الصحافة العبرية… الملف اليومي الصادر عن المكتب الصحافي التابع للجبهة الديمقلراطية

 افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

هآرتس 29/8/2024

لهذه الأسباب قررتُ أن أترك إسرائيل.. وأرحل

بقلم: دين تبلتسكي

مرت عشر سنوات تقريباً على نشر مقال نشرته هنا وأنا طالب في الصف الـ 12، في ذروة الحملة الانتخابية العاصفة في العام 2015 (“هآرتس”، 29/1/2015). كتبت في المقال بأنه في مركز الانتخابات يجب أن يقف السؤال الآتي: هل التضحية التي تتوقعها الدولة من أبناء جيلي في المستقبل، الذين سيتجندون للجيش خلال بضعة أشهر مشروعة طالما أنها هي نفسها تمتنع عن أخذ أي مخاطرة من أجل خلق مستقبل اكثر أمناً، فيه يمكن منع التضحية من هذا النوع.

كتبت أيضاً أن “مذبح الوضع القائم لنتنياهو”، الذي عليه تمت التضحية بمقاتلين في جولات قتال متكررة، لم تكن مرفقة بأي عملية سياسية مهمة لحل النزاع، يجب أن يتم استبداله بقيادة شجاعة تعمل من خلال رؤية استراتيجية من اجل أمن طويل المدى، قيادة تضع لنا حلما لسلام وأمناً، من اجله تجدر التضحية بالحياة.

كانت الهزيمة في تلك الانتخابات في الحقيقة صعبة. لكن بقي لدي أمل في أن الصراع لم يحسم بعد. لذلك، من المؤلم جدا الاعتراف بأن هذا الأمل تلاشى الآن. عشر سنوات اخرى من العيش في ظل حكومات نتنياهو أدت الى السيناريو الأسوأ من بين جميع السيناريوهات. فإسرائيل سقطت ضحية للهجوم الأكثر فظاعة في تاريخ النزاع، ونظام ديمقراطيتها في حالة تراجع، والمجتمع في إسرائيل منقسم وممزق حول قضايا كانت مفهومة ضمنا في دروس المدنيات لدينا، مثل استقلالية جهاز القضاء ومكانة المستشار القانوني للحكومة والمسؤولية الوزارية. ويقف الاقتصاد امام منحى التحطم؛ لأن الحكومة تغض النظر عنه.

هكذا مرت عشر سنوات الى أن أصبحتُ مواطناً يحق له التصويت، وأصبح من الواضح لي أن مستقبل الدولة في العقد القادم (باحتمالية اكبر بعده) سيكون الأسوأ. بسبب سلوك نتنياهو والوزراء اصبح من الواضح أن ضحايا الحرب الحالية، بالضبط مثل حرب “الجرف الصامد”، لن يتم استغلالها لمحاولة ايجاد مستقبل افضل وأكثر أمناً، يرتكز الى الفهم بأن الحل لن يكون في أي وقت حلاً عسكرياً، وأن الجيش الاسرائيلي وحده لن يتمكن في أي يوم من توفير الدفاع الشامل ضد الأعداء. وبدلاً من ذلك فانه يتم استغلال الضحايا بوساطة دعاية مسمومة من اجل مواصلة وجود سياسة الوضع الراهن الاستيطانية النازفة.

يتلخص السؤال الذي يقف الآن أمام الشباب الإسرائيليين بالتالي: لماذا يجب علينا الموافقة على العيش في دولة كثيرون فيها مستعدون لترك ارواحهم وارواح اولادهم في يد قيادة تتحرر من المسؤولية عن الفشل الامني الذي يحدث هنا منذ 7 تشرين الأول؟ بعد كل يوم تقريبا منذ انتخابه لاول مرة يهدد نتنياهو الجمهور بأنه هو الوحيد القادر على منع كارثة أخرى. أو بأسلوب اذا لم يتحمل هو المسؤولية عن الامن فلماذا هو موجود هناك؟ اذا كانت سلطة رئيس الوزراء لا تتحمل بالضرورة المسؤولية عن الأمن الجسدي لنا فلماذا يوجد لنا رئيس وزراء؟

في هذا الوضع الذي تظهر فيه غالبية الجمهور اللامبالاة أو على الاقل عدم الاستعداد للخروج الى الشوارع من اجل رص الصفوف في قيادة الدولة، فان المغادرة ليست أمراً مرغوباً فيه فقط، بل ضرورة وجودية واستنتاج عقلاني ومسؤول، يتم سماعه من افواه الكثير من الاسرائيليين اكثر من أي وقت مضى. النتيجة الحتمية لواقع حياتنا هي أن المواطنة الإسرائيلية ببساطة ليست الضمانة للعيش في دولة حرة.

سأرحل إلى برلين، ولا توجد لدي أي ذرة خجل من ذلك.

——————————————–

هآرتس 29/8/2024

نتنياهو يقود إسرائيل نحو الهاوية

بقلم: عيران ياشيف

في أيلول 2022 استضاف مؤتمر “فايننشال تايمز” في لندن ميخائيل خودوركوفسكي، الشخص الأكثر ثراءً في روسيا، الذي أمضى في السجن مدة 11 عاماً، في أعقاب ملاحقات الرئيس فلاديمير بوتين. وسُئل عمّا إذا كان بوتين إنساناً عقلانياً. وهكذا كانت إجابته: طبعاً نعم، لكن منظومته القيمية مختلفة جداً عمّا هو مقبول. وبحسبه، فمن أجل الحفاظ على حُكمه، وبالتالي حياته، توجد في رؤية بوتين قضيتان: إنه على استعداد للتسبب بموت عشرات الآلاف من البشر، ومن ضمنهم أبناء شعبه. كنت سأجيب إجابة مشابهة بخصوص نتنياهو. وهناك تحليل بديل من فهم تصرفاتهما، وهو أن كليهما لديه شخصية نرجسية.

هناك كثير من أوجه الشبه بين نتنياهو وبوتين، ولا أريد فلسفة الأمور، فالمغزى واضح: الغرب تواصل مع بوتين خلال سنوات حُكمه، منذ وصل إلى السلطة في سنة 1999. وحاول التقرب منه والتعاون معه، وحتى الضغط عليه. ومع اجتياح أوكرانيا، تغيّر كل شيء، “فتحول إلى منبوذ”، وباتت روسيا معزولة أيضاً. فلم تشارك مثلاً في أولمبياد بكين 2022، وأيضاً أولمبياد هذا الصيف في باريس. وإذا تعامل الغرب مع نتنياهو كما يتعامل مع بوتين، فستسنح أخيراً فرصة التغيير. الآن، تتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة، شيئاً فشيئاً، لكن نتنياهو لا يزال “شرعياً”.

نتنياهو يُلحق الضرر بمصالح الغرب. لماذا يجب على قادة الغرب أن يتحملوا في بلادهم الاحتجاجات ضد حرب إسرائيل في غزة والمنطقة – حتى لو كانت رداً على الهجمات القاتلة – هذه الخطوات هي نتاج تفكير المراهق غير المسؤول الذي يشعل الشرق الأوسط؟ المصلحة واضحة، وهي إزاحته. ويوجد لدى الغرب كثير من أوراق القوة لاستبدال نتنياهو بطريقة ديمقراطية. هذا ما سيصبح ممكناً حين يحصل النظام السياسي المحلي على الإشارات المطلوبة، وبحسبها، فإن نتنياهو تحول فعلاً إلى شخصية منبوذة.

هل رئيس حكومة إسرائيل هو فعلاً حليف للولايات المتحدة، ووضعية بوتين مختلفة؟ يجب التفريق ما بين مصلحة إسرائيل ومصلحة نتنياهو. بمرور الوقت، باتت الفجوة أوسع بين المصلحتين، والآن، أصبحت كبيرة جداً. نتنياهو يحوّل إسرائيل إلى دولة مستبدة، وفي هذه الحال، لن تستطيع البقاء شريكة حقيقية للولايات المتحدة.

بوتين ونتنياهو شخصيتان سياسيتان شبيهتان: كلاهما يحمل “بشرى قومية”، ومنفصل عن المشاعر الأساسية وحسابات الضمير، ويطمح إلى السلطة المطلقة. وكما هي الحال في إرشادات حُكم الرجل الواحد، فهُما أبعدا الأشخاص المعقولين من حولهما، أو تحوّل هؤلاء إلى رجال بلاط ينفّذون مطالبهما، وحاولا السيطرة على النظام القضائي والإعلام بالتدريج، وحوّلا النظام إلى نظام لصوص يسرق الموارد، وعيّنا المقربين منهما في السلطة وأجهزة الأمن؛ ومأسَسا الفساد ونظام رؤوس الأموال، وقاما بتحالفات مع حكام يشبهونهما.

