أيام، يفيض على ضفتيه. الجمهور الإسرائيلي طلب شروحات. فهو لا يمكنه أن يعيش حياة طبيعية أن يعرف ما هو السبب الذي جعل نتنياهو يحصل على يوم إجازة من القضاة. وما هو بحق الجحيم مضمون البطاقات التي نقلت الى نتنياهو في اثناء شهادته في المداولات في المحكمة؟

المخاوف تغمر الإسرائيليين. وكم حظ يوجد لنا في ان الحوثيين لم يعودوا اكثر ذكاء. فلو كانوا اطلقوا امس صاروخا باليستيا مثلما فعلوا قبل يوم، حين كانت القيادة الأمنية لإسرائيل في زيارة لجبل الشيخ، فشغلوا مرة أخرى صافرات الإنذار في غوش دان ومركز البلاد لكانوا اسقطوا دفعة واحدة مراكز اتصال غرفة العمليات في الجبهة الداخلية وكذا غرف الطوارئ في ايخلوف، تل هشومير، اساف هروفيه، ولفسون وبيلنسون. 

إسرائيل توجد في مفترق طرق هام. في جباليا – مقاتلو فرقة 162 قبل حسم مخيم اللاجئين. الجيش الإسرائيلي يعمل هناك بشكل مرتب – بحركة كماشة يسحق حماس الى الزاوية، يدحرها الى الحائط. القتال في القطاع يجبي من الجيش ثمنا باهظا – مقاتلان من الهندسة القتالية قتلا في انهيار مبنى في رفح. هناك أيضا يواصل الجيش الإسرائيلي ضرب ثلول كتيبة رفح التي تبقت في الميدان، ويدور الحديث عن بضع عشرات من المخربين الذين يلاحقهم الجيش الإسرائيلي.

في سوريا – الجيش الإسرائيلي يبدأ في تثبيت تواجده في المنطقة العازلة وفي سلسلة جبل الشيخ العليا. تحت غطاء الشتاء رفع الجيش الإسرائيلي مئات حاويات السكن والعتاد اللوجستي لتواجد القوات بشكل دائم في الميدان. في هذه الاثناء الثوار السوريون مشغولون بمواضيع اكثر الحاحا وعجلة: تثبيت السيطرة في الدولة، اخراج الروس من طرطوس ومنع اجتياح تركي من الشمال الشرقي. ومع ذلك، طالما لا تتقدم إسرائيل الى ما وراء خط الفصل ولا تشارك في القتال بين الميليشيات المختلفة والشؤون الداخلية السورية، يبدو أن الثوار – للفترة القريبة القادمة على الأقل – سيتعايشون مع الخطوة. لكن ما ينبغي له حقا ان يشغل بال القيادة الأمنية والسياسية لإسرائيل في هذه اللحظة هي التقارير التي تأتي من خلف البحار، على فرض انها مصداقة اكثر من الشائعات العابثة التي ملأت إسرائيل أمس. يدور الحديث عن ان ايران تسرع تخصيب اليورانيوم وهي في الطريق الى قدرات دولة حافة نووية. من مثل هذه المعلومات ينبغي لمواطني اسرائيل ان يكونوا قلقين ومشغولي البال.

حاليا، إسرائيل والشرق الأوسط في حالة انتظار في كل الجبهات: في غزة ننتظر التقدم الى اتفاق مخطوفين ووقف نار. في سوريا ننتظر استقرار الأمور في الدولة ومحيطها. في لبنان ننتظر دخول الجيش المحلي واحلال السيادة اللبنانية على كل أجزاء الدولة، في ظل دحر حزب الله كقوة عسكرية. بالنسبة لليمن، السؤال هو كيف ومتى ستعمل إسرائيل تجاه الحوثيين. وبالطبع – كيف نتصدى لإيران. الكل، بما في ذلك نحن، ننتظر 20 كانون الثاني – حين يفترض أن يصل الزعيم الجديد – القديم الى المنطقة التي تسمى “إدارة ترامب”. حتى ذلك الحين، التوصية: لا تقفزوا الى كل نبأ ملفق ينشر في الشبكات الاجتماعية.

———————————————

هآرتس 18/12/2024

في غزة وفي جبل الشيخ السوري ستقوم دولة اليهود

بقلم: تسفي برئيل

ما هي حدود دولة إسرائيل وأين توجد؟. هذا سؤال غير صعب إلا أنه محير. إسرائيل توجد لها حدود سياسية تم الاعتراف بها في الأمم المتحدة في القرار التاريخي الذي أسس دولة إسرائيل. داخل هذه الحدود، “الخط الأخضر”، تم بناء الملجأ الوطني، الملجأ لكل يهود العالم، الذين لا يشعرون بالأمان في أماكن اقامتهم، والذي كان فيه سيتشكل المجتمع والهوية والثقافة الإسرائيلية على أسس قيمية عالمية متميزة. 

الحدود القومية هذه تم محوها. خارطة ارض إسرائيل التي كانت تعلق على الجدران في المدارس الأساسية قبل بضعة عقود تشبه الآن خرائط الهاوين لجمع الصور، التي تصف العالم القديم. الخرائط التي ما زالت ترسم الحدود بين النهرين ومملكة عيلام ومملكة آشور. قبل بضع سنوات، في درس عن النزاع الإسرائيلي – العربي سألت ما هو الخط الأخضر، وطلبت من الطلاب الإشارة على الخارطة أين يمر. في الحصة كان 40 طالب، شباب في العشرينيات، كثيرون منهم خدموا في الجيش وبعضهم خدموا في الاحتياط قرب الحدود، لكن طالبة واحدة فقط عرفت الجواب الصحيح. “من أين تعرفين ذلك”، سألت. وهي اجابت: “أنا أعيش في مستوطنة، وأعرف ضد من نحن نحارب”. اصدقاؤها لم يعرفوا عن أي نضال تتحدث، وهم محقون في ذلك. 

إسرائيل هي دولة بدون حدود، وهي آخذة في التوسع من خلال مرونة جغرافية آخذة في الاتساع. الآن غزة أصبحت جزء لا يتجزأ من الدولة، و”جبل الشيخ السوري” سيأخذ في القريب اسم مناسب، وربما سنحظى أيضا بقاطع صغير في الشمال، في المنطقة التي ما زالت تسمى جنوب لبنان. الطالبة الآن لم تعد بحاجة الى النضال من اجل حدودها. اذا كان يخيل قبل سنوات بأنه توجد دولتان يهوديتان بين النهر والبحر، دولة يهودية داخل الخط الأخضر والى جانبها دولة المستوطنات التي تستجدي الاعتراف بها وتعمل على “استيطان القلوب”، فانه من الآن فصاعدا الأمور انقلبت. الآن أصبحت دولة “الخط الأخضر” هي التي تناضل على بقاء هويتها.