يقود نتنياهو إسرائيل في المسار الذي سار فيه بوتين في دولته. وفي هذا الوقت، يموت الجنود والمواطنون، ويخرب الاقتصاد، ويهرب أفراد الطبقات العليا في المجتمع. ولا أمل لجيل الشباب.

نتنياهو إستراتيجي فاشل بشكل متسلسل. لم يشخّص خطر “حماس”، وقدّم استشارات بلهاء لإدارة بوش أدت إلى تورُّطها في العراق قبل 20 عاماً، والأهم من هذا كله أنه استمر في أخطائه ونمّاها حتى باتت إيران في نهاية المطاف دولة على العتبة النووية. سيأتي يوم يصبح فيه حبيب الأمة في إيران.

اللاعبون السياسيون في إسرائيل لم يفهموا بعد الحاجة إلى نزع الشرعية. لا ينجحون في رؤية نتنياهو كحصان ميت وإيجاد بديل في هذا الكنيست، أو ما بعده. نحن ندور في حلقة سياسية مفرغة: لأننا لا نرى ذلك، فالحصان ليس ميتاً. هذا بالإضافة إلى أنهم لا يفهمون أنه حتى إذا بقي نتنياهو في الساحة، لن يكون هناك مزيد من الانتخابات الحرة في إسرائيل، ففي أفضل الأحوال، ستكون هناك قيود على مجموعات معينة، كالعرب، وفي حالة أقل من ذلك، سيتم تأجيلها بسبب حالة الطوارئ. هذه الأمور تتعلق أيضاً بالأحزاب الحريدية التي تتميز بضيق رؤية مذهل. إنها لا تفهم أن اعتماد نتنياهو على اليمين واليمين المتطرف يعزز انتقال الأصوات من ناخبيها نحو بن غفير، وأن التدهور الحاد للاقتصاد الإسرائيلي سيتركها من دون موارد الدولة التي تطالب بها.

أمّا رؤساء الأجهزة الأمنية، فإنهم سذّج وأغبياء (وخريجوها أيضاً)، يعملون على طرح بدائل وسيناريوهات ممكنة لنتنياهو. السيناريو واحد: حرب من دون هدف، ومن دون نهاية، تسمح بتأجيل الانتخابات وبقائه في السلطة. ردّ الأشخاص الناضجين والمسؤولين يجب أن يكون واضحاً من دون خوف من “المستوى السياسي”.

لدى زعماء السوق والهستدروت قوة خاصة. لكنهم لا يتخذون أيّ خطوة، ولا يستجيبون لمطالب الإضراب الشامل. إنهم يكشفون عن خوفهم وضيق الرؤية لديهم وعدم مسؤوليتهم عن مستقبل الدولة. هذا بالإضافة إلى أنه من المؤلم رؤية أخطاء إدارة بايدن: الأولى، عدم التفريق بين مصالح نتنياهو ومصالح إسرائيل. والثانية، أن واشنطن ترى فيه قائداً شرعياً وصديقاً يمكن التأثير فيه.

حل العقدة الغوردية [عقدة صعبة الحل يتم حلُّها بقرار جريء] في الشرق الأوسط يكمن في تبنّي رواية جديدة مختلفة كلياً. إذا فهموا في إسرائيل، وأيضاً في الغرب، أنه رئيس حكومة أقلية، لا يملك دعماً من الجمهور، حينها سيفهمون أنه غير شرعي. يمكن تغيير حكومة إسرائيل، ويجب تبديلها بطريقة ديمقراطية، وهناك مجموعة من أدوات القوة لتحقيق ذلك. مثلاً، الحوار مع الأحزاب الحريدية، التي تملك 18 مقعداً ضرورياً في هذا الكنيست، أو التالي. وأيضاً الحلفاء من الغرب وأوروبا، لديهم أدوات ضغط – لأسباب أقل من هذه كثيراً، دفعت بالاتحاد الأوروبي، في سنة 2011، إلى تبديل رئيس حكومة إيطاليا برلسكوني، وبطريقة ديمقراطية. فقط، حين ترى إدارة بايدن أن نتنياهو هو شبيه لبوتين، فستتولد دينامية جديدة.

لبايدن أيضاً مصلحة واضحة في مساعدة كامالا هاريس على الفوز. سياسة قادرة على إطاحة نتنياهو وإزاحته عن المشهد السياسي ممزوجة بدعم حقيقي للمصالح الإسرائيلية، إلى جانب شرح جيد للدوافع الكامنة خلف هذه السياسة، وهذا سيرسل رسالة قوية واضحة للولايات المتحدة، ويساعد هاريس على الفوز.

حالياً، نتنياهو يقود إسرائيل نحو الهاوية. إنه يُشعل الشمال والجنوب والضفة، ويرتكب كل خطأ ممكن مع إيران. إن لم يوقف النظام السياسي والغرب هذا بسرعة، ويستبدلا نتنياهو بشخص ناضج ومسؤول، فإن إسرائيل ستنتحر مع رئيس حكومتها.

——————————————–

 هآرتس 29/8/2024

تتحملون المسؤولية عن سفك دمائكم لأنكم يساريون

بقلم: عنات كام

وصلت ملاحقة اليساريين من قبل مؤيدي الحكومة الحالية، هذا الأسبوع، حضيضاً جديداً. هناك خط مستقيم يربط بين إغلاق نادي قائمة “حداش” في حيفا وبين منع بث الفيلم الجديد لمحمد بكري بعنوان “جنين، جنين”، بدون صلاحية أو أمر قانوني، فقط لأن الشرطة قررت ذلك، وبين شكوى للشرطة ضد الناشط الاجتماعي إيتمار فايتسمان لأنه قام بتسمية عضو الكنيست تسفي سوكوت بـ “يهودي نازي” في بث في الراديو وبين ما تحول “عاصفة ضابطة الصحة النفسية”، إقالة عيدي أنغرت، عاملة الخدمة الاجتماعية وضابطة الصحة النفسية في لواء الاحتياط الكسندروني، والتي تجرأت على أن تكون يسارية في حسابها الخاص في تويتر. السطر الأخير: أغلقوا أفواكم وإلا فان دماءكم سيتم هدرها (في الشبكات الاجتماعية نشرت صور شاشة لأشخاص وهم يبحثون عن عنوان بيتها).

تغريدات أنغرت تم اقتباسها من قبل مراسلين وشاة، عميت سيغل وافيشاي غرينتسايغ. يتبين منها أنها قريبة من موقف روغل الفر بالنسبة للأم الثاكلة ليلي درعي. بتصريح عدم الإحساس تقريباً في هذا الوقت، لكنه دقيق جداً، كتبت انغرت بأن الصهيونية الدينية هي “طائفة آكلي الموتى”. وقد تطرقت أيضاً لقائد اللواء الجديد، موشيه بيسل، الذي هو نفسه ابن الطائفة، وانتقدت أمنيته في أن “تتحول القرى في لبنان الى خرائب وشوارعها بدون مخارج”. بهذه الأمنية وقع رسالة تسلم منصبه التي نشرت على جنوده.

حسب قولها: “لقد دخل اللواء قائد جديد، الأمر الأول الذي يأمله من جنوده هو ارتكاب الإبادة الجماعية. هذا مدهش”. المكارثيون الذين يلاحقونها بدؤوا على الفور بالدعوة لإقالتها، وقد نجحوا في ذلك. الجيش الإسرائيلي ببساطة لا يتحمل زيادة في عدد المهنيين الذين ينتظرون في الطابور كي يكونوا ضباط صحة نفسية لجنود الاحتياط.

الأشخاص الذين لم يتشككوا لحظة بدرجة مناسبة حنيبعل حيرام لمنصب قائد فرقة غزة، والذين لم يسألوا كيف من المعقول التوقع من الجنود أن يسيروا وراءه، ربما الى موتهم، عندما احتقر من احتفلوا برفضها. الأشخاص الذين يظهر لهم بشكل شرعي أن حاخام اللواء سيقول في بداية تشرين الثاني بأن هذا الشهر هو “الأكثر فرحاً منذ أربعين سنة” (جثث محترقة كانت تنتشر في الكيبوتسات)، يشعرون فجأة أنه “تمت خيانتهم” بسبب مواقفهم، وكأن هذا يلغي بأثر رجعي مساعدتها وتقديم العلاج منذ 7 تشرين الأول. في الأصل لا أحد تذمر من أدائها الى أن تبين أنها يسارية. كما يبدو فقد عرفت كيفية التفريق بين مواقفها وبين غرفة العلاج.

لم تقل انغرت أي أقوال متطرفة أو غير صحيحة. وهي لم تدافع عن تصريحات شاذة باسم حرية التعبير من اجل منع ملاحقة مستقبلية لتصريحات عادية: لسنا على منحدر زلق، فقد اصبحنا في نهايته.

المعلقون على المنشورات، مثل هينوم ميغل، ليس لدينا أي توقعات منهم، لكن من خلع قناع المهنية الواقعية في هذه القضية، والذي علينا من الآن فصاعدا التعامل مع كل تقاريره بأنها منحازة وحريدية قومية، هو مراسل الشؤون القانونية في “كان”، افيشاي غرينتسايغ. في صالحه يجب أن نقول بأنه دائما هكذا كان. ففي السابق اظهر التسامح مع مذبحة باروخ غولدشتاين.

——————————————–

يديعوت احرونوت 29/8/2024

لمنع العملية التالية: تحييد القنبلة الاستراتيجية في الضفة

بقلم: يوسي يهوشع

الحملة التي انطلق اليها الجيش الإسرائيلي أمس بصخب كبير ترافقت واوصاف متفجرة، مثل “الحملة الاوسع منذ السور الواقي” وحتى “حملة غير مسبوقة”. اما الواقع فأقل حماسة، لكنه لا يقل أهمية: من حيث حجم القوات، فان حملة “بيت وحديقة” في جنين قبل سنة كانت أكبر. الاختلاف الان ينبع من اعمال الجيش الإسرائيلي في ثلاث جبهات في آن واحد – طولكرم، جنين وشمال غور الأردن – لاجل تحييد القنبلة الاستراتيجية التي تتكتك في يهودا والسامرة.

هذه المناطق ليس مجرد تعتمل بالإرهاب – بل هي تجتاز مسيرة متسارعة من الغزية، بما في ذلك طوفان في العبوات الناسفة ذات المواصفات المعيارية، توجيه مهني من ايران والكثير جدا من الجسارة. غني عن الإشارة الى أن مثل هذه الحملة ما كان يمكن أن تنطلق على الدرب قبل 7 أكتوبر: المستوى السياسي وجهاز الامن لم يرغبا في المخاطرة بنار صواريخ من غزة.

من ناحية ما يجري في الميدان، في هذه اللحظة طاقمان قتاليان لوائيان ولكن مقلصين جدا مقارنة مع تلك العاملة في غزة، يعملان في طولكرم تحت قيادة قائد لواء كفير، العقيد ينيف باروت، وفي جنين تحت قيادة العقيد أيوب كيوف، قائد لواء منشه. في غور الأردن تستخدم قوة مقلصة اكثر بقيادة قائد لواء الغور، العقيد أفيف أمير. وسبب ذلك هو ان معظم الوحدات المختارة في الجيش الإسرائيلي توجد في غزة او في حدود الشمال وعليه فان التحدي اكبر، لكن هذا هو وجه الأمور منذ 7 أكتوبر وعليه فان جبهة الضفة هي الجمرات المشتعلة التي ينبغي الحرص على الا تشتعل اكثر مما ينبغي.

عمليا، منذ بداية الحرب صعد الجيش الإسرائيلي كمية الحملات في تلك الجبهة، في ظل الاستناد الى وحدات احتياط. كما ان الهجمات الجوية أصبحت امرا اعتياديا. في الحملة الحالية تشكل غلافا جويا قويا بالنسبة للطواقم القتالية.

وكان القرار بحملة على مثل هذا النطاق اتخذ بعد استنفاد حملات اصغر. فقد أثبت الواقع بان كمية الاخطارات ارتفعت ومعها كمية العمليات وكذا مدى الجسارة، الذكاء ومستوى الفتك في الوسائل القتالية المتطورة. رأينا خلايا خططت للخروج الى عمليات في منطقة خط التماس، وفي الأسبوع الماضي وصل مخرب يحمل عبوة ناسفة شديدة الانفجار حتى تل أبيب وخطط لان ينفجر في كنيس.

في جبهة شمال الغور وقعت سلسلة عمليات من المنطقة الشرقية للسامرة ولهذا فقد زار رئيس الأركان هرتسي هليفي هذه الجبهة أول أمس. وهو يعرف لماذا: في الحدود الشرقية ملزم الجيش الإسرائيلي بان يجد حلا ليس فقط للارهاب الشعبي بل وأيضا للعائق في خط الحدود مع الأردن والذي تبقى منفلتا.

قوات الجيش الإسرائيلي دخلت في ظل المخاطرة بحياتهم الى جنين وطولكرم لاجل العثور على العبوات، لكن هذا لن يجدي نفعا اذا كانت الحدود مع الأردن، على طول مئات الكيلو مترات ستبقى فالتة والايرانيون يضخون عبرها وعبر سوريا عبوات بمواصفات معيارية. وهكذا فان الجيش الإسرائيلي حقا يستجدي من المستوى السياسي ان يحول له ميزانية فورية لبناء الجدار، إقامة عائق، وسائل جساسية وغرف حربية بكلفة 4 مليارات شيكل. المال لا يصل منذ بضع سنوات. ويتبقى أن نرى اذا كان سيصل قبل ان تضطر لجنة التحقيق للبحث في هذا الإخفاق أيضا.

واذا لم يكن هذا بكاف، ففي الجيش الإسرائيلي سيتعين عليهم ان يتصدوا لاحداث جريمة خطيرة من الجانب اليهودي، كتلك التي وقعت في قرية جيت قبل أسبوعين. وكان الجيش نشر امس تحقيقا وكانت نتائج ثاقبة ولا لبس فيها: الجيش فشل في الدفاع عن السكان الفلسطينيين في الوقت الذي ما لا يقل عن 100 ملثم اجتاحوا المنطقة، اشعلوا النار في السيارات وفلسطيني واحد قتل. وحتى الاخطار المسبق من الشباك لم يجدِ نفعا.

اعمال الشغب والتحقيق فيها هي الاختبار الأول بالنسبة لقائد المنطقة حديث العهد، آفي بلوط، الذي هو نفسه خريج الكلية العسكرية في عاليه. هو وليس آخر قضى بان اعمال الشغب هي “حدث إرهابي خطير” وأخذ المسؤولية عن الفشل. مشكوك جدا أن يكون المستوطنون يقبلون اقوالا كهذه على لسان سلفه في المنصب اللواء يهودا فوكس، الذي اصبح علما احمر في التلال. اقوال بلوط عن الواجب لاستنفاد القانون مع المشاغبين تطلق الإشارة أيضا الى لواء شاي في الشرطة الذي يتعرض لنقد حاد على سيره على الخط مع وزير الامن القومي ايتمار بن غفير.

فضلا عن الجانب الجنائي والأخلاقي، فان احداث جيث تدل على ضائقة القوة البشرية في الجيش الإسرائيلي بعامة وفي جبهة الضفة بخاصة. معظم القوة هناك تقوم على أساس كتائب احتياط اقل خبرة، بينها الكتيبة التي تحملت المسؤولية عن شافي شمرون ودعيت الى التوجه الى جيت. في كل السنوات الأخيرة كانت ترابط هناك كتيبة دورية مختارة من لواء المظليين، غولاني وجفعاتي والان استبدلت بكتيبة احتياط من قيادة الجبهة الداخلية. محزن وخطير انه يوجد بيننا من يستغلون هذا.

——————————————–

هآرتس 29/8/2024

نساء من الخليل يشهدن عن تحرشات من الجنود في حواجز

بقلم: هاجر شيزاف

فلسطينية من سكان الخليل قالت إن أحد الجنود تحرش بها على الحاجز في المدينة، عندما خلع بنطاله وكشف نفسه امامها قبل اسبوعين في الوقت الذي كانت تمر فيه في المكان وحدها. هذه الحادثة في الحاجز استدعت شهادات نساء اخريات من الخليل بشأن المعاملة المهينة للجنود تجاه النساء في الحواجز منذ اندلاع الحرب، بالاساس في الفترة الاخيرة، وضمن ذلك توثيقهن والتطرق لمظهرهن الخارجي والتفتيش في هواتفهم وقول اقوال بذيئة.

وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي بأنه بعد تقديم الشكوى تم فتح تحقيق في الجيش، لكن لم يتقرر بعد اذا كان سيتم فتح تحقيق في الشرطة العسكرية.

الحادثة التي قدمت المرأة شهادة حولها كانت في مساء يوم السبت في 17 آب في حاجز “تمار” في تل الرميدة في الخليل. “نحن دائما نمر في هذا الحاجز، يعطونا بطاقات الهوية ونمر في جهاز كشف المعادن، وهو الامر الذي أصبح روتينيا”، قالت. “فعلت ذلك وعندما اردت الخروج من الحاجز قام جندي آخر باعتقالي وقال لي بأنه يريد رؤية حقيبتي. حسب قولها، بعد أن فعلت ما اراد الجندي قام بانزال بنطاله وملابسه الداخلية بشكل جزئي وكشف عن جسمه. “خلع ملابسه وقال لي: هل تريدين؟ تعالي وانظري”، قالت. “من شدة الصدمة خرجت من الحاجز ولم اعرف ما الذي يحدث. شعرت وكأن شخص قام بصفعي”.