هذا نضال بائس لقلة أمام كثرة، وفرصته ضئيلة، لأن الأقلية – التي تؤمن بالليبرالية وبتفوق قيمها، وتخشى من الانقلاب النظامي واقالة المستشارة القانونية للحكومة والقوة عديمة الكوابح لوزير الامن الداخلي ومسيحانيي الكذب وعصابات الشر التي تسيطر على الدولة – انضمت في معظمها بسرور للاحتفال بالحدود الجديدة، التي ستملي قيمها. هذا الجمهور لم يعد يميز التناقض بين النضال على صورة الديمقراطية وبين الوطنية والإخلاص لدولة لا توجد لها حدود، وقتلت نحو 45 ألف شخص في غزة. 

هذه الأقلية، التي ترفع بتفاخر راية مقاومة الاستيطان في غزة، لا تلاحظ أنها تبنت الآن قيم الاستيطان، وسلمت بالوضع الذي فيه في ساحتها الخلفية يجري احتلال وحشي في الضفة، احتلال يهدف الى ضم الدولة الأم الى دولة المستوطنين وإقامة دولة واحدة لشعب واحد. يجب التذكير بأن رؤساء الاحتجاج على الانقلاب النظامي صمموا على ابعاد من “ساحتهم” حفنة المتظاهرين الذين وضعوا طاولة وعلقوا لافتة ضد الاحتلال. لأنه في نهاية المطاف ما هي الصلة بين الاحتلال والديمقراطية؟.

لا يوجد أي خلاف على أن الدولة بحاجة الى حدود آمنة، تسمح لمواطنيها العيش بهدوء ودون التشكيك في وجودها. ولكن عندما تكون الحدود الجديدة بمجرد وجودها هي التي ستخلق الهوية الوطنية وتشكل بناء عليها قيم مواطنيها، حيث أنها تملي قواعد السلوك الأخلاقية وتلفظ الى الخارج من لا يقدسها ويقسم بالاخلاص لها الى الأبد، وعندما يحولون جبل الشيخ السوري وجنوب لبنان وغزة الى الروح المشكلة وأساس الأيديولوجيا التي بدونها لن تكون لشعب إسرائيل قيامة – فانه لم يعد يهم أي نظام سيقوم في إسرائيل. الحدود هي التي ستنتصر.

———————————————

معاريف 18/12/2024

لإسرائيل وللنظام الجديد في سوريا اهداف مشتركة

بقلم: البروفيسور أماتسيا برعم

لا يوجد بعد يقين في مسألة إلى اين وجهة النظام الجديد في دمشق، لكن هذا هو الوقت لتفكير استراتيجي شامل دون ان يزيغ النجاح البصر. قبل ان نفكر بما نفعله بعد أن اقتلع الجيش الإسرائيلي اسنان السم لنظام الأسد، من الواجب ان نحذر مما هو محظور فعله. 

طالما كانت سوريا لا تشكل خطرا واضحا على إسرائيل، فانه اذا ما تفككت هذه الدولة محظور على إسرائيل ان تتخذ أبدا صورة من تفككها. اذا ما أصبحت سوريا دولة مجموعة من مناطق الحكم الذاتي، فلا تكون إسرائيل هي من تصمم ذلك. وعليه، فينبغي ان نزود الدروس في سوريا بكل مساعدة إنسانية يحتاجونها، وحمايتهم من محاولات الذبح، لكن هذا كل شيء. رغم أنه من اللطيف أن نسمع اصوات درزية تدعو الى الانضمام الى إسرائيل، لكن لا ينبغي تشجيع ذلك. علاقات قريبة نعم، وحدة سياسية لها. طالما لا يوجد تهديد حقيقي فلا ينبغي أيضا التقدم الى العمق السوري.

ماذا نعم؟ هذا المقال لن يتناول السياسة تجاه روسيا، ايران وتركيا، التي لها جميعها لمسة قريبة للتغييرات في دمشق، بل فقط لبضع نقاط يوجد فيها لإسرائيل وللنظام الجديد في سوريا اهداف مشتركة. اليوم حزب الله هو التهديد الأساس على الحكم في دمشق. النظام الجديد لا ينسى ان مقاتلي حزب الله كانوا الأكثر نشاطا في ذبح نحو نصف مليون سوري سُني وطرد الملايين منهم من بيوتهم تحت حكم الأسد. 

الهدف المشترك الأهم لإسرائيل ودمشق هو ان يفرض على حزب الله نزع سلاحه الثقيل والسماح له بمواصلة الوجود فقط حزب سياسي في لبنان. اضافة الى ذلك ينبغي تفكيك كل مؤسسات الدولة في داخل الدولة التي أقامها الحزب في لبنان: وسائل الاعلام وبنك بدون رقابة الدولة، سيطرة على المطارات والموانيء، سيطرة على الحدود وعلى الجمارك، انتاج وتسويق المخدرات وغيرها. نحو 70 في المئة من مواطني لبنان أيضا يريدون هذا. 

في البداية، المطلوب هو اغلبية ثلثين في البرلمان لانتخاب رئيس جديد لا يكون متعلقا بحزب الله (منذ سنتين لا يوجد رئيس في لبنان). الرئيس والحكومة يُسنان قانونا يطالب بنزع السلاح. الأمر ممكن حتى بدون انتخابات، كون جزء من الأحزاب التي دعمت حزب الله انتقلت في اعقاب الحرب الى الطرف الاخر. عندما تكون إسرائيل هي “الشرطي السيء”، ودول الخليج هم “الشرطي الجيد”، الذي يقترح الترميم، يكون احتمال للنجاح.

تماثل مصالح موجود أيضا في السياق العراقي. الميليشيات الشيعية أيضا في العراق يمكنها ان تكون مصدر قلق شديد من الشرق، لإسرائيل ولسوريا أيضا. تفكيكها وإعادة السيادة للحكومة في بغداد حيوي للولايات المتحدة أيضا ويوجد لذلك مؤيدون أيضا في أوساط الأغلبية الشيعية في العراق. حتى الحكومة المؤيدة لإيران في بغداد كان يسرها التخلص من الميليشيات.

للنظام الجديد في دمشق توجد مصلحة عليا في ترميم الاقتصاد السوري المدمر. فقد صفى مصدر الدخل الأساس للاسد، صناعة تصدير مخدر الكابتغون، أساسا الى الأردن، السعودية والامارات. اذا ما تبين النظام كمحب للاستقرار والسلام، فسيكون لهذه الدول مصلحة في اعمار سوريا – لاهداف الربح – لكن أيضا لمنع استئناف تصدير المخدرات. يمكن لإسرائيل أن تساهم في ترميم الاقتصاد السوري بطرق عديدة، مثل في مجال الري، سوريا تعاني من جفاف شديد. 