المرأة قالت ايضا ” عندما وصلت الى البيت روت ما حدث معها لاختها وجارتها. “بعد ذلك انهارت ولم اعرف ماذا سأفعل”. في نفس المساء تحدثت عن الحادث ايضا لاحد سكان الحي، بسام أبو عيشة، وهو قائد مجتمعي محلي، وهو بدوره قام بالاتصال مع ادارة التنسيق والارتباط الفلسطينية. في اعقاب الشكوى وصل الى المكان ضابط رفيع من الادارة المدنية، ايمن بيسان، وعسكري آخر، والتقيا مع الفتاة وأمها وذهبوا جميعهم الى الحاجز. هناك الفتاة تعرفت امامهم على الجندي، ورجال الجيش وعدوا الفلسطينيين بمعالجة هذه الحادثة.

في اليوم التالي اتصل ضابط الادارة المدنية شادي شوباش مع أبو عيشة، وهو المسؤول عن الاستيطان اليهودي في الخليل وطلب منه الالتقاء. الاثنان التقيا في مفترق طرق قريب. وحسب اقوال أبو عيشة عندما وصل كان هناك ثمانية جنود قاموا بتطويقه. “لقد بدأ يهددني. من أنت وماذا تفعل هنا. هذا ليس من شأنك. أنا هنا الحكومة”، قال أبو عيشة واضاف. ” قال لي بأن كل القصة كذب، يجب عليك عدم التدخل. أنتم تختلقون القصص والافلام. أنتم سترون وجهي الآخر”.

في الادارة المدنية أكدوا على المحادثة بين الاثنين، ولكنهم نفوا كليا أن اللقاء تضمن التهديد أو التشكيك في موثوقية اقوال الفتاة. وأنهم قالوا عن ادعائها بأنه كذب.

بعد الحادثة قررت عائلة الفتاة، من سكان منطقة اتش 2 في الخليل، الانتقال لبضعة ايام الى بيت اقارب للعائلة في الجانب الذي يقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية في الخليل (اتش 1). “نحن قمنا بذلك كي نغير جو. أنا كنت متعبة ومحبطة مما حدث. الآن الامر اصبح اخف، لكن عندما اريد أن أمر في الحاجز أخاف أن يحدث مرة اخرى نفس الامر”، قالت الفتاة للصحيفة.

حسب اقوال اربعة اشخاص من سكان الحي الذين تحدثوا مع “هآرتس”، فان قصة هذه الفتاة خطيرة بشكل خاص، لكنها تجسد الروح العامة التي تسمح بالتحرش الجنسي واهانة النساء اللواتي يعبرن الحاجز. هي شهدت أنه منذ بداية الحرب حدث تدهور في معاملتهن، الذي ازداد في الفترة الاخيرة.

فتاة من سكان الحي، طالبة في الثانوية، قالت إنه قبل اسبوعين عندما كانت تمر في حاجز تمار مع شقيقتها لم يسمح لهن أحد الجنود بالعبور. واتصل بمحادثة فيديو مع صديقه، وبدأ يتحدث معنا ويقول له بأننا جميلات. بعد ذلك بدأ يصورنا وقال لنا: “انظر الى جمالهن”. واثناء تحدثه مع صديقه استخدم اقوال بذيئة. “بعد نصف ساعة سمح لنا بالعبور”، قالت هذه الفتاة.

في مرة اخرى قالت نفس الفتاة بأن احد الجنود طلب منها السماح بتفتيش الصور في هاتفها في الوقت الذي كان يمسك يدها فيه، قرب حاجز “الشرطي”. “امسك يدي وطلب مني فتح الهاتف. قلت له بأن هذه صوري الخاصة فلماذا سأفتحها”، قالت. الفتاة المحجبة روت القصة وهي تظهر بأنه في هاتفها توجد صور لها وهي غير محجبة. “هو شاهد كل شيء، مرر صورة تلو الاخرى. خلال ربع ساعة امسك يدي وكان ينظر الى الهاتف”، قالت. في حادثة اخرى قالت بأن احد الجنود قال لها “أنا سانتظرك في المرة القادمة، يا حلوة”.

التفتيش في الهاتف عن الصور اثناء عبور الحاجز أو اثناء التأخير العادي في الحي، تكررت في شهادات النساء الفلسطينيات اللواتي تحدثن مع “هآرتس”، هذا اضافة الى المنع الذي يفرضه الجنود على السكان، تصوير نشاطات الجنود كي لا يتم اعتقالهم، خلافا لما كان عليه الحال قبل الحرب. في حينه السكان تعودوا على توثيق الجنود الذين يتصرفون بشكل غير لائق. في بداية الحرب احد سكان الحي تم اعتقاله لاسبوع بعد توثيقه لجندي. ومنذ ذلك الحين السكان يقولون بأنهم يخشون فعل ذلك.

امرأة اخرى من الخليل قالت بأن التحرش اصبح أمر روتيني. “عندما اعبر الحاجز والجندي يرسل لي قبلة. وعندما اقوم بالخروج يغلق البوابة كي اعود مرة اخرى الى الوراء. اعود وهو يغلق مرة اخرى”، قالت. “تدخلي الى الحاجز ويقولون لك امور غير لطيفة مثل “زانية” وغيرها من الشتائم البذيئة. هم يكررون هذه الكلمات كثيرا بصورة عادية. ويفعلون حركات بأيديهم. وهم يقولون هذه الاقوال بواسطة مكبر الصوت على الحاجز”.

خلافا للاسرائيليين الذين بالنسبة لهم هذه الالفاظ تبدو اقل خطورة، فان النساء من الخليل اوضحن مرة تلو الاخرى الى أي درجة من ناحيتهن الحديث يدور عن اقوال استثنائية مهينة. اثناء المقابلة طلبن حتى وقف التسجيل عندما قمن بتكرار الكلمات التي قالها الجنود.

هذا لم يكن جندي واحد”، قالت. “احيانا شخص يقول لك: اعطني رقم هاتفك. البنات يخفن من الذهاب وحدهن الى الحاجز. سلوك الجنود يخيف البنات من العبور في الحاجز لوحدهن، لا سيما في الحواجز التي لا يوجد فيها اشخاص. عندما اذهب الى العمل افحص اذا كان هناك احد في الحاجز”، قالت امرأة من سكان الحي. “اذا كان يوجد أحد أمر واذا لم يكن أحد لا أمر”.

امرأة من سكان المدينة قالت ايضا بأنه منذ اندلاع الحرب يجب عليهن المرور في جهاز كشف المعادن في كل مرة اثناء العودة الى البيت. التعليمات الجديدة تجعل الجنود احيانا يطلبون من النساء خلع بعض الملابس، رغم حقيقة أنهن متدينات ويحافظن على الحجاب. “هذا الجهاز يطلق صوت على كل معدن. اذا كنت ترتدين قميص تحت الحجاب وتكون عليه سلسلة الجهاز يصدر صوت. احيانا يطلبون انزال الحجاب. نحن جميعنا مسلمات”.

وقد جاء من المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي: “الحادثة في 17 آب تم الابلاغ عنها لجهات انفاذ القانون في الجيش، وهي قيد الفحص. الادعاءات بخصوص التحرش الجنسي لا نعرف عنها. واذا كانت هناك حالات فان الامر يتعلق بسلوك خطير ومحظور ويخالف التعليمات. أي شكوى يتم الحصول عليها حول سلوك غير مناسب لجنود الجيش يتم فحصها كالعادة ويتم علاجها حسب القانون”.

وفيما يتعلق بضابط الادارة المدنية قالوا في قسم منسق اعمال الحكومة في المناطق: “الادعاء الذي بحسبه ضابط ادارة التنسيق والارتباط في الخليل ذهب الى بسام أبو عايشة واحتج على موثوقية شهادة الفتاة، وحتى أنه هدده، هو ادعاء كاذب ولا أساس له من الصحة”.

——————————————–

هآرتس 29/8/2024

اليمين المتطرف يضيف الزيت الى الشعلة وقد يؤدي هذا الى الانفجار في الضفة الغربية

بقلم: عاموس هرئيلِ

الجيش الاسرائيلي ينفذ من الامس ثلاث عمليات على مستوى الوية في شمال الضفة الغربية. في مدينة جنين وفي مخيم اللاجئين الفارعة في الغور وفي مخيم اللاجئين نور شمس في طولكرم. خلال اقل من يوم تم الابلاغ عن عشرة قتلى بفلسطينيين بالنار الاسرائيلية. النشاطات العنيفة تعكس الارتفاع الكبير في حجم الانذارات حول تنفيذ عمليات قريبة، لكن التوتر يزداد ايضا على خلفية اسهام اسرائيل الذي يأتي من الحكومة. في جهاز الامن يقلقون من تأثير استفزازات وزير الامن الوطني، ايتمار بن غفير، في الحرم. في موازاة ذلك تزداد هجمات المستوطنين على القرى الفلسطينية، والمهاجمون يشعرون بأنهم يحصلون على الدعم من ممثليهم في الائتلاف.