———————————————

يديعوت احرونوت 18/12/2024

عندما تصبح الحقيقة والكذب وقفة سياسية

بقلم: عوديد شالوم

مُغلف بني مختوم وعليه عبارة “سري للغاية” كان يكفي لتحرير المتهم بنيامين نتنياهو من تواصل شهادته أمس في المحكمة المركزية في تل أبيب. سبب الاعفاء مجهول. لرئيس الوزراء، الذي شهد عن نفسه بانه ذو قدرات مميزة رائعة تسمح له في وقت واحد ان يدير الدولة بجملة مشاكلها الخاصة وان يقف للمحاكمة في ثلاث لوائح اتهام مختلفة، يوجد منذ الان الاذن لان يستقبل بطاقات فيما هو يدلي بشهادته. نحن لا نعرف ما هو مكتوب في هذه البطاقات، لكننا نعرف بانه لا يوجد شيء كهذا في محاكمة عادية. متهم يشهد تحت طائلة القسم على منصة الشهود لا يمكنه أن يستقبل بطاقات مختومة. لكن نتنياهو ليس متهما عاديا وبالتالي فانه بوسعه. كما أنه يمكنه أن يخطب أمام القضاة ويأكل الرأس على مواضيع لا ترتبط بالملف وهم لن يدعوه الى النظام. متهم عادي كان سيوبخ ويتلقى تحذيرا من أن يواصل هذا النهج. ليس نتنياهو. القضاة يستمعون له كالاطفال المؤدبين ويجتهدون الا يزعجوه. 

امس، لم يمتثل الى المحاكمة كما اسلفنا، وضجت الشبكة بموجة من الشائعات. بدأ هذا بالشائعات عن جلب عظام ايلي كوهن الراحل في دمشق في حملة كوماندو لامعة وتدحرج الى شائعات عن رحلة عاجلة لرئيس الوزراء الى القاهرة كي يغلق الأطراف في الصفقة لوقف النار وتحرير المخطوفين. بعد ذلك تبين أنه بالاجمال زار جبل الشيخ. التقارير تقتحم الوعي وتنتشر فيه وتتنقل في مجموعات الواتس اب. لكل واحد يوجد احد ما يعرف شيئا ما وصديقا يعرف. والانسان العادي الذي ينشغل بكد يومه او يقف في أزمات الطرق في طريقه لاخذ الأطفال، لا يعرف من يصدق. مكتب رئيس الوزراء الذي يصدر بيانا ينفي امر الرحلة ام الشائعات في الشبكة. ففي النهاية نحن نعرف ما هو مستوى الثقة بهذا المكتب. مع اعتقال ايلي فيلدشتاين الذي عمل كناطق في ديوان رئيس الوزراء سارع المكتب لنشر بيان تنكر له وانتهى هذا بشريط بثه نتنياهو بطول تسع دقائق انصب فيه على فيلدشتاين الحبيب والعزيز. 

يحتمل جدا أن يكون هناك سبب وجيه ومبرر لتغيب رئيس الوزراء.  في أنه تحت ظل المعلومات الملفقة والشائعات ادار نتنياهو أمس مفاوضات متفرعة مع كل اللاعبين الأساسيين في المتاهة التي نوجد فيها وتفاصيلها ستتضح قريبا بل وربما في الساعات او في الأيام القريبة القادمة. لكن في النهاية يوجد أيضا هذا الامر الذي يسمى ثقة. الثقة بمنظومات الحكم فقدناها لانه بات صعبا ان نشخص ما هي الحقيقة وما هو الكذب. الحقيقة والكذب اصبحا موضوع وقفة سياسية. قل لي في أي جانب انت فأعرف ما هي حقيقتك. حقيقتك هي كذبة الجانب الاخر. 

كما أن هذا هو احد الأسباب الذي جعل ثقتنا نحن الإسرائيليين بمنظومات الحكم، الانفاذ والقضاء، متردية بهذا القدر. استطلاع شامل نشره امس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية يظهر الى أي درك اسفل وصلنا. الثقة بالشرطة هبطت الى مستوى 37 في المئة هذا الشهر بعد أن كانت في كانون الأول الماضي، بعد شهرين من 7 أكتوبر ارتفعت الى 55 في المئة مقارنة ب 32 في المئة ثقة بالشرطة في الصيف الذي سبق الحرب. مستوى ثقة الجمهور الإسرائيلي بعموم المنظومات متدنية، بالمحكمة العليا، بالساحة السياسية وبالجيش الإسرائيلي. وليس لوسائل الاعلام أيضا ما تتباهى به، فنحو ربع الإسرائيليين فقط يعطونها ثقة. لهذا المعطى توجج علاقة واضحة ومباشرة بالحقائق التي تبث وتصدر عن كل واحدة من وسائل الاعلام. انت تشاهد قناة ما وتفر منها الى الثانية ولا تعرف من تصدق. الشاشة سميكة بحيث يصعب تمييز الواقع كما هو. في يوم ما نتنياهو يشهد وفي اطاره يتلقى بطاقات، وفي الغداة اذهب لتعرف اين هو. 

———————————————

هآرتس 18/12/2024

قانون الشرطة يفتح الباب امام دولة الشرطة

بقلم: يسرائيل غولدمان

“قانون الشرطة”، الذي تم التصويت عليه في الكنيست بالقراءة التمهيدية قبل شهر وحصل على لقب “قانون التجسس”، ينص باختصار على أنه في المخالفات التي عقوبتها اكثر من 10 سنوات سجن، وفي عدد من المخالفات الأخرى، تستطيع الشرطة طلب المحاكمة بحضور طرف واحد، واستخدام برنامج تجسس واختراق حواسيب وهواتف ذكية وأخذ مواد منها. حسب مشروع القانون فان استخدام برنامج التجسس مسموح به لهدف من هدفين: بعد ارتكاب المخالفة من اجل مراقبة من قاموا بارتكابها، وقبل ارتكابها من اجل السماح للشرطة بجمع المعلومات الاستخبارية ومنعها.

في مشروع القرار توجد نواقص هامة التي جزء منها يمكن أن يمهد الطريق لترسيخ دولة شرطة، من خلال إزالة الكوابح التي تقف الآن امامها، الأهم من بينها هو أن الشرطة الآن يمكنها طلب اختراق حاسوب فقط في مرحلة التحقيق العلني. فعندما يطلب الشرطي اذن من القاضي لاختراق الحاسوب فانه توجد فرصة للمتهم من اجل طرح مبرراته امام القاضي والرد على مبررات الشرطة. النظام القانوني الخاص المتبع في إسرائيل يعتمد على منافسة عادلة بين حجج الأطراف امام القاضي. في حين يجعل مشروع القانون الجديد القضاة بحكم الامر الواقع، مستشارين قانونيين للشرطة. 