الحرب في الضفة منذ 7 اكتوبر هي الاشد من حيث القوة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في العام 2006. وحتى الآن الحرب التي تجري في القطاع وعدد القتلى الكبير في الضفة، اكثر من 600 شخص خلال عشرة اشهر ونصف، لم تجرف حتى الآن الجمهور الفلسطيني الواسع في الضفة الى الانضمام مثلما كانت الحال في الانتفاضات السابقة.

لكن المزيج الحالي يقرب الضفة من نقطة غليان جديدة. بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والقادة الكبار في جهاز الامن يجري نقاش مطول حول مسألة متى يجدر انهاء الحرب في القطاع، لتقليص الجهد الهجومي هناك وتركيز الاهتمام على الحدود مع لبنان في موازاة الجهود المبذولة من اجل التوصل الى وقف لاطلاق النار في غزة وفي الشمال.

ولكن هذا النقاش يستند الى الافتراض بأن الضفة الغربية بقيت قطاع استثنائي. نطاق الحرب هناك وعدد العمليات في الضفة التي في جزء منها موجهة الى مركز البلاد (مثل المخرب من نابلس الذي فجر نفسه في حي الامل في تل ابيب في منتصف الشهر الحالي)، يمكن أن تحولها الى ساحة رئيسية في الحرب. الجيش الاسرائيلي يحتفظ الآن في الضفة الغربية بـ 19 كتيبة، 7 كتائب منها على خط التماس (توجد كتائب اخرى من حرس الحدود).

في بداية الحرب كانت توجد 30 كتيبة، وفي ذروة الانتفاضة كان ضعفي هذا العدد. كل اندلاع اكثر خطورة في الضفة سيلزم بضخ اضافي للقوات والقاء المزيد من العبء على منظومة الاحتياط المنهكة اصلا بسبب الحاجة الى الدفاع عن حياة حوالي نصف مليون اسرائيلي. جوهر التهديد من ناحية اسرائيل يوجد في شمال الضفة الغربية، بالاساس في مخيمات اللاجئين. نابلس قادت قبل سنتين توجه جديد للتنظيمات المحلية، حول خلية جديدة اطلقت على نفسها “عرين الاسود”. الاحتكاكات العسكرية في المدينة خفتت قليلا بعد قتل معظم قادة هذه الخلية أو تم اعتقالهم. ولكن في جنين وطولكرم ومخيمات اللاجئين هناك توجد منذ ذلك الحين نهضة كبيرة لمجموعات مسلحة تعمل بالهام الحرب في غزة، واحيانا يتم تشخيصها بشكل مباشر مع حماس. قسم كبير من الاموال، التعليمات والسلاح، يأتي من الخارج، ايران وسوريا ولبنان وتركيا، عبر قيادات الخارج لهذه التنظيمات.

حقيقة أن الحدود الشرقية بين الاردن والضفة مخترقة تسهل عمليات التهريب. ايران وحزب الله يبذلان في السنوات الاخيرة جهود منسقة لتهريب الى الضفة العبوات الناسفة التقنية والبنادق والمسدسات. يبدو أنهم يحققون نجاح غير قليل. نقطة ضعف اخرى تتعلق بخط التماس. العائق الذي اقيم قبل عشرين سنة في فترة الانتفاضة الثانية تم اهماله خلال هذه السنين وفقد بعض نجاعته، ايضا هناك ثغرات لم يتم اغلاقها في أي يوم. الجيش الاسرائيلي والشباك لا يتعاملون مع منطقة يمكن تطويقها واستيعابها، بل مع منطقة مخترقة، فيها عدد المسلحين والسلاح والدافع للقتال، كلها توجد في تصاعد، بالاساس منذ 7 اكتوبر. كل ذلك يندمج مع تصميم جهات في اليمين على اضافة باستمرار الزيت على النار. الحرم كما يبدو هو المادة القابلة للاشتعال الاكبر من بينها.

استمرار الملاحقة في القطاع

مسألة انقاذ فرحان القاضي أول أمس وفرت لحظة نادرة من ارتفاع المعنويات. النجاح يستند في هذه المرة على حظ كبير. قوة من الفرقة 162 قامت بتمشيط لبضعة ايام منشأة متشعبة للانفاق في جنوب القطاع. حسب رواية الجيش فان حراس القاضي هربوا وتركوه داخل غرفة صغيرة يوجد فيه الماء والقليل من الطعام. القاضي سمع الجنود اثناء دخولهم الى النفق وطلب منهم المساعدة باللغة العبرية. بعد انقاذ جثة الجندي الذي قتل في 7 اكتوبر أمس في جنوب القطاع فان عدد المخطوفين في القطاع انخفض الى 107، تقريبا نصفهم ليسوا أحياء.

العمليات الاخيرة تعكس تحسن ما في نتائج الجهود التي تبذل لاعادة المخطوفين، ولكن لا يمكن تجاهل أنه حتى الآن قوات الامن حررت فقط ثمانية من المخطوفين الاحياء وتم العثور على اكثر من عشرين جثة للمخطوفين. في كل عملية مثل هذه العمليات تبذل جهود استخبارية وعملياتية الى جانب تعريض حياة المقاتلين للخطر (الاخطار تزداد في عملية انقاذ مخطوف على قيد الحياة). على الاغلب العملية يتم تأجيلها أو يتم تعديلها خوفا من المس بحياة المخطوفين في اثنائها. مع ذلك، معروف أن عدد غير قليل من المخطوفين قتلوا في الهجمات الاسرائيلية.

انقاذ القاضي هو المرة الاولى التي يتم فيها انقاذ مخطوف على قيد الحياة من داخل نفق، هذا بفضل أن حراسه هربوا. في معظم الحالات تقوم حماس بوضع حراسة مشددة على المخطوفين، ونحن نعرف عن مخطوفين تم قتلهم على يد آسريهم عندما اقتربت قوات الجيش منهم. مع ذلك، العملية في جنوب القطاع تضاف الى سلسلة عمليات في الفترة الاخيرة التي استأنفت الضغط العسكري على حماس. المنظمة تفقد السيطرة على عدد من الانفاق. والقادة الكبار الذين بقوا أحياء يشعرون بأنهم مطاردون. في المناطق التي يجري فيها قتال اكثر شدة مثل رفح، ومؤخرا خانيونس مرة اخرى، فان قيادة الذراع العسكري تجد صعوبة في السيطرة على نشاطات المستويات الادنى، واتخاذ القرارات يمنح للقيادة في الميدان. جزء كبير من سلسلة القيادة العسكرية في حماس تم استبدالها بسبب قتل واصابة القادة الكبار.

يبدو أن اسرائيل ما زالت تبذل جهود كبيرة في محاولة لقتل أو اعتقال رئيس حماس يحيى السنوار. هذا ليس بالضرورة سيكون عملية حاسمة في الحرب – حماس تغلبت في السابق على تصفية قادتها. ولكن ستكون اهمية للمس بمخطط المذبحة مع محمد ضيف. لذلك فانه سيتم استكمال تصفية المجموعة العليا التي قادت الهجوم الارهابي. من غير الواضح كيف سيؤثر هذا التطور، اذا حدث، على المفاوضات حول صفقة التبادل. السنوار في هذه الاثناء هو الذي يملي مسار المفاوضات ويقود الخط المتشدد لحماس.

——————————————–

هآرتس 29/8/2024

الشباك حذر مسبقا من اعمال الشغب في قرية جيت

بقلم: ينيف كوفوفيش

الرقيب أول احتياط يوحاي حاي غلام (32 سنة) من نتانيا، الذي قتل بنار قناص في ممر نتساريم في يوم الاربعاء الماضي في وسط القطاع، هو مقاتل في كتيبة الدورية 6310 في لواء القدس (16)، كما جاء على لسان متحدث الجيش الاسرائيلي. غلام اصيب بنار قناص في ممر نتساريم. وحسب بيانات الجيش هو القتيل رقم 704 منذ اندلاع الحرب. منذ بداية العملية البرية في القطاع قتل 338 جندي. في يوم الجمعة قتل في ممر نتساريم ثلاثة جنود، الرقيب احتياط افيتار عتوار والرقيب احتياط دانييل بتشنيوك والرقيب احتياط نتاي متودي. وصباح أمس اعلن المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي بأن الرقيب عميت فريدمان قتل في يوم الثلاثاء في مواجهة مع مخربين في جنوب القطاع.

غلام هو خريج المدرسة الثانوية ريغلار في نتانيا، وتعلم الاتصالات والعلاقات الدولية في كلية رمات غان، وترك خلفه زوجته شيرا وتوأم بنات ووالدين وخمسة اخوة واخوات. في السابق كتب غلام في صفحته في الفيس بوك: “ارض جيدة يتدفق العسل منها، لكن الدماء تتدفق في الوديان فيها مثل المياه”. في احد ايام الذكرى لشهداء معارك اسرائيل كتب: “كيف يمكننا نسيان من أعطى. أنا آمل أن لا يكون هناك المزيد. أنتم يا من فقدتم أعزاءكم آمل أن تعرفوا فقط الراحة والهدوء”.

قبل سنتين غنى دوبلا ايتسيك اغنية حب. “أنا ارتدي هنا ملابس العيد، وأنت مثل القمر قوتك تغطيني، نحن مسرورون اثناء بناء بيتنا، متحمسون من سحر الاعاجيب، ها أنت يا جميلتي، خطيبتي وروحي، أنا أمسك بيدك وآخذك الى البيت، واقول لك أنت عزيزتي، أنت يا جميلتي اصبحت يا عروستي روحي”. فريق كرة القدم مكابي نتانيا نشر بيان قال فيه إن غلام كان ابن عائلة مشجعة للفريق.

في عيد الاستقلال في 2018 كتب غلام “كل شيء مفهوم ضمنا. توجد لنا دولة، مواصلات، اقتصاد، تعليم وامور كثيرة مفهومة ضمنا. يوجد الجيش الاسرائيلي كأمر مفهوم ضمنا. نحن تعودنا على الشكوى من الامور التي تنقصنا، والنقاش حول اليمين واليسار، وأن نكون خائبي الامل من نقص الاموال. ولكن كل شيء بالطبع هو مفهوم ضمنا. ولكن لا يوجد شيء مفهوم ضمنا. توجد لنا دولة ولا يهم من يحكمها، يمين أو يسار. يوجد لنا جيش، ولا يهم من الوحدة الافضل فيه. توجد لنا بلاد يمكن التمتع بجمالها والتجول فيها بحرية، وهذا غير مفهوم ضمنا. قبل 75 سنة لم نحلم كشعب بأن تكون هنا دولة. كنا في وضع الابادة. فلماذا نشتكي ونبحث عن غير الموجود. لأن ما يوجد لدينا هنا هو أمر غير مفهوم ضمنا. يجب عليكم السرور لأننا نوجد هنا”.

——————————————–

هآرتس 29/8/2024

الاحتفال بذكرى 7 اكتوبر هل هذا هو المهم الآن؟

بقلم: جدعون ليفي

في كل صباح في الساعة الثامنة كان يركض طابور الصباح في ساحة المدرسة الاساسية التي تعلمت فيها. أحد الطلاب، واحيانا كنت أنا، كان يقرأ في مكبر الصوت سفر من التوارة: “اليوم هو يوم السبت الخامس، الذي كان اللاويون يقولون فيه في الهيكل…”.

هكذا كان يبدأ يومنا خلال ثماني سنوات، مراسم دينية وطنية في المدرسة العلمانية في تل ابيب. حصة “استقبال السبت” كانت الحصة الاخيرة في كل يوم جمعة، الذي كنا نرتدي فيه اللون الازرق والابيض، الوان القومية كانت هي الوان ملابس الاحتفال. في الصف الثاني كان احتفال بمناسبة تسلم كتاب التوراة الاول من المدير.

في 15 شباط كان الاحتفال بغرس الاشجار. وفي عيد الاسابيع كان الاحتفال بالبواكير. في ذكرى شهداء الجيش الاسرائيلي كانت ميلي رونشتاين تغني عن دودو الذي كانت له غرة مجعدة. مراسم الاحتفال بيوم الكارثة اتذكرها بشكل أقل. في احتفالات الذكرى ارتدينا الازرق والابيض ووقفنا بصمت.

سنوات الطفولة كانت مليئة بالمراسم. جميعها وطنية أو دينية – وطنية. نحن اعتقدنا أن هذا أمر عادي. لم نعرف واقع آخر. هذا كان زمن بلورة الشعب. لذلك تم الاعداد لهذه المراسم. الكثير منها مصطنع وحتى مضحك بنظرة الى الوراء. هل نحن تبلورنا أم لا. العدد الكبير من الاحتفالات لم يترك اسرائيل منذ ذلك الحين. يوجد فيها عدد كبير من الاحتفالات مثلما يوجد فيها الكثير من النصب التذكارية. اكثر من أي دولة اخرى. ربما لا يوجد كل يوم عيد، لكن يوجد احتفال كل يوم. الجيش هو الرائد بالطبع: أداء القسم عند بداية الخدمة في حائط المبكى أو في متسادا، انهاء الدورة، ماراثون القبعات. الآن هذه الاحتفالات تجري بحضور الآباء.

اذا كان ما زال من الممكن فهم طقوس الحياة في دولة فتية ومترددة، على شفا جيل البطولة، فان هذا أمر مثير للشفقة وسخيف. الذروة سجلت في هذه الفترة. يوم ذكرى لحرب لم تنته بعد، لا يوجد لنا حتى الآن. مجتمع مصاب بالندب وينزف: من مع احتفال ميري ريغف ومن مع احتفال روتم سيلع.

المذيعة السابقة للجيش الاسرائيلي مقابل المذيع السابق لمكيفات “تورنيدو”. هل شلومو آرتسي سيشارك في الاحتفال البديل وماذا سيغني افيف غيفن؟ هل عيدن بن زكين في “حكومتي”؟، اوفكيم أو تل ابيب؟ مع أو بدون جمهور؟ كيف سيكون الاحتفال ومن الذي سيديره؟ كم عائلة من عائلات المخطوفين ستظهر في “حكومتي” ومن العائلات التي ستقاطع ذلك؟ الاشكناز مع سيلع والشرقيون مع ريغف. بعد قليل ستندلع الحرب الاهلية.

منذ فترة طويلة لم يكن عندنا نقاش عام مليء بمثل هذه المشاعر. كل هذا النقاش يركز على احتفال لم يتم اجراءه بعد وعلى حرب لم تنته بعد. العواصف في اسرائيل هي دائما تثور على أمور تافهة وفارغة. كل ذلك من اجل الهرب من الانشغال بالامور المصيرية حقا، التي لا أحد يريد مواجهتها.

لماذا اصلا مهم اجراء احتفال ذكرى لـ 7 اكتوبر. هل هناك أي أحد لا يتذكر ذلك؟ هل هناك أي أحد تعلم أي درس؟ العائلات في الحداد والاحتفال في ذروته، الاسرائيليون ينشغلون بحياتهم، واليأس يسيطر على الجميع. ماذا يفعلون؟ يوجهون كل شيء للحرب على الاحتفال. لولا ذلك لكان الامر محزن جدا، هذا كان مسليا وساخرا، حانوخ ليفيني. منذ 7 اكتوبر اسرائيل تتمرغ بلا توقف في 7 اكتوبر. لم يولد بعد برنامج واقعي لا يتمرغ في هذا اليوم، اليوم الاطول في تاريخ اسرائيل، اليوم الذي لا ينتهي. ايضا ذلك تم اعداده كي يبعد، يتنكر ويهرب اساسا. نتمرغ في الماضي ولا نضطر الى التفكير في كيفية الخروج منه؛ نقوم بلعب دور الضحية ولا نضطر الى مواجهة ضحايا جرائمنا الفظيعة.

7 اكتوبر لا يحتاج أي احتفال. هو يعيش ويتنفس. ميت ومخطوف وحاضر بلا توقف. عندما يكون الاحتفال هو الاساس والحدث الذي يقرر الوعي، فانه من الواضح أن أحد هنا يهرب من البشرى. أحد لا يريد النظر مباشرة الى الواقع، وفي المقابل يفضل توجيه النظر الى الاحتفال. ليكن احتفال واحد، اثنان أو عشرة – هل هذا هو المهم الآن؟.

——————————————–

يديعوت احرونوت 29/8/2024

فرصة جديدة، فجوات قديمة

بقلم: راز تسيمت

في خطاب امام قادة الحرس في طهران في أيلول 2013 أعلن زعيم ايران علي خامينئي بانه لا يعارض الدبلوماسية ويؤيد النهج الذي وصفه “المرونة البطولية”. وأشار الى ان هذا تكتيك جيد واحيانا ضروري طالما كان مقيدا بشرط أساسي واحد. ولايضاح ما هو ذاك الشرط استخدم الزعيم تشبيه مصارع يبدي أحيانا مرونة لاسباب فنية لكنه لا ينسى من هو خصمه وما هو هدفه الأساس. موقف خامينئي في صالح ابداء المرونة والدبلوماسية بشرّ باستعداده لتسوية استراتيجية مع الغرب وهيأ التربة للمفاوضات التي أدت في صيف 2015 الى الاتفاق النووي التاريخي بين ايران والقوى العظمى الغربية.