كابح آخر سيتم رفعه في مشروع القانون الجديد هو الغاء الشروط التي تسمح باختراق الحاسوب، وجود صاحبه ووجود شهود. هذه الكوابح تصعب على المحققين النبش في مضامين ليس لها أي علاقة بالمخالفة التي يتم التحقيق فيها. إمكانية اختراق الحاسوب في ظل عدم وجود شهود أو عدم وجود صاحب الحاسوب، تخلق ثغرة مهمة. الشرطة يمكنها مشاهدة جميع المضامين: الشخصية، الحساسة، الاسرار التجارية وما شابه. 

العيب الثالث يكمن في توسيع صلاحيات الشرطة لتشمل أيضا مرحلة منع الجريمة. الآن يسمح القانون باختراق الحاسوب فقط بعد ارتكاب الجريمة. هذه الحقيقة تمنح المواطن العادي الشعور بأن خصوصيته محمية، على الأقل امام قوة السلطة. معنى توسيع الصلاحيات هو أن المواطن في إسرائيل لن تكون خصوصيته محمية. يكفي أن الشرطة تشرح للقاضي بحضور طرف واحد، بأن اختراق الحاسوب سيمنع جريمة، من اجل أن تستطيع زرع برنامج تجسس فيه. 

العيب الرابع هو أن المصادقة على اختراق الحاسوب ترتبط بتوازن محدد بين خصوصية متهم معين ومستوى خطره. مشروع القانون يسمح للشرطة بطلب اذن لاختراق حاسوب دون التمييز بين التكنولوجيا التي بواسطتها يتم الاختراق، حيث من الواضح أن جزء من التكنولوجيا القائمة يمكنها تحويل الحاسوب والهاتف الذكي الى جهاز يسجل ويصور محيطه. أي أن الحديث لم يعد يدور عن التوازن بين خصوصية وخطر شخص معين، بل بين خطر شخص معين والمس بخصوصية الآخرين، الذين سيمرون قربه في الشارع وفي قاعة الرياضة وفي كل مكان.

العيب الخامس يتعلق بالامكانية الكامنة في المس الشديد بموثوقية الأدلة. في جزء من التكنولوجيا التي تسمح باختراق الحاسوب، فان التكنولوجيا لا تكتفي بالسماح بمشاهدة المواد في الحاسوب، بل هي تسمح أيضا في تنفيذ اعمال بدلا من صاحب الحاسوب. والأخطر من ذلك هو أن جزء من هذه التكنولوجيا تسمح بتنفيذ تلاعب بالمواد الموجودة في الحاسوب.

العيب السادس ينبع من حقيقة أنه في إسرائيل لا يتم اتباع قاعدة “ثمرة الشجرة المسممة”، التي تلغي شهادات تم الحصول عليها في مرحلة أخرى، بعد الحصول على طرف خيط لحل لغز الجريمة بشكل غير قانوني، أي أن رجال الشرطة يمكنهم الاختراق والوصول الى مواد الجهاد بدون اذن أيضا، و”شرعنة” الاختراق بأثر رجعي بمصادقة القاضي. الحقيقة هي أن مشروع القانون لا يحمي من قاعدة “الثمرة المسممة” لأنه في جزء من التكنولوجيا لا يمكن معرفة متى تم الاختراق الأول ومتى تم ارتكاب الجريمة.

العيب السابع يوجد في حقيقة أنه لا يوجد في مشروع القانون حماية للمحامين والأطباء وغيرهم، الذين حصانتهم في صلب مهنتهم. العيب الثامن هو أن اختيار المخالفات التي مشروع القانون يسمح بسببها بطلب المصادقة على اختراق الحاسوب، يظهر غريب. مثلا المادة 157 في قانون العقوبات، التي موضوعها اعمال الشغب، وهي المخالفة التي يمكن أن تنسب لمعارضي النظام. في المقابل، مخالفات مرتبطة بطهارة معايير السلطة مثل الرشوة لا تشمل في القانون. ربما أن القانون يريد حماية منتخبي الجمهور من ملاحقة الشرطة من اجل حماية الديمقراطية، لكن يبدو أنه لا يريد الدفاع بنفس الدرجة عن المحتجين على السلطة.

صحيح أن القوانين القائمة فيما يتعلق بالتنصت قديمة، وأنه مطلوب تشريع محدث يشمل التطرق الى برامج التجسس واختراق الحاسوب، لكن يقتضي التوازن والكوابح. كان يمكن شملها مثلا من خلال ضم ممثل عن هيئة الخصوصية في وزارة العدل، الذي سيدافع عن حقوق صاحب الحاسوب في مرحلة التحقيق السري. إمكانية أخرى هي ذكر في القانون قائمة تكنولوجيا معينة، التي يمكن الطلب من القضاة الاذن لاستخدامها. الإضافة ستعطي الأفضلية للتقنية التي تسجل المسار الكامل لاختراق الشرطي للحاسوب، والتقنية التي لا تسمح باجراء أي تغيير في محتوى الحاسوب، بل فقط مشاهدته.

———————————————

هآرتس 18/12/2024 

ما الذي تسبب بـ 7 اكتوبر

بقلم: نوعا لنداو

منذ اعلان وزير العدل، ياريف لفين، عن الاستئناف الرسمي للانقلاب النظامي (خلافا لادعائه)، فان الانقلاب لم يتوقف أبدا. فقد سمع من أجزاء في المعارضة ادعاء بأن الانقلاب هو الذي تسبب بالمذبحة في 7 أكتوبر. يئير لبيد قال ردا على اعلان لفين: “في المرة السابقة الانقلاب النظامي كلف الدولة 1800 قتيل و100 مخطوف، ما زالوا محتجزين في غزة، و11 ألف مصاب في الجيش الإسرائيلي. هذا ما يحدث عندما تقوم الحكومة باضعاف الدولة من الداخل”. 

كما هي العادة في المعسكر المعارض لنتنياهو – ليس دائما لسياسته – فان النوايا حسنة، التنفيذ اشكالي. من بين الإخفاقات الكثيرة جدا التي تسببت بالكارثة، يختارون اظهار الـ “الشرخ الداخلي” كعامل رئيسي، فانهم ينضمون بالفعل الى رواية نتنياهو الذي يعمل منذ سنة على الاقناع بأن هذا الشرخ هو وبحق السبب في الهجوم. حسب الرواية البيبية، التي تشمل نظريات مؤامرة كاذبة وصادمة عن ذنب “الكابلانيين”، الاحتجاج ضد الانقلاب هو الذي تسبب بالمذبحة. هؤلاء يقولون “كل ما حدث كان بسبب انقلابكم” واولئك يقولون “كل ما حدث كان بسبب احتجاجكم”. الطرفان يتفقان على أن العامل الأساسي لهجوم حماس هو ضعف المناعة الاجتماعية التي هددت بالتأثير على المناعة العسكرية.

صحيح أنه توجد دلائل تربط بين قرار حماس حول توقيت الهجوم وبين عدم الاستقرار السائد في إسرائيل. ولكن الصلة تتعلق بقضية التوقيت وليس السبب. هل في المستقبل سيكتب المؤرخون بأن حماس هاجمت إسرائيل بسبب نية تنفيذ فيها انقلاب نظامي، أم أنهم سيشيرون الى ذلك كفصل استثنائي وصادم بشكل خاص في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني المتواصل؟ هل حماس لم تطمح دائما الى تدمير إسرائيل وتدربت على خطتها لفترة طويلة؟ واذا لم تكن الحكومة قد دفعت قدما بالانقلاب فهل حماس كانت ستجلس الى الأبد بهدوء في غزة وتقوم باحصاء الأموال القطرية؟ هل الانقلاب هو الذي تسبب بالاستخفاف بعيد المدى بتأمين الحدود؟.

التركيز على موضوع التوقيت ودمجه بالعامل، يخدم مستويين يوجد لهما إخفاقات كثيرة يجب التكفير عنها، المستوى السياسي والمستوى الأمني. وهو يخدم نتنياهو من خلال إخفاء كل اخفاقاته السياسية الخطيرة خلال اكثر من عقد وجوده في الحكم. ضمن أمور أخرى، اختياره المتعمد والمتواصل لاضعاف السلطة الفلسطينية وتقوية حماس، بما في ذلك التمويل القطري وقرار ارتباطه باليمين الكهاني الذي عمل على تعميق الاحتلال والضم وخرق الوضع الراهن في الحرم واعلانه عن السعي الى الاتفاق مع السعودية الذي سيعزل الفلسطينيين اكثر – هذه بعض القضايا التي ذكرتها حماس نفسها كعوامل لتوقيت هجومها. أيضا هو بشكل صريح مذنب في تجاهل التحذيرات حول التصعيد.

الجيش يخدمه الدمج بين مسألة التوقيت والعامل، لأنه يحرف الانتباه عن الإخفاقات الاستخبارية والتكتيكية الخطيرة بحد ذاتها: جودة تأمين الحدود، الاستخفاف بالمراقبات، الرد في يوم الكارثة وما شابه. مع كل الاحترام لمناعة المجتمع، أيضا تأمين الحدود كان عامل مساعد.

إضافة الى ذلك توجد رسالة أخرى خفية في اتهام “الشرخ الداخلي في الشعب”، وهي تبني الادعاء بأن الانقسام بحد ذاته مرفوض وأنه يجب دائما التطلع الى الوحدة. الخلاف السياسي ليس فقط أمر مشروع، بل هو أمر حيوي. أيضا تجنيد الحريديين أو اخلاء البؤر الاستيطانية “ستقسم” الشعب – ماذا في ذلك؟. في نهاية المطاف عزو مشكلة الانقلاب لـ 7 أكتوبر يتساوق مع ادعاء لفين، الذي يقول أنه بعد هزيمة ،كما يبدو، الأعداء، يمكن العودة الى الانقلاب. 

———————————————

يديعوت احرونوت 18/12/2024

فلنستخدم الإنجازات للاتفاقات

بقلم: اورلي ازولاي

في وابل من اقوال الشر والتبجح التي قالها الرئيس المنتخب دونالد ترامب مع فوزه، لمع كالجوهرة تصريح واحد كانت فيه راحة لعالم تعب من جداول الدم، الجوع، الأطفال مقطوعي الأطراف، خرائب المدن واقبية التعذيب: “جئت لانهي الحروب لا أن ابدأ حروبا جديدة”، صرح الرئيس المنتخب. 

غير أن لكلمات ترامب يوجد موعد نفاد قصير. فبعد التصريحات المتفجرة عن انهاء الحروب، عندما سئل اذا كان يرى وضعا من الحرب بين الولايات المتحدة وايران أجاب: “كل شيء يمكن أن يحصل”، بمعنى ان هذا منوط بالمزاج الذي يستيقظ فيه ومن الذي اثار غضبه اكثر.

ترامب معروف أيضا كمن يتبنى كلام آخر من همس في اذنه، وفي الآونة الأخيرة همسات نتنياهو بشكل مباشر وغير مباشر، كانت بتواتر عال: ايران، ايران ومرة أخرى ايران. نتنياهو لا يندفع فقط لتدمير منشآت النووي لإيران بل هو في ذروة معركة حياته للحفاظ على قوته السياسية، وفي مثل هذه الأزمنة، يكون للزعماء ميل لهز الذنب. 

هل حاملة الطائرات هري ترومان التي تشق طريقها الى الشرق الأوسط تبشر بقرار امريكي لان تدخل الى الساحة حيال ايران كل القنابل الذكية؟ واشنطن الرسمية تعتمل في كل ما يتعلق بالإجراءات حيال ايران: بايدن وترامب على حل سواء اعلنا بانهما لن يسمحا لها بالوصول الى قنبلة نووية. وبالتوازي، في العاصمة الامريكية يرون من جديد في إسرائيل كمن تعرف كيف تنتصر. بعد 7 أكتوبر، اعتبرت كدولة ذات قيادة ضعيفة وجيش في أداء متدنٍ: كانت في عيونهم ضحية وخاسرة على حد سواء. 

غير أن الدولاب دار، السنوار صفي، نصرالله صعد الى السماء، الأسد سقط وإسرائيل نجحت في أن تبيد، بمساعدة أمريكية، قسما كبيرا من الدفاع الجوي لإيران وخربت خلاطات الوقود للصواريخ الباليستية. كل واحد من هذه الانتصارات لم يحقق تغييرا جوهريا، والحروب التي لا تنتهي بتسوية سياسية تحسن للطرفين هي حروب لسفك الدماء وحفظ قوة السلطة. لكن الوضع الجديد في الشرق الأوسط الذي ترتسم فيه إسرائيل من جديد كقوية، خلق جسرا مستقرا تخطط عليه القوى للاندفاع الى ايران الضعيفة التي زعيمها الروحي وآيات الله فيها يخشون التصفية المركزية. ايران فقدت وكلاءها، واحلامها بحزام ناري حول إسرائيل تبددت. 

نتنياهو كان يمكنه أن يجلب صورة نصر محررة: عيناب تعانق متان، المخطوفون يقعون في أحضان اعزائهم. بسخاء المنتصرين كان يمكنه ان يصل الى صفقة الكل مقابل الكل، لكن في هذه اللحظة ايران أولا. مع الاكل تأتي الشهية.