بعد 11 سنة من ذلك يبدو ان القيادة الإيرانية تستعد للعودة الى المفاوضات في مسألة النووي، يحتمل بهدف الدفع قدما باتفاق يتيح تخفيفا للعقوبات وتحسينا للوضع الاقتصادي. بعد ست سنوات من انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي وبعد خمس سنوات من بدء ايران الانسحاب من تعهداتها في الاتفاق أعلن هذا الأسبوع خامينئي في لقاء مع أعضاء الحكومة الجديدة للرئيس مسعود تزشكيان بانه مع انه محظور على ايران تعليق الأمال بالعدو او الثقة به، لا مانع من اجراء التفاعل معه في أوضاع معينة. قبل أسبوعين من ذلك اعلن خامينئي بان انسحابا ليس تكتيكيا في المجالات العسكرية، السياسية والاقتصادية يبعث غضب الله – بمعنى أن الانسحاب التكتيكي ممكن في ظروف معينة.

تصريحات زعيم ايران تأتي على خلفية إقامة حكم جديد في طهران. فتعيين عباس عراقجي من قادة طاقم المفاوضات النووية في حكم الرئيس السابق حسن روحاني في منصب وزير الخارجة بإقرار من الزعيم يشهد على نية القيادة الإيرانية محاولة السعي الى توافقات جديدة مع الاسرة الدولية في موضع النووي. ومع ذلك نشدد هنا على ان قدرة الرئيس ووزير الخارجية على الدفع قدما بحوار مع الولايات المتحدة منوطة أساسا بالاستعداد من جانب زعيم ايران لتلطيف حدة مواقفه وإزالة اعتراضه المبدئي على اتفاق جديد وكذا بنتائج الانتخابات القادمة للرئاسة الامريكية.

خامينئي لم يغير ابدا فكره الذي يعتقد بان قدرة حافة نووية عسكرية ستوفر لإيران قدرة ردع ناجعة ضد اعدائها وتشكل بالتالي بوليصة تأمين ضرورية لاستمرار بقاء النظام. فضلا عن ذلك، فان انسحاب ترامب من الاتفاق النووي يعد في نظره كدليل آخر على فكره الأساس بانه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة وعلى الاتفاقات الموقعة معها، وان البرنامج النووي هو مجرد ذريعة لدى الغرب لاجل الضغط على ايران واضعافها لاجل تهيئة التربة لتحقيق الهدف الاستراتيجي المركزي: تغيير النظام الإسلامي. وبالتالي، لا يمكن الافتراض بانه سيتراجع عن موقفه المبدئي في أنه لا يجب الاستسلام لاملاءات الغرب لاجل رفع العقوبات وان الحل للازمة الاقتصادية يكمن في “اقتصاد المقاومة” الذي أساسه اعتماد ذاتي متزايد وتخفيض للتعلق الاقتصادي بالغرب.

فضلا عن ذلك، فان الظروف اليوم مختلفة جوهريا عن الظروف التي كانت قائمة قبل نحو عقد. فقد أصبحت ايران دولة حافة نووية يمكنها أن تبدأ بتخصيب اليورانيوم الى مستوى عسكري في غضون نحو أسبوع عند اتخاذ القرار السياسي. في الأشهر الأخيرة علم حتى بتقدم مقلق في مساعي ايران للتقدم في البحث والتطوير للسلاح النووي. في هذا الواقع مشكوك ان يكون ممكنا جسر الفوارق الكبرى بين ايران والغرب، بخاصة في ضوء الشراكة بين ايران وروسيا والصين والتي تمنع بقدر كبير كل إمكانية لبلورة توافق دولي حول ايران. وزير الخارجية عراقجي نفسه اعلن مؤخرا بانه لن يكون ممكنا العودة الى الاتفاق النووي السابق وانه مطلوب اتفاق جديد.

على الرغم من ذلك، فان انتخاب تزشكيان رئيسا، الازمة الاقتصادية المتفاقمة في ايران ودخول إدارة جديدة في الولايات المتحدة تخلق فرصة لاستئناف محادثات النووي باسناد الزعيم. من السابق لاوانه التقدير اذا كانت هذه المحادثات يمكنها أن تؤدي الى تسوية بين ايران والغرب او انها ستشكل وسيلة لدى النظام الإيراني لكسب مزيد من الوقت حتى أكتوبر 2025 الموعد الذي ينفد فيه بند استئناف العقوبات (Snapback). هذا البند يسمح لدول أوروبا المتبقية في الاتفاق ان تبادر الى مسيرة في مجلس الامن في الأمم المتحدة لاستئناف العقوبات ضد ايران دون إمكانية الفيتو.

ان استعداد ايران لامكانية استئناف محادثات النووي مع الغرب تلزم إسرائيل أيضا بتفكير آخر بالنسبة للاستراتيجية المرغوب فيها في هذا الموضوع. لقد شجعت إسرائيل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وبعد ذلك عملت من خلف الكواليس لافشال الجهود من جانب إدارة بايدن للوصول الى اتفاق نووي جديد مع ايران. ان فشل السياسة تجاه المشروع النووي الإيراني أتاح لإيران الوصول الى المكانة الحالية كدولة حافة. الطريق المركزي الذي سيسمح بالتدحرج الى الوراء – مهما كان محدودا – بقدرات النووي الإيرانية، بخاصة في مجال الصناعة، في الوقت الحالي هو من خلال خلق واقع نظامي بديل بقيادة أمريكية. على إسرائيل أن تبلور موقفا واضحا – لكن واقعي – في ضوء التطورات الأخيرة، وبالتوازي ان تبلور في اقرب وقت ممكن استراتيجية لمشاركة الولايات المتحدة تستهدف ردع ايران عن خطوات معناها التقدم نحو انتاج رأس متفجر نووي.

——————————————–

هآرتس 29/8/2024

مثلما هو الامر مع حماس، ايضا مع اليمين المتطرف، نتنياهو وحكوماته هم الذين يديرون النزاع

بقلم: عوزي بنزيمان

“عندما لا يقولون له أي شيء فكيف سيعرف؟”، هذا ما قالته بغضب سارة نتنياهو في نهاية الاسبوع الماضي للمخطوفة التي عادت من أسر حماس والتي التقت مع رئيس الحكومة وسألته بغضب عن عدم تحمله المسؤولية عن الخراب في 7 اكتوبر.

هكذا قامت زوجة رئيس الحكومة باعادة تدوير الدفع بالغيبة الذي صاغه بسرعة بعد اتضاح فظائع اعمال الشغب التي تسبب بها للدولة: الجيش الاسرائيلي قال له إن حماس مرتدعة، السياسة التي اتبعها تجاه قطاع غزة وقادته وجدت الدعم الكامل من جهاز الامن، أي ذراع حكومي في اسرائيل لم يعرض مقاربة بدل السياسة التي تحددت، التي في اساسها كانت تقف رؤية أنه يجب “ادارة” النزاع مع الفلسطينيين (حماس ضمن ذلك)، وليس محاولة حله من الجذور. هذا كان موقف جارف شمل حكومات نتنياهو في العقدين الاخيرين والقيادة الامنية كانت شريكة في ذلك. بأثر رجعي، المسؤولون نادمون على ذنبهم وبأنه تم أسرهم في التصور الخاطيء الذي أعمى عيونهم.

ايضا امام شبيبة التلال في يهودا والسامرة وجيوشه الفاشية في داخل اسرائيل، اختار نتنياهو وحكوماته “ادارة” المواجهة وليس استئصالها من الجذور، وهم يستمرون في ذلك الآن، حيث التداعيات المصيرية لهذه المقاربة على مستقبل الدولة آخذة في التجسد.

مثل حماس، ايضا الكهانية، هي في المقام الاول فكرة. هذه النظريات اصبحت حركات منظمة ويترأسها قادة متطرفون. حماس تطورت في داخل الجمهور الفلسطيني وتحولت من منظمة اقلية الى حركة شعبية. والكهانية اصبحت في داخل المجتمع الاسرائيلي من مجموعة صغيرة ومنبوذة الى حزب معترف به وله حضور آخذ في الازدياد.

حماس قامت بترجمة عقيدتها الدينية المتعصبة الى رؤيا وطنية متطرفة وعنيفة، تدعو الى استخدام السلاح والوسائل الوحشية لتحقيق اهدافها. والكهانية تطورت بشكل مشابه، من فكرة عمياء لشخص واحد جمع حوله مجموعة اتباع صغيرة، ومرورا بالتوجه الى نشاطات سياسية، شرعية كما يبدو، وانتهاء بتبني رؤيا وطنية دينية متطرفة ومتعصبة لا تمتنع عن استخدام الوسائل القاتلة لتحقيق اهدافها. اسرائيل اختارت مواجهة التحدي الذي وضعته امامها حماس باسلوب الاحتواء. منذ اصبح بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة في 1996 وحتى 7 اكتوبر 2023 فقد بادر بشكل متعمد وواعي، خلال الـ 16 سنة من حكمه، الى “ادارة” النزاع” مع هذا العدو الخطير وليس القضاء عليه.