ترامب اضر في الماضي إسرائيل بشكل دراماتيكي حين مزقف اربا الاتفاق النووي مع ايران، التي التزمت على نحو جميل جدا بنصيبها في الاتفاق. اليد التي مزقت الاتفاق كانت يد ترامب، لكن الصوت الذي دفع الى هناك كان صوت نتيناهو. منذئذ قامت ايران بقفزة طريق هامة نحو القنبلة النووية: في وردية ترامب، الذي وعد بجلب اتفاق افضل، الامر الذي لم يفعله ابدا، مثلما لم يجلب ابدا “صفقة القرن” كما وعد بين إسرائيل والفلسطينيين. 

عندما سيدخل ترامب البيت الأبيض، ستكون امامه معضلة فتاكة: هل يمتطي الزخم ويسير بكل القوة على الرأس على ايران، ام سينجح في اذهال العالم في تحقيق اتفاق تطبيع في الشرق الاوسط يضم ايران، ويلمس محور السعودية.

كل واحد من هذين الخيارين يمكنه أن يتفجر لنا في الوجه. أساسا وجهنا. من المفضل اتفاق تطبيع، فإسرائيل وان كانت ستضطر الى تقديم تنازلات – هذا سيكون أليما لكنه مؤلم اقل.

———————————————

يديعوت 18/12/2024

تنفيذ “خطة الجنرالات”: لن يُسمح لسكان جباليا بالعودة إلى منازلهم

حقق مقاتلو لواء غفعاتي في الأيام الأخيرة سلسلة إنجازات في قلب مخيم جباليا للاجئين، وفي البلدة نفسها، وفي بلدة بيت حانون، من خلال سلسلة عمليات ليلية اعتقلوا وقتلوا خلالها مئات «المخربين» في شمال القطاع.

وفي تقدير الفرقة 162، التي تقود عملية التوغل التي دخلت شهرها الثالث، بقي نحو 100 «مخرب» يتحصّنون في النواة الصلبة للمخيم، وفي بلدتين مجاورتين، هما بيت لاهيا وبيت حانون. ونجح لواء غفعاتي، المسؤول عن أغلبية الأضرار الناجمة عن محاصرة المدينة الثانية، من حيث الحجم، في شمال القطاع، في إجلاء نحو 65 ألف مواطن من شمال غزة (من مجموع 70 ألفاً) إلى منطقة مدينة غزة، جنوب جباليا، وبقي في المنطقة بضعة آلاف من السكان في أماكن إيواء كبيرة، مثل المدارس والمستوصفات.

من بين الأسئلة الأساسية المطروحة، تلك المتعلقة باليوم التالي للتوغل: هل سيسمح الجيش الإسرائيلي لبضعة آلاف من الغزيين بالعودة إلى منازلهم في جباليا، على الرغم من أن العدد الأكبر منها تضرر في القتال أم أنه سيمنعهم من ذلك، مثلما منع مليون غزّي جرى إجلاؤهم إلى جنوب القطاع في ذروة المناورة البرية، قبل عام، ومنذ ذلك الحين، لم يُسمح لهم بالعودة عبر ممر «نتساريم» الذي يقسّم القطاع؟ الجواب هو أنه من المتوقع من الجيش الخاضع للمستوى السياسي إبقاء الثلث الأعلى من أقصى شمال قطاع غزة منطقة منفصلة وقليلة السكان.

وبعد فحص أجرته الصحيفة تبين أن قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش تستعد لإبقاء محور الفصل الجديد الذي أقيم في الأشهر الأخيرة، والذي يبدأ من السياج الحدودي المحاذي لكيبوتس «كفر غزة» وينتهي عند شاطئ البحر. والهدف هو منع عودة الغزّيين إلى منازلهم في جباليا وبيت لاهيا، اللتين تشرفان على المستوطنات الإسرائيلية، مثل نتيف هعسراه وسديروت ومفلاسيم وإيرز.

وحالياً، من المنتظر أن ينفّذ الجيش الجزء الأساسي والمهم من «خطة الجنرالات» التي وضعها اللواء في الاحتياط، غيورا آيلند: «تطهير» منهجي لمناطق كبيرة في شمال القطاع من كل الأعداء، ومنع عودة الغزيين إلى منازلهم. والسبب أن «حماس» بحاجة إلى شرطين لكي تتمكن من ترميم قوتها والتعافي، وهما: وجود السكان الغزيين بالقرب من ناشطيها وقادتها، وعدم وجود سلطة بديلة في القطاع. ترفض إسرائيل نشوء سلطة بديلة من «حماس»، وبهذه الطريقة تساعد الحركة على البقاء في غزة أعواماً أُخرى. لذلك، على المستوى العسكري، يُعتبر التوغل بالأسلوب الجديد أكثر فعالية، لكنه يؤدي إلى انتقادات في الداخل والخارج.

على الرغم من ذلك، فإنه من غير المستبعد بقاء بضعة آلاف من سكان غزة في الثلث الشمالي من القطاع في مراكز الإيواء الإنسانية. ويتحدث قادة الجيش عن أوضاع غير مسبوقة، ويقولون: «نحن نهاجم ونقصف منطقة، ثم ندخل إليها، لنجد فجأة في مبنى نجا من القصف 20 طفلاً وامرأة موجودين هناك». ويمكن أن نجد دليلاً لمستقبل جباليا، حيث يقيم الجيش في الجزء الغربي من منطقة العمليات قاعدة لوجستية متقدمة لقواته.

في هذه الأثناء، تقاتل ثلاثة ألوية في عملية جباليا؛ غفعاتي، وكفير، و401، وهي تنجح في تحقيق كثير من الإنجازات في غضون وقت قصير. واعتقل مقاتلو غفعاتي 1000 مخرب، وقتلوا نحو 700 في أول شهرين من التوغل. ومؤخراً، قام هؤلاء بتحسين أساليب القتال من أجل تحطيم تحصينات «المخربين» الموجودة في أماكن مبنية وملغّمة. إذ تعمد القوات على فتح الطرقات أمام تقدّمها بوساطة التفجيرات والجرافات بصورة مفاجئة تجبر العدو على الهرب والتوجه إلى كمائن أعدّها مقاتلونا.

———————————————

هآرتس 18/12/2024

إسرائيل تتجه نحو الدكتاتورية: أجراس تحذير

بقلم: يوعنا غونين

«الديمقراطية» كلمة مشحونة. نتخيل أنها تأتي بضجة كبيرة، مع قوافل من الدبابات في الشوارع ومؤسسات حكومية مشتعلة. هذا ما تعلمناه في دروس التاريخ. ولكن في هذه الايام الديمقراطيات تسقط بصمت وبخطوات صغيرة، تقريبا لا يتم الشعور بها.