عندما قام سياسيون وقادة جيش واحتجوا على هذه السياسة لنتنياهو (الوزير نفتالي بينيت والجنرال سامي ترجمان في تمو 2014 اثناء النقاش حول نتائج عملية الجرف الصامد)، امتنع رئيس الحكومة عن تغيير هذه السياسة بشكل حقيقي، بل العكس، هو قام بتطوير الوهم بأن حماس هي عدو مرتدع، يمكن استغلال مواقفه من اجل أن تحصل اسرائيل على موارد حقيقية ونتائج سياسية وامنية مهمة. في هذه الاثناء تحصنت حماس في غزة وقامت ببناء شبكة الانفاق الضخمة، التي من اجل تدميرها يقتل في كل يوم جنود من الجيش الاسرائيلي.

شبيبة التلال توسعت من بضع مئات من “الاعشاب الضارة” في الضفة الغربية واصبحت حركة استيطان مصممة ومسلحة، وكل يوم تحتل المزيد من الاراضي وتقوم ببناء البؤر الزراعية وتقوم ببناء اسوار “مناطق أمنية” و”مناطق رعي”. الحكومة برئاسة نتنياهو ترى ما يحدث ولكنها تتجاهل معناه والامكانية الكامنة المدمرة له.

هي تقوم بضبط النفس امام هذه الزعرنة الفظة لهذا الجمهور وتغض النظر عن عمليات تخريب الممتلكات التي يقوم بها في القرى الفلسطينية البريئة، ولا تقوم بدفع سلطات القانون من اجل العثور على من يخرقون القانون وتطبيق القانون عليهم. مثل علاقته مع حماس حتى تشرين الاول 2023، هكذا ايضا امام شبيبة التلال واتباعهم اختار نتنياهو تغطية مركز الحريق بورق السولفان بدلا من اطفائه.

مثل حماس، ايضا الكهانية تطورت الى جسم جماهيري كبير جذب اليه عشرات الآلاف من الناخبين ونجح في ارسال اذرعه الى مراكز السلطة. شبيبة التلال التي كانت ذات يوم اصبحت حزب “قوة يهودية” الذي تتوقع الاستطلاعات الاخيرة أن يحصل على 10 – 12 مقعدا، ويوجد له ممثلون في الحكومة الحالية وفي جهاز الدولة الخاضع لها. هذا التيار اليميني المتطرف اصبح قوة سياسية مهمة، ونجح في تدجين رئيس الحكومة كي يرقص على انغامه. في هذه الظروف لا توجد أي احتمالية لأن يستيقظ نتنياهو وينجح في التخلص من قبضة اليمين.

من اجل فهم معنى هذا الشرك يجب العودة الى صباح 7 اكتوبر. المفاجأة الصاخبة والصدمة والذعر والمعاناة والحزن في اعقابها، كانت المقدمة لما سيحدث هنا في الصباح الذي سيشتد فيه الصدع داخلي، والحركة الفاشية الاسرائيلية، مؤسسة الكهانية، تقرر بأنه قد حان الوقت لفرض عقيدتها على كل الجمهور.

الثمن الذي تجبيه الحرب الحالية من اسرائيل بسبب “ادارة” النزاع امام حماس سيكون صفر مقابل الثمن الذي سندفعه عند اندلاع الحرب الاهلية.

——————————————–

يديعوت أحرونوت 29/8/2024

رغم خوفه من اليمين المتطرف.. صحافي: منذ 40 عاماً لم أشهد انحداراً أخلاقياً كالذي أراه اليوم

بقلم: أمنون ليفي

منذ أربعين سنة وأنا أغطي الساحة السياسية في إسرائيل إعلامياً، ولم يسبق لي أن خشيت مثلما أخاف الآن، لا عندما دخل كهانا إلى الكنيست، ولا عندما ألقوا قنبلة يدوية داخل المجلس التشريعي، ولا حتى عندما حاصروا الكنيست في اتفاقات التعويضات الألمانية. فكلها كانت حالات متطرفة جداً، خارجة عن القاعدة، شهدت على وجود قاعدة، وهي نواتها. ما شجع في حينه أن الساحة كلها اتحدت كي تلفظ هذا الانحراف من داخلها، كهذا، مثلاً قاطعه الجميع. ميكي ايتان، عضو الليكود أجرى حتى تشبيهاً بين قوانين كهانا وقوانين نيرنبرغ.

أما الآن فلم تعد هناك قواعد؛ فحيثما تلقي حجراً تكتشف مدى سحق المعايير الأخلاقية. بن غفير، وريث كهانا، أصبح وزيراً كبيراً يمثل هذه الحكومة، يحج جبل البيت (الحرم)، ويرفع رتبة ضابط ألقى قنبلة صوتية على متظاهرين، ويسحق الحكومة من الداخل، وأدخل معه سلسلة من النواب الهاذين إلى الكنيست. أنا لا أتحدث فقط عما هو مفهوم من تلقاء ذاته؛ فليمور سون هار ميلخ أو ألموغ كوهن لا مسرحية ساخرة في العالم قد تصفهم، وتسفي بوغل الذي بنبرة عميد يعرف كل شيء ها هو يقول بسكينة الأمور التي تقشعر لها الأبدان أكثر من أي شيء آخر في العالم. هذا هو الرجل الذي اشتكت عليه عائلة مخطوفين ذات مرة وهو يسد طريقها لأنها طلبت منه أن يقول ما الذي فعله من أجلها.

لكن ما الذي يدعوني لأنزل باللائمة على الحد الأقصى في الكنيست؟ فما يفعله يريف ليفين لمنظومة القانون أسوأ، وهو وزير العدل المفعم بالكراهية لجهاز القضاء، الذي يستخدم قوته لمنع تصويت ديمقراطي على تعيين رئيس للمحكمة العليا، لا لشيء سوى أنه يعرف بأن لا أغلبية في هذه اللجنة لانتخاب القضاة.

لفين يستهدف محكمة العدل العليا كهدف للرجم، وتستجيب له قطيع من الأبواق. شمعون ريكلين، وصف محكمة العدل العليا هذا الأسبوع بأنها بيت النخب وكارهي إسرائيل”. ليس أقل.

إن فقدان المعايير الأخلاقية يتسلل إلى قاعة المحكمة نفسها. استفزازيون يجرون إلى المحكمة العليا أهالي ثكلى حزانى بهدف تفجير المداولات هناك، ويصرخون على القضاة ويجعلون المداولات مهزلة. حصل حتى الآن أن اضطر القضاة للانسحاب إلى مكاتبهم، ولم يبعد اليوم الذي يرفع فيه أحد ما يده على القضاة. يد أو مسدس.

ولم نتحدث بعد عن وزير التعليم الذي أصبح هو نفسه نكتة؛ فتلك ميري ريغف المرأة التي لا يغطيها سوى جلد بلا لحم؛ وهذا رئيس الوزراء الذين يشبه مسلسل أسره في الجيش بالفظائع التي يجتازها المخطوفون في الأنفاق؛ وهذه زوجته سارة التي يعرف الرب بعامة كيف تزج إلى الجلسات مع المخطوفين وكيف تتجرأ على مناكفة الجيش هناك.

وإذا تحدثنا عن الجيش، فإن تحريض رئيس الوزراء ومبعوثيه ضد الضباط وفي زمن الحرب بات أمراً لا يصدق، لا يصدق ولكن يروى. فلهذا الغرض تأسست قنوات إعلام تطور التلفيق المعد لتبييض الأسود من السواد.

ذات مرة، كان الصراع الأيديولوجي بين يمين ويسار. تجادلوا فيما بينهم على الاحتلال ودولة فلسطينية والضم، أما اليوم فالجدال أساسي أكثر بكثير: فقد أصبح الجدال على المعايير الأخلاقية، وعلى القواعد، وعلى قصة إطار هذه الدولة الذي بدونه لا يمكن لأي ديمقراطية أن تؤدي مهامها.

ثم جملة بالإنجليزية تقول It is not done، التي تستهدف الإشارة إلى شذوذ فظ عن المعايير الأخلاقية. وعلمني الحريديم بـ “الإيدش” تعبير “سباست نيتش”، أي غير مناسب، أو لا علاقة له وغير معقول. أما بالعبرية فلا يوجد مرادف قوي لهذا. لا يوجد قعر إلا وقد وصلنا إليه. وليس صدفة ربما أن المعركة الأكبر للإصلاح القضائي حتى الآن كانت عن اختبار المعقولية، ومحاولة يائسة لنعيد إلى حياتنا التمييز بين الخير والشر، بين الصحيح وغير الصحيح.

——————انتهت النشرة——————