في الوقت الذي ينتظر فيه معظمنا بخوف شديد تحول إسرائيل الى ديكتاتورية، نتساءل ما الذي سنفعله حينها؟ عمليا، تجري حولنا احداث كثيرة يمكن تصنيفها في هذه الفئة المظلمة. هذا واضح بشكل خاص في سلوك الشرطة ومصلحة السجون، التي تخضع للوزير ايتمار بن غفير، والتي تحولت الى عديمة الفائدة امام الجريمة وحوادث الطرق، لكنها مفيدة بشكل مدهش في التعامل مع معارضي النظام (في دولة ديكتاتورية يسمونهم منشقين، وعندنا يسمونهم «يساريين خونة»).

نشر، الاحد الماضي، أن المتهمين الاربعة باطلاق الالعاب النارية نحو منزل عائلة بنيامين نتنياهو في قيساريا تعرضوا للتفتيش وهم عراة بعد زيارة عضو الكنيست، جلعاد كريف. لا يكفي أنه في اعقاب عملية احتجاج غبية لم تتسبب بالضرر تم اعتبارهم ارهابيين. ولا يكفي أنهم معتقلون منذ اكثر من شهر. ولا يكفي أنه بتوجيه من الوزير تم حرمانهم من الزيارات والكتب والمكالمات الهاتفية، بل يجب ايضا اهانتهم بشكل اعتباطي. هكذا هو الامر في دولة ديكتاتورية: الممتلكات الكثيرة لعائلة الحاكم محاطة بهالة مقدسة. في حين أن جسد وحرية من يعارضونه لا قيمة لها ويمكن سحقها.

انفاذ القانون الانتقائي والوحشي كان واضحا ايضا في حالة اندريه كرزنوفسكي، الذي اعتقل تقريبا مدة اسبوع بسبب الصاق بوست. لو أنه وجه اللكمات لعائلات المخطوفين أو قام باقتحام قاعدة عسكرية لما كان سيتم التحقيق معه. ولكن في هذا البوست كتب «فلسطين حرة»، الامر الذي لا يغتفر.

قبل اسبوعين نشر كرزنوفسكي فيلم فيديو ظهر فيه وهو يقوم بالصاق البوست «الاجرامي» على موقع مراقبة في سدروت، حيث يأتي اليه الاشخاص للاستمتاع برؤية غزة المدمرة. «من هنا فان كل صاروخ يسقط هو فقط ضربة خفيفة وعمود دخان، لكن هناك هذا يعني اطفالا موتى»، شرح كرزنوفسكي. الحنان غرونر، ناشط من اليمين المتطرف، قام بنشر الفيلم وقال إن كرزنوفسكي قام بتخريب نصب تذكاري للرائدة شيلا كوهين، التي وقفت في نفس المكان (في الفيلم ظهر أن البوست لم يتم وضعه في المنطقة المخصصة للتخليد، بل في موقع المراقبة الوحشي). الوزير اسحق غولدكنوفف والمفتش العام داني ليفي تدخلا وطلبا اعتقاله. ادعت الشرطة بأنه «يشكل خطرا»، وتمت معاقبة كرزنوفسكي بسبب الجريمة الفظيعة؛ الشفقة على الفلسطينيين.

يسهل التلويح بهذه الحوادث بذريعة أن الامر يتعلق بمجرمين يستحقون العقاب. ولكن هذه الحوادث تجسد العلاقة المنحازة والخطيرة لمعارضي النظام. في كتاب «كيف تموت الديمقراطيات»، الصادر في العام 2018، كتب الباحث ستيفن ليبسكي والباحث دانييل زبلت بأن السيطرة على جهاز القانون والقضاء واستخدام انفاذ انتقائي للقانون من اجل معاقبة معارضين وحماية المقربين، هي من الاشارات المسبقة التي تدل على أن الحكومة تعمل على تدمير الديمقراطية من الداخل وفرض نظام استبدادي.

انهيار الديمقراطيات في هذه الايام، كتب الباحثان، هو عملية بطيئة ومضللة، على الاغلب تنفذها حكومة انتخبت بشكل ديمقراطي. «لأنه لا توجد حتى لحظة واحدة، انقلاب، اعلان عن نظام عسكري أو الغاء الدستور، فيها النظام بوضوح «اجتاز الخطوط» للانتقال الى الديكتاتورية، فانه لا يوجد أي شيء يدق جرس التحذير للمجتمع»، شرحا.

الاعتقال المبالغ فيه لاشخاص اطلقوا المفرقعات أو الصقوا بوستات يجب اعتباره جرس تحذير. النظام الذي تخشون منه يوجد هنا، وهو يلفكم مثل الغسق، حيث يخفت الضوء بالتدريج الى حين مجيء الليل.

———————————————

يديعوت 18/12/2024

الآثار اليهودية.. رافعة سياسية لضم الضفة

بقلم: رودي كيسلر

جرى نقاش خلال الأسبوع الماضي في «لجنة التربية والتعليم» في الكنيست بشأن تخويل سلطة الآثار العمل في الضفة الغربية. للوهلة الأولى، يبدو النقاش هامشياً، لكنه يشكل خطوة إضافية على طريق فرض السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية. عضو الكنيست، عميت هاليفي، الذي بادر إلى التعديل، افتتح النقاش بخطاب ملحمي عن حاجة إسرائيل الرسمية إلى تحمُّل المسؤولية عن الآثار الموجودة في هذه المنطقة من البلد.

وادّعى هاليفي أن المواقع اليهودية في خطر جرّاء «سرقة الآثار وعمليات السلب من طرف السكان الفلسطينيين». صحيح، ومن دون شك، أن هناك مشكلة سرقة آثار وتدميرها في المنطقة. ومن المهم الإشارة إلى أن المسؤول عن قضايا الآثار في الضفة الغربية في إطار الإدارة المدنية، بيني هار إيفن، كان موجوداً في الجلسة، لكن مَن بادر إلى النقاش، قال في البداية: «أبونا إبراهيم لا يجب أن يكون تحت حكم عسكري»، ولذلك، يتوجب على إسرائيل الرسمية أن تكون مسؤولة عن هذه المواقع في المنطقة.

عارض هار إيفن تعديل هذا القانون، إلى جانب ممثلين من مجلس علم الآثار والأكاديمية القومية الإسرائيلية للعلوم. عملياً، عارض المستوى المهني كله هذه الخطوات، بدوافع مختلفة، حتى أن ممثل سلطة الآثار، الجهة التي يُفترض أن تكون مسؤولة عن الآثار، بحسب التعديل، لم يفهم سبب إجراء هذا التعديل. ومن المهم الإشارة إلى أن القانون الدولي، مثل اتفاقية لاهاي بشأن حماية الإرث الثقافي في حالات النزاع المسلح، يمنع إخراج هذه الآثار من منطقة النزاع. هدف هذا التعديل واضح، ويتخطى حدود علم الآثار، أو الحفاظ عليها، أو منع سرقتها. الهدف واحد، وهو فرض القانون الإسرائيلي على الضفة الغربية، إنها خطوة إضافية في مشروع الضم الإسرائيلي الزاحف.

في هذا السياق، من المهم التوقف عند الفرق ما بين علم الآثار- وهو فرع علمي يبحث في الماضي، عبر البحث في آثار مادية، وبين الإرث- وهو عملية صناعة هوية اجتماعية تستعمل الماضي، ومن ضمنه علم الآثار، لبناء ذاكرة جماعية وهوية قومية. فقبل تأسيس دولة إسرائيل ذاتها، قامت الحركة الصهيونية، بزعامة بن غوريون، باستعمال الآثار للربط ما بين الجغرافيا الإسرائيلية والتوراة. هذه المواقع الأثرية استخدمها في الأساس منظّرون صهيونيون، بهدف بناء الرواية اليهودية في أرض إسرائيل، وبذلك يجري تقويض نهج الشتات، والتشديد على الاستمرارية اليهودية في أرض إسرائيل.

اليوم، يُستعمل الإرث لتوسيع مساحة إسرائيل الجغرافية، وهذا ما يحدث في تعديل القانون الذي نتحدث عنه. وهو أيضاً ما جرى في حالة زئيف حانوخ أورليخ الذي قُتل خلال جولة في قلعة بالجنوب اللبناني، لا علاقة لها بالإرث اليهودي، بحسب خبراء الآثار [قلعة شمع في القطاع الغربي]. لكن عندما كان أورليخ يبحث عن معنى يهودي لوضع حدود وهمية مستقبلية لإسرائيل، كان قاتله وقاتل الجنود ينتظرهم. قُتل في هذه الحادثة الضابط غور كهاتي الذي كان مسؤولاً عن تأمين أورليخ، في أثناء بحثه عن «الرابط مع الجذور في أرضنا» ورغبته في «رؤية النصوص التوراتية أمام عينيه»، هذا ما قاله ابنه خلال العزاء.

لكن، بالإضافة إلى تعريف حدود إسرائيل المحتملة ومحاولة خلق ذاكرة جماعية وإرث يُستعمل من أجل محو المعنى- في هذه الحالة، هو الهوية الفلسطينية. كانت هناك ادعاءات في هذه الجلسة تطالب بتقزيم «الإرث الفلسطيني المخترَع» في مقابل الإرث اليهودي الموجود منذ آلاف السنين. حتى أنهم ذهبوا أبعد من ذلك، وادّعوا أن جنودنا يقاتلون أعداء يريدون إزالة السردية اليهودية من هذه المنطقة.

خلال الأعوام الماضية، شدد المجتمع البحثي على أهمية الإرث الثقافي، كجزء جوهري من الهوية الإنسانية. تروي المجتمعات قصصاً عن الماضي، وهي قصص تساهم في تماسُك المجتمع، وتدفعه إلى العمل المشترك. لكن حسبما يبدو من تعديل القانون هذا، يمكن استعمال الإرث من أجل السرقة ونزع الإنسانية أيضاً. لا شك في أن هناك حاجة إلى حماية الآثار التابعة لجميع الثقافات في منطقتنا. لكن علينا القيام بذلك، عبر حماية الآثار في منطقتنا. يمكن أن يكون هذا الإرث جسراً بين المجتمعات، لكن عندما يتم التعامل معه كأداة قوة وسيطرة، فإنه يفقد قيمته الحقيقية، ويصبح أداة لتأبيد الصراعات، بدلاً من حلها.

———————————————

هآرتس 18/12/2024

في “سخافة سياسية”.. ساعر لأيرلندا: لسنا “ملطشة”

بقلم: أسرة التحرير

قرار وزير الخارجية جدعون ساعر إغلاق سفارة إسرائيل في أيرلندا هو سخافة سياسية تعكس الروح الشوهاء التي تميز حكومة نتنياهو. كما أنه دليل باعث على اليأس بأن إسرائيل تفضل التخندق والانطواء بدلاً من خلق خطاب بناء حتى مع الدول التي تنتقدها.

لقد كشفت محاولة ساعر الدفاع عن قراره، المستوى المتدني لمن يفترض به أن يدير الدبلوماسية الإسرائيلية في واقع معقد على نحو خاص. فقد قال إن “إسرائيل لن تكون كـ “ولد ملطشة” يخبطها كل لاسامي في العالم ثم تواصل علاقاتها معه وكأن العالم يسير على عادته”.

إن الاستخدام المحرج لتعبير “ولد ملطشة” يبقى القسم الأقل إقلاقاً في تعقيبه. الشكل التلقائي الذي يترجم به ساعر نقداً لاذعاً على سياسة إسرائيلية تجاه اللاسامية يدل على تفكير مشوه لوزير خارجية، وبعامة لحكومة إسرائيل.

ما دفع ساعر لاتخاذ خطوة متطرفة بهذا القدر هو قرار حكومة أيرلندا الانضمام إلى الالتماس ضد الحرب في غزة في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وأشار ساعر أيضاً إلى قرار الحكومة في دبلن في أيار، الاعتراف بدولة فلسطينية.

هذان العملان من جهة أيرلندا لا يدلان على اللاسامية، بل على موقف سياسي – أخلاقي يجدر تناوله بكل الجدية. إسرائيل تعمل في غزة بشكل عنيف وهدام، خرج عن الجوانب الأمنية الموضوعية منذ زمن بعيد. فقد علم أمس بسقوط 45 ألف قتيل في غزة منذ بدء الهجوم، بما في ذلك نساء وأطفال كثيرون، كميات جرحى هائلة ودمار بنى تحتية يصعب قياسها.

إن اعتراف أيرلندا بدولة فلسطينية هو وليد سلوك إسرائيلي فضائحي يتواصل منذ عشرات السنين، وبقوة أكبر في عهد نتنياهو، الذي يضع إلغاء الوطنية الفلسطينية نصب عينيه، مع قمع الشعب الفلسطيني وخلق شروط على الأرض تقوض أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية.

بدلاً من التصدي لهاتين المسألتين بشكل جوهري، فضل ساعر عملاً لا يعمله إلا كل منكر للواقع– التخندق، الانطواء، قطع الاتصال. لقرارات كهذه ثمن، كما أشار السفير السابق رضا منصور، الذي تولى منصب سفير إسرائيل في البرازيل ودول أخرى: “إن إغلاق سفارة هو ضرر لسنوات وفقدان لشبكة اتصالات وقاعدة معلومات. إنه إبقاء الملعب فارغاً للطرف الآخر وترك المؤيدين الكثيرين لك في الدولة. هذا سوء فهم للعلاقات الخارجية”.

في انضمام ساعر لحكومة نتنياهو، وإن أظهر مرونة انتهازية استثنائية، لكنه في قراره السخيف حول أيرلندا يثبت بأنه كان محقاً: مكانه هناك بالفعل، في حكومة الهدم والخراب لدولة إسرائيل.

——————انتهت النشرة——